إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / أسلحة الدمار الشامل




مدفع الهاوتزر م 109 أ1
إطلاق الغازات الحربية
الهاوتزر عيار 155مم FH-70
الانفجار النووي
البكتريا المسببة لمرض الجمرة
القنبلة النووية

وسائل نشر العوامل البيولوجية
القنبلة الهيدروجينية
القنبلة الذرية
قذيفة الهاوتزر عيار 155مم
قذيفة غاز الفوسيجين، وجرين كروس




الفصل الخامس

المبحث الثاني عشر

ادعاءات امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل

أولاً: نهاية البرنامج النووي العراقي

اتسمت مسيرة العراق النووية بالتعقيد الشديد. فقبل العام 1975، لم يكن العراق يمتلك سوى مفاعل أبحاث (14 تموز) لا تزيد طاقته عن 5 ميجاوات. وفي عام 1975، بدأت الحكومة العراقية في التخطيط لإقامة بنية نووية ذات حجم كبير، من خلال سلسلة من اتفاقيات التعاون النووي الخارجية؛ فكان التعاقد مع فرنسا، عام 1975، على شراء مفاعلي "إيزيس وأوزوريس" (أوزيراك)، والتعاقد مع إيطاليا، عام 1976، على توريد معامل الكيمياء الإشعاعية (الخلايا الحارة)، التي تم الحصول عليها بالفعل. كما عُقدت اتفاقية مهمة مع البرازيل لشراء اليورانيوم الخام الذي، تنتجه ما يوحي بأنّ العراق تحاول امتلاك قدرات نووية بأسرع طريقة ممكنة.

ويُلاحظ أن كافة عناصر البنية النووية التي حصلت عليها العراق، ترتبط بالمراحل المزدوجة، المدنية والعسكرية، لدورة الوقود النووي، خلال الفترة من عام 1975 – 1981؛ علماً بأن العراق صدَّق على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية NPT، عام 1969.

في عام 1981، قصفت إسرائيل مفاعل أوزيراك (40 ميجاوات) قبل تشغيله، لإحباط طموحات العراق في امتلاك سلاح نووي، وليتوقف برنامج البلوتونيوم العراقي، ويُصاب البرنامج النووي العراقي بالشلل.

عام 1991، وبعد حرب الخليج الثانية، كُشف عن برنامج نووي ضخم، كانت العراق قد بدأت في إنشائه منذ أوائل الثمانينيات، من خلال النشاطات السرية، بهدف إنتاج سلاح نووي بإتباع طريق اليورانيوم (تخصيب اليورانيوم 235) الذي لا يحتاج إلى امتلاك مفاعل نووي، إذ أنشئت مرافق لتخصيب اليورانيوم، وتصميم الأسلحة النووية في الطارمية والأثير والتويثة وغيرها.

تسارعت عملية تطوير هذا البرنامج ابتداءً من عام 1989، ليقترب العراق من العتبة النووية، قبل أن تُزيل فرق الأمم المتحدة عناصر البرنامج النووي العراقي، عام 1991 وتدمره.

تُشير معظم التقديرات الخاصة بالبرنامج النووي العراقي، إلى أنه انتهى تماماً بواسطة فريق التفتيش الدولي، بنهاية عام 1995، على الرغم من أن العراق لديه عدد كبير من العلماء، ولكنه يفتقر إلى المعدات التكنولوجية والوقود النووي، كما أنه يخضع لمراقبة شديدة، مما يستحيل عليه استئناف برنامجه النووي.

ثانياً: خسائر العراق من أسلحة الدمار الشامل، أثناء حرب الخليج الثانية

استحوذت القدرات العراقية في مجال أسلحة الدمار الشامل والصواريخ البالسيتية، على حيز كبير من اهتمام مخططي الحملة الجوية لقوات التحالف الدولي أثناء حرب الخليج. ووصلت نسبة الضربات الجوية، التي نفذتها قوات التحالف الدولي ضد المنشآت النووية والكيميائية والبيولوجية والصاروخية، إلى حوالي 5.8% من إجمالي الضربات الجوية لتلك القوات. وقد شاعت اختلافات واسعة بشأن تقييم حجم الدمار، الذي لحق بالأهداف العراقية المذكورة أثناء الحرب.

1. في مجال القدرات الكيميائية

أدت الهجمات الجوية لقوات التحالف أثناء حرب الخليج، إلى حدوث دمار كبير في عناصر البنية الأساسية الكيميائية العراقية. وحسب التقديرات العراقية، فإن ما تم تدميره بلغ أكثر من 1000 طن من المواد الكيميائية، و45 ألف قطعة، أغلبها من قذائف الهاون عيار 120 مم، و6 آلاف قطعة مدفعية، والصواريخ عيار 122 مم، و100 معدة إنتاج مختلفة، و85 من الأبنية والمخازن الكيميائية.

كما ركزت الهجمات الجوية لقوات التحالف على ضرب المنشآت العراقية، التي كان يُعتقد أنها تنتج أسلحة كيميائية في ثلاث مناطق، هي الفالوجا، وسلمان بك، والسامرة؛ إلاّ أن تأثير الهجمات كان أقل بكثير مما قدرته قوات التحالف الدولي.

2. في مجال القدرات البيولوجية العراقية

أشار العراق إلى أنه لم ينتج مواد بيولوجية صالحة للاستخدام العملياتي، إلا أن قوات التحالف الدولي ركزت على نوعين رئيسيين من الأهداف البيولوجية العراقية، هما: المنشآت البحثية في سلمان بك، والتاجي وأبو غريب، ومناطق انتشار وتخزين المواد البيولوجية في ملاجئ مختلفة.

وتؤكد تقارير القيادة المركزية الأمريكية على تدمير منشآت البحوث والتطوير البيولوجية المهمة المعروفة في العراق، ومعظم منشآت التخزين.

3. في المجال الصاروخي

ذكرت المصادر الغربية أن أطقم الطائرات التابعة لقوات التحالف الدولي أبلغت عن تدمير حوالي 80 قاذفاً صاروخياً، خلال الهجمات الجوية، إضافة إلى تدمير 9 – 11 قاذف آخر بواسطة القوات الخاصة، وتبين في ما بعد أن غالبية هذه الأهداف خداعية ومشابهة للصواريخ سكود.

ثالثاً: عملية إزالة أسلحة الدمار الشامل العراقية بواسطة لجنة اليونسكوم

حرصت لجنة الأمم المتحدة الخاصة (اليونسكوم)، وقوى دولية وإقليمية عديدة، على خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل، ما أدى إلى تدمير الجزء الأكبر من أسلحة الدمار الشامل العراقية والصواريخ البالسيتية التي يزيد مداها عن 150 كم.

وأوضح التقرير النهائي لفريق نزع السلاح ووسائل الرصد والتحقق المستمرين في العراق، الذي شكله مجلس الأمن، في 30 يناير 1999، عقب انهيار عمليات لجنة الأمم المتحدة الخاصة في العراق، الحقائق التالية:

1. في المجال النووي

يشير التقرير إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكملت، منذ نهاية عام 1992، معظم الأعمال المتعلقة بتدمير وإزالة مكونات برنامج الأسلحة النووية العراقية، وجعلها عديمة الضرر.

كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن مكونات البرنامج النووي العراقي وعن تدميرها. كما نقلت جميع المواد النووية الصالحة للاستخدام في صنع الأسلحة إلى الخارج، ولا سيما وقود مفاعلات الأبحاث. وانتهت من عملية النقل في فبراير 1994.

وتؤكد الوكالة على أنه لا توجد دلائل على أن العراق ما تزال في حيازته أي أسلحة نووية، أو مواد نووية صالحة للاستخدام في صنع الأسلحة، أو على أن العراق يحتفظ بأي قدرة عملية على إنتاج تلك المواد، من حيث المرافق والمعدات.

2. الصواريخ البالسيتية العراقية، التي يزيد مداها عن 150 كم

دُمرّ 817 صاروخاً بالسيتياً، كما دمرت جميع منصات الإطلاق المتحركة، إضافة إلى 56 موقعاً ثابتاً لإطلاق القذائف. كما تم تدمير والتعرف على مصير 73 رأساً حربياً كيميائياً وبيولوجياً من إجمالي 75 رأساً صالحة من نوع الحسين، و80 رأساً حربياً من 103 رؤوس حربية تقليدية أُنتجت محلياً.

3. الأسلحة الكيميائية

أشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن لجنة اليونسكوم أشرفت على تدمير وإزالة كميات كبيرة من الأسلحة والمواد الكيميائية، أو جعلها عديمة الضرر مع مكوناتها، والمعدات الأساسية المستخدمة في عمليات البحوث والتطوير، ولإنتاج وتخزين الأسلحة الكيميائية.

يُقدر حجم الذخائر الكيميائية التي دمرت بما يزيد على 88 ألف قطعة ذخيرة كيميائية، وأكثر من 600 طن من عوامل الأسلحة الكيميائية المستخدمة، وأكثر من 4 آلاف طن من المواد الكيميائية الأولية، ونحو 980 معدة إنتاجية أساسية، وحوالي 300 قطعة من أدوات التحليل.

وقد فككت اللجنة المجمع الرئيسي لتطوير وإنتاج الأسلحة الكيميائية في العراق وأغلقته. كما رصدت جميع المرافق الكيميائية مزدوجة الاستخدام ووضعتها تحت إشرافها، وكذلك حددت الأرصدة الخاصة بمواد العناصر الأساسية المتصلة بالأسلحة الكيميائية في العراق، وأيضاً مشاريع البحث والتطوير في المجال الأسلحة الكيميائية.

4. الأسلحة البيولوجية

كشفت لجنة اليونسكوم عن برنامج الأسلحة البيولوجية العراقية وقدرات العراق في هذا المجال، وأيضاً نظم النقل الرئيسية، وأنشطة العراق الشرائية لبرنامجه البيولوجي.

وقد دمرت مرفق العراق الرئيسي لإنتاج وتطوير الأسلحة البيولوجية (مرفق الحكم)، مع تدمير نحو 60 قطعة من المعدات الخاصة بالإنتاج لثلاثة مرافق أخرى، تشارك في الأنشطة المتعلقة بالأسلحة البيولوجية، مع تدمير المرافق الأخرى المعلنة لبرنامج الأسلحة البيولوجية، وجعلها عديمة الضرر، كما دمرت ما يقرب من 22 طن من الوسائط الزراعية الخاصة بإنتاج الأسلحة البيولوجية، والتي جمعت من أربعة مرافق أخرى.

رابعاً: تقديرات المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن لقدرات العراق في مجال أسلحة الدمار الشامل

The International Institute for Strategic Studies (IISS, 2002) London

1. في المجال النووي

لا يمتلك العراق القدرات اللازمة لإنتاج المواد الانشطارية بكميات كافية لصنع السلاح النووي، ويحتاج إلى عدة سنوات، على الأقل، ومساعدات أجنبية، من أجل بناء المنشآت اللازمة لإنتاج المواد الانشطارية. وليس معروفاً على وجه التحديد طبيعة الاهتمامات العراقية الحالية بالأسلحة الإشعاعية.

2. في المجال الكيميائي

من المحتمل أن يكون العراق قد احتفظ ببعض الكميات من غازات الخردل والسارين وVX.

3. في المجال البيولوجي

ربما يكون العراق قد تمكن من الاحتفاظ بمعدات ومواد وعوامل بيولوجية. والإنتاج العراقي من العوامل البيولوجية غير معروف، وكذلك الكميات المخزونة منه غير معروفة.

4. في مجال وسائل الاتصال

من المحتمل أن يكون العراق قد تمكن من الاحتفاظ بقوة صغيرة من صواريخ الحسين. كما أن العراق يفتقر إلى المنشآت اللازمة لإنتاج الصواريخ، وربما يحتاج إلى عدة سنوات ومساعدات أجنبية مكثفة لهذا الغرض.

وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تركزان بقوة على خطورة القدرات البشرية العراقية، في المجالات العملية المختلفة المرتبطة بأسلحة الدمار الشامل، والتي تُقدر بحوالي 7 آلاف خبير وفني عراقي.

ويوجد نظام للرصد والتحقق والتفتيش المستمر في العراق، لرصد ومتابعة وتحليل كافة مكونات حركة الاستيراد والتصدير في العراق.

استحوذت جهود التصدي لبرامج أسلحة الدمار الشامل العراقية على حيز كبير من اهتمامات القوى الدولية والإقليمية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وكان أبرز هذه الجهود، الهجوم الجوي الإسرائيلي على المفاعل النووي العراقي، في يونيه 1981، كما أنشأت الإدارة الأمريكية في الثمانينيات آلية للسيطرة على انتشار الصواريخ البالسيتية، بالتعاون مع الدول الأخرى المالكة لتكنولوجيا تلك الصواريخ.

ويتضح من مجمل ما سبق، أن آليات عملية إزالة أسلحة الدمار الشامل العراقية، كانت من الشمول، والإحكام، والتعقيد، على نحو كان من المتعذر معها، إلى حد كبير، ترك ثغرة تتيح للعراق الإفلات ببعض العناصر المؤثرة من أسلحته وقدراته الإستراتيجية، وإن كانت المقادير غير المحسوبة قد أسهمت بدورها في جعل عملية الإزالة أكثر فعالية، كما حدث عندما قدّم العالم النووي العراقي "حسين الشهرستاني" طوعاً معلومات كاملة حول البرنامج السري النووي العراقي؛ لكن تظل كافة الآليات السابقة مجرد إجراءات نظرية جيدة، لم يكن يُقدر لها أن تؤدي إلى نتيجة دون أن تترافق مع عمليات التهديد العسكري والضغط السياسي والاقتصادي، التي أكرهت العراق على قبولها والتعاون معها.

وأخيراً، فإن عملية تدمير وإزالة وتحييد أسلحة الدمار الشامل العراقية في فترة ما بعد حرب الخليج الثانية، بواسطة لجنة اليونسكوم والوكالة الدولية للطاقة الذرية، أعطت الفرصة للولايات المتحدة الأمريكية لضرب العراق، متذرعة بامتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، التي ثبت كذب الإدعاء بها.