إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / دور شارل ديجول Charle's de Gaulle في الحرب العالمية الثانية









دور

ثانياً: دور ديجول في الحرب من داخل فرنسا عام 1940

في 15 أبريل 1940، طلب بول رينو، رئيس الوزراء، من شارل ديجول مقابلة الجنرال دومينك، رئيس الأركان، الذي أوضح له عزم القيادة العسكرية على إنشاء جبهة دفاعية على الأيسن L'Aisne والإيليت؛ لتقطع على العدو طريقه إلى باريس. وأن على ديجول التمركز مع فرقته المدرعة الرابعة، أمام منطقة لاون Laon، ويتلقى التعليمات من قائده المباشر، اللواء جورج، ولدى مقابلة اللواء جورج قال له:

"هيا يا ديجول، لقد واتتك فرصة العمل، التي انتظرتها طويلاً، لتنفيذ أفكارك التي يستفيد منها العدو ويطبقها".

تمركز شارل ديجول في برويير، جنوب شرق مدينة لاون، وجاءته أنباء سحق الألمان للفرق الثلاث المدرعة الفرنسية بكاملها، ورأى مواكب اللاجئين القادمين من الشمال يُرثى لها، ومعها مجموعات من الجنود العزل، الذين قبضت عليهم القوات الألمانية أثناء فرارهم، وأمرتهم بإلقاء أسلحتهم والسير نحو الجنوب، قائلة لهم: "ليس لدينا الوقت لنأخذكم أسرى"!. ولم يزدد شارل ديجول، إزاء هذا، إلاّ إصراراً على القتال والمقاومة. ووضع خطته للتقدم نحو الشمال الشرقي عشرين كيلومتراً، إلى أن يبلغ نهر السير Serre مونوكورنيه Montcornet، ملتقى الطرق المفضية إلى سان ـ كنتان، ولاون، ورنس، بحيث يقطع على الألمان طريق الزحف جهة الغرب، (أُنظر خريطة الغزو الألماني لغرب أوروبا).

وفي صباح يوم 17 مايو 1940، وصلته ثلاثة أفواج من الدبابات، فتقدم بقواته كلها إلى مونوكورنيه، وحدثت المواجهة مع الألمان، وصمد صموداً شديداً. ثم وصل إليه، خلال النهار، الفوج الرابع قناصة، فبادر إلى استخدامه في القضاء على مجموعة من طلائع العدو على مقربة من شيفر، ولكن المدفعية الألمانية صبت نيران مدافعها من شمال السير، تساندها طائرات الستوكا، وقصفت الدبابات والشاحنات. وظلت قوات شارل ديجول صامدة، بل تمكنت من أسر 130 فرداً من الألمان. واستغل شارل ديجول الليل في إعادة انتشار قواته، وتركيزها في منافذ لاون الشمالية، كما وصلته إمدادات من الدبابات، ومعها فوج المدفعية 323 المزود بمدافع عيار 75مم، كما تم التنسيق مع اللواء "بيتييه"، قائد الفرقة الثالثة مدرعات خفيفة؛ لتقديم المساندة المدفعية.

في صباح يوم 19 مايو 1940، تحرك شارل ديجول بقواته للزحف على كلٍ من كريسي، ومورتيه، وبويي، بهدف قطع طريق لافير La Fere أمام العدو. وبعد عدة مناوشات، اضطر إلى التراجع، أمام قصف المدافع الألمانية، وأخذت القوات الألمانية تعبر نهر السير في مونوكورنيه، وتقصف قوات ديجول، وتحاول استدراجها إلى الاشتباك. وأرسل اللواء جورج يأمر ديجول بالانسحاب، إذا نزل الجيش السادس الألماني. وفي اليوم التالي، 20 مايو، اتجهت قوات ديجول نحو "فيسم" و"براين"، بينما هاجمت القوات الألمانية حرس المؤخرة مع فوج الدبابات على هضبة كراون، وأحرقت كثيراً من شاحناتها.  وفي الوقت نفسه،كانت القوات الألمانية في الشمال تدفع بمدرعاتها نحو دنكرك، وأعلن ملك بلجيكا الاستسلام، وانسحب الأسطول الإنجليزي، وأعلن الجنرال "فيجان" الهدنة مع الألمان. ومع ذلك زحف ديجول مع الفرقة الرابعة إلى الغرب، بهدف الوصول إلى نهر "السوم". وانضمت إليه قوات فرنسية أخرى، بهدف وقف تقدم الألمان، الذين تمكنوا من عبور السوم، ثم صدرت الأوامر في 26 مايو 1940، بالتحرك في اتجاه أبفيل، ومهاجمة العدو، الذي أقام رأس جسر في جنوبها. وقرر شارل ديجول شن الهجوم على القوات الألمانية في المساء، التي انتشرت في هوبي في الغرب، وبراي، وماروي، وفيلله، وهوشنفيل في الشرق، وتمركزت، كذلك، على جبل كوبير على ضفة السوم، وهو الجبل الذي يشرف على أبفيل وجسورها، ونجح في الهجوم على هوبي وغابات ليمو وبايول وبراي، وسقطت هوبي، واستسلم كل من بقي حياً من الألمان، كما استولى الفرنسيون على عدة بطاريات مضادة للدبابات. وأخذت الدبابات الفرنسية تدك مؤخرة الخطوط الألمانية، ولكن مدفعية الألمان المتمركزة في جبل كوبير، أخذت تقصفها بضراوة. وظلت المعركة حامية حتى جزء متأخر من الليل، وسقط الكثير من الجانبين قتلى، ودُمرت جميع دبابات ديجول، ولم يبق منها سوى مائة، تستطيع أن تتابع السير. وأخذت القوات الفرنسية تتراجع، والقتلى يتساقطون، وازداد عنف الهجوم الألماني في 28، 29، و30 مايو 1940، وانسحب شارل ديجول وقواته.

في الأول من يونيه 1940، أرسل الجنرال فيجان، القائد الأعلى للقوات المسلحة الفرنسية، إلى شارل ديجول يستدعيه، إلى قصر مونتري، وشكره على صموده الرائع، ثم سأله رأيه في كيفية التصرف في 1200 دبابة حديثة ،لا زالت موجودة لدي القوات الفرنسية، فأشار ديجول أن تُقسم هذه الدبابات في فئتين: كبرى وصغرى، تتمركز الكبرى شمال باريس، والصغرى جنوب رانس، يدعمهما ما تبقى من الفرق المدرعة، وفرقتان أو ثلاث من المشاة والمدفعية، وذلك كله لعرقلة تقدم الألمان. ولكن الجنرال فيجان أوضح أن مقاومة هجوم الألمان غير ممكنة؛ لعدم وجود ما يكفي من الأسلحة، ولأن الجيش البريطاني لم يعد يشارك في القتال إلى جوار الفرنسيين، ولا أمل كذلك في مشاركة طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني.

استأنف الألمان الهجوم في 5 يونيه 1940، (أُنظر خريطة هجوم المدرعات الألمانية لاجتياح فرنسا) وذهب شارل ديجول إلى الجنرال "فرير"، قائد الجيش السابع، يضع نفسه تحت أمره، ولكن فرير قال له لقد جاءت الأنباء أنك ستصبح وزيراً، وهذا دواء وصل متأخراً.

وفي يوم 6 يونيه 1940، عبرت القوات الألمانية نهر السوم، وظلت تواصل زحفها، وفي يوم 9 يونيه، بلغت نهر السين، وأخذت تخطط لهجوم المدرعات الألمانية في شمبانيا، وأصبحت باريس مهددة من الغرب والشرق والشمال. وحاول ديجول إقناع حكومته بعدم الاستسلام، ونقل ميدان الحرب إلى شمال أفريقيا، ولكن لم توافق الحكومة، التي كان عليها أن تغادر باريس يوم 10 يونيه 1940، خاصة بعد إعلان إيطاليا الحرب على فرنسا، وحاول شارل ديجول، مرة أخرى، إقناع حكومته بتنفيذ خطة دفاع عن باريس، يتولى تنفيذها الجنرال دي لاتر. ولكن القائد الأعلى أسرع بإعلان باريس مدينة مفتوحة، ووافقه الوزراء في ذلك.