إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / نظرية الأمن الإسرائيلي





نظام القبة الفولاذية
مقطع لمدينة القدس
التهديدات الخارجية المعادية لإسرائيل

أوضاع الدفاعية الإسرائيلية في الجولان
أوضاع الدفاعية الإسرائيلية في سيناء
المناطق العازلة
الأوضاع النهائية في فلسطين
الهجمات الإسرائيلية على سورية
الضربة الجوية كولمب
العمليات على الجبهة الأردنية
العملية العين (حوريب)
العملية عوفداه
العملية قادش المعدلة
ضربة صهيون
عملية السلام من أجل الجليل



كلية الملك عبدالعزيز الحربية

ثانياً: المرحلة الثانية: (1967 ـ 1973)

1. حرب عام 1967

كانت نظرية الأمن الإسرائيلي وليدة ظروف إسرائيل، ضمن حدودها، ما قبل 5 يونيه 1967. ورغم تميزها، لتكامل عناصرها، التي كانت انعكاساً لهذه الظـروف، إلا أنها لم تنجح إلا ضمن ظروف عربية إستراتيجية معينة ساعدت على نجاحها. كانت الروح الهجومية المتحفزة، لدى الإسرائيليين قبل حرب 1967، والتي شكلتها بصورة أساسية أسطورة خطر الإبادة، التي روجتها الدعاية الصهيونية، عنصراً وحافزاً معنوياً ضخماً، للقوات المقاتلة، وللقيادات المخططة للحرب. في حين اكتفت القيادات العربية بإستراتيجيتها الدفاعية، حيث قبلت مسّبقاً، وبصورة معلنة، مبدأ تلقى الضربة الأولى (نتيجة ضغوط دولية)، على أمل توفر القدرة العسكرية لامتصاصها، والتحول إلى الهجوم المضاد بعد ذلك، وهو ما أعطى الفرصة للجيش الإسرائيلي لتنفيذ إستراتيجية هجومية، ضمن الظروف السابقة لنشوب حرب 1967[1].

وتُعد جولة يونيه 1967، مرحلة اكتساب عمق إستراتيجي، واعتناق مبدأ الحدود الآمنة، كأحد النتائج الرئيسية للحرب، وهو أحد العناصر الأساسية، التي أضيفت إلى نظرية الأمن، نتيجة لهذه الجولة، باحتلال المناطق العربية في الضفة الغربية وغزة والجولان وسيناء في أعقاب الحرب، مما وفر لإسرائيل عمقاً إستراتيجياً للمرة الأولى. وبذلك أصبحت أي حرب قادمة ستكون خارج حدودها، وداخل الأراضي التي تحتلها، وهو ما رسخ فكرة الحدود الآمنة، التي اعتنقتها بعد ذلك لتشكل إحدى الركائز الرئيسية لنظرية الأمن. تزايدت، تبعاً لذلك، أهمية القوات الجوية عملياً، لدرجة أنه أصبح يطلق عليها "الذراع الطويلة". وقد عادت إسرائيل مضطرة، مرة أخرى، إلى مفهوم الحرب الدفاعية، وساعدها على ذلك أمران:

الأول: أن الدول العربية تخلت، ولو مؤقتاً عن الحرب الهجومية (أو هكذا رأت إسرائيل). وقد عبر ديان عن ذلك بقوله: "إِن الحكومات العربية جميعاً، أو جزءاً منها، على الرغم من مطالبها وأمانيها القومية، فربما لن تجد، بعد زمن طويل، سبيلاً إلى استئناف الحرب ضدنا، وإذا كانت الدول العربية لن تستأنف القتال، فذلك يعود إلى معرفتها بما ينتظرها من ذلك، وهي تدرك أن لدى إسرائيل وسائل عسكرية تمكنها من الضرب وراء الحدود، وأن أي محاولة من جانبها للمساس بكيان إسرائيل، قد تلحق بها كارثة".

الثاني: شعور إسرائيل بدرجة أكبر من الطمأنينة أو الأمن، في أعقاب الهزيمة العربية عام 1967، فلم تعد في حاجة إلى الاستمرار في عملياتها الهجومية. فقد أدى وصول القوات الإسرائيلية إلى الضفة الشرقية للقناة، والضفة الغربية لنهر الأردن، والحافة الشرقية لمرتفعات الجولان، إلى وقوع مساحات واسعة من الأراضي العربية الجديدة تحت الاحتلال الإسرائيلي، تفوق بكثير مساحة الأراضي المحتلة أصلاً عام 1948. ترتب على ذلك وجود عمق إستراتيجي حقيقي لإسرائيل، يسهل عليها للمرة الأولى، مهام الدفاع عن الأرض المحتلة، القديمة والجديدة على السواء. لذلك، أُدخل مبدأ جديد، مهم، على نظرية الأمن الإسرائيلية، عرف بمبدأ "الحدود الآمنة"، وقد شرح "إيجال آلون" هذا المبدأ فقال " إن طبوغرافية إسرائيل الحالية، بعد يونيه 1967، تجعل من الممكن وضع حدود طبيعية، يتكون منها حائط دفاعي، يمكن أن يكون عاملاً رادعاً بذاته، أو يُحَسّنْ على الأقل من قدرة إسرائيل الدفاعية بدرجة كبيرة. وفي ظل الحقائق الجغرافية والتطورات الإستراتيجية الجديدة السائدة في الشرق الأوسط، لا يوجد بديل عن الحدود الآمنة إستراتيجياً. وإذا كانت إسرائيل تريد أن تبقى، فعليها أن تطالب بحدود آمنة، في المناطق التي جعلتها قبل يونيه 1967، معرضة للخطر.

"فالحدود الآمنة بلا سلام، أفضل من السلام بلا حدود آمنة". عبر آلون بذلك عن أطماع إسرائيل التوسعية بوضوح، تحت شعار الخطر المزعوم، الذي كان يتهددها عام 1967. ثم أوضح تأثير هذه الحدود الآمنة الجديدة، على إستراتيجية إسرائيل العسكرية، فقال: "إن حق إسرائيل الأدبي، وقدرة قواتها على شن هجوم إجهاضي مضاد، لا يزال لهما أهمية أولى. ولكن هذه الضربة الآن ليس لها الأهمية الكبرى، التي كانت قبل يونيه 1967، خاصة في مناطق كثيرة، على طول مختلف الجبهات، وللقوات البرية بالذات". هذا وقد عبر "أبا إيبان"، وزير خارجية إسرائيل السابق، عن مفهوم الحدود الآمنة فقال: "إنها حدود يمكن الدفاع عنها، دون أن نبادر بضربة مسبقة".

تناول الجنرال "إسرائيل طال" أثر "الحدود الآمنة"، على الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية عقب حرب 1967 فقال: "بعد حرب الأيام الستة، طرأ تحول حاسم ورئيسي على الوضع الإستراتيجي لدولة إسرائيل. فقد خلق عمقاً إستراتيجياً، إذ أصبحت قناة السويس بمثابة حدود، وكذلك نهر الأردن، وأصبحت هضبة الجولان بأيدينا، وهكذا تبنينا، وللمرة الأولى في تاريخنا، فكرة أننا لسنا مجبرين على خوض حرب هجومية، لأن الوضع الجديد يسمح لنا بخوض حرب دفاعية. أي نستطيع أن لا نكون غير مُهَاجمين، ونخوض حربا دفاعية، إلا أننا، من جهة أخرى، اضطررنا إلى الاستناد على مفهوم الدفاع الثابت بصفة مؤقتـة، وبهذا أصبح لدينا في النهاية عمق إستراتيجي، ومن ثم لم نعد مضطرين أن نعتمد في أمننا، في حالة الحرب، على الهجوم. وأصبحنا نستطيع التصرف "كشعب عادي"، وخوض حرب دفاعية وإتباع أسلوب الدفاع المتحرك إذا اقتضى الأمر في المرحلة الافتتاحية للحرب، ثم التحول للإستراتيجية الهجومية مرة أخرى"[2].

كانت الحدود الجديدة "الآمنة" طويلة، وبعيدة عن مراكز تجمع السكان، حيث جنود الجيش الاحتياطي. فكان من الضروري للإستراتيجية الإسرائيلية، أن تتبنى أسلوب الدفاع الثابت، وتنشئ مخازن للطوارئ متقدمة في الأراضي المحتلة، وأن تبنى كذلك تحصينات خط بارليف، على حافة قناة السويس الشرقية، وعوائق وتحصينات في الجولان، حتى يمكنها أن توفق بين اعتبارات الجيش النظامي الصغير، التي تفرضها الضرورات الاقتصادية، وبين المهام الصعبة للدفاع عن حدود طويلة، بأسلوب الدفاع المتحرك، الذي يتطلب حشد قوات مدرعة، وميكانيكية كبيرة نسبياً، في نقاط تجمع في العمق القريب من الخطوط الأمامية، التي لا تضم في مثل هذه الحالة سوى نقاط إنذار وعوائق هندسية فقط.

أدت التطورات الإستراتيجية الجديدة، التي ترتبت على مبدأ "الحدود الآمنة"، والدفاع الثابت المرتبط بها، في المرحلة الافتتاحية للحرب، قبل التحول للهجوم، إلى ترجيح فكرة قبول الضربة الأولى، المحتملة من جانب العرب، استناداً إلى أن العمق الإستراتيجي المتحقق، نتيجة لتوسعات 1967، يسمح بامتصاصها، بواسطة القوات النظامية العاملة، والتحصينات الدفاعية، وقوة النيران التي يوفرها الطيران (ويعد بمثابة قوة صدمة هجومية متوافرة دائماً) الذي لا يحتاج تعبئة فعلية، ولأن قوته الرئيسية كلها عاملة، وهو قادر على المناورة السريعة بنيرانه من جهة لأخرى، والاستفادة الكاملة من المناورة على الخطوط الداخلية، ومن ثم يمكنه أن يعوض النقص الكمي في قوة نيران القوات النظامية، لحين أن يتم استدعاء الاحتياط، وحشده في جبهات القتال.

ولا يعني ذلك التخلي عن العمل الوقائي، من خلال الهجوم المضاد المسبق. ولتجنب المباغتة، اعتمدت القيادة الإسرائيلية على إمكانية حصولها على إنذار مبكر، من الاستخبارات، في حالة وجود حشود أو تحركات عسكرية عربية، ترجح احتمال وقوع هجوم مفاجئ، يوفر لها هامش زمني ملائم لاستدعاء الإحتياطي، في توقيت مناسب. أو خيار توجيه ضربة مضادة مسبقة، بالقوة الجوية فقط، تُحبط بواسطتها، أو تُقلل، من فاعلية الضربة العربية الأولى، وذلك كحد أدنى. بذلك تعمل النظرية الأمنية في صورتها المعدلة الجديدة، بطريقة سليمة، فعّالة الأثر، مع أقل قدر ممكن من الخلل.

رغم كل هذه التحفظات، التي هدفت إلى التقليل من سلبيات الإستراتيجية الدفاعية ـ الهجومية الجديدة، فقد استمر تنظيم الجيش الإسرائيلي، على ما كان عليه قبل حرب يونيه 1967، وهو تنظيم يقوم على أساس "الجيش العامل الصغير"، المؤلف من المدرعات والمظليين وقليل من المشاة والمدفعية، والذي ستلحق به قوات الاحتياط، ذات التشكيل المماثل تقريباً، لتوجه الضربة المضادة الحاسمة، ثم التحول إلى الهجوم، لإنهاء الحرب بسرعة خاطفة.

لم تلاحظ القيادة الإسرائيلية، السياسية والعسكرية، مدى خطورة هذا التناقض، بين الطابع الدفاعي للإستراتيجية العامة (أي نظرية الأمن في صورتها المعدلة)، التي تعتمد على الدفاع المتحرك (أو الثابت) في المرحلة الافتتاحية للحرب وبين الطابع الهجومي لإستراتيجية العمليات، التي يعتنقها الجيش الإسرائيلي. ولم تهتم جدياً باتخاذ الإجراءات اللازمة، للتخفيف من الآثار الحادة لهذا التناقض.

كان مبدأ "الردع"، وقدرة الحسم المرتبطة به، قد ترسخ بطريقة عميقة في الفكر الإستراتيجي الإسرائيلي، على كل المستويات، عقب حرب 1967. واعتُبرت نتائج هذه الجولة، الحاسمة على المستوى العسكري، تحمل القدر الكافي من مصداقية "قوة الردع" الإسرائيلية. خاصة وأن سلاح الطيران، الذي أصبح عموده الفقري، يشمل عدداً من طائرات "الفانتوم" الحديثة (وقد أغفلت مغزى نتائج الأسبوع الأخير من حرب الاستنزاف المصرية، التي تمثلت في إسقاط نحو 8 طائرات من نوع Phantom ، و6 طائرات من نوع Sky hawk ، وطائرة استطلاع الكتروني، بواسطة الصواريخ المصرية المضادة للطائرات من نوع Sam 2.3.7. بذلك صار المبدآن "الحدود الآمنة" و"قوة الردع المتفوقة"، مع قبول مبدأ الدفاع أيا كانت صورته، يشكلان جوهر نظرية الأمن الإسرائيلي عقب حرب يونيه 1967. واستمرا كذلك حتى بعد ظهر السادس من أكتوبر 1973.

2. حرب عام 1973

أ. نتائج تطبيق نظرية الأمن في حرب 1973

لا يمكن قبول ما تدعيه القيادة الإسرائيلية، من أن عنصر المباغتة كان السبب الوحيد للخلل، الذي أصاب نظرية الأمن الإسرائيلي، في حرب "يوم الغفران". ذلك أن المباغتة لم تكن كاملة بالمعنى المفهوم. فقد تجمع لدى الاستخبارات الإسرائيلية، معلومات مسبقة كافية، عن الحشود العسكرية العربية، على كل من الجبهتين المصرية والسورية. واتخذت القيادة العسكرية الإسرائيلية، عدة إجراءات وقائية، تضمنت تعزيز قواتها في الجولان بلواء مدرع، من أفضل الألوية المدرعة في الجيش الإسرائيلي العامل (اللواء السابع المدرع)، وبث مزيد من الألغام أمام المواقع الدفاعية، وتعميق للخندق المضاد للدبابات. كما أعلنت حالة التأهب الكامل في سلاح الطيران، ودرست إمكانات توجيه ضربة مضادة مسبقة لقواعد الصواريخ السورية، والقواعد الجوية للطيران السوري. وأنذرت القوات في جبهة القناة، وكلفت بالاستعداد لتنفيذ خطة شوفاخ يونيم "أبراج الحمام"، المعدة مسبقا لمواجهة احتمال قيام الجيش المصري بعبور القناة. وأنذرت قوات الاحتياط بالاستعداد لاحتمال إعلان التعبئة العامة، وتمت بالفعل تعبئة جزئية في سلاح المدرعات.

وقد حال دون إعلان التعبئة العامة، في وقت مبكر عن الوقت الذي أعلنت فيه فعلاً[3] سوء التقدير السياسي العسكري، من جانب الاستخبارات الإسرائيلية، بالنسبة للنوايا العربية، الكامنة وراء الحشود العسكرية، واستبعادها إقدام مصر وسورية، على شن حرب واسعة النطاق. ويرجع هذا الخطأ في واقع الأمر، إلى المبالغة التي غرق فيها أصحاب نظرية الأمن الإسرائيلية، بالنسبة لمبدأ "قوة الردع المتفوقة"، التي تملكها إسرائيل، وتجعل العرب عاجزين عن اتخاذ قرار بالحرب الواسعة النطاق، خشية تدمير جيوشهم، كما حدث في 1967. كذلك مبدأ "الحدود الآمنة"، وقدرة الجيش الإسرائيلي العامل، بحجمه الصغير، على الدفاع عنها لحين استكمال التعبئة، بحكم أنه جيش متفوق نوعاً، بدرجة عالية، بالنسبة للجيوش العربية.

وكانت النتيجة، تقلص الهامش الزمني، اللازم لتشغيل آلة الحرب الإسرائيلية بكامل قدرتها، إلى حد كبير. وعلى الرغم من ذلك، كان من الممكن للقوات العاملة، أن تحقق بعض النتائج في المعارك الأولى، بصورة أفضل. فقد تصور الجنود الإسرائيليون في تحصينات خط بارليف وأطقم الدبابات في سيناء، أن الأمر لن يتعدى حدود ما كان يحدث أيام حرب الاستنزاف، عاميّ 1969-1970، من قصف مدفعي، وعبور وحدات إغارة للقناة. لذلك، حرك الجنرال "مندلر"، قائد مجموعة العمليات المدرعة المدافعة في سيناء، لواءً مدرعاً على امتداد القناة كلها. وكانت المباغتة التكتيكية المذهلة، هي عبور المشاة المصرية، بحشود كبيرة، على طول المواجهة[4]. وقد أشار "زئيف شيف" إلى هذه الحقائق فقال: "وفيما يتعلق بمواقع الجيش الإسرائيلي الحصينة على امتداد القناة، فقد انتظروا الحرب معتقدين بأنه إذا ما حدث شيء فإنه سيكون شبيها بحرب الاستنزاف، وقد نجا قسم كبير من أولئك، الذين جلسوا داخل المواقع الحصينة من التمهيد النيراني، بيد أنهم لم يستطيعوا منع عبور القوات المصرية".

وفي الجولان، تصدى اللواءان المدرعان 7 و188، من مرابضهم، للموجة الأولى من الدبابات السورية المهاجمة، واستطاعوا تدمير أو تعطيل معظمها، واعتقدوا أن الاشتباك قد انتهي بذلك. ولكن كانت دهشتهم كبيرة، حين وجدوا مئات أخرى من الدبابات السورية تواصل الهجوم، وتكتسح مواقعهم بعد ذلك بقليل.

عكست تلك الظواهر مدى زيف مبدأيّ التفوق المطلق والردع، و"الحدود الآمنة"، ومدى الاهتزاز العنيف الذي أصابها جميعاً، حالما أخذت الجيوش العربية المبادرة الهجومية، ومارست الحرب للمرة الأولى بأسلوب علمي، وإن كان بحذر شديد وحرفية قتالية، فرضتها ظروف، وحجم هزيمة 1967.

ازداد افتقاد الجيش الإسرائيلي لتوازنه، على كل المستويات، على أثر اصطدام الطيران بشبكة الدفاع الجوي، لكل من مصر وسورية، التي منعته من دعم القوات البرية، التي بنيت نظريتها القتالية على هذا الأساس، وتعودت على ذلك الدعم المطلق، الذي يقدمه لها الطيران بالمعاونة القريبة المباشرة لها بالنيران. اختلت قدرة القوات النظامية العاملة بدرجة خطيرة، قبل أن تصل إليها القوات الاحتياطية المعبأة. في الوقت نفسه، كانت القوات الاحتياطية، التي طالما تفاخرت إسرائيل من قبل، بدقة نظام تعبئتها وسرعتها، تعانى، هي الأخرى، من خلل في سرعة وكفاءة تجميعها، وحشدها وتحريكها، نحو جبهات القتال. وقد تم الكشف بعد الحرب عن كثير من نقاط الضعف، حول المعدات والعربات والدبابات، التي لم تكن بحالة صالحة للاستخدام عند الاستدعاء، وعن نقص الذخيرة عند كثير من الوحدات، وتخلف الكثيرين عن الالتحاق بوحداتهم، في الوقت المحدد نظرياً من قبل وعن اضطرار قادة الفرق في الجبهة السورية إلى دفع كل فصيلة أو سرية من الدبابات، أمكن جمعها كيفما اتفق، في أتون المعركة فوراً، خشية وصول الدبابات السورية إلى نهر الأردن. وهكذا اهتز مبدآ "الجيش العامل الصغير" و"الجيش الاحتياطي الكبير"، الذان طالما فاخرت بهما إسرائيل، منذ حرب يونيه 1967.

بعد اكتمال حشد الاحتياطي، ونتيجة لندرة الهجمات الجوية العربية على العمق الإستراتيجي الإسرائيلي، وعدم اشتراك الجبهة الشرقية الأردنية في المعركة، بدأت إسرائيل الهجوم المضاد على الجبهة السورية. إلاّ أن القيادة الإسرائيلية لم تستطع أن تكرر أساليب الحرب الخاطفة، التي تعودت عليها بنجاح في الحرب عام 1967. اضطرت إسرائيل إلى خوض معارك طاحنة، بطيئة الإيقاع، غير حاسمة، على كلتيهما. وكانت النتيجة انهياراً كاملاً لعقيدتها "الحرب القصيرة" الخاطفة. وترتب على ذلك انهيار كامل لمبدأ "الاعتماد على القوة الذاتية" كذلك، واضطرت القيادة السياسية الإسرائيلية، أن تطلب بإلحاح سرعة إمداد الولايات المتحدة الأمريكية لها، بالسلاح والذخيرة وقطع الغيار.

كان من الممكن أن تؤدي الاهتزازات الخطيرة، في ركائز نظرية الأمن الإسرائيلي، إلى انهيار كامل، لو أن القيادات العربية قاتلت ضمن إطار إستراتيجية سياسية عسكرية موحدة، ولو لم تكن الحرب قد خططت على النحو المحدود، الذي جرت وفقاً له. على جانب آخر، أدى سوء التقدير لقدرات المقاتل العربي، من جانب القيادات الإسرائيلية، إلى توفير أفضل الظروف القتالية ملائمة، كي تعمل الصواريخ "ساجر" و"سام"، وغيرها من الأسلحة بفاعلية عالية. ضاعف ذلك من نتائج المباغتة الإستراتيجية والعملياتية، التي نتجت أساساً بسبب أوهام "قوة الردع المتفوقة". وتداعى مبدأ رئيسي آخر من مبادئ نظرية الأمن الإسرائيلي، الذي بُني على مبدأ "التفوق النوعي" المطلق، الذي كان يحكم العقل الإسرائيلي في ذلك الوقت، وأن ما كان يسميه الإسرائيليون بالتفوق النوعي[5] إنما كان عنصر تفوق ذا طابع مؤقت للغاية. مرهون باستمرار حالة من التراخي السياسي الإستراتيجي لدى الجانب العربي، واستمرار الدعم والتأييد الأمريكي المنحاز لإسرائيل.

تآكلت نظرية الأمن الإسرائيلي جزئياً عام 1973، غير أن القوات الإسرائيلية، استطاعت، في ظلها، صد الهجوم العربي، والتحول إلى الهجوم المضاد، غير الحاسم. وأدى الانتصار، الذي حققه العرب (مصر وسورية) في حرب أكتوبر 1973 إلى دفع إسرائيل لمراجعة حساباتها. وكان من أبرز المراجعات إدخال تغييرات جديدة على نظرية الأمن، حتى تتواءم مع تطورات الأبعاد السياسية والعسكرية للأمن الإسرائيلي، التي نجمت عن هذه الجولة، حيث استندت إلى مجموعة من الركائز:

(1) تطوير منظومة الاستطلاع والاستخبارات، لتوفير المعلومات الدقيقة، الموقوته، حتى يمكن تفادى المباغتة مرة أخرى، مع ضرورة تحقيق تعاون كامل في ذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية.

(2) عدم الاعتماد على جهاز واحد للإنذار، والأخذ بمبدأ الاعتماد على أكثر من جهة استخبارية، لتفادي الوقوع في خطأ الاعتماد على جهاز واحد، كما حدث في حرب عام 1973.

(3) تأكيد مبدأ الاعتماد على الذات، وتنمية القدرات الإسرائيلية، نتيجة للخسائر الكبيرة في أكتوبر 1973، إذ لولا جسر الدعم الجوي الأمريكي، لكان الكيان الإسرائيلي نفسه قد تهدد.

(4) استمرار اعتناق مبدأ القيام بالأعمال الهجومية، إذا ما تعرض أمن إسرائيل للخطر، إضافة إلى استمرار الاستعداد للقيام بعمليات إجهاض، ضد القوات العربية.

(5) التأكيد على استمرار العمل بالقانون الحديدي Iron low [6]، بمعنى نقل الحرب إلى أرض العدو في أقرب فرصة ممكنة، بعد الاتفاق مع الدولة الكبرى الداعمة لإسرائيل.

(6) امتلاك زمام المبادرة، خصوصاً إذا أقدم العرب على خرق "حدود الأمان"، وتهديد الوجود الإسرائيلي، والتأكيد على مفهوم "الخط الأحمر"، الذي حدده الجنرال جور رئيس الأركان الأسبق، بأنه مفهوم ديناميكي يتحدد في ضوء الاعتبارات السياسية والعسكرية، التي تتغير باختلاف الوقت، وهو مقدم على غيره من الاعتبارات، على أساس أن خرق هذا الخط أو الاقتراب منه من جانب العدو، ينبغي مواجهته والتصدي له.

(7) سرعة التصرف، والمرونة في الاستجابة، والقدرة على اتخاذ قرار تكتيكي، دون الرجوع إلى القيادة المركزية أو الإقليمية.

(8) التعبئة السريعة لقوات الاحتياط، بالحجم الذي تحتاجه إسرائيل، في الوقت المناسب.

(9) إعادة التأكيد على المرونة، والقدرة على التكيف، في العلاقة بين مختلف الأسلحة، وتكاملها ودقة التنسيق فيما بينها، بإعادة التوازن للقوات البرية من خلال إعادة تنظيم وتسليح المشاة والمدفعية.

(10) زيادة حجم القوات العاملة بنسبة أكبر، بالقدر الذي يمكنها من الصمود، لاحتواء وتعطيل العدو لمدة تتراوح بين 48 و72 ساعة، وعدم الانهيار لحين إتمام التعبئة.

كانت أبرز الانعكاسات الإستراتيجية، التي أدت إلى إعادة النظر في نظرية الأمن الإسرائيلي بعد حرب أكتوبر 1973 هي:

(1) المبادرة والضربة الأولى والحرب الوقائية: (الهجوم المضاد المسبق)

عاد مبدأ المبادرة وضرورة توجيه الضربة الأولى، أو شن الحرب الوقائية، دون انتظار الموقف السياسي، ليصبح المبدأ الأساسي بعد حرب أكتوبر 1973، في نظرية الأمن الإسرائيلي، بعد أن تنبه القادة العسكريون الإسرائيليون إلى أهمية الأخذ بذلك.

(2) القوة الرادعة:

شكلت القوة الرادعة أحد المبادئ الرئيسية في نظرية الأمن الإسرائيلي، قبل حرب أكتوبر 1973، بهدف تحقيق نصر سريع حاسم، كما كان الحال من قبل. عقب حرب أكتوبر تعرض مبدأ القوة الرادعة لانتقادات شديدة. فقد اضر المصريون إلى حد ما بقوة الردع الإسرائيلية، وتساءل البعض عما إذا كانت إسرائيل قد حققت فعلاً، في يوم من الأيام، قدرة ردع حقيقية؟ كان رأي آخرين أن الجيش الإسرائيلي لم يحقق أبداً قوة ردع بالنسبة للعرب. وأيد عيزرا فايتسمان (وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، ورئيس الدولة فيما بعد) وجهة نظر دافيد اليعازر بضرورة المحافظة على قوة الردع. فكل دولة لا تسعى إلى الحرب، ينبغي أن تؤمن لنفسها أقصى درجة من الردع، أي أن تمنع من البداية، نشأة ظروف تجبرها على شن حرب فعلية، كي تحقق أهدافها السياسية، أو لتمنع أعداءها من أن يجبروها على الخضوع لإرادتهم، بإقناع العدو، بأن كل جهد عسكري من جانبه محكوم عليه بالفشل سلفاً". كان تآكل الردع التقليدي الإسرائيلي، سبباً في ظهور فكرة التلويح غير المباشر بنظم التسلح النووية، للردع بالشك، بهدف استعادة الهيبة الإسرائيلية، مع ضرورة العمل على تكامل وسائل الردع وأساليبه.

(3) تجنب المباغتة

اعتمدت إسرائيل قبل حرب أكتوبر 1973، على أجهزة إستخباراتها، وكذلك على نقاط المراقبة المتقدمة، لتجنب أية مباغتة من جانب العرب. إلاّ أن الحرب برهنت على عدم كفاءة هذه الوسائل، كما أشار تقرير لجنة أجرانات[7]، التي شكلت للتحقيق فيما نُسب إلى القادة الإسرائيليين من تقصير في حرب 1973. كان الجيش الإسرائيلي يتوقع من جهاز استخباراته الإخطار عن نوايا العرب، بشن هجوم على إسرائيل، قبل بدء القتال بمدة ليست أقل من 24 ساعة، وهو ما لم يستطع الجهاز معرفته إلا قبل ساعات قليلة من بدء القتال. ولكن الجهاز أخطأ التقدير، وأبلغ المسؤولين بموعد خاطئ لبدء الهجوم العربي[8]. لذلك، احتل مبدأ تجنب المباغتة مكانة رئيسية بعد الحرب، لعدم السماح بتكرار ما حدث عام 1973. وقد عكست تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، في ذلك الوقت، مدى حرصهم على مبدأ تجنب المباغتة، إذ أوضح شيمون بيريز "أنه بعد يوم الغفران أصبح خوف إسرائيل الطبيعي أن تدهمها مباغتة وهي نائمة". وفي تصريح آخر قال بيريز "باستطاعة العرب شن هجوم مباغت جديد ضد إسرائيل، وبإمكانهم الاستفادة من فترة الهدوء للتخطيط لهجوم كهذا". كما أعلن موردخاي جور[9] "أنه ليس لدى إسرائيل شك في أن الدول العربية تستطيع شن حرب مباغتة اعتماداً على جيوشها النظامية، وأنه ليست هناك أية ثقة عندنا في أننا نستطيع منع المباغتة رغم يقظتنا".

(4) تكامل نظم الأسلحة

(أ) تكامل وسائل الردع: صواريخ أرض / أرض مع القوات الجوية.

(ب) تكامل أنظمة الدفاع المضاد للدروع المختلفة (صواريخ مضادة للدروع ـ طائرات عمودية مضادة للدروع ـ الدبابات).

(ج) تكامل وتوازن بناء القوة البرية (مشاة ـ دروع ـ مدفعية).

(د) تكامل قوة النيران (المدفعية ـ الطيران).

(هـ) تكامل منظومة المعلومات والاستخبارات، من خلال منظومة "أوفيك" الفضائية (أقمار التجسس).

(و) التعاون التقني المستمر مع الدول الكبرى، في نظم التسلح للمحافظة على التفوق التقني.

(5) أهمية العمق الإستراتيجي

من المؤكد أن العمق الإستراتيجي يشكل مبدأ مهماً، من المبادئ الإستراتيجية العسكرية عموماً. ومن هذا المنطلق، نظرت إسرائيل بأهمية بالغة إلى الأراضي، التي احتلتها سنة 1967 فقد أشار موشيه ديان إلى أن أهمية هذه الأراضي، تكمن في قيمتها الأمنية. لذلك، ذهب الكثيرون إلى أن تطور الأسلحة، لم يلغ الأهمية التكتيكية والإستراتيجية لطبيعة الأرض. وأكد مردخاي جور هذه النظرة بقوله "إنه من الخطأ الاعتقاد بأن الأسلحة الحديثة، تجعل الأرض غير مهمة، بل العكس هو الصحيح، فالأسلحة المتقدمة تحتاج إلى حيز لانتشارها". وقد اختلفت الآراء، فيما إذا كان الانسحاب الإسرائيلي من سيناء يشكل إهداراً للعمق الإستراتيجي أم لا؟ وهو ما أدى إلى العودة للتشبث مرة أخرى بالأراضي المحتلة (الجولان ـ الضفة الغربية)، لما يحققانه من عمق إستراتيجي، خاصة مع قربهما من التجمعات السكانية في إسرائيل، إذا قورنا بسيناء.

(6) التفوق النوعي

يعني التفوق في نوع الطاقة البشرية، وفي نوعية السلاح المستخدم، وهو معيار تقدم الجيوش. لا شك أن حرب أكتوبر 1973، أثبتت تفوق العرب الكمي، وهو ما دفع إسرائيل إلى الاتجاه لتعويض التفوق الكمي من خلال تحقيق التفوق النوعي، في مجال التسليح، على جيرانها، رغم الشك في استمراره بالنسبة للمستقبل. فقد أوضحت حرب أكتوبر 1973، أن العرب قادرين على تعلم أساليب التقنية الحديثة، وهذا ما أشار إليه موردخاي أبير[10] قائلاً "إن إسرائيل ستحتفظ لسنوات قليلة بتفوق عسكري على الدول العربية، التي يمكنها تضييق هذه الهوة بفضل المعدات العسكرية الحديثة، والخبرة التقنية التي يحصلون عليها بفضل أموال النفط"، وإن كان العسكريون قد عارضوا هذه النظرة، وذهبوا إلى أن الجندي العربي غير متطور، وهو بذلك لا يمكنه العمل بمستوى فني عال على الأسلحة المتقدمة. وقد كتب موردخاي جور حول هذا المعنى قائلاً "يتحدث البعض عن إمكان التغلب على الفجوة بين القوات الإسرائيلية والقوات العربية، من خلال الأسلحة المتقدمة. وأعتقد أن هذا خطأ، إن العرب يعتمدون ولاشك، في الوقت الحاضر على الأقل، على إمكان الجمع بين الأسلحة المتقدمة والجندي غير المتطور، بينما نعتمد نحن على أكثر الأجهزة والأسلحة تقدماً، وعلى أكثر الجنود تطوراً، وأعتقد أن هذا سيمكننا من المحافظة على الفجوة في الطاقة البشرية وفي النظام ككل بيننا وبين الجيوش العربية للمستقبل القريب". بل ذهب جور إلى أبعد من ذلك عندما قال "إن الكمية الضخمة من الأسلحة المتقدمة، التي يحصل عليها العرب تعطيهم ميزة، لكن ما يعوقهم حتى الآن هو تدنى مستوى القدرة التقنية لجنودهم" .

(7) نقل الحرب إلى الأراضي العربية

سعت إسرائيل دائماً إلى تحقيق ذلك العامل، بينها وبين أي دولة عربية، بل لعله المبدأ الإستراتيجي الوحيد، الذي تحرص إسرائيل على عدم التخلي عنه. وهو أسلوب التزمت به إسرائيل سنة 1956، وفي حرب 1967، وكذلك أثناء حرب الاستنزاف، عندما حاولت إسرائيل شن هذه الحرب داخل الأراضي المصرية. وكذلك بالنسبة للعمليات الإسرائيلية ضد المقاومة الفلسطينية، فقد كانت تتم داخل الأراضي اللبنانية والسورية. وقد كشف تقرير لجنة أجرانات بعد حرب 1973، أن القيادة الإسرائيلية كانت تعد لنقل هذه الحرب إلى داخل الأراضي العربية، قبل إعدادها الخطط الملائمة لصد الهجوم العربي.

ونظراً لأهمية هذا المبدأ في نظرية الأمن الإسرائيلي، قد سعى العسكريون الإسرائيليون ليؤكدوا للولايات المتحدة الأمريكية استمرار اعتناقهم له. فخلال زيارة هارولد براون وزير الدفاع الأمريكي، لإسرائيل في فبراير 1979، قال له عيزرا فايتسمان "إنك ستوافقني على أننا إذا هوجمنا من الجبهة الشرقية، لن نجلس هناك داخل التحصينات، ونطلق النار من داخلها على الدبابات المهاجمة، بل سنعبر الخطوط، وهذا هو الحد الأدنى الذي يجب علينا عمله، خصوصاً إذا وضعنا في اعتبارنا كميات السلاح الحديث المتوفر، لدى الطرف الآخر".

ب. التغييرات في نظرية الأمن الإسرائيلية، عقب حرب أكتوبر 1973

ظلت نظرية الأمن الإسرائيلي، بعد الجولة الرابعة، دون تغييرات جذرية من حيث الشكل، إلا أن التغيير كان جذرياً في مضمون النظرية، وهو ما انعكس على إعادة بناء وتطوير جيش الدفاع الإسرائيلي في المرحلة التالية، خاصة بالنسبة لعناصر الحدود الآمنة (الردع، التفوق النوعي). وتحددت ركائز جديدة للنظرية:

(1) الردع، والإنذار، والحسم السريع.

(2) العمل على إعادة التفوق التقني، على العرب.

(3) استبعاد اللجوء إلى الحرب الوقائية مؤقتاً، مع مراعاة تعزيز القدرة الدفاعية، وعدم استبعاد الضربة المسبقة (الإجهاضية).

(4) الاهتمام بالعمل الليلي، مع تنمية القيادة والسيطرة في التوقيت الحقيقي (Real Time).

(5) دراسة توصية لجنة أجرانات بفتح القوات واستعدادها، بناء على حجم وتوزيع قوات العدو، وليس بناء على النوايا (تفاديا للمباغتة).

(6) الاهتمام بتكثيف وتطوير عنصر النيران بكل صوره، وعلى جميع المستويات.

(7) استمرار العمل بباقي الركائز الخاصة بالحرب القصيرة الخاطفة، ونقل المعركة لأرض العدو، وباقي العناصر الأخرى.



[1] عبر عن ذلك الكاتب الإسرائيلي "هوروفيتش" فقال: "كان للاعتبار الهجومي علاقة وثيقة مع الحل الذي أوجده جيش الدفاع الإسرائيلي للتغلب على مشاكل التفوق الكمي العربي، وعلى مشكلة عدم وجود عمق إستراتيجي جغرافي. وذلك من خلال الاستعداد للانطلاق عندما تحل ساعة "الصفر" والضرب بكل القدرة الكامنة به. ومن وجهة النظر العسكرية كان الجيش، يستطيع أن يستفيد من شبكات المواصلات والتموين الداخلية، وبناء عليه يستطيع استغلال قوته إلى الحد الأقصى بنقل وحدات من جبهة لأخرى".

[2] جنرال إسرائيل طال الحربان.

[3] بدأت التعبئة العامة منذ الصباح الباكر ليوم الغفران، قبل نشوب الحرب بساعات قليلة، إثر اجتماع جولدا مائير مع كبار القادة في السابعة صباحاً، بعد وصول معلومات مؤكدة عن بدء الهجوم العربي في السادسة من مساء اليوم نفسه.

[4] عبر في الموجة الأولى 8000 مقاتل، ارتفع عددهم إلى 14000 بعد ساعة ونصف الساعة، وإلى 38000 بعد خمس ساعات، ووصلوا إلى 100000 في صباح يوم 7 أكتوبر 1973.

[5] كان الإسرائيليون يؤكدون تفوقهم النوعي المطلق، ليس بالنسبة للمقاتل، أو السلاح فقط، وإنما كذلك في القدرة التنظيمية، والقيادية.

[6] القانون الحديدي (Iron Law):، وضع هذا القانون ديفيد "بن جوريون"، كما جاء بمفهوم آخر بمعنى وجوب تجنب إسرائيل الدخول في صراع أو مواجهة مع قوى عظمى.

[7] لجنة شكلت بعد انتهاء الحرب للتحقيق مع القادة الإسرائيليين فيما يتعلق بالقصور الذي منوا به في حرب أكتوبر 1973 سميت باسم القاضي الذي رأسها: أجرانات.

[8] كان هذا التوقيت هو الساعة السادسة مساء يوم 6 أكتوبر، والذي تم بناء على بلاغ من مصدر رئيسي الساعة الرابعة فجر يوم 6 أكتوبر.

[9] رئيس الأركان الإسرائيلي من إبريل 1974 إلى إبريل 1978

[10] أستاذ بالجامعة العبرية.