إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الاستشعار عن بُعد




نموذج ثلاثي الأبعاد لسفينة
هوائي الرادار سار
موجات المحيط باللون الأحمر
منطاد بمستشعرات للأشعة الكونية
مركبة الفضاء كاسيني
مقبرة مدينة إرم
مقياس الإشعاع الطيفي موديس
المستشعر موبيت
المستشعر ميسر
الإشعاع المنبعث من المحيط الهادي
الانبعاثات الطيفية
التليسكوب الفضائي هابل
الخصائص المناخية لكوكب الأرض
الصاروخ الروسي SS-25
الغطاء الثلجي شرق الولايات المتحدة
القمر الصناعي تخسات جوروين1
القمر الصناعي تخسات2
القمر الصناعي ERS-1
جبل عمور في الجزائر
درجة الكلوروفيل
صورة من القمر متيوسات
صورة وادي الرحابي بالجزائر
صورة التقطها المستشعر "أستر"
صورة بنظام كهروبصري محمول جواً
صورة جوية بواسطة الرادار
صورة جوية بالرادار السار
صورة كميات المياه في الجو
صورة فضائية لبركان
سطح القمر تيتان
كاميرا التصوير بالقمر (أفق-3)
غابات الأمازون
قياس الإشعاع الطيفي

مراحل منظومة شنكاي
مراحل استعادة الكبسولة
أسلوب التصوير الضوئي
نطاق تغطية القمر أفق-3
مكونات القمر الصناعي أفق-3
التقاط الانبعاثات الطيفية




الفصل الرابع

المبحث العاشر

الآثار القانونية للاستشعار عن بُعد

أثير الكثير من النقاش والجدل حول قانونية أنشطة الاستشعار عن بُعد من الفضاء الخارجي باستخدام التوابع الاصطناعية، منذ بدأت الدول في ممارسة هذا النشاط. وازداد النقاش حدة بزيادة هذه الأنشطة ومجالاتها بغية التوصل إلى نظام قانوني يحكمها. ففي البداية عندما كان الاستشعار عن بُعد يمارس على نطاق ضيق، لم يتناول القانون الدولي هذا النشاط. ولكن مع بداية الستينيات، عندما زادت الدول العاملة في هذا المجال، وعندما اتسع نطاق استخدام التوابع الاصطناعية في مهام الاستشعار عن بُعد، اجتمعت الدول المهتمة بالفضاء الخارجي في لجنة الأمم المتحدة لاستخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية United Nation Committee of Peaceful of Use of Outer Space U.N.C.OPUOS.

وبدأت هذه الدول في إجراء الدراسات اللازمة لوضع مبادئ قانونية لاستخدام الفضاء الخارجي. وقد كانت هناك قرارات دولية سبقت هذه المفاوضات وصاحبتها وتشمل هذه القرارات الآتي:

1. إعلان المبادئ القانونية التي تحكم نشاط الدول في اكتشاف الفضاء الخارجي واستخدامه.

2. قرار الأمم المتحدة بشأن التعاون الدولي لاستخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية.

3. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مسألة نزع السلاح الكامل والشامل للفضاء الخارجي.

تضاف إلى هذه القرارات خمسة اتفاقات صاغتها لجنة الأمم المتحدة لاستخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية. وهى:

1. معاهدة الفضاء الخارجي عام 1967.

2. اتفاق الإنقاذ والإعادة عام 1968.

3. اتفاقية المسؤولية الدولية عام 1972.

4. اتفاقية التسجيل والإعادة عام 1976.

5. اتفاق القمر عام 1979.

6. إعلان مبادئ البث الإذاعي المباشر عام 1982.

وقد أكدت جميع هذه الاتفاقيات على أن الفضاء الخارجي، بما فيه القمر والأجرام السماوية الأخرى، لا يخضع للمطالبة الدولية بإدعاء السيادة الدولية أو الاحتلال أو بأي وسيلة أخرى. كذلك تؤكد على أن يكون الفضاء الخارجي منطقة دولية تخضع للقانون الدولي.

ومع تقدم الوسائل التكنولوجية لاستكشاف الفضاء واستخدام تكنولوجيا الاستشعار عن بُعد باستخدام التوابع الاصطناعية، واجه مبدأ سيادة الدولة نوعاً جديداً من التحدي. فالدول ذات السيادة التي لديها المقدرة العلمية والمادية لارتياد الفضاء الخارجي، تحصل على أضخم الفوائد من الاستشعار في مجال الفضاء، بينما الدول التي تعوزها القدرة العلمية والمادية لا تأمل سوى في الحصول على نصيب مناسب من الفوائد المتحصل عليها من استخدام الفضاء الخارجي.

وربما يؤدي التنافس بين الدول ذات السيادة في عمليات جمع الفوائد من الفضاء الخارجي، في مجالات الأرصاد الجوية أو اكتشاف المصادر الطبيعية أو الاستخدامات العسكرية، إلى إعاقة المبدأ المنادى بحرية الفضاء الخارجي.

وقد ظهرت أهمية ذلك في المناقشات التي دارت حول تنظيم الحصول على المعلومات المصورة عن أراضى الدول الأخرى ونشرها. بدأ ذلك في لجنة استخدام الفضاء في الأغراض السلمية عام 1972. وقد أخذ هذا الموضوع أولوية في مناقشات عام 1984 تحت عنوان "الآثار القانونية للاستشعار عن بُعد من الفضاء الخارجي"، في محاولة لوضع مشروع مبادئ لتنظيمها.

وقد بدت الخلافات السياسية الناتجة عن أنشطة الاستشعار عن بُعد من الفضاء الخارجي واضحة، منذ بدأت مراقبة الأرض بواسطة المركبات الفضائية. فلم يمض وقت طويل على هذه الأنشطة حتى بدأت الدول المطالبة بتنظيم قانوني دولي لنشاط الاستشعار عن بُعد.

ويرى البعض أن القواعد الحالية مازالت قاصرة عن تنظيم الآثار القانونية الناتجة عن أنشطة الاستشعار عن بُعد، الأمر الذي أدى إلى زيادة الخلاف حول هذه المسائل، مع تطور التوابع الاصطناعية الخاصة بالمصادر والثروات وأجهزة الاستقبال الخاصة بها، ومع دخول عدد كبير من الدول في هذا الميدان ازدادت هذه الآثار حدة.

أولاً: تعريف الاستشعار عن بُعد

عند التعرض لتعريف الاستشعار عن بُعد، يجب أن يتضمن التعريف الوظائف الرئيسة التي يؤيدها هذا النشاط، وبالأخص المراقبة الحرة غير المعاقة، وعمليات جمع المعلومات باستخدام الوسائل الفضائية. ويشمل هذا التعريف المراقبة وجمع الحقائق أينما وجدت بواسطة مستشعرات موجهة إلى جميع الاتجاهات. ومثل هذا التوجيه يسمح بجمع الحقائق الفلكية والملاحية والتحليلية، بل والحقائق المؤسسة على حب المعرفة.

وقد بُذلت جهود كثيرة للتوصل إلى تعريف علمي للاستشعار عن بُعد، واستمر الخلاف حول هذا التعريف حتى صدور مبادئ الاستشعار عن بُعد عام 1986، التي تضمنها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 41/65، حيث عَرَّف الاستشعار عن بُعد بأنه "استشعار سطح الأرض من الفضاء الخارجي، باستخدام خواص الموجات الكهرومغناطيسية التي تصدرها الأجسام المستشعرة أو تعكسها أو تحيدها، من أجل تحسين إدارة الموارد الطبيعية واستغلال الأراضي وحماية البيئة".

ثانياً: الآثار القانونية للاستشعار عن بُعد

1. تأثر سيادة الدول بأنشطة الاستشعار عن بُعد من الفضاء الخارجي

رغم تمتع الدولة بالسيادة الكاملة على إقليمها وما يشمله من أراضى أو بحار أو مجال جوى، إلا أنه قد نص على حرية الفضاء الخارجي وعدم خضوعه لسيادة أية دولة. لذلك اختلف الفقهاء حول مدى تأثر سيادة الدول على الأرض بالأنشطة التي تجرى أو تتم في الفضاء الخارجي.

وتختلف المواقف القانونية للدول من هذه المسألة طبقاً لجنسية الدولة القائمة بالاستشعار وجنسية الأراضي التي يتم استشعارها. فاستشعار الدولة لأراضيها أو للمناطق التي لا تخضع لسيادة أية دولة. لا يسبب أية مشكلات قانونية. بينما يثير استشعار أراضى الدول الأخرى ذات السيادة والمناطق الخاضعة لولايتها، العديد من المشكلات القانونية، والتي يمكن إجمالها في الآتي:

أ. تأثر سيادة الدولة على مصادرها الطبيعية

قد يؤدي استشعار دولة ما للمصادر الطبيعية لدولة أخرى إلى الإضرار بالتقدم الاقتصادي ورفاهية هذه الدولة إلى حد كبير، خاصة الدول النامية، التي لا تمتلك تكنولوجيا الاستشعار عن بُعد، والتي تعتمد إلى حد كبير على الاستغلال الاقتصادي لمصادرها التعدينية والبيولوجية.

ب. سيادة الدولة القائمة بالاستشعار في مواجهة سيادة الدولة المستشعرة

تعتمد كل من الدولة القائمة بالاستشعار والدولة المستشعَرة في موقفها من آثار الاستشعار عن بُعد على ممارستها لسيادتها القومية الكاملة التي كفلها لها القانون. فتدعى الدولة القائمة بالاستشعار أنها تقوم بأنشطة الاستشعار عن بُعد في الفضاء الخارجي الذي لا يخضع لسيادة أية دولة من الدول، وبالتالي فإنه من حقها أن تمارس هذه الأنشطة بحرية تامة. وتدعى الدول المستشعَرة أنه بالرغم من أن هذه الأنشطة تمارس في الفضاء الخارجي الحر، إلا أن أراضى الدول المستشعَرة التي تمارس عليها الدولة سيادة كاملة هي هدف تلك الأنشطة، وبالتالي تعتبر ذلك تدخلاً في سيادتها، مما يؤثر عليها اقتصاديا وأمنياً وسياسياً.

2. جمع ونشر البيانات الناتجة من الاستشعار عن بُعد

تبدأ التوابع الاصطناعية في عمليات جمع البيانات منذ إطلاقها، وتستمر في ذلك حتى تتخذ مدارها حول الأرض. وتبدأ البيانات التي يتم الحصول عليها في التدفق إلى محطات الاستقبال الأرضية حيث يتم معالجتها للاستفادة بها. ويثير ذلك العديد من التساؤلات:

أ. مدى أحقية الدول القائمة بالاستشعار في الحصول على البيانات عن أراضى الدول الأخرى

في هذا تتضارب الآراء بين مؤيد ومعارض. رأى يؤيد حرية الحصول على المعلومات من الفضاء الخارجي، ورأى يعارض ذلك تماماً، بينما يقف رأى ثالث موقفاً وسطاً حيث يعطى الحرية للدول في القيام بالاستشعار عن بُعد، ولكنه يضع قيوداً على البيانات التي يتم الحصول عليها.

 ب. الحق في البيانات التي تجمعها التوابع الاصطناعية للاستشعار عن بُعد

رغم ملكية الدولة القائمة بالاستشعار للبيانات التي تجمعها التوابع الاصطناعية، تنادى الدول المستشعَرة بحقها في تلك البيانات التي تجمع عن أراضيها، كذلك في البيانات التي تجمع عن المناطق غير الخاضعة لسيادة الدول الأخرى، مثل مناطق أعالي البحار. كما تطالب بعض الدول بأن تكون لها الأسبقية في الحصول على البيانات الخاصة بأراضيها، وبعدم نقل هذه البيانات إلى أية دولة ثالثة دون موافقتها.

ج. حصول طرف ثالث على البيانات الناتجة من الاستشعار عن بُعد

تضاربت الآراء حول أحقية أي طرف ثالث ـ دولة كانت أو منظمة دولية أو أفراد ـ في الحصول على البيانات، خاصة من ناحية التوقيت بالنسبة للدولة المستشعَرة. فهناك من ينادي بحرية الحصول على البيانات ونشرها دون قيود. ورأي آخر يرى ضرورة الموافقة المسبقة من الدولة المستشعرة قبل الحصول على البيانات ونشرها. أما الرأي الوسط فإنه لا يعارض جمع المعلومات، ولكنه يرى ضرورة الحصول على الموافقة المسبقة للدول المستشعَرة قبل نقل البيانات إلى أي طرف ثالث.

د. المسؤولية عن استخدام بيانات الاستشعار عن بُعد

قد يؤدي استخدام بيانات الاستشعار عن بُعد إلى الإضرار بالدولة المستشعَرة. ويشمل ذلك استخدام الدولة القائمة بالاستشعار للبيانات التي يتم الحصول عليها من توابع الاستشعار عن بُعد من الفضاء الخارجي، بطريقة تضر بالدولة المستشعَرة، سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية. كذلك الضرر الذي قد يلحق بالدولة المستشعَرة، إذا ما تم نقل هذه البيانات أو المعلومات التي تجمعها هذه التوابع إلى طرف ثالث، قد يسئ استخدام هذه المعلومات ويسبب أضراراً بالدولة المستشعَرة.

3. أهمية الاستشعار عن بُعد ومشاكله بالنسبة للدول النامية

رغم اعتماد الدول النامية على استغلال مصادرها الطبيعية، إلا أن قوتها الاقتصادية مازالت محدودة للغاية، نظراً لتخلفها في مجال التكنولوجيا، وخاصة ما يتعلق منها بعمليات جمع المعلومات. وهنا تظهر أهمية ما تقدمه التوابع الاصطناعية من معلومات عن مكان المصادر الطبيعية الضرورية لعملية التقدم والتنمية الاقتصادية وكميتها ونوعيتها ، خاصة في مجال الزراعة والغابات والمحيطات وعلوم المياه والاستكشافات المعدنية. ولكننا نجد أن الدول النامية تعتمد على الدول المتقدمة في هذا المجال، وهذا تحكمه عدة عوامل.

أ. الخلفية التاريخية

كان لخضوع عدد كبير من الدول النامية لسيطرة الدول المتقدمة لمدة طويلة من الزمن، سواء كان ذلك في صورة استعمار عسكري أو في صورة خضوع سياسي أو اقتصادي، أن جعل من الدول النامية التابع الضعيف. كذلك فإن استمرار الدول المتقدمة في استغلال المصادر الطبيعية للدول النامية بأقل الأسعار قد أدى إلى انعدام الثقة بين الدول النامية التي تملك المصادر الطبيعية، ولكنها لا تملك التكنولوجيا خاصة تكنولوجيا الاستشعار عن بُعد، وبين الدول المتقدمة التي تمتلك كل شيء في هذا المجال.

ب. ضعف برامج الاستشعار الوطنية للدول النامية

لجأت بعض الدول النامية، نظراً لحاجتها إلى استكشاف المصادر الطبيعية بصورة فعالة، إلى استخدام تكنولوجيا الاستشعار عن بُعد. فقد قامت أكثر من خمسين دولة من الدول النامية بتنفيذ بعض المشروعات التجريبية للحصول على معلومات من طريق الاستشعار عن بُعد. كما أقامت بعض الدول محطات استقبال أرضية حتى يمكنها استقبال بيانات بعض أنظمة الاستشعار عن بُعد وتحليلها واستخدامها. وقد أدى تعدد الأنظمة العاملة في هذا المجال إلى زيادة الأعباء على الدول النامية، الأمر الذي تسبب عنه تعثر بعض هذه الدول في تنفيذ مشروعاتها أضف إلى ذلك ضعف المستوى الفني، وقلة العمالة الماهرة، وانعدام الاستثمار في مجال البحث العلمي بوجه عام في الدول النامية.

ج. خوف الدول النامية من استخدام معلومات الاستشعار عن بُعد للإضرار بها

تستشعر بعض الدول الخطر من استخدام المعلومات المتحصل عليها للإضرار بمصالح تلك الدولة، سواء أكان ذلك من الناحية الاقتصادية أم السياسية. فهي تخشى أن يؤدي التوسع في نشر بيانات الاستشعار عن بُعد إلى تعرض مصادرهم الطبيعية للاستغلال بواسطة الدول الأخرى، خاصة وأن الدول النامية مازالت تُحرم من الحصول على المعلومات الخاصة بمصادرها الطبيعية، وأن وجود هذه المعلومات في يد الدول المتقدمة سوف يزيد من قوة هذه الدول في المساومة لاستغلال المصادر الطبيعية مع الدول الأقل تقدماً.

وتطالب الدول النامية بوضع قيود على نشر البيانات دون تمييز، كما تطالب بنقل المعرفة التكنولوجية إليها، حتى يمكنها تحويل البيانات الخام المستقبلة من توابع الاستشعار عن بُعد، إلى معلومات يمكن الاستفادة منها.

د. مساهمة الدول النامية في التعاون الدولي

يمكن للدول النامية من خلال التعاون الدولي إقامة منظمات إقليمية، إلى جانب المحطات الأرضية المنتشرة حالياً على أراضيها. والغرض من هذه المنظمات أو المراكز هو نشر المعرفة التكنولوجية، ومد يد العون إلى الدول الأعضاء فيها، كما يمكن للدول المشاركة في الأنشطة الفضائية للاستشعار عن بُعد، التي تمارسها الدول المتقدمة، وبالتالي يمكنها الحصول على البيانات اللازمة لتطوير هذه الدول سياسياً واقتصادياً.

4. تأثر الأمن القومي للدول بأنشطة الاستشعار عن بُعد

نظراً للتطور الهائل في نظم الاستشعار عن بُعد، فقد أصبح في مقدورها الحصول على معلومات دقيقة عن المصادر الطبيعية، والمواقع العسكرية وأماكن الأسلحة والمعدات في الدول الأخرى. وأصبح الحصول على المعلومات عن المعدات العسكرية المخبأة تحت الأرض من الأمور الطبيعية لهذه الأنشطة. ويظهر تأثر الأمن القومي بهذه الأنشطة في الآتي:

أ. عمليات الاستطلاع العسكري والجاسوسية

تتميز توابع الاستشعار عن بُعد المستخدمة في الأغراض المدنية، بأن لها إمكانات مزدوجة. فبجانب حصولها على معلومات عن الطقس والأرض والمصادر الطبيعية، يمكنها الحصول على البيانات العسكرية التي تعد على جانب كبير جداً من السرية. ويعد الحصول على هذه البيانات تمهيداً مباشراً للدولة المستشعرة.

وقد أصبح التجسس باستخدام التوابع الاصطناعية ومركبات الفضاء من الأنشطة اليومية التي تلجأ إليها الدول ذات الإمكانات الفضائية. وقد أدى ذلك إلى الاهتمام باستخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية، اعتباراً من عام 1962.

ب. استخدام توابع الاستشعار عن بُعد للتحقق من تنفيذ معاهدات الحد من الأسلحة

تعزيزاً للسلم والأمن الدوليين، وابتعاداً عن شبح الحرب بين القوتين الأعظم، في ذلك الوقت، نصت معاهدات الحد من الأسلحة التي أبرمتها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي (السابق) على استخدام الوسائل التكنولوجية الوطنية الخاصة بكل طرف للتحقق من تنفيذ الطرف الثاني لالتزامه التي وردت بالمعاهدة.

ج. قصر استخدام الفضاء الخارجي على الأغراض السلمية

نصت جميع اتفاقات الفضاء، وعلى رأسها معاهدة الفضاء الخارجي، على قصر استخدام الفضاء على الأغراض السلمية، وعدم وضع أية أسلحة نووية أو أية أسلحة من أسلحة التدمير الشامل في مدارات حول الأرض أو على الأجرام السماوية الأخرى. وقد كان ذلك مثار مناقشات طويلة لتفسير معنى الاستخدام للأغراض السلمية. ويمكن القول بأن الفضاء الخارجي قد ازدحم بالمركبات الفضائية ذات الاستخدام العسكري، التي تستخدمها الدول الكبرى، مما يؤكد عدم الالتزام بقصر استخدام الفضاء الخارجي على الأغراض السلمية.

5. مشكلات تكنولوجيا الفضاء

بالرغم من الفوائد التي بدأ الإنسان في الحصول عليها من ارتياده للفضاء، وبالرغم من الزيادة الهائلة في إعداد التوابع الاصطناعية التي تطلق كل عام والتي بلغت الآلاف، إلا أن تكنولوجيا الفضاء مازالت تقابل العديد من المشكلات التي تؤثر عليها أو تؤثر على الإنسان الذي ابتدعها أو على الكرة الأرضية ذاتها، وتتمثل مشكلات تكنولوجيا الفضاء في الآتي:

أ. ارتفاع التكاليف

كلما تطورت وتقدمت نظم الفضاء، ارتفعت تكاليفها، الأمر الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى إعاقة هذا التطور. ومن هنا كان الاتجاه نحو تخفيض تكاليف بناء الهياكل الفضائية، كذلك تخفيض عمليات نقلها إلى مداراتها حول الأرض إلى أقل قدر مكن. ويمكن مقابلة ذات أيضاً بزيادة عدد المهام التي تؤديها الأجسام الفضائية، مع زيادة نسبة المهام التي تتخذ طابعاً تجارياً. ويمكن التقليل من تكاليف تكنولوجيا الفضاء كالآتي:

(1) استخدام مركبات الفضاء التي يمكن استخدامها أكثر من مرة مكوك الفضاء.

(2) الإنتاج الوفير للمركبات التي تستعمل مرة واحده وبالتالي تخفيض تكاليفها.

(3) الإطلاق المتزامن لأكثر من تابع اصطناعي بصاروخ إطلاق واحد.

وعندما أصبحت تكنولوجيا الفضاء أكثر انتشاراً وأوسع استخداماً، بات من الضروري تقديم المعاونة للدول الأخرى لمساعدتها في إطلاق التوابع الاصطناعية التي تستخدم في الأغراض السلمية وفى البحث العلمي ويلزم لذلك:

(1) تقديم المعاونة للإطلاق على أساس ترتيبات ثنائية أو متعددة الأطراف، وبشروط عادلة إلى جميع الدول التي ترغب في ذلك.

(2) استحداث نظم للنقل الفضائي تكون أكثر اقتصاداً.

(3) دراسة الآثار طويلة الأجل المترتبة على العدد المتزايد من عمليات الإطلاق، والقيام في حالة وجود آثار ضارة باتخاذ التدابير اللازمة للتغلب على هذه الآثار.

ب. حماية البيئة القريبة من الأرض

(1) الأنقاض الفضائية

للزيادة في عدد الأجسام الفضائية التي تطلق عيوبها كما أن لها مزاياها. ويظهر حجم هذه المشكلة من الزيادة الهائلة في أعداد الأجسام الفضائية التي تدور حول الأرض والتي يقدر عددها بالآلاف، ومعظم هذه الأجسام أنقاض، أي توابع اصطناعية هامدة، ومحركات صواريخ مستهلكة وقطع معدنية صغيرة. ويزيد احتمال اصطدام هذه الأنقاض بالأجسام الفضائية كلما زاد عددها. ويقترح البعض ضرورة تحديد بعض المدارات الفضائية البعيدة يتم فيها التخلص من هذه الأنقاض الفضائية، كذلك يرى البعض ضرورة إزالة جميع التوابع الاصطناعية غير العاملة من المدارات الاصطناعية غير العاملة من المدارات التي تدور فيها حول الأرض، فيما يسمى بعملية تنظيف المدارات ويمكن أن يتم ذلك بإرسال بعثات تنظيف.

(2) التلوث

يعدّ الخطر المحتمل حدوثه نتيجة التغيرات البيئية المترتبة على النشاط الفضائي، من أخطر المشكلات التي تؤثر في البيئة القريبة من الأرض، وذلك للآتي:

(أ) التلوث البيئي الناتج عن إطلاق الصواريخ، وقد ثبت علمياً وجود اضطرابات إقليمية تؤثر في انتشار الموجات اللاسلكية المستخدمة في الاتصالات.

(ب) الاضطرابات التي تحدث في الغلاف الجوى نتيجة الغازات التي تطلقها الصواريخ.

(ج) قد يصبح استنفاذ طبقة الأوزون نتيجة للأنشطة الفضائية من المشكلات التي لها آثار مدمرة على الأرض.

(د) ما قد ينتج من استخدام مصادر الطاقة النووية، وما قد يستتبع ذلك من مخاطر قد تؤثر في البيئة. ومازالت هذه المسألة قيد المناقشة في اللجنتين الفرعيتين التابعتين للجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية، لاستكمال مبادئ القانون الدولي المتعلقة باستخدام مصادر الطاقة النووية في الفضاء الخارجي.

(3) المخاطر البيولوجية التي قد تتعرض لها البشرية

تتضمن هذه المخاطر الآتي:

(أ) تلوث الكواكب الأخرى بالكائنات الحية الدقيقة القادمة من الأرض.

(ب) تلوث الأرض بالكائنات الحية الدقيقة القادمة من خارج الأرض.

(ج) ما قد تحدثه البيئة الفضائية من تحولات خطيرة في الكائنات الحية الدقيقة. مما قد يكون له بالغ الأثر على الحياة على الكرة الأرضية.

ثالثاً: الآثار المترتبة على التطوير المستهدف لتكنولوجيا الفضاء

من المرجح أن يشهد ربع القرن التالي نمواً كبيراً في تكنولوجيا الفضاء والتطبيقات الفضائية، فيجاوز بكثير التقدم الهائل الذي حدث في السنوات الخمس والعشرين الأخيرة. وتبشر أوجه التقدم هذه بفوائد عظيمة للإنسان، على أنه من المؤسف أن بعض هذه التطورات المحتملة، قد تؤدي أيضاً إلى مخاطر جسيمة.

1. النظم الفضائية المخصصة للطاقة الشمسية

في ظل الاحتياجات العالمية المتزايدة للطاقة، وتضاؤل الموارد التقليدية النفط والفحم والخشب يجرى التفكير في إيجاد نظام فضائي مخصص للطاقة الشمسية. ويحيط الكثير من الشك باقتصاديات هذا المشروع، ما لم تحدث تكنولوجية هائلة.

ومن آثار ذلك ما يحدثه تكرار إطلاق الصواريخ العملاقة اللازمة لإنشاء هذا النظام، من آثار سلبية على البيئة. وإذا ما استخدمت الموجات متناهية القصر في بث هذه الطاقة، فإن آثارها البيولوجية قد تدعو للقلق، بسبب عدم الإلمام الدقيق بآثار تلك الموجات على الحياة. هذا علاوة على آثارها على الغلاف الجوى وما سوف تحدثه من إعاقة لنظم الرادار والاتصالات، بسبب الطاقة الهائلة المنبعثة من جهاز إرسال أي تابع اصطناعي مخصص لإرسال الطاقة الشمسية.

2. الصناعة الفضائية

يرى البعض إمكانية استخدام المواد الأرضية وتجهيزها في الفضاء الخارجي، أو إعادتها واستخدامها على الأرض. وفى هذا المجال تجدر الإشارة إلى الاتفاق الذي ينظم أنشطة الدول على القمر والأجرام السماوية الأخرى.

وتستغل بيئة الفضاء الخاصة انعدام الجاذبية (الفراغ من الهواء) في إجراء دراسات علمية تتعلق بعلوم المعادن وديناميكا السوائل والتفاعلات الكيميائية، كذلك لإجراء تجارب بيولوجية مختلفة، مما يستدعى تشجيع التعاون ونشر النتائج العلمية الخاصة بهذه الأنشطة.

3. الاتصالات والاستشعار عن بُعد

قد تؤدي التطورات المقبلة في مجالات الاتصال والبث الإذاعي المباشر والاستشعار عن بُعد، إلى بعض المشكلات الخطيرة. ففي مجال البث الإذاعي مثلاً، سيصبح في القريب العاجل استحداث توابع اصطناعية للبث بالغة القوة، يمكنها إرسال برامج الراديو والتليفزيون مباشرة إلى أجهزة الاستقبال المنزلية. فقد تكون هذه البرامج وسيلة فعالة لتوسيع نطاق التعليم ونشر المعلومات، خصوصاً في الدول النامية. ومع ذلك فقد تكون لها آثار سلبية في مجالات مختلفة، علاوة على الحقوق السيادية للدول.

4. البحث عن كائنات عاقلة خارج الكرة الأرضية

يعد البحث عن كائنات عاقلة خارج الكرة الأرضية مجرد بحث علمي له آثاره الفلسفية العميقة. وهناك محاولات عدة لاستكشاف أي نوع من أنواع الحياة قد يتواجد على ظهر الكواكب الأخرى، أو مجرد استقبال إشارات واردة من الفضاء الخارجي. ولما كانت هذه القضية أساسية للغاية، فإنه يلزم بذل جهود دولية مشتركة في هذا المجال.

5. المستوطنات الفضائية

يرى بعض العلماء إمكانية بناء مستوطنات فضائية، ولو في المستقبل البعيد، إما في صورة محطات فضائية مدارية أو على الأجرام السماوية. ويوجد الآن تصور فعلي لما يمكن أن تكون عليه مثل هذه المستوطنات. وتستحق هذه الفكرة الدراسة المستمرة. خصوصاً إذا أصبح تجهيز الموارد في الفضاء ممكناً، أو أصبحت النظم الفضائية المخصصة للطاقة الشمسية حقائق واقعة.

وهكذا، فإنه إذا كانت أوجه التقدم في تكنولوجيا الفضاء أمراً يستحق الترحيب به بوجه عام، فإن آثار هذه التكنولوجيا تحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث، ونشر الحقائق العلمية المتعلقة بها، من أجل تشجيع العمل الدولي المناسب. ووجب على الأمم المتحدة بالاشتراك مع الوكالات المتخصصة المعنية بالفضاء، أن تنظم إجراء مثل هذه الدراسات دورياً لبحث كل ما تأتى به التطورات في مجال الفضاء من آثار تؤثر في العالم اجمع، سواء كانت هذه الآثار اجتماعية أو بيئية أو قانونية.