إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الدفاع الجوي عن الأهداف الحيوية





الكشف الراداري
زمن الإنذار
طائرة الصواريخ




الدفاع الجوي عن الأهداف الحيوية

ثالثاً: ملامح معركة الدفاع الجوي وموقف قواتنا

1. ملامح معركة الدفاع الجوي

تتّسم معركة الدفاع الجوي بمجموعة من الملامح الخاصة، من أهمها الآتي:

أ. قدرة العدو الجوية على مهاجَمة جميع الأهداف الحيوية في المنطقة المدافَع عنها، في وقت واحد، بعدد كبير من الطائرات.

ب. فاصل زمني محدود، بين الهجمة الجوية والأخرى. ولاسيما إذا كان لهذه الأهداف الحيوية، أهمية خاصة، من وجهة نظر العدو، مثل مواقع رادار الإنذار، في بداية العمليات، ومواقع صواريخ أرض/جو، وأرض/أرض، ومناطق حشد القوات البرية، التي تتأهب للهجوم، والجسور والمعابر، التي ستعبُر عليها، إذا كان هناك مانع مائي، يفصِل بين القوات المتحاربة والقواعد الجوية ... وما إلى ذلك.

ج. طرق اقتراب مفتوحة، من جميع الاتجاهات، أمام الطائرات المعادية، فقد يؤثِر العدو بعضها على الآخر. ولكن ليس هناك ما يمنعه من الاقتراب من أي منها. ومن ثَمّ، فعلى الدفاع الجوي، أن يتوقع الهجوم الجوي من كل الاتجاهات.

د. حرية العمل، على جميع الارتفاعات، متاحة للطائرات المعادية.

هـ. زمن إنذار محدود، لا يزيد على دقائق معدودة، في أحسن الأحوال. وحرمان وحدات الدفاع الجوي، استطراداً، من الوقت الكافي للاستعداد، على الرغم مما يحتاج إليه هذا الاستعداد من إجراءات كثيرة.

و. اعتماد العدو، بشكل موسَّع، على العديد من معدات الحرب الإلكترونية. وتشمل طائرات الاستطلاع الإلكتروني، وطائرات الإعاقة الإلكترونية، ومراكز حرب إلكترونية برِّية، وهي ذات إمكانات كبيرة، إضافة إلى ما تحمِله طائرات الهجوم من معدات إعاقة، رادارية وحرارية، بعضها إيجابي، وبعضها سلبي، وجميعها قادر على "إعماء" أجهزة استطلاع الدفاع الجوي، وتضليل النوعيات المختلفة من الصواريخ. كما تُجهَّز جميع طائرات القتال الحديثة، بأجهزة تحذير من صواريخ أرض / جو MAWS Missile Approach Warning System ، وأجهزة استقبال، لتنبّه الطيار عندما يدخل في نطاق الكشف الراداري للدفاع الجوي المعادي RWR Radar Warning Receiver وتعمل هذه الأجهزة، كذلك، على تحليل الطاقة الكهرومغناطيسية، التي تبثّها أجهزة رادار الدفاع، وتحدد خواصّها.

ز. تسليح متطور ومتنوع، للطائرات المهاجمة، قادر على إنزال خسائر كبيرة بالأهداف الحيوية، لو نجحت الطائرات في قصْفها.

ح. اشتراك أعداد كبيرة ومتنوعة من معدات الدفاع الجوي وأسلحته، في المعركة. وهو ما يحتاج إلى تنسيق جيّد بين هذه الأسلحة، وسيطرة حاسمة، وخدمات إدارية متنوعة، حتى يمكِن تحقيق أقصى عائد قتالي من هذه القوات.

ط. صعوبة اكتشاف الطائرات المهاجِمة، لِصِغر حجمها، وسرعتها العالية، وقدرتها على المناورة، ومهارة الطيار في الاستفادة من طبوغرافية الأرض، للاقتراب المستور.

ي. قِلة زمن الاشتباك، المتاح لسلاح الدفاع الجوي. فإذا كانت سرعة الطائرة المعادية 900 كم/ ساعة فقط، وكان مدى الصاروخ 15كم، فإن معركة الصاروخ مع هذه الطائرة، لا تستغرق سوى دقيقة واحدة. أما إذا كان الصاروخ أرض / جو قصير المدى (5 كم)، فإن زمن الاشتباك، المتاح له، لا يتجاوز 20 ثانية. وعليه في هذه الثواني القليلة، أن يُدمِّر الهدف.

2. إلمام شامل ودقيق بموقف قواتنا، ويشمل معلومات عن:

أ. عدد الوحدات

إن أول سؤال يتبادر إلى ذهن القائد هو: "هل يكفي عدد الوحدات الموجودة تحت إمرته، لبناء منظومة دفاع جوي، قادرة على مواجَهة كمّ الهجمات الجوية المتوقعة؟".

ومن البديهي أن الإجابة عن هذا السؤال، تعتمد، أساساً، على معرفة دقيقة، وشاملة، بالعدو الجوي، وتقدير سليم لأهمية الأهداف الحيويةـ المُكلَّف بالدفاع عنها ـ من وجهة نظره.

وإذا تبين للقائد أن ما لديه من وحدات الإنذار وصواريخ أرض/ جو والمدفعية م/ ط، هو غير كافٍ، فعليه أن يحدد مطالبه، ويرفعها إلى القيادة الأعلى.

وتكاد تُجمع كتب التاريخ على أن القائد، يخرج من هذه الدراسة، في العادة، وهو قلق من عدم كفاية ما لديه لتحقيق المهمة. ولكن عليه أن يضع في حسبانه أن لعدوه نقاط ضعفه هو الآخر،  وأنه يعاني نقصاً في هذا المجال أو ذاك. ولقد عانت قوات التحالف، أثناء حرب تحرير الكويت، نقص الإمكانات، في بعض المجالات. وكان من أوضحها عدم كفاية أجهزة الاستطلاع، اللازمة لتحقيق اكتشاف وإنذار مبكر من صواريخ سكود  Scud  العراقية.

وعلى ذلك، فيجب ألاّ يتوقع القائد أن تلبى كل مطالبه؛ فهذا لا يحدث على أرض الواقع.

ب. نوعية الأسلحة والمعدات

يراجع القائد الخواصّ، الفنية والتكتيكية، لأسلحته ومعداته، مسترشداً في ذلك بالمواصفات المثالية المذكورة في هذه الدراسة، ونوعية الطائرات المعادية، وتسليحها، وتجهيزاتها الإلكترونية. وذلك بهدف التحديد الواقعي لإمكاناتها القتالية، ومعرفة ما بها من أوجُه الضعف.

وعادة ما يتضح من هذه الدراسة، أنه يمكِن إجراء بعض التعديلات، أو الإضافات، محلياً، بالإمكانات الذاتية، أو بمساعدة دول صديقة.

فعلى سبيل المثال، تمكَّن الدفاع الجوي المصري، قبل حرب أكتوبر 1973، من تعديل صواريخ سام-2  Sam-2 ، إذ أضاف إليها قدرات جديدة على الاشتباك بالطائرات، التي تحلِّق على ارتفاعات منخفضة نسبياً. وكان ذلك مفاجأة للطيران الإسرائيلي. كما جُهِّزت معدات الرادار والصواريخ بأجهزة Identification Friend or Foe IFF حديثة، مما كان له أثر إيجابي في سرعة ودقة تمييز الطائرات الصديقة من المعادية، ومَن ثمّ، سرعة استيضاح الموقف الجوي، أثناء القتال. وكذا، تأمين الطائرات الصديقة.

كما رُفِعت هوائيات بعض أجهزة الرادار على صوارٍ، ومن ثمّ ازداد مدى كشفها، وازدادت قدرتها على اكتشاف الطائرات، التي تُحلِّق قريباً من الأرض.

وهذه بعض الأمثلة التي توضح، أنه حتى الدول التي لا تصنع سلاحها، يمكِنها إجراء بعض التعديلات المهمة، التي ترفع من إمكاناتها القتالية بوضوح.

وعلاوة على ذلك، فإن معرفة عيوب الأسلحة والمعدات، تتيح الفرصة للتغلب عليها، سواء بالتخطيط الجيد، أو بابتكار وسائل استخدام وأساليب تكتيكية جديدة.

ج. الحالة الفنية للأسلحة والمعدات

تُعَدّ الحالة الفنية للأسلحة والمعدات (الصلاحية)، من أهم العوامل التي تُحَدِّد قدرة الوحدة على الاستمرار في القتال لفترات طويلة، من دون خلل أو أعطال. ولهذا، يدفع القائد بمجموعات من المهندسين إلى تقدير الحالة الفنية للوحدات، وإصلاح ما يمكِن إصلاحه داخل المواقع، ووضع خطة شاملة لرفع كفاءة جميع الوحدات، وتحديد ما يجب سحبه إلى الورش، من دون الإخلال بأوضاع (درجات) الاستعداد، المحدَّدة من القيادة الأعلى، مع مراعاة الوقت المتيسر لتنفيذ هذه الإجراءات.

د. الذخائر وقطع الغيار

يُقدِّر القائد كميات الذخائر التي يحتاج إليها، وكذلك أنواعها، بناءً على كثافة الهجوم الجوي المتوقع، ومعدل النيران لكل سلاح. كما يسحب قطع الغيار والأجزاء الاحتياطية، التي يحتاج إليها، بناءً على معدلات الاستهلاك، ومدى تعرّض هذه الأجزاء للإصابة والتدمير، (المعروف أن الهوائيات هي أكثر الأجزاء تعرّضاً للقصف).

وتُجري هذه الدراسة، عادة، القيادة الأعلى (قيادة قوات الدفاع الجوي)، واضعة في حسبانها الآتي:

(1) الكميات المتاحة.

(2) إمكانية الحصول على هذه الاحتياجات، قبْل الحرب وأثناءها، وسرعة الإمداد بها.

(3) معدلات الاستهلاك.

(4) مدة الحرب المتوقعة.

هـ. كفاءة القيادات والقوات

من البديهي، أن يكون القائد، وهيئة قيادته، على دراية بمستوى قادته المرؤوسين، وقياداته الفرعية، وقواته. ومع ذلك، فإن تقدير الموقف، الذي يجريه بعد استلام المهمة، يجب أن يشمل مراجعة دقيقة لمستوى هذه القوات. وأسرع طريقة لذلك، هي إعادة دراسة تقارير المشروعات التدريبية، التي نفذتها الوحدات، في الأشهر الأخيرة، والإجراءات التي اتُّخذت للتغلب على مشاكلها، وما حققته هذه الإجراءات من نجاح. ثم إجراء مشروع تدريبي اختباري للوحدات، لتقرير الموقف الحالي، بواقعية. ويجب أن تشمل هذه التدريبات تجهيزات مراكز القيادة، وشبكات القيادة والسيطرة، والإنذار، إضافة إلى  مستوى القادة المرؤوسين، وقدرتهم على التصرف في المواقف القتالية الصعبة، وإجادتهم العمل في حالات "لامركزية" القيادة ذاتياً، عندما يتعذر الاتصال بالقيادة الأعلى، ومدى إلمامهم بإمكانات العدو وأساليبه وأسلحته. ومن البديهي، أن تشمل هذه الدراسة مستوى الجنود كذلك.

وبناءً على ذلك، توضع خطة لرفع المستوى، تشمل دورات تدريبية مُركّزة، تُنفَّذ محلياً، على مستوى الوحدة، أو التشكيل، وقد تُنفَّذ على مستوى أكبر، إذا احتاجت إلى إمكانات خارج قدرة التشكيل.

كما يدفع القائد بمجموعات إلى مراجعة موقف الوحدات، وتكون لها الصلاحية لحل مشاكل الوحدات المرؤوسة، من الفور.

و. إجراءات أخرى

ويشمل تقدير موقف قواتنا كذلك، مراجعة تشكيل القتال الحالي، من حيث كفاءة انتخاب المواقع، وقُدرة التحصينات على الصمود لأحدث ما لدى العدو من أسلحة، وتأمين المواقع البديلة، ومحاور التحرك، وإجراءات التأمين الفني، وخطة الإخفاء والخداع ونسَب استكمال الأفراد والأسلحة والمعدات.

ومن البديهي، أن يدرس القائد، وهيئة قيادته، خطة الدفاع الحاليةـ إن وُجدت ـ بما في ذلك خطة الإنذار، وخطة الدفاع ضد العدو البري، وتطويرها، إذا لزم الأمر.