إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / أسلحة الدمار الشامل




مدفع الهاوتزر م 109 أ1
إطلاق الغازات الحربية
الهاوتزر عيار 155مم FH-70
الانفجار النووي
البكتريا المسببة لمرض الجمرة
القنبلة النووية

وسائل نشر العوامل البيولوجية
القنبلة الهيدروجينية
القنبلة الذرية
قذيفة الهاوتزر عيار 155مم
قذيفة غاز الفوسيجين، وجرين كروس




جدول توصيف الخرائط

المبحث الأول

الغازات الحربية War Gases

اعتبرت الغازات الحربية في الفكر العسكري الحديث أداة ردع قريبة المستوى من وسائل الردع فوق التقليدية، وذلك بإتاحة الخيار الكيماوي قبل اللجوء إلى الخيار النووي، ولهذا كان لابد من تعدد وسائل الردع ضد الأهداف العسكرية ذات الأهمية الإستراتيجية والتعبوية وكذا الأهداف الحيوية الصناعية والمدنية في عمق أراضي العدو طبقاً للموقف.

   والغازات الحربية هي المواد الكيماوية التي لها تأثير كيميائي وفسيولوجي ضار بالكائنات الحية كما أنها تلوث الأرض والأسلحة والمعدات والمهمات وكل ما تصل إليه، وتستخدم لإحداث خسائر في الأفراد وتلويث القطاعات الهامة من الأرض وكذا الأسلحة والمعدات لمنع الأفراد من استخدامها بهدف هزيمة القوات العسكرية المعادية وإحداث أكبر خسائر بها.

أولاً: تقسيم الغازات الحربية (اُنظر جدول أهم أنواع الكيماويات، المستخدمة كأسلحة كيماوية مصنفة حسب تأثيرها الفيسيولوجي)

1. تقسم الغازات الحربية من حيث الاستخدام القتالي إلى:

أ. غازات سامة قاتلة

وهي غازات تحدث تأثيراً ساماً على أعضاء جسم الإنسان قد تؤدي إلى الوفاة. وتشمل الغازات الكاوية وغازات الأعصاب وغازات الدم والغازات الخانقة.

ب. غازات شل القدرة

وهي غازات تحدث تأثيرات فسيولوجية أو ذهنية أو كليهما لفترة زمنية معينة، وهي تجعل الأفراد غير قادرين على تركيز جهودهم للقيام بالأعمال المكلفين بها. وتشمل غاز حمض ليسرجيك ثنائي إيثل أميد LSD، وغاز BZ.

ج. غازات إزعاج

وهي غازات تحدث تهيج لبعض أجزاء من الجسم لفترة مؤقتة من الوقت وتشمل الغازات المقيئة والمسيلة للدموع.

2. تقسم الغازات الحربية من حيث التأثير الفسيولوجي على الإنسان إلي:

أ. الغازات الخانقة

وهذه المجموعة تؤثر على الجهاز التنفسي، وتتكون من غاز الفوسجين، الذي اكتشفه  العالم الإنجليزي دافي Davi، عام 1812، وقام العلماء الألمان بتحضيره واستخدامه في الحرب العالمية الأولى في ديسمبر 1915، ضد القوات الفرنسية. وغاز ثنائي فوسجين، الذي تم اكتشافه وتصنيعه بواسطة العلماء الألمان، خلال الحرب العالمية الأولى.

وهذه الغازات لها فترة كمون. أي أن تأثيرها على الإنسان يظهر بعد فترة من الوقت تتراوح بين 3 : 4 ساعة، كما أن لها تأثير متراكم في الجسم، أما في حالة التركيزات العالية فيظهر تأثير الغاز سريعاً.

يستخدم غاز الفوسجين في صورة غاز يلوث الهواء ويؤثر على الجهاز التنفسي عن طريق استنشاق الهواء الملوث، أما ثنائي فوسجين فيستخدم في صورة سائل يتحول إلى أبخرة بعد فترة من الوقت تصل إلى 6 ساعات، تلوث الهواء وبالتالي تؤثر على الجهاز التنفسي عند استنشاقه.

ب. غازات الأعصاب

تم اكتشاف المركبات الفسفورية السامة خلال الثلاثينيات من هذا القرن، واستمرت الأبحاث الخاصة بتطويرها حتى اليوم. وفي عام 1937م استطاعت ألمانيا تحضير غاز التابون Tabun، وأنشأ مصنع لإنتاج غاز التابون وكانت طاقته الإنتاجية قدرها 12 طن يومياً وبدأ إنتاجه عام 1943، واكتشف غاز الزارين عام 1942، وتم إنشاء مصنع في ألمانيا لإنتاجه أيضاً في بداية عام 1945، بمعدل 20 طن يومياً.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية بدأ العلماء في دراسة تصنيع المواد العضوية الفسفورية والتي عرفت باسم (V – Gases) واستمرت الأبحاث حتى تم اكتشاف (V- agents) عام 1955، والتي تعرف بأنها أخطر أنواع غازات الأعصاب.

يرجع التأثير السام لهذه الغازات إلى أنها تحدث انقباض في العضلات وأيضاً ضيق في التنفس نتيجة انقباض في عضلة الصدر ويصاحب ذلك ضيق في حدقة العين، ويحدث الشلل بطول فترة التعرض وفي الحالات الشديدة تحدث الوفاة.

وتتكون هذه المجموعة من غازات الزارين، والتابون، والزوبان، و VX، وهذه الغازات ذات تأثير سريع جداً وذات درجة سميه عالية جداً.

وتستخدم غازات الأعصاب في صورة سوائل لتلويث الأسلحة والمعدات والتعيينات والأرض. وفي صورة ضباب (أبخرة) لتلويث الهواء.

ج. غازات الدم

قام الفرنسيون بتحضيره للاستخدام الحربي في عام 1916، أثناء الحرب العالمية الأولى وذلك في صورة مخلوط مع ثالث كلوريد الزرنيخ ورابع كلوريد الكربون والكلوروفورم، ويؤثر هذا الغاز عند امتصاصه داخل الجسم عن طريق الاستنشاق على إنزيم السيتوكروم أكسيدايز (Cytochrome – Oxidase) الذي يقوم بنقل الأكسجين من هيموجلوبين الدم إلى أنسجة الجسم حيث يوقف الغاز عمل هذا الإنزيم، فيمنع وصول الأكسجين إلى الأنسجة الحيوية في الجسم لتغذيتها فيحدث تسمم مما يؤدى إلى الوفاة.

وتتكون هذه المجموعة من غازات حامض كلورميد  سيانوجين، وسيانيد الهيدروجين، وهذه الغازات ذات تأثير سريع.

وهي تستخدم في صورة أبخرة تلوث الهواء ويظهر تأثير هذه الغازات عندما يستنشق الهواء الملوث فقط.

د. الغازات الكاوية

تستخدم الغازات الكاوية لتأثيرها القاتل على الأفراد، وهي لها تأثير كاوٍ على الجلد، كما أنها تؤثر على الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والعين. كما تلوث المناطق الحيوية من الأرض وتعرقل استخدامها، وتلوث الأسلحة والمعدات وتحد من استخدامها القتالي.

وتأتي تأثيرات الغازات الكاوية ببطيء، وتظهر أعراضها خلال فترة تتراوح بين 4 : 8 ساعات، ولا تسبب آلاماً وقت التعرض ما عدا غاز اللويزيت Lewisite، فتظهر أعراضه خلال بضع دقائق، فينتج عنه آلام عند التعرض له وملامسته للجلد. ويستخدم الغاز في صورة سوائل يتحول جزء منها بفعل الحرارة إلى ضباب وأبخرة سامة تنتشر في الجو.

وتتكون هذه المجموعة من غازات الخردل Mustard، وثنائي بروموثيل سلفيد، واللوزيت. وقد استخدم غاز الخردل Mustard في الحرب العالمية الأولى في 12 يوليو من عام 1917م بواسطة القوات ألمانيا ضد القوات الروسية على الجبهة الغربية في أيبر، وقد أنتج منه حوالي 250 ألف طن في الفترة قبل نشوب الحرب العالمية الثانية ولكنه لم يستخدم في تلك الحرب.

هـ. الغازات المقيئة

وهي تسبب تهيج للأغشية المخاطية للأنف والحنجرة، كما تسبب أيضا كحة وعطساً وتتساقط الدموع نتيجة تأثيرها على العين، وغالباً ما يصاحب ذلك صداع شديد وقيء. ومن أنواع هذه الغازات غاز كلوريد فينا رسازين.

و. الغازات المسيلة للدموع

وتشتمل على غاز الكلور أستيوفينون (CN) Chloroacotophenone، كما تضم مجموعة الغازات المسيلة للدموع مركبات عديدة مختلفة التركيب جميعها تحتوى على هاليدات الهيدروكربونات العطرية أو غير العطرية، وتتميز الغازات المسيلة للدموع بتأثيرها الفوري على العين حيث تسبب تهيجاً شديدا للأعين مما ينتج عنه إفرازاً شديداً للدموع، كما تهيج أعصاب العين علاوة على ذوبانها في دهون الأنسجة الجلدية والتي تحتوي على أعصاب العين، وقد تم إنتاجها بواسطة الولايات المتحدة عام 1918م.

ز. غازات شل القدرة (الغازات النفسية)

وهي مواد تؤثر على السلوك النفساني والمزاج الشخصي، تجعل الفرد يفقد السيطرة على نفسه ويتصرف تصرفات غير إرادية لفترة زمنية محددة.

وتعتبر الغازات النفسية ضمن مجموعة الغازات المزعجة من وجهة النظر الأمريكية على أساس أنها تسبب فقداً مؤقتاً لبعض الوظائف الحيوية بالجسم وبالتالي التأثير على القدرة القتالية للقوات نتيجة للجرعات المحدودة من هذه المواد والتي لا تؤدي إلى القتل.

ولكن استمرار مظاهر الاختلال النفسي عند الأفراد في حالة زيادة الجرعة عن الحدود المسموح بها قد يسبب أمراضاً نفسية تستمر مع الفرد طول حياته، وكان أول ما نشر عن استخدام المواد النفسية في الأغراض الحربية في مارس من عام 1963م وكان عن استخدام القوات الأمريكية لغاز (BZ) في فيتنام، وقد ذكر أن من تأثير هذه المادة على الأفراد المصابين حدوث مظاهر الخوف والفزع المصاحبة بألم في الرأس وفقد السيطرة، وكان ذلك أول استخدام حربي ميداني للغازات الحربية النفسية. وتقسم هذه الغازات من الناحية العقاقيرية إلى مجموعتين رئيسيتين هما:

(1) غازات نفسية ذات أصل نباتي أو حيواني مثل LSD.

(2) غازات نفسية تخليقية : مثل BZ.

3. تقسم الغازات الحربية من حيث مدة استمرارها في ميدان القتال إلى:

أ. غازات غير مستمرة

وهي غازات تحتفظ بخواصها، وكفاءتها الحيوية، ويستمر مفعولها لبضع دقائق، من لحظة استخدامها. وتشمل غازات الدم، والغازات الخانقة، والمقيئة، والمسيلة للدموع، وغازات شل القدرة.

ب. غازات مستمرة

وهي غازات تحتفظ بخواصها، وكفاءتها الحيوية، ويستمر مفعولها أكثر من 12 ساعة وقد تصل إلي عدة أيام. وتشمل الغازات الكاوية وغازات الأعصاب.

4. تقسم الغازات الحربية من حيث استمرار سرعة التأثير إلى:

أ. غازات سريعة التأثير

وتشمل غازات الأعصاب، وغازات الدم، وغازات الإزعاج، وغازات شل القدرة.

ب. غازات ذات تأثير مؤجل

وهي الغازات التي تظل فترة كامنة التأثير تصل إلى بضعة ساعات. وتشمل الغازات الكاوية (عدا غاز اللويزيت) والغازات الخانقة.

ثانياً: الذخائر المستخدمة لإطلاق الغازات الحربية

تستخدم الذخائر الكيماوية لنقل هذه المواد إلى الأهداف المعادية طبقاً لمسافات تمركزها، ويكون ذلك وفقاً للحجم المناسب لمساحة انتشار كل هدف، وتصمم الذخائر الكيماوية بحيث تقوم بتحويل عبوة بعض هذه الغازات إلى قطرات أو بخار، وحديثاً - وفي النظام الثنائي - أصبح يتم إنتاج الغاز الحربي داخل القذيفة أثناء إطلاقها وخلال فترة زمن المرور لها وذلك بتفاعل المواد الوسيطة في مراحلها الأخيرة ليتم إنتاج المادة السامة، ويتطلب ذلك أن يكون لهذه الدانات أحجام وأشكال وخصائص معينة تساعد على أدائها للمهام المطلوبة منها ففي حالة نثر الغاز وتحويله إلى بخار أو رذاذ (أيروسول) يجب أن يؤخذ في الاعتبار التناسب بين حجم قطرات الغاز الناتجة والتأثير المطلوب منها، فنجد مثلاً أن أنسب تأثير لبخار الغاز الحربي على الرئة يحدث عندما يكون قُطر قَطرة الغاز يتراوح بين 1 : 5 ميكرون[1] وهو القطر المناسب لتحقيق انتشار لسحب بخار الغاز كما أنه يجب ألا يقل قطر قطرة الغاز عن 70 ميكرون لتحقيق أفضل تأثير عن طريق الجلد.

وتعتبر المواد شديدة الانتشار وسيلة فعّالة لنشر الغاز خارج المدن ولكن بالقدر الذي لا يؤدي إلى تحلل المواد السامة تحت تأثير الضغط ودرجات الحرارة الناتجة عن الاشتعال، وقد تستخدم للحصول على درجات الحرارة المطلوبة لتحقيق هذا الغرض من دون الاعتماد على نواتج الانفجار للقذيفة، وقد تستخدم الفوهات المدببة في تصميم القذيفة لزيادة الطاقة الحركية من دون حرارة، وبوجه عام توجد أربعة أنواع من الذخائر الكيماوية وهي ما يلي:

1. الذخائر المتفجرة

كانت ذخائر دانات المدفعية خلال الحرب العالمية الأولى مصممة كطراز أولي مبني على الانفجار، وهي عبارة عن أنبوبة بها مادة متفجرة توضع في محور القذيفة وموصلة بمفجر ابتدائي ومملوءة بالغاز الحربي، وتعتمد كمية المادة المتفجرة على درجة تطاير الغاز الحربي، فكلما كان تبخر الغاز الحربي سهلاً قلت كمية المادة المتفجرة.

ولوحظ في الذخائر الكيماوية التي أُنتجت حديثاً بالولايات المتحدة أن نسبة وزن المادة المتفجرة إلى وزن الغاز الحربي من أنواع غازات الأعصاب حوالي 1 : 2، وقد نتج عن ذلك التصميم في الذخائر حدوث رذاذ (أيروسول) ذي قطرات متفاوتة في الحجم مما يسمح بدخول الغاز الحربي عن طريق الجهاز التنفسي وكذلك عن طريق الجلد، وعلى سبيل المثال بالنسبة لغاز الزارين يتحول نصف كمية الغاز المتطاير إلى بخار والنصف الأخير إلى قطرات.

ويحقق استخدام دانات المدفعية عيار 155مم الأمريكية الصنع المملوءة بغاز  VX، تناثراً يبلغ حوالي 60% من العبوة الكيماوية في القذيفة في دائرة نصف قطرها 20 متراً مع بقاء حوالي 15% من المادة السامة في حفرة انفجار القذيفة والمنطقة المجاورة لها تحت الرياح، ويفقد حوالي 25% من كمية الغاز الحربي نتيجة ضغط الانفجار، وهذا النوع من الذخائر غير مناسب للمواد الكيماوية الصلبة إلا إذا كانت على شكل مسحوق دقيق الحبيبات، ومن عيوب هذه الطريقة عدم التحكم في حجم قطرات الغاز الناتجة من القذيفة.

وقد ظهرت أخيراً فكرة إضافة وقود انفجار جوي (Fuel-air  Explosive) إلى المواد المتفجرة تستخدم فيه المواد الهيدروكربونية مثل أكسيد إيثيلين (Ethylene-Oxide) التي تكون مخلوطاً مع سحب الغاز الحربي، وعندما تصل نسبة اختلاط هذه المادة مع الهواء إلى نسبة الانفجار فإنها تنفجر لتحدث مزيداً من تقليل حجم قطرات الغاز الحربي.

2. ذخائر الاشتعال

تعتمد على تبخير الغاز الحربي (الذي تكون درجة غليانه عالية) بعد إطلاقه في الهواء الجوي حيث يكثف سريعاً على هيئة بخار أو رذاذ (أيروسول) ذي حبيبات قطرها حوالي 1 ميكرون أو أقل، وتستخدم هذه الطريقة في القنابل اليدوية المعبأة بغاز (CS)، وفي هذه الطريقة يتم خلط الغاز الحربي مع مادة حرارية يمكن إشعالها بوسيلة مناسبة لإحداث تبخير للغاز.

ومن عيوب هذه الطريقة أنه يمكن حدوث تكسير لبعض المواد الكيماوية بتأثير حرارة الاشتعال، ولذلك استحدث عدد من مخاليط احتراق تكون درجة اشتعالها منخفضة نسبياً، كما يمكن دفع المادة الكيماوية في عبوة منفصلة عن المخلوط الحراري الذي يستخدم للتسخين.

وتستخدم هذه الطريقة في حالة الغازات السائلة أو المواد الصلبة التي تكون درجة انصهارها منخفضة، ويمكن أن يستخدم في هذه الطريقة تيار غاز سريع جداً من المادة المشتعلة ليتم خلطها بالغاز الحربي لمدة تقل عن ثانية واحدة قبل الوصول إلى الهواء الجوي، وقد تم استخدام هذه الطريقة لإنتاج سحب غاز المسترد وغاز التابون.

3. ذخائر الرش

تعتمد طريقة الرش على تفتيت الغازات الحربية باستخدام قوة ضغط على الغازات السائلة أو محاليل المواد الصلبة المغلظة، وإحدى هذه الطرق هي دفع السائل تحت ضغط خلال فوهة دقيقة للخزان، أما الطريقة الأخرى فتستخدم الهواء أو غازاً أخر لإنتاج تيار سريع جداً يمر على المادة لتتسرب معه من خلال فتحة دقيقة، وقد استخدمت أسطوانات الغاز خلال الحرب العالمية الأولى لدفع الغاز المضغوط بداخلها، كما استخدمت بعد ذلك خزانات الرش من الطائرات حيث يترك الغاز الحربي للخروج من الخزان ليسقط تحت تأثير الجاذبية الأرضية على هيئة رزاز (أيروسول).

ويمكن استخدام بعض "المغلظات" مع سوائل الغازات الحربية، وهذه الطريقة استخدمتها إيطاليا في حرب أثيوبيا عام 1936، والولايات المتحدة في فيتنام عام 1964، ومن عيوب هذه الطريقة أن القطرات قد تصبح صغيرة لدرجة أنها تتبخر قبل وصولها لسطح الأرض، ولهذا تستخدم خزانات مزودة بأجهزة الرش من ارتفاعات قليلة في حدود 100 متر أو أقل.

4. ذخائر النثر

تستخدم هذه الطريقة في حالة المواد الكيماوية السامة الصلبة، وهي تدفع المواد في هيئة بودرة ناعمة أو سحب رزاز (أيروسول) ذات حبيبات دقيقة ناعمة، وهذه الطريقة يمكن استخدامها بواسطة الطائرات الهليوكوبتر كما يمكن استخدام الغازات الحربية الصلبة مع غازات رغوية دافعة معبأة تحت ضغط عال داخل كبسولة، وعندما تفتح هذه الكبسولة يندفع الغاز المضغوط حاملاً معه الغاز الحربي.

ثالثاً: أساليب استخدام الغازات الحربية في العمليات الحربية

1. المبادئ الأساسية لاستخدام الغازات الحربية

الغازات الحربية هي إحدى أسلحة الحرب التي تستخدم لتدمير القوة البشرية للعدو أو تقليل الكفاءة القتالية للقوات والحد من خفة حركتها ومنعها من استخدام الأرض والمعدات والأسلحة استخداماً صحيحاً مناسباً. والمبادئ الأساسية لاستخدامها هي:

1. المحافظة على الغرض: فيجب أن يكون الغرض من استخدام الغازات الحربية متمشياً مع الخطة العامة للعمليات ويساعد على تحقيق الغرض من العملية.

2. المبادأة: يجب أن يتصف استخدام أو إطلاق الغازات الحربية في أي عملية من عمليات القتال بالمبادأة والروح الهجومية.

3. المفاجأة: يجب أن تتوفر المفاجأة في الهجوم الكيماوي بكل الوسائل الممكنة.

4. الحشد والاقتصاد في القوى: يجب أن تستخدم الغازات الحربية بكميات كافية، وفي اللحظة الحاسمة في المعركة وفي اتجاه المجهود الرئيسي، وغالباً لا تستخدم الأسلحة الكيماوية ضد الأهداف الثانوية إذا كان ذلك يقلل من كفاءة استخدامها في الاتجاه الرئيسي.

5. البساطة: يجب أن تكون خطة استخدام غازات الحرب بسيطة وواضحة على قدر الإمكان.

6. الأمن: يجب اتخاذ الاحتياطات الكفيلة بأمن وسلامة القوات الصديقة.

7. السيطرة وتنظيم التعاون: عند استخدام سلاح كيميائي، يجب تركيز السيطرة على أعلى مستوى.

توضع خطة استخدام الغازات الحربية في العمليات على مستوى القيادة العامة وقد تكلف القيادة الميدانية بوضع خطة الاستخدام، وتنفذ خطة الاستخدام في أكمل صورها في القوات المسلحة عند تنظيم التعاون بين القوات البرية والجوية والبحرية

2. طرق استخدام المواد الكيماوية السامة

أ. تختلف المواد الكيماوية السامة في أسلوب استخدامها عن الأسلحة النووية وشديدة الانفجار في النواحي التالية:

(1) الذخائر السامة لا توضع بالضرورة مباشرة فوق الهدف، للحصول على أقصى مفاجأة وأكبر تأثير، وقد تطلق المواد السامة في منطقة فوق الريح بالنسبة للهدف.

(2) لا تتوقف التأثيرات المحدثة للخسائر في الحال بعد إطلاق وانتشار محتوياتها.

(3) قد تكون التأثيرات الناتجة مؤجلة لفترات مختلفة من الوقت ويتوقف ذلك على المادة المستخدمة.

ب. توجد طريقتان رئيسيتان لاستخدام المواد الكيماوية السامة لإحداث خسائر في القوة البشرية:

(1) الهجوم المباشر فوق الهدف

وفي هذه الحالة تُلقى المواد السامة فوق الهدف وينتج عن ذلك تكون سُحب سامة من أبخرة ورزاز (أيروسول) الغاز يلوث الهواء فوق منطقة الهدف، وعلى طول اتجاه مسار السحابة المؤثرة في الهواء، وعند استنشاق الهواء الملوث تحدث تأثيراته الضارة على الإنسان، هذا بالإضافة إلى قطرات الغاز عند تساقطها على الجلد أو ملامسة الجلد لها نتيجة تداول الأسلحة والمعدات الملوثة بقطرات الغاز أو عند عبور المناطق الملوثة من الأرض تحدث تأثيراتها الضارة على الإنسان. وتتطلب هذه الطريقة أن يكون الهجوم مفاجئاً مع وضع كمية كبيرة من الذخائر فوق الهدف، وفي هذه الحالة فإن الأفراد في منطقة الهدف ينذرون بالهجوم بمجرد تعرضهم للغازات إلا أنه بالنسبة للتغطية السريعة للهدف بالمواد السامة فقد تنتج خسائر عديدة قبل أن يرتدي الأفراد مهمات الوقاية الضرورية. أو تحدث خسائر بين الأفراد الذين لا يرتدونها بالطريقة الصحيحة. وبالإضافة إلى ذلك فأن الهجوم يمكن أن يخطط في وقت لا يكون أفراد العدو خلاله منذرين أو يقظين (مثل أوقات الليل، أو عندما يكونوا مُتْعبين بعد مجهود قتال الخ .....). وعادة يخطط الهجوم بحيث تكون السحابة السامة فوق الهدف في خلال 15 : 20 ثانية وعندما تستخدم الذخائر السامة بالاشتراك مع الذخائر شديدة الانفجار يصبح على الأفراد في منطقة الهدف أن يبحثوا لهم عن ساتر من الشظايا وهذا الإجراء يزيد من صعوبة ارتداء مهمات الوقاية الضرورية بطريقة صحيحة ومناسبة وبالتالي مزيد من الخسائر.

(2) الهجوم غير المباشر فوق الهدف

وفي هذه الطريقة تلقى المواد السامة في منطقة بعيدة عن الهدف بحيث تتجه السحب السامة إلى منطقة الهدف. وتعتبر هذه الطريقة ذات فائدة خاصة عندما لا تعطي التأثيرات الفسيولوجية أو أي وسائل كشف عادية إنذار عن السحابة السامة حتى تغطي السحابة السامة منطقة الهدف ويستنشقه الأفراد في منطقة الهدف. ولذا تعتبر هذه الطريقة مفيدة بالنسبة للغازات الحربية التي ليس لها تأثيرات فسيولوجية فورية لإنذار الأفراد في منطقة الهدف ولذا يتحقق مبدأ المفاجأة إلا أن لهذه الطريقة بعض العيوب أو القيود منها اتجاه الريح والعوامل الجوية الأخرى التي قد لا تساعد وصول السحابة السامة فوق الهدف بالتركيزات الميدانية المطلوبة لأحداث الخسائر.

3. وسائل إطلاق الغازات الحربية (اُنظر صورة إطلاق الغازات الحربية) و (صورة مدفع الهاوتزر م 109 أ1) و(شكل قذيفة الهاوتزر عيار 155مم) و(شكل قذيفة غاز الفوسيجين، وجرين كروس) و(صورة الهاوتزر عيار 155مم FH-70)

أ.  الصواريخ غير الموجهة مثل ليتل جون والأونست جون والصواريخ الموجهة مثل السيرجنت، تستخدم في إطلاق غازات الأعصاب من نوع الزارين، VX .

ب. المدفعية الهاوتزر من عيار 105، 155 مم تستخدم في إطلاق غازات الأعصاب، والغازات الكاوية، أما المدفعية عيار 203.2مم والمدفعية الصاروخية عيار 105 مم فتستخدم في إطلاق غازات الأعصاب. أما الهاون 106.7 مم فيستخدم لإطلاق غازات الأعصاب الزارين، والغازات الكاوية، وغازات الدم، والخانقة، والمسيلة للدموع

ج. الطائرات القاذفة، تستخدم قنابل الطائرات لإطلاق غازات الأعصاب والكاوية وغازات الدم والخانقة والنفسية والمسيلة للدموع. وتستخدم أجهزة الرش المركبة على الطائرات في إطلاق غازات الأعصاب VX، والغازات الكاوية والنفسية والمسيلة للدموع.

د.  الألغام الكيماوية حيث تعبأ بالغازات الحربية المستمرة ولا تعبأ بالغازات غير المستمرة وتستخدم هذه الألغام ضمن ألغام المهندسين العسكريين بنسبة 20%.

هـ. القنابل اليدوية تستخدم في إطلاق الغازات المسيلة للدموع والمقيئة.

4. استخدام الغازات الحربية في الهجوم

تستخدم لإضعاف مقاومة العدو في قطاع الاختراق ولتحقيق أمن أجناب القوات الصديقة، وكذلك لمنع احتياطي قوات العدو من الحركة للقيام بالهجوم المضاد، هذا بالإضافة إلى شل مراكز القيادة وعرقلة أعمال المناطق والقواعد الإدارية للقوات المعادية.

تستخدم الغازات الحربية في المراحل التالية:

أ. مرحلة التحضير للهجوم: وتعتبر فترة التمهيد النيراني للمدفعية والطيران من أهم الفترات في هذه المرحلة وتستخدم الغازات الحربية ذات التأثير السريع مثل الزارين ضد المناطق الدفاعية الأمامية للمدافعين كما تستخدم الغازات المستمرة ضد المناطق الدفاعية في العمق والمناطق والقواعد الإدارية، أما بالنسبة للاحتياطات القريبة للمدافعين فيفضل استخدام الغازات الحربية سريعة المفعول.

ب. أثناء سير العملية الهجومية: قد تستخدم الغازات المستمرة والغير مستمرة على السواء وتستخدم الغازات المستمرة مثل غاز المسترد وغاز VX، لتعطيل وعرقلة عمل احتياطي العدو ولمنعه من القيام بالهجوم المضاد وضد القوات الموجودة على أجناب القوات المهاجمة وذلك لوقاية أجنابها.

تستخدم الغازات الغير مستمرة سريعة المفعول عند صد الهجمات والضربات المضادة. مع الوضع في الاعتبار أن الغازات المستمرة تستخدم فقط بحيث لا تعرقل أعمال القوات المهاجمة.

5. استخدام الغازات الحربية في الدفاع

أ.  تستخدم الغازات الحربية في الدفاع لإضعاف الهجوم الرئيسي للعدو ولشل أنساقه الثانية واحتياطاته ومنعها من تطوير الهجوم ولمعاونة القوات المدافعة عند قيامها بالهجمات والضربات المضادة.

ب. تعتبر من أكثر المراحل مناسبة في استخدام الأسلحة الكيماوية بالنسبة للقوات المدافعة هي عند تنفيذ التمهيد النيراني المضاد وعند القيام بالهجمات أو الضربات المضادة.

ج. تستخدم الغازات المستمرة ضد القوات المهاجمة وهي في مناطق تجميعها أو أثناء تقدمها وهي في تشكيل ما قبل المعركة، أما عند الفتح إلى تشكيلات المعركة فقد تتعرض القوات المهاجمة إلى كل من الغازات المستمرة والغازات الغير مستمرة.

د. قد تستخدم أيضاً الموانع الهندسية الكيماوية على نطاق واسع أثناء تشكيل الدفاع الثابت والدفاع المتحرك، ويجب أن توضع نطاقات الموانع الهندسية الكيماوية بحيث تجبر المهاجم على مهاجمة القوات المدافعة في الاتجاه الذي يعتبر مناسباً للمدافع وبذا يمكن إدخال المهاجم في منطقة القتل حيث يتعرض لضربات مركزة ومنسقة من جانب القوات المدافعة. وعند تنظيم الدفاع الثابت، فإن الموانع الهندسية الكيماوية، تنشأ بغرض تقوية بعض النقط الحيوية الهامة ومراكز المقاومة التي تنشأ خصيصاً للدفاع من جميع الجهات وأمام مراكز الموانع لقفل الطرق والممرات.

هـ. عند معاونة الهجوم المضاد أو الضربة المضادة، فإن الأسلحة الكيماوية تستخدم في شكل موانع (حقول ألغام) مصحوبة بهجمات بالأسلحة الكيماوية في نفس الوقت ضد أهم التجمعات المعادية المخترقة. وكذا في معاونة القوات في الدفاع والمخصصة للقيام بالهجوم المضاد أو الضربة المضادة. تستخدم الغازات الغير مستمرة وسريعة المفعول ضد القوات الموجودة في اتجاه الهجوم المضاد بينما تستخدم الغازات المستمرة ضد قوات العدو الموجودة على أجناب قوات الهجوم المضاد وضد الأنساق الثابتة والاحتياطات للقوات المهاجمة.

6. حالات استخدام الغازات النفسية

تستخدم الغازات النفسية في الحالات التي يكون الهدف فيها شل قدرة القوات وعدم تمكينها من تأدية مهامها القتالية لقترة من الزمن، وهو هدف لا توفره الذخائر التقليدية المدمرة أو الأسلحة الكيماوية القاتلة. ويمكن تلخيص استخداماتها في الآتي:

أ. شل قدرة المواقع الحصينة والاحتياطات في العمق عندما يكون من المرغوب فيه تأجيل التعامل معها لفترة تسمح للقوات بتنفيذ مهامها القتالية دون تدخل من جانب هذه الاحتياطات.

ب. عند التخطيط للاستيلاء على بعض المرافق الحيوية الهامة وأسر أفرادها.

ج. بغرض إشاعة الفوضى وإرباك القوات، وخاصة بمراكز القيادة والسيطرة وعقد المواصلات في مراحل المعركة المختلفة وبالذات أثناء المرحلة التحضيرية للهجوم أو في عمليات العبور.

د. عند الدفاع عن المواقع المنعزلة أو فك الحصار عنها.

رابعاً: أهم أوجه الاختلاف بين تأثير استخدام الأسلحة الكيماوية (الغازات الحربية) والأسلحة التقليدية

1. الأسلحة الكيماوية لا تؤدي غرضها بطريقة اصطدامها بالهدف ولكنها تطلق في الجو وتعتمد على الأحوال الجوية في حملها وتوصيلها إلي الهدف.

2. الأسلحة الكيماوية تؤثر على جميع الأفراد الموجودين في المنطقة المضروبة أو الملوثة ولكن الأسلحة المتفجرة لا تؤثر إلا على من توجه إليه مباشرة.

3. الأفراد المعرضون في المنطقة يمكنهم تفادي الأسلحة المتفجرة باستخدام طبيعة الأرض، أما في حالة استخدام الأسلحة الكيماوية فإنه يصل تأثيرها إلى جميع أجزاء المنطقة.

4. يستمر تأثير الأسلحة الكيماوية لمدة طويلة بعد الاستخدام ولكن تأثير الأسلحة المتفجرة وقتي أو لحظة الإصابة بها.

5. تحدث الأسلحة الكيماوية آثاراً نفسية بجانب التأثير الفسيولوجي الذي يحدث في أجهزة الجسم.

خامساً: أهم اتجاهات التطوير في الأسلحة الكيماوية ووسائل استخدامها

1. تطوير وسائل استخدام الأسلحة الكيماوية

أ. إنتاج نظام المدفعية الصاروخية  MLRS

بدأ تصميم هذا النظام منذ عام 1973، ودخل الخدمة في القوات المسلحة الأمريكية في عام 1981، وتم تعميمه في دول حلف الناتو خلال الثمانينيات، وفيه يُحمل القاذف الصاروخي على هيكل (شاسية chassia) دبابة ويمكنه إطلاق الصواريخ فردياً أو مجمعاً (الرشقة 12 صاروخ).

ب. إنتاج ذخائر (قذائف) كيماوية متطورة لقطع المدفعية من عيار 175مم هاوتزر و 203مم هاوتزر وهذه القذائف تعبأ بغازات الزارين و(VX)، ومدى هذه الأسلحة من 20 : 30 كم.

2. تطوير الذخائر الكيماوية

أ. الذخائر الكيماوية الثنائية Binary Ammunition

أدى ظهور المقذوفات الموجهة إلى إيجاد وسيلة بديلة لنقل الغازات الحربية السائلة جواً باستخدام رؤوس متفجرة مصممة للانفجار على ارتفاع معين من سطح الأرض، وتضم هذه الرؤوس قنابل صغيرة معبأة بالغاز الحربي تنتشر تلقائياً بفضل زعانف خارجية تؤدي إلى دورانها حول محورها عند إسقاطها، ويؤدي ذلك إلى أن تأخذ شكلاً مخروطياً يزيد اتساعه في اتجاه الأرض. فينتشر السائل في منطقة واسعة، وبذلك يمكن تلويث مناطق كبيرة من الأرض بواسطة عدة انفجارات على ارتفاع كبير. ويمكن استخدام الذخائر من هذا النوع بفاعلية كبيرة في شن هجمات ضد مراكز التجمعات السكانية في حالة الحرب الشاملة.

وقد بدأت مشكلة تخزين ونقل وتداول الذخائر الكيماوية تأخذ أبعاداً خطيرة نتيجة لتقادم الذخائر المعبأة بغازات الأعصاب مما يستدعي التخلص من آلاف القذائف المشكوك فيها والقذائف المصابة بخلل، وقد اختارت الولايات المتحدة لحل هذه المشكلة تطوير ذخائر كيماوية ثنائية تتم تعبئتها بسائلين غير سامين نسبياً وغير فعالين ما دام كل منهما على حدة لكنهما ينتجان مادة سامة عند امتزاجهما، وقد أُعد لهذا الغرض صمام زمني يضبط مقدماً ويبدأ تشغيل الصمام عند إطلاق الذخيرة بحيث يتم الخلط في لحظة محسوبة أثناء فترة تحليق القذيفة، وعلى الرغم من ثبوت إمكانية تطبيق هذه الطريقة على عدد من الغازات الحربية  فقد تأكد نجاحه بوجه خاص بالنسبة لمجموعة غازات الأعصاب.

وقد اتجهت الولايات المتحدة الأمريكية إلى التفكير في إنتاج الذخائر الكيماوية الثنائية لعدة أسباب أهمها:

‌(1) توفير الأمان عند تخزين الغازات الحربية وذلك لأن المخزون من هذه الغازات سوف يكون عبارة عن مركبات كيماوية ليس لها التأثير السام أو القاتل ومعزولة تماماً عن بعضها.

(2) العمل على إطالة مده التخزين مع صلاحية المادة وفعاليتها، فالمعروف أن الفترة المحددة لتخزين الغازات الكيماوية التقليدية تتراوح ما بين 15 - 25 سنة.

(3) توفير إمكانيات وقدرات كبيرة تتحقق عن طريقها قوة كيماوية رادعة ومؤثرة عند استخدام غازات الأعصاب شديدة التأثير.

(4) محاولة اللحاق بالتفوق السوفيتي في مجال الأسلحة الكيماوية بل ومحاولة التغلب عليه بإنتاج الذخائر الكيماوية الثنائية.

وتعتبر الذخائر الثنائية آمنة في تعبئتها وتداولها، ويمكن التعامل مع مفرداتها دون مخاطر، كما أن تخزينها لا يشكل مخاطر كبيرة على البيئة شريطة ضمان عدم حدوث تفاعل بين المادتين أثناء التخزين، ونظراً للتصميم المعقد لنظام الخلط المستخدم ومع وجود الصمام الزمني فقد زاد حجم القذيفة الكيماوية ووزنها، لذلك يقتصر استخدام القذائف الثنائية على قطع المدفعية الثقيلة وبوجه خاص ذات العيار 155 مم بينما تركت الرؤوس الحربية الأكبر للمقذوفات الموجهة أو للرش جواً من مستودعات.

البرنامج الأمريكي للذخائر الثنائية

قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتحديد مخصصات مالية بميزانية عام 1986 لتطوير برنامج إنتاج الأسلحة الكيماوية التي قررت إنتاجها وقد تم ذلك طبقاً لبرنامج من ثلاث مراحل كما يلي:

(1) اعتماد مبلغ 721 مليون دولار لإنتاج ذخائر ثنائية للمدفعية عيار 155 مم.

(2) ‌اعتماد مبلغ 109 مليون دولار لبناء مصنع إنتاج القنبلة (Big Eye) وهي قنبلة مزدوجة يطلق عليها القنبلة الثنائية.

(3) اعتماد مبلغ 9ر32 مليون دولار لاستكمال أبحاث وتطوير إنتاج الرؤوس الثنــائية لقواذف الصواريخ المتعددة (MLRS) (Multiple Luncher Rocket System).  

ويعتبر برنامج إنتاج الذخائر الثنائية للمدفعية عيار 155 مم هو البرنامج الوحيد الذي تم التصديق عليه من الإدارة الأمريكية حيث يتم تعبئة القذيفة بغاز الزارين في شقين كالآتي:

(1) تعبئة مادة مثيل فوسفنيل داي فلوريد (DF) (Methyl Phosphenyl DI Fluoride).

(2) تعبئة مادتي أيزوبروبيل أمين والكحول الأيزوبروبيلي (OPA) (Isopropyl amine) (Isopropyl alcohol)

ويعني ذلك أن القذيفة تحتوي على مواد غير سامة منفصلة إلى أن يتم إطلاقها حيث يتكون غاز الزارين بعد عملية الإطلاق، وقبل الوصول إلى الهدف.

ويتم إنتاج العبوة الفارغة في مصنع ذخيرة للجيش الأمريكي بولاية لويزيانا (Louisiana) حيث يتم نقل محتويات العبوة منفصلة ويتم تعبئتها في قذيفة المدفعية قبل الإطلاق بلحظات.

ويتم تغليف العبوات بأقراص من البلاستيك وعند الإطلاق تتخلص العبوة من الأقراص وتختلط العبوتان ويتم التفاعل لإنتاج غاز الزارين.

ب. القنبلة بيج آي (Big  Eye)

تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتصنيع المكونات الرئيسية لإنتاج القنبلة (Big Eye) المعبأة بالمواد الكيماوية اللازمة لتحضير غاز (VX)، ولقد تم الموافقة على التخصيص المالي المطلوب للإنتاج عام 1986م، وبذلك بدأ إنشاء ثلاث مجمعات صناعية للبدء في إنتاج هذه القنبلة على النحو التالي:

(1) إنشاء المجمع الأول لتصنيع الأجزاء المعدنية للقنبلة.

(2) إنشاء المجمع الثاني لإنتاج المكون الرئيسي للقنبلة ويرمز له باسم المادة (QL)[2].

(3) ‌إنشاء المجمع الثالث لتجميع الأجزاء وتعبئة القنبلة حيث يتم وضع مادة (QL) داخل جسم القنبلة.

ويعتبر المكون الثاني للقنبلة هو مادة الكبريت الذي يخزن في عبوة منفصلة ويركب في القنبلة قبل الإقلاع ويخلط مع مادة (QL) أثناء فترة طيران الطائرة إلى أهدافها، ونتيجة لاختلاط هذه المكونات ينتج غاز (VX) المستمر. وتعتبر القنبلة (Big  Eye) هي العامود الفقري لتحديث إمكانيات الردع الكيماوي في الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الذخيرة الكيماوية التي يمكن استخدامها في العمق للوصول إلى مدى كبير.

ج. إنتاج الصاروخ (سكود - ب) سطح / سطح الروسي

والذي يمكنه إطلاق قذائف كيماوية على بعد 280 كم من نقطة الإطلاق.

د. إنتاج مجمع قنابل

يحتوى على عدد من القنابل الصغيرة وطبه زمنية تعمل على ارتفاع معين من سطح الأرض حيث تنشر القنابل على منطقة الهدف.            

3. تطوير أسلوب عمل الذخائر الكيماوية وتنوعها[3]

أ. تطوير أنواع الذخائر الكيماوية

(1) الذخائر الكيماوية المتفجرة: وفيها يتم نثر الغاز الحربي في جميع الاتجاهات وتزود الذخائر المتفجرة طبقاً لنوع الغاز المستخدم بالطبات الآتية:

(أ) طبات طرقية وتستخدم عادة في ذخائر الزارين والمسترد.

(ب) طبات رادارية (اقترابية) وتستخدم في ذخائر غاز (VX).

(2) أجهزة الرش: ويختلف تصميم أجهزة الرش طبقاً لنوع الغاز الحربي.

(3) الذخائر الحرارية: وتستخدم فيها المولدات لإنتاج غازات محترقة تدفع الغازات الحربية في شكل قطرات، كما تستخدم القنابل اليدوية المملئة بمخلوط الغاز الحربي ومخلوط حارق حيث يتم تبخير الغاز ثم تكثيفه بملامسته للهواء الجوي إلى أيروسول.

(4) المنثرات: ويستخدم فيها الهواء المضغوط لنثر الغاز الحربي.

ب. أسلوب نثر الغازات الحربية

(1) نثر الغاز الحربي من نقطة واحدة

ويستخدم في ذلك القنابل الكبيرة التي تلقيها الطائرات، حيث نجد أن أقصى تركيز لسحابة رزاز (أيروسول) الغاز يوجد مباشرة تحت الرياح بالنسبة للنقطة التي يتصاعد منها الغاز الحربي ويقل التركيز تدريجياً كلما انتشرت هذه السحابة مع الرياح، وتستخدم في هذه الطريقة الذخائر الكيماوية الآتية:

(أ) القنابل: ويوجد العديد من القنابل التي تملأ بغاز الزارين وتستخدم بكفاءة عالية من الطائرات وهذه القنابل مزودة بطبات طرقية.

(ب) الألغام الأرضية: M 23  واللغم الكيماوي واحد جالون.

(2) نثر الغاز الحربي من نقاط متعددة

وتستخدم في هذه الطريقة ذخائر كيماوية تحتوي على العديد من الذخائر ذات مصدر النقطة الواحدة، والتي يتم توزيعها عشوائياً فوق أرض الهدف، ويتصاعد الغاز على هيئة أيروسول أو بخار يتقابل مع الأيروسول أو البخار المتصاعد من مصادر أخرى وهكذا تتحرك سحابة الغاز المتكونة مع الرياح ومن أمثلة هذه الذخائر الآتي:

(أ) الذخائر الكيماوية للمدافع والهاونات.

(ب) الذخائر الكيماوية للصواريخ صغيرة العيار

وتتميز بكثرة عددها وكذا معدلها العالي لإطلاق الذخائر الكيماوية وتستخدم ضد الأهداف القريبة.

(ج) الذخائر الكيماوية للصواريخ كبيرة العيار

وتستخدم لمهاجمة الأهداف الموجودة على أعماق بعيدة، وتعتمد هذه الذخائر على وجود قنابل صغيرة في رأس الصاروخ يتم نثرها في الهواء فوق الهدف وبالتالي فإنها تتوزع على مساحات كبيرة.

(3) نثر الغاز الحربي على خط واحد

وذلك باستخدام خزان رش تجهز بها الطائرات أو إسقاط قنابل على الأرض في شكل خطي، ويستخدم هذا الأسلوب في تلويث رتل متحرك أو مضيق أو ممر جبلي، ولتحقيق هذا التلويث الخطي تستخدم الذخائر الكيماوية الآتية:

(أ) ذخائر كيماوية ذات المصدر الخطي المحمولة

وهي عبارة عن خزانات للرش تجهز بها الطائرات.

(ب) ذخائر كيماوية ذات المصدر الخطي الأرضي

وتعتبر هذه الذخائر نوعاً من القنابل العنقودية طراز (CB 21S)، وهي عبارة عن خزان به قنابل تجهز به الطائرة، وفيه يتم نثر القنابل بمعدل يمكن التحكم فيه على خط،  وتزود هذه القنابل بطبات طرقية.

4. تطوير الغازات الحربية

أ. إنتاج غازات أعصاب جديدة: اهتم علماء الحرب الكيماوية بالجيش الأمريكي بتخليق غازات أعصاب من نوع الكاربامات (Carbamate)، والذي يشبه في تأثيره الفسيولوجي غازات الأعصاب العضوية الفسفورية، إلا أن تأثير الكاربامات وقتي وعكسي ويعتبر ذلك مدخلاً جديداً في مجال الغازات الحربية، وقد قام العالم زومار SOMMER في معامل الحرب الكيماوية الأمريكية بتحضير بعض مركبات الكاربامات التي لها سمية تقدر بعشرة أضعاف سمية غاز الزارين.

ب. التخليق البيولوجي لمركبات الترايكوثيسينات (سموم الفطريات) بواسطة العلماء السوفييت واستخدامها كغاز حربي ضد القوات الأفغانية.

سادساً: تاريخ استخدام الغازات الحربية

1. خلال الحرب العالمية الأولى

كان أول استخدام للغازات الحربية، في 23 إبريل 1915، أثناء الحرب العالمية الأولى بواسطة القوات الألمانية، ضد قوات الحلفاء[4] حيث أصابت عدد كبير من الجنود، وفر الباقين من خنادقهم.

وقد استخدم الألمان 7530 اسطوانة معبأة بغاز الكلور المضغوط، أنتجت 180 طن غاز بمواجهة ستة كيلومتر، مما أدى إلى قتل خمسة آلاف جندي فرنسي وإصابة عشرة آلاف آخرين.

وقد حدثت ثغرة بمواجهة 8 : 9 كيلومتر، في الدفاعات الفرنسية استغلها الألمان في الاختراق لدفاعات الحلفاء. وفقدت قيادة الجبهة السيطرة على القوات في القطاعات التي لوثت بالغاز لمدة ساعات.

حفزت تلك النتائج الألمان، على تكرار استخدام الغازات، على الجبة الشرقية، مع القوات الروسية، وحققوا بها مكاسب تكتيكية[5]، ثم أعادوا الاستخدام على قطاعات أخرى، كانت أكبرها في منطقة رهيمس، ضد القوات الفرنسية، في أكتوبر 1915، بواسطة 25 ألف اسطوانة، أنتجت 550 طن من غاز الكلور.

قاوم الحلفاء الاستخدام الأول للغازات بمحاولة جمع معلومات من الأسرى والعملاء عن أماكن تجميع وتركيب اسطوانات الغاز بقذائف المدفعية لتدميرها، وكذلك استخدمت مهمات وقاية بدائية عبارة عن قطعة من القطن مبللة بمحلول كيماوي يمتص الغاز.

توالى استخدام غازات الحرب من الطرفين، حيث قامت القوات النمساوية بإطلاق 100 طن غاز سام (مخلوط من غازات الكلور والفوسجين)، ضد القوات الإيطالية التي خسرت خمسة آلاف قتيل وعشرة آلاف مصاب من جراء ذلك. كما خططت القوات البريطانية لاستخدام الغازات الحربية في هجوم الربيع من عام 1918، ضد الألمان على المواقع الرئيسية، ومرابض المدفعية، في العمق بواسطة 200 ألف اسطوانة غاز، محققة إنتاج 5800 طن الغازات السامة، تم إطلاقها بمقذوفات لأول مرة ولمدى 1 : 2 كيلومتر.

تطور استخدام الغازات خلال الحرب العالمية الأولى من الاسطوانات إلى المقذوفات إلى قذائف المدفعية من مختلف الأعيرة. كما تنوعت الغازات المستخدمة من كلور إلى فوسجين، وخليط منهما والمسترد ووصلت خسائر البريطانيون وحدهم عقب إعلان الهدنة في نوفمبر 1918، إلى 160 ألف مصاب توفى منهم 4000 فرد، واستغرق علاج الآخرين ستة أسابيع مما حقق إخلاء المواقع الدفاعية من القوات. كما أصبحت الذخائر الكيماوية مطلوبة بشدة من القادة الميدانيين وتزايدت نسبتها من 10% : 50%، من حجم ذخيرة المدفعية وحدها.

أيضاً تطورت وسائل الوقاية من القطن المبلل بالمحاليل إلى الكيس المشبع بالمحاليل ثم القناع ذو الصندوق وهو الذي مازال مستخدماً للآن بأشكال مختلفة.

2. خلال الحرب العالمية الثانية

عقب الحرب العالمية الأولى، صدر بروتوكول جنيف في عام 1925، يحظر استخدام الغازات السامة، وقعت عليه 32 دولة، بينما رفضته الولايات المتحدة الأمريكية. وقد التزمت الأطراف المتحاربة بهذا البروتوكول، في الحرب العالمية الثانية، ولم ينتهك إلا في مرات معدودة.

استخدمت إيطاليا غاز المسترد[6]، ضد الأحباش خلال حملتها للاستيلاء على إثيوبيا، في 1935: 1936، وبلغت الخسائر البشرية، من استخدامه 150 ألف قتيل، كما استخدمت غاز الكلور، في هضبة الأوجادين بالصومال الإيطالي، بواسطة الرش بالطائرات، وهو ما أثر على المزروعات، والثروة الحيوانية، ومياه الأنهار، بالإضافة لاستخدامه بواسطة قنابل الطائرات، وقاومت القوات الإثيوبية ذلك الأسلوب بتفادي المناطق الملوثة. وكان أساس الاستخدام بالنسبة للقوات الإيطالية، تأمين أجنابها، أثناء تحركها، وكذا تأمين خطوط مواصلاتهم، وطرق الإمداد. وأيضاً تقييد حركة القوات الإثيوبية، بالإضافة إلى قصفهم لمراكز القيادة ومراكز الاتصالات ومناطق تجمع القوات وعند ارتداد الإثيوبيين.

وقد حسمت الغازات الحربية، للمرة الأولى الحرب، لصالح الإيطاليون، فتمكنوا من الاستيلاء على أديس أبابا، العاصمة الإثيوبية، بسرعة يعتقد أنها لم تكن ستصل إليها إلا بعد تسعة شهور من القتال المضني، في المناطق الجبلية، كما قللت خسائرهم بشكل كبير، كنتيجة إضافية.

وقد ذكرت تقارير القتال أن اليابانيين، استخدموا ذخيرة مدافع كيميائية، في قتالهم مع الصينيون، بنسبة 25 %، وقنابل طائرات كيميائية، بنسبة 30%، وتقدر نسبة الخسائر من جراء ذلك 10 %، من حجم الخسائر الحربية، والعمليات، من 18 يوليه 1937، إلى 8 مايو 1945، واستخدمت فيها غازات الفوسجين، وثنائي الفوسجين، واللورو بكرين، وسيانيد الهيدروجين، والمسترد، والليوزيت، وشمل الاستخدام قذائف المدفعية، وقنابل الطائرات، ضد العسكريين، والمدنيين، في المناطق المليئة بالأنفاق والكهوف، بهدف إجبارهم على الخروج والاستسلام. ولم يكن لدى الصينيون مهمات وقاية. وقد استخدم اليابانيون تكتيكاً جديداً، حيث كانوا يبدءون بقذف مواد حارقة، يعقبها غازات سامة، ثم دخان، حتى تصل حالة الذعر بين القوات الصينية للأعلى مدى ولفترة طويلة.

وفي المسرح الأوربي، لم يستخدم الطرفين الغازات الحربية بشكل مباشر، حيث لم تدل أي تقارير عسكرية عن ذلك، رغم تأكد امتلاك الأطراف المتحاربة لأنواع ووسائل مختلفة منها. وقد حدثت عدة اتهامات من الجانبين، عن استخدام غاز المسترد، حول وارسو، في سبتمبر1939، وفي كريمن، في مايو 1942، حيث اكتشفت 3000 جثة، في مخبأ، بعد توقف العمليات، لأشخاص توفوا مختنقين بالغاز.

وفي أثناء العمليات لغزو إيطاليا، في بداية عام 1943، حدث بنوع الخطأ أن انفجرت شُحنات أمريكية من الذخائر الكيماوية، نتيجة قصف الطائرات الألمانية لسفينة أمريكية بالقرب من أنزو، ولكن سحابة الغاز نقلتها الريح السائدة نحو الخطوط الألمانية، وقد أسرع قائد المحور لتحذير القائد الألماني بذلك.

وفي استخدام آخر في تلك الحرب، بشكل غير مباشر، قامت وحدات الجستابو الألمانية، بقتل الأسرى من المدنيين، والعسكريين، في معسكر الاعتقال[7]، في غرف أعدت خصيصاً لذلك، وقد قدر عدد القتلى بين 2.5 : 4.5 مليون شخص.

أما في مسرح العمليات الباسفيكي، فقد استخدم اليابانيون، عبوات الدخان المعبأة بغاز سيانيد الهيدروجين، ضد الأمريكيون في عمليات أيسلندا. كما أستخدم غاز المسترد ضد بورما.

وبانتهاء الحرب العالمية الثانية، استولى الحلفاء على مخزون ألمانيا، من الذخائر الكيماوية، ومصانعها. حيث استولى الروس، على مصنع غاز التابون، ونقله لبلادهم، واستولى الأمريكيون، على 250 ألف طن مخزون النمسا، من غاز التابون، والزارين، والزومان[8].

3. الحرب الكورية 1951 ـ 1952

رغم معارضة البعض، من السياسيين، والعسكريين، فإن الأمريكيون، استخدموا الغازات الحربية، أربعة مرات ضد الصينيون، والكوريون، بواسطة قنابل الطائرات، من قاذفات قنابل من النوع  B 29.

4. الحرب الفيتنامية 1961 ـ 1970

أكدت مصادر الأمم المتحدة، إن القوات الأمريكية استخدمت المواد الكيماوية السامة، خلال سنوات الحرب الفيتنامية العشر، ضد المحاصيل الزراعية لإزالتها، حتى لا تستخدم في الإخفاء، والاستتار الطبيعي. وكذلك تدمير الثروة الغذائية، للشعب الفيتنامي، لإجباره على التوقف عن القتال، وتم ذلك بالرش بالطائرات للأحماض المبيدة للزراعات، خاصة محصول الأرز، ووصلت المساحة التي تم تلوثها، إلى 48136 كيلومتر مربع، وعدد الأفراد المصابين إلى 1.286.016 فرد، والقتلى إلى 1622، وترجع نسبة القتلى البسيطة لحجم التلوث، ونوعية المواد المستخدمة والهدف منها.

وبالإضافة لبرنامج إزالة المزروعات، فإن الأمريكيون، استخدموا غازات الإزعاج، والأعصاب، من نوع B Z, V X , C S، من قنابل الطائرات وقذائف المدفعية لتحقيق أهداف عسكرية تكتيكية.

5. لاوس وكمبوديا وأفغانستان 1975 ـ 1979

استخدمت الأسلحة الكيماوية، في تلك الدول الآسيوية، من قبل القوات السوفيتية، حيث استخدموا غازات الأعصاب، والمشلة للقدرة، والمسيلة للدموع، والمواد الشديدة السمية المختلطة بمواد كيمائية، وغيرها.

وقد بدأ استخدام الغازات الحربية، على لاوس، في أواخر عام 1975، بالتدريج بدءاً من الغازات المسيلة للدموع، ثم غازات شل القدرة، وباقي الغازات المزعجة. ثم تطورت لاستخدام المواد السمية. واستخدم في ذلك القاذفات التكتيكية، والتعبوية، وطائرات المعاونة الأرضية، والهليوكوبتر. كما استخدمت صواريخ عيار 2.75 بوصة، أمريكية الصنع، من متروكات الجيش الأمريكي في فيتنام.

وللطبيعة الجبلية والمزارع لمسرح عمليات الحرب الروسية ضد الأفغان فقد استخدمت القوات الروسية، غازات شل القدرة، والأومسيت، والداي فوسجين، وC S .V X, بواسطة الطائرات المقاتلة، و القاذفات، والهليوكوبتر، والصواريخ. وذلك لرخص تكاليف إنتاجها، وتوفرها لدى القوات الروسية، تأثيرها الشامل على كافة عناصر القتال. ولعدم توفر مهمات وقاية، أو تدريب على الوقاية منها لدى القوات الأفغانية.

6. الحرب العراقية ـ الإيرانية

استخدم العراق الغازات الحربية، ضد القوات الإيرانية، التي تحولت للهجوم على الأرض العراقية في فبراير 1984، حيث استخدم، غاز المسترد الكاوي، في هجوم مُركز ضد قوات الفيلق الإيراني الثاني، في القطاع الشمالي، والأوسط، بواسطة الطائرات، والمدافع، فتسببت في إصابة 15% منه، بخلاف تأثيرها المعنوي على باقي المقاتلين.

وفي 10 مارس، قامت القوات العراقية، بهجوم كيميائي مُركز، في القطاع الجنوبي، بواسطة قنابل الطائرات، المعبأة بغاز المسترد، والتابون، ودانات المدفعية المعبأة بغاز المسترد، ويقدر حجم الذخائر المستخدمة، 250 طن من غاز المسترد، و9 طن من غاز التابون، وتم التركيز على شرق البصرة، وحقل المجنون.

وأعادت العراق استخدام الغازات الحربية، لوقف الهجوم الإيراني شمال البصرة، في مارس 1985، إلا أن القوات الإيرانية، استخدمت في الحال مهمات وقاية أدت إلى خفض نسبة الخسائر.

استغلت القوات العراقية، الضربات الكيماوية، وتحولت للهجوم المضاد العام، في القطاع الجنوبي، ثم قامت بتوجيه ضربات كيميائية جديدة، في إبريل 1985، بهدف الاستمرار في الضغط على القوات الإيرانية شمال البصرة.

7. المناطق الكردية العراقية

استخدمت القوات الحكومية العراقية، عدة أنواع من مخزونها من الغازات الحربية، ضد الأكراد العراقيين، المناؤيين للحكومة، في المناطق الكردية الجبلية، بعد أن أنهكها القتال المستمر معهم، سواء كان ذلك أثناء الحرب مع إيران، أو بعدها، عندما كانت تعد العدة لغزو الكويت، وكان الهدف من ذلك، تفرغ قواتها للغزو، بعد تأمين الجبهة الداخلية، والعمق العراقي. (اُنظر جدول الخسائر المحتملة في الأفراد في المنطقة التي تتعرض لهجوم كيميائي) و(جدول مدة استمرار الغازات المستمرة على سطح الأرض) و(جدول عمق الانتشار الخطير لسحب الغازات الحربية في الأرض شبه المستوية) و(جدول إمكانيات الصواريخ والمدفعية والطيران في استخدام الغازات الحربية في الأحوال الجوية المتوسطة)



[1] ميكرون وحدة مليمترية لقياس الأطوال تعادل 0.001 من المللي ويستخدم لقياس المسافات متناهية الصغر.

[2] مادة (QL) هي Ethy12diisopropylami)- (no-ethyl methyl Phosphonite-

[3] وثيقة المخابرات الأمريكية، إدارة الاستطلاع العلمي والتكنولوجي لعام 1985م.

[4] كانت دول الحلفاء في الحرب العالمية الأولى تتكون من فرنسا، إنجلترا، روسيا، بلجيكا، اليابان، أمريكا، وكندا. أما دول المحور فكانت تتكون من ألمانيا، إيطاليا، النمسا، والمجر.

[5] استخدم الألمان 12 ألف اسطوانة غاز كلور في قطاع بلومو أثناء الهجوم على وارسو في 31 مايو 1915، أنتجت 264 طن غاز على مواجهة 12 كيلومتر ضد فرقتين مشاة من الجيش الثاني الروسي أتبعها تقدم للمشاة الألمانية وقد أدى الغاز إلى وفاة 9101 فرد وأصابت 7833 آخرين.

[6] يسميه البعض غاز الخردل.

[7] كشف النقاب عن ذلك في محاكمات نورمبرج، عقب إنتهاء الحرب، والتي أدين فيه الكثير من العسكريين الألمان، كمجرمي حرب، وتم إعدام عدد منهم وسجن الآخرين.

[8] رمز الأمريكيون لهذه الغازات بالرموز G D, G B, G A. على التوالي، وهو ما يثير الشك لامتلاكهم لغاز آخر في نفس الفترة يفترض أن رمزه G C.