إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الحرب الإلكترونية




أنظمة الرادارات الأرضية الحديثة
ناثر المشاعل الحرارية Eclair-M
أجهزة التوجيه بالليزر
أجهزة الرؤية الليلية
أجهزة الرؤية بتكوين الصورة الحرارية-1
أجهزة الرؤية بتكوين الصورة الحرارية-2
محطة الإعاقة اللاسلكية التكتيكية
محطة استطلاع لاسلكي أرضية
محطة استطلاع راداري
نظم القيادة والسيطرة في البحرية
نظم صاروخية ميكروإلكترونية
نظام ADAD للمراقبة الأرضية
نظام إطلاق العصائف MK36
نظام الإنذار المبكر Moss
نظام الرادار M-Star
نظام القيادة والسيطرة الآلية
نظام CREW Duke
نظام Prophet
نظام كشف الصواريخ MWS-20
نظام TOGS للرؤية الليلية
معدات من إنتاج شركة إلتا
معدات من إنتاج شركة تاديران
معدات الاستطلاع الإلكتروني بالطائرة E-2C
معدات الظهور الراداري والبصري
معركة الأسلحة المشتركة
الإخفاء والتمويه للمعدات الإلكترونية
الإخفاء والتمويه للمعدات اللاسلكية
الإخفاء الراداري للقطع البحرية
النظام ALQ-99
النظام AN/ALQ-218
النظام الصاروخي ستنجر
النظام Warlock Green
الإعاقة السلبية الحرارية
الإعاقة الضوضائية بالشوشرة
الإعاقة بنظام الخداع seagnat
الإعاقة بنظام Nulka
التمويه بالطلاء لطائرات القتال
التصوير الحراري للأهداف
التعمية بالتغير في وضوح اللون
الدبابة الإسرائيلية ميركافا
الرادار STANTOR
الرادار MESAR
الصواريخ الاعتراضية
الصواريخ الاعتراضية أرض/ جو (1)
الصواريخ الاعتراضية أرض/ جو (2)
الطائرة نمرود
الطائرة المقاتلة EF-111
الطائرة العمودية لينكس
الطائرة U-2 منظر أمامي وجانبي
الطائرة عين الصقر
الشرك الخداعي Nulka
العواكس الركنية العائمة
استخدام الأشعة تحت الحمراء ليلاً
استخدام النظام AN/ALQ-212
استخدام الصواريخ التليفزيونية
استخدام الطائرات العمودية
تطبيقات إخفاء البصمة الرادارية
تكنولوجيا الإخفاء الراداري للطائرات
جهاز لاسلكي محمول
حاملة الطائرات أمريكا
رادار المراقبة الأرضية RASIT
صواريخ محملة على الكتف
صواريخ محملة على عربات
صواريخ مجهزة على حامل
طائرة الاستطلاع E-8C
طائرة التجسس U-2
طائرة تقذف المشاعل الحرارية
قاذف الرقائق طراز ALE – 40

إنشاء محور اتصال لاسلكي
منظومة وحدة بحرية صغيرة
منظومة وحدة بحرية كبيرة
منظومة الحرب الإلكترونية المحمولة جواً
مدى تأثير تأخير الاشتعال
هيكل الطائرة الخفية F-117A
أسلوب الإعاقة الرادارية الإيجابية
أسلوب تدمير الصواريخ السورية
أسلوب دمج المعلومات
مسارح الحرب الإلكترونية
أشكال العواكس الركنية
نظم السيطرة الإلكترونية
نظم القيادة والسيطرة
نظام الكشف عن الألغام البحرية
نظام تحذير ومراقبة محمول جواً
نظرية عمل المقلدات
أقسام الحرب الإلكترونية
أقصى مدى كشف راداري
النبضة الكهرومغناطسية النووية
الهجوم بالتدخل السلبي
الأسلوب الأول/1
الأسلوب الأول/2
الأسلوب الثالث
الأسلوب الثاني
الأسلوب الرابع
الأشعة تحت الحمراء
الإعاقة السلبية للصواريخ
الإعاقة بإزاحة إحداثي الهدف
المقلد الراداري
التمويه الإلكتروني ضد الصواريخ
البث عن بعد
التطبيقات العسكرية في أنظمة الليزر
العلاقة بالزمن والقدرة
استخدام الرقائق المعدنية لخداع الصواريخ
توزيع محطات التنصت
تطبيقات الحيز الكهرومغناطيسي
تفصيل نظام الحماية الذاتية
خداع الصواريخ الموجهة
خداع الصواريخ سام ـ 7
حيز الطيف الكهرومغناطيسي
سيناريو المهمة التدميرية
كابينة طاقم التشغيل للطائرة E-2C
عملية خليج سرت
عناصر الاستطلاع اللاسلكي




مقدمة

المبحث التاسع

تكنولوجيا الإخفاء للقوات الجوية

تكنولوجيا الإخفاء في تصميم الطائرات المقاتلة (اُنظر صورة تكنولوجيا الإخفاء الراداري للطائرات)

هناك مزايا بالغة الأهمية في تصميم طائرة عسكرية يصعب كشفها، خصوصاً إذا ما كانت معدة لاختراق الأجواء المعادية ذات الدفاعات الجوية الكثيفة، لتنفيذ مهام الاستكشاف الراداري. ولكن في بداية عصر الطيران العسكري جرت، عادة، محاولات لإخفاء رؤية الطائرة وهي على بعد بضع مئات من الأمتار عن المراقب، وذلك بتغطية هيكلها بمادة شفافة، ولكن من المفيد أن نتذكر أن هذه الاختبارات، التي بدت ناجحة في ظروف مثالية، أظهرت من الناحية العملية، عيوباً حدت من استعمال هذه النظرية على نطاق واسع. وهناك في هذا السياق بعض أوجه الشبه بين الطائرة غير المنظورة في الماضي والطائرة الخفية الحديثة.

ويعتقد أن أول طيران اختباري لطائرة مغطاة بمادة شفافة، جرى قرب "فاينر ـ نويشتات" WIENER NEUSTADT "النمسا حالياً" في منتصف 1912، وقد غطى هيكل طائرة ذات جناح واحد من نوع "توب" TAUBE بمادة شفافة فرنسية الصنع تعرف باسم "ايمايليت" EMAILLIT وقد ثبت استحالة اكتشافها من الأرض إذا ما حلقت على ارتفاع يزيد عن 300 متر. وقد عرضت في صالون باريس للطيران في 1913 طائرة ذات جناح واحد من نوع "مورو" MOREAU مغطاة بالمادة نفسها. وفي العام نفسه، أجرت ألمانيا عدة تجارب لطائرة مغطاة بمادتي "أيرويد" AEROID، و"سيلون" CELLON، وقد تبين أن هذه الأخيرة هي الأفضل.

أشارت التقارير أن عدداً محدوداً من الطلعات العملياتية نفذتها طائرات سلاح الجو الألماني المغطاة بمادة CELLON في 1916. ولكن اتضح، فيما بعد، أن المادة المذكورة تتمدد وتصبح رخوة إذا ما تعرضت للرطوبة، فكان يخشى، في هذه الحالة، أن تنفلت شرائح بكاملها من فوق الهيكل إذا ما لحق عطب بالطائرة إبّان القتال. وفي الطقس الغائم تبدو الطائرة المغطاة بمادةCELLON للعين البشرية داكنة تماماً، كالطائرة المغطاة بالقماش التقليدي، كما أنه، في الطقس المشمس، كانت الانعكاسات الشديدة من على المادة الجديدة قوية لدرجة تسبب تعمية الطاقم. وتوالى المزيد من الاختبارات في هذا الإطار في بريطانيا 1917، وفي الاتحاد السوفيتي في 1935، ومع ذلك أهمل مشروع الطائرة الخفية.

وتكنولوجيا الإخفاء ليست فرعاً منفصلاً من فروع العلم أو المعرفة، ولكنها مجموعة من الإجراءات تسخر آخر ما توصل إليه العلم، في مختلف فروعه، في مجالات المعادن، والإلكترونيات، والبصريات، واللدائن، والأشكال الانسيابية، وحتى الوقود... إلخ، لوضع تصميمات متفرقة. وهي عملية أشبه ما تكون بالتوزيع الموسيقى، وتُعَدّ فناً راقياً بحد ذاتها، أو تكنولوجيا متفوقة.

الهدف من هذه التكنولوجيا هو إنتاج وسائل وأسلحة تعجز النظم، والوسائل الإلكترونية الحديثة المعادية؛ سواء المستخدمة في أعمال الكشف، أو في أعمال الاستطلاع الإلكتروني؛ كالرادارات، والمستشعرات العاملة بالأشعة تحت الحمراء، والمستشعرات البصرية، ومختلف أنواع المستشعرات الإلكترونية عن اكتشافها أو اكتشاف آثارها. على الرغم من أنه أصبح من المعروف أن أكثر تطبيقات تكنولوجيا التخفي واستخداماتها شيوعاً هي في أجيال طائرات القتال والقاذفات الحديثة، بصورة عامة، إلا أن تطبيقاتها واستخدامها يشمل بالفعل وسائل القتال المختلفة جميعها، مثل الغواصات، والقطع البحرية، وحتى الدبابات.

إن تقنية التخفي التي طوّرتها، أساساً، الولايات المتحدة الأمريكية هي عنصر حديث، نسبياً، في إعداد العتاد العسكري. وقد اشتهرت خلال حرب الخليج الثانية من خلال القاذفات F-117 التي تمكنت، بلا أي اعتراض، من مهاجمة الأهداف الواقعة داخل حزام الدفاع الجوي العراقي، وعُزي هذا النجاح إلى مجموعة من التطورات التكنولوجية أدت إلى مفهوم جديد في صنع الطائرة، واختصت هذه التحديثات، بشكل أساسي، بالأشكال الانسيابية للطائرة، التي نتجت عن دراسات حول انعكاس موجات الرادار، وهدفها منع ارتدادها نحو مصدر بثها بتغيير اتجاهها، إضافة إلى استخدام مواد ماصة. وتحتل عوامل أخرى مكانتها في الأهمية، مثل تقليل البصمات الحرارية والكهرومغناطيسية للطائرة، وفرض الصمت الراداري واللاسلكي الذي هو عامل مهم في الاكتشاف من قِبَل الوسائل المعادية.

إن محور التقدم التكنولوجي في الحرب الجوية هو التوصل إلى أقصى ما يمكن من تقنية التخفي في تصميم الطائرات المقاتلة المتعددة المهام، لا سيما الأجيال الجديدة منها، إلاّ أن هذه الظاهرة القديمة العهد، نسبياً، أصبحت تشكل، الآن، نقطة حساسة في منعطف تصنيع الطائرات الحربية، كما أن التطوّر الهائل الذي شهدته المنظومات الرادارية، وإمكان الاستكشاف والمراقبة والاعتراض جعلت من التخفي تقنية قائمة بذاتها أكثر فأكثر، ولو أن عدداً من الخبراء والمختصين بدأ، في الآونة الأخيرة، يطرح تساؤلات حول فاعلية التخفي العملياتية والمستقبلية، ليس في ضوء التقدم الراهن في الوسائل المضادة فحسب، وإنما كذلك حسب اتجاهات التقدم المتوقع.

وتُعرف بصمات الطائرة بأنها الآثار التي تتركها الطائرات، أو رد فعلها على مختلف أجزاء الطيف الكهرومغناطيسي، ومن خلال تتبع هذه البصمات أو آثارها، تستطيع وسائل استطلاع الحرب الإلكترونية، من كافة أنواع المستشعرات، اكتشاف هذه الطائرات وتتبعها، ومن ثم يتم توجيه الأسلحة المضادة إليها، وأهم البصمات التي يشكل وضوحها خطراً على الطائرات هي: "البصمة الرادارية، والحرارية، والبصرية، والصوتية".

تسعى تطبيقات تكنولوجيا التخفي إلى خفض هذه البصمات إلى أقصى حد، بهدف تأمين اختراق الطائرات المقاتلة داخل عمق الدفاعات المعادية، وإن كان هناك بصمات أقل أهمية أو وضوحاً؛ كالبصمة المغناطيسية، وآثار أخرى تحدثها الطائرات، والمركبات في الوسط الذي تتحرك فيه يمكن، بتتبعها، الكشف عن وجودها، مثل التأثيرات على الأشعة الكونية والمغناطيسية الأرضية.

1. تكنولوجيا إخفاء البصمة الرادارية للطائرات

حتى نهاية الثلاثينيات، كانت الدفاعات الجوية تعتمد على الصوت والرؤية لكشف الطائرات، ولكن تطوير الرادارات زاد كثيراً من المدى الذي تكتشف عنده الطائرات، وذلك ليلاً ونهاراً. وبغض النظر عن الأحوال الجوية، وكانت الأجيال الأولى من الرادارات الأرضية تعمل بأطوال موجية ما بين 7 و15 متراً، بذبذبات ترددية ما بين 20 و45 ميجا سيكل. ولكن بتطوير هذه الرادارات أصبحت تعمل بموجات لا يزيد طولها على سنتيمترات قليلة، الأمر الذي جعل من الممكن تثبيتها على المقاتلات الليلية، وزوارق المرور السريعة للبحرية.

بدأ التفكير بخفض استجابة الطائرة للرادار بإضافة بعض المواد الخاصة التي قد تمتص نبضات الطاقة الرادارية، على سطحها الخارجي إلا أنه في الأربعينات، كان وزن مواد التغطية هذه أكبر من المفروض لاستخدامها في الطائرات.

كان من المعلوم كذلك إبّان الحرب العالمية الثانية أنه يمكن تخفيض الاستجابة الرادارية للطائرة بشكل انسيابي، ولكن كان هناك شعور سائد بأن تناول الموضوع بهذه الكيفية غير عملي؛ إذ كان من الأسهل بكثير تعطيل الرادارات المعادية، إما باستخدام الرقائق المعدنية "شرائط صغيرة من ورق الألومنيوم"، أو ببث نبضات عشوائية من الطاقة الكهرومغناطيسية ضد تردد رادار الخصم. ومع ذلك، فقد صممت الطائرة الألمانية HORTON IX من دون ذيل لتتميز باستجابة رادارية منخفضة. وفي نهاية الأربعينيات، وجد أن الطائرة الأمريكية YB-49 القاذفة النفاثة من صنع شركة "نورثروب" ذات بصمة رادارية منخفضة نسبياً كذلك. علماً بأن شكل جناحها المتحرك من دون جذع خلفي ومحركاتها المطمورة، أملت إلى ضرورة الوصول إلى ايروديناميكية Aerodynamic خاصة؛ لتكون أكثر فعالية.

لم يظهر أي تقدم رئيسي لسنوات ضمن إطار تكنولوجيا الإخفاء الراداري. علماً أن مواد امتصاص الطاقة الرادارية استخدمت على نطاق محدود في بناء طائرة التجسس الأمريكية من ارتفاعات شاهقة U-2 من صنع شركة "لوكهيد" ـ انطلقت هذه الطائرة للمرة الأولى في 1955 ـ واتضح فيما بعد، أن بصمتها الرادارية لم تنخفض بشكل ملموس. وبتحسن أداء المقاتلات والصواريخ أرض/ جو السوفيتية للدفاع الجوي، وبعد أن أسقطت إحدى هذه الطائرات U-2 بقيادة الطيار "جاري باورز"، بفعل الصاروخ الروسي أرض/ جو سام - 2 في 1960، أوقفت إثر ذلك طلعات التجسس الأمريكية في الأجواء السوفيتية، انتظاراً لتفوق آخر.

كانت أول طائرة عملياتية حديثة تصمم، تحديداً، ببصمة رادارية منخفضة، هي طائرة A-12 من إنتاج شركة "لوكهيد"، التي بلغت سرعتها 3 ماخ، والتي طوِّرت منها الطائرة SR-71 A، وقد انطلقت للمرة الأولى في 1962، ودخلت الخدمة العملياتية مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في 1965. ويعتقد أن تصميم أجنحة صغيرة بشكل مائل يعود إلى اعتبارات عائدة لتخفيض البصمة الرادارية، إضافة إلى كيفية دمج الجناح في الهيكل، وتثبيت المحركات داخل أماكن خاصة في جسم الطائرة. كما أدت، كذلك، الاستجابة الرادارية دوراً مهماً في تصميم الطائرة من دون طيار التي توجه لاسلكياً D-21 المخصصة لعمليات الاستطلاع، والتي كان مقرراً، أصلاً، أن تنطلق من الطائرة الأم SR-71A، ولكنها استخدمت، فعلاً، في مهام التجسس بإطلاقها من القاذفة الثقيلة B-52.

تُعَدّ البصمة الرادارية من أهم البصمات التي تستخدم لكشف الطائرات، وتشكل خطراً حقيقياً على أداء الطائرات المقاتلة لمهامها، فهي التي تكشف الطائرات من مسافة بعيدة بوساطة الرادار، وتتبعها وتوجه الأسلحة ضدها؛ لذلك يراعى في الطائرات الحديثة العمل على خفض هذه البصمة أو إخفائها، وتأخذ تطبيقات تكنولوجيا التخفي أهمية في التعامل مع هذه البصمة من خلال التحكم في المقطع الراداري Radar Cross Section RCS للطائرة إلى أقصى حد ممكن، والذي تؤدي زيادته إلى وضوح صورة الطائرة على شاشات الرادار المعادي، وتتحكم في مساحة هذا المقطع ثلاثة عوامل رئيسية هي:

أ. المساحة الهندسية للمقطع

وهي تلك المساحة من الطائرة، أو الهدف الذي يواجه البث الراداري المسلط عليها، ويمكن التحكم في المقطع الراداري من خلال تصغير حجم الطائرة أو الهدف؛ إذ يتحقق ذلك من خلال التصميمات الأساسية، والعمل على خفض المساحة السطحية إلى أقصى حد ممكن، وحساب زوايا الجسم؛ بحيث تعكس الأشعة بعيداً عن الجهاز المعادي لاستقبال النبضات الرادارية المرتدة من الهدف، فضلاً عن الابتعاد ـ ما أمكن ـ عن الزوايا القائمة، وكذلك خفض طول الخطوط المستقيمة المتصلة ما أمكن. وقد استنبطت شركة "لوكهيد" الأمريكية، في الستينيات من القرن العشرين الميلادي، المفهوم المعروف باسم "أسنان المنشار"، أو "أسنان الكلب"؛ لمعالجة الخطوط المستقيمة، وإطارات الفتحات المختلفة في الطائرة من خلال جعل خطوطها هرمية متعددة.

ب. قدرة السطح على عكس الإشعاعات الرادارية

يُعَدّ تغيير فيزيائية "تركيبات" السطح الخارجي للهدف؛ ليصبح قادراً على امتصاص جزء من الأشعة الساقطة عليه من أهم إجراءات تصغير المقطع الراداري، وذلك بطلاء الهدف من الخارج بمواد معينة، أو بتغطيته بعدة طبقات من المواد يمكنها القيام بهذا العمل. وقد بدأت الاختبارات الأولى لمنع رؤية الطائرة أو حجبها في 1912 عبر طلاء الجناح الواحد، آنذاك، بمادة "إيماييت" من صنع فرنسي. وما لبثت ألمانيا ـ في العام التالي ـ أن طورت التقنية عبر استعمال مادة "سيلون"، الأمر الذي أدى إلى زيادة الفاعلية العملياتية لطائرات سلاح الجو الألماني. وعرفت هذه المواد بالرمز "رام" Radiation Absorbing Material: RAM، وهي اختصار لعبارة "مواد ماصة للأشعة الرادارية"، وظهرت تحت أشكال مواد دهان كثيرة مثل؛ الدهان "هارب" HARB، المكون من مادة مطاطية تحوي حبيبات معدنية، وكذلك المادة MX-410، التي احتوت على شرائح معدنية صغيرة جداً من مادة الألومنيوم، بدلاً من جزيئات الحديد. وتبين أن استخدامها بشكل فعّال يتطلب أن تكون سماكتها في حدود ربع الطول الموجي للأشعة الرادارية المتوقع سقوطها عليها، على أن تكون على هيئة طبقات تسمح بنفاذ الأشعة، ولا تسمح بإعادة انعكاسها. وأصبحت هذه المواد الماصة للأشعة الرادارية من الأسرار المهمة التي تحتفظ بها الدول والشركات. أما المواد الجديدة، فتصنع على شكل شرائط تلصق في طبقات على السطح الخارجي للطائرات، ويدخل في تركيب هذه الشرائط السليكون، أو السيراميك، وحبيبات الجرانيت، والأملاح، والراتنجات الصناعية، وأصبح بالإمكان طلاؤها بطبقات متعددة.

ج. زاوية المقطع في جسم الطائرة أو الهدف المحلق

يختلف كثيراً باختلاف الزاوية التي ينظر إليها، ويمكن اعتباره مكوناً من كمية هائلة من عناصر المساحة قد تعمل على تشتيت الإشعاع الراداري أو توجيهه في اتجاهات شتى.

وبذلك يكون مقدار الطاقة الرادارية المنعكسة من جسم الهدف/ الطائرة متوقفاً على شكل هذا الهدف واتجاه زاويته، ومواده، ووضعه بالنسبة إلى الأشعة الرادارية الساقطة عليه.

2. تكنولوجيا إخفاء البصمة الحرارية للطائرات

تعرف كذلك بالبصمة الكهروبصرية، أو بصمة الأشعة تحت الحمراء. وهي ناجمة عن الإشعاع الحراري الناتج من محركات الطائرة، والحرارة المتولدة من احتكاك جسم الطائرة بالوسط الهوائي المحيط؛ نتيجة لحركة جسم الطائرة في هذا الوسط، والحرارة المشعة من جسم الطائرة نفسه، ويتراوح مدى الموجات الحرارية في مجال الطيف الكهرومغناطيسي، بين مليون وخمسمائة مليون ميجا/سيكل.

لا شك أن التعامل مع البصمة الحرارية لإخفائها يُعَدّ أكثر صعوبة من البصمة الرادارية، بسبب القوانين الفيزيائية التي تتعامل معها هذه البصمة، والتي تجعل من تخفيض مصادر بثها، تخفيضاً لأداء الطائرة نفسها، فإذا كانت المحركات والهواء الساخن الخارج منها من أهم مصادر الأشعة تحت الحمراء، فإن تصميمات الطائرات الخفية تجنح إلى استخدام عدة محركات في الطائرة بقوة دفع صغيرة، نسبياً، بدلاً من استخدام عدد أقل من المحركات القوية، وذلك من أجل توزيع دخان العادم الساخن المنبعث من هذه المحركات على أكبر مساحة ممكنة من سطح الهواء، مما يتيح اختلاطه بالهواء الجوي البارد في أسرع وقت.

أمّا تخفيض درجة حرارة العادم نفسه، فيتطلب استخدام محركات مروحية توربينية تسمح بحرق جزء من الهواء الداخل إلى المحرك، بينما تمر نسبة كبيرة من خارج غرفة الاحتراق من دون احتراقها، ويشكل ذلك مصدر تبريد للعادم، ومن جهة أخرى فإن الطائرات الخفية تزود بفتحات تسمح باندفاع الهواء الجوي البارد في التجويف ما بين المحرك نفسه وجسم الطائرة الخارجي، ولا تستخدم فيها المحركات ذات الاحتراق الخلفي "After Burner"؛ لأن ذلك يرفع البصمة الحرارية ارتفاعاً كبيراً، فضلاً عن أنه يزيد البصمة البصرية.

3. تكنولوجيا إخفاء البصمة الصوتية للطائرات

يصدر الصوت عن طائرات القتال؛ نتيجة احتكاك جسم الطائرة الخارجي بالهواء الجوي والحركات الميكانيكية، ومن عملية سحب الهواء للمحرك، والحركة السريعة لغاز العادم المندفع داخل أنبوب العادم، ومن اصطدام دخان العادم بالهواء الجوي، ومن عملية التسخين الفجائي لهذا الهواء بدخان العادم الساخن، وكذلك من الدوامات العنيفة التي يحدثها اندفاع دخان العادم، وتلك التي تسببها حركة جسم الطائرة في الوسط الهوائي في أثناء الطيران.

إن أفضل الطرق لخفض البصمة الصوتية في الطائرات الخفية، هي جعل الطائرة أصغر حجماً، وأخف وزناً قدر الإمكان؛ إذ لا تحتاج إلى محركات قوية تصدر عنها بصمات واضحة، ويُعَدّ تحاشي اختراق حاجز الصوت من الأمور المهمة لخفض البصمة الصوتية، على الأقل عند الاقتراب من الأراضي المعادية أو عند الطيران فوقها.

4. عصر الطائرات الخفية

كان البنتاجون راغباً، بشدة، في الوصول إلى طريقة تمكن طائراته من اختراق الأجواء المعادية من دون خسائر جسيمة، لذلك، واستناداً إلى التقدم في مجال الحاسبات الآلية، دعا مصنِّعي الطائرات إلى تقديم اقتراحات لطائرات تستطيع عرض تكنولوجيا الإخفاء، وينبغي أن يكون أمر اكتشافها في غاية الصعوبة، ليس بوساطة الرادار والمستشعرات العاملة بالأشعة تحت الحمراء فحسب، بل كذلك، بالنسبة إلى بصمتها الصوتية أو المرئية، وباختصار مطلوب أن تشمل تكنولوجيا الإخفاء كل نواحي تصميم الطائرة، بغض النظر عن تأثير ذلك على مواصفات الأداء أو القيادة أو حتى النفقات.

أ. الطائرة المقاتلة الخفية F-117A (اُنظر شكل هيكل الطائرة الخفية F-117A)

انطلقت طائرة F-117A في أول رحلاتها في شهر يونيه 1981، وبلغت تكاليف هذا البرنامج بكامله ستة آلاف و560 مليون دولار، بما في ذلك إنتاج 59 طائرة وأنفق مبلغ ألفي مليون دولار، على أعمال البحث والتطوير Research and Development: R & D، وبلغت الطائرة مستوى الأداء العملياتي في أكتوبر 1983، إلاّ أنه لم يسمح بعرض أي صور لها في الصحافة، سوى في نوفمبر 1988، أي بعد مضي عشر سنوات على إبرام عقد التطوير. كما لم يُسمح للجمهور بمشاهدة الطائرة سوى في إبريل سنة 1990. وقبل 1988، روّج "البنتاجون" أن مفتاح تصميم الطائرة ذات الاستجابة الرادارية المنخفضة، يكمن في انسيابية الخطوط المنحنية. أما الواقع فكان مغايراً تماماً؛ إذ اعتمد مصممو الشركتين "لوكهيد" و"نورثروب" على الخطوط المستقيمة في تصميم جسم الطائرة، مع تركيز أي طاقة منعكسة في عدد قليل من "النتوءات"، وذلك من خلال محاذاة أطراف الجناح واعتماد مفهوم "عدم التواصل الجداري" بالنسبة للألواح المتداخلة في جسم الطائرة، أي يكثر بها الانكسارات.

تزن طائرة F-117 A أكثر من أربعة أضعاف نموذج HAVE BLUE؛ إذ يبلغ وزنها ثلاثة وعشرين ألف وثمانمائة كجم، يدفعها محركان بقوة خمسة آلاف كجم من نوع F-404-GE-F1D2 من صنع شركة "جنرال إلكتريك"، وهما من نوعية المحركات المستخدمة في الطائرات FA-18 نفسها، أمّا الأبعاد الخارجية، فتكاد تكون ضعف أبعاد الطائرة "نموذج العرض"، فالعرض هو 13.2 متراً، والطول 20.1 متراً، كما خفضت زاوية امتداد حافة الجناح المتقدمة إلى 67.5 درجة، أما أجنحة الذيل، فهي مائلة إلى الخارج بدلاً من الداخل، وقد استبدل حاجز الريح بشكل "Y" المستخدم في نموذج عرض التكنولوجيا الحاجز التقليدي المسطح الشفاف، حتى يتسنى تثبيت "شاشة العرض الرأسية" Head Up Display: HUD أمام الطيار.

ونظراً للتجديدات التي وضعت بدقة في تصميم جسم الطائرة باستخدام الحاسب الآلي، لتقليل استجابة الطائرة للأشعة الرادارية، يتألف سطح الطائرة F–117A من سلسلة من المساحات المسطحة المعروفة بالأسطح الصغيرة. وهكذا، بات سطح الطائرة يشبه الماسة المصقولة بانكساراتها المتعددة، ونتيجة لتصميم الحافة المتقدمة للأجنحة بشكل حاد وزاوية ميل كبيرة، باتت سرعة التوقف كبيرة؛ لذلك تحتاج هذه الطائرة إلى ممر لا يقل طوله عن ثلاثة آلاف وستمائة وخمسين متراً، إذا لم يكن مزوداً بحواجز تخفيف السرعة، أو إلى ممر طوله ألفان وخمسمائة متر، إذا زود بمثل هذه الحواجز. هذا، وقد غطيت فتحات العادم للمحرك بشبكة لخفض الاستجابة للأشعة الرادارية.

من جهة أخرى، غطي سطح الطائرة، بأكمله، بطلاء يمتص الطاقة الرادارية الساقطة عليه، ويفترض أن حافتي الجناح، المتقدمة والخلفية، مصنعتان من مادة تمتص الإشعاع الراداري. ومكونات تركيب بنية هذه المادة هي، عادة، سطح خارجي له درجة نفاذية للأشعة الرادارية، وعاكس معدني على السطح الخلفي، مع جزء أوسط بينهما مغطى بمادة الكربون لامتصاص الإشعاع الراداري، أما عادم المحركات فينساب خلال أنابيب مفلطحة مثبتة فوق الحافة الخلفية للجناح لتخفيف البصمة الرادارية والحرارية للطائرة على السواء.

كما اتضح أن بعض المواد الماصة للإشعاع الراداري ـ التي يطلى بها السطح ـ يتبخر ويفقد الكثير من فعاليته بتأثير الجو الحار، ومن ثم، تتطلب الطائرة F-117 الخفية حظائر مغلقة ومكيفة لحمايتها

استخدمت القوات الأميركية الطائرة F-117A على نطاق ضيق جداً إبّان اجتياح بنما في ديسمبر 1989، وعلى نطاق واسع إبّان حرب الخليج الثانية في 1991، وكان متوسط فترة المهمة الواحدة لهذه الطائرات المنطلقة من قاعدة "خميس مشيط" في جنوب المملكة العربية السعودية حوالي 5.5 ساعة، يومياً.

وتعدّ المقاتلة F-117A، أول جيل الطائرة الخفية وأكبرها عمراً، وتعتمد على تقنية إخفاء عمرها أكثر من 15 عاماً، إن معظم مكوناتها مأخوذة من طائرات صممت منذ أكثر من 15 عاماً، مثل المقاتلة F-18A، والمقاتلة F-16، بل وأيضاً طائرة النقل C-130، دخلت هذه المقاتلة الخدمة في 1983. وبقى ذلك في طي الكتمان، وغير معروف حتى 1989، وهذا نجاح لوسائل المحافظة على السرية جعل فكر كثير من المهتمين يتجه إلى ماهية الأنواع الأحدث، التي لا تزال وراء ستائر السرية والتي ستحتل مكانها في صمت، وهل يمكن بناء مقاتلات اعتراضية خفية أخرى؟ ويَعُدّ البعض أن المقاتلة F-117A قد تعدت مرحلة الشباب، نظراً للتطور المستمر والمتسارع في التقنيات المختلفة، ومما هو جدير بالذكر أن المقاتلة الخفية F-117A اشتركت، للمرة الأولى، في عمليات حربية فعلية أثناء هجوم القوات الأمريكية على بنما لإسقاط نظام حكم الجنرال "نورييجا"، ثم في حرب الخليج الثانية "حرب تحرير دولة الكويت"، في 1991.

ب. طائرة الاستطلاع الخفية TR-3A

جناح الطائرة على شكل دلتا r بزاوية امتداد أقل بكثير من جناح الطائرة F-117A، ويبلغ عرض الطائرة TR-3A 20 متراً، وطولها 13 متراً ونصف المتر. وتشير التقارير إلى أن مداها يزيد على خمسة آلاف وخمسمائة كم، ممـا يجعلها لا تعتمد على طائرات التزود بالوقود جواً أثناء هذه العمليات.

ج. الطائرة القاذفة الإستراتيجية B-2A

في 1981، اختيرت شركة "نورثروب" لقيادة فريق لتطوير الطائرة التي يطلق عليها، حالياً، 1سم "غرومان" B-2A، القاذفة الإستراتيجية، وقد بلغت نفقات البحث والتطوير مبالغ طائلة، وخرجت أول قاذفة B-2A من مصنع الإنتاج في نوفمبر 1988، وطارت، للمرة الأولى، في يوليه 1989، وقد بدأ تسليم الطائرات العشرين الأولى في ديسمبر 1993.

تبلغ حمولة الإقلاع القصوى للطائرة B-2A 170 ألف كجم، وتدفعها أربعة محركات F-118-GE-100 توربينية مروحية من صنع شركة "جنرال إلكتريك". وتفيد التقارير أن سرعة الطائرة تبلغ 0.72 ماخ، أمّا مداها، فيزيد على 11 ألف كم، يبلغ عرض جناحها 52.4 متراً، وطولها 21 متراً، تصميم جناحها انسيابي، وليس لها زعانف ذيل رأسية. وقد صمم الجناح بحيث تتركز الانعكاسات الرادارية في نتوءات حادة، ويعتقد أن سطح الطائرة بأكمله مغطى بمادة تمتص الإشعاعات الرادارية، وأن تلك المادة تستخدم عنصر الكربون لامتصاص الإشعاع الراداري بدلاً من مسحوق الحديد المغناطيسي المعلق في سائل لاصق "ريزيني"، والذي استخدم في طلاء الطائرة SR-71.

د. الطائرة المقاتلة الخفية F-22 (اُنظر صورة تكنولوجيا الإخفاء الراداري للطائرات)

تسعى مجموعة "لوكهيد مارتن" LOCKHEED MARTIN إلى تصدير طائراتها المقاتلة الخفية F-22 بدءاً من عام 2004م، ويصطدم هذا المسعى بتحفظات وزارة الدفاع الأمريكية ودوائر المخابرات، وذلك بالنظر إلى احتواء الطائرة على برامج وأنظمة أسلحة بالغة السرية، والحساسية.

وتعمل شركة "لوكهيد مارتن" حالياً، على إيجاد وسائل، عملية واقتصادية، لإجراء تعديلات على برامج نُظُم الطيران بأنواع F-22 المعدة للتصدير، لتصبح أقل قوة من تلك الخاصة بالقوات الجوية الأمريكية، بهدف عدم تسرب أسرارها العسكرية.

هـ. الطائرة سوخوي - 37 الروسية

كشفت مصادر روسية، في 21 أكتوبر 1997، عن مواصفات الطائرة سوخوي - 37، بأنها تضاهي الطائرة الأمريكية F-22، وهي التي تنتمي إلى ما يعرف بالجيل الخامس من الطائرات، والتي ستستخدم في القرن الحادي والعشرين الميلادي، وهي تعرف، كذلك، باسم "بيركوت" أي طائر العقاب. وأن هذه الطائرة يصعب اكتشافها بالرادار والأشعة فوق البنفسجية.

و. طائرات وصواريخ خفية

استخدمت تكنولوجيا الإخفاء في تصميم مختلف الصواريخ الجوالة الأمريكية وطائرة البحرية الضاربة A-12، وهي من صنع مشترك لشركتي "جنرال داينمكس/ ماكدونال دوجلاس"، وتتميز بجناحها على شكل دلتا Delta D ، كان من المزمع أن تحل محل الطائرة Grumman A-6E، ولكن برنامجها أُلغي في 1991؛ لظهور صعوبات في الوزن، والنفقات، والجدول الزمني لمراحل التصنيع.

ويبدو أن أمر إلغاء برنامج الطائرة A-12، وخفض إنتاج القاذفة الخفية B-2A من 132 طائرة إلى 20 طائرة، يوحي أن للقائمين على صناعة الطائرات في الولايات المتحدة الأمريكية بعض التحفظات على الإمكانات الحقيقية لميزة الإخفاء. ومن المعلوم، في هذا السياق، أن طائرات F-117 الخفية تستخدم ـ بصورة رئيسيةـ لمهاجمة الأهداف الثابتة، ليلاً، تماماً كما هو الحال بالنسبة إلى القاذفة الخفية B-2، أما طائرة الاستطلاع الخفية TR-3A، فدورها الرئيسي هو كشف الأهداف المتحركة، مثل قواعد إطلاق صواريخ سكود، وتعيين أماكنها للقاذفات لمهاجمتها.

ومما يتعلق بالتصميم، فمن المعلوم أن اعتماد تقنية الإخفاء، عند وضع تصميم الطائرة، يقضي حتماً إلى زيادة في الوزن، مع انخفاض في مستوى الأداء وسهولة التشغيل. وهذا هو السبب الذي جعل تصميم الطائرة المستقبلية F-22 لشركة "لوكهيد" Lukhed، يعتمد على انسيابية الشكل والجناح، والتغيير في تصميم فتحات الهواء، لإضفاء ميزة الإخفاء على الطائرة، بدلاً من الطلاء الذي يمتص الإشعاع الراداري، والذي يصعب استخدامه لتغطية الأسطح الخارجية لهذه الطائرة. ومن مستلزمات الإخفاء ـ كذلك ـ تصميم الهيكل ليحمل في داخله الوقود وكافة الأسلحة؛ مما يخفض من فعالية الطائرة ومرونتها العملياتية.

ومن جهة أخرى تشير بعض التقارير إلى تحسين ملموس في أداء الرادارات الأرضية في الكشف عن الطائرات الخفية، خاصة تلك النظم الرادارية العاملة في حيز الموجات الطويلة، مثل سلسلة رادارات "نيتل" NITEL الروسية، العاملة على موجات ترددية، يتراوح طولها بين 6 و8 أمتار من فئة الرادارات خلف الأفق الكاشفة عن الأهداف باستخدام الموجات الكهرومغناطيسية المنعكسة من الأيونسفير لمسافات لِمَا بعد الأفق، والعاملة على موجات ترددية يتراوح طولها بين 10 أمتار و60 متراً. وهذه الأخيرة، بغض النظر عن شكل الطائرة وطبيعة سطحها، ولكنها تستجيب، ببساطة، إلى حجم الجسم الجوي المقترب، وهناك بعض الرادارات الجديدة التي لا تزال في مرحلة التطوير، يُقال إنها لا تتأثر بشتى تقنيات الإخفاء.

وباختصار، يمكن القول: إن الولايات المتحدة الأمريكية قد حققت اختراقاً تكنولوجياً مهماً بتخفيض المدى الذي يمكن فيه كشف بعض من طائراتها، ولكن الثمن كان باهظاً، وقد لا تعيش هذه المكتسبات طويلاً، وقد تستطيع قوة عظمى استخدام طائرات عالية التخصص تتميز بالإخفاء مثل الطائرة F-117، ولكن الدول الأخرى ستكتفي، على الأرجح، بتخفيض محدود لبصمة طائراتها الرادارية ـ مثلاً بتغطية أجزاء من سطح الطائرة بمواد تمتص الإشعاعات الرادارية كالحافات المتقدمة، وفتحات الهواء ـ مع تعزيز الإجراءات الإلكترونية المضادة، والقدرة على تدمير الدفاعات المعادية.