إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الدفاع المضاد لصواريخ المسرح، في حرب تحرير دولة الكويت (الباتريوت وسكود)





مكونات بطارية Patriot
المنظومة الإسرائيلية
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
المرحلة الخامسة
المرحلة الرابعة
المرحلة السادسة
الدفاع المضاد لصواريخ المسرح




الدفاع المضادّ لصواريخ المسرح

7. التقييم بعد نهاية الحرب

في إسرائيل، قال المسؤولون إن نجاح صواريخ باتريوت في اعتراض صواريخ سكود، لا يزيد على مرتين. وإن الخسائر نتيجة القصف العراقي، كانت كبيرة.

وفي فرنسا، قال رئيس مجلس إدارة شركة (Aeromissile)، السيد دانيال بيكليه: "في إمكاني القول، إن الباتريوت قد أتم مهمته، من الناحية النفسية. ولكنه لم ينجح، فنياً. والجميع يعرفون ذلك. وما يقوله الإسرائيليون صحيح". أما السيد إيفاميشو، مدير عام مجموعة (Aerospatiale) الفرنسية، فقد قال: "لقد أدى استخدام الباتريوت إلى زيادة الخسائر".

وكان الرد على ذلك، أن الفرنسيين يريدون فتح المجال لبيع صواريخ، (ASTER-15.30)، المصممة، أساساً، للدفاع المضادّ للصواريخ. أمّا إسرائيل، فإنها تريد أن تقضي على الباتريوت، حتى لا يكون منافساً لصاروخها المضادّ للصواريخ، "Arrow" (معروف في إسرائيل باسم حيتس)، والذي تدفع الولايات المتحدة الأمريكية 80% من نفقات إنتاجه، إضافة إلى المساعدات الفنية.

وفي أكتوبر 1991، توجّه وفد عسكري إسرائيلي إلى واشنطن. وفي لقائه المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية، عرضوا مجموعة من أفلام الفيديو، سجلوا فيها اثني عشر اشتباكاً بين صاروخ باتريوت وصاروخ سكود. وأوضحت هذه الأفلام فشل الباتريوت في اعتراض أي صاروخ سكود. لذا، بدأ جدل واسع في شأن هذا الموضوع، واستمر أكثر من عام، وشاركت فيه مجموعة من المؤسسات، العسكرية والسياسية والإعلامية، إضافة إلى شـركة (Raytheon)، المنتجة صـاروخ Patriot، وأستاذ جامعي شهير في معهد Massachusetts Institute of Technology MIT.

وشكّل الكونجرس الأمريكي لجنة لتقصّي الحقائق، بالتعاون مع مكتب المحاسبة العام، وعقد عدّة جلسات استماع. وانضم الجيش الأمريكي إلى شركة Raytheon في الدفاع عن أداء صواريخ Patriot، أثناء الحرب. ويمكن إيجاز هذه الأبحاث والمناقشات في الآتي:

أ. جرى إطلاق 157 صاروخ باتريوت ضد 51 صاروخ سكود.

ب. لم يتم اعتراض 35 ـ 40 صاروخ Scud، لأنها كانت خارج مناطق نيران صواريخ Patriot، أو كانت تتجه نحو مناطق خالية من الأهداف الحيوية.

ج. أعلنت شركة (Raytheon)، أن نسبة نجاح صواريخ Patriot في اعتراض صواريخ Scud كانت 90% في المملكة العربية السعودية، و 50% في إسرائيل. أما الجيش الأمريكي، فقد قدّر هذا النجاح بنسبة 80% في المملكة، و 50% في إسرائيل. وأرجعت شركة (Raytheon) هذا التفاوت في أداء صواريخ Patriot، هنا وهناك، إلى انخفاض مستوى تدريب الأطقم الإسرائيلية، وكثرة المباني وأجهزة الرادار بالقرب من المواقع، التي تمركزت فيها بطاريات Patriot في إسرائيل، واستخدام الأطقم لنظام التتبع اليدوي، بدلاً من التتبع الآلي.

د. في جلسة استماع في الكونجرس في 7 أبريل 1992، أقرّ مندوب الجيش الأمريكي، للمرة الأولى، بأن تسعة صواريخ Scud، انفجرت في أو بالقرب من مناطق سكنية. وفي الجلسة عينها قلّل من تقديرات الجيش لنجاح صواريخ Patriot، لتصبح أكثر من 70% في المملكة العربية السعودية، وأكثر من 40% في إسرائيل. وأضاف قائلاً إن لديه بيانات مؤكدة بنجاح 40% من إصابات صواريخ Patriot لصواريخ Scud. وبمناقشـته، تبيّن أن كلمة "إصابة"، تشمل نجاح صواريخ Patriot في جعل الصاروخ Scud ينحرف عن مساره، ويتجه إلى مناطق ذات كثافة سكانية أقلّ، أو حدوث إصابات في جسم الصاروخ، بسبب شظايا الرأس الحربي لصاروخ Patriot، أو سقوط صاروخ Scud من دون أن ينفجر رأسه الحربي. بينما كان الكونجرس يرى أن نجاح صاروخ Patriot في اعتراض صاروخ Scud، يعني تدمير رأسه الحربي في الجو، عالياً، وبعيداً عن الأهداف الحيوية المُدافَع عنها.

هـ. قال وزير الدفاع الأمريكي السابق، وليم بيري William Perry، في شهادته أمام الكونجرس، عام 1992، إن صاروخ Patriot الذي صُمِّم، أساساً، كسلاح مضادّ للطائرات، ليس سلاحاً فعالاً ضد الصواريخ الباليستية.

و. كانت خلاصة أبحاث مكتب المحاسبة العام General Accounting Office GAO، ولجنة تقصّي الحقائق، التي شكّلها الكونجرس، أن نجاح عمليات اعتراض صواريخ Patriot لصواريخ Scud، تُعَد على الأصابع. وبعد مراجعة هذه التقارير من قِبل لجنة التشريع والأمن القومي، كان قرارها النهائي أن صواريخ Patriot، لم تُحقِّق النجاح الذي أعلنه ممثلو الحكومة وشركة (Raytheon)، وأن عدد عمليات الاعتراض الناجحة، يراوح بين صفر وأربع عمليات.

والآن: ما أسباب هذا الفشل؟

والإجابة تحتاج، في البداية، إلى استعراض الخواصّ العامة لطرفَي الصراع : صاروخ Scud، وصاروخ Patriot.

(1) صاروخ Scud – B

اشترى العراق عدة صفقات ضخمة من صواريخ "Scud – B" السوفيتية. أطلق منها 361 صاروخاً ضد إيران، في الثمانينيات. ثم أجرى عليها عدة تعديلات، هدفت إلى زيادة المدى، على حساب كمية المتفجرات في الرأس الحربي. وأنتج نوعين معدلين تحت، اسـمَي: "الحسين"، و"العباس". ونتيجة لهذه التعديلات، وصل مدى صاروخ "الحسين" من 600 ـ 650 كم، بدلاً من 300 كم، وازداد زمن طيرانه من 6.5 ـ 7.5 دقيقة، وأصبح طوله 12.2 متراً. ومن ثَم، صار من السهل اكتشافه وتتبّعه رادارياً، خاصة أن محرك الدفع، لا ينفصل عن جسم الصاروخ، بعد نهاية احتراق الوقود، كما يحدث في باقي أنواع الصواريخ. أما قطر الصاروخ، فظل كما هو (88 سم). ووزنه عند الإطلاق سبعة أطنان. أما رأسه الحربي، فيزن 500 كجم، أي نصف وزن الرأس الحربي لصاروخ سكود ـ بي، تقريباً. ولم يستخدم العراق في الحرب، إلاّ الرؤوس التقليدية المعبأة بالمواد شديدة الانفجار. والصاروخ يُوجَّه بالقصور الذاتي، ودرجة دقته متواضعة، إذ يقدّر الخطأ الدائري المحتمل له

CEP Circular Error Probable ـ 1000 م. وهو ما يعني أن نصف قطْر الدائرة، التي يسقط فيها 50% من الصواريخ، يساوى 1000م. وينفصل الرأس الحربي عن جسم الصاروخ، قبْل الاصطدام بالهدف، عندما يكون الصاروخ على ارتفاع 500 متر من سطح الأرض، بوساطة شحنة ناسفة، وأحياناً يصدر عن الصاروخ انفجاران، مما يؤدى إلى الاعتقاد أن صاروخين قد سقطا، وليس واحداً.

وتستخدم هذه الصواريخ الوقود السائل، ومن ثمّ، فإن إجراءات تجهيز الصاروخ للإطلاق، تحتاج إلى وقت طويل نسبياً. وهذا يؤثر، سلباً، في معدل الإطلاق.

ومما يزيد من قوة الصاروخ التدميرية أن الرأس الحربي، وبقايا جسم الصاروخ، التي تزن أكثر من طن، بعد استهلاك الوقود، يصطدمان بالأرض بسرعة عالية، تزيد على أربعة أضعاف سرعة الصوت، فتسبب خسائر كبيرة في الأماكن ذات الكثافة السكانية العالية.

وخلاصة القول، أن هذا الصاروخ به بعض مواطن القوة، إضافة إلى بعض نقاط الضعف. ولكنه كصاروخ باليستي تكتيكي أرض ـ أرض، لا يمكِن اعتباره نموذجاً للتهديد، المتوقع مواجهته في أي حرب مقبلة، فقد تطورت هذه الفئة من الصواريخ، في مجالات متعددة[1].

(2) صاروخ MIM – 104 Patriot[2]

صُمِّم هذا الصاروخ، أساساً، ليكون سلاحاً مضادّاً لطائرات القتال الحديثة، السريعة المُناِورة، التي تُحلِّق على ارتفاعات، تبدأ من 60 متراً وحتى 24.24 كم. ويمكِنه الاشتباك بتسع طائرات، في وقت واحد، على مسافات حتى 160 كم. كما يتميز بسرعة رد الفعل، وكِبَر احتمال إصابة الهدف. ويستخدم طريقة جديدة في التتبع، هي طريقة التتبع من خلال الصاروخ Tracking Via Missile TVM، تعتمد على تقنية متقدمة، وتُمكِّن الصاروخ من مقاومة الإعاقة الإلكترونية. وسرعة الصاروخ 5 سرعة صوت (ماخ)[3]. وتحتاج المنظومة إلى عدد قليل من الأفراد لتشغيلها. (اُنظر ملحق معلومات إضافية عن منظومة صاروخ MIM - 104 Patriot)

وأدخلت بطاريات Patriot في خدمة العمليات في الجيش الأمريكي، عام 1984، ثم أصبحت العمود الفقري في منظومة الدفاع الجوي الأرضية عن حلف شمال الأطلسي North Atlantic Treaty Organization NATO واشترتها اليابان وعدد من الدول الأوروبية.

وفي ذلك الوقت، بدأ اهتمام واضح بتطوير الصواريخ الباليستية التكتيكية أرض ـ أرض، وأخذت تنتشر في كثير من الدول. ولم يكُن هناك سلاح مضادّ لهذه الصواريخ، آنذاك. ومن ثَم، فكرت وزارة الدفاع الأمريكية في تطوير صاروخ Patriot، ليصبح قادراً على اعتراض الصواريخ الباليستية التكتيكية، إضافة إلى مهمته الأصلية. وشمل هذا التطوير تكبير الرأس الحربي، وتحديث طبة التفجير، وتحسين نظام التوجيه، ليعطي الصاروخ القدرة على اعتراض الصواريخ الباليستية ذات الانقضاض الحادّ. كما استُخدم نوع جديد من الطابات، يعمل بنظرية دوبلر[4]. وعندما ينفجر الرأس الحربي، يتحـول إلى 700 شظية، بدلاً من 100 شظية. ورُمز للنوع الجديد بالأحرف (PAC – 2) وهي الأحرف الأولى من الكلمات Patriot Anti-tactical Missile Capability. وفي عام 1986، تم تجربة هذا الجيل (الثاني) ضد صاروخ Lance، ونجحت عملية الاعتراض. ولكن الصاروخ Lance لم يُدمّر، وإنما انحرف عن مساره. وتجدر الإشارة إلى أن الصاروخ Lance، هو سلاح قديم، بدأ إنتاجه عام 1962، ومداه لا يتجاوز 120 كم. وبعد عدة تعديلات، نجحت تجربة اعتراض صاروخ Patriot لصاروخ Patriot آخر، في نوفمبر 1987. ومن ثَم، بدأ تعميم التطوير الجديد (AC – 2n) على باقي بطاريات الباتريوت. ونشطت العملية عندما احتل العراق الكويت. وفي شهر سبتمبر 1990، أُجريت تجربة أخرى لاختبار الجيل المتطور في اعتراض صواريخ باليستية تكتيكية، وأذيع أنه حقق إصابة مباشرة.

وصاروخ Patriot ذو مرحلة واحدة. ويعمل بالوقود الجافّ، ورأسه الحربي تقليدي، يحتوى على 73 كجم من المواد شديدة الانفجار. ويُعدّ الحاسب الإلكتروني والرادار من أهم عناصر نظامه. ومدى كشف جهاز الرادار للطائرات 170 كم.

 



[1] اُنظر موضوع "الصواريخ أرض/ أرض الإستراتيجية والمنظومات المضادة"، موسوعة مقاتل من الصحراء، القسم السابع: موضوعات عسكرية"

[2] اُنظر موضوع "الصواريخ أرض/ أرض الإستراتيجية والمنظومات المضادة"، موسوعة مقاتل من الصحراء، القسم السابع: موضوعات عسكرية"

[3] ماخ: هي سرعة الصوت. وتساوي حوالي 1200كم/ ساعة، على مستوى سطح البحر وتقلّ كلما ازداد الارتفاع.

[4] تستخدم نظرية دوبلر للتمييز بين الأهداف الثابتة والأهداف المتحركة. إذ أثبتت أن تردد الإشارة المنعكسة (المستقبلة) من هدف متحرك، يختلف عن تردد الإرسال لهذه الإشارة.