إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الأقمار الصناعية (أقمار الاستشعار عن بُعد)




ملئ خزانات الوقود
ألواح الخلايا الشمسية
منصة إطلاق صاروخ
إحدى غرف تمثيل الفراغ
هيكل مركبة فضائية
مراقبة الأنهار والبحيرات
مستشعرات كهروبصرية
نقل القمر الصناعي
المحطة الأرضية للتحكم
التغيرات الجوية للكواكب
القمر لاندسات
القمر الإسرائيلي عاموس
القمر الروسي GLONASS
القمر تايكوم
القمر عربسات - 2
اختبار منظومة الاتصالات
اختبارات الهوائيات
تمييز أنواع الطائرات
تجميع أقمار الاتصالات
حركة السحب
صورة كهروبصرية ذات قدرة تحليل
صورة عالية القدرة التحليلية
صورة فضائية بمستشعرات طيفية
صاروخ إطلاق الأقمار الصناعية
صاروخ الفضاء كوزموس
عمل خرائط للمنطقة
غرفة تمثيل الفراغ
غرفة تمثيل فراغ جانبية
غرفة قياس ضغط
قمر الإنذار المبكر DSP
قمر الاتصالات DSCS
قمر الاستشعار الصيني DFH
قمر الاستشعار Spot
قمر صناعي للاستطلاع
قمر ذو مستشعر راداري

مجموعة صواريخ الإطلاق
مدار متزامن مع الشمس
مدار غير متزامن
مدار قمر صناعي متزامن
أحد مواقع الإطلاق
مخطط لمركز تحكم
إعداد الخرائط
الهيكل التنظيمي لقمر صناعي
الدراسات الإرشادية
ارتفاع وانخفاض سطح الأرض
تحديد خطوط التصدعات
تصنيف التربة وتراكيبها
تغطية كاملة للمملكة
خرائط أساس الأعمال
قواعد إطلاق الصواريخ
قاعدة بيانات جغرافية للبيئة
قاعدة بيانات جغرافية لجدة
قاعدة بيانات جغرافية ساحلية




المبحث الاول

المبحث الأول

خلفية تاريخية عن تطور تكنولوجيا الفضاء وتطبيقاته المختلفة

بدأ التطلع لغزو الفضاء نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث بدأت محاولات لإطلاق صواريخ تحمل معدات لأغراض مختلفة، كاختبار لإمكانية دفع أجسام ومعدات خارج الغلاف الجوى، استغلالاً للنجاح في إنتاج صواريخ بالستية بمدايات تعدت 200 كم. وفي هذه الفترة تم تطوير هذه الصواريخ وأحمالها لوضع أجسام في الفضاء. وانتهت هذه المرحلة بنجاح إطلاق أول الأقمار الروسية، عام 1957، ثم تلى هذا النجاح عدة مراحل اتسمت أولاها بصراع القوتين العظمى للسيطرة على الفضاء، والسبق في استغلاله من زاوية عسكرية، في بادئ الأمر.

وقد تحولت هذه المراحل في نهايتها إلى صناعة تجارية عالمية متعددة، تتنافس فيها عدد من الدول الكبرى والشركات المنتجة للأقمار الصناعية، والتي تمتلك وسائل الإطلاق العملاقة، وتأسست لها شركات تجارية في أنحاء العالم، وبذلك أصبح الفضاء أحد مجالات التنافس الرئيسية، من الجهتين العسكرية والمدنية.

وخلال عقود الحرب الباردة استطاعت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي (السابق)، تحقيق انجازات ضخمة في مجال غزو الفضاء واستغلاله في التطبيقات المختلفة، استهدفت تطوير تقنيات الفضاء والتعامل مع المشكلات التي يواجهها اقتحام الغلاف الجوى، مثل المركبات (فوستوك ـ ميركوري). وكان مجملها يهدف إلى اكتشاف أبعاد الفضاء الخارجي، وطبيعة النظام الشمسى وما يحيط به، إضافة إلى بعض التطلعات، مثل اكتشاف كوكبي المريخ والزهرة.

غير أن تغير الاتجاهات العالمية لاستخدام الفضاء، وارتفاع تكلفة برامجه، أدى إلى إعادة النظر في ضرورة الاستفادة الاقتصادية منها، مع بروز اتجاهات عدد من الدول، منها أوروبا، والصين، واليابان، والهند، لامتلاك قدرات في مجال الفضاء، وهو ما أدى إلى شدة التنافس في مجال الاستغلال التجاري للفضاء، والتركيز على الشق الاستثماري له كأسلوب لتوفير جزء من نفقاته، مع استمرار الاستفادة من الشق العسكري. وقد أدى ذلك بدوره إلى تعدد تقنيات الفضاء وعائدها المتميز لصالح الإنسان والتنمية ورفع مستويات المعيشة، ومن هذه التقنيات الاستشعار عن بُعد، والاتصالات، والملاحة، والأرصاد الجوية. وقد استطاعت الدول بأنشطتها المختلفة أن تطوع هذه التقنيات لصالح خدمة شعوبها واقتصادها، إضافة إلى اتجاه بعض الدول لتسويق هذه التقنيات.

نشأت علوم الفضاء الحديثة مع تطلع العلماء إلى التحليق بمركبات الفضاء خارج نطاق الجاذبية الأرضية، لاستكمال اكتشاف أسرار الكون والأجرام السماوية. وجاءت تكنولوجيا الفضاء محصلة لمجمل ما توصلت إليه العقول البشرية من نظريات في مجال العلوم التطبيقية، سواء في الفيزياء أو الكيمياء أو الهندسة. وتلاحمت تلك العلوم المختلفة لتحقيق أولى الأحلام في دوران مركبة فضاء حول الأرض، والاتصال بها خلال طيرانها في مدار محدد خارج نطاق الجاذبية الأرضية.

أولاً: السباق الأمريكي ـ الروسي في مجال الفضاء

1. تطور برنامج الفضاء الروسي

بدأت أولى الأنشطة الروسية في مجال الفضاء في الحرب العالمية الثانية، حيث كان التنافس واضحاً بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي (السابق) للسيطرة على الفضاء. وكانت بداية الانطلاق للفضاء على أيدي علماء الاتحاد السوفيتي، حين أطلقوا أول قمر صناعي، في 4 أكتوبر 1957، واسموه (Sputnik-1). وكان القمر على شكل مركبة مصنعة من رقائق الألمنيوم، لم يتعدَّ قطرها 58 سم، وإجمالـي وزنهـا 84 كجم، وقد أطلقت بغرض القياسات العلمية لأجواء طبقات الغلاف الجوى وما فيه من أجسام كونية.

وتوالت نجاحات الاتحاد السوفيتي بعد ذلك، حيث أطلق في العام نفسه 1957، القمر (Sputnik-2) لاختبار تأثيرات الفضاء على وجود عنصر حيوي أو كائن حي في القمر أثناء اختراق الفضاء الخارجي. وقد أعدت (الكلبة لايكا) لهذه المهمة، تمهيداً لوضع أول إنسان في الفضاء، فضلاً عن إجراء القياسات اللازمة لتامين حركة ودورة الجسم الطبيعية في الفضاء. وفى 15 مايو 1958، أُطلق القمر الثالث من سلسلة (Sputnik)، وكان يزن 1.3 طن، وهو مخروطي الشكل، وبلغت حمولته 968 كجم من المستشعرات، بغرض دراسة الأشعة الصادرة من الشمس.

وخلال فترة الستينيات، بدأت روسيا برنامج أقمار مراقبة المحيطات، حيث أنتجت ما يزيد عن 15 قمراً للعمل على ارتفاع من 405 – 420 كم. وفى بداية السبعينيات، بدا برنامج أقمار الاستطلاع والإنذار المبكر الروسى (EARLY WARNING)، وتضمن البرنامج إطلاق عدد تسعة أقمار، تعمل في تسعة مدارات مختلفة، وعلى ارتفاعات تراوح ما بين 600 كم إلى 40 ألف كم.

وشهد عام 1975، بداية انطلاق سلسلة أقمار الاستطلاع الإلكتروني Electronic\ Intelligence (ELINT)، والتي عُرفت فيما بعد باسم (Teslina)، وهى تتكون من ستة أقمار، وقد أُطلقت على ارتفاعات من 635 – 665كم. وكانت فترة الثمانينيات بداية استخدام أقمار الاتصالات مولينيا، التي تكونت من ثمانية أقمار تعمل في ثمانية مدارات، بفاصل 45 درجة، وبارتفاع يراوح ما بين 600 كم و40 ألف كم. إضافة إلى بدء برنامج أقمار الاتصالات للعمل على الارتفاعات المنخفضة، الذي تضمن تنفيذه عدة مشروعات في هذا المجال، وبلغ عدد أقماره 39 قمراً، كانت تعمل على ارتفاعات مختلفة من 795 – 815 كم, ومن 1350 - 1550 كم, ومن 1385 - 1415 كم.

وكانت بداية برنامج أقمار الملاحة (GLONASS) خلال الثمانينيات، والتي استمر العمل فيها حتى اكتمال المنظومة، عام 1995، وذلك بوجود عدد 24 قمراً في الفضاء، وفي الوقت نفسه سبقها إطلاق عدد 71 قمراً من النوع نفسه، تضمنت محاولات إطلاق فاشلة، وعدة أقمار انتهى عمرها الافتراضي. وكان الهدف الأساسى من هذه المنظومة هو خدمة الملاحة البحرية والجوية بدقة حتى 100 م، وأمكن الوصول إلى درجة دقة بلغت 2 - 10 م باستخدام تشفير خاص أُطلق عليه (Pcode).

2. تطور برنامج الفضاء الأمريكي

بدأ البرنامج الأمريكي كرد فعل على نجاح الاتحاد السوفيتي في السبق لغزو الفضاء الخارجي، حيث أصدر الرئيس الأمريكي "أيزنهاور"، في 7 نوفمبر 1957، قرار إنشاء لجنة علمية تابعة للرئيس، لوضع إستراتيجيات الولايات المتحدة الأمريكية ودورها في هذا المجال. وخلال فترة قصيرة، استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية في 17 مارس 1958، إطلاق قمرها الأول (فانجارد ـ 1)، وكان قطره 16 سم ووزنه 1.5 كجم، واقتصر الاختبار في هذه العملية على التأكد من إتمام عملية الإطلاق، ومتابعة الاتصال المستمر مع المحطة الأرضية.

وفى نهاية الخمسينيات، بدأ إطلاق سلسلة أقمار التجارب العلمية (Explorer). وقد أطلق أول أقمارها عام 1958، واستمرت الولايات المتحدة الأمريكية في إطلاق أقمار هذه السلسلة حتى عام 1992، وقد بلغ عدد أقمارها خلال هذه الفترة 71 قمراًَ.

وشهدت فترة الستينيات بداية برنامج الأقمار الاصطناعية Applications Technology Satellites (ATS)، وتضمن البرنامج تصنيع ستة أقمار هي (ATS-1, 2, 3, 4, 5, 6)، وكانت تهدف إلى إجراء الاختبارات في مجال الاتصالات والطقس والملاحة، وقد أُطلق أول هذه الأقمار عام 1966، واستمر في العمل لمدة 18 عاماً، وأُطلق القمر الأخير من هذه السلسة عام 1974. وقد تنوعت مدارات هذه الأقمار بين المدارات المنخفضة والمتوسطة والمدار الأرضي الثابت.

وخلال السبعينيات، بدأت سلسلة أقمار الاتصالات العسكرية التابعة للجيش الأمريكي Defence Satellite Communications Satellite (DSCS)، وظهر منها عدة أجيال مثل (DSCS-2)، الذي أُطلق عام 1973، واستمر في العمل لمدة 15 عاماً، وهى تمثل ثلاثة أضعاف عمره الافتراضي، ثم تلى ذلك الجيل الجديد من هذه الأقمار وهو (DSCS-3)، الذي أُطلق في فبراير 1992.

وفى فترة الثمانينيات، شهدت الولايات المتحدة الأمريكية إطلاق أقمار الجيل الثالث من أقمار الإنذار المبكر الأمريكية Defence Support Program (DSP)، بدءاً من مارس 1989. وسبق ذلك إطلاق أقمار الجيل الثانى من السلسلة نفسها، خلال الفترة من عام 1976 وحتى عام 1987، إضافة إلى أقمار الجيل الأول، التي أُطلقت في الفترة من عام 1970 وحتى 1975.

وفى نوفمبر 1990، بدا إطلاق أول أقمار الملاحة من سلسلة Global Positioning Satellite (GPS)، التي تتكون من عدد 21 قمراً، تعمل في عدة مدارات في الوقت ذاته، إضافة إلى ثلاثة أقمار احتياطية. وقد اكتملت المنظومة عام 1994، وتحتوي على قناة مدنية ذات دقة تصل إلى 100 م، وقناة عسكرية بدقة تصل إلى 16 م.

ثانياً: أنشطة الدول الأخرى لدخول عصر الفضاء

1. فرنسا

بدأت أولى مراحل برنامج الفضاء الفرنسي، في 26 نوفمبر 1965، حيث أُطلق القمر الاصطناعي (A1) من طريق مركبة الإطلاق (Diamant-A)، والذي أدى إلى تصنيف فرنسا كثالث دولة كبرى في مجال الفضاء، بعد الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي. وقد أنشأت الحكومة الفرنسية وكالة الفضاء الفرنسية (CNES)، في 19 ديسمبر 1961، لتشكل نواة برنامج الفضاء الفرنسي.

وفى فترة السبعينيات، استكملت وكالة الفضاء الفرنسية آمالها في مجال البحث والتطوير لعلوم الفضاء اللازمة لإنشاء قاعدة علمية في هذا المجال، فضلاً عن بناء الكوادر والخبرات لاستكمال الفضاء الفرنسي، ثم اتجهت وكالة الفضاء الفرنسى (CNES) لتركيز جهودها في الاتجاهين التاليين:

أ. العمل في مجال تكنولوجيا صواريخ الإطلاق.

ب. استكمال الخبرات اللازمة لنقل تكنولوجيا تصنيع الأقمار الصناعية.

في عام 1991، أُطلق القمر الصناعي (SPOT) وهو يُعد أولى المحاولات الناجحة في تاريخ وكالة الفضاء الفرنسية Centre National d’Etudes Spatiales (CNES). تلى ذلك أعمال البحث والتطوير في نظم الفضاء والدخول في مجال الاستطلاع والاتصالات، إلى أن دخلت الوكالة الفرنسية عصر تجارب واستكشاف الفضاء والدراسات الخاصة بعلوم الكون وخصائصه.

وقد وصلت فرنسا لمستوى متقدم في مجال تكنولوجيا الفضاء، حيث نجحت في تصنيع العديد من أنواع الأقمار ذات التطبيقات المختلفة، مثل الاتصالات، والاستشعار عن بُعد، ودراسة طبيعة الكون، وهى الأقمار (Meteosat, Spot, Telecom) على التوالي.

2. اليابان

بدأ برنامج الفضاء الياباني، في أوائل السبعينيات، من خلال تشكيل مجموعة من مراكز الأبحاث المتخصصة. وقد تأسست وكالة الفضاء اليابانية National Space Development Agency (of Japan) (NASDA)، في ذلك العام لوضع تصور مرحلي لبرنامج فضاء منافس. وقد تركزت الجهود في بادئ الأمر على تطوير تكنولوجيا صواريخ الإطلاق، والتخطيط لإطلاق عدد 24 قمراً خلال الفترة من عام 1975 – 1999، لتشمل أقمار تجارب علمية، وأقمار اتصالات، وأقمار استشعار عن بُعد، وأقمار أرصاد جوية... الخ.

وقد أطلقت اليابان قمرها الأول Japanese Earth Resources Satellite (JERS-1) للاستشعار عن بُعد، في فبراير 1992، وبلغت قدرته التحليلية 18 م. وتسارعت الجهود اليابانية لبرنامجها الفضائي، حيث شاركت في إنتاج بعض النظم للمحطات الفضائية، بالتعاون مع كل من وكالة الفضاء الأوروبية والأمريكية. تلى ذلك إطلاق القمر Advanced Earth Observation Satellite (ADEOS)، الذي تصل قدرته التحليلية إلى 8 م.

3. الهند

بدأت الهند برنامجها الفضائي، عام 1962، بإنشاء محطة أرضية لمراقبة وتتبع الأقمار الاصطناعية، وأنشأت المعهد القومى لأبحاث الفضاء. وبدأت جهود مكثفة لتجميع وإطلاق أول صاروخ فضاء هندي، عام 1963، وهو يماثل الصاروخ الأمريكي (Apache).

وفى بداية السبعينيات، تشكلت لجنة إدارة الفضاء لدفع برنامج الفضاء وتطبيقاته في مجال الاتصالات، والبحث عن الثروات الطبيعية، ومراقبة وكشف الأهداف المختلفة، إضافة إلى إنشاء قاعدة لإطلاق الصواريخ، ثم إنشاء مركز التطبيقات الفضائية لتطوير تقنية ومعدات الاستشعار عن بُعد، ومعدات الاتصال.

ونجحت الهند، في بداية عام 1970، في إطلاق القمر (Aryabhata) للتجارب العلمية، وتلى ذلك إطلاق قمر التجارب العلمية (Bhaskara-1) عام 1979. وفى بداية الثمانينيات أطلقت الهند الأقمار (RS-1, RS-2) لتصوير مصادر الثروات، إلا أن القمر (RS-2) فشل في الاستمرار في مداره. ثم تلى ذلك إطلاق أقمار (APPLE) لأغراض الاتصالات, و(Bhaskara-2) لمراقبة حركة الأرض, و(Rohini-D2) لتصوير التضاريس الأرضية.

وخلال التسعينيات، حققت الهند نجاحاً ملحوظاً بإطلاق أقمار الاستشعار عن بُعد من نوع Indian Remote Sensing (IRS)، ونجحت في تطوير إمكانياتها حتى وصلت إلى قدرة تحليلية 72 م في قمرها (IRS-1)، ثم 30 م في القمر (IRS-1B)، حتى أصبحت اليوم منافساً رئيسياً في مجال تسويق صور أقمار الاستشعار عن بُعد (IRS-1C) التي تصل قدرتها التحليلية إلى 5 م، والتي ينافس أقمار سبوت الفرنسية التي تصل قدرتها التحليلية إلى 10 م.

4. الصين

ترجع بداية الاهتمام الصيني بصناعة الفضاء، إلى النصف الثانى من الخمسينيات، حين أقرت خطة تطوير للعلوم والتكنولوجيا عام 1958. واستغرقت الخطة حوالى 12 عاماً، تم خلالها تأسيس الهيكل العام لصناعة الفضاء ومؤسساته البحثية على التوازي، مع العمل في تطوير صواريخ الإطلاق التي رؤي البدء من خلالها. وأُجريت تجربة إطلاق لأول صاروخ، عام 1964، إيذاناً بنجاح الخطة ودخول الصين عصر الفضاء.

وفى عام 1965، بدا بناء أول قمر اصطناعى للصين Dong Fang Hong (East Is Red) (DFH-1)، الذي أُطلق في 24 ابريل 1970، حيث وٌضع في المدار القريب من الأرض Low Earth Orbit (LEO)، بواسطة الصاروخ الصيني (LM-1)، وهو قمر إذاعة يزن 300 كجم. تلى ذلك إطلاق قمر تجريبي (Shi Jian)، في مارس 1971، ويعد بداية الأقمار ذات العمر الطويل نسبياً، وتوالت بعد ذلك عمليات الإطلاق لأقمار مختلفة الاستخدامات.

وفى عام 1975، أطلقت الصين أول قمر لها من نوع (Recoverable SAT)، وهي أقمار يمكن استعادة كبسولتها. وخلال عام 1981، أطلقت ثلاثة أقمار ووضعتها في مدارات حول الأرض، من خلال صاروخ واحد.

من جانب آخر، أطلقت الصين أول قمر تجاري، في أغسطس 1987، من خلال حمل معدات اختبار لصالح شركة ماترا الفرنسية على قمر من نوع (Recoverable)، وجرى الإطلاق بالصاروخ الصينى (LM-2C)، ووُضع القمر في مدار قريب من الأرض (LEO). تلى ذلك إطلاق القمر الأسيوي (ASIA SAT-1) الذي أنتجته شركة هيوز، في أبريل ،1990 ثم إطلاق القمر الباكستانى (BADR-A)، في أغسطس 1990. وفى أكتوبر 1992، أطلقت الصين القمر العلمي السويدي (FREJO).

5. إسرائيل

بدأت إسرائيل الإعداد للدخول في مجال الفضاء، في أوائل الستينيات، بتشكيل اللجنة القومية لبحوث الفضاء، عام 1960، تحت إشراف رئيس الوزراء. وكانت تابعة للأكاديمية الإسرائيلية للعلوم، بهدف إيجاد إطار يجمع العلماء والباحثين في مجال الفضاء، وكجهة استشارية لتقديم الدعم الفني للحكومة، والإشراف على الأبحاث والمشروعات المتعلقة بمجالات الفضاء، في الجامعات والمراكز البحثية.

وقد اهتمت إسرائيل في أوائل الستينيات بمجال الصواريخ ووسائل الدفع، ووضعت تصميمات لصواريخ دفع صغيرة. واستمرت في أبحاثها بالتعاون مع دول أخرى لتطوير هذه الصواريخ، إلى أن تزايدت المراكز البحثية المتخصصة في علوم الفضاء والأقسام الخاصة بهذا المجال في الجامعات الإسرائيلية لخلق كوادر علمية وفنية، بالتعاون مع الجامعات الأمريكية، إضافة لإرسال عدد من كوادرها إلى الولايات المتحدة الأمريكية للتاهيل والإعداد، بالتعاون مع وكالة الفضاء الأمريكية (NASA).

وفى عام 1983، أسست وكالة الفضاء الإسرائيلية (ISA)، تحت إشراف وزارة العلوم والتكنولوجيا، لتتولى الإشراف والتخطيط لبرنامج الفضاء الإسرائيلي، والتنسيق مع الدول المتقدمة في مجال أبحاث الفضاء. ومن خلال هذه الوكالة بدأ البرنامج مراحله التنفيذية، وكان من أهم ملامحه الاهتمام بالعناصر الثلاثة: بناء الأقمار، ووسائل الإطلاق، والمحطات الأرضية.

وخلال عام 1985، وقعت اتفاقية بين وزارة العلوم والتكنولوجيا الإسرائيلية ووكالة الفضاء الأمريكية National Aeronautics & Space Administration (NASA)، لإقامة مركز تتبع للأقمار الأمريكية من سلسلة (LAGEOS)، والخاصة بالدراسات الجيوفيزيقية والتنبؤ بالزلازل، وذلك في منطقة بارجيورا، ويشرف على تشغيل المحطة معهد بحوث البترول والفيزياء الأرضية في إسرائيل.

وفى عام 1990، أقامت إسرائيل محطة استقبال للبيانات من أقمار الاستشعار عن بُعد الفرنسية (SPOT)، وأرشفتها، وإجراء عمليات المعالجة طبقاً للمستويات المطلوبة.

وتمتلك إسرائيل مجموعة من مقومات البحث والتطوير التي أرست برنامجها الفضائي، وتتمثل هذه المقومات في الاتى:

أ. المعاهد العلمية والجامعات والمراكز البحثية، التي تُعد دعائم أساسية لتوفير التكنولوجيا المتقدمة، من خلال الأبحاث النظرية والتطبيقات العلمية.

ب. اشتراك أكثر من جامعة في أنشطة بحوث الفضاء، مثل جامعة تل أبيب والتي تمتلك معامل متخصصة في ديناميكا الموائع، وفيزياء البلازما، وعلم الفلك، وفيزياء وكيمياء الغلاف الجوى الأرضي، وتكوين النظام الشمسي، وعلم الكونيات Cosmology، إضافة لإنشاء كلية الهندسة معملاً لاستخدام الصور الرادارية لدراسة سطح المحيطات، بالاعتماد على تكنولوجيا المستشعرات الرادارية Synthetic Aperture Radar (SAR).

ج. الاعتماد على الإمكانيات العلمية للدولة في تأهيل الكوادر ببعض المدارس، كما في مدرسة الفيزياء والفلك، والتي اشترك المتخصصون بها في إعداد دراسات لإنتاج التليسكوب الفضائى (Tauvex).

د. تكليف الجامعات بالموضوعات البحثية التي تتوافق مع برنامج الفضاء، ولتحقيق أقصى استفادة من الطاقات البحثية الموجودة بالجامعات، مثل دراسة الجامعة العبرية للغلاف الجوى وطبقاته، واختبارات معهد العلوم الحية نمو الأجنة في الفضاء، وتأثير انعدام الجاذبية الأرضية على تطورات الحياة؛ بينما نجد جامعة بن جوريون تركز بحوثها على الدراسات الشمسية المختلفة، مثل كثافة فيض الرياح الشمسية، والتغير في الرياح الشمسية، وطاقة الرياح الشمسية.

ثالثاً: تقنيات الفضاء وتطبيقاتها المختلفة

تتسم تكنولوجيا الفضاء بتعدد صورها، فقد أصبحت تشمل كل ما يتعلق بتصميم مكونات النظم الفضائية، بدءاً من القمر ذاته وما يحتويه من نظم تحكم واتصالات ومستشعرات، ثم وسائل إطلاق القمر التي تضعه في مداره المحدد، وأخيراُ مركز التحكم والاستقبال الأرضي الذي يسيطر على حركة القمر طوال فترة بقائه في المدار، ويقوم بتحليل ومعالجة البيانات المستقبلة منه. ولذا كانت العلوم الهندسية والفلكية بكافة تخصصاتها، مكوناً رئيسياً في تطوير صناعة الفضاء على مدى العقود الخمسة الماضية.

ومع تطور البنية الأساسية لعلوم الفضاء، تنوعت التطبيقات والوظائف، التي يمكن أن تقوم بها الأقمار الاصطناعية، فأصبح لكل تطبيق قواعده العملية التي تخضع لأسس وقواعد نظرية عامة. وقد توالت جهود العلماء حتى أصبح لكل دولة سمات خاصة بها في تصميم وظائف الأقمار، من حيث نوعيات المستشعرات، وأنظمة التسجيل بالقمر، وطرق اختيار المدارات المناسبة، طبقاً للمهام المخصصة للاقمار.

1. تقنيات الفضاء

أ. هيكل جسم القمر(Body structure)

يراعى في تصميم الهيكل الخارجي ألا تزيد أبعاده عن عرض يساوى مترين، ليتواءم مع الحيز القياسي لحمولة صواريخ الإطلاق (Fairing)، إضافة لتوزيع خطوط نقل إشارات التحكم والبيانات المصنعة من الألومونيوم المعالج داخل هذا الهيكل، ووجود لوحات لتثبيت باقى النظم الإلكترونية المصنعة من الكربون المزدوج (Double Carbon Panels)، والذي يضمن الاستقرار ودقة التثبيت للوحدات التي بها نظم ديناميكية متحركة، كالجيروسكوبات ونظم الاستشعار.

ب. مصدر التغذية بالطاقة (Power Source)

وهو يمثل الخلايا الشمسية (Solar Arrays) المصنعة من مادة (جاليوم ارسيناجد)، إضافة إلى مجموعة مواد شديدة المقاومة، ذات قدرة على العودة من حالة الاهتزاز لحالة السكون في أقل من ثانية عند انحراف القمر أو ميله لأغراض التصوير، وهى تنتج قدرة كهربية تصل إلى 600 وات، وتتم مراعاة كفاءة عمل الخلايا أثناء التصميم على مدار فترة عمل القمر End of life، وتعمل هذه الخلايا على توفير الطاقة لنظم القمر، فضلاً عن شحن البطاريات وهى من نوع (النيكل كاديميوم).

ج. نظم الاتزان والمحافظة على ارتفاع المدار (Altitude & Stability Control)

وتتمثل في مجموعة من الجيروسكوبات وعجلات الاتزان (Momentum, Reaction Wheels)، والتي تعمل على تصحيح ميل جسم القمر بمساعدة أنظمة الملاحة (GPS)، لتوفير نظام اتزان في ثلاثة محاور، تصل دقته إلى 0.4 نانوميتر في كل محور. وتهدف نظم الاتزان إلى المحافظة الدقيقة على ارتفاع القمر، لضمان خط تصوير أرضي مستقيم أثناء عمل تلسكوبات التصوير، وتوجد أربعة محركات دفع من نوع (Thruster) تعمل بوقود الهيدرازين، تبدأ عملها بأوامر من محطات التتبع والتحكم لتصحح المحور الرئيسي للمدار كل 10 أيام، أما ميل المدار فيتم تصحيحه كل 365 يوم.

د. الحاسب المسؤول عن إدارة وظائف القمر (Management Unit)

ويشمل معالج رئيسي (processor) ذو قدرة حسابية فائقة تصل إلى ملايين العمليات في الثانية (1-2 Mips). ويتولى تنفيذ جميع العمليات الخاصة بأنظمة القمر، مثل الحسابات، وإعادة توظيف المهام، والمقارنات المنطقية، ومتابعة وتحديد الأعطال... الخ، ويراعى أن تكون هذه العمليات على شكل تصميم تكرارى (Redundant)، أي تراقب وظائف كل منها الأخرى (Error Self Detection & Correction)، ويربط هذا المعالج مع وحدات تخزين ذات سعات كبيرة تصل إلى 40 جيجا بايت، تتناسب مع مهمة القمر لتخزين عدد محدد من الصور الملتقطة.

هـ. وحدات استقبال إشارات المحطة ومعالجة الصور(Data Handling & Telemetry)

هي وحدة متعددة المهام تستقبل بيانات المستشعرات، ثم تسجلها على وحدات التسجيل، التي تتولى بدورها تشفيرها وإرسالها للمحطة الأرضية، وتسمى هذه الوحدة Image Data Handling Unit (IDHU)، وتستخدم وحدات إرسال تعمل في حيز (X-Band)، وهى ذات معدل إرسال 50 ميجابايت/ ثانية.

و. نظم الاستشعار بالقمر (Sensors)

وتنقسم إلى قسمين رئيسيين

(1) مستشعرات مكملة لأداء القمر (Functional Sensors)

وهي تستكمل عمل باقي أنظمة القمر، مثل المستشعر الشمسي (Sun Sensor)، الذي يحافظ على نسبة الأشعة الضوئية الساقطة على الخلايا الشمسية للقمر، ويتولى التوجيه المتكرر لهذه الخلايا لاستقبال الضوء الصادر من الشمس، لضمان التغذية المستمرة للطاقة، بينما يوفر المستشعر الأرضي (Earth Sensor) دوراناً ثابتاً ومنتظماً للقمر حول الأرض، لإمكانية تحقيق المهمة المخططة له، إضافة للمستشعرات الفرعية المكملة لوظائف القمر، مثل نظم مراقبة الحرارة المحيطة بالقمر، وقياس قوة واتجاه الرياح الشمسية.

(2) مستشعرات مهمة القمر (Mission Sensors)

وتتمثل في التلسكوبات المستخدمة في التصوير والمرايا المتحركة الداخلية به، لتحقيق مرونة أثناء عملية التقاط صور الشرائح الأرضية، مع المحافظة على الشكل الهندسى المنتظم لمدار القمر، إضافة لوحدة ترجمة مدمجة بالتلسكوب Detection Unit (DU) تحتوى على عدد من الخلايا الحساسة لعرض مناظر الشريحة الأرضية الملتقطة (11 ألف خلية في حالة قطاع مسح “Swath = 11 km”)، إضافة إلى الدوائر الإلكترونية الخاصة بمراقبة التغيرات الحرارية لهذه الوحدة.

وللتلسكوب الحراري (Multispectral) القدرة على العمل في حيزات مختلفة من الطيف المرئى، أو القريبة من الأشعة تحت الحمراء (Near-Infrared)، بهدف المساعدة في تحليل وتفسير الصور الناتجة، والمعاونة في تحديد معالمها، واستنتاج علاقات رياضية يتم تنفيذها في التطبيقات المختلفة للاستشعار عن بُعد. ويمكن للقمر حمل مستشعرات رادارية (SAR) ذات قدرات تصوير، في الأجواء المناخية المضطربة (سحب ـ أمطار ـ رياح... الخ).

(3) نظم التحكم في الحرارة الداخلية لجسم القمر (Thermal Control)

وهى خلايا ذات حساسية عالية لدرجات الحرارة، حيث يُستخدم طلاء عازل متعدد الطبقات (Multi Layers) في دهان لوحات التثبيت بجسم القمر، بينما تُطلى جميع المكونات الالكترونية وجوانب هيكل الجسم (Internal Walls) باللون الأسود، لضمان أعلى نسبة امتصاص للحرارة وعدم تضاعفها. وأما البطاريات الاحتياطية فهي مغلفة بطلاء عازل يخفض درجة حرارتها لتقارب (الصفر المئوي)، لإطالة عمرها الافتراضى وضمان كفاءة عملها. ويُراعى عزل نظم الدفع (Thrusters) عن جسم القمر وتجهيزه بنظم تحكم حرارى خاصة به.

(4) وسيلة الإطلاق (Launcher)

تتمثل في صاروخ الإطلاق الفضائي المسؤول عن وضع حمولته من الأقمار الاصطناعية، كلاً في مداره الصحيح. ويتحقق ذلك باتخاذ الصاروخ سرعة اندفاع مضادة للجاذبية الأرضية يـراوح مقدارها ما بين 6.5 - 7 كم/ ثانية للمدارات القريبة (LEO)، وتصل إلى 10كم/ ثانية للمدارات العلياGeosynchronous Earth Orbit (GEO)، مع توافر عملية إطلاق آمنة (مقاومة الاهتزاز خلال اختراق طبقات الغلاف الجوى ـ حماية القمر من الغبار الكونى... إلخ). وينقسم صاروخ الإطلاق إلى ثلاثة أجزاء رئيسية، هي:

(أ) حيز احتواء القمر (Fairing)

يحوي بداخله حمولة الصاروخ من الأقمار الاصطناعية (1-3 أقمار)، ويُفتح قسما هذا الجزء على ارتفاعات تصل إلى 6000 كم لقذف القمر في مداره (Injection Phase).

(ب) وحدة اتزان الصاروخ (navigation Control)

تحتوي على النظم الإلكترونية الخاصة بمراقبة سير مراحل الصاروخ طبقاً للمخطط، وتصحيح أي انحرافات قد يتعرض لها الصاروخ، أثناء مراحل اختراقه لطبقات الغلاف الجوي، حتى المرحلة التي تسبق قذف القمر في مداره.

(ج) محركات الدفع الصاروخي (Propulsion Stages)

تراوح ما بين (2 - 3) مراحل، تعمل بأشكال مختلفة من الوقود الصاروخي، مثل الوقود الصلب (Solid) لإعطاء الصاروخ أكبر قوة دفع عكسية أثناء عملية الاحتراق الأولي (Burn Out)؛ بينما يستخدم الوقود السائل (Liquid) في المراحل النهائية بعد مغادرة الغلاف الجوى.

(5) منصات الإطلاق (Launch Pad)

تحتوى على مجموعة من التجهيزات، تشمل وحدات تثبيت الصاروخ على المنصة، وبرج الإطلاق، ومدمج بها مركز التحكم في عملية الإطلاق، والذي يتصل بالمحطة الأرضية الخاصة بتتبع ومراقبة مراحل إطلاق الصاروخ. وتتوافر بجوارها منشآت خاصة لتامين المنصة التي تحمل الصاروخ وتحتويه أثناء عملية الاحتراق الأولي، ويقوم مركز التحكم بالسيطرة الكاملة على الصاروخ خلال مراحله المختلفة، إذ هو مجهز بإعطاء أوامر للصاروخ بالتدمير الذاتي في حالة ظهور أي أعطال تعوق عملية الإطلاق. وتأخذ منصات الإطلاق البحري (Sea launch)، أو الإطلاق من الطائرات، كما في الصاروخ الأمريكي (Pegasus). وأخيراً إتمام عمليات الإطلاق من الفضاء باستخدام المكوك الفضائى (كولومبيا).

(6) مركز التحكم الأرضي (Ground Control Segment)

يشمل قسم التصميم والتخطيط لمهام الأقمار، وهو مسؤول عن جميع مراحل الإعداد لمهمة القمر، وما يتعلق بوسيلة الإطلاق، والنظم المستخدمة أثناء تنفيذ المهمة، إضافة إلى قسم التحكم والسيطرة في القمر أثناء دورانه في المدار، ومراقبة انتظام عمل أجهزة القمر، ومدمج به هوائى مركز التحكم الذي يعمل في حيز (S-Band)، ويتم من طريقه إرسال أوامر تصحيح المدار والتحكم في نظم الاستشعار على جسم القمر.

(7) المركز الأرضي لاستقبال صور القمر (Image Ground Segment)

يشمل هوائي المركز الذي يعمل في حيز (X-Band). ومن طريقه تُستقبل الصور الملتقطة وتُسجل ويُفك التشفير المستخدم، ثم يجري إعدادها استعداداً لمرحلة المعالجة الابتدائية، وإعادة نشر هذه الصور للمراكز المرتبطة به.

(8) مركز إدارة الموارد الفضائية (System Management Segment)

يعد مركز توفير البيانات للمتخصصين في مجال الصور الفضائية، وهو يزود المستخدمين بالشكل النهائي لهذه الصور للتطبيقات المختلفة (صور معالجة بمستويات مختلفة ـ خرائط منتجة لاستخدام المدني ـ صور مجهزة للتطبيقات العسكرية... الخ)، وتبدأ مراحل عمل هذا المركز بتجميع متطلبات الاستخدام دورياً وتقسيمها إلى أولويات، ثم تنفيذ مرحلة الإعداد لهذه المطالب، والبدء في مخاطبة مركز التحكم الأرضي (Ground Control Segment)، لتوظيف القمر في مهام تصوير جديدة وانتظار الانتهاء منها، وإرسال بيانات التصوير لمركز الاستقبال الأرضي وتوفيرها للمستخدمين كل من مجاله.

2. تطبيقات الفضاء

أ. دراسة الكون وطبيعة الكواكب

تنقسم الأقمار في هذا المجال إلى قسمين هما:

(1) الأقمار الجيوديسية (Geodetic)

وهى تختص بحسابات شكل الأرض، ومجال الجاذبية، وتحديث بيانات بعض النقاط الجغرافية على سطح الأرض، وإنتاج خرائط تفصيلية لها. وتظهر أهمية هذه الأقمار في إمداد المختصين بالمعلومات عن طبيعة توزيع الكثافات المعدنية لسطح الأرض، والتي تعكس توزيع المجال المغناطيسي للجاذبية، الذي يؤثر بدوره على مسار القمر، حيث يشارك المجال المغناطيسي الأرضي في مجموعة الاضطرابات التي يوجهها القمر (Orbit Perturbations) أثناء دورانه حول الأرض.

ولقياس مثل هذه الاضطرابات ومعرفة قدرها، الذي يجب ألا يزيد عن بضعة أمتار، يكون حساب التغيرات بواسطة المحطات الأرضية التي تستطيع رسم أبعاد الأرض والتغيرات الطفيفة فيها، وتعد طريقة (دوبلر) من أشهر الطرق المستخدمة في هذا المجال، حيث يتم انتخاب قمر صناعي ويحدد مداره بواسطة معادلات الحركة وحسابات المدار، ثم ربط موقع المدار بالنسبة لمركز الأرض، وقياس التغيرات في المدار، ومن ثم استخلاص أقرب مسافة أثناء اقتراب أو ابتعاد القمر.

(2) أقمار التجارب العلمية

تستخدم في دراسة طبيعة الجسيمات الكونية والظواهر المختلفة، حيث تحمل هذه الأقمار مستشعرات ذات درجة عالية تتواءم مع طبيعة الجسيمات الكونية والظواهر المختلفة، وتشمل المستشعرات الراديومترية لقياس نسبة الإشعاع الكوني في طبقات الغلاف الجوي، وماسحات حرارية لمراقبة درجات الحرارة على أسطح الكواكب، إضافة لمجسات انترفيرومترية لحساب نسب الغازات ونوعها في الغبار الكوني المحيط بسطح الكرة الأرضية.

ويوضع مثل هذه النوع من الأقمار في مدارات تصل ارتفاعها إلى ما بين 800 - 1500 كم، ومن أمثلة ذلك القمر اليابانى (ADEOS)، الذي يحمل مستشعراتOzone Color & Temperature Scanner (OCTS) لرسم خرائط حرارية ملونة لأسطح المحيطات، ومستشعرات Total Ozone Mapping Spectrometer (TOMS) لدراسة فاصل التغيرات في طبقة الأوزون. بينما يحمل القمر الأوروبى (SOHO)، الذي أنتج بواسطة شركة ماترا ماركوني الفرنسية، مجموعة من المستشعرات الخاصة بدراسة الرياح الشمسية والغازات المحيطة بسطح كوكب الشمس، ومن هذه المستشعرات  مستشعر لقياس الإشعاع، وتلسكوب ماسح للحرارة، ومحلل للجسيمات والطاقة المنبعثة منها. وتهدف أغلبية هذه الدراسات إلى تامين مهمة الأقمار الاصطناعية ضد مخاطر التعرض للرياح الكونية والإشعاعات، والاصطدام بالجسيمات الكونية، إضافة لاستكمال الدراسات عن طبيعة الكواكب المجاورة.

ب. الاتصالات والبث التليفزيوني

توضع أقمار الاتصالات في مدارات ذات ارتفاعات عالية، تصل إلى 36 ألف كم، وتُستخدم لتغطية خدمات الاتصالات الإقليمية (خدمة هاتفية ـ فاكس ـ نقل معلومات)، بينما تستغل دول أخرى هذه الأقمار كمنظومة متكاملة، قد يصل عددها ما بين 8 - 22 قمراً، لتوفير التغطية الدولية للاتصالات (التقليدية/ المشفرة)، وهي تُستخدم حالياً في تحسين خدمات شبكات الهاتف المحمول، لتسهيل نقل المعلومات والفاكس والبريد الإلكترونى دولياً، لخدمة رجال الأعمال في بعض الدول.

كما تتوافر قدرات إضافية لهذه الأقمار في إعادة بث الإرسال التليفزيوني، ونشر القنوات الفضائية دولياً، إما بالنظام التقليدي (Analog)، وفيه يحمل القمر مجيبات عددها يوازي عدد القنوات التليفزيونية المرسلة، أو بالنظام الحديث الرقمي (Digital) ويتم فيه تداول القنوات كمعلومة مضغوطة تُمكن القمر من حمل مجيبات ذات قنوات اتصال تصل قدرة القناة الواحدة منها بث عدد 12 قناة فضائية بالنظام الرقمى.

ويبرز في هذا المجال سلسلة أقمار (انتلسات) الدولية، التي تمثل مشروعاً عالمياً يشارك فيه عدد كبير من الدول مثل فرنسا، وايطاليا، والهند، وإسرائيل، والبرازيل وغيرها، لتوفير شبكة اتصالات دولية يتوافر لها إمكانيات البث المباشر للقنوات التليفزيونية، وخدمة نشر الأخبار العلمية، وتامين الاتصالات من طريق ما يزيد عن 120 ألف قناة اتصال ونقل معلومات.

ومن الأمثلة الأخرى سلسلة أقمار (عرب سات)، وهى تابعة للمنظمة العربية للاتصالات الفضائية، وتتمثل في مجموعة من الدول هي الكويت، ومصر، والجزائر، ولبنان، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والسودان، وسورية، لتوفير خدمة الاتصالات والبث التليفزيوني لمنطقة الشرق الأوسط. وجدير بالذكر نجاح مصر في إطلاق قمر الاتصالات (نايل سات) بواسطة صاروخ الفضاء الفرنسى (آريان)، ويتميز القمر باحتوائه على أنظمة حديثة تعمل بتكنولوجيا المعلومات الرقمية (Digital)، ويحمل عدد 12 مجيباً يحقق إمكانية بث عدد سبع قنوات تليفزيونية وعدد ثماني قنوات إذاعية، ويهدف مشروع القمر (نايل سات) إلى توفير خدمة البث التليفزيوني والتسويق للقنوات الفضائية المصرية في منطقة الشرق الأوسط.

ج. الاستشعار عن بُعد

يعد أحد التقنيات الحديثة في مجال استغلال النظم الفضائية لخدمة تنمية الموارد المختلفة وتطوير التكنولوجيا المستخدمة فيها، وتدخل أقمار الاستشعار عن بُعد في مجالات مدنية عديدة، منها:

(1) مسح وتقدير المحاصيل الزراعية.

(2) إعداد خرائط الموارد الطبيعية.

(3) رصد ظواهر التصحر وزحف الرمال.

(4) متابعة الزحف العمراني على الأراضي الزراعية.

(5) انتخاب انسب المواقع للمدن التي يخطط لإنشائها.

(6) مراقبة الكوارث الطبيعية، كالفيضانات وحرائق الغابات والبراكين وتصدعات القشرة الأرضية نتيجة الزلازل.

وتشمل مهمة أقمار الاستشعار عن بُعد، الدوران في مدار يصل ارتفاعه ما بين 400 – 850 كم، لتغطية مساحات أرضية بقدرة تحليلية تتناسب مع المهمة المخطط له. فالقمر الأمريكي (لاندسات)، الذي أُطلق عام 1972، مزود بمستشعرات حرارية من نوع Multi Spectral Scanner (MSS)، تمكنه من استخراج صور ملونة بقدرة تحليلية 30 م، وظيفتها تحديد المحاصيل الزراعية ومراقبة حركة المحيطات وتأثيرها على السواحل، بالاعتماد على التصوير الكهروبصرى، وتحليل البصمة الحرارية في الطيف المرئي، فضلاً عن دراسة طبيعة ونوع المحاصيل المزروعة ونسب توزيعها.

بينما نجد القمر الفرنسى المناظر له، وهو القمر(SPOT)، الذي أُطلق القمر الأول منه عام 1978، ويتميز بمستشعر من نوعية High Resolution Visible-imager (HRV)، الذي يحقق قدرة تحليلية 10 م عند إنتاج صور أحادية اللون، وتعمل المستشعرات في الطيف المرئي وجزء من الأشعة تحت الحمراء، كما يتميز بإمكانية تحريك الكاميرا لميل معين ينعكس على مساحة المنطقة المطلوب تصويرها. وله إمكانية تكوين صور مجسمة (Stereo) بواسطة تركيب صورتين للمنطقة نفسها بنسـب تداخـل بينهمـا 40-60%.

ويوجد نوع آخر من وسائل الاستشعار عن بُعد، وهو الاستشعار الراداري الذي تختلف طريقة عمله عن التصوير التقليدي، وفيه ترسل موجات كهرومغناطيسية في حيز الميكروويف لمسح المنطقة المطلوب دراستها، ومن ثم استقبال الموجات المرتدة لتحليلها والتعرف على خصائص هذه المنطقة. كما يتميز الاستشعار الراداري بقدراته العالية على العمل في الظروف المناخية السيئة.

د. الملاحة الجوية والبحرية

نتيجة للتطور في وسائل الانتقال جواً وعبر البحار، ظهرت الحاجة إلى تعميم التعامل بأنظمة ملاحية. فظهرت الأنظمة اللاسلكية، ورادارات الملاحة على أساس وجود عدد من الأقمار التي تتميز بالدقة العالية. وتبنى فكرة استخدام أقمار الملاحة، على أساس وجود عدد من الأقمار في مدارات محددة، حيث ترسل بيانات إحداثياتها بصفة منتظمة، ويتم استقبال تلك البيانات بواسطة أجهزة استقبال (GPS) موجودة على الطائرات أو على السفن. وتقوم تلك الأجهزة بعدة عمليات حسابية يستخرج منها إحداثي موقع السفينة أو الطائرة، اعتماداً على حساب الفرق بين إحداثيات الأقمار التي تم استخدامها.

كما تدخل أنظمة الملاحة الجوية في العديد من التطبيقات؛ فنجدها في أجهزة (GPS) مع علماء الجيولوجيا أثناء تسجيلهم لتغيرات القشرة الأرضية، بينما انتشرت أجهزة (ماجلان) بين مهندسي المواقع المسؤولين عن إعداد دراسات للمشروعات الإنشائية الكبيرة، واستخدمت مثل هذه النظم في تحديد مواقع البترول الخام، كما استخدمها علماء الأحياء في تثبيت أنظمة (GPS) صغيرة الحجم في أجسام الكائنات الطائرة لدراسة هجرة الطيور وانتقالاتها.

وتظهر استخدامات أجهزة الملاحة في عمليات البحث والإنقاذ، في حالة اصطدام الطائرات أو غرق السفن، ويتمثل ذلك في احتواء هذه السفن/ الطائرات على وحدات إرسال وإعادة بث لإشارات مشفرة "مكودة"، تميز نوع المركبة والجهة التابعة لها، وتعطى بيانات تفصيلية عن الموقع الجغرافي لها بالإحداثيات الدولية المتعارف عليها "الطول والعرض"، إضافة إلى دور أقمار الملاحة في تحديث الخرائط الملاحية للكرة الأرضية.

هـ. الأرصاد الجوية

تكمن وظيفة أقمار الأرصاد الجوية في الإمداد بالبيانات الخاصة بالأحوال المناخية وتقلبات الطقس، ودرجات الحرارة، ونسبة الرطوبة، والشكل العام للسحب وكمياتها، إضافة إلى الرياح وسرعتها. وهي أقمار ذات مدارات ثابتة (GEO) على ارتفاعات تراوح ما بين 800 - 900 كم، وتحمل مستشعرات خاصة تمكنها من رصد حالات التغير المناخية من خلال التصوير الحراري في حيز الطيف المرئي، ومراقبة نسب بخار الماء، فضلاً عن قدرة هذه المستشعرات على تسجيل ومتابعة العواصف الرعدية منذ بدايتها.

ومن الأمثلة البارزة في هذا المجال، الأقمار الأمريكية من نوع National Oceanic & Atmospheric Administration (NOAA)، التي تحقق التغطية الكاملة للكرة الأرضية مرتين يومياً، وتبلغ دقة قياس درجات الحرارة فيها إلى 1.6 درجة مئوية، وتمتلك وكالة الفضاء الأوروبية هذه النوع من الأقمار، مثل أقمار (Meteosat) وتحقق تغطية كاملة للأرض كل 25 دقيقة، ويتوافر لديها قدرة التصوير داخل الحيز المرئي والأشعة تحت الحمراء، وتصدر تقريراً يومياً عن حالة الطقس على شكل جداول رقمية (Weather Faximile)،  يتم تحليلها ومقارنتها مع البيانات الواردة من محطات الأرصاد الأرضية.

و. المنصات الفضائية والمعامل المدارية

تهدف فكرة بناء المعامل الفضائية إلى إجراء المزيد من البحوث والتجارب المعملية والدراسات على كائنات التجارب، واختبار التقنيات الحديثة في الفضاء الخارجي. ويهدف هذا الفكر الجديد إلى استخدام وسط جديد وهو الغلاف الجوى الخارجى بعيداً عن القشرة الأرضية، تجنبا لأي مؤثرات تغير من نتائج هذه التجارب أثناء إجرائها في ظروف المناخ الأرضي، إضافة إلى توفير خدمات أخرى مثل مراكز التحكم والمتابعة للنظم الفضائية، وابتكار أساليب جديدة لإصلاح المركبات، التي تظهر بها أعطال خلال رحلتها وقد تعرقل من اكتمال مهمتها. وقد تستخدم هذه المنصات في تأكيد المعلومات المتحصل عليها من المجسات والمسبرات، التي تطلق على ارتفاعات عالية، لإجراء قياسات ودراسات على الكواكب، مثل درجات الحرارة في كوكب المشترى، وطبيعة الأرض على كوكب زحل.

ومن أبرز المعامل الفضائية، منصة وكالة الفضاء الأوروبية European Space Agency (ESA)، التي صممت على شكل لوحات خلايا شمسية بمسطحات كبيرة، كنواة لقاعدة عمل متعددة المهام توفر قدراً كبيراً من الطاقة للأنشطة الفضائية المختلفة. ويعد المشروع الأمريكي ـ الأوروبي للمعمل الفضائي (Space Lab) من أكبر هذه المنصات، حيث يبلغ طول المعمل 4.2 م وقطره 4.1 م، وهو مجهز داخلياً للإعاشة، ومجهز من حيث الضغط والحرارة، ويتسع لأربعة من العلماء للعمل به لمدة لا تزيد عن شهر.