ملحق

وعد بلفور[1] Balfour Declarahon

لجأت الصهيونية العالمية منذ أواخر القرن التاسع عشر، إلى استغلال الدين والعقيدة، والحقوق الدينية المزعومة لبني إسرائيل، لتحقيق أهداف ومطامع إقليمية سياسية توسعية، ترمي إلى السيطرة على منطقة الوطن العربي، وإقامة دولة دينية عنصرية، تضم يهود العالم، وتمتد من نهر مصر إلى النهر الكبير (الفرات)[2] كما يزعمون. ولقد استغل زعماء الصهيونية الجانب الديني، وتأثير التوراة على المذهب البروتستانتي، وهو المذهب الرسمي لإنجلترا، أكبر استغلال، حيث يؤيد ذلك ما ذكره حاييم وايزمان في مذكراته: "إن السبب الرئيسي لنجاح اليهود، في الحصول على وعد من بريطانيا، بإنشاء وطن قومي يهودي، هو شعور الشعب البريطاني، المتأثر بالتوراة".

كانت نقطة التحول الرئيسية، لليهود، هي عام 1917، خلال الحرب العالمية الأولى، عندما نجحت الصهيونية، في إقناع وزير الخارجية البريطاني، آرثر بلفور، بإصدار وعد أو تصريح، سميّ باسمه، والذي كان أخطر ما فيه، إنشاء وطن قومي يهودي، والإشارة فيه إلى حقوق اليهود السياسية والمدنية والدينية.والإشارة فقط للحقوق المدنية والدينية للطوائف الأخرى.

   لم يطالب هرتزل في بادئ الأمر بفلسطين، وقد ذكر الأرجنتين وقبرص وكندا وجنوب أفريقيا، كأماكن صالحة لإقامة دولة يهودية. وإن ذكر أن ذلك يعد بمثابة هدف إقليمي، على أن تكون صهيون (فلسطين) هي الهدف النهائي.

   لم تكن الأسباب الحقيقية لمساندة بريطانيا للصهيونية، هي فقط الرغبة في الحصول على مساعدة اليهود، بل كانت لبريطانيا، تلك الإمبراطورية الاستعمارية التقليدية في هذا الوقت، أهداف أخرى مستترة، بعيدة المدى، ترمي إليها، وهي:

1. الهدف الأول: هو منع مصر من التوسع شرقاً.

2. الهدف الثاني: منع قيام أي تقارب، شعبي أو فكري أو جغرافي، بين دول الوطن العربي، مشرقه ومغربه.

3. الهدف الثالث: ضمان السيطرة على قناة السويس، والجانب الشرقي بها (سيناء وفلسطين)، وهو ما تؤكده المذكرة التي بعث بها، الكولونيل ماينزتشاجن سكرتير اللنبي، حول تصارع القوميتين العربية واليهودية، والمصالح البريطانية.

4. الهدف الرابع: تأمين خطوط المواصلات، لضمان تدفق الملاحة في قناة السويس، وخاصة مع الهند.

قابل العرب وعد بلفور بغضب شديد، وانعكس ذلك على العلاقات مع بريطانيا لفترة طويلة (إضافة لكونها الدولة المستعمرة للدول العربية في المنطقة). إذ بدأت تتحدد معالم النزاع العربي اليهودي، منذ صدور هذا التصريح، والذي استمر طوال ربع القرن التالي، والذي اتخذ بعداً ثلاثياً، بين العرب واليهود وبريطانيا، بعد ذلك، كسلطة انتداب بموجب معاهدة فرساي، وأكدت الممارسات البريطانية، مخاوف العرب، الذين استمروا في عدائهم لبريطانيا، لسماحها وتشجيعها لهذا التهديد اليهودي.