إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / إعداد الدولة للدفاع (الأُسُس والمفاهيم)





التنسيق بين الوزارات
التعبئة والحشد والانتشار




إعداد الدولة للدفاع

المبحث الثاني

مسؤوليات إعداد الدولة للدفاع

تقع مسؤولية إعداد الدولة للدفاع، على عدة أجهزة. يشرف كل منها على عدة مؤسسات ومنظمات رسمية أو شعبية. ويُسهم المشاركون كلهم، بأقصى طاقة لهم في تحمل مسؤولية الإعداد، مما يعطى هذه المسؤولية سمة الشمول، التي هي صفة الإعداد نفسه. وتتطلب الأنشطة المتعددة والمتنوعة للإعداد، اشتراك كل قيادات الدولة على مختلف تخصصاتها، من خلال الأجهزة التابعة لها، المنوط بها مسؤولية التخطيط والتنظيم والمتابعة والتنفيذ. كما يشارك فيها القيادات الشعبية، والمؤسسات التشريعية والتنفيذية.

أولاً: القيادة السياسية

هي المسؤول الأول عن إعداد الدولة للدفاع ـ ومواجهة كافة الظروف أيضاً ـ مهما اختلف شكل تلك القيادة السياسية[1]. فهي مسؤولة عن إقرار السياسة العامة وتوجيهها، وكذا السياسات التخصصية، بما فيها السياسة الخارجية والداخلية والعسكرية، وهي أهم السياسات المأخوذة عن السياسة العامة.

تتحدد مسؤوليات القيادة السياسية، الخاصة بإعداد الدولة للدفاع، فيما يلي:

1. إقرار مقترحات القيادة العسكرية ومطالبها، لإعداد الدولة للدفاع.

2. إقرار الخطة المركزية، لإعداد الدولة للدفاع، بكافة مشتملاتها المتخصصة.

3. إصدار التعليمات، وتحديد المهام، للأجهزة المنفذة.

4. إصدار التوجيهات اللازمة، بعد مناقشة وإقرار تقارير الرقابة والمتابعة للأجهزة المنفذّة.

5. الإشراف الكامل على كل خطوات تنفيذ الخطة المركزية، والخطط المرحلية، في جميع المجالات المحددة، ومتابعة تنفيذ التوجيهات، وإقرار تعديل الخطط الفرعية.

6. مراقبة تحقيق الأهداف المرحلية، والهدف العام من خطة الإعداد.

وتُعد القيادة السياسية، أعلى مستوى يدير ويشرف على تنفيذ خطة إعداد الدولة للدفاع، لذا، فهي أيضاً مسؤولة عن تحديد الأسس والقيود، التي تعمل كل الأجهزة والمؤسسات والتنظيمات الرسمية والشعبية في إطارها. وتشمل:

1. تحديد التهديد الرئيسي للدولة.

2. تحديد نوع الحرب، التي على الدولة الإعداد لها.

3. اختيار أفضل السّبل لتحقيق السياسة العسكرية للدولة.

4. تحديد الهدف السياسي العسكري، من الحرب المنتظرة.

5. تحديد طبيعة الصراع المنتظر، وتوقيته المحتمل، ومداه ومراحله المرتقبة.

6. تحديد حدود وإمكانيات مسرح العمليات المنتظر.

7. تحديد الدول والمنظمات والهيئات الأجنبية، التي سيتم التعاون معها، ونوع التعاون المطلوب من كل منهم (الحلفاء)، والشكل الذي سيتم من خلاله هذا التعاون (أحلاف ـ اتفاقيات دفاع مشترك ـ مذكرة تفاهم إستراتيجي) والذي سيُحدد على أساسه، شكل العلاقات الدولية (السياسة الخارجية) للدولة.

عقب حرب يونيه (حزيران) 1967[2] ثبت للدول العربية المُعْتدَى عليها، أن التخطيط والتنظيم والإعداد، لاستخدام معظم أجهزة الدولة وإمكانيتها، للمساهمة في المجهود الحربي، والوقاية من آثار الحرب، كان دون المستوى. وقد كان لذلك آثار عديدة، أهمها احتلال جزء من أراضى تلك الدول، وسوء أداء أجهزتها الرسمية، ورد الفعل الشعبي الغاضب تجاه قواتهم المسلحة، وهو ما يُعد من أخطر تداعيات الأحداث، خلال أو بعد العمليات الحربية، لتأثيره المباشر على تماسك الجبهة الداخلية.

اتخذت قيادات الدول العربية الثلاث، المُعتدى عليها، عدة إجراءات وقرارات، كان من شأنها تصويب الأخطاء. تركزت في إعداد مرافق الدولة المختلفة للحرب، واستمرار عمل أجهزة الدولة الرسمية، بمسانده شعبية في أعمالها، لدعم المجهود الحربي، وإعادة تنظيم وبناء قوات مسلحة قوية عصرية (طبقاً للمتاح من الإمكانيات)، مع الاستمرار في تقديم الخدمات لطوائف الشعب المختلفة ـ خاصة الذين تضررواً من العمليات الحربية. كما شملت القرارات الإجراءات اللازمة لتأمين وحماية المنشآت الاقتصادية، والحيوية بالبـلاد، وتخفيف التكدس في مناطـق التجمعات السكانية القريبة من ميادين القتال، أو المعرّضة له.

أصدرت مصر قانوناً، لتنظيم أسلوب إعداد الدولة للدفاع، حُددت فيه مسؤوليات واختصاصات القيادة السياسية، والعسكرية، والمجالس المتخصصة، والعناصر الإدارية والفنية، لخدمة إعداد الدولة للدفاع[3].

ثانياً: القيادة العسكرية

وكما تختلف أشكال القيادة السياسية، فإن القيادة العسكرية، أيضاً، تختلف أشكالها وتنظيماتها من دولة لأخرى، إلاّ أنها في مجملها تشمل العناصر الأساسية التالية:

1. القائد الأعلى للقوات المسلحة (وهو رئيس الدولة غالباً، أي قمة القيادة السياسية).

2. وزارة الدفاع.

3. هيئة الأركان العامة.

4. المجلس الأعلى لشئون الدفاع (أو الحرب) ويرأسه عادة رئيس الدولة، ويشمل في عضويته العديد من الشخصيات العامة والمتخصصة. وتحدد عضويته إما بناء على الوضع الوظيفي (مثل الوزارات التي لها دور رئيس في إعداد الدولة للدفاع)، أو على أساس الخبرة والعلاقات الدولية والإقليمية لشخص بعينه (يحدد بالاسم في هذه الحالة)، ويكون التحديد إما بنص دستوري ثابت، أو بقرار من رئيس الدولة بتشكيل المجلس.

وتقوم وزارة الدفاع[4] بدور رئيسي لإعداد الدولة للدفاع، فإضافة إلى مسؤوليتها الرئيسية، في تجهيز وتنظيم وتدريب القوات المسلحة وإعدادها للقتال، فإنها ذات دور فعال ورئيسي في إعداد باقي المجالات، بما يتلاءم مع أهداف الصراع المنتظر. لذا، فهي المسؤولة عن تحديد متطلبات خطة الإعداد ومراحلها. وهي التي تعد للقيادة السياسية الخطوط الرئيسية للأسس والقيود، التي تعمل كافة الأجهزة في إطارها. وقد تُكلف من قِبَلْ مجلس الوزراء للقيام بدور الرقابة والمتابعة، لباقي القطاعات والتنسيق بينها (أو تشكل لجنة وزارية لذلك، من قِبَل مجلس الوزراء).

بعد هزيمة 1967، كان إعداد الدولة المنظم والمخطط للدفاع، "من الموضوعات الجديدة على الدولة والشعب المصري". تقدم وزير الدفاع آنذاك، الفريق أول محمد فوزي، بخطط ومشروعات لإنشاءات دفاعية ووقائية كثيرة، إلى مجلس الوزراء، الذي درسها واعتمد الميزانيات اللازمة لها، وحدد مسؤوليات إنجازها. ووضع وزير الدفاع المصري، برنامجاً زمنياً للتنفيذ. وشكل لجنة متابعة من الضباط المتخصصين بالقوات المسلحة، في نواحي الخطط المختلفة. ورأس لجنة المتابعة مساعد وزير الدفاع، وأعطي صلاحيات واسعة للمتابعة والتوجيه. وقد نتج عن ذلك، أن مجلس الوزراء المصري أقر تحويل ميزانية الدولة إلى "ميزانية حرب"، وتحويل اقتصاد الدولة كذلك إلى "اقتصاد حرب"، وصدر على الأثر القانون الرقم 4/68، الخاص بتنظيم أسلوب إعداد الدولة للدفاع.

فأصبحت وزارة الدفاع تُعد مقترحاتها بخصوص الإعداد للصراع المقبل، في كافة المجالات، وتقدمها لمجلس الوزراء لإقرارها. وهي عادة تشتمل على:

1. أسلوب تعبئة الجهود، في مجالات الصناعة، والزراعة، والتجارة، والنقل، والمواصلات، والطاقة (النفط)، والموارد المالية، والبحث العلمي.

2. مقترحات تطوير اقتصاد الدولة (بكافة جوانبه)، ليلائم خطط الإعداد للدفاع، ومتطلبات إعداد القوات المسلحة.

3. نظام وأسلوب أعداد قطاعات الدفاع المدني، والتنظيمات الشعبية، ودورها في تنظيم وإعداد فئات الشعب المختلفة، عسكرياً. فخلال الإعداد لتحرير الأرض بعد عام 1967، افتتحت القوات المسلحة المصرية، عدداً من مراكز التدريب في معاهدها العسكرية، ودربت فيها عدة أفواج من المتطوعين من أفراد الشعب على أعمال المقاومة الشعبية، والدفاع المدني، والقتال ضد الدبابات في المدن، واستخدام الأسلحة الخفيفة، وتجهيز المباني للدفاع، ونسف الكباري، وإقامة العوائق السلكية والخرسانية وبث الألغام، وغيرها من الأعمال اللازمة لحرب العصابات.

4. مطالب القوات المسلحة من الأجهزة المختلفة، لإعداد أراضى الدولة وتجهيزها، من وجهة النظر العسكرية، لتلائم الفكر العسكري لاستخدامها في الحرب. ففي فترة الإعداد لحرب أكتوبر 1973، راجع المهندسون العسكريون، مع مسؤولي وزارة النقل والمواصلات والطرق، خصائص شبكات المواصلات والطرق البرية في مصر. وحددوا مطالب القوات المسلحة المستقبلية من طرق جديدة، وتعديل الطرق الموجودة فعلاً، بما يتلاءم مع تخطيط القوات المسلحة، لاستخدامها في التحركات بالكثافة المطلوبة، ودرجة تحمل الطرق لمرور الناقلات العسكرية الثقيلة، والمنشآت الهندسية المقامة عليها (كباري ـ أنفاق ـ تقاطعات) وملاءمتها للمعدات، التي يحتمل مرورها عليها خلال الحرب، وإمكانية استخدام بعض الطرق كمهابط للطائرات الحربية في حالات الطوارئ. كما طالبوا بتعديلات في عربات السكك الحديدية، بشكل يتلاءم مع مطالب الاستخدام العسكري المنتظر لها. وضرورة استيراد أنواع جديدة من تلك العربات (عربات سطح للحمولات الثقيلة أو الكبيرة الحجم ـ عربات تبريد لنقل الأغذية والمواد السريعة التلف ـ عربات صهريج لحمل احتياطي الوقود الإستراتيجي إلى أماكن نائية، بعيدة عن تأثير أعمال القتال، مع سهولة دفعها وقت الحاجة).

    وأصدق مثال على ذلك، تمثل في حرب الخليج الثانية. فبعد غزو العراق لدولة الكويت، الجارة المشتركة للعراق شمالاً، والمملكة العربية السعودية جنوباً، بات واضحاً أن الحدود الشمالية للمملكة العربية السعودية، ستصبح منطقة حشد للقوات القادمة للمشاركة في تحرير الكويت، في إطار قرار مجلس الأمن. وعندما أنشئت قيادة قوات التحالف الدولي، وبُدِءْ في استقبال القوات من شتى بقاع الأرض، كان من المتوقع، مع التضخم السريع لحجم تلك القوات، حدوث مشاكل في التحركات، ونقل القوات من موانئ الوصول البحرية والجوية، في مختلف أرجاء المملكة، إلى مناطق حشدها الأولية، ثم إعادة نقلها إلى مناطق تمركزها، ولأداء مهامها القتالية، طبقاً لخطط العمليات (درع الصحراء ـ عاصفة الصحراء) التي تختلف فيها أوضاع القوات في كل خطة، بما يتلاءم مع المهام المكلفة بها. فعلى الرغم من ضخامة تلك التحركات وكثافتها[5] لم يحدث أن تأخر رتل عن موعده، أو نتج عن التحرك حوادث، بسبب ازدحام الطرق بشتى صنوف المركبات، في كافة الأنحاء المتجهة إلى شمال المملكة. ويرجع ذلك إلى سلامة وكفاءة البنية الأساسية للطرق بالمملكة، التي تربط قلبها بأطرافها، وقدرتها الاستيعابية العالية، والخدمات المتيسرة على أجنابها لمساندة التحركات، من دون أدنى تأخير، حتى أن الأرتال الإدارية كانت تغادر الموانئ المختلفة في الجبيل والدمام وينبـع والقضيمة بمعدل قافلة كل خمس عشرة دقيقة، تُرى من الجو على شكل خطوط داكنة تمتد من سـواحل المملكة إلى باطن الصحراء على مدى البصر. وقد عاون أيضاً على نجاح النقل البري، كفـاءة الخط الحديدي من الظهران إلى الرياض، الذي خُصص لنقل القوات والمعدات لتخفيف الضغـط على الطرقات المتجهة شمالاً[6].

5. الترتيبات اللازمة لتأمين مطالب القوات المسلحة، في السلم والحرب، من الاحتياجات المختلفة. سواء كانت إدارية، أم فنية، للأفراد والمعدات على حد سواء (وتشمل احتياجات الإعاشة والصيانة والإصلاح والنقل والمواصلات والعلاج، والكوادر المتخصصة في تلك الأعمال، والأدوات والمعدات اللازمة لها)، وأن تكون الاحتياجات مستوفاة بالقدر اللازم، لتنفيذ المهام المحددة (أو الفترة الزمنية المتوقعة للصراع المنتظر).

ويدرك القادة العسكريون، أن القوات المسلحة لا يمكنها القتال من دون إمدادها بالاحتياجات اللازمة، بالقدر المناسب، وفي التوقيت والمكان المحددين. وقد كانت حرب الخليج الثانية خير مثال على هذه الحقيقة. فقد استغرقت الحرب حوالي 15 شهر، من بدء التجهز لها، ولحين مغادرة القوات المتحالفة لأرض المملكة العربية السعودية. وخلال تلك الفترة الطويلة، نسبياً، كان على المملكة ورجال الإمداد والتموين السعوديين، أن يؤمنوا كافة احتياجات القوات (علماً بأن توقيت نهاية الحرب لم يكن معلوماً، لأن الأمر البديهي هو "أنه من الممكن أن تبدأ حرباً، لكنك لن تعلم متى تنتهي". كان حجم القوات يتزايد سريعاً، ومعظمها جاء على عجل من دون إسناده الإداري والفني. فتزايد العبء على رجال الإمداد والتموين السعوديين، إذ كان عليهم تقديم المأوى ومواد الإعاشة[7] والوقود ووسائل النقل، وأي تسهيلات إدارية أخرى تحتاجها، حتى لو كانت أدوات مكتبية من مستلزمات القيادات[8].

وقد أصدر خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد، تعليماته، بأن تقدم المملكة كل صنوف الإعاشة على نفقتها لكافة القوات المسلحة. وعمل رجال الإمداد والتموين السعوديون، في ظل هذه التعليمات بجهد مخلص. فلم يشكو أحد من نقص، في أي مواد إدارية، طوال فترة وجود القوات على أرض المملكة، على الرغم مما في ذلك من تكلفة باهظة، وجهد كبير. (كـان الأمريكيون يستهلكون وحدهم يومياً 2 مليون جالون من مياه الشرب، وقد تكلفت المملكة لمواد الإعاشة وحدها 10 مليار دولار، وشارك في توريد مطالب الإعاشة أكثر من 125 شركة سعودية للأغذية، وحوالي 600 متعهد ومقاول رئيسي وفرعي (من الباطن) ، وهو ما يوضح حجم التأمين المادي، الضخم الذي تم إنجازه بنجاح في تلك الحرب، مما ساعد القوات على أداء مهامها بكفاءة عالية.

6. حدود مستويات المخزون الاحتياطي، من كافة الاحتياجات، لمواجهة متطلبات الشعب والقوات المسلحة. ويحدد مستوى المخزون وقد كانت حرب الخليج الثانية، شاهداً على هذه الحقيقة. على أساس أسوأ الظروف الممكن حدوثها.

فأثناء الإعداد لتحرير الكويت، تنبه قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات، صاحب السمو الملكي الفريق الركن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، لأهمية تحديد مخزون احتياطي من الوقود، بما يضمن عدم حدوث أزمة تعطل التحركات في حالة نقص المخزون عن معدل الاستهلاك. ولتقدير ذلك المخزون، طرح سموه على المخططين "سيناريو" وصفه بالتشاؤم، بافتراض توقف بعضاً من مصافي النفط السعودية عن العمل، نتيجة لأعمال القصف المعادي بالصواريخ أو غيره من العدائيات. وطلب منهم تجهيز الحلول البديلة. وبدراسة المعضلة الإدارية التي طرحت، وضح أنه لا بد من تكوين احتياطي من كافة صنوف الوقود، التي تستخدمها القوات لفترة زمنية مناسبة، حتى تعمل المصافي مرة أخرى، وحتى لا تفاجأ القوات بأي نقص. فاتُخذ قرار بتدبير الاحتياطي فوراً من الإنتاج المحلي وبالشراء من الخارج (رغم أن المملكة هي أغنى دول العالم بالنفط) وقد تكلف ذلك 700 مليون دولار تحسباً لأسوأ الاحتمالات. وتم تخزين احتياطي الوقود في ناقلات قرب السواحل السعودية.

7. مقترحات المواصفات العسكرية للمعدات والمنشآت المدنية، التي ستستخدم لدعم المجهود الحربي للدولة، خاصة المنشآت الإنتاجية، التي يجب أن تتطابق منتجاتها، مع متطلبات الاستخدام العسكري.

وفي زمن الحرب، يحتاج المجهود الحربي لدعم من القطاع المدني للدولة، الحكومي والخاص، لمواجهة المطالب المتزايدة خلال الحرب. وتكون معظم الاحتياجات من الخدمات، وبعضها صناعات مشتركة في القطاعين الحربي والمدني. لذلك، فإن المؤسسات، التي قد يحتاج المجهود الحربي لاستغلال إمكاناتها، يجب أن توائم تلك الإمكانات والمنشآت مع مطالب المجهود الحربي. ففي قطاع النقل مثلاً، قد يحتاج الأمر إلى تعبئة جزء من الشاحنات ذات مواصفات محددة، لاستخدامها من قبل الوحدات المقاتلة أو الإدارية، طبقاً للحاجة إليها. لذلك لا بد عند شرائها أو تصنيفها، أن تكون موائمة لهذا الاستخدام، من حيث الأطوال والأوزان، والقدرة في العمل على الطرق ذات الميول أو الانحناءات الحادة (عند وجود أراضٍ جبلية). أو قد تلجأ القوات المسلحة لنقل معدات واحتياجات بواسطة الخطوط الحديدية، مما يستوجب أن تكون القاطرات ذات قوة محددة، تمكنها من سحب عدد من العربات المحملة، التي تكون غالباً أثقل من مثيلتها في القطاع المدني. وكذلك بعض العربات المجهزة لنقل السوائل شديدة الخطورة، أو الغاز المضغوط، أو ذات التبريد العالي، وغيرها. وعلى الرغم من أن القطاع العسكري لديه وحداته الطبية الميدانية، ومستشفياته العسكرية، إلا أنه غالبا ما يحتاج إلى عدد أكبر من الأسرة، أو أطقم الجراحة، لمواجهة الأعداد المتزايدة من الجرحى. وتقديم العلاج اللائق، ضد الظروف البيئية غير المواتية في زمن الحرب. فالإصابات في الحروب تختلف تماماً عنها في الحياة اليومية العادية للمواطنين، من حيث طبيعتها (انفجارات ـ شظايا ـ صدمات عصبية ـ حروق ـ غازات سامة) وأسلوب علاجها. ويكون من المهم العمل على سرعة عودة المصاب لميدان القتال مرة أخرى (باعتباره جندي مدرب ذو خبرة)، وهو ما يستدعي أن يكون العلاج مكثفاً. لذلك، فالمستشفيات المدنية، والأطباء، وهيئات التمريض في القطاع المدني، يجب أن تجهز وتتلقى من التدريبات ـ في فترة السلم والإعداد للحرب ـ ما يمكّنها من معاونة القطاع العسكري، في وقت الحرب.

ومن أمثلة التعاون بين القطاعين العسكري والمدني، للإعداد للدفاع، ما تم خلال حرب أكتوبر 1973، وما قبلها خلال حرب الاستنزاف (67 ـ 1971) على الجبهة المصرية ـ الإسرائيلية. فقد كان على القوات المصرية أن تبني دفاعات قوية، تستلزم وجود ملاجئ للأفراد على أعماق مناسبة من سطح الأرض، وبأعداد كبيرة، لتسع معظم الأفراد، وتكون واقية لهم من القصف الجوي والمدفعي المستمر، وذلك في الأوقات التي تكون وحداتهم فيها غير مكلفة بمهام هجومية أو تحركات، أو عندما يكون الأفراد في غير واجب الحراسة والخدمة والقتال. وتكون هذه الملاجئ عادة مكونة من عدة قطع سابقة التجهيز، إما حديدية أو أسمنتية، ليمكن تركبيها في وقت قصير، وبمعاونة هندسية بسيطة، وبانتقال الوحدات المتكرر، وهي صفة مصاحبة لديناميكية القتال، تُترك تلك الملاجئ في مكانها، ويُنشأ غيرها في الأماكن الجديدة. ويعني ذلك الحاجة الدائمة لعدد كبير من تلك الأنواع من المنشآت الميدانية. وحتى تتفرغ عناصر المهندسين العسكريين، والمصانع الحربية، لأعمال أخرى تتطلب خبرة عسكرية بحتة، فمن الممكن تكليف المصانع الهندسية المدنية بإنتاج تلك الوحدات بالمواصفات المطلوبة. لذلك، فإن تدريب العمال في تلك المصانع، على إنتاج مطالب القطاع العسكري، والعمل في نوبات عمل متكررة يومياً، تحت ضغط ضيق الوقت، ووجود آلات بمواصفات خاصة تصلح للقطاعين العسكري والمدني، يصبح ضرورة، للمساندة في وقت الحرب. وينطبق المفهوم نفسه على ورش الإنتاج الميكانيكية، وورش الإصلاح للمحركات، والعربات بأنواعها، وعلى مصانع الملابس الجاهزة، وهكذا.

8. مشاركة الجهات الأخرى، في كل ما يتعلق بإعداد الدولة للدفاع، وتقديم النصح والمشورة والمقترحات عند التنفيذ.

يتطلب الإعداد للدفاع، أن يشترك خبراء وأخصائيون من القوات المسلحة، مع الوزارات والهيئات العامة والخاصة المختلفة، في وضع خطة الإعداد التخصصية للوزارة أو الهيئة أو المنشأة، بما يتلاءم مع مطالب واستخدامات القوات المسلحة المستقبلية (حيث يجب مراعاة التطور، الذي قد يحدث، طبقاً لدراسات القوات المسلحة، في استخدام المرافق والمنشآت لصالح المجهود الحربي). كما أن القوات المسلحة تكون على استعداد، لتلبية دعوة تلك الجهات الوزارية أو العامة أو الخاصة، لتقديم توصيات بتعديلات للمواصفات، أو أسلوب تنفيذ أو تعديل أسبقيات، عند تنفيذ الخطة التخصصية، بما يتمشى مع المراحل المحددة، وحتى استكمال الخطة المركزية الشاملة لإعداد الدولة للحرب. وتحتاج هذه المهمة، إلى جهود مضنية من أخصائي القوات المسلحة، لتشعب مجالاتها وتخصصاتها، وتعدد الجهات التي يتم التعامل معها، بدءً من إقناعهم بفائدة ذلك الاتصال والتعاون، انتهاءً بتنفيذه. من وجهة أخرى، فإن هذه المهمة من أكثر الأعمال فائدة، للقوات المسلحة، لأنها تتيح لها متابعة أعمال الوزارات الأخرى، والهيئات والمؤسسات، والحصول على آخر البيانات عما أنجز، والمواصفات الحقيقية والقدرات الطبيعية، لما تم تنفيذه في توقيت حديث. وكل ذلك يساعد القيادات العسكرية على تقدير موقف إعداد الدولة للدفاع، في الوقت الآني، بدقة.

9. تحديد مدى الالتزام (عسكرياً) بالمعاهدات والاتفاقيات والتحالفات، مع الدول الأخرى.

تحت ظروف خاصة، تعقد الدول اتفاقيات ومعاهدات، أو تنضم إلى تحالف معين، مع دول أخرى. وقد يكون لبعض تلك المعاهدات والاتفاقيات والتحالفات صبغة عسكرية (أو هناك بنود عسكرية محددة فيها)، تُلزم الدولة بعمل عسكري محدد لصالح الدول الأخرى، أو معاداة أعدائها، ومساندتها ضدهم في حدود معينة. وفي زمن لاحق، قد تتغير الظروف، فتصبح الدولة السابق التعاهد معها، في مصاف الدول المعادية، ولو لفترة مؤقتة (مثل العراق بعد حرب الخليج الثانية 1991 بالنسبة لدول الخليج العربي، ومعظم الدول العربية)، أو أن الأعداء المطلوب معاداتهم، واتخاذ إجراء عسكري حيالهم، حسبما تنص الاتفاقية أو المعاهدة أو بروتوكول الحلف، هم دول صديقة أو حليفة في وقت الإعداد، مما يصعب معه تنفيذ الاتفاق أو التعاهد. لذلك كان على القيادة العسكرية، أن تراجع من وقت لآخر البنود العسكرية للاتفاقيات والمعاهدات والتحالفات، في ضوء المتغيرات المستجدة، وتقترح الموقف الملائم (مدى الالتزام بنصوص الاتفاقيات والمعاهدات والتحالفات)، حتى يمكنها، بعد إقرار المقترحات من القيادة السياسية العليا، أن تعدل في خططها للإعداد للدفاع.

وقد تنشئ بعض الدول، هيئة عسكرية خاصة لمتابعة الأعمال المطلوبة من وزارة الدفاع، لصالح إعداد الدولة للدفاع. وتتبع هذه الهيئة لرئيس الوزراء مباشرة أو لوزارة الدفاع، مع تفويضها بصلاحيات مناسبة، ومدها بالمتخصصين، والأجهزة الحديثة. كما قد تكتفي بعض الدول بوجود إدارة أو شعبة أو فرع، في الهيئة العسكرية المختصة بالتخطيط وإدارة العمليات الحربية، مما يجعلها ضعيفة نسيباً، عند مواجهة حجم العمل الضخم المطلوب منها[9].

وعندما بدأت مصر الأخذ بالأسلوب العلمي لإعداد الدولة للدفاع، عام 1967، وخلال التجهيز لحرب أكتوبر 1973، طلب وزير الدفاع المصري، الفريق أول محمد فوزي، من الرئيس المصري جمال عبدالناصر ـ عند مناقشة موضوعات وخطط إعداد الدولة للدفاع في مجلس الوزراء المصري ـ "ضرورة تعيين مسؤول كبير، لا يقل عن وكيل وزارة في كل قطاع إداري أو اقتصادي أو إنتاجي أو خدمي، سواء في الوزارات والمصالح والهيئات الحكومية، أو مؤسسات القطاع العام، أو شركات القطاع الخاص، مع تحديد مسؤوليات واختصاصات وسلطات هذا المسؤول (سُميّ مسؤول الدفاع والأمن للقطاع). وكان الهدف من ذلك، إيضاح فكرة وأهمية موضوعات إعداد الدولة للدفاع، التي كانت جديدة، إلى القاعدة العريضة من الشعب. وكذلك، تنظيم عمليات الإنشاءات وخطط الوقاية، طبقاً للخطة المركزية الشاملة، والبرنامج الزمني للتنفيذ. كما أقتُرح أن يقدم رئيس لجنة المتابعة (مساعد وزير الدفاع) تقريراً دورياً لمجلس الوزراء، عن متابعته للأعمال التنفيذية بالوزارات والهيئات والمؤسسات في مختلف القطاعات، عن طريق مسؤولي الدفاع والأمن. وقد ثبت أهمية مثل هذا التنظيم، لتحقيق التنسيق والتعاون، وتنفيذ الأعمال طبقاً للمخطط.

ثالثاً: الأجهزة الحكومية

يشارك الجهاز الحكومي في الدولة (الحكومة المركزية) في كافة الأعمال الخاصة بإعداد الدولة للدفاع. بدءً من التخطيط، إلى التنفيذ، وتحقيق الأهداف الموضوعة، كممثل للدولة، وراعياً للمصالح الأساسية لها، بصفته جزءاً من القيادة السياسية. وكما يشترك في وضع الأهداف، وبحث المسائل الخاصة بأمن الدولة، وسيادتها (المشاكل المصيرية)، يشترك، كذلك، في التخطيط لردع (أورد) الاعتداء من الخارج، ويمارس التخطيط والتنفيذ من خلال وزاراته المختلفة. كما يقوم من خلال الأجهزة المتخصصة ('يُعَدّ مجلس الأمن الوطني، من الأجهزة الحكومية التي تشارك في إعداد الدولة للدفاع بجهد وافر، خاصة أنه يشتمل على ممثلي معظم الوزارات والهيئات الحكومية الأكثر صلة بمتطلبات إعداد الدولة للدفاع.') أو بواسطة وزارة الدفاع، بالمتابعة والتقويم والتنسيق، لضمان نجاح الأعمال المرحلية، والخطة الأساسية.

    وتعمل الأجهزة الحكومية على ضوء المهام، التي تكلف بها من قِبَل القيادة السياسية (الوزير المختص). ويدرس كل جهاز ـ في مجاله ـ دراسة وافيه، ما يوكل إليه من أعمال خاصة بإعداد الدولة للدفاع. ويشارك في وضع الخطة العامة، التي توضع منها الخطة الخاصة (التخصصية)، بعد أن يُحدد الهدف التخصصي، والسياسة الخاصة بتحقيقه، وهي تقسّم إلى أهداف مرحلية، تنفذها خطط مرحلية كذلك، في فترات زمنية محددة التوقيت (أو ذات مدى زمني)، كما تحدد أيضاً مطالبها، للتخطيط والتنفيذ.

    وتشكل عادة لجنة (لجنة وزارية)، أو تحدد هيئة خاصة (وزارة التخطيط) تتولى تجميع خطط الوزارات المتخصصة، لدراستها وتنسيقها معاً. وتعد منها الخطة المركزية، وتعرضها على القيادة السياسية ـ التي يمثلها غالباً، المجلس الأعلى للدفاع (أو مجلس الدفاع الوطني طبقاً للتنظيم). وتكلف القيادة السياسية اللجنة الوزارية (في حالة إقرارها للخطة) إصدار التوجيهات للتنفيذ.

    وتُعد التوجيهات، الصادرة من اللجنة الوزارية المشكلة (باسم المجلس الوزاري)، هي الأساس الذي تبنى عليه كل وزارة، وجهاز حكومي، الخطة التنفيذية التفصيلية الخاصة به، والتي تُنسق مراحلها في خطة زمنية تقدم إلى مجلس الدفاع الوطني لإقرارها، والتصديق عليها، من القيادة السياسية (رئيس الدولة ـ القائد الأعلى). وبذلك تكون جاهزة لإصدار المهام (التكليفات) للأجهزة التابعة لها، لبدء التنفيذ، مع تحديد المهام، والمسؤوليات الخاصة بذلك.

    وعلى كل جهاز حكومي (وزارة ـ هيئة ـ مؤسسة)، أنّ يلتزم بالدور المحدد له في الخطة التفصيلية، والتوقيتات المحددة في الخطة الزمنية. ويقدم رئيس الجهاز (الوزير ـ المدير)، تقريراً دورياً عن سير العمل في الخطة ـ طبقاً للتوقيتات المحددة لذلك ـ موضحاً فيه مدى ما أُنجز من أعمال في الخطة، والأهداف المحققة، ذاكراً المصاعب التي واجهت أجهزته التنفيذية، والتقصير في حجم الإنجازات عن المخطط، وأسباب ذلك، ومقترحاته للتغلب على تلك الأسباب (أو مطالبه من الآخرين إذا كانت خارجة عن قدرات أجهزته وطاقاتها).

    تؤدي الحكومة دوراً رئيسياً ومهماً في هذا المقام ـ خلافاً لدورها في التخطيط والتنفيذ ـ وهو المتابعة والرقابة[10] والتوجيه والتقييم[11] وما يتبعه من تقويم للأعمال المنفذة، طبقاً للظروف، التي تطرأ. ويكون الهدف الأساسي، ضمان عدم حدوث خلل (أو اختناق)، يؤدى إلى توقف الأعمال المنفّذة، في مرحله ما، أو انحراف الأعمال عن مجراها، بحيث لا تحقق أهدافها. ويمكن للأجهزة الحكومية أن تتلافى ذلك، بالتنبؤ بالأحداث والاختناقات المؤثرة على سير العمل بالأساليب العلمية العصرية، واستخدام قواعد البيانات والمعلومات المتدفقة في داخل دورة العمل الأساسية[12] وهو جزء مهم من إدارة عمل عملاق، وجهد ضخم، مثل إعداد الدولة للدفاع. ويجب أن تأخذ تلك الأجهزة (وقياداتها) حذرها، من الظروف غير العادية، التي يمكن أن تُفرض عليها، لإكمال إعداد الدولة في ظروف حرب قائمة بالفعل، لتحقيق الأهداف الرئيسية، والمرحلية نفسها، وبالكفاءة المحددة، في الخطة الرئيسية. فإعداد الدولة للدفاع عن كيانها، لا يحتمل مفاجآت، ولا يستقيم بأنصاف الحلول، ونواقص الأعمال.



[1] قد تختلف أشكال القيادة السياسية باختلاف النظام الدستوري من دولة لأخرى. وتشمل القيادة السياسية عادة رئيس الدولة، الذي يمثله الملك أو الأمير أو رئيس الجمهورية، والمؤسسات السياسية والحكومية في الدولة، ويمثلها مجالس النواب والشيوخ (أو مجلس الشعب ومجلس الشورى أو أي تسميات أخرى للمجالس النيابية) ومجلس الوزراء. وقد يضاف إليها بعض المجالس المتخصصة، مثل مجلس الأمن القومي، أو مجلس الدفاع الوطني، أو غيره.

[2] اعتدت إسرائيل على الدول العربية الثلاث المجاورة لها، واستطاعت احتلال أراضٍ عربية جديدة، في كل من الضفة الغربية لنهر الأردن وقطاع غزه الفلسطيني، وهضبة الجولان السورية، وشبه جزيرة سيناء المصرية.

[3] صدر هذا القانون في مصر، في بداية عام 1968، أي بعد هزيمة يونيه 1967 بحوالي سبعة شهور، وهو القانون الرقم (4/68).

[4] في بعض الدول تسمى وزارة الحرب، أو وزارة الحربية.

[5] كان الفيلقان الأمريكيان المشاركان ضمن قوات التحالف الدولي يستهلكان يومياً، من أجل التحركات والتدريبات نحو 4.5مليون جالون من الوقود من أنواع مختلفة، يحتاج الإمداد بها إلى 850 صهريجاً، تستهلك هي أيضاً عدة مئات الألوف من الجالونات، وتتحرك على شبكة ضخمة من الطرق.

[6] نجحت موانئ المملكة العربية السعودية في استقبال وتفريغ حمولة 15 سفينة يومياً، من احتياجات القوات التي يتم حشدها، وكذلك أصناف الوقود المتعددة المطلوبة لمختلف صنوف المركبات والمعدات القادمة مع تلك القوات، "وهو رقم قياسي يعجز عن تحمله حتى أكثر البلدان الصناعية تقدماً"، ناهيك عن السفن الأخرى التي تحمل القوات والمعدات، (شملت 28 ألف حاوية، 114 ألف عربة ذات عجل، 12 ألف دبابة وعربة مجنزرة، 1500 طائرة عمودية، 360 ألف طن ذخيرة)، وهو ما يشهد بإمكانيات المملكة الهائلة، والبنية الأساسية الحديثة، التي تتمتع بها".

[7] تشمل مواد الإعاشة المواد الغذائية بكل أصنافها من خبز ولحوم وفواكه وخضراوات وبيض وأرز وسكر وغيرها، ويجب أن يراعى في تصنيفها وتشكيلها الجنسيات المتعددة لقوات التحالف الدولي (أكثر من 30 جنسية) وعاداتهم المختلفة في الإعاشة.

[8] كان من المقدر أن يتعدى حجم القوات عند اكتمالها ثلاثة أرباع المليون فرد، وهو ما حدث فعلاً.

[9] تختص هيئة العمليات(مديرية العمليات) بتخطيط وتنسيق أعمال القتال، الذي تديره هيئة الأركان العامة (رئاسة الأركان العامة)، وينشئ بها إدارة أو شعبة لإعداد الدولة للدفاع يختص بمتابعة كل أعمال الإعداد بوزارة الدفاع، والتنسيق مع الوزارات الأخرى. ولا يوجد مثيل لهذا الفرع غالباً في الأجهزة الأخرى للدولة مما يعرقل العمل ويضعفه، علاوة على ضخامة المجهود المطلوب منه.

[10] قد تكلف وزارة التخطيط، أو لجنة التخطيط والإعداد للدفاع (إذا شكلت)، أو أي جهة مناسبة ترى الحكومة أنها قادرة على التنفيذ، بمهمة متابعة الأعمال والرقابة على تنفيذ بنود وخطوات الخطط التخصصية والمرحلية، بما يحقق تنفيذ الخطة المركزية الشاملة، وتقدم تقريرها للجهة التي كلفتها بذلك دورياً.

[11] بعد دراسة مجلس الوزراء (الحكومة)، لتقرير الوزراء المتخصصين، وتقرير لجنة / جهة المتابعة والرقابة، تصدر الحكومة توجيهاتها وتقويمها للأعمال، التي تمت أو تلك التي تأخرت أو تأجلت، لاستكمالها بالشكل السليم المطلوب.

[12] لتأمين ذلك المطلب، وتحقيق أفضل عائد، تنشئ الدول مراكز معلومات لدعم اتخاذ القرار، يتبع الجهات المختصة بصناعة القرار واتخاذه، وإدارة العمليات بالدولة (ديوان رئيس الدولة طبقاً لنظام الحكم بها، ـ رئاسة مجلس الوزراء ـ وزارة التخطيط). وقد تنشأ أيضاً أقساماً من المركز في الجهات الأكثر أهمية وحاجة، لاستخدام المعلومات المتاحة والمحدثة دائماً، وقد أخذت جمهورية مصر العربية بهذا الأسلوب العصري بعد حرب أكتوبر 1973، لشعور المسؤولين بها بأهمية توفر المعلومة الحديثة، لتحديد البدائل التي يُختار أفضلها كقرار.