إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الانضباط









بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الانضباط كلمة شائعة في حياتنا اليومية. يستخدمها الناس، عادة، للتعبير عن مدى إتباع النظام والالتزام به. ويستخدمها العسكريين للدلالة على كفاءة الجيوش وقدراتها، وعلى مدى نجاح القيادة وفعاليتها.

والانضباط يعنى الالتزام، وهو أمر ضروري للنجاح في كافة أوجه الحياة، وهو سر تقدم الأمم، ونجاح الأعمال في كافة أنواع التنظيمات، سواءً كانت عسكرية أم مدنية أم غيرها..

ويعتقد بعض الناس أن الانضباط يقترن "بالعقاب"، على أساس أنه الوسيلة الفّعالة لتحقيقه، ولكن مفهوم الانضباط أشمل من ذلك؛ فهو يعني إطاعة الأوامر والتعليمات، واحترام القواعد والقوانين، والتقيد بالنظام، والالتزام بالتقاليد والأعراف؛ وأنه من الأفضل ألاّ يُكتسب الانضباط من توقيع العقاب المستمر، ولكن بالتوجيه والنصح والإرشاد.

والانضباط في القوات المسلحة، بمثابة الروح في الجسد، وهو السّلاح الخفي الذي يحقق النصر في المعركة، والعنصر القوي في نزع الخوف وزرع الشجاعة في نفوس المقاتلين. وتتوقف كفاءة الجيوش وقدراتها، على مدى تحلّيها "بالانضباط" الجيد، لذا يهدف القادة العسكريين، دائماً، إلى تنمية روح الانضباط بين رجالهم، ويعتبرونها مسألة حياة أو موت.

ويخُطئ من يرى أن الانضباط مقصورُُ على القوات المسلحة، وينسى أن الدين الإسلامي الحنيف، هو دين انضباط في المقام الأول، فمثلاً:

·   أليست الصلاة في أوقاتها، والاصطفاف خطاً متراصاً في صلاة الجماعة، واتبّاع الإمام، وعدم الخروج من الصلاة أو السبق في حركاتها، نوعاً من الانضباط؟

·   أو ليس الصيام نوعاً من ضبط النفس الذاتي، والتحكم في الشهوات، والصيام في وقت محدد والإفطار في وقت محدد، نوعاً آخر من الانضباط؟

·   والحج، مواقيته ومناسكه، أليس نوعاً من الانضباط؟

·   أليست نظافة الجسم وعفة اللسان، وهي من الأساسيات في الدين، نوعاً من الانضباط؟

·   أليس تحديد الدين الإسلامي للأُسلوب الصحيح، للتعامل بين أفراد المجتمع، صغيرهم وكبيرهم، قويهم وضعيفهم، نوعاً من الانضباط في المعاملات؟

·   إذاً فالدين الإسلامي الحنيف يحثنا على الانضباط، مظهراً وجوهراً.

وإذا انتقلنا من الدين إلى التربية في الأسرة، لوجدنا أن التربية السّليمة تقوم على الانضباط: احترام الصغير للكبير، وعطف الكبير على الصغير، تقبل التوجيه والنصح من الأكبر للأصغر، والسمع والإطاعة من الأصغر للأكبر، والترابط والالتفاف حول رب الأسرة، والدفاع عن كيانها. أليس هذا كله نوعاً من الانضباط؟ لذلك يمكننا القول دائما: "إذا وجدت فرداً منضبطاً فاعلم أنه من أسرة عُنِيَتْ بتربيته التربية الصحيحة، ومن أسرة لها مبادئ وقيم وتقاليد. أسرة جديرة بالاحترام والتقدير. وخلاف ذلك صحيح".

ولا تقل أهمية وجود الانضباط في المنظمات المدنية، عنها في المنظمات العسكرية، بل هي أشد احتياجاً إلى وجود الانضباط. ويتوقف نجاح منظمات الأعمال بكافة أنواعها وأشكالها، سواء كانت إنتاجية أم خدمية أو غيرها، على مدى وجود "الانضباط" بين صفوف العاملين بها. كما أن نجاح الإدارة في ممارستها لعملها، وتحقيقها لأهدافها يعتمد بدرجة كبيرة على مدى تحليها بروح الانضباط.