إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / نظرية الأمن الإسرائيلي





نظام القبة الفولاذية
مقطع لمدينة القدس
التهديدات الخارجية المعادية لإسرائيل

أوضاع الدفاعية الإسرائيلية في الجولان
أوضاع الدفاعية الإسرائيلية في سيناء
المناطق العازلة
الأوضاع النهائية في فلسطين
الهجمات الإسرائيلية على سورية
الضربة الجوية كولمب
العمليات على الجبهة الأردنية
العملية العين (حوريب)
العملية عوفداه
العملية قادش المعدلة
ضربة صهيون
عملية السلام من أجل الجليل



كلية الملك عبدالعزيز الحربية

ملحق

صهيونية الدياسبورا  Diaspora Zionism

تعني كلمة الدياسبورا، في معناها الشامل، يهود المنفي أو الشتات. وهي كلمة يونانية، تعنى التشتت، وتستخدم للإشارة إلى الأقليات اليهودية في العالم، الموجودة في المنفي، حسب التصور اليهودي، الصهيوني.

   تحاول صهونية الدياسبورا المزج بين العقيدة الصهيونية، وبين الأيديولوجية السياسية، السائدة في المجتمعات الرأسمالية المتقدمة، في الغرب. أي الفلسفة المبنية على الإيمان بالعقل، وضرورة فصل الدين عن الدولة. ويرى يهود الدياسبورا، أن العقيدة الصهيونية لا تتنافى مع العقلانية، ولا حركة الاستنارة اليهودية، فالدين اليهودي مثل كل الأديان، كان عليه أن يجابه مشكلة العلمانية المتزايدة في المجتمع، وكانت حركة الاستنارة اليهودية، هي الاستجابة اليهودية الطبيعية لهذا التحدي. والصهيونية حسب تصور الدياسبورا، لا تتعارض إلا مع الاندماج، الذي يؤدى إلى الانصهار الكامل، وفقدان الذات اليهودية، أما الاندماج الخلاق فهي لا تعارضه، والصهيونية بهذا المعنى، تؤيد التنوع والتعدد والانسجام، بين الأقليات والأنماط القومية المختلفة، على عكس الصهيونية التقليدية، التي تصر على تفرد "القومية اليهودية"، وتميزها، واستحالة اندماج اليهودي في أي مجتمع، وبأية صورة.

    وتختلف صهيونية الدياسبورا، عن الصهيونية التقليدية في موقفها، من معاداة السامية، فصهاينة الدياسبورا ينظرون إلى معاداة السامية، لا باعتبارها مرضاً مزمناً لاشفاء للجنس البشرى منه، وإنما كظاهرة اجتماعية عادية، تختلف في حدتها حسب الزمان والمكان، بل أن التقسيم الثنائي القديم للبشر، إلى يهود، وآخرين، والذي تصدر عنه الصهيونية التقليدية، يختفي رويداً، رويداً. لذا، نجد الحاخام سيلفر، في إحدى مقالاته، يساوي بين اليهود كأقلية دينية، وأي أقلية دينية أخرى. واليهودي ليس بطلاً، ولا هو ضحية، وإنما هو مواطن عادى، عليه أن يبحث عن السعادة، كأي فرد إنساني. وخلافاً للتصور الصهيوني التقليدي، الذي يرى اليهودي كجزء من بنيان تاريخي، قومي، متماسك، لا يمكن الفكاك منه.

    ويؤمن صهاينة الدياسبورا، بأن وجود اليهود في المنفى، حقيقة نهائية وأساسية، وليس أمراً مؤقتاً، وهم يذكرون أن اليهود عبر تاريخهم، عاشوا داخل وخارج إسرائيل، بل إِن الحاخام سيلفر يرى أن بقاء اليهود في المنفي، ليس شراً خالصاً، وإنما ظاهرة لها جوانبها الإيجابية، لأن الشتات سيساعد على نشر العدالة والحق.

    فإذا كان اندماج اليهود أمراً ممكناً، وإذا كان المنفي حقيقة نهائية، فإن العودة تصبح أمراً غير مطلوب، أو مطروح. ولذا يعيد صهاينة الدياسبورا، طرح طبيعة العلاقة بين اليهودي ووطنه الذي يعيش فيه، فيرون أن ثمة أساساً اقتصادياً سياسياً مشتركاً، بين اليهود وكافة المواطنين، وبذا يكون انتماء اليهود السياسي والاقتصادي، محدداً ولاشك فيه، ولكن اليهودي في الوقت ذاته له تراثه الحضاري الديني المتميز. أما علاقة يهود الدياسبورا بإسرائيل، فإن صهاينة الدياسبورا يقودون الصبغة الصهيونية الثقافية، التي تنظر إلى إسرائيل، باعتبارها مركز اليهودية، الثقافي والروحي، الذي تعيش فيه الروح اليهودية خالصة. لذلك تستخدم صهيونية الدياسبورا، مقياسين: واحداً للحياة العلمانية العادية، في المنفى، وآخر للحياة المقدسة، في أرض الميعاد. فكثيرً من الأمريكيين اليهود يعيشون في بلد علماني، ويدافعون عن فصل الدين عن الدولة، وفي الوقت ذاته يستنكرون الحياة العلمانية في إسرائيل، والطابع غير اليهودي للدولة الصهيونية. وبذلك يكون لصهيونية الدياسبورا اتجاهان متعارضان.

    وقد ظهر اتجاه صهيونية الدياسبورا، مع ظهور الحركة الصهيونية ذاتها، وانتشر بين يهود الغرب، المندمجين، الذين اعتنقوا العقيدة الصهيونية كحل لمشاكل يهود شرق أوروبا، الذين كانوا قد بدأوا يهاجرون إلى الغرب، مهددين مراكزهم الحضارية والاقتصادية الجديدة، التي حصلوا عليها، عن طريق الاندماج. كما أن العلمانية المتزايدة في الغرب الرأسمالي، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتآكل القيم الحضارية والأخلاقية، جعل كثيراً من اليهود يتجهون إلى تراثهم، ليكتسبوا عن طريقه هوية حضارية أخلاقية، يفتقدونها في مجتمعاتهم. ومن ذلك، بعثت صيغ الصهيونية الروحية (الثقافة خاصة). بينما تُعَبّر الصهيونية الروحية (دينية كانت أو ثقافية) عن مطامح أرستقراطية الجيتو، فإن صهيونية الدياسبورا تعبر عن وضع اقتصادي حضاري جديد، هو وضع اليهود الجدد المندمجين في المجتمعات الرأسمالية الديموقراطية في الغرب، رغم انتماءاتهم الصهيونية العاطفية. تؤيد السياسة الأمريكية هذه الصيغة، فعن طريقها، تضمن استمرار تدفق المعونات والتبرعات، إلى إسرائيل، قاعدتها الأساسية في الشرق العربي، دون أن تتكبد أي عناء، أو تكاليف، وبذلك تقوم صهيونية الدياسبورا، بدور الأرستقراطية بالنسبة للجيتو الإسرائيلي، ولن تظهر الاتهامات بازدواج الولاء، إلاّ حينما يظهر التناقض بين مصالح الإمبريالية، ومصالح إسرائيل.