إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / نظرية الأمن الإسرائيلي





نظام القبة الفولاذية
مقطع لمدينة القدس
التهديدات الخارجية المعادية لإسرائيل

أوضاع الدفاعية الإسرائيلية في الجولان
أوضاع الدفاعية الإسرائيلية في سيناء
المناطق العازلة
الأوضاع النهائية في فلسطين
الهجمات الإسرائيلية على سورية
الضربة الجوية كولمب
العمليات على الجبهة الأردنية
العملية العين (حوريب)
العملية عوفداه
العملية قادش المعدلة
ضربة صهيون
عملية السلام من أجل الجليل



كلية الملك عبدالعزيز الحربية

ثانياً: عناصر العقيدة العسكرية لإسرائيل

العقيدة العسكرية الإسرائيلية هجومية في إطار دفاعي، اتفق عليها واضعو الإستراتيجية العسكرية منذ نشأة إسرائيل، والتزمت القيادات العسكرية بها. وهي تعتمد على سبعة مبادئ أساسية. الهجوم، وإحراز نصر حاسم، والعمل على تقليل الخسائر البشرية، والمبادرة بالضربة الأولى، وشن ضربة وقائية مسبقة، والحرب الخاطفة، ونقل المعركة لأرض العدو.

1. مبدأ الاعتماد على الهجوم

العقيدة العسكرية الإسرائيلية، عقيدة دفاعية، ذات طابع هجومي، والأولوية للشق الهجومي في المستوى العملياتي، لتحقيق الشق الدفاعي إستراتيجياً.

يعمل هذا المبدأ لتحقيق أهداف رئيسية ثلاثة:

أ. حرمان أي طرف عربي، من تحقيق أي إنجاز عسكري أو سياسي، خلال الحرب.

ب. إلحاق أقصى هزيمة بالقوات العربية، من خلال معارك سريعة خاطفة.

ج. إنهاء الحرب في وضع أفضل، عسكرياً وسياسياً، مما كان عليه في بدايتها، (تحقيق نصر واضح، والاستيلاء على أهداف إستراتيجية جديدة) ويدعم الموقف الإسرائيلي في الداخل والخارج.

أ. تأثير حرب 1973 على المبدأ الهجومي

تأثر العمل الهجومي نتيجة تزايد دور الصواريخ في المعارك الحديثة، وكان أكثر وضوحاً في حرب 1973. إذ كان لاستخدام مصر وسورية للصواريخ المضادة للطائرات، والصواريخ المضادة للدبابات، والصواريخ أرض/ أرض كذلك، تأثير كبير على المبدأ الهجومي الإسرائيلي. فقد قللت من فاعلية القوات الجوية الإسرائيلية، وأضرت بقدرة تفوق المدرعات الإسرائيلية، وأضعفت من نظرية الحدود الآمنة.

ب. تأثير حرب الخليج على المبدأ الهجومي

لم تكد إسرائيل تجد حلاً للاستخدام العربي المكثف للصواريخ المضادة للطائرات والمضادة للدروع، حتى ظهر تحدٍ جديد، بالاستخدام المكثف كذلك للصواريخ الباليستية في حرب الخليج الأولى، واستمر في حرب الخليج الثانية، التي فرضت ظروفها ممارسة ضغط أمريكي مباشر، لمنع إسرائيل من التدخل فيها، وأدى ذلك إلى اضطرارها لاتخاذ موقف دفاعي، تجاه الصواريخ سكود المطورة العراقية، والتي أطلقت على تل أبيب.

وعلى الرغم من عدم دقة هذه الصواريخ، وضآلة الخسائر التي ترتبت على إطلاقها، إلاّ أنها أثارت، مرة أخرى، قضية التهديد الذي تواجهه إسرائيل، بانتشار الصواريخ الباليستية، إلى الحد الذي أصبح يؤثر على نظرية الأمن الإسرائيلي. وقد أدركت القيادة الإسرائيلية عدم كفاية قوة الردع، مع المؤثرات الجديدة، فرغم التحذير الأمريكي للعراق، إلاّ أنه لم يرتدع عن إطلاق 39 صاروخاً على إسرائيل، مما يعني فقدان الردع الإسرائيلي لمصداقيته، والذي بدأ في حرب أكتوبر عام 1973. ترتب على ذلك تزايد الاعتقاد في أهمية تطوير أنظمة دفاعية، ضد الصواريخ البالستيه.

ج. فكرة الدفاع

شكلت تلك الفكرة اتجاهاً خطيراً في الفكر العسكري الإسرائيلي، لما قد يترتب عليها من آثار. فأي خسارة تعني التقهقر داخل حدود إسرائيل نفسها، الصغيرة المساحة، الفاقدة للعمق الإستراتيجي، لذلك ينظر الإسرائيليون إلى الاتجاه الهجومي، ليس فقط على أنه السبيل الأمثل للدفاع، بل والوحيد أيضاً.

من وجهة أخرى، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي، يرى الاتجاه الهجومي كوسيلة لتعويض قلة القوة البشرية، فباتخاذ المبادرة يسهل التحكم في مكان وتوقيت الأحداث، فضلاً عن تحريكها والتحكم في سرعتها، وهو ما يعتبره الإسرائيليون وسيلة لتحييد جزء كبير من القوات المعادية، بإجبارها على الدفاع، وتجنب الأعمال المضادة وتأخيرها، خطوة أو أكثر، عن رد الفعل السريع. كما يعتقد الإسرائيليون أن الهجوم يمكّنهم من تحقيق السيطرة على مسرح العمليات، لأنه يحقق حرية الحركة، وسهولة المناورة بالقوات، من مكان لآخر، الأمر الذي يجعل من السهل استغلال التفوق النوعي والتكنولوجي الإسرائيلي. وتشكل تلك العقيدة، أحد الأساليب الإسرائيلية للتحكم في مدة الحرب وإنهائها، حتى لا تستمر فترة أطول من اللازم، مما يمكن أن يشكل إنهاكاً واستنزافاً لها، وهو طابع العمليات الدفاعية بصفة عامة.

وعلى الرغم ذلك، لجأت إسرائيل إلى الدفاع في بعض مراحل حرب 1973، خاصة في الجولان، التي حققت فيها بعض النجاحات. إِن أشد المؤيدين للأسلوب الدفاعي، لا يسعهم إلا الإقرار بأهمية الأسلوب الهجومي، وضرورة تطبيقه، كسبيل لإحراز النصر، وإنهاء الحرب. أكد ذلك الجنرال ديفيد اليعازر، في حديثه عن حرب أكتوبر 1973، إذ قال: "على الرغم من أن حرب أكتوبر، أثبتت مجدداً، أن الدفاع شكل قوى من أشكال المعركة، إذ يمكن لقوات متواضعة المستوى، إذا أُحسن وضعها في أماكن مختارة، أن توقف هجوم قوات أكثر منها تفوقاً، غير أن هذا الدرس لا يغير الحقيقة الثابتة، من أن الحرب لا يمكن كسبها بالدفاع، وأنه لا بديل عن الالتزام بالهجوم، إذا أردنا النصر، وبأسرع ما يمكن".

ويختلف الأمر عندما تزيد المتغيرات العالمية والإقليمية وتوجهات السلام، من احتمالات العودة لحدود ما قبل 5 يونيه 1967، بالإضافة للتطور التقني في نظم التسليح، مما يفرض الانتقال إلى عقيدة تحقق توازناً أكبر بصورة دقيقة، بين مكونات الهجوم والدفاع. فقد أصبح من الضروري إضافة مكون دفاعي قوي، للعقيدة العسكرية، خاصة أن الجيش الإسرائيلي يعتمد على تعبئة الاحتياطي، وأن تعبئته ونقله للجبهة، عرضة لهجمات العدو، مما قد يسفر عنه اضطراب وتأخر في بعض المراحل الحاسمة.

ويناقش الإسرائيليين المفاهيم الدفاعية على ضوء احتمالات السلام، ويولونها اهتماماً كبيراً، أكثر من أي وقت مضى، على ضوء دروس حرب أكتوبر. كما يستحوذ على اهتمامهم الخاص، أسلوب دفاع المنطقة، بمفهوم آخر، إذ يعتمد من وجهة نظرهم، الإستراتيجية، على المستوطنات المدنية المحصّنة.

وسيظل اعتناق الإسرائيليين للعقيدة الهجومية على ثباته، وأهميته في المستقبل، وستظل عقيدتهم العسكرية هجومية أصلاً، وإن تمت صياغتها في شكل دفاعي، ولا يعنى ذلك إهمال الدفاع، لكنه سيظل أسلوبا ثانويا تلجأ إليه إسرائيل عند الضرورة.

2. النصر العسكري الحاسم

تسعى إسرائيل لإحراز نصر عسكري حاسم، ينهي الحرب سريعاً، وبالنتائج المحددة التي تحقق معظم الأهداف. ويعد هذا المفهوم الأكثر أهمية لإسرائيل، وهو الأكثر ارتباطاً كذلك بمفهومها للردع، ومع أن الحروب السابقة أوضحت أن إحراز نصر عسكري على العرب، لن يكون حاسماً أبداً، لأنه لن يحل مشكلات إسرائيل الأمنية، كما أن إخضاع العرب بالقوة العسكرية غير ممكن، إلا أن السياسة العسكرية الإسرائيلية ستظل تتضمن مبدأ ضرورة إلحاق الهزيمة الساحقة بالعرب، كلما نشبت الحرب بينهم، فأي نتيجة غير واضحة المعالم للحرب، أو التعادل مع العرب، دون نتائج إستراتيجية وعسكرية حاسمة، مثل حرب 1973، ستشجع العرب، على الاستعداد للحرب ومعاودة الكرة مرة أخرى.

تؤمن إسرائيل بأن إلحاق الهزيمة الساحقة بالعرب، بعمليات هجومية، داخل أراضيهم، هو أضمن وأنجح السبل لإنهاء الحرب، والوقوف دون غموض المواقف. لذلك تهدف إسرائيل، إلى بث اليأس في نفوس العرب، وتبديد فكرة أن الوقت يعمل لمصلحتهم.

3. ضرورة تقليص الخسائر البشرية

يعد هذا المبدأ عنصراً هاماً في المفاهيم العسكرية الإسرائيلية، ولتحقيق ذلك تعتنق القيادة العسكرية فكرة بناء جيش إسرائيلي، يحقق تفوقاً ساحقاً على العرب، في التسليح وأسلوب الاستخدام. تعتنق الولايات المتحدة الأمريكية هذا المبدأ، باستخدام قوة نيران كثيفة لتقليل خسائرها[1]. وقد حاولت إسرائيل تقليد النهج الأمريكي، في عمليتها في لبنان (6 يونيه 1982 ـ السلام للجليل).

يفرض اعتناق إسرائيل لتلك العقيدة، أن تتبنى عدداً من المفاهيم العسكرية، العملية مثل:

أ. تقليل زمن الحرب.

ب. الهجوم المفاجىء وإحراز نصر حاسم.

ج. الاقتراب غير المباشر.

ولا يعني ذلك عدم استعداد إسرائيل لتحمل بعض الخسائر، في سبيل سرعة تحقيق بعض الأهداف الإستراتيجية المهمة مثل: الهجوم على جبل الشيخ في الجولان (9 أكتوبر 1973)، واختراق القوات المصرية والوصول إلى غرب القناة، والانتشار بحثاً عن هدف هام (ثغرة الدفرسوار ومحاولات الاستيلاء على مدن غرب القناة)، رغماً عن الخسائر البشرية التي لحقت بها، للوصول إلى وضع عسكري أو تفاوضي جيد، علاوة على رغبتها في استمرارية هيبتها، وتحقيقاً لمبدأ أساسي آخر، وهو تحقيق نصر حاسم.

4. توجيه الضربة الأولى[2]

عقيدة تتبناها إسرائيل منذ نشأتها وتحرص عليها دوماً (حربيّ 56، 67 وغزو جنوب لبنان 82)، من منظور أن تلك الضربة تؤدى إلى تحقيق المباغتة، مما يفقد الطرف الآخر توازنه في المرحلة الافتتاحية للحرب على الأقل، كما أنها تحقق المبادرة. كما أضاف الجنرال إسرائيل طال بعداً آخر حين قال: "إن القله لا بد لها من تبنى مبدأ المبادرة وتوجيه الضربة الأولى. ويؤكد العسكريون الإسرائيليون أهمية الضربة الأولى، التي لو أحسن تخطيطها، يمكن أن تؤدى إلى الإخلال بالتوازن العسكري الذي يؤدى في النهاية إلى النصر الحاسم والسريع، كما حدث في جولة عام 1967.

هذا عن الدوافع العسكرية المجردة، إلا أن توجّه إسرائيل نحو السلام الشامل بتوقيع اتفاقيات مع العرب، من المنتظر أن يؤدى إلى مناخ جديد يشكل نوعا من القيود على تلك العقيدة. وهنا تبرز الإشكالية. وإلى أي جانب تنحاز إسرائيل عند الضرورة. وحتى تستطيع إسرائيل الاستمرار في اعتناق هذه العقيدة، رغماً عن قيود المتغيرات الجديدة بالمنطقة، ومنها اتفاقيات السلام، فإنها ستعتمد على نظام استطلاع ومعلومات إستراتيجي، يوفر لها المعلومات المؤكدة، عن نوايا الجانب الآخر العدوانية، حتى لا تخطيء في التقدير مرة أخرى (كما حدث في 1973).

5. الضربة الوقائية والضربة المسبقة[3]

من العقائد الدفاعية التي تتبناها إسرائيل، وكان أحد ممارستها الناجحة تدمير المفاعل الذرى العراقي، بينما كان التردد في شن الضربة المسبقة في أكتوبر 1973 الدرس، الذي أفقدها توازنها في المرحلة الافتتاحية من الحرب، واعتبرت أنه يجب إلاّ يتكرر، ولا بد أن يكون لدى إسرائيل القدرة والمصداقية على شن حرب مباغتة أو وقائية هجومية (رغم أي ضغط يمارسه آخرون عليها).

6. الحرب الخاطفة

أن تتبنى إسرائيل أسلوب عمليات وتكتيكات حرب الحركة السريعة[4] التي تستند على ثنائي "الطائرة ـ الدبابة" في تحقيق الاختراق في قطاعات محدودة من الجبهة، يتم تركيز القوى المدرعة والميكانيكية فيها، ثم تندفع المدرعات وقوات المظلات نحو العمق العملياتي، تدعمهما القاذفات المقاتلة. وتمكّن عقيدة "الحرب الخاطفة" إسرائيل من الاستفادة القصوى، من ميزة العمل من الخطوط الداخلية، التي فرضتها عليها الظروف الجغرافية لموقعها المحاط بأربع دول عربية (مصر وسورية والأردن ولبنان)، وذلك بنقل المجهود الرئيسي لقواتها من جبهة لأخرى بسرعة، مستفيدة في ذلك من شبكة الطرق البرية الجيدة، التي تربط الجبهات بعضها ببعض. ويفيد ذلك في إمكان تركيز القوى أسرع من العدو، وتغيير مراكز الثقل في المعركة بسرعة نسبية، إضافة إلى تركيز الجهود والتعزيزات". ويوفر هذا المبدأ، سرعة إنهاء الصراع، بعد فرض واقع جديد وقبل أن يتحرك المجتمع الدولي للتدخل.

7. نقل المعركة لأرض العدو

وهو أمر تحتمه صغر مساحة إسرائيل. وللاستيلاء على أراضى جديدة في إطار تعديل حدودها إلى حدود يمكن الدفاع عنها، أو في إطار إسرائيل الكبرى، إذا ما كانت الظروف الدولية مواتية، أو للمساومة علي ما تستولي عليه من أراضٍ، لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية.



[1] لجأت الولايات المتحدة الأمريكية إلى هذا الأسلوب في حربها في فيتنام، كما أنها لجأت إليه مرة ثانية في حربها مع العراق في حرب الخليج الثانية، وأخيرا في الحملة الجوية ضد يوغوسلافيا بسبب مشكلة كوسوفا.

[2] الضربة الأولى: وهي تتم في إطار هجومي عندما يتعقد الموقف بين جانبين وكلاهما على وشك شن الهجوم على الآخر، وذلك بمبادرة منه لتحقيق أهداف معينة . الضربة الثانية: هي احتواء الضربة الأولى وإزالة آثارها ثم توجيه ضربة انتقامية تسمى الضربة الثانية .

[3] الضربة المسبقة: وهي إجراء دفاعي يتم عند تأكيد هجوم الطرف الآخر وذلك بهدف السبق بتوجيه الضربة بهدف إجباره على تأجيل الهجوم أو إلغائه أي أنها في إطار صراع مسلح، وهي تدخل في إطار الأعمال الدفاعية. الضربة الوقائية: وهي تشمل إما حربا شاملة مثل حرب 1956 التي تعتبرها إسرائيل حربا وقائية لحرمان مصر من استيعاب صفقة الأسلحة التشيكية، أو أن تكون مجرد ضربة وقائية لحرمان الجانب الآخر من ميزة معينة مثل ضرب المفاعل الذرى العراقي بمعنى ضربه قائمة بذاتها.

[4] حرب الحركة السريعة هي أسلوب، وأحد العناصر الرئيسية لتنفيذ الحرب الخاطفة.