الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
الشكل الرقم (1)الفكرة العامة لعملية الغزو الأرجنتيني 1 أبريل 1982
الشكل الرقم (2)أعمال القتال للاستيلاء على ستانلي 1-2 أبريل 1982
الشكل الرقم (3)استرجاع جزيرة جورجيا الجنوبية عملية ثلاجة فورتونا
الشكل الرقم (4)استرجاع جزيرة جورجيا الجنوبية عملية خليج كمبرلاند
الشكل الرقم (5)استرجاع جزيرة جورجيا الجنوبية عملية خليج ستورمنس
الشكل الرقم (6)استرجاع جزيرة جورجيا الجنوبية الهجوم على الغواصة سانتافي
الشكل الرقم (7)أعمال القتال الافتتاحية للجانبين 1 مايو 1982
الشكل الرقم (8)إغراق الطراد جنرال بلجرانو والمدمرة شيفلد 2، 4 مايو 1982
الشكل الرقم (9)الإبرار البريطاني في منطقة سان كارلوس 21 مايو 1982
الشكل الرقم (10)احتلال رأس الشاطئ والتقدم نحو الأهداف المرحلية الأولى 21 مايو - 1 يونيو
الشكل الرقم (11)معركة جوس جرين 27-29 مايو 1982
الشكل الرقم (12)استيلاء اللواء الثالث على خط المرتفعات الثاني 11-12 يونيو 1982
الشكل الرقم (13)الهجوم البريطاني الأخير وسقوط ستانلي 13-14 يونيو 1982
الشكل الرقم (14)معركة ويرلس ريدج 13-14 يونيو 1982
 
الخريطة الرقم (1)مسرح حرب فوكلاند
الخريطة الرقم (2)مسرح عمليات فوكلاند 2 أبريل - 14 يونيه 1982
الخريطة الرقم (3)جزر فوكلاند
الخريطة الرقم (4)جزيرة جورجيا الجنوبية (سوث جورجيا)
الخريطة الرقم (5)جزيرة جورجيا الجنوبية (منطقة العمليات)
الخريطة الرقم (6)حدود مناطق الحظر البريطانية والأرجنتينية

الفصل الأول
الغزو الأرجنتيني لجزر فوكلاند

 

 

الأحداث الرئيسية

اكتشاف جزر فوكلاند بواسطة الكابتن جون ديفيز

:

عام 1592

إطلاق اسم فوكلاند على الجزر بواسطة الكابتن جون سترونج

:

عام 1690

إقامة أول مستعمرة سكنية فرنسية في فوكلاند الشرقية

:

عام 1764

إقامة أول مستعمرة بريطانية في جزيرة سوندرز

:

عام 1765

تنازل الفرنسيون عن مستعمرتهم لأسبانيا مقابل تعويض مادي

:

عام 1766

طرد الأسبان للبريطانيين من جزر فوكلاند

:

عام 1770

إعلان الأرجنتين سيادتها على الجزر بصفتها الوريث الوحيد لأسبانيا في المنطقة

:

عام 1816

استعادة الحكومة البريطانية سيطرتها على الجزر

:

عام 1833

إقرار الدول الأمريكية حق الأرجنتين في استعادة الجزر

:

عام 1840

عرض الخلاف بين بريطانيا والأرجنتين حول ملكية الجزر على الأمم المتحدة

:

عام 1958

الأمم المتحدة توصي بإجراء مفاوضات بين بريطانيا والأرجنتين لحل المشكلة مع احترام رغبات سكان الجزر

:

21 سبتمبر 1964

بريطانيا تقترح على الأرجنتين الاعتراف بسيادة الأخيرة على الجزر مقابل تخلي الأرجنتين عنها لمدة تسعين عاماً، ورفض سكان الجزر هذا الاقتراح

:

نوفمبر 1980

تولى الجنرال "جالتيري" رئاسة الأرجنتين وبدء الاستعداد لاستعادة الجزر بالقوة

:

ديسمبر 1981

نزول فريق العمال الأرجنتينيين على شاطئ جورجيا الجنوبية دون تصديق ورفعهم علم الأرجنتين

:

17 مارس 1982

وصول الكاسحة انديورنس إلى جزيرة جورجيا الجنوبية وانزالها فصيلة من مشاة البحرية بالجزيرة وتوجيه إنذار إلى الأرجنتين لسحب عمالها من الجزيرة

:

24 مارس 1982

وصول السفينة الأرجنتينية "باهيا باريزو" إلى جورجيا الجنوبية وإنزالها أكثر من مائة فرد في ميناء ليث

:

24/25 مارس 1982

تصديق المجلس العسكري الحاكم في الأرجنتين على الخطة التفصيلية لغزو الجزر

:

28 مارس 1982

تلقى السفينة انديورنس الأمر بالعودة إلى بورت ستانلي

هيئة المخابرات البريطانية المشتركة تقدر أن غزو الأرجنتين للجزر أصبح وشيكاً

:

31 مارس 1982

اقتراب قوات الغزو الأرجنتينية من شواطئ جزر فوكلاند

:

1 أبريل 1982

إبرار قوة الكوماندوز الأرجنتينية الخاصة على شاطئ "مولت كريك" جنوب بورت ستانلي

:

فجر 2 أبريل 1982

استيلاء قوات الكوماندوز الأرجنتينية على ثكنات "مودي بروك" الخالية وهجومها الأول الفاشل على مقر الحكم

إبرار قوات الكتيبة الثانية من مشاة البحرية الأرجنتينية على شاطئ يورك وسقوط ستانلي ومقر الحكم في أيديها على أثر استسلام الحامية البريطانية بعد مقاومة استمرت خمس ساعات

الحكومة البريطانية توقف التجارة مع الأرجنتين وتجمد أرصدتها وتصدر الأمر بتشكيل قوة الواجب، كما تدعو مجلس الأمن إلى الانعقاد

:

صباح 2 أبريل 1982

مجلس الأمن يبحث الغزو ويصدر قراره رقم 502 الداعي إلى وقف الأعمال الأرجنتينية العدوانية وسحب قواتها من الجزر في الوقت الذي كانت فيه الأخيرة تحتل جزيرة جورجيا الجنوبية

:

3 أبريل 1982

إبحار طلائع قوة أسنشن

:

5 أبريل 1982

بدء ألكسندر هيج وزير الخارجية الأمريكي رحلاته المكوكية للوساطة بين بريطانيا والأرجنتين

:

7 أبريل 1982

الحكومة البريطانية تعلن عن منطقة حظر بحري نصف قطرها 200 ميل، من مركز جزر فوكلاند، يبدأ سريانها يوم 12أبريل

:

8 أبريل 1982

 

بدء تنفيذ قرار الحظر الشامل على جميع الصادرات الأوروبية إلى الأرجنتين، الذي اتخذته دول السوق الأوروبية لمساندة المملكة المتحدة

:

16 أبريل 1982

إعلان وزير الخارجية الأمريكي انتهاء مساعي الوساطة

:

30 أبريل 1982

الفصل الأول
الغزو الأرجنتيني لجزر فوكلاند

أولاً: الخلفية التاريخية

1. عـام

          تعود جذور الأزمة التي تفجرت بين المملكة المتحدة والأرجنتين في أبريل عام 1982م حول تبعية جزر "فوكلاند" إلى مئات السنين. وقد اختلفت المصادر حول اكتشاف جزر فوكلاند فبينما نسبته المصادر البريطانية إلى الكابتن "جون ديفيز John Devis الذي تشير إلى أنه اكتشفها مصادفة عام 1592م عندما جرفت العواصف الشديدة سفينته دزاير Desire نحو تلك الجزر، فقد نسبته مصادر أخرى إلى الرحالة البرتغالي فرديناند ماجلان Ferdinand Magellan الذي تشير إلى أنه اكتشفها خلال رحلة قام بها عام 1520م، إلاّ أنه لم يطأ أراضيها.

          غير أن الثابت والمسجل أن أول من وطأ تلك الجزر هو أحد البحارة الإنجليز ويُدْعى الكابتن "جون سترونج"، وقد وصل إليها عام 1690 وأطلق عليها اسم "فوكلاند" نسبة للفيكونت "فوكلاند" أمين خزانة البحرية البريطانية في ذلك الوقت. وسجل "جون سترونج" في مذكراته وصفاً دقيقاً لتلك الجزر تضمَّن طبيعتها الجغرافية ومناخها والكائنات التي تقطنها وجميع مظاهر الحياة فيها.

          إلاّ أنه يمكن القول إن أول من أقام مستعمرة سكنية على جزر "فوكلاند" هو الفرنسي "لويس أنطون دي بوجانفيل Luis Antoin de Bouganvile"، الذي حضر إليها عام 1764 وأقام على جزيرة "فوكلاند الشرقية" أول مستعمرة فرنسية تضمنت قلعة صغيرة تشرف على مدخل الميناء الذي أطلق عليه اسم "بورت لويس Port Louis"، وكان الفرنسيون قد اكتشفوا جزر "فوكلاند" خلال رحلاتهم بين "سان مالو" و"ريو دي بلاتا"، وأطلقوا على هذه الجزر اسم "جزر مالومين Les Iles Malouine"، وهو الاسم الذي حوره الأسبان بعد ذلك إلى "لاس ايلاس مالفيناس Les Ioles Malvinas".

          وفي العام التالي لإنشاء المستعمرة الفرنسية ظهر الإنجليز مرة أخرى، عندما حضر الكابتن "جون بيرون Jone Byron" في رحلة استكشافية إلى الجزر وأقام على جزيرة "سوندرز Sounders " (شمال جزيرة فوكلاند الغربية) أول مستعمرة بريطانية وأطلق على ميناءها اسم "بورت إجمونت Port Egmont". وقبل مغادرته للجزر ترك "بيرون" حامية بريطانية من عدد قليل من الأفراد في "بورت إجمونت".

2. النزاع الفرنسي البريطاني الإسباني على ملكية الجزر

          ظل الوضع على ما هو عليه لمدة عامين آخرين قبل أن تكتشف المستعمرتان الفرنسية والبريطانية كل منهما الأخرى، وفي إحدى الرحلات التي كانت تقوم بها سفن المستعمرة البريطانية حول الجزر اكتشفت وجود المستعمرة الفرنسية، وطالبوا سكانها بمغادرة الجُزر على أساس أنها من الممتلكات البريطانية. ونشب نزاع بين المستعمرين حول أحقية كل منهما في ملكية الجُزر.
          وبينما الفرنسيون والبريطانيون في نزاعهم، ظهرت أسبانيا على مسرح الأحداث كطرف ثالث في النزاع، وأعلنت لكل من الطرفين الفرنسي والبريطاني أن المنطقة بأسرها من الممتلكات الأسبانية وطالبتهم بالجلاء عن الجزر. وفي عام 1766م تنازل الفرنسيون عن مستعمرتهم نظير تعويض مالي ورحلوا عنها، فقام الأسبان بتغيير اسم ميناءها "بورت لويس" وأطلقو عليه اسم "بورتو دي لاسوليداد"، وبعد أربعة أعوام تمكنت أسبانيا من طرد البريطانيين من "بورت إجمونت".
          ولمّا كانت الحكومة البريطانية عاجزة في ذلك الوقت عن اتخاذ إجراء عسكري مضاد ضد أسبانيا- التي كانت تسيطر على أمريكا الجنوبية- فقد دخلت في مفاوضات مع الحكومة الأسبانية لتحصل منها على موافقة بأحقية التواجد البريطاني في جزر "فوكلاند". وبالفعل تمكن البريطانيون في نهاية المفاوضات من الحصول على الموافقة المطلوبة، إلاّ أن الحكومة البريطانية لم تتمكن من الاحتفاظ بمستعمرتها في "بورت إجمونت" طويلاً بعد العودة إليها لعدم قدرتها على مواصلة الإنفاق على حاميتها هناك، خاصة بعد اندلاع الثورة في مستعمراتها في أمريكا الشمالية وانشغالها في إخماد تلك الثورة، ومن ثم أصدرت تلك الحكومة أوامرها عام 1774م بسحب حاميتها من "بورت إجمونت".
          وخيَّم الهدوء والاستقرار على منطقة "فوكلاند" حتى عام 1806م، وعندما خضعت أسبانيا لسيطرة "نابليون" بدأت بريطانيا في مهاجمة الحكم الأسباني في "بوينس أيريس"، وشهدت تلك الحقبة تدهوراً في أحوال الجزر، ورحل عنها حاكمها الأسباني دون أن يترك إدارة مسئولة، مما تسبب في شيوع الفوضى وعدم استقرار الأمن وظهور بعض العصابات الإجرامية.

3. سيادة الأرجنتين على الجزر

          وعلى أثر استقلال الأرجنتين عن أسبانيا عام 1816م، أعلنت سيادتها على جزر "فوكلاند" وغيَّرت اسمها إلى "لاس مالفيناس Las Malvinas" وعدَّت جميع الجزر الواقعة أمام سواحلها من ممتلكاتها الخاصة على أساس أنها الوريثة الوحيدة للمستعمرات الأسبانية في تلك المنطقة.
          ولم يهتم أحد في ذلك الوقت بما ادَّعته الأرجنتين حقاً من حقوقها، ومضت عدة سنوات على هذا الوضع قبل أن تبدأ الأرجنتين محاولة جادة لبسط سلطانها على الجزر أو تأكيد ما تدعيه من حقوق. وفي عام 1829م عينت حكومة الأرجنتين "لويس فيرنيت
Louis Vernet" حاكما على "لاس مالفيناس" وأعطته سلطات واسعة، بما في ذلك حق التصريح بالصيد ومنعه في المياه المحيطة بالجزر.
          وأدّى هذا التصرف من جانب الأرجنتين إلى تورطها عام 1831م في مشاكل مع قوة أخرى ظهرت حديثا على المسرح، هي الولايات المتحدة الأمريكية. وقد بدأت المشكلة عندما تحدت ثلاث سفن تابعة للولايات المتحدة تعليمات "فيرنيت" ولم تعترف بسلطانه على المنطقة، وقامت بالصيد دون الحصول على إذن بذلك منه، فقام "فيرنيت" بالقبض عليها، وأرسل إحداها إلى "بوينس أيريس" لمحاكمة رُبَّانها وبحَّارتها، مما أثار غضب الولايات المتحدة، وقام قنصلها في "بوينس أيريس" "جورج سلاكوم
George Slacum" بمطالبة الحكومة الأرجنتينية بالإفراج الفوري عن السفن الثلاثة وبحارتها، واعتبر هذا العمل من جانب فريت" أحد أعمال القرصنة التي توجب محاكمته عليها.
          ولم تستجب حكومة الأرجنتين لما طلبته الولايات المتحدة على لسان قنصلها وماطلت في الرد عليها، فأصدرت الولايات المتحدة أوامرها إلى الكوماندر "سيلاس دانكان
Cdr. Silas Duncan" قائد الفرقاطة "ليكسنجتون" “ بالإبحار إلى جزر "مالفيناس" لتأديب حاكمها والثأر لسفن الصيد. وفور وصول الفرقاطة إلى الجزر قامت بإطلاق مدافعها على مقر قيادة "فيرنيت" في سوليداد Soledadفدكته بقنابلها ونسفت مستودعات ذخائره، كما قام بحارة السفينة بالإغارة على قصر الرئاسة ونهبوا كل محتوياته وأسروا سبعة من أعوان "فيرنيت" واقتادوهم مكبلين بالأغلال إلى الفرقاطة الأمريكية التي أبحرت بهم. وفي طريق عودتها، عرَّجت الفرقاطة على ميناء "مونتفيديو" حيث قامت بإطلاق سراح الأسرى السبعة، غير أن حكومة الأرجنتين ثارت لما حدث من انتهاك لسيادتها وطالبت الولايات المتحدة بتعويض عن الأضرار التي لحقت بممتلكاتها على الجزيرة، لكن الولايات المتحدة لم تأبه بتلك المطالب التي ظلت الحكومة الأرجنتينية تطالبها بها لمدة ثلاثة وخمسين عاماً.

4. عودة البريطانيين إلى الجزر

          أغرى ضعف الأرجنتين الحكومة البريطانية باستعادة سيادتها على الجزر، وعهدت بتلك المهمة إلى الكابتن "جون أنسلو" قائد البارجة ‎"كليو Clio" التي وصلت إلى الجزر عام 1833م، ولم تلق البارجة أي مقاومة من حامية الجزيرة المكونة من خمسين جندياً أرجنتينياً انصاعوا على الفور لأوامر البارجة عندما أمرتهم بالاستسلام، وبذلك رُفِعَ العلم البريطاني مرة أخرى على جزر "فوكلاند".
          وأرسلت الأرجنتين احتجاجاً إلى الحكومة البريطانية وطالبتها بإجلاء قواتها عن الجزر، وماطل اللورد "بالمرستون
Lord Palmerston" في الرد على الاحتجاج الأرجنتيني، وبعد ستة أشهر أرسل رد الحكومة البريطانية الذي أكدت فيه أن جزر "فوكلاند" من ممتلكات التاج البريطاني وليس للأرجنتين أي حق في الاحتجاج على ذلك.
          وظلت الجزر حتى عام 1841م يتولى إدارتها حاكم عسكري تعينه الحكومة البريطانية من ضباط البحرية الملكية، غير أنه بعد هذا التاريخ وُضعت الجزر تحت إدارة مدنية استقرت في "بورت لويس". وفي عام 1845م تم تكوين المجالس التنفيذية والتشريعية، كما تم إعداد الدستور في عام 1877م. ومنذ ذلك التاريخ استقرت الأوضاع السياسية الداخلية والخارجية للجزر حتى الحرب العالمية الأولى، عندما شهدت مياه الجزر عدة معارك بين الأسطولين الألماني والبريطاني انتهت بانتصار الأخير. وخلال الحرب العالمية الثانية اتخذت بريطانيا من ميناء "ستانلي" قاعدة بحرية لأسطولها في جنوب الأطلنطي أنشأت فيها محطة للاتصالات اللاسلكية ذات أهمية استراتيجية.

5. النزاع بين بريطانيا والأرجنتين على الجزر

أ. مؤتمر هافانا عام 1942

استمرت الأرجنتين في المطالبة باستعادة الجزر، وفي عام 1940م حصلت على تأييد مؤتمر الدول الأمريكية الذي تَمَّ عقده في "هافانا" حيث أقَّرت دول المؤتمر أحقيتها في استعادة الجزر، كما طلبت "شيلي" هي الأخرى بضم جميع الأراضي الواقعة بين خطي طول 35 و90 درجة غرباً، بما في ذلك جزر "ساوث شيتلندز South Shetlands"، لكن بريطانيا عارضت ذلك بشدة ولجأت إلى محكمة العدل الدولية في "لاهاي" وفي مارس 1947 رفضت تلك المحكمة نظر القضية بسبب معارضة كل من "شيلي" و"الأرجنتين".
وفي عام 1958، عُرضت المشكلة على الأمم المتحدة غير أن بريطانيا احتجت على ذلك، على أساس أن البت في هذه المشكلة من اختصاص محكمة العدل الدولية في "لاهاي"
وفي عام 1959م اتفقت كل من بريطانيا والأرجنتين وشيلي على جعل المنطقة جنوب خط عرض 60 درجة جنوباً، منطقة منزوعة السلاح، وتضمن الاتفاق حظر تحرك السفن الحربية جنوب هذا الخط. وفي شهر ديسمبر 1959، أقرت هذا الاتفاق منظمة دول أمريكا اللاتينية على أن يشمل الاتفاق كل منظمة "القارة القطبية الجنوبية"
وفي عام 1964، قامت كل من الأرجنتين وشيلي بعمل مناورات بحرية في منطقة جزر "فوكلاند" مِمَّا أدَّى إلى احتجاج الحكومة البريطانية وإثارة المشكلة مرة أخرى في الأمم المتحدة في حضور ممثلين عن سكان الجزر.
وأثناء تناول المشكلة أبدى سكان الجزر على لسان ممثليهم، رغبتهم في الاستمرار تحت السيادة البريطانية، وتبعاً لذلك أصدرت المنظمة الدولية، في 21 سبتمبر 1964، قرارها باحترام رغبة السكان، وأوصت بإجراء مفاوضات مباشرة بين الحكومتين البريطانية والأرجنتينية، على أن يُؤخذ في الاعتبار احترام رغبات سكان الجزر وحقهم في تقرير مصيرهم.

ب. المفاوضات بين بريطانيا والأرجنتين

جرت المفاوضات، عام 1971، بين بريطانيا والأرجنتين في "بوينس أيرس" بغرض التوصل إلى صيغة تربط جزر "فوكلاند" بالأرجنتين وبالفعل توصلت الدولتان إلى اتفاق يحقق الاندماج التدريجي لسكان الجزر مع الأرجنتين، وتضمن الاتفاق إنشاء خطوط مواصلات بحرية وجوية، وإنشاء خدمات للبريد والبرق وخدمات طبية وثقافية. لكن بريطانيا اشترطت لإتمام هذا الاتفاق أخذ موافقة سكان الجزر، الأمر الذي أدَّى في النهاية إلى توتر العلاقات مرة أخرى بين الدولتين.
واستمر الوضع في التدهور إلى أن وصل إلى ذروته في عهد حكومة "بيرون" عام 1975، عندما أرسلت بريطانيا بعثة تجارية إلى الجزر على أثر ظهور شواهد بترولية، الأمر الذي أغضب حكومة الأرجنتين وقامت بسحب سفيرها في "لندن"، وبالمثل سحبت الحكومة البريطانية سفيرها من "بوينس أيريس"، في الوقت الذي قامت فيه سراً بإرسال قوة بحرية إلى منطقة الجزر لتأمينها تحسُّبا لأية محاولة من جانب حكومة الأرجنتين للاستيلاء عليها بالقوة. وبعد فترة جرت محاولات لاستئناف المفاوضات بين الدولتين غير أنها لم تسفر عن نتائج تُذكر سوى عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1979.
وفي نوفمبر 1980، اقترح وزير الخارجية البريطانية على حكومة الأرجنتين أن تقوم بريطانيا بالاعتراف بالسيادة الأرجنتينية على الجزر مقابل أن تتخلى الأرجنتين عنها لمدة تسعين عاماً، وقد قبلت الأرجنتين هذا الاقتراح، إلاّ أن سكان الجزر رفضوا السيادة الأرجنتينية، ولما كانت بريطانيا تربط موافقتها بقبول سكان الجزر للحل المقترح، فقد تعثرَّت المفاوضات وزاد الموقف الأرجنتيني تشدداً خاصة بعد تولي الجنرال "ليوبولدو جالتيري" رئاسة الدولة وإعلانه أن الأرجنتين لن تقبل أن يكون جزءٌ من أراضيها محتلاً، وهكذا عاد الموقف مرة أخرى للتدهور.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة