3. تطور الموقف العسكري يوم 21 أبريل، واستمرار القتال
أ. الموقف الإسرائيلي
واصلت إسرائيل هجومها، الجوي والبحري والبري، على جنوبي لبنان لليوم الحادي عشر، على التوالي. في الوقت الذي بدأت فيه الأمم المتحدة التحقيق في المجزرة، التي نفذتها المدفعية الإسرائيلية، عندما قصفت مقراً تابعاً لقوات حفظ السلام، في قرية قانا. ووصل إلى لبنان فرانك فان كابن، المستشار العسكري لبطرس غالي، الأمين العـام للأمم المتحـدة، من أجل بدء التحقيق في المذبحة. وتوجّه المبعوث إلى مقر قوات فيجي، التابعة لقوات حفظ السلام الدولية، في قرية قانا. ثم توجّه إلى مقر قيادة قوات حفظ السلام، في الناقورة، داخل المنطقة المحتلة في جنوبي لبنان، وطلب مقابلة ضابط المدفعية الإسرائيلية، الذي ارتكب المجزرة .
ومن جهة أخرى، نفّذ الطيران الإسرائيلي أكثر من 20 غارة (نحو 80 طلعة طائرة) على إقليم التفاح، المعقل الرئيسي لحزب الله في جنوبي لبنان. وتزامن الهجوم الجوي مع قصف مدفعي مكثف، من جانب المدفعية الإسرائيلية، من عيار 175مم، على النبطية وصور. كما قصفت السفن الحربية الإسرائيلية المدخل الشمالي لمدينة صيدا، والقرى الواقعة شرقي المدينة. مما أدى إلى إصابة أربعة لبنانيين، أحدهم جندي في الجيش اللبناني، وبذلك، تصل الخسائر اللبنانية، في اليوم الحادي عشر للقتال، إلى عشرة أفراد، بينهم جنديان لبنانيان .
كما أصدر الجيش الإسرائيلي بياناً، أكّد فيه استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، على طول السواحل اللبنانية، لمنع توجّه مقاتلي حزب الله إلى الجنوب. وذكرت إذاعة إسرائيل، أن حزب الله أطلق 500 صاروخ كاتيوشا على الجلـيل وجنوبي لبنان المحتل، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان، في 11 أبريل . ومن ناحية أخرى، وجّهت الجرائد الإسرائيلية، ووسائل الإعلام الأخرى في إسرائيل، انتقادات حادة إلى قيادات الجيش الإسرائيلي، بسبب فشلهم في منـع حزب الله من إطلاق الصواريخ، على الرغم من مرور 11 يوماً على عملية "عناقيد الغضب". وعلى سبيل المثال، قالت جريدة "هاآرتس"، في عددها الصادر في 11 أبريل ، نقلاً عن مسؤولين عسكريين قولهم: "إن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، أخطأت في تقييمها إمكانات حزب الله في إطلاق الصواريخ". وقالت الجريدة، إن الجيش الإسرائيلي، لم يتمكن بعد من تحديد المواقع، التي يختزن فيها حزب الله ذخيرته، ولا من ضرب خطوط إمداده. وقالت إن الشيء الوحيد، الذي نجحت فيه طائراتF-16، المزودة بقذائف، توجَّه بالليزر، من خلال 3000 طلعة، حتى الآن، وكذا المدفعية الثقيلة، التي أطلقت 15 ألف قذيفة، خلال أحد عشر يوماً، إضافة إلى مدافع البحرية ـ هو ضرب المدنيين اللبنانيين، الذين سقط منهم أكثر من 150 قتيلاً.
وردت المصادر العسكرية الإسرائيلية، دفاعاً عن هذه الاتهامات، بأن العملية العسكرية، أسفرت، حتى الآن، عن إصابة 50 شخصاً من عناصر حزب الله، وتدمير 5 قواذف كاتيوشا. أما أوري أور، نائب وزير الدفاع الإسرائيلي، فقال: "إن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، كانت على علم بأن حزب الله لديه صواريخ كثيرة. ولكنها لم تكن تعتقد أنه سيواصل إطلاق الصواريخ بهذه الوتيرة" .
ب. الموقف اللبناني
وعلى الجانب اللبناني، أطلقت ميليشيا حزب الله 4 رشقات من صواريخ الكاتيوشا، على منطـقة الجليل في أقصى شمالي إسرائيل، أسفرت عن إصابات مادية فقط، ولم ينجم عنها أي إصابات بشرية.
4. أعمال قتال يوم 22 أبريل، وتطور الموقفَيْن، العسكري والسياسي
أ. الموقف العسكري لطرفَي الصراع
(1) الموقف الإسرائيلي
تصاعدت حدة الغارات الجوية، والقصف المدفعي الإسرائيلي، من القطع البحرية، والمدفعية، المنتشرة في الشريط الحدودي المحتل، ضد جميع قرى الجنوب اللبناني، وذلك في اليوم الثاني عشر للعدوان. كما قامت إسرائيل بتوسيع نطاق عدوانها، إذ قصفت المقاتلات الإسرائيلية، والزوارق البحرية، المرتفعات الواقعة جنوب العاصمة بيروت، والطريق الساحلي الرئيسي، الذي يربط بيروت بجنوبي لبنان. كما أطلقت قذائفها ضد المدخل الشمالي لمدينة صيدا، وعلى الطريق بين صيدا وصـور، وذلك للحيلولة دون وصول المواد الطبية والغذائية إلى السكان، الذين لم يغادروا القرى والمدن. ونفذ الطيران الإسرائيلي 9 طلعات طائرة على مشارف مدينة صور، ونحو20 طلعة طائرة على القرى والبلاد، المحاذية للمنطقة التي تحتلها إسرائيل. وقدّرت مصادر الأمم المتحدة عدد القذائف، التي سقطت على الجنوب اللبناني، خلال هذا اليوم، بنحو 1400 قذيفة مدفعية . وقد حال القصف الإسرائيلي دون وصول قافلة لبنانية، تضم 30 مركبة، كانت محملة بالإمدادات، إلى الجنوب.
ومن جهة أخرى، أعلن الجيش الإسرائيلي، أنه سيكثف عملياته العسكرية ضد قرى جنوبي لبنان، المحاذية للمنطقة التي يحتلها. وقال بيان الجيش، إن العمليات تستهدف عشر قرى، في منطقتَي صور والنبطية، على بعد 80 كيلومتراً جنوب بيروت . كما هدّد شيمون بيريز بضرب بيروت، بمختلف أنواع الأسلحة، إذا لم تتوقف هجمات المقاومة على شمالي إسرائيل .
(2) الموقف اللبناني
وذكرت الأنباء العسكرية، الواردة من بيروت، أن مقاتلي حركة "أمل"، تمكنوا من إسقاط طائرة عمودية إسرائيلية، من نوع "أباتشي" في جنوبي لبنان، اشتعلت فيها النيران بعد إصابتها بنيران الأسلحة المضـادة للطائرات . كما أطلق مقاتلو حزب الله 24 صاروخاً على شمالي إسرائيل، مما أسفر عن إصابة شخصين، وتعرض بعض المباني لأضرار مادية.
ب. الموقف على الساحتين، الدولية والإقليمية
(1) الموقف الأمريكي
استمر وارن كريستوفر، وزير الخارجية الأمريكي، في جولته المكوكية، فتوجّه إلى دمشق ثم إلى تل أبيب، من أجل مناقشة الرد السوري على اقتراح وقف إطلاق النار، وصرح نيكولاس بيرنز، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، بأن كريستوفر، قدّم إلى الأسد مقترحات وقف القتال، وتعليق الجانب الإسرائيلي عليها، وأشار إلى أن المفاوضات صعبة، وشاقة، لوجود العديد من الأفكار، التي يتم بحثها بين عدد من الأطراف. وأكّد أنه تم إحراز تقدُّم، خلال اليومين الماضيين، مما يزيد من فرص التوصل إلى اتفاق، في نهاية هذا الأسبوع .
(2) الموقف الإسرائيلي
صرح شيمون بيريز، في خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي، في جلسته الاستثنائية، في 22 أبريل 1996: "أن عملية "عناقيد الغضب"، ليست محددة بزمن، إلا أنها محددة في أهدافها، المتمثلة في إحداث هدوء طويل الأمد في شمالي إسرائيل" . وأضاف بيريز قوله: "إنه إذا لم يعد الهدوء إلى الجانب الإسرائيلي، فلن ينعم به الجانب اللبناني".
أما إيهود باراك، وزير الخارجية الإسرائيلي، فصرح في حديث صحفي، أن الخيار الأفضل لإسرائيل، هو مواصلة العملية العسكرية، لوقف إطلاق صواريخ الكاتيوشا. وقال إنه يجب استمرار القصف، حتى يتم التوصل إلى اتفاق تفاهم لوقف إطلاق النار، على جانبي الحدود .
(3) الموقف اللبناني
أعلن لبنان الإضراب، حداداً على ضحايا قانا واحتجاجاً على استمرار العدوان الإسرائيلي دون توقف. وأغلقت المتاجر والمصارف والأنشـطة، الصناعية والتجارية، أبوابها، في اليوم الثاني عشر للعدوان الإسرائيلي على لبنان. كما أُغلق مطار بيروت، لمدة ساعة. وتجمعت عشرات السيارات في وسط بيروت، في قافلة للتوجه إلى قرية قانا، التي شهدت المجزرة الأخيرة. كما توقفت الإذاعات ومحطات التليفزيون، عن تقديم برامجها المعتادة. وفي معظم العواصم العربية، وإيران، أُعلن الحداد العام، تضامناً مع الشعب اللبناني في مِحنته .
(4) الموقف السوري
أكّدت الأنباء الواردة من دمشق، أن الخطة الأمريكية، سيتم تعديلها وفق مسارات التفاوض، لتضمن التزام لبنان وسورية بعدم شنّ حزب الله هجمات ضد عمال إسرائيل، مقابل التزام إسرائيل بعدم قصف لبنان انطلاقاً من أراضيها، أو من المنطقة، التي تحتلها في الجنوب اللبناني.
(5) موقف الاتحاد الأوروبي
على هامش اجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، في لوكسمبورج، قالت وزيرة الخارجية الإيطالية، سوزانا أتنيلّي، والتي تتولى بلادها رئاسة الاتحاد الأوروبي: "إن واشنطن تريد أن تعمل منفردة، للتوصل إلى حل الأزمـة اللبنانية. وإن الأمريكيين، يفضلون أن يكون الأمر متعلقاً بهم فقط". كما أكّدت، أن واشنطن، "لن تنجح في إمكان التوصل إلى اتفاق بمفردها. وركّزت على أن الحل للأزمة يتمثل في التوصل إلى اتفاق دائم" .
5. تطور الموقفين، العسكري والسياسي، يوم 23 أبريل 1996
أ. الموقف العسكري في جنوبي لبنان
واصلت إسرائيل قصفها، الجوي والبري والبحري، للأراضي اللبنانية، لليوم الثالث عشر، على التوالي. وذكرت الإذاعة اللبنانية ، أن الطيران الإسرائيلي دمّر خزاناً للمياه، يغذي 20 قرية، يقطنها نحو 22 ألف لبناني. كما أوضحت الإذاعة في بيانها، أن القصف الإسرائيلي، شمل أيضاً جسراً رئيسياً، شرق مدينة صور، ودمّره تدميراً كاملاً. كما قصفت إسرائيل عدة قرى، تحتضن المقاومة، في القطاعين، الشرقي والغربي من جنوبي لبنان. وكانت الطائرات الإسرائيلية، قد أغارت، في وقت سابق، على محطتين لتوزيع الكهرباء، بالقرب من بيروت، قدِّرت أضرارهما بنحو 60 مليون دولار.
وكررت إذاعة إسرائيل تهديداتها بأن القيادة الإسرائيلية ، سبق أن وجّهت بياناً إلى جميع المدنيين اللبنانيين، الذين يقيمون بالقرب من منازل أفراد حزب الله ومكاتبهم وقواعدهم، أن يبتعدوا عنها، حفاظاً على سلامتهم. وأكدت الإذاعة، أن القوات البحرية الإسرائيلية، مستمرة في عملياتها، على امـتداد السواحل اللبنانية، وذلك بهدف منع تحرك أفراد حزب الله ووسائل نقْلهم وأسلحتهم، في اتجاه الجنوب.
أمّا المتحدث باسم القوات الدولـية، التابعة للأمم المتحدة، تيمور جوكسيل، فقال : "إن الطيران الإسرائيلي، شنّ 26 غارة جوية على جنوبي لبنان. كما أن المدفعية الإسرائيلية، أطلقت أكثر من 400 قذيفة، خلال هذا اليوم. بينما أطلقت المقاومة اللبنانية 99 صاروخاً على شمالي إسرائيل".
كما أعلن نبيل فاروق، أحد المسؤولين في حزب الله : "أن حزب الله، لا يزال يمتلك الكثير من الإمكانات، وإنه سيواصل قصف المستوطنات، ما دام العدوان الإسرائيلي مستمراً على المدنيين اللبنانيين" وأكّد أن الحزب "لم يستخدم، حتى الآن، سوى جزء من قدرته العسكرية".
وأدى القصف الإسرائيلي المكثف، بالقرب من مطار بيروت، إلى منع وارن كريستوفر من التوجه إلى لبنان، بعد مغادرته دمشق، بعد أن تم تحذيره .
ب. تطور الموقف السياسي على الساحتين، الدولية والإقليمية
(1) الأمم المتحدة والأزمة اللبنانية
اجتمعت الجمعية العامة للأمم المتحدة، لبحـث الموقف في لبنان، حيث أكّد الرئيس اللبناني، إلياس الهراوي، في كلمته، أن جرائم الاعـتداءات الإسرائيلية، لن تجعلنا نتنازل عن ذرة واحدة من حقنا، ولن تجرّنا إلى التراجع عن إرادة السلام العادل، والشامل. ووجّه اللوم إلى المجتمع الدولي بأسره، بسبب موقفه من هذه الاعتداءات .
وأوضح إلياس الهراوي حجم الدمار، والمعاناة الإنسانية، اللذين سبّبتهما الهجمات الإسرائيلية، وأثرهما في الاقتصاد اللبناني. كما دعا الهراوي إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 425. واستطرد الهراوي قائلاً: "إنه يأسف لأن تدفع بلاده ثمن الحملات الانتخابية في العديد من الدول"، وذلك إشارة واضحة إلى الانتخابات، الأمريكية والإسرائيلية.
كما تقدمت مجموعة دول عدم الانحياز، بمشروع قرار، إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، يطالب بالوقف الفوري للاعتداءات الوحشية الإسرائيلية على لبنان، والانسحاب من الجنوب اللبناني، ودفع تعويضات إلى أُسر الضحايا والمصابين من أبناء الشعب اللبناني.
كما طرحت المجموعة العربية في الأمم المتحدة مشروع قرار بإدانة إسرائيل، لعدوانها على الجنوب اللبناني، ويدعو المشروع إلى وقف إطلاق النار، بصورة فورية. كما يطالب إسرائيل بدفع تعويضات مناسبة إلى ضحايا هذه الاعتداءات، واحترام سيادة لبنان .
(2) التحرك الأمريكي، لوقف إطلاق النار
غادر كريستوفر دمشق إلى تل أبيب، مرة أخرى، تاركاً الباب مفتوحاً لمحاولة أخرى. ورأى المراقبون في رفض الرئيس السوري مقابلة كريستوفر، أبلغ دليل على الصعوبات، التي تواجه الوزير الأمريكي في مهمته، التي بدأها منذ عدة أيام. كما تزامنت الانتكاسة، التي أصيبت بها مهمة كريستوفر، مع استمرار القصف الإسرائيلي لجنوبي لبنان، لليوم الثالث عشر، على التوالي. وقال كريستوفر، في تعليقه على مواصلة جولته المكوكية، إن جهوده لوقف القتال بين إسرائيل وحزب الله، تواجِه مشكلات صعبة، وإنها وصلت إلى ذروتها.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط ، تعليقاً على زيارة الوزير الأمريكي إلى دمشق، أن كريستوفر، غادر فندق شـيراتون دمشق، مسرعاً وعلى وجهه علامات التجهم الشديد. كـما رفض الإفصاح عن جهة سفره، التي اتضح، بعد ذلك، أنها إسرائيل. بل إن كريستوفر، غادر دمشق، من دون أن يصحبه فـاروق الشرع، نظيره السوري، إلى المطار. وحاولت سورية التخفيف من حدّة الأحداث، بالقول إن عدم استقبال الرئيس الأسد لوزير الخارجية الأمريكي، جاء بسبب انشغاله باستقبال السيدة بنظير بوتوBenazir Bhuto ، رئيسة وزراء باكستان .
(3) الموقف السياسي الإسرائيلي
صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي، شيمون بيريز، في تعليقه على المحادثات مع كريستوفر، قائلاً: "إن المفاوضات لا تزال مستمرة. وإن الأطراف المعنية، وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية، تعمل بجدية من أجل التوصل إلى وضع، يسمح بحماية المدنيين" . واعترف آمنون شاحاك، رئيس أركان حرب الجيش الإسرائيلي : "بأن القوات الإسرائيلية، لم تستطع تحديد معظم أماكن القواذف، التي تطلق الكاتيوشا، أو تحديد الأماكن، التي يخزن فيها حزب الله صواريخه، وأنه ليس في وسع الجيش الإسرائيلي، منع وقوع خسائر في صفوف المدنيين".
(4) الموقف الفرنسي
قال هيرفيه دي شاريت، في تصريحه إلى جريدة "هاآرتس" الإسرائيلية : "إن الهدف، الذي تسعى باريس إلى تحقيقه، على المدى القريب، هو التوصل إلى حل شامل للمشكلة اللبنانية. وهذا يمكن أن يتحقق، من خلال انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوبي لبنان، ونزع سـلاح الميليشيات اللبنانية، وضـمان الأمـن على جانبَي الحـدود اللبنانية ـ الإسرائيلية". واقترح دي شاريت نشر قوات دولية في جنوبي لبنان، في إطار اتفاق كامل بين الأطراف المعنية، تنسحب، بمقتضاه، إسرائيل من جنوبي لبنان. وقال إن باريس مستعدة للانضمام إلى القوة الدولية المقترحة، حالة تنفيذ ذلك المقترح. واستطرد دي شاريت قائلاً إن جوهر المحادثات للتوصل إلى وقف العمليات العسكرية في لبنان وشمالي إسرائيل، يتمحور حول الأفكار الفرنسية. وأضاف أن فرنسا، اقترحت تشكيل لجنة دولية، لضمان تنفيذ أي اتفاق. وأكد دي شاريت بقاءه في المنطقة، إلى حين التوصل إلى اتفاق لإنهاء الأزمة.
(5) الموقف الروسي
صرح يفجيني بريماكوف، وزير الخارجية الروسي، عقب عودته من جولة في سورية وإسرائيل ولبنان، بأن تسوية الأزمة الحالية في لبنان، تمرّ عبْر انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوبي لبنان. وقال إنه لا يمكن أن نحمّل الحكومتين، اللبنانية والسورية، المسؤولية كلها، إلا بعد انسحاب القوات الإسرائيلية. وقال بريماكوف، إننا حققنا تقدُّماً في هذه المسألة. وأكّد أن روسيا، تتحرك في تعاون وثيق مع فرنسا والاتحاد الأوروبي، أكثر من تعاونها مع الولايات المتحدة الأمريكية، معرباً عن أسفه لذلك.
ج. الموقف على الساحة العربية
(1) الموقف اللبناني
سَلّم رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، السفيرَ الأمريكي في لبنان، صياغة جديدة لتسوية الأزمة، وصفها بأنها تمثل الحد الأدنى لمطالب لبنان.
(2) الموقف المصري
عبّر مجلس الشعب المصري، بكل أعضائه، من مختلف الأحزاب والقوى السياسية، في جلسته، يوم 23 أبريل 1996، عن الضمير الشعبي المصري، الغاضب من العدوان الإسرائيلي. وقال إن ممارسة إسرائيل للعدوان، لن يحقق لها الأمن، كما يكشف عن نياتها في ضرب مسيرة السلام. وإن إسرائيل، بهذا المسلك العدواني، المخالف للقوانين والأعراف الدولية، إنما تدق طبول الحرب من جديد، الأمر الذي يحتم على الأمة العربية، تناسي خلافاتها، والوقوف صفاً واحداً في مواجهة هذا الخطر الإسرائيلي على المستقبل العربي. وأكّد المجلس، أن الهدف من العملية، هو الانتخابات، وإنه لشيء مؤسف، أن يحدث هذا من أجل إرضاء الناخب الإسرائيلي، والأدعى للأسف، أن المعارضة الإسرائيلية، تؤيد العدوان، الذي يتفق مع الرغبة، التي تسيطر على عقول جميع الإسرائيليين.
وأضاف مجلس الشعب المصري قوله، إن ما يحدث من جانب إسرائيل، إنما هو بتوجيه من الصهيونية العالمية، التي تهدف إلى ضرب السلام، بافتعال الحروب، واستنزاف الموارد العربية، وضرب طموحات الشعب العربي إلى التنمية والتطور. وطالب بعض أعضاء المجلس بسحب السفير المصري لدى إسرائيل، ووقف التطبيع، فوراً. كما قرر المجلس إلغاء سفر الوفد البرلماني المصري، الذي كان سيزور إسرائيل، في إطار الجهد الشعبي، لدعم مسيرة السلام.
|