إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الدفاع المضاد لصواريخ المسرح، في حرب تحرير دولة الكويت (الباتريوت وسكود)





مكونات بطارية Patriot
المنظومة الإسرائيلية
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
المرحلة الخامسة
المرحلة الرابعة
المرحلة السادسة
الدفاع المضاد لصواريخ المسرح




الدفاع المضادّ لصواريخ المسرح

8. تحليل أوجُه القصور وأسبابها

لا تقاس الكفاءة القتالية لسلاح ما من وجهة النظر الفنية فقط، لأن الناتج القتالي لأي منظومة حربية، هو حصيلة مجموعة من العوامل، تشمل التخطيط الجيد، وكفاءة الأطقم في استخدام السلاح، إضافة إلى الخواصّ الفنية للسلاح. علاوة على مجموعة أخرى من العوامل. وفيما يلي تحليل لأسباب القصور، من النواحي الفنيـة والتكتيكية والتدريبية فقط.

أ. الأسباب الفنية

(1) لم تكن التعديلات التي أُدخِلت على منظومة Patriot كافية، لكي تحقق الكفاءة المطلوبة للاشتباك بالصواريخ الباليستية. فقد ظلت قدرة جهاز الإرسال أقلّ مما يجب، وحساسية جهاز الاستقبال دون المستوى المطلوب لالتقاط الإشارات، المنعكسة من الصواريخ الهجومية، من مسافات بعيدة. كما كانت قوة دفع المحرك أقلّ من اللازم، واستطراداً، كان مداه قصيراً. وعلاوة على ذلك، فقد ثبت أن الطريقة المستخدمة في التوجيه، وهى طريقة التوجيه عبر الصاروخ، لا تلاءم الصواريخ الباليستية، على الرغم من أنها مناسبة جداً للتعامل مع الطائرات؛ وذلك، لأن سرعة الطائرة، أثناء الهجوم، تقلّ عن سرعة الصوت، بينما سرعة صاروخ Scud، تزيد على أربعة أمثال سرعة الصوت[1].

(2) وثمة عيب آخر، وهو أن سرعة صاروخ Patriot، لا تتجاوز 5 ماخات، والمفروض أن تكون سرعة الصاروخ الدفاعي المعترض أكبر مرة ونصف المرة، على الأقل، من سرعة الصاروخ الهجومي، حتى يستطيع ملاحقته.

(3) وإضافة إلى ما سبق، فإن صاروخ Patriot، يعتمد على الشظايا الناجمة عن انفجار الرأس الحربي، لتدمير الهدف المعادي. ولم يكُن وزن الشظية كافياً لتدمير صواريخ سكود.

(4) وأخيراً، فقد كان هناك عيوب في برامج تشغيل الحاسب الآلي (Software)، أدت إضافة إلى عدم خبرة أطقم القتال، إلى حدوث مجموعة من الأخطاء. فمثلاً، كانت انعكاسات المنشآت وغيرها، تظهر على شاشات أجهزة الرادار، كما لو كانت أهدافاً حقيقية، ومن ثَم، كان يتم إطلاق صواريخ Patriot إليها، من دون طائل. والدليل على ذلك كثرة الصواريخ، التي استهلكت في العمليات (157 صاروخاً)، مقارنة بعدد مرات الاعتراض التي تمت (51 عملية). كما أدى هذا القصور في البرامج، إلى عجز بطاريات Patriot عن التمييز بين الصاروخ وحطامه. وكانت تتعامل مع كل جزء من الحطام، على أنه هدف قائم بذاته، ولهذا كان الرأس الحربي للصاروخ Scud يفلت من الاعتراض، في كثير من الحالات، وتتجه إلى هدفها. وقد تم اكتشاف هذا القصور، وجرى تعديل برامج الحاسب، في 4 فبراير 1991. ثم أُجري تعديل آخر، في 26 فبراير، أي قبْل نهاية العمليات بيومين فقط. زِدْ أنه لا يمكِن إعفاء أطقم القتال من المسؤولية عن هذا الخطأ. فلو كان مستواهم أعلى من ذلك، لكان في مقدورهم التمييز بين الأهداف الحقيقية وغيرها.

ب. الأسباب التكتيكية

(1) كان الافتقار إلى الإنذار المبكر الكافي، واحداً من أهم أسباب القصور في أداء الباتريوت، إذ إن أي سلاح أرض/ جو، يحتاج إلى وسيلة لاكتشاف الأهداف مبكراً، وتتّبعها والإنذار منها واستمرار الإمداد بمعلوماتها، إلى أن تدخل في مجال كشف جهاز الرادار الخاص بهـذا السلاح. وقد اعتمدت القيادة الأمريكية، في هذه المهمة، على أجهزة رادار صواريخ Patriot، ثم على شبكة الإنذار الإستراتيجي المبكر Defense Support Program DSP. ومدى جهاز رادار Patriot 170كم، بينما مدى صاروخ Scud المعدل 600 – 650 كم. وهذا يعنى أن الإنذار، الذي ستوفره أجهزة الرادار، لن يكون مبكراً بالقدر المطلوب. وبما أن سرعة صاروخ Scud تساوي 4.2 ماخاً، فإنه يقطع مسافة 170 كم في أقلّ من دقيقتين، وهذا هو أقصى زمن إنذار، تستطيع أن توفره أجهزة رادار منظومة Patriot.

        أمّا شبكة الإنذار الإستراتيجي المبكر (DSP)، التي تستخدم الأقمار الصناعية، فقد صُمِّمت على أساس مجموعة مختلفة من العوامل، من أهمها أن زمن طيران الصاروخ عابر القارات، الذي صممت، أساساً، لاكتشافه وتوفير الإنذار منه، يراوح بين 25 و30 دقيقة، بينما متوسط زمن طيران صاروخ Scud، هو سبع دقائق ونصف. ولهذا السبب، كان زمن الإنذار، الذي استطاعت هذه الشبكة أن توفره، من صواريخ Scud، يراوح بين 90 و120 ثانية فقط. وهو زمن غير كافٍ. فهناك معادلة تقضي بأن زمن الإنذار من الصاروخ المعادي، يجب ألاّ يقلّ عن مجموع الأزمنة اللازمة لتقدير الموقف واتخاذ القرار، وعمل حسابات الاشتباك والتجهيز للإطلاق، وإطلاق صاروخ الاعتراض، زيادة على زمن طيرانه إلى أن يصطدم بهدفه على أقصى مدى. وذلك حتى يمكن الاشتباك به غير مرة، وتدميره بعيداً عن المنطقة المدافَع عنها، لكي لا يتساقط حطامه فوقها.

        ونظراً إلى عدم تحقيق هذه المعادلة، فقد كانت بطاريات Patriot مجبرة على اعتراض صواريخ Scud، على مسافات قريبة، وارتفاعات منخفضة. ولهذا، فقد كان حطام الصاروخين، يتساقط فوق المنشآت والمناطق السكانية، ويزيد من الخسائر، وذلك في حالة نجاح عملية الاعتراض.

(2) كان المفروض أن ينظم الدفاع على أنساق في المستويين، الأفقي والرأسي. بمعنى أن يتم الاعتراض، في البداية، بوساطة خط الدفاع الأول، بأسلحة ذات مدى بعيد وارتفاع عالٍ. يلي ذلك دفاع المرحلة الثانية، على مسافات وارتفاعات أقلّ. وأخيراً، تتم متابعة الصواريخ الهجومية، التي تفلت من النطاقين، الأول والثاني بوساطة أسلحة النطاق الثالث. ولكن ما حدث هو أن العبء كله قد ألقي على عاتق صواريخ Patriot، بسبب الافتقار إلى أسلحة أخرى، مضادّة للصواريخ الباليستية. (اُنظر شكل الدفاع المضاد لصواريخ المسرح) و(شكل المرحلة الأولى) و(شكل المرحلة الثانية)، و(شكل المرحلة الثالثة) و(شكل المرحلة الرابعة) و(شكل المرحلة الخامسة) و(شكل المرحلة السادسة)

(3) وثمة سبب آخر لفشل نظام Patriot في إسرائيل، هو أن النظام لم يكن مصمماً لحماية المناطق السكنية الكبيرة (دفاع منطقة)، بل كان مصمماً للدفاع عن نقاط محددة مثل القواعد الجوية والمنشآت النفطية ومراكز القيادة (انظر المكونات الرئيسية لبطارية Patriot ).

(4) كانت خطة الدفاع عن إسرائيل غير مناسبة. فقد نُشِرت المواقع خلف المدن، وبالقرب من البحر. وكان ذلك سبباً في عدم تحقيق أقصى استفادة من المدى المحدود لمنظومة Patriot.

(5) أعلن الجيش الأمريكي، في تبرير حادثة الظهران، في 25 فبراير 1991، التي لم يتم فيها اعتراض صاروخ Scud، أن سرعة طيران هذا الصاروخ بالذات، كانت خارج حدود المتغيرات التي وُضِعت في برامج الحاسب الآلي. ولهذا، فإن البطارية لم تستطع اكتشاف الهدف، وقد توجّه طاقم من الخبراء إلى الموقع، وظلوا أسبوعاً، يدرسون ويحللون، إلى أن اكتشفوا السبب، وقاموا بتعديل البرامج.

وهذا غير صحيح، لأن هناك بطاريات أخرى، في الشمال، اكتشفت هذا الصاروخ على شاشاتها، وأبلغته إلى قيادة وحدات  Patriotبالصوت وبوصلة البيانات. وعلى أي حال، فإن حدوث الأعطال أمر وارد. وكان المفترض أن تقوم القيادة بتخصيص وحدة أخرى بهذا الهدف (صاروخ) Scud ولكن البطارية المجاورة، كانت تقوم بأعمال الصيانة الدورية. وهذا خطأ واضح، ويتنافى مع مبادئ القتال، إذ من المفترض أن يكون هناك موقع بديل واحد، على الأقل، جاهزاً للاشتباك، أثناء العمليات، ولاسيما في مثل هذه المناطق المعرضة للقصف.

ج. الأسباب التدريبية

(1) كانت أطقم التشغيل، الأمريكية والإسرائيلية، تنقصها خبرة القتال. علماً بأن هذه الأخيرة، قد استُدعيت على وجْه السرعة، قبْل أن تتم تدريبها في مدرسة الدفاع الجوي للجيش الأمريكي في Fort Bliss, Texas كما أنها كانت المرة الأولى، التي تُكلف فيها القيادات والأطقم بالقتال. وهناك فرْق كبير بين الخبرات المكتسبة بالتدريب في ميادين الرماية، وتلك المكتسبة بالقتال الفعلي.

(2) استُخِدم في إسرائيل نوعان من صواريخ Patriot. وهما الجيل الأول (PAC–1)، والجيل الثاني (PAC–2) وكان هناك بطاريتان من الجيل الأول، لم تتمكنا من تدمير صواريخ Scud، وإنما جعلتاها فقط تنحرف عن مسارها، لتسقط فوق أهداف حيوية أخرى. وتصور قادة الأطقم، أن في إمكانهم التغلب على هذه المشكلة، لو استخدموا الطريقة اليدوية في توجيه صواريخ Patriot، بدلاً من الطريقة الآلية. وكان هذا خطأً واضحاً. ومع هذا، فقد استمروا في استخدام هذا الأسلوب، الذي يناسب الأهداف، البطيئة نسبياً.

(3) وفي إسرائيل، كذلك، تأخرت الأطقم، خلال عمليات الاعتراض الأولى، في تجهيز المواقع للاشتباك، مما أدى إلى إطلاق أربعة صواريخ Patriot، ضد صواريخ Scud، على ارتفاعات منخفضة، فسقطت داخل المدينة.

ونتيجة للخبرات المكتسبة إبّان حرب تحرير الكويت، قامت شركة Raytheon بتطوير منظومة Patriot. كما بدأ الجيش الأمريكي برنامجاً شاملاً، لبناء منظومة حديثة مضادّة للصواريخ أرض ـ أرض الباليستية.



[1] ذكر بعض المراجع، أن سرعة صاروخ سكود = 5.8 ماخاً. وذكرت مراجع أخرى، أن سرعته = 2.8 ماخاً. وفي هذه الدراسة حُسمت السرعة المتوسطة لصاروخ سكود، وليس القصوى، كالآتي: أ. مدى الصاروخ 650كم. ب. متوسط زمن طيرانه = 7.5 دقيقة. ج. السرعة المتوسطة = 650÷ 7.5 = 86.666 كم/ دقيقة د. سرعة الصوت ماخ = 20.742 كم/ دقيقة (وتقل كلما ازداد الارتفاع).

السرعة المتوسطة لصاروخ سكود= 86.666 ÷ 20.742 = 4.2 ماخاً تقريباً.