إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / نظرية الأمن الإسرائيلي





نظام القبة الفولاذية
مقطع لمدينة القدس
التهديدات الخارجية المعادية لإسرائيل

أوضاع الدفاعية الإسرائيلية في الجولان
أوضاع الدفاعية الإسرائيلية في سيناء
المناطق العازلة
الأوضاع النهائية في فلسطين
الهجمات الإسرائيلية على سورية
الضربة الجوية كولمب
العمليات على الجبهة الأردنية
العملية العين (حوريب)
العملية عوفداه
العملية قادش المعدلة
ضربة صهيون
عملية السلام من أجل الجليل



كلية الملك عبدالعزيز الحربية

المبحث الثالث

تطور نظرية الأمن الإسرائيلي حتى نهاية التسعينيات

طرح بنيامين "نتنياهو"، رئيس الوزراء الإسرائيلي (18 يونيه 1996)، في خطاب مشروع وزارته للمستقبل حتى عام 2000، رؤيته للأمن الإسرائيلي، وهي رؤية يشاركه فيها حوالي 50% من الشعب الإسرائيلي:

   "في الشرق الأوسط يتقدم الأمن على السلام ومعاهدات السلام، وكل من لا يدرك هذا، سيظل دون أمن ودون سلام، وفي نهاية الأمر - محكوم عليه بالفناء". وقال كذلك "الآن فقط بدأت مرحلة جديدة من تاريخ شعبنا، منذ قيام دولة إسرائيل، تغير جوهر طموحاته، ففي المهجر كان الهدف الرئيسي للشعب هو استعادة ما فقده، أما اليوم، فأصبح هدفه المحافظة والاحتفاظ بما استعاده. نحن الآن في بداية هذه المهمة، وستكون لنتائج نضالنا أهمية بالغـة، ليس لمصير الشعب اليهودي فقط، بل للإنسانية أجمع. وإذا كانت أقوال النبي عموس" في ذلك اليوم سأبني عريشة داود الساقطة"[1] (اُنظر شكل مقطع لمدينة القدس) بدأت تتحقق، يجب أن نرى فيها برهاناً على وجود الأمل".

تشير المصاعب، التي تواجهها نظرية الأمن، إلى أن ثوابت المشكلة الإسرائيلية مستمرة ولن تتغير، وهي تكمن في العمق الإستراتيجي المحدود، بمحتواه المادي والمعنوي، وأبعاده المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والجغرافية. ولذلك تظل المشكلات الإستراتيجية، التي تبحث إسرائيل دائماً، عن حلول باقية ومستمرة لها والتي يمكن من خلالها التوصل إلى جوهر عمليات التوسع، التي تمت تدريجياً في الماضي، ونوايا التوسع الراسخة في العقل الباطن الإسرائيلي للمستقبل، الأمر الذي انعكس على نظرية الأمن.

يضاف لذلك أبرز المتغيرات الإقليمية، المتمثلة في اتفاقيات السلام، التي عقدتها مع جيرانها العرب، وما فرضته من واقع جديد، قلّص إلى حد كبير، العمق الإستراتيجي لها، بتخليها عن الأراضي التي احتلتها في 1967. وما يعكسه هذا الواقع من آثار سلبية على جوهر نظرية الأمن، خاصة نظرية الحدود الآمنة، التي تبنتها بعد حرب عام 1967. وبمعنى آخر، أن تعود نظرية الأمن إلى نقطة البدء مرة أخرى، بل ربما أقل من ذلك، نظراً للتطور التقني الكبير في نظم التسلح، خاصة الصواريخ أرض/ أرض، والأسلحة فوق التقليدية، التي يُعتقد أن بعض الدول العربية تملكها، وما يمكن أن تحوزه الدول العربية في المستقبل، واحتمالات تطوير العرب لنظم أسلحة نووية (إذا لم تستجب إسرائيل لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية).

وعن هذا المفهوم ذكر "نتنياهو: "أن مساحة شبه جزيرة سيناء كبيرة جداً، وتصل إلى ضعفي مساحة إسرائيل داخل حدود عام 1967، والضفة الغربية معها، بحيث تتوفر لإسرائيل في حالة خرق مصر لاتفاقية السلام، الفرصة والوقت لمواجهة أي هجوم، قبل أن تتمكن القوات المصرية من الوصول إلى مشارف النقب، وبفضل هذا الحاجز الواسع المتمثل في صحراء سيناء، كان من السهل نسبياً تحقيق مثل هذه الظروف، على طول الحدود مع مصر. وبذلك يتوفر على الجبهة المصرية، على أية حال، الشرط الأساسي المطلوب لمعاهدة سلام، بين إسرائيل ودولة عربية إمكانية مناسبة لإسرائيل للدفاع عن نفسها، في حالة خرق المعاهدة. غير أنه على بقية الجبهات، من الصعب جداً توفير ظروف كهذه. فالجبهة الشرقية: تشمل، أولاً وقبل كل شئ، سورية والعراق، الدولتين العربيتين الكبيرتين، اللتين رغم ما بينهما من خصومة، تعاونتا في السابق في الحروب ضد إسرائيل، ويجب أن نأخذ أيضاً السعودية، التي قد تضع ترسانتها من الأسلحة في ظروف معينة في خدمة حرب مستقبلية". ثم أضاف: "ولكي ندرك الشروط الواجب توافرها لإقامة سلام على الجبهة الشرقية هذه، يجب أن نتعرف على مكونات نظام الدفاع العسكري الإسرائيلي":

إن قدرة إسرائيل على الردع تعتمد على ثلاثة عناصر رئيسية:

·       قوتها العسكرية، مقابل القوة العسكرية العربية.

·       المدة الزمنية للإنذار المبكر المتوفرة لديها، لتمكينها من تجنيد احتياطيها.

·       الحد الأدنى من المساحة المطلوبة، حتى يمكن الانتشار لمواجهة أي خطر محتمل.

   إن الدرس الذي يجب أن تتعلمه دولة صغيرة مثل إسرائيل هو: أنه في عصر الصواريخ تزداد أهمية الأرض، ولا تنقص. الأمر الذي يزيد من أهمية السيطرة على منطقة تمنح الجيش الإسرائيلي "قدرة الامتصاص" لهجوم أرضي، يُشن خلال قصف صواريخ بعيدة المدى، وتبعد الصواريخ قصيرة المدى عن أهدافها. إن إسرائيل ليست بحاجة إلى الاستيلاء على مناطق أخرى، إنما يجب أن تحتفظ بالعمق الإستراتيجي الحالي، الذي تمثله مناطق الضفة الغربية".

   ومع أن هذا الفكر لنتنياهو ظهر في أوائل التسعينات، حيث يفسر بكل وضوح ما يجرى على الساحة العربية/ الإسرائيلية من تعثر وعدم التزام بالاتفاقيات الموقعة، فهو يمكن أن يفسر كذلك المستقبل. كما أن ذلك في حقيقته، ما هو إلا نتاج للتفاعل الذي حدث في إسرائيل منذ أواخر الثمانينات، الأمر الذي أدى إلى ضرورة مراجعة حساباتها الأمنية مرة أخرى، في محاولة لإيجاد منظومة متكاملة، لتأمين مشكلة العمق الإستراتيجي، الذي تفتقر إليه، مع الأخذ في الاعتبار المتغيرات الإقليمية والدولية الحالية والمنتظرة. فقد احتدم النقاش داخل إسرائيل، بهدف إظهار ضرورة التوجه إلى نظرية أمن جديدة. ونشرت صحيفة "دافار" في أول فبراير 1988 دراسة عن "الأمن الإسرائيلي، بين المفهوم والنظرية - نظرية أمن جديدة " تظهر الإشكاليات التي تعانيها النظرية من المتغيرات المتلاحقة، خاصة التكنولوجية.

كانت البداية، تلك الآثار، التي خلفتها كل من حرب سلامة الجليل عام 1982، وحرب الخليج الثانية (عاصفة الصحراء)، على نظرية الأمن الإسرائيلي، التي تخللت فترة السلام الطويلة التي سادت بعد حرب أكتوبر 1973، لتكشف عن نواقص في مرتكزات نظرية الأمن الإسرائيلية، أو تخلفها عن التقدم التقني أحياناً.



[1] العريشه: يقصد بها الهيكل الثالث في القدس، الذي يعتقد اليهود أن مكانه هو مكان المسجد الأقصى أو أجزاء منه، والذي يسعون لإقامته على أنقاضه.