إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الأقمار الصناعية (أقمار الإنذار المبكر)




مركبة تحمل قمر صناعي
مركبة فضائية
أقمار صناعية مختلفة
الأهرامات
الأرض
التنبؤ بأحوال الطقس
الحرم المكي
الصاروخ الأوروبي إريان
القمر
القمر الصناعي إكسبلورر
القمر الصناعي سبوتينك

أنواع الأقمار الصناعية
مهام واستخدامات الأقمار الصناعية
منظومة الاتصال الفضائية
مدار القمر (سعودي سات-1)
مدار القمر (سعودي-1ج)
مدارات القمر الصناعي
أسباب امتلاك دول العالم الثالث للأقمار
مشروع القمر الصناعي نايل سات
مكونات القمر الصناعي
الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية
الأقمار الصناعية في نقل البيانات
الأقمار في عمليات البحث والإنقاذ
التطبيقات العسكرية
التغطية الأرضية للقمر في المدار الثابت
الفجوة التقنية بين الجيوش العربية والغربية
القمر الصناعي في العمليات الحربية
القمر الصناعي في توجيه القذائف
ثلاثة أقمار في المدار الثابت
دوافع امتلاك الوطن العربي للأقمار




موضوع البحث

المبحث الخامس

دور الأقمار الصناعية في الحروب الحديثة

تطورت الحروب عبر التاريخ وقد حملت تطور في القدرات والإمكانيات العسكرية، وفى غضون الحقب الحالية نرى أن الجيوش التي يمكنها أن تصل للمدى الأبعد وبسرعة وتضرب بدرجة أعنف عادة ما تفوز.

ففي حرب الخليج الثانية استخدمت الأقمار الصناعية بشكل كبير جداً، ويقول الخبراء العسكريون أن حرب الخليج الثانية تعتبر أول حرب إلكترونية حقيقية، حيث استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية كل إمكاناتها الفضائية للحصول على المعلومات الدقيقة منذ بدء الحرب إلى آخر مراحلها، بل أن الخبراء صرحوا بأن الولايات المتحدة الأمريكية وباقي دول التحالف لم تكن لتجازف بدخول المعركة لو لم تتوفر لها الإمكانات الهائلة بقيام هذه الأقمار بتوفير المعلومات الأكيدة عن القوات العراقية.

ونحن نعيش في عصر التكنولوجيا، والتي تثبت أن من يمتلك التكنولوجيا سينتصر في أي صراع اقتصادي أو عسكري، وأن ثورة التكنولوجيا والمعلومات التي نعيشها مازالت تتطور محاولة أن تستبدل حرب القتل التي سادت القرن العشرين لتحل محلها ما أطلق عليه الحرب غير القاتلة NON-LEATHAL WAR، والتي تعني بتقليل معدلات القتل إلى حد ممكن.

أولاً: تطور الحروب وارتباطها بالثورات في الشؤون العسكرية

إن الثورة في الشؤون العسكرية RMA، هي تحول رئيسي في طبيعة الحرب نتج عن التطبيق الخلاق للتكنولوجيا الحديثة الممزوجة بتحولات حادة في العقيدة أو الفكر والمفاهيم العملياتية والتنظيمية، لإحداث تغييراً جوهرياً في شكل وإدارة العمليات العسكرية.

بزغت الثورة في الشؤون العسكرية من عدة مصادر، فقد ساهم التحول الاجتماعي في حدوث ثورة في الشؤون العسكرية أثناء حروب الثورة الفرنسية وعهد نابليون، حيث أدى إلى إقامة جيوش وطنية أكبر.

لقد كانت المجالات العلمية المختلفة هي العامل الفاعل في حدوث الثورات في الشؤون العسكرية المبنية على التقنية في القرن العشرين.

فعلى سبيل المثال الكيمياء والفيزياء، أدت إلى حدوث كثير من التطور الهام أثناء الحرب العالمية الأولى، والتي كان استخدام البارود عاملاً حاسماً فيها، حيث كان مصير كثير من المعارك يتحدد طبقاً لمعدل إطلاق الأسلحة ومدى القذائف.

أدت الفيزياء المتقدمة إلى حدوث الثورة التالية في الشؤون العسكرية، والتي امتدت من سيادة الطيران إلى الاتصالات اللاسلكية المتطورة ودخول الرادار وحتى اختراع الأسلحة النووية والأقمار الصناعية.

1. الأقمار الصناعية والحروب الحديثة

تعدّ حرب الخليج الثانية البداية لعصر المعلومات، فقد استخدمت قوات التحالف وسائل متطورة لجمع المعلومات وتحليلها كان العنصر الأساسي فيها الأقمار الصناعية، بما حققته من مراقبة مستمرة واستطلاع لمسرح الحرب ومسرح العمليات، بالإضافة لأقمار الاتصالات، وأقمار تحديد الموقع (الملاحة).

ولم تعد ميادين القتال هي الأماكن التي تحدث فيها المعارك الرئيسة، حيث أصبحت لا حدود لها، كما لم تستحوذ المواقع الأمامية على الأسبقية الأولى كما كان في الماضي، نظراً لأنه يتم إدارة أعمال القتال ضد المواقع الأمامية وفى العمق في توقيت متزامن.

أدى استخدام الأقمار الصناعية في الاستطلاع والإنذار المبكر والاتصالات والملاحة إلى تقليص حجم الجيوش، نتيجة لزيادة قدرة الجيوش القتالية، ومضاعفة تأثير القوة الهجومية أو الأسلحة الدفاعية، كما ساعدت المعلومات الدقيقة والسريعة من الأقمار الصناعية في تقليص استنفار القوات من ناحية عددها وزمن الاستنفار، وأصبحت الحرب الحديثة جوية وفضائية أكثر منها برية وبحرية، وتغيرت الكثير من الخطط التعبوية والتكتيكية، فعناصر الحرب الفضائية تتحرك بعيداً عن مجال المواجهة الميدانية المباشرة، مما يسمح للقادة باتخاذ الإجراءات المناسبة.

توفر أنظمة الاستطلاع الفضائي للقوات المشتركة المعلومات اللازمة عن طبيعة الأرض وعن طبيعة التهديد الذي تتعرض له وحجمه، مما يعزز قدراتها للتخطيط للمهمة، ويمكن أن تتصل هذه الأنظمة أو توصل بأنظمة الاستخبارات والرصد والاستطلاع الأخرى لمراقبة منطقة معينة ذات أهمية للمستخدم، وزيادة مستوى دقة المعلومات وتعزيز قدرته على الاستجابة.

تدور الأقمار الصناعية خارج نطاق مجال أسلحة الدفاع الجوى، وتمر فوق أراضى الدول خارج حدودها الدولية لأن الفضاء مثل أواسط البحار لا يُعد ضمن حدود الدول، هذه الميزة أكسبت الأقمار الصناعية الأهمية الكبرى والاعتمادية المطلقة للجيوش الحديثة، ومع هذه القدرات الخارقة والأدوار المتعددة والمراقبة الدقيقة المستمرة لمعظم ما يدور فوق سطح الأرض وفى أعماق المحيطات، سقطت مفاهيم كثيرة للأمن لدى كثير من الدول، وسقطت معها الحدود الدولية والأجواء المحلية، وتغيرت معايير كثيرة عن الإستراتيجية بل حتى الأهداف التكتيكية.

كما أن هذه الأقمار قد غيرت من أهمية بعض المفاهيم العسكرية في الحروب، فعنصر المفاجأة كان من أهم مبادئ الحرب على مر العصور، وأضحت المفاجأة أقل أهمية لصعوبة إخفاء العمليات التعبوية أو التكتيكية في الحروب الحديثة. ومن أمثلة تهميش الحرب الحديثة لمبدأ المفاجأة عرض وسائل الإعلام تفاصيل الاستعدادات الأمريكية لحرب الخليج الثانية والثالثة، وتفاصيل التحركات الميدانية والعمليات القتالية للحرب.

مما لا شك فيه أن الاستخدام العسكري للأقمار الصناعية كان الحافز الأكبر لتطوير أبحاث الفضاء، حيث تتولى الأقمار الصناعية على المستوى العملياتي إعطاء القائد، بصورة عامة، معلومات عن العدو والصديق والجوار والأرض والطقس والمناخ، وهذه كلها عوامل تقدير الموقف القتالي في الظروف الحديثة.

اعتمدت القنابل والصواريخ دقيقة التصويب بعيدة المدى على استخبارات مؤكدة وموثوقة، تم الحصول عليها باستخدام نظم الأقمار الصناعية، التي ساعدت في تخطيط الأهداف التي يتم التعامل معها وانتقائها، وهذه النظم كانت نتيجة لاستثمارات طويلة المدى ومستمرة. وقد أدت هذه التقنية إلى التقارب بين القرارات السياسية والإستراتيجية العسكرية مع المستويات التعبوية والتكتيكية، مما ساعد السياسيين على إصدار القرارات السياسية في ضوء توفر معلومات دقيقة مبنية على التقارير والمعلومات الصحيحة في الوقت المناسب، مما يمكنها من القيام بدور أكثر فاعلية في إدارة الحروب دون التدخل في صراعات أخرى غير مخططة.

2. التطبيقات العسكرية باستخدام الأقمار الصناعية في الحروب الحديثة

يمكن تصنيف التطبيقات العسكرية لبرامج الفضاء إلى تطبيقات دفاعية وأخرى هجومية، ومن استخدامات الأقمار الصناعية العسكرية أثناء الحروب في التطبيقات التالية:

أ. الإنذار المبكر: حيث تكشف أقمار الإنذار المبكر الصواريخ العابرة للقارات، كالصواريخ (البالستية)، والصواريخ التي تطلق من الغواصات التي تحتاج إلى عدة دقائق لبلوغ وإصابة الهدف، لذا فقد برزت الحاجة إلى رصد الهجوم النووي وتقدير وقوعه بأسرع وقت.

ب. تقدير الأضرار الناجمة عن القصف الجوى أو النووي.

ج. الاستطلاع الإلكتروني: ويستخدم أساساً لتحديد مواقع الدفاع الجوى ورادارات الصواريخ الدفاعية للدول المعادية، مثل أقمار فريت FERRET الأمريكية لأغراض الاستطلاع الإلكتروني، وهى على ارتفاع يراوح بين 250 و400 كم.

د. التنصّت على اتصالات العدو العسكرية من طريق أقمار الاستطلاع الإلكتروني.

هـ. تأمين الاتصالات اللاسلكية المشفرة بعيدة المدى بين مراكز القيادة والسيطرة وقادة الوحدات الميدانية في مسارح العمليات، مثل VSAT المستخدم في سلاح الإشارة.

و. تقييم العمليات الهجومية للقوات البرية وإدارة الضربات الدقيقة بعيدة المدى.

ز. تصوير الأهداف العسكرية الأرضية MASINT وIMINT، وتحديد بصماتها.

ح. توفير المعلومات الإستخبارية في أوقات الأزمات والمراقبة والاستطلاع.

ط. توفير معلومات تحديد الموقع (GPS) والملاحظة والملاحة والأرصاد الجوية .

ى. مراقبة الالتزام بالمعاهدات المتعلقة بالحد من التسلح ونزع السلاح.

ك. استخدام الذخائر الموجهة بالأقمار الصناعية

(1) منذ يزيد عن عقد من الزمن من تاريخ التقنية العسكرية، طورت الولايات المتحدة الأمريكية استخدام الأسلحة الدقيقة الموجهة (الذخائر الذكية) ضد أهداف خاصة وحساسة لها قيمة عسكرية عالية وموجودة في أماكن غير مناسبة لاستخدام الأسلحة التقليدية الغير الموجهة، وأظهرت الطائرات التي يتم تزويدها بمستقبلات النظام العالمي لتحديد الموقع (GPS) نتائج حاسمة في دقة الإصابة، وذلك من خلال التجارب التي أجريت على إلقاء هذه الذخائر باستخدام منظومة الأقمار الصناعية (نافا ستار) في مدة 10 ثوان، وقد تولت الذخيرة توجيه نفسها قبل وصولها الهدف بمسافة 13700 م، وأصابت هدفها تماماً.

(2) وتختلف القنبلة المشتركة للهجوم المباشر JDAM عن القنبلة العادية أثناء سقوطها، فالقنبلة العادية لا يتم إجراء تصحيحات على مسارها، وتستخدم زعانف الذيل فقط للاستمرار، أما باستخدام الأقمار الصناعية فيتولى تحديث مكان الهدف جهاز استقبال النظام العالمي لتحديد الموقع (GPS) الخاص بالطائرة بعد إطلاق القنبلة، فإنها تستغرق الـ25 - 30 ثانية الأولى من طيرانها للحصول على إشارات الأقمار الصناعية بالنظام العالمي لتحديد الموقع. (اُنظر شكل التطبيقات العسكرية بالأقمار الصناعية).

3. أمثلة واقعية لاستخدام الصور الفضائية في الحروب الحديثة

أ. خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988)، قدمت أقمار سبوت SPOT الفرنسية صوراً لمناطق البصرة وشط العرب والفاو، وكانت متاحة لكل من يدفع ثمنها.

ب. خلال حربي الخليج الأولى والثانية، كان هناك أكثر من 12 قمراً صناعياً عسكرياً لدعم القوات الأمريكية بالشرق الأوسط، قامت بالإنذار المبكر والاستكشاف الإلكتروني والملاحة والأرصاد الجوية.

ج. كان القمر الصناعي العسكري يتولى معالجة الصور وتخزينها رقمياً، ثم يرسلها إلى محطات أرضية في جرينلاند وفى منطقة المحيط الهادي، ثم يعاد بثها بواسطة أقمار صناعية تجارية للاتصالات إلى مركز (التصوير الوطني)، ومن ثم يتم توزيعها على الوكالات الأمنية كقيادة الاستخبارات المركزية.

د. عملية الفجر الأحمر، المتمثلة في مساعدة الأقمار الصناعية في القبض على "صدام حسين"، حيث رصدت الأقمار الصناعية مكالمته لزوجته من طريق الهاتف، فحددت مكانه لعدة أمتار، ثم ألقى الجنود الأمريكيون القبض عليه بسهولة.

هـ. تستخدم الأقمار الصناعية العسكرية في إدارة المجال الجوى المشترك، وبالأخص في عمليات القيادة والسيطرة والإنذار المبكر في ميدان المعركة أثناء العمليات، ولعل تجربة حرب تحرير الكويت مكنتنا من معرفة مدى أهمية البعد الرابع في المعركة، عندما اكتشفت الأقمار الصناعية الثابتة فوق ميدان المعركة صواريخ سكود العراقية لحظة انطلاقها، محددة موقع قاعدة الإطلاق باستخدام مستشعرات حرارية، فعندما يصل الصاروخ إلى ارتفاع من 15 – 18 كم، ينقل القمر المعلومة إلى قيادة الفضاء التابعة لسلاح الجو الأمريكي في (كلورادو سبرينجر)، وأحياناً إلى محطة القيادة المركزية في مسرح العمليات، ومن ثم يتم تمريرها إلى محطات صواريخ الباتريوت التي تتمكن من اكتشاف الهدف في مسافة تزيد عن 100 كم، ومن دون ذلك القمر لا تستطيع رادارات أنظمة الدفاع الجوى الأرضية، بما فيها الباتريوت، أن تكشف صاروخاً بالستياً قادماً من فوقها وبزاوية رأسية.

ثانياً: حروب الفضاء والأسلحة المضادة لها

(في الساعة الثالثة، صدرت الأوامر من القيادة العسكرية الأمريكية العليا إلى طاقم المكوك الأمريكي "س" لتنفيذ المهمة المحددة، وهى تدمير الأقمار الصناعية الروسية الموضوعة في النقطة "ن"، بعد أسر قمرين منها وإحضارهما للقاعدة الأرضية...)، بالطبع سيعتقد القارئ أن العبارة السابقة وردت خطأ، إذ ما سمعنا حتى الآن بمكوك يدمر أقماراً صناعية أو يأسر بعضاً منها، اللهم إلا في قصص الخيال العلمي، ومع ذلك نقول إن الفقرة السابقة لم ترد بالخطأ لكن من يدري فالعالم قاب قوسين أو أدنى من حروب فضائية تبدأ بهذا النوع من العمليات، يعنى تدمير الأقمار الصناعية للغير أو أسرها.

في عام 1984، أُطلق القمر الإندونيسي للاتصالات (بالايا 2)، والقمر الأمريكي (وي ستار)، وقد انحرف القمران عن مسارهما مما كان يعنى حتمية هبوطهما باتجاه الأرض بعد فترة واحتراقهما، عندها تدخل علماء وكالة "ناسا" وكلفوا رواد مكوك فضاء أمريكي بأن يستعيدوا القمرين، وفعلاً في شهر نوفمبر من العام نفسه، انطلق مكوك الفضاء باستخدام ذراع آلية طولها 16 م، وبالسباحة بواسطة كراسي نفاثة استطاع رواد المكوك القبض على القمرين واستعادتهما والعودة بهما إلى الأرض بسهولة كبيرة.

وقد قيل إن المكوك الأمريكي (وي ستار) الذي أطلق القمرين، تعمد أن يطلقهما إلى مجال خاطئ ضمن تجربة خططت لها "ناسا" حول إمكانية استعادة الأقمار الصناعية. وفى جميع الأحوال كان للنجاح الأمريكي في استعادة القمرين بسهولة وبتكاليف لا تُذكر، قياساً لقيمة القمرين، صدى واسع على المستوى العسكري، فقد برهنت الولايات المتحدة الأمريكية عبر هذه العملية أنها قادرة على أسر أي قمر صناعي في الفضاء ومن أي جنسية، وإحضاره إلى الأرض. فالقمر الإندونيسي يمكن أن يكون في أية لحظة قمراً سوفيتياً أو صينياَ.

1. خلافات الأرض للفضاء

نقرأ أن الدول الكبرى مهما بلغت درجة اتفاقاتها مازالت تعيش خلافات عقائدية أو منازعات إقليمية، فروسيا مثلاً تسعى لاستعادة أمجادها بصفتها وريثة للاتحاد السوفيتي (السابق)، لتكون الند للولايات المتحدة الأمريكية، والصين في خلاف أيديولوجي حاد مع الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا ليست على اتفاق تام مع باقية دول الاتحاد الأوروبي ولا مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الدول وغيرها من لها باع طويل في صنع الأقمار الصناعية وإطلاقها. لذا فإن كل دولة تحاول تحقيق التفوق على الدول الأخرى في مجال هذه الأقمار، وكل الأقمار المطلقة تحمل خلاقات هذه الدول مع بعضها إلى الفضاء، وبالتالي ثمة احتمالات كبيرة لوقوع مواجهات فضائية، وهو ما تحسبت له الدول منذ زمن.

يتبين أن عصراً جديداً في الحروب قد بدأ أو أوشك على البدء/ هو عصر حرب الفضاء مع ما يعنيه من عسكرة الفضاء، والاستعداد لاستخدام أسلحة مضادة للأقمار الصناعية لتدميرها، أو أسرها، أو حرفها عن مدارها، أو سرقة تقنياتها... الخ.

الأمر لا يتعلق هنا بتدمير أقمار التجسس فقط، بل بتحقيق التفوق في كافة صفوف الأسلحة لأن معظم الأسلحة المتطورة الحالية المستعملة في الجيوش تعتمد في توجيهها على الأقمار الصناعية، أضف إلى ذلك أن تدمير الأقمار الصناعية أو شلها سيؤدي إلى اضطراب في نظم القيادة والسيطرة، وعجز الخصم عن توجيه الأسلحة البالستية والقنابل الذكية وشل الإنذار المبكر، أي أن من يستطيع تحقيق التفوق في الفضاء عبر تدمير أقمار الخصم يستطيع حتماً تحقيق التفوق في الأرض.

ونعود إلى السؤال عن ما هي الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، وسنجد أن أهمها ما يلي:

أ. الأقمار الانتحارية

وهو نهج تركز عليه روسيا وتسعى إلى تطويره بعد نجاح تجاربها على أقمار كوزموس، وبنية القمر من هذا النوع لا تختلف عن بنية الأقمار الأخرى، لكنه مزود بعبوة متفجرة شديدة الانفجار، وكاميرات حساسة تتيح له تصوير الأقمار الأخرى عن بعد وإرسالها بسرعة فائقة إلى الأرض، وفى الأرض يكون لدى مرسلي القمر إمكانية اختيار القمر الذي يريدون تفجيره فيوجهون القمر إليه ليلتحم به ويفجر نفسه، مما يؤدي إلى تدمير القمرين معاً، إذ عملياً لا يمكن تمييز هذه الأقمار الانتحارية عن الأقمار الأخرى، وهو ما يعنى بداية عصر زرع الفضاء الخارجي بالألغام، مع ما يشكله ذلك من خطر يشابه الخطر الجاثم على الأرض نتيجة زرع الألغام الأرضية.

ب. الصواريخ المضادة

في عام 2001، أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية أنها قد نجحت بتصنيع صواريخ خاصة مضادة للأقمار الصناعية تطلق من طائرات F-15، وهى تحلق على ارتفاعات عالية وتوجه بالأشعة تحت الحمراء، وتستطيع إصابة أي قمر مستهدف.

ج. أشعة الليزر

يعلق العسكريون آمالا واسعة على استخدام أشعة الليزر كأهم سلاح للأقمار الصناعية، وقد رصدت وزارة الدفاع الأمريكية ميزانية ضخمة لبعض المؤسسات المتخصصة بتطوير استخدامات أشعة الليزر Space – born laser لتدمير الأقمار، والدرا سات الحالية تهدف بشكل رئيس إلى تصنيع أجهزة تتيح وضع مكونات الليزر في المدار بواسطة مكوك، ثم تجميع هذه الأجهزة لتصبح سلاحاً فعالاً في قتل الأقمار المعادية.

د. المضخات النووية

بشكل حثيث، تجرى روسيا والولايات المتحدة الأمريكية تجارب على سلاح (المضخات النووية)، وهو سلاح يتركز أداؤه على توجيه حزم من الأشعة السينية فوق شعاع الليزر لإحداث انفجار نووي محدود في الفضاء، ليطيح بالصواريخ المعادية على الارتفاعات العالية.

هـ. سلاح الصواعق

تقوم فكرة هذا السلاح على توليد شعاع من الجسيمات المشحونة بشحنات عالية الطاقة من مصادر معلقة في الفضاء، وإذا وجهت نحو الأهداف المعادية فإنها تحدث فيها عند ملامستها مثل ما تحدثه الصواعق الجوية من انفجار عند وصولها للأرض.

و. أجهزة التشويش على الأقمار الصناعية المعادية

وذلك من خلال وضع هذه الاجهزة في طائرات والطيران بها فوق المنطقة المراد حمايتها من رصد الأقمار المعادية، وهو برنامج تتبناه بحماس الآن القوات الجوية الأمريكية من خلال مختبر الليزر المحمول (All)، والموجود في طائرة اختبار من نوع Poing NKC-135. (اُنظر شكل الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية).

 2. حماية الأقمار الصناعية

لا يمكن نشر الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية بتسارع نشر الأقمار الصناعية نفسه ومع ذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية تأخذ بشكل جدي الإستراتيجيات الأخرى في الدول الكبرى الهادفة إلى تطوير الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، وضمن هذا الاهتمام تأتي الإعلانات الأمريكية المتكررة بأن الولايات المتحدة الأمريكية وصلت إلى مراحل متقدمة جداً في الرد بالأسلوب نفسه على أية دولة تفكر بالتعدي على أقمارها الصناعية، ومن هذه التصريحات تصريح "مالكوم كوري" مسؤول إستراتيجيات الفضاء في البنتاجون، بتاريخ 10 أبريل 2005، الذي قال: "بأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تتوانى عن الرد بعنف على أية دولة تحاول المساس بالأقمار الصناعية الأمريكية". وعندما سُئل إن كان يعني الرد عبر الأسلحة الأرضية، فأجاب: "بل الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية التي ستفاجئ الدول الكبرى إذا استعملتها الولايات المتحدة الأمريكية ذات يوم".

وبعيداً عن التصريحات اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية ميدانياً إجراءات وقائية مضادة للأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، منها: إقامة مركز عمليات الدفاع الفضائي Space Defense Operation Center في مجمع (جيل شيلان بمدينة كولوارادو) عام 1979، مع الإعلان بأن الدفاع الفضائي جزء لا يتجزأ من الدفاع القومي الأمريكي، وأحد أهم مهام المركز حماية الأقمار الصناعية الأمريكية من أية أسلحة مضادة للأقمار الصناعية، والتحكم في نظام التسليح الأمريكي المضاد للأقمار الصناعية، وبشكل عام تتحدد أهداف المركز بتنسيق العمليات المتعلقة بالدفاع عن الأقمار الصناعية.

وفى الأجيال الحديثة من الأقمار الصناعية رُوعي تزويدها بأجهزة إنذار خاصة تقوم بإبلاغ محطات المتابعة الأرضية عن أي هجوم تتعرض له حتى بعد تدميرها، كما تطلق الآن الدول الكبرى أعداداً من الأقمار الصناعية الزائفة إلى جانب الأقمار الحقيقية، بحيث يصعب على الخصم رصد الأقمار الحقيقية واستهدافها.

وبعد، إنها حروب الأرض من الفضاء، بدأت تجر الدول الكبرى إلى حروب الفضاء عبر الأقمار الصناعية والأسلحة المضادة لها، والمشكلة أنه ليست هناك، حتى الآن، معاهدة دولية حول تنظيم استغلال الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، مما بدأ يعيد العالم فعلياً إلى حرب باردة جديدة قد تتحول فجأة إلى حرب ساخنة، وعندها من يدرى؟!!

ثالثاً: البرامج الفضائية للدول الأجنبية

1. بالنظر إلى النشاط الفضائي لكل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية للوقوف على آخر ما توصل إليه العلم والتطبيق في هذا المجال، وبالرغم من امتلاكها أقماراً صناعية متقدمة في كافة المجالات، وصواريخ عملاقة ذات اعتمادية عالية، إلا أن كلاً منهما تنفرد في اتجاه يختلف عن الأخرى، فالولايات المتحدة الأمريكية اتجهت لامتلاك المركبات المتعددة الاستخدام، لتحقيق أكبر عائد مادي من استخدامها تجارياً، بينما اتجه الاتحاد السوفيتي لامتلاك المحطات المدارية نظراً لعدم اتجاهه أسلوب الاستخدام التجاري، إلا انه اضطر إلى الاشتراك في اتفاقية المحطة المدارية الدولية لمحاولة استثمار ما يملك من تقنية للحصول على العملة الصعبة، لتنفيذ خططه الفضائية المستقبلية، مما أفاد الدول المشتركة في هذه الاتفاقية اقتصادياً، حيث حصلت على موضع قدم بالمحطة الروسية للدراسة والتطوير بأقل التكاليف.

2. بالنظر إلى النشاط الفضائي للمملكة المتحدة وألمانيا، يتبين أن هاتين الدولتين بالرغم من امتلاكها المقدرة والتقنية التي تؤهلهما للدخول في هذا المجال كدول فضائية، إلا أنهما قبلا طواعية أن يظلا دولتين هامشيتين في هذا المضمار، فقد أوقفت بريطانيا برامج الصواريخ الخاصة بها نتيجة لفشلها مرتين متتاليتين في تجارب الإطلاق، وبالرغم من نجاح التجربة الثالثة والرابعة، وبالرغم من أن صواريخها كانت الأساس الذي بني عليه الصاروخ الأوروبي، إلا أن عزيمة الإنجليز قد خارت واتخذوا قراراً بالاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على وسيلة إطلاق بالأسلوب التجاري. كما أن ألمانيا، بالرغم من امتلاكها أقماراً صناعياً متطورة واشتراكها في كافة المشاريع الفضائية الدولية بدور فعال، إلا أنها لم تحاول تصنيع صاروخ خاص بها تجنباً لمخاوف الدول الأوروبية من عودة النشاط العسكري الألماني، بالتالي أصبحت ضحية لتوجيهات سياسية سابقة.

3. يعدّ البرنامج الفضائي الصيني تجربة تستحق الدراسة، فهي صناعة ذات مكانة متميزة بين الصناعات الإستراتيجية نظراً لكبر مساحة الدولة، بالإضافة لتوفير فرص عمل لأكثر من مائة ألف شخص، ويعمل هذا البرنامج من خلال وزارة متخصصة تجمع كل هيئات ومؤسسات هذا المجال، وبالرغم من قيام الثورة الصينية وتوقف كافة البرامج إلا أن هذا البرنامج استمر طبقاً لما هو مخطط، ولم تدخل الصين مجال الاستخدام التجاري إلا بعد تأكدها من وصول صواريخها لأعلى اعتمادية ودخلت السوق التجاري بمزايا وأسعار منافسة، متضمنة شروطاً للمشاركة ونقل التقنية التي تُعد الهدف الأول لأي دولة تتبنى هذا المشروع بنظرة مستقبلية جادة، تبدأها بالمشاركة وتنتهي بالاعتماد على الذات.

4. تُعد تجربة الهند في استخدام الفضاء ذات أهمية خاصة بالنسبة لنا في العالم العربي، ذلك لأنها تدخل في نطاق العالم النامي الذي يندرج في نطاقه عالمنا العربي كله بشقيه الفقير والغنى، ومع ذلك استطاعت هذه الدولة الفقيرة النامية أن تتخذ برنامجاً فضائياً مرموقاً في انجازاته وتوجهاته وأهدافه، فقد بدأ باستخدام تقنيات بسيطة وقريبة وتطويرها بدلاً من اتخاذ الطريق السهل وهو استيراد التقنيات الجاهزة التي تورد دون مفاتيحها، كما اتسم برنامجها بالتصميم والمثابرة فقد نجحت في إطلاق الصاروخ المُصمم والمُنتج بقدرات هندية خالصة بعد 39 عاماً، وهى فترة تكفى لجعل أي من مشاريعنا العربية يفقد رؤيته الأولى في برامج ذات بُعد اجتماعي، حيث أرسلت سلسلة من البرامج الصحية والزراعية وتنظيم الأسرة إلى نحو 2500 قرية على فترتين، الأولى صباحية وتذاع لتلاميذ المدارس، والأخرى مسائية للريفيين البالغين، وكانت آثار هذه البرامج إيجابية وسريعة.

5. كان تصميم فرنسا على اقتحام الفضاء منذ البداية وسيلة لإثبات تفوقها التقني ولتعزيز أمنها القومي، بعيداً عن سيطرة القوتين العظميين، وبالتالي لم تدخل برامج الفضاء على قدم واحدة، فبينما كانت تطور صواريخها ذاتياً دخلت في برامج مشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأخرى مع الاتحاد السوفيتي، وأصرت على جذب أوروبا معها في هذا المجال، ورغم العراقيل من قِبل بريطانيا والدول الأوروبية التي لم تكن تملك إرادتها السياسية في ذلك الوقت، إلا أنها كانت القوة الدافعة للبرنامج الأوروبي سياسياً ومادياً، حتى أصبح هذا البرنامج من أقوى البرامج الفضائية، لذلك تُعد نموذجاً لدراستها كنمط يمكن أن تنتهجه الدول العربية لبناء قدراتها الفضائية، مع العمل على دفع الدول العربية إلى الاشتراك في برنامج فضائي عربي على التوازي، ويعد البرنامج الأوروبي نمطاً يحتذى لبناء برنامج فضائي عربي.

رابعاً: تطور البرنامج الفضائي الإسرائيلي

بدأت إسرائيل نشاطها الفضائي بداية متواضعة في عام 1959، ثم ركزت هذا النشاط في أعقاب حرب عام 1967، حيث خصصت ميزانية صغيرة لغرض تطوير قمر صناعي إسرائيلي للاستطلاع، وتلقي البرنامج الإسرائيلي العلمي للفضاء دفعة قوية في عام 1974، حين عهد برئاسته للجنرال "حاييم بارليف"، وكان انعقاد المؤتمر السنوي للمنظمة الدولية لعلوم الفضاء إيذاناً باعتراف العالم بالتقدم الإسرائيلي في هذا المجال.

وأعلنت إسرائيل، في عام 1983، إنشاء وكالة الفضاء الإسرائيلية "إيسا ISA"، هيئة تابعة لوزارة البحث العلمي لتنسيق أنشطة البحث العلمي في الفضاء، وعُهد برئاستها إلى العالم الإسرائيلي "يوفال نيومان" Newman Yuval، ومنذ ذلك الحين وُلد برنامج القمر الصناعي "أفق"، الذي تخذ وسيلة لبناء قدرات إسرائيل في مختلف مجالات الفضاء، وتوج بإطلاق قمرين من الجيل الأول في عام 1988 وعام 1990، وقمر أفق-3 من الجيل الثاني في عام 1995، وتكلف هذا البرنامج نحو 150 مليون دولار.

وبدأت الوكالة نشاطًاً مكثفاً، حيث أنشئت، على الفور، لجان عدة متخصصة ذات مهام محددة، كان من بينها لجنة الملاحة الفضائية، ولجنة البنية التحتية، ولجنة التطبيقات المساعدة، ويتكون مجلس إدارة الوكالة من 23 عضواً من كبار المهندسين والعلماء وممثلي الوزارات المختلفة، كما تم إشراك عدد من الجامعات ومراكز البحوث في نشاط الوكالة، وتم توثيق روابطها بالوكالات المتخصصة للدول المتقدمة فضائياً، مثل وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، ووكالة الفضاء الأوروبية ESA، والمركز القومي الفرنسي لأبحاث الفضاء، ومركز أبحاث الفضاء بألمانيا، وأخيراً مع اليابان ووكالة الفضاء الروسية، والتي تم توقيع اتفاق معها في 1991.

ومن أهم المراكز التي يجرى فيها تطوير تقنيات الفضاء في إسرائيل معهد "آشر" لبحوث الفضاء التابع لمعهد (تخنيون) التقني Technion Institute Of Technology، وهو أشهر جامعة تقنية في إسرائيل، ومن أبرز الجامعات التقنية عالمياً، وتم إنشاء معهد بحوث الفضاء في عام 1986، لتزويد الصناعة الإسرائيلية بالخبرات العلمية والهندسية في مجالات علوم الفضاء المختلفة، والتي تشمل علوم ميكانيكا الفضاء، ونظم الدفع بالمركبات الفضائية، وقاذفات الإطلاق، وعلوم التحكم والتوجيه، والمواد وتصميم الهياكل الفضائية، ويضم المعهد عدد 25 أستاذاً وعضو هيئة تدريس و28 مهندساً وباحثاً متخصصاً تم اختيارهم من مختلف قطاعات الصناعة والجامعات، بالإضافة إلى أعداد أخرى من الفنيين والمساعدين.

وربما تتيح هذه المعلومة بالذات فرصة بين إمكانات إسرائيل وإمكانات الدول العربية في مجال الفضاء، فمن حيث العلماء المتخصصين لا يعانى العرب نقصاً في مختلف مجالات صناعة الفضاء، ففي الوطن العربي عدد من الأ ساتذة والعلماء في التخصصات السابق ذكرها، وهم لا يقلون عن نظرائهم في العالم إذا ما أتيحت لهم الإمكانات والمعامل والاحتكاك الدولي المستمر، كما أن هناك عدداً من العلماء والمهندسين الذين يعملون في شركات ومراكز أبحاث في الدول الفضائية المتقدمة، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، لكن يبقى أن وجود العلماء والخبراء لا يكفى وحده، بل لا بد من وجود المشروع القومي الذي يجمع الوطن العربي، ويكفل له الاستمرار والنجاح.

على أن إسرائيل لم تكتف بعلمائها المقيمين في إسرائيل، بل تُعقد برامج وثيقة للتعاون مع العلماء اليهود والصهاينة المقيمين في دول أخرى. وفى هذا الصدد استطاعت إسرائيل أن تستفيد من انهيار الاتحاد السوفيتي وخروج أعداد كبيرة من علماء الفضاء الذين انتقلوا إلى إسرائيل بالهجرة، وتم على الفور ضمهم واستيعابهم في برنامج الفضاء الإسرائيلي.

1. إمكانات إسرائيل الذاتية في مجال الأقمار الصناعية

تمتلك إسرائيل الأنواع الآتية من الأقمار الصناعية:

 أ. قمر الاتصالات (عاموس)

(1) أهم مواصفات وإمكانات قمر الاتصال الإسرائيلي (عاموس)

(أ) حيز التردد: 11/ 14 جيجا هرتز KU.

(ب) عدد القنوات القمرية: 6 قنوات، حيز كل قناة 72 ميجاهرتز.

(ج) إمكانية بث: من 3 : 4 قناة تليفزيونية.

(د) إمكانية استخدام محطات استقبال أرضية بهوائي قطره أقل من 1 م.

(هـ) ارتفاع مدار القمر: = 35.786 كم (مدار زمني)، وبالقمر (عاموس 2) تحدث التغطية الكاملة لمنطقة البحر المتوسط وإفريقيا.

(2) أنواع الهوائيات المستخدمة داخل القمر

(أ) هوائي ذا نموذج إشعاعي 1 درجة، لتغطية منطقة إسرائيل (مساحة التغطية لهذه الحالة 628 × 628 كم2)

(ب) هوائي ذا نموذج إشعاعي 25 درجة، لتغطية المنطقة العربية بالكامل. مساحة التغطية لهذه الحالة 15.124 × 15.124 كم)

(3) استخدامات القمر (عاموس)

بالإضافة إلى الاستخدامات المدنية لقمر الاتصال الإسرائيلي (عاموس)، سواء من خلال تحقيق الاتصالات الهاتفية أو من خلال البث التليفزيوني، فإنه يتوافر لإسرائيل إمكانية استخدام هذا القمر في تحقيق الاتصالات العسكرية الآتية:

(أ) استخدامه شبكة بديلة لشبكة المواصلات الإستراتيجية الإسرائيلية، بالإضافة إلى استخدامه امتداداً لهذه الشبكة.

(ب) تحقيق مواصلات واتصالات القيادة والسيطرة على القوات في مسرح العمليات، داخل إسرائيل أو خارجها.

(ج) إمكانية النقل الفوري لأرض المعركة تليفزيونياً، باستخدام محطات صغيرة الحجم وخفيفة الوزن، حيث يكون قطر الهوائي المستخدم أقل من 1 م.

(د) نقل المعلومات المتحصل عليها من أقمار التجسس الإسرائيلي (أفق) وغيرها إلى محطات الاستقبال الأرضية داخل إسرائيل في حالة عدم تواجد أقمار من سلسلة (أفق) في وضع ما فوق إسرائيل.

ب. سلسلة أقمار التجسس الإسرائيلية (أفق)

(1) أطلقت إسرائيل مجموعة من سلسلة أقمار التجسس أفق1، أفق2، أفق3، أفق 4.

(2) تتحرك هذه النوعية من الأقمار داخل مدارات بيضاوية منخفضة الارتفاع على أقرب نقطة من الأرض بمسافة 250 كم، أما النقطة العظمى لارتفاعه تبلغ 1150 كم من سطح الأرض.

(3) القمرين (أفق1، أفق2) كانا قمرين تجريبيين.

(4) القمر (أفق3) يمثل أول قمر تجسس إسرائيلي تم إطلاقه، ويحمل مستشعرات التصوير المرئي والحراري، ويصل مستوى دقته إلى 16 م.

(5) مدة القمر داخل مداره المحدد تتراوح بين ستة أشهر وسنة.

(6) دورة القمر حول الأرض تستغرق 95 دقيقة، وترسل المعلومات المتحصل عليها فورياً إلى الأرض.

(7) التحكم والسيطرة على القمر تتم من خلال وصلة نقل المعلومات التي تعمل على الحيز S1.

ج. أقمار الكشف عن مصادر الثروات الأرضية

(1) التعاون الإسرائيلي ـ الألماني لإطلاق قمر صناعي للاستشعار عن بعد، أطلق عليه اسم (ديفيد).

(2) وقعت المؤسسة الإسرائيلية IAI عقداً مع شركة C.S.T الأمريكية لتصنيع سلسلة من الأقمار عالية القدرة التحليلية وإطلاقها، حيث تقوم مؤسسة IAI بتصنيع القمر الجديد، وشركة C.S.T بتسويق الصور الفضائية، ويعتمد بناء القمر على تقنية المستشعرات المستخدمة في بناء القمر الإسرائيلي (أفق3)، ولكن بقدرة تحليلية إلى متران للصور الملتقطة (أبيض وأسود)، وكان مقرراً إطلاق القمر الصناعي الأول من تلك السلسلة في منتصف عام 1997، بواسطة الصاروخ الروسي (مولينا).

(3) مدارات مثل هذه النوعية من الأقمار تصل إلى ارتفاع من 800 – 900 كم، وهى غالباً ما تكون مسارات دائرية.

(4) يتمثل المستشعر المستخدم أساساً في جهاز المسح متعدد الطيف.

(5) لدى إسرائيل محطة استقبال القمر الصناعي (اسبوت) الذي يتميز بالآتي:

(أ) منطقة التغطية للصورة الواحدة: 60 – 80 كم.

(ب) درجة التمييز: تصل إلى 10 م.

2. التعاون الإستراتيجي الإسرائيلي مع الولايات المتحدة الأمريكية

يتيح التعاون الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية في مجال الأقمار الصناعية استفادة كبيرة لإسرائيل، من معلومات أقمار التجسس، وأقمار الإنذار المبكر، وأقمار الاستطلاع الإلكتروني.

أ. أقمار الإنذار المبكر

(1) تستخدم لاكتشاف الهجوم المفاجئ باستخدام الصواريخ البالستية.

(2) تعتمد في عملها على مستشعرات الأشعة تحت الحمراء وعلى تلسكوبات ذات قدرة تكبير عالية .

(3) تعمل على المسارات المتزامنة (ارتفاع 36 ألف كم من سطح الأرض).

(4) من أمثلتها قمر الإنذار المبكر الأمريكي D.S.P.

(5) يعد قمر الإنذار (FEW) من أحدث أقمار الإنذار المبكر القادرة على التحذير ضد الصواريخ البالستية الصغيرة مثل الصاروخ (سكود).

(6) استخدم هذا القمر للإنذار ضد الصواريخ (سكود) العراقية، وتحديد مكان الإطلاق في منطقة أقل من 6كم، وإعطاء المعلومات المتحصل عليها إلى بطارية الصواريخ باتريوت، خلال فترة زمنية لا تتعدى خمس دقائق، ومع التعاون الإستراتيجي الأمريكي ـ الإسرائيلي، الذي تم توقيعه في 28 أبريل 1996، فإنه يمكن لإسرائيل الحصول على معلومات الإنذار فورياً باستخدام محطة استقبال أرضية داخل إسرائيل، وبذلك تُختزل هذه الفترة الزمنية إلى دقيقتين فقط.

ب. استفادة إسرائيل من أقمار الاستطلاع الإلكترونية

(1) وضعت إسرائيل أقماراً استطلاع بغرض رسم خريطة إلكترونية لمسرح العمليات (مركز القيادة والسيطرة على مختلف المستويات، مواقع الرادارات ومواصفاتها، ومحطات التحكم وتوجيه الطائرات والمقذوفات)، وكذا متابعة كافة الأنشطة المختلفة للعدو من خلال التنصت على الشبكات اللاسلكية لمراكز القيادة والسيطرة على مختلف المستويات، والخروج بالمعلومات الفنية والتقنية.

(2) استخدم أنظمة استطلاع/ رادار لها القدرة على استطلاع الأنظمة الرادارية الحديثة المزودة بوسائل التأمين الإلكترونية.

(3) استخدام أجهزة استطلاع لاسلكي متطورة، تعمل داخل حيز الترددات العالية جداً وفوق العالية، وترددات الميكروويف التي لها القدرة على اكتشاف أنظمة الاتصالات الحديثة.

ج. الاستفادة من أقمار التجسس

على الرغم من امتلاك إسرائيل سلسلة أقمار التجسس (أفق)، إلا أنه يمكنها الاستفادة من أقمار التجسس الأمريكية في الآتي

(1) الحصول على صور ذات درجة تحليل عالية حوالي 30 سم.

(2) زيادة معدل التواجد فوق المناطق المراد تغطيتها، ذلك لأن من خصائص أقمار التجسس العمل على المدارات المنخفضة، مما يجعلها تتواجد فوق المنطقة المراد تغطيتها فترات قصيرة، ولزيادتها تُزاد هذه الأقمار).

3. إمكانية إسرائيل في مجال صواريخ الإطلاق

أ. تمتلك إسرائيل صواريخ إطلاق مركبات فضاء، وطورت صاروخ (أريحا أرض/ أرض) إلى الصاروخ (شافيت) لاستخدامه في إطلاق الأقمار الصناعية، خاصة أقمار الاتصالات، وتسعى لتأجيره لإطلاق أقمار للدول الأخرى، مثل قيامها بتصنيع وإطلاق قمر صناعي للاتصالات على غرار القمر (عاموس) لصالح المجر.

ب. تطور إسرائيل الصاروخ (Next) لزيادة حمولة الإطلاق وإمكانية وضع أقمار في مدارات أعلى من المدار القريب، والذي استخدم فيه الصاروخ (شافيت) للتنافس في سوق الإطلاق العالمي.

 خامساً: دور الأقمار الصناعية في حرب الخليج الثانية (تحرير الكويت)

يعدّ استخدام الأقمار الصناعية في حرب الخليج الثانية، المثال الواضح والرئيس في تاريخ الحروب الحديثة لتطبيق استخدام تقنية الفضاء في إدارة أعمال القتال، فقبل حرب الخليج الثانية وفى فترة الحرب الباردة، قبل انهيار الاتحاد السوفيتي (السابق)، كان الاستخدام العسكري للأقمار الصناعية في وقت السلم للإمداد بالمعلومات عن القدرات الإستراتيجية لدول العالم ولصالح الدول المالكة للأقمار الصناعية، ولأكثر من ثلاثة عقود اعتمدت الولايات المتحدة الأمريكية على صور الأقمار الصناعية للإمداد بالمعلومات عن القدرات الإستراتيجية السوفيتية، وكانت هذه الصور الأساس لرسم السياسة العسكرية الأمريكية وتنظيم وتدبير التسليح الأمريكي، وقد جاءت حرب الخليج الثانية لتحول الأقمار الصناعية للاستخدام العملياتي خلال الصراع المسلح.

وفرت النظم الفضائية مطالب الحرب الجوبرية من خلال المراقبة المستمرة واستطلاع القوات العراقية للإمداد بالمعلومات في الزمن الحقيقي Real Time، من خلال نظم الاتصالات بالأقمار الصناعية بما يسمح للقادة من توجيه الهجمات/ الضربات في التوقيت المناسب، علاوة على تنسيق القدرات النيرانية للمحافظة على المبادأة واستمرار أعمال القتال بنجاح.

1. استخدام أقمار الاستطلاع التصويري

أ. الأقمار الصناعية العسكرية التي استخدمت

كان للولايات المتحدة الأمريكية، في بداية أزمة الخليج الثانية، أربعة أقمار صناعية للاستطلاع التصويري، زادت، فيما بعد، إلى خمسة أقمار، وهو أكبر عدد من أقمار الاستطلاع التصويري تم استخدامه في توقيت واحد، وكانت هذه الأقمار كالآتي:

(1) ثلاثة أقمار صناعية من سلسلة (KH-11) ذات قدرة تحليلية ومتر واحد على الارتفاع العالي، ومساحة التصوير الكبيرة 2500 كم2، وتقل هذه القدرة لتصل 10 - 15 سم عند خفض ارتفاع القمر، وتكون مساحة التصوير في هذه الحالة 10 كم2.

(2) قمران صناعيان من سلسلة لاكروس (Lacrosse) للتصوير الراداري، الذي تقترب قدرته التحليلية من ومتر واحد.

الأقمار الصناعية (KH-11) تحقق 14.76 دورة/ يوم على ارتفاع 300 – 1000 كم، وتحقق المدار الأرضي نفسه (Ground Track) كل ثلاثة أيام، ويتم مرورها في مسرح العمليات مرتين يومياً.

ب. السيطرة على الأقمار في مداراتها

تمت السيطرة على حركة الأقمار بواسطة لجنة المطالب واستغلال الصور الجوية COMIREX، التي تسيطر وتتحكم في الأقمار على مدار الساعة، حيث يتم استقبال مطالب التصوير في مكتب العمليات وتتولى لجنة المطالب إبداء الرؤى بالموافقة أو عدم الموافقة على هذه المطالب.

وعند الموافقة على المطالب يتم تحديد القمر الذي سيتولى مهمة التصوير، وإرسال أمر المهمة بالتصوير إلى وحدة التحكم في Onizuka Air Station، التي تصدر الأوامر للقمر الصناعي يتحدد فيه أين ومتى يعمل، كما تقوم بتغيير مداره والتحكم في مساره، كذلك فإن محطة التحكم Onizuka Air Station مسؤولة عن استقبال المعلومات من الأقمار الصناعية وتوجيهها إلى مركز المعالجة.

وهناك عدة مسارات لمعلومات من الأقمار الصناعية

(1) من الأقمار إلى المحطة الأرضية للتحكم Onizuka Air Station عبر الأقمار الصناعية للاتصالات.

(2) من القمر إلى محطة الاستقبال في قاعدة بليفر من خلال القمر الصناعي لنقل البيانات (SDS).

تعالج الصور في المركز القومي لتفسير الصور الفضائية بالقوات الجوية، علاوة على وكالة المخابرات المركزية، ومن معالجة هذه الصور يتم الخروج بتقارير عن مسرح العمليات.

ج. برامج بث المعلومات

طورت الولايات المتحدة الأمريكية برامج لبث معلومات الاستخبارات الناتجة من جهات جمع المعلومات على المستوى القومي، بالإضافة لبرامج لمعالجة المعلومات الواردة من مختلف عناصر جمع المعلومات بتحليلها للاستفادة منها وإرسالها للمستفيدين على كافة المستويات وتتضمن هذه البرامج الآتي:

(1) برنامج الاستفادة التكتيكية من القدرات القويمة TENCAP

(أ) يهدف برنامج (TENCAP) إلى استفادة القادة على المستوى التكتيكي من صور الأقمار الصناعية في توقيت التقاطها نفسه، وقد بدأ هذا البرنامج في عام 1973، مع بدء برنامج القمر الصناعي (Lacrosse)، الذي يتميز بالقدرة على إرسال الصور الفضائية في الوقت الحقيقي.

(ب) يعد هذا البرنامج حجر الزاوية في نجاح المعركة الجوبرية، نظراً لإمكاناته في إرسال المعلومات عن الأنشطة المعادية والصديقة في مسرح العمليات في الوقت الحقيقي (Real Time).

(ج) يتولى كل فرع رئيس تخطيط هذا البرنامج وتنفيذه طبقاً لمتطلباته، ليحقق استفادة المستوى التكتيكي من جميع القدرات القومية في الحصول على المعلومات.

(2) برنامج TENCAP للقوات البرية

(أ) تدير هذا البرنامج هيئة الأركان للقوات البرية، ويراقب من مكتب برنامج القوات البرية للفضاء ARMY SPACE PROGRAM، ويهدف البرنامج إلى تطوير استقبال ومعالجة وبث المعلومات والصور التي يتم الحصول عليها من كافة الوسائل على جميع المستويات، ويتم من خلال المعالجة تحديد الوحدات المعادية وأنشطتها والأهداف التي تمثل تهديداً تكتيكياً/ تعبوياً للقوات الصديقة.

(ب) تم تطوير هذا البرنامج ليكون هدفه الرئيس توفير المعلومات لجميع المستويات الإستراتيجية ـ التعبوية ـ التكتيكية عن الأنساق الثانية والاحتياطيات المعادية، لتحديد مراكز الثقل لسرعة تدميرها في العمق، كما يحقق البرنامج مقارنة مستمرة للقوات للمحافظة على نسبة تفوق مقبولة خلال فترة العملية.

(ج) في برنامج ARMY SPACE، يستفاد من المعلومات التي تم الحصول عليها من جميع وسائل الاستشعار الإستراتيجية/ التعبوية/ التكنيكية، واستقبالها ومعالجتها ونشرها على جميع المستويات في التوقيت المناسب.

(3) برنامج TENCAP للقوات الجوية

(أ) يُدار هذا البرنامج في القوات الجوية الأمريكية بواسطة نائب أركان القوات الجوية للتخطيط والعمليات، ويهدف إلى الاستفادة من جميع الوسائل والقدرات الإستراتيجية والقومية المختلفة الحالية والمستقبلية في مجال جمع المعلومات ومعالجتها، للاستفادة منها في عملية اتخاذ القرار على المستوى التكتيكي.

(ب) يعتمد هذا البرنامج على نظم مواصلات لنقل المعلومات، بالإضافة إلى برامج حاسبات آلية لاستقبال تلك المعلومات ومعالجتها لمساعدة المخطط/ القائد في مراحل التخطيط واتخاذ القرار، وقد تطلب هذا البرنامج تطوير القوات الجوية في العديد من المجالات ومنها الآتي:

·   نظم المواصلات.

·   برامج ونظم الحاسبات الآلية لحفظ البيانات ومعالجتها.

·   خطوات العمل لتتماشى وأساليبه مع السرعة الهائلة في تدفق المعلومات.

د. التطبيقات العملياتية للصور الفضائية

(1) مرحلة التحضيرات العراقية لغزو الكويت

(أ) لاحظت المخابرات الأمريكية، في شهر مارس 1990، من خلال الصور الجوية وجود ستة صواريخ سكود في قاعدة عراقية على الحدود مع الأردن، وتقع إسرائيل في مدى هذه الصواريخ، وكان تقديرها أن هذه الصواريخ موجهة ضد إسرائيل إذا حاولت التعرض لقدرات العراق النووية أو الكيميائية.

(ب) في الفترة 17 – 22 يوليه 1990، لاحظت المخابرات المركزية الأمريكية من خلال الصور الجوية وجود بعض الفرق العراقية تتجه نحو الكويت، وفى 23 يوليه تأكد وصول 30 ألف جندي عراقي إلى حدود الكويت.

(ج) أكد تقرير المخابرات الأمريكية أن العراق سيستخدم القوة ضد الكويت، وتأكد ذلك ليلة 27 يوليه، بصور القمر الصناعي (KH-11) التي توضح أن العراق يكدس كميات من الأسلحة والوقود والمياه في منطقة الحدود مع الكويت.

(د) قبل الغزو بوقت قصير جداً لاحظت المخابرات الأمريكية، ومن خلال صور القمر الصناعي (KH-11)، أن أعداد القوات العراقية قد زادت إلى 100 ألف مقاتل، كما أن العراق لم يعمل على إخفاء هذه التحركات، وكان تقدير المخابرات أن هذا التصرف للضغط على الكويت في المساعي السياسية، وأنه في حالة فشل جهود الوساطة سيتم التدخل عسكرياً.

(هـ) قدم مدير المخابرات المركزية الأمريكية، صباح أول أغسطس 1990، تقريراً للبيت الأبيض مدعماً بالصور الفضائية يؤكد فيه بنسبة 70%، أن العراق سيغزو الكويت خلال أربعة وعشرين ساعة، وفى الساعة الثالثة بعد الظهر، أفاد بتقرير آخر مدعم بالصور الفضائية أن الغزو سيتم بنسبة 90% خلال 12 ساعة.

(2) مرحلة ما بعد الغزو العراقي للكويت

(أ) في 3 أغسطس، أفادت صور الأقمار الصناعية بأن هناك فرقاً عراقية في اتجاهها نحو الحدود السعودية.

(ب) في الأسبوع الثالث من أغسطس، أفادت صور الأقمار الصناعية عن تحرك قوات عراقية جديدة إلى الحدود السعودية وأخرى نحو الكويت، كما أفادت الصور الفضائية عن بدء الحفر والتجهيز الهندسي، ولكن تلاحظ أن شكل التجهيز الهندسي يختلف عما كان عليه إبان الحرب العراقية ـ الإيرانية، كما أفادت مصادر المخابرات الأخرى بأن قوات الحرس الجمهوري التي غزت الكويت قد تم تغييرها بقوات أخرى، كما سُحب عدد 4 - 5 من فرق الحرس الجمهوري من الحدود السعودية إلى بغداد.

(ج) استطاعت القوات الأمريكية في السعودية، بنهاية شهر أغسطس 1990، وباستخدام قدراتها الفضائية تحقيق زمن إنذار يصل إلى 24 ساعة، من خلال المراقبة المستمرة لحركة الإمداد ومراقبة القوات العراقية في الكويت، التي قدرت في ذلك الوقت بعدد 120 ألف مقاتل.

(د) في منتصف نوفمبر 1990، ومن خلال صور الأقمار الصناعية تلاحظ زيادة انتشار القوات العراقية على يناء مركزين للقيادة تحت الأرض حول مدينة الكويت، كما اكتشفت زيادة الأنشطة التدريبية العراقية على إطلاق الصواريخ البالستية أرض/ أرض، بالإضافة لرصد زيادة في أعداد القوات العراقية في منطقة الكويت.

2. أقمار الأرصاد الجوية

أ. استخدم قمران صناعيان عسكريان للأرصاد الجوية DMSP في حرب الخليج الثانية، علاوة على استخدام الأقمار الصناعية المدنية للأرصاد الجوية، وتمت السيطرة على الأقمار الصناعية العسكرية من مركز عمليات الفضاء (بكولورادو).

ب. استخدمت القوات الجوية والبحرية وحدات استقبال معلومات الأرصاد الجوية من الأقمار العسكرية، ونظراً لصعوبة استخدام تلك الوحدات مع القوات البرية، فقد اعتمدت على وحدات استقبال تعمل مع الأقمار الصناعية العسكرية والمدنية.

ج. تم التخطيط وتنفيذ إرسال تقارير بيانات الأرصاد الجوية كل ساعة لوحدات الحرب الكيميائي، لتقدير إمكانية استخدام القوات العراقية للأسلحة الكيميائية، وتتضمن هذه البيانات اتجاه الرياح وشدتها، ومدى استقرار الأحوال الجوية، كما يتم تحديث بيانات الأرصاد الجوية للحاسبات الآلية لنظم الصواريخ (باترويت) كل ساعة.

د. بالرغم من استخدام الأقمار الصناعية للأرصاد الجوية في حرب الخليج الثانية، إلا أنه يمكن ملاحظة أن التنبؤات الجوية كانت غير موفقة بالشكل الملائم.

3. استخدام الأقمار الصناعية في إنتاج الخرائط

بدأت حرب الخليج الثانية بنقص شديد في خرائط منطقة الخليج العربي، وكانت الخرائط العسكرية في حـدود 50 – 60 إصدار من الخرائط الفقيرة في معلوماتها، علاوة على عدم دقتها، لذلك فقد قامت قوات الحلفاء بإنتاج خرائط جديدة باستخدام الصور الفضائية من الأقمار والتي يمكن إيجاز برامجها كالآتي:

أ. برنامج الأقمار الصناعية (لاند سات) Land sat

أطلق القمر الصناعي (لاند سات) لأول مرة عام 1971، وكان للاستخدام العسكري، ولكنه بدءاً من عام 1985، أصبح يُسوق تجارياً. ويوفر القمر (لاند سات) صوراً رقمية يمكن عرضها والتعامل معها على الحاسبات الآلية بواسطة برامج خاصة، وقد طور القمر Land Sat ليعمل في حيز الطيف الكهرومغناطيسي 0.42 – 35,2 ميكرومتر، بإمكانية التصوير في جميع الأوقات نهاراً وليلاً وفى جميع الظروف الجوية.

ب. برنامج الأقمار الصناعية SPOT

(أ) تم تصميم القمر (SPOT) بواسطة مركز الدرا سات الفضائية الفرنسي (CENS)، وأنتج القمر بالتعاون مع السويد وبلجيكا، وأطلق عام 1986، ليعمل في مدار متزامن على ارتفاع 825 كم، ويعمل بمستشعرات متعددة الأطياف، وتصل القدرة التحليلية للأقمار (SPOT-3) إلى عشرة أمتار، وقـد تم التطوير في (SPOT-4) و(SPOT-5) لتصل القدرة التحليلية لصوره إلى خمسة أمتار، ويتم البث المباشر للصور إلى المحطات الأرضية.

(ب) تولت وكالة خرائط الدفاع (DAM) إمداد القوات بإجمالي 35 مليون خريطة في 4500 إصدار لمسرح العمليات، وهذه الخرائط أنتجت بعد الثاني من أغسطس 1990، وباستخدام الحاسبات الآلية تم تحويل صور الأقمار الصناعية التجارية إلى خرائط أحادية اللون وخرائط ملونة.

(ج) تولت وكالة خرائط الدفاع (DAM) دراسة الصور الفضائية للتحديد الدقيق لإحداثيات الأهداف العراقية، بهدف تدقيق برمجة أنظمة توجيه الصواريخ، واستخدمت الخرائط الرقمية باستخدام صور الأقمار الصناعية لبرمجة الصواريخ توماهوك.

(د) نتيجة لدقة الخرائط المنتجة بواسطة صور الأقمار الصناعية، أمكن التعرف على نوعية التربة وبدراستها أمكن التعرف على أماكن انتشار الصواريخ ارض/ ارض سكود، علاوة تحديد أنسب الأماكن لإعادة انتشارها.

4. الأقمار الصناعية لتحديد المواقع

استخدم نظام تحديد المواقع بالأقمار الصناعية (GPS) في حرب الخليج الثانية، الذي كان يتكون، وقتها، من 21 قمراً صناعياً من سلسلة NAVA STAR، منها 18 قمراً صناعياً في العمل بالإضافة إلى ثلاثة أقمار احتياطية، وقد وصل عددها إلى 24 قمراً، وثلاثة أقمار احتياطية.

5. استخدام الأقمار الصناعية للاستطلاع الإلكتروني

أ. استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية نوعين من نظم أقمار الاستطلاع الإلكتروني (راداري/ لاسلكي) كالآتي:

(1) استخدمت الأقمار الصناعية للاستطلاع الإلكتروني من طراز (ماجنوم وكالت) (Magnum & Chalet) في المدار العالي المتزامن.

(2) نظم الأقمار الصناعية للاستطلاع الإلكتروني في المدارات المنخفضة.

ب. تطبيقات استخدام أقمار الاستطلاع الإلكتروني

(1) التقطت أقمار الاستطلاع الإلكتروني الشعاع الناتج عن محطة الرادار (Tall King)، في 29 يوليه 1990، وتم تحديد موقعه على الحدود العراقية ـ الأردنية (مدى الرادار 350 كم)، وقد آثار وجود هذا الرادار علامات استفهام لدى المحللين نظراً لكونه خارج الخدمة لعدة شهور قبل الغزو.

(2) تم توجيه جهود الاستطلاع والمتضمنة أقمار الاستطلاع الإلكتروني (راداري/ لاسلكي) بدءاً من منتصف أغسطس 1990، لتوفير الإنذار عن أي هجوم عراقي بالاستطلاع الإلكتروني المستمر للآتي:

(أ) قوات الدفاع الجوى.

(ب) القواعد الجوية والمطارات والطائرات.

(ج) الصواريخ المتوسطة المدى.

(د) مراكز القيادة والسيطرة والاتصالات العسكرية.

(هـ) وسائل إطلاق الأسلحة الكيميائية والنووية.

(3) استخدمت أقمار الاستطلاع الإلكتروني بالإضافة إلى صور الأقمار الصناعية في تحليل نتائج الحملة الجوية، حيث تظهر الصور حجم التدمير، ومن خلال أقمار الاستطلاع الإلكتروني يتأكد هذا التدمير، علاوة على اكتشاف استعادة نشاط الأهداف التي تم تدميرها.

(4) كان للاستطلاع الإلكتروني دور مهم في الهجوم على القيادات العراقية بما فيها الرئيس العراقي، من خلال رصد المحادثات والمؤتمرات التي يتم عقدها باستخدام إمكانات الاستطلاع اللاسلكي.

(5) استخدمت الأقمار الصناعية للاستطلاع الإلكتروني، بالإضافة لوسائل الاستطلاع الإلكتروني المحمولة جواً، حيث يعاد بث الإشارات (اللاسلكية/ الرادارية) في نفس التوقيت لمراكز جمع المعلومات باستخدام الأقمار الصناعية للاتصالات.

6. استخدام الأقمار الصناعية للاتصالات

ب. استخدمت شبكة نقل البيانات بالأقمار الصناعية (SDS) التي تتكون من قمرين صناعيين في مدار بيضاوي، لنقل صور الأقمار الصناعية من القمر الصناعي (KH-11) لمحطات المعالجة في الولايات المتحدة الأمريكية.

ج. حققت الأقمار الصناعية للاتصالات العسكرية الاتصال المستمر، بقيادة رئاسة القيادة المركزية CENTCOM Head QUARTER في الولايات المتحدة القيادة الأمريكية، والقيادة المركزية بالمملكة العربية السعودية، علاوة على توفير الاتصال بين القوات البرية في مسرح العمليات.

7. أقمار الإنذار المبكر في حرب الخليج

أجرت قيادة الفضاء الأمريكية US Space Command، مناورة لقمرين من هذه الشبكة، ووضعتهما في مكان مناسب لمراقبة الأراضي العراقية، وتوفير إنذار مبكر لوحدات "الباتريوت" وباقي القوات في مسرح العمليات، من صواريخ "سكود". واستطاعت المنظومة بذلك أن توفر وقتاً قدره 90 – 120 ثانية، وهي فترة تكفي فقط لكي يرتدي الأفراد الأقنعة الواقية. وعلق المسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية على ذلك بقولهم: "إن هذا الزمن كافٍ لإنقاذ حياة أعداد كبيرة من العسكريين والمدنيين، لو أطلق العراق صواريخ تحمل رؤوساً كيماوية أو بيولوجية".

ولكنه زمن لم يكن كافياً لوحدات صواريخ "الباتريوت" حتى تقوم بالبحث عن الصواريخ المعادية واكتشافها وتتبعها، وتنفيذ كافة الإجراءات اللازمة لإطلاق صواريخ "باتريوت" وتوجيهها، لاعتراض صواريخ "سكود".

ويرجع السبب في ذلك إلى أن منظومة DSP، صُممت أساساً لتوفير إنذار مبكر من الصواريخ الإستراتيجية، وليس التكتيكية. وهناك فروق أساسية بين هذه وتلك، تؤثر، بوضوح، في مرحلة الكشف، ومرحلة تقدير الموقف ووصول الإنذار.

وتتلخص هذه الفروق في أن زمن احتراق وقود الصواريخ التكتيكية، يراوح بين 55 و80 ثانية. وهذا هو الزمن الذي يمكن فيه لأجهزة الاستشعار الحرارية في القمر، أن ترى الصاروخ، بينما يحترق وقود الصواريخ الإستراتيجية في فترة تبلغ أربعة أضعاف هذه المدة. كذلك، فإن زمن طيران الصواريخ عابرة القارات، يراوح بين 30 و35 دقيقة، وبذا، يتيسر وقت كافٍ للإنذار. أما صواريخ "سكود"، فإن متوسط زمن طيرانها، هو ست دقائق، يضيع أغلبها في عمليات الكشف وتقدير الموقف وإرسال الإنذار، طبقاً للتسلسل الذي جرى أثناء الحرب.

8. تسلسل عملية الاكتشاف والإنذار، أثناء حرب الخليج

يعمل تلسكوب قمر الإنذار بأسلوب المسح Scanning. وتتم عملية المسح بمعدل دورة واحدة كل عشر ثوانٍ. وفي كل دورة، يقوم بالبحث في دائرة كبيرة، من بدايتها إلى نهايتها. فإذا انطلق صاروخ في اللحظة التي يترك فيها التلسكوب منطقة الإطلاق، فإن القمر لن يكتشف هذا الصاروخ، إلا بعد عشر ثوانٍ من انطلاقه. ويحتاج القمـر إلـى 4 – 5 لفات، أي حوالي 40 – 50 ثانية، لاكتشاف عملية الإطلاق وتأكيدها، وتحديد مسار الصاروخ. ثم يرسل صورة اللهب، على الفور، إلى المحطة الأرضية التابعة لقيادة الفضاء، الموجودة في أستراليا. وهناك، كان على الطاقم أن يراقب الصاروخ على شاشات تليفزيونية، للتأكد من أنه صاروخ سكود فعلاً، وليس أي ظاهرة أخرى.

وفي الوقت نفسه، تُرسل المعلومات بواسطة أقمار الاتصالات، إلى مركز الإنذار في "كولورادو سبرنجز" Colorado Springs. وكانت الأطقم في كلا المركزين ـ بمساعدة الحواسب الإلكترونية ـ تتولى مقارنة البيانات الواردة، بالمعلومات المخزونة في "مكتبة التهديدات"، ثم تُحدد المنطقة التي يتجه إليها الصاروخ. ويحدث التسلسل نفسه، إذا أُطلق أكثر من صاروخ. وبذا، تمر دقيقتان، يكون فيهما صاروخ "سكود" قد اقترب من مسرح العمليات. ثم تبدأ المرحلة الثانية، وهي تبليغ معلومة الإنذار بالتسلسل العملياتي، إلى أن تُستقبل في مراكز عمليات "الباتريوت"، وخلال هذه الفترة يكون صاروخ "سكود" فوق مسرح العمليات بالفعل، وعلى مسافة 90 – 120 ثانية من هدفه.

والخلاصة، أن هذه المنظومة، لم تنجح في توفير الإنذار الكافي لوحدات "الباتريوت" أثناء حرب الخليج، مع أنها استطاعت اكتشاف 166 عملية إطلاق صواريخ، أثناء الحرب العراقية ـ الإيرانية، من إجمالي 190 صاروخاً أطلقها العراق، آنذاك. وكان هذا حافزاً لوزارة الدفاع لأمريكية، كي تركز اهتمامها على تطوير منظومة الإنذار بالصواريخ البالستية التكتيكية.