إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الأقمار الصناعية (أقمار الإنذار المبكر)




مركبة تحمل قمر صناعي
مركبة فضائية
أقمار صناعية مختلفة
الأهرامات
الأرض
التنبؤ بأحوال الطقس
الحرم المكي
الصاروخ الأوروبي إريان
القمر
القمر الصناعي إكسبلورر
القمر الصناعي سبوتينك

أنواع الأقمار الصناعية
مهام واستخدامات الأقمار الصناعية
منظومة الاتصال الفضائية
مدار القمر (سعودي سات-1)
مدار القمر (سعودي-1ج)
مدارات القمر الصناعي
أسباب امتلاك دول العالم الثالث للأقمار
مشروع القمر الصناعي نايل سات
مكونات القمر الصناعي
الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية
الأقمار الصناعية في نقل البيانات
الأقمار في عمليات البحث والإنقاذ
التطبيقات العسكرية
التغطية الأرضية للقمر في المدار الثابت
الفجوة التقنية بين الجيوش العربية والغربية
القمر الصناعي في العمليات الحربية
القمر الصناعي في توجيه القذائف
ثلاثة أقمار في المدار الثابت
دوافع امتلاك الوطن العربي للأقمار




موضوع البحث

المبحث الرابع

التقنية وتأثيرها على الإستراتيجيات العسكرية

في مجرى التاريخ العالمي عدة ثورات تميزت بها كل حقبة زمنية، وقد أدت دوراً مهماً في تغير وجه التاريخ، مثل الثورة الصناعية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، ويشهد العالم الآن ثورة أخرى من نوع جديد وهى ثورة المعلومات والاتصالات، التي تفرض بتقنيتها على كافة المنظمات المدنية والعسكرية أن تسارع بملاحقتها والاستفادة منها.

لا يمكن الفصل الواضح بين أهداف عمل حرب المعلومات ومجالاته، كما لا يمكن الفصل بين نظم المعلومات في المجالات وعمل حرب المعلومات، وأيضاً لا يمكن الفصل بين نظم المعلومات في المجالات السياسية والاقتصادية أو حتى العسكرية بعضها عن بعض، حيث أصبحت كل النظم والمؤسسات والهيئات القومية لدولة ما في عصر المعلومات متكاملة إلى حد بعيد، وسوف يزداد هذا الترابط مع التطور اليومي في مجال تقنية المعلومات، كل ذلك سوف يؤدي إلى انعدام الخطوط والحدود الفاصلة بين الأهداف والمهام العسكرية، والأهداف والمهام المدنية في النظم المختلفة التي تعتبر هدفاً في حرب المعلومات.

وقد أصبح تطور الصراع انعكاساً لقدرة جميع الأطراف على السيطرة المعلوماتية، وعلى التوحيد بين مهام جميع المعلومات وتحليلها ومعالجتها وإيصالها وتوزيعها بشكل شبه فوري، استدعى هذا التوحيد تطويراً كبيراً للوسائط والتجهيزات المستخدمة من رادارات ومستشعرات وأجهزة بصرية وكهروبصرية وأنظمة تشفير وشرائح حاسبات إلكترونية وتقنيات اللدائن ودوائر المعالجة الدقيقة ووسائط اتصال فائقة الكفاءة.

وقد تركزت تقنية المعلومات اليوم على تحقيق تفوق معلوماتي، بات يشكل أساس التفوق في أي صراع، وهنا نشدد على أن الجانب العسكري للصراع مرتبط ومتكامل مع الجوانب الأخرى، والجانب العسكري بالذات مرتبط بمعرفة فضاء المعركة ومتابعة تطوراتها ارتباطاً وثيقاً بمدى تدفق المعلومات وانسيابها في الوقت المناسب، وبالقدر الكافي والنوعية اللازمة.

أولاً: حرب المعلومات والأقمار الصناعية

أدت تقنية المعلومات المتفوقة دوراً مهماً في تضييق الفجوة الزمنية (الفاصل الزمني) بين توقيت الهدف اكتشافه وتوقيت الاشتباك معه وتدميره، وقد طورت القوات المسلحة الأمريكية نظم تقنية المعلومات باستخدام الأسلحة الذكية المناسبة له خلال فترة زمنية قصيرة للغاية، مستغلة في ذلك نظم التوجيه بالأقمار الصناعية.

عكست حرب الخليج الثالثة التطور في نظم تحديد الأهداف ومنظومات اتخاذ القرار السريع باستخدام أنسب الذخائر الموجهة ضد تلك الأهداف، وربط كافة الأنشطة القتالية (البرية ـ البحرية ـ القوات الخاصة ـ حرب المعلومات) بشكل منسق يتصف بالدقة المتناهية والسرعة الفائقة.

كما أدت تقنية المعلومات المتفوقة دوراً رئيساً ومحورياً في الحرب، فقد تم الرصد والمتابعة اللحظية لكافة التحركات البرية لكلا الجانبين بدقة شديدة باستخدام إمكانات الأقمار الصناعية وطائرات الاستطلاع وتكاملها مع الحاسبات الآلية في مراكز القيادة والسيطرة على جميع المستويات.

كان التحدي الرئيس، كما أعلنته المصادر الأمريكية في حربي الخليج، هو كيفية التعامل مع الحجم الضخم من المعلومات الفورية، كما أكدت تلك المصادر ضرورة تطوير شبكة العمليات المركزية بحيث تكون قادرة على تحديد أسبقيات توجيه العمليات الرئيسة وحشد القوى القتالية اللازمة لها في المكان المناسب وبالشكل العلمي المطلوب، الأمر الذي يعنى ضرورة دمج نظم اكتشاف الأهداف مع نظم شبكة قصف الأهداف، وذلك حتى تحقق السرعة الفائقة في الاكتشاف والتدمير الفوري للأهداف، وصولاً إلى رفع معدلات القتال للحد الأقصى وما يتبعه ذلك من زيادة الصعوبات أمام قوات الخصم للتكيف مع متغيرات الموقف.

ثانياً: الثورة في الشؤون العسكرية RMA

لقد انفردت الولايات المتحدة الأمريكية، بصفتها القطب الأوحد للقوى، باستغلال هذه الثورة في إحداث ثورة عملاقة سميت "بالثورة في الشؤون العسكرية"، وتمثلت مجالاتها الأربعة في (حرب المعلومات ـ الضربة الدقيقة بعيدة المدى ـ المناورة المتفوقة ـ حرب الفضاء)، الأمر الذي تجسد على أرض الواقع في حروبها الأخيرة، وقد خطت دول كثيرة (منها إسرائيل) خطىً واسعة في الاتجاه نفسه، مما يشكل تهديداً للأمن العربي، الأمر الذي يفرض علينا لزاماً أن نواكب هذا التطور وأن نلاحق أبعاده ومتطلباته، حتى نمتلك القدرة على مواجهته في حالة استخدامه ضدنا.

وقد كان من الطبيعي أن يكون لهذه الثورة أو التطور في مجال التقنية الصناعية، انعكا سات قوية في الشؤون العسكرية، فقد تميز القرن التاسع عشر بالاختراعات المتعددة والاكتشافات، خاصة بعد بدء الثورة الصناعية التي كانت نتاجاً للثورة العلمية التي حدثت مع تطور تطبيقات علوم الفيزياء والرياضيات والكيمياء والأحياء، وانعكا ساتها في تطور وسائل النقل والاتصالات والمحركات، بينما وصف القرن العشرون الميلادي بأنه قرن التقنية التي رفعت البشرية عبر تطبيق الاختراعات والاكتشافات إلى آفاق مستقبلية لا حدود لها.

فقد أدت الحركات الاستعمارية والتنافس الأوروبي إلى ارتفاع وتيرة التركيز على القوات المسلحة في تلك الدول، في القرن التاسع عشر الميلادي، كما كانت الحروب الأوروبية المختلفة في القرون الميلادية السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر، الدافع الأكبر لبناء جيوش هجومية محترفة كبيرة، لفرض واقع جغرافي واقتصادي جديد، ناتج عن أطماع التوسع الاستعماري والحاجة إلى مواد خام أولية مختلفة من دول العالم الثالث وسط موارد شحيحة في القارة الأوروبية العجوز.

استخدمت جيوش ما قبل الثورة الصناعية وسائل ترجع إلى الثورة الزراعية، مثل الرافعة والعجلة والبكرة، وهى أدوات أحادية العمل تركز على قوة ميكانيكية على نقطة واحدة، بالمقابل سيطرت مخترعات الثورة الصناعية التي تعتمد على مبدأ الانتشار مثل المحرك البخاري والسكك الحديدية والتلغراف على ديناميكية الحروب لجيوش حقبة الثورة الصناعية، منطلقة من انتشار واسع كبير في آفاق التفكير.

والثورة في الشؤون العسكرية لا تعنى قبول تقنية جديدة فحسب، بل تتعداها إلى دمج تلك التقنية في الإستراتيجية القتالية والتنظيم الهيكلي للمؤسسة العسكرية، وهى نقاط غيرت التاريخ العسكري.

كما أن الثورة في الشؤون العسكرية Revolution In Military Affairs (RMA) مصطلح انبثق أساساً من تسمية سابقة هي "التقنية العسكرية" Revolution In Military Technology (RMA)، ودلالة على ما أحدثته التقنية ليس فقط في مجال أنظمة التسليح والمعلومات، وإنما ما بلغته أيضاً في مجالات فن العمليات والشؤون الإستراتيجية المرتبطة بتخطيط وإدارة الحرب.

ففي أوائل سبعينيات القرن الميلادي الماضي، عرف بعض علماء الاتحاد السوفيتي (السابق) ومفكروه ثلاث فترات مهمة في التاريخ العسكري للحروب في القرن العشرين الميلادي.

1. الفترة الأولى: مرحلة الحرب العالمية الأولى، التي استخدمت فيها الطائرة لأول مرة، والسيارات والعربات المدرعة والحرب الكيماوية.

2. الفترة الثانية: التي اقترنت بتطوير السلاح النووي واستخدامه في الحرب العالمية الثانية.

3. أما الفترة الثالثة: فكانت تنبؤات لرؤية مستقبلية حول ظهور ثورة تقنية عسكرية جديدة تلي تطور علم التحكم الأوتوماتيكي والتشفير، والسيطرة الآلية على القنوات وتقنية المعلومات وعلوم الإلكترونات المتناهية الصغر، ووسائل الاستشعار الفضائية، وأجهزة التوجيه والتهديف، والطائرات الموجهة من دون طيار، ومنظومات الاتصالات، وأسلحة الطاقة الحركية Directed Energy Weapons (DEW)، والاعتماد على الفضاء في الحروب. وذلك بنسق جديد للحروب الرقمية بمستوى وقوة أكبر من الحروب السابقة بما تعنى من تغيرات تقنية وتطوير أنظمة وابتكارات عملياتية وتنظيمات جديدة لم يسبق تجربتها.

ثالثاً: تأثير التقنية الحديثة على الإستراتيجية العسكرية

ظل التطور العسكري معتمداً على تجارب الماضي للوصول إلى تجارب عسكرية جديدة، لذلك اتسمت مرحلة التطور في الشؤون العسكرية بالتسارع في تغيير دورات الحروب، مما أدى إلى إنتاج أسلحة وذخائر أكثر تأثيراً في دقة الإصابة، وجسامة التأثير، بالإضافة إلى سهولة أعلى في الاستخدام مقارنة بأسلحة الفترات السابقة ومعداتها.

إن ما أحدثته التقنية الحديثة ليست على أنظمة التسليح والمعلومات فحسب، بل أيضاً في مجالات فن العمليات والشؤون الإستراتيجية المرتبطة بتخطيط الحرب وإدارتها.

انفردت الولايات المتحدة الأمريكية باستغلال هذه الثورة في جميع مجالاتها، ومنها (حرب المعلومات ـ الضربة الدقيقة بعيدة المدى ـ المناورة المتفوقة ـ حرب الفضاء)، وقد تجسدت على أرض الواقع من خلال حروبها الأخيرة، وقد خطت إسرائيل خطىً واسعة في الاتجاه نفسه.

وقد أدت تقنية المعلومات المتفوقة دوراً رئيساً ومحورياً في الحروب الحديثة، حيث تتم عملية الرصد والمتابعة اللحظية لكافة التحركات باستخدام إمكانات الأقمار الصناعية وتكاملها مع طائرات الاستطلاع، وأنظمة الحاسبات الآلية في مراكز القيادة والسيطرة على جميع المستويات.

ويرى المؤرخون أن الحروب عبر التاريخ مرت بمراحل مختلفة، كانت بدايتها بالجيوش غير المدربة، وبأسلحة بدائية، ويقاتلون في ساحة قتال صغيرة. وبعد ذلك انطلقت الثورة الصناعية، حيث تطور أسلوب القتال وميدانه. أما في العصر الحالي، فقد اتسم باستخدام تطبيقات التقنية الحديثة، والاهتمام بالنوع بدلاً من الكم، حيث اعتمدت الحروب على الثورة في الشؤون العسكرية.

أدى استخدام الأقمار الصناعية في الحروب الحديثة إلى تقليص حجم الجيوش، نتيجة لزيادة قدرة الجيوش القتالية، ومضاعفة تأثير القوة الهجومية أو الدفاعية، كما ساعدت المعلومات الدقيقة والسريعة من الأقمار الصناعية في تقليص استنفار القوات، من ناحية عددها وزمن استعدادها، حيث أصبحت الحروب الحديثة جوية وفضائية أكثر منها برية وبحرية، وتغيرت معها الكثير من الخطط التعبوية والتكتيكية.

كما أن هذه الأقمار قد غيرت من أهمية بعض المفاهيم العسكرية في الحروب، فعنصر المفاجأة كان من أهم مبادئ الحرب على مر العصور، وأصبحت المفاجأة أقل أهمية لصعوبة إخفاء العمليات التعبوية والتكتيكية.

تستخدم الأقمار الصناعية في إدارة المجال الجوي المشترك، وبالأخص في عمليات القيادة والسيطرة والإنذار المبكر أثناء العمليات، ولعل حربي الخليج الثانية والثالثة مكنتنا من معرفة مدى أهمية البعد الرابع في المعركة.

ويجب أن نتفهم أن الدول الكبرى مهما بلغت درجة اتفاقاتها، فإنها ما زالت تعيش خلافات إقليمية أو عقائدية أو أيديولوجية. فروسيا مثلاً تسعى لاستعادة أمجادها، والصين في خلاف أيديولوجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا ليست على اتفاق تام مع بقية دول الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الدول وغيرها ممن يمتلك تقنية صنع الأقمار الصناعية وإطلاقها تحمل خلافاتها بعضها مع بعض من الأرض إلى الفضاء، وبالتالي هناك ثمة احتمالات كبيرة لوقوع مواجهات فضائية فضائية.

تتعدد الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، ومنها الأقمار الانتحارية، والصواريخ المضادة، وأشعة الليزر، والمضخات النووية، وسلاح الصواعق، وأجهزة التشويش على الأقمار الصناعية. ولذلك بدأت عمل بعض الدول على إجراءات حماية لأقمارها الصناعية، ومن تلك الإجراءات تزويدها بأجهزة إنذار خاصة في حالة تعرضها لأي عمل تخريبي، ونتيجة للتطور المتسارع تم التوصل مؤخراً إلى أجيال متطورة يمكن وضعها في حالة سكون على ارتفاعات عالية جداً، بعيداً عن نظم الرصد والكشف المعادية.

إن استخدام الأقمار الصناعية في حرب الخليج الثانية يُعد المثال الواضح والرئيس في تاريخ الحروب الحديثة لتطبيق استخدام التقنية العسكرية في إدارة أعمال القتال، حيث وفرت النظم الفضائية مطالب الحرب من خلال المراقبة المستمرة واستطلاع القوات والامداد بالمعلومات في الزمن الحقيقي، حيث طورت الولايات المتحدة الأمريكية برامج لبث معلومات الاستخبارات الناتجة من جهات جمع المعلومات على المستوى القومي، بالإضافة إلى برامج معالجة المعلومات الواردة من مختلف عناصر جمع المعلومات، بتحليلها والاستفادة منها وإرسالها للمستفيدين على كافة المستويات.

رابعاً: الفجوة التقنية بين الجيوش العربية والجيوش الغربية

تبدو الفجوة التقنية بين الجيوش العربية والجيوش الغربية شاسعة وواضحة للعيان، بأبعادها الدرامية التي شاهدنا بعضاً من معالمها المأساوية في حربي الخليج الثانية والثالثة، وتتمثل معالم هذه الفجوة في أنظمة المعلومات وأنظمة القيادة والسيطرة، كالتالي:

1. أنظمة التسليح

تحتوى ترسانة الجيوش العربية على قدرات تقليدية هجينة، جرت حيازتها بشكل عشوائي غابت فيه درا سات الجدوى العملياتية والاقتصادية، وغلبت عليه اعتبارات عدة أقلها العامل السياسي، وتتمثل أبرز نقاط الضعف التقني التي تعانيها أنظمة التسليح العربية في الآتي:

أ. ضعف القدرة على إدامة العمل القتالي على مدار الساعة ليلاً ونهاراً، وفى ظروف الجو السيئة، وذلك لافتقار معظمها إلى تجهيزات الملاحة.

ب. عدم توافر أنظمة التسليح المخصصة للإطلاق البعيد Stand-off ذات الدقة العالية.

ج. الافتقار إلى أنواع الذخائر الذكية Smart Ammunition ذات التوجيه الذاتي في مرحلة الاقتراب النهائية من أهداف القصف، التي تتضمن الحفاظ على بقاء الطائرة الحاملة لها في مواجهة العدائيات المضادة.

د. عدم توافر أنظمة تسليح غير مأهولة Unmanned، للعمل في عمق دفاعات الخصم لأعمال المراقبة والاستطلاع.

2. أنظمة جمع المعلومات

تعانى ترسانة الجيوش العربية ضعفاً في أنظمة هذا المجال الحيوي، الذي لا يتيح إمكان الوعي بالموقف في ساحة المعركة من خلال المعلومات الإستخبارية الموقوتة فحسب، ولكن يؤسس لمفهوم التفوق المعلوماتي بوصفه جوهر الثورة الحالية في الشؤون العسكرية، ومن أبرز نقاط الضعف هذه:

أ. الافتقار إلى الأنظمة الفضائية لجمع المعلومات.

ب. عدم توافر موارد جمع المعلومات الاستخبارية على المستوى الإستراتيجي في كامل عمق أراضى الخصم.

ج. محدودية القدرات الاستطلاعية التقليدية لا سيما الجوية، في الوقت والمكان، وبما لا يحقق إدامة لجمع المعلومات عن الخصم.

د. انعدام التكامل الأفقي بين أنظمة جمع المعلومات وعمل كل منها بصورة مستقلة.

3. أنظمة القيادة والسيطرة

تعانى الجيوش العربية غياباً في آلية القيادة والسيطرة التي تربط مراكز القيادة والسيطرة في المستويات المختلفة بعضها ببعض وبأنظمة جمع المعلومات في الوقت ذاته، وهو ما يطلق عليه (نظام الأنظمة)، ومن ثم فإن غياب هذا النظام يترتب عليه عدم إدراك القادة لحقيقة ما يجرى في أرض المعركة، وبالتالي صدور قرارات خاطئة في الزمان والمكان بالنسبة للقوات الصديقة والعدو على السواء، ناهيك عن التأخر في توصيل أوامر العمليات من المستويات الأعلى إلى الأدنى، والافتقار إلى التنسيق العملياتي في مستوييه الرأسي والأفقي وبين أفرع القوات المسلحة وأسلحتها المساندة واللوجستية العاملة في مسرح العمليات.

وفى مثل هذه الظروف من ضعف أنظمة القيادة والسيطرة، تفتقر القيادات إلى المبادرات بالفعل، حيث تترك في يد العدو، كما يتأخر رد الفعل في الزمان والمكان المناسبين مما يجعله عديم الفائدة، ورغم وجود مبادرات لبناء نظم قيادة وسيطرة في الجيوش العربية، إلا أنها تتصف بالاستقلالية لكل فرع من أفرع القيادة والسيطرة، وقصر وظيفتها على كونها مجرد قواعد للبيانات، بينما تفتقد هذه النظم إمكان الربط بين معطيات أنظمة جمع المعلومات وأنظمة استخدام القوة العسكرية (منصات الإطلاق).

وعلى الرغم من تجارب حروب الصراع العربي ـ الإسرائيلي، أو اتجاه معظم الجيوش العربية إلى التسليح الغربي، فقد ظلت المؤسسات العسكرية العربية تعانى خللاً في التوازن العسكري، ولم ترق عسكرياً، أو في فن الحرب مثلاً إلى دولة بحجم إسرائيل، وذلك على الرغم من ضخامة الإنفاق العسكري العربي في بعض الدول العربية.

وهناك اتفاق بين المحللين العسكريين على أن الجيوش العربية لا تستخدم قدراتها البشرية والعسكرية بكفاءة، كما لا تستوعب التقنية المتقدمة في قوتها المسلحة، ويرجع ذلك إلى اعتماد الدول العربية على استيراد الأسلحة. وعدم الاهتمام ببناء قواعد للصناعة الحربية الوطنية، مما يجعلها دائماً أسيرة الضغوط من جانب الدول المصدرة للسلاح لا سيما في مجال الإمداد بقطع الغيار، وعدم الحصول على أحدث طرازات الإنتاج التي تحصل عليها إسرائيل بسهولة، مما يجعل الفجوة التقنية بين الأسلحة العربية والإسرائيلية قائمة باستمرار بل وتزداد اتساعاً، هذا بالإضافة إلى عدم الاهتمام بتأهيل المصادر البشرية المدربة والقادرة على استيعاب التقنية المتقدمة، ومن الأسباب التي أدت إلى ذلك:

1. التغيير المستمر في القيادات العسكرية وفى التنظيم والتسليح، الأمر الذي يفقد القوات المسلحة الاستقرار اللازم للتدريب على نظم التسليح الجديدة واستيعابها فنياً، وفى العقائد العسكرية، وفى أساليب الاستخدام القتالي.

2. نقص المرونة في إدارة أعمال القوات المسلحة بسبب الجمود، واستمرار نقاط الضعف في التنظيم وأساليب التخطيط وإدارة العمليات والقيادة والسيطرة.

3. ضعف القدرة في التنظيم وأساليب التخطيط وإدارة العمليات وأسلحة القتال.

4. نقص التدريب الواقعي على مهام العمليات وفى ظروفها العملياتية المختلفة.

5. التنافس وعدم التعاون بين الأفرع الرئيسة والأسلحة المختلفة والتشكيلات التعبوية، مما يؤدي إلى تجزئة المجهود العسكري.

ولعلاج كل هذه السلبيات فإن الجيوش العربية بحاجة إلى نقلة نوعية ترتبط بتغيير الفكر السياسي والعسكري والسعي الجاد لتقليص الفجوة بينها وبين الجيش الإسرائيلي ومنعها من الاتساع، خاصة مع الوتيرة المتسارعة لثورة الشؤون العسكرية في العالم التي تحصلها وتستوعبها إسرائيل بسرعة. ومن ثم ينبغي الدعوة إلى إنشاء صناعة عسكرية عربية متطورة تستوعب الكفاءات العلمية والتقنية العربية المبعثرة على كل الساحة العالمية، وتحشد جهودها في إطار خطة واقعية تستهدف تحقيق النقلة التقنية المطلوبة، هذا بالإضافة لتخصيص الموارد المالية الكافية لأعمال البث والتطوير في المجال العسكري، مع الاهتمام بتوجيه مخرجات التعليم لخدمة التوجيهات العسكرية، ومشاركة الجامعات ومراكز البحوث والدراسات الصناعية المدنية لاختيار أفكار جديدة وجريئة لدعم القوات المسلحة في جميع المجالات التقنية. (اُنظر شكل الفجوة بين الجيوش العربية والغربية).