إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الحرب الإلكترونية




أنظمة الرادارات الأرضية الحديثة
ناثر المشاعل الحرارية Eclair-M
أجهزة التوجيه بالليزر
أجهزة الرؤية الليلية
أجهزة الرؤية بتكوين الصورة الحرارية-1
أجهزة الرؤية بتكوين الصورة الحرارية-2
محطة الإعاقة اللاسلكية التكتيكية
محطة استطلاع لاسلكي أرضية
محطة استطلاع راداري
نظم القيادة والسيطرة في البحرية
نظم صاروخية ميكروإلكترونية
نظام ADAD للمراقبة الأرضية
نظام إطلاق العصائف MK36
نظام الإنذار المبكر Moss
نظام الرادار M-Star
نظام القيادة والسيطرة الآلية
نظام CREW Duke
نظام Prophet
نظام كشف الصواريخ MWS-20
نظام TOGS للرؤية الليلية
معدات من إنتاج شركة إلتا
معدات من إنتاج شركة تاديران
معدات الاستطلاع الإلكتروني بالطائرة E-2C
معدات الظهور الراداري والبصري
معركة الأسلحة المشتركة
الإخفاء والتمويه للمعدات الإلكترونية
الإخفاء والتمويه للمعدات اللاسلكية
الإخفاء الراداري للقطع البحرية
النظام ALQ-99
النظام AN/ALQ-218
النظام الصاروخي ستنجر
النظام Warlock Green
الإعاقة السلبية الحرارية
الإعاقة الضوضائية بالشوشرة
الإعاقة بنظام الخداع seagnat
الإعاقة بنظام Nulka
التمويه بالطلاء لطائرات القتال
التصوير الحراري للأهداف
التعمية بالتغير في وضوح اللون
الدبابة الإسرائيلية ميركافا
الرادار STANTOR
الرادار MESAR
الصواريخ الاعتراضية
الصواريخ الاعتراضية أرض/ جو (1)
الصواريخ الاعتراضية أرض/ جو (2)
الطائرة نمرود
الطائرة المقاتلة EF-111
الطائرة العمودية لينكس
الطائرة U-2 منظر أمامي وجانبي
الطائرة عين الصقر
الشرك الخداعي Nulka
العواكس الركنية العائمة
استخدام الأشعة تحت الحمراء ليلاً
استخدام النظام AN/ALQ-212
استخدام الصواريخ التليفزيونية
استخدام الطائرات العمودية
تطبيقات إخفاء البصمة الرادارية
تكنولوجيا الإخفاء الراداري للطائرات
جهاز لاسلكي محمول
حاملة الطائرات أمريكا
رادار المراقبة الأرضية RASIT
صواريخ محملة على الكتف
صواريخ محملة على عربات
صواريخ مجهزة على حامل
طائرة الاستطلاع E-8C
طائرة التجسس U-2
طائرة تقذف المشاعل الحرارية
قاذف الرقائق طراز ALE – 40

إنشاء محور اتصال لاسلكي
منظومة وحدة بحرية صغيرة
منظومة وحدة بحرية كبيرة
منظومة الحرب الإلكترونية المحمولة جواً
مدى تأثير تأخير الاشتعال
هيكل الطائرة الخفية F-117A
أسلوب الإعاقة الرادارية الإيجابية
أسلوب تدمير الصواريخ السورية
أسلوب دمج المعلومات
مسارح الحرب الإلكترونية
أشكال العواكس الركنية
نظم السيطرة الإلكترونية
نظم القيادة والسيطرة
نظام الكشف عن الألغام البحرية
نظام تحذير ومراقبة محمول جواً
نظرية عمل المقلدات
أقسام الحرب الإلكترونية
أقصى مدى كشف راداري
النبضة الكهرومغناطسية النووية
الهجوم بالتدخل السلبي
الأسلوب الأول/1
الأسلوب الأول/2
الأسلوب الثالث
الأسلوب الثاني
الأسلوب الرابع
الأشعة تحت الحمراء
الإعاقة السلبية للصواريخ
الإعاقة بإزاحة إحداثي الهدف
المقلد الراداري
التمويه الإلكتروني ضد الصواريخ
البث عن بعد
التطبيقات العسكرية في أنظمة الليزر
العلاقة بالزمن والقدرة
استخدام الرقائق المعدنية لخداع الصواريخ
توزيع محطات التنصت
تطبيقات الحيز الكهرومغناطيسي
تفصيل نظام الحماية الذاتية
خداع الصواريخ الموجهة
خداع الصواريخ سام ـ 7
حيز الطيف الكهرومغناطيسي
سيناريو المهمة التدميرية
كابينة طاقم التشغيل للطائرة E-2C
عملية خليج سرت
عناصر الاستطلاع اللاسلكي




المبحث الثامن عشر

المبحث التاسع عشر

أنظمة الحرب الإلكترونية في القوات البرية والبحرية والدفاع الجوى

الحرب الإلكترونية بالمفهوم العسكري هي الاستعمال الحربي للحقل الكهرومغناطيسي، للتعرف على أعمال البث الكهرومغناطيسي، واعتراضها، واستخدام هذه الطاقة للتشويش على أنظمة العدو الإلكترونية. وهى إحدى صور الصراع المسلح التي تهدف في النهاية إلى خلق الظروف المناسبة للقوات المسلحة، لتحقيق النصر من خلال استخدام الطاقة الكهرومغناطيسية لغرض تقليل، واستغلال، وتخفيض، أو منع أي استخدام معادٍ لمجال الطيف الكهرومغناطيسي، مع المحافظة على استخدامه بفعالية من جانب القوات الصديقة.

وفى الحرب الإلكترونية يحاول كل طرف أن يعرف كل ما يمكن من معلومات عن المعدات الإلكترونية للخصم، ويحاول، في الوقت ذاته، حرمان الخصم من الوصول إلى معلومات من هذا القبيل عن القوات الصديقة، وذلك من خلال العديد من الإجراءات المضادة، والتدابير المضادة للإجراءات المضادة. فالحرب الإلكترونية كانت، ومازالت، تتعلق بالسيطرة على المجال الكهرومغناطيسي في وقت الحرب، حتى تستطيع القوات الصديقة معرفة العدو بصورة أفضل.

وتعمل وسائل الحرب الإلكترونية على اكتشاف التهديد، وتنفيذ إجراءات الإعاقة الإلكترونية لإرباك المقذوفات المهاجمة، وذلك باكتشاف وتصنيف مصادر التهديد من مسافات بعيدة. وفى حالة عدم وجود إنذار مبكر محمول جوا، فإن وسائل الحرب الإلكترونية تحقق الحصول على إنذار مبكر بالهجوم.

والمشكلة الرئيسية لوسائط الحرب الإلكترونية المضادة هي اللحاق المستمر، والاستباق إذا أمكن، بتنامي "ذكاء" النظم الصاروخية الهجومية، التي تتمتع بالمناورة والسرعة والدقة، مع توجيه بالليزر، أو بالأشعة تحت الحمراء، وأنساق جديدة من المستشعرات، قادرة على التعرف، في أحيان كثيرة، على أنماط التشويش المضاد.

أصبحت مجالات الحرب الإلكترونية تتسع عملياً لجميع مقومات التكنولوجيا الحديثة، ذات الطابع العسكري، حيث أخذت تتطور بالتدريج أجيال جديدة من الإجراءات الإلكترونية، والإجراءات المضادة، في محيط بالغ الكثافة، ما دفع إلى التسريع في ردود الفعل المناسبة انطلاقا من حسابات بالغة التعقيد.

أولاً: أنظمة الحرب الإلكترونية في القوات البحرية

يمكن القول إن الأنظمة الإلكترونية العاملة في المسرح البحري تتمثل في أجهزة الاتصال اللاسلكي، والميكروويف، للقواعد والتشكيلات البحرية، ورادارات الإنذار وتوجيه النيران بالقطع البحرية، ورادارات تصحيح نيران مدفعية الأسطول، وأجهزة "السونار" SAONAR، وأنظمة الكشف، والتوجيه الكهروبصرية "تليفزيوني، حراري، ليزري، بصري".

وتلعب الحرب الإلكترونية دوراً فعالاً في الدفاع عن السفن الحربية ضد الصواريخ المعادية، بأنواعها المختلفة، وذلك باستخدام الوسائل الإيجابية والسلبية، لمنع الاكتشاف المبكر للوحدات البحرية، وتضليل رادارات التتبع المحمولة بحراً. علاوة على ذلك، ومن باب الإجراءات البديلة أو المكملة، يمكن نثر أجهزة خداعية، هامدة أو نشطة، لعكس الإشعاعات، إلى جانب كميات من العصائف ذات السماكة المحدودة، والمغطاة برقائق معدنية. غير أن نظام الدفاع القريب Close Defense، الذي يتشكل أساسا من مدافع سريعة الطلقات ورادار لتوجيه النيران، يبقى التجهيز الأفضل في مواجهة الصواريخ فائقة السرعة، المنطلقة باتجاه السفن.

ويعطى الرادار المحمول على منصة جوية تصوراً مسبقاً للقطاع الذي قد تنطلق منه التهديدات المفترضة؛ فتولي أنظمة الدعم الإلكتروني Electronic Support Measures: ESM إجراء التحليل الفوري والشامل، ما يمهد لعملية الرد، ذلك أن المعطيات التي توفرها هذه الأنظمة ذات فائدة لا مثيل لها، نظرا لقدرتها على إجراء قياسات لحظية لنطاقات التردد، ومعدل تكرار النبضات.

إن إغراق المدمرة البريطانية "شيفلد "Sheffield بواسطة صاروخ جو/ بحر طراز "اكزوسيت" Exocet، خلال حرب الفوكلاند Falklands (في الفترة 2 أبريل – 14 يونيه 1982 بين المملكة المتحدة والأرجنتين) قد يكون المنبه الأساسي لضرورة إعادة تقييم، لم تكن مطروحة في وقت سابق، بمدى قصور الأنظمة المضادة، في الكشف عن خطر صاروخي محدق، كان عنصر التفوق فيه آنذاك، أنه ماسح لسطح البحر، ولا يقع ضمن مجال الكشف الراداري. وقد مهدت هذه الحادثة للعمل على إبراز العيوب، ما أدى تدريجياً إلى التسريع في تطوير أنظمة مساعدة، مثل العصائف ووسائل الخداع، وتحويل المسارات الصاروخية عن أهدافها.

ومنذ ذلك الحين، تعززت التقنية الصاروخية، وأصبحت أبعد مدى، وأكثر دقة، وأشد فعالية في الدفع والاختراق معا. ولا يعني ذلك، بالضرورة، أن الوسائط والإجراءات المضادة كانت غير ملائمة بالمفهوم العام لخوض معركة الرد على الصواريخ فئة جو/ سطح، إلا أنها في الواقع، لم تكن مصممة بصورة متكاملة للقيام بالرد المناسب، في الوقت المناسب، على هذا النوع من التهديدات ذات الطابع المفاجئ.

وليس هناك من خيار محدد حاسم يكفي بمفرده لدرء الأخطار المدمرة للصواريخ فائقة السرعة، الماسحة لسطح البحر، والمستهدفة لكافة أنواع السفن، بما فيها الغواصات والفرقاطات. وانطلاقا من ذلك، أخذت تتشكل تدريجيا مستويات من الحماية، تنطلق من التحذير والتنبيه، وتصب في لائحة من التطبيقات التكتيكية، حسب طبيعة التهديد النوعي للأنظمة الصاروخية. ومع ذلك، لا يبدو، حتى الآن، أن هناك تقنية مضمونة تماماً، شأنها توفير الأمان البحري، ووضع السفن بمنأى عن كل مفاجأة.

والسيناريو المقترح والمستند إلى أحدث التقنيات القائمة، يدمج عدة طبقات قابلة للتفعيل جزئيا، أو كليا، حسب المناسبات، ووضعيات السفن، ودرجات الحماية. وبمعنى آخر، فإن المقصود بالدرجة الأولى، هو نظام دفاعي، مصمم للرد التلقائي، ولتوفير نسبة مرتفعة من الأمان، ابتداء بالرادار المحمول جوا، وانتهاء بإجراءات الدعم الإلكتروني، مروراً بأجهزة المستشعرات الرادارية. ويتماشى هذا أيضا مع نشر العصائف والشهب، خاصة من خلال تفعيل نظام الدفاع القريب في المرحلة الأخيرة.

ولزيادة فعالية مواجهة الصواريخ، طورت أنظمة تشويش إلكترونية تطلق من على الكتف، وأنظمة خداع مقطورة. وتحمل السفن الحربية على اختلاف أنواعها، لاسيما الكبرى منها، على متنها سلسلة من أنظمة الدعم الإلكتروني والأنظمة المعاكسة.

وهناك مشكلة مواجهة الصواريخ الهجومية متعددة المهام، المندفعة في اتجاهات مختلفة. ومن هنا كان الاعتماد التدريجي على ظاهرة الخفاء في بناء السفن الحربية. والمعروف أن هذه الصفة، حتى عهد قريب، كانت تميز سلاح الغواصات، المصمم للرسو في الأعماق، وتأمين أقل درجة ممكنة من الضجيج، مع التمتع بأدنى بصمة رادارية ممكنة. والملاحظ أن هذه التقنية، أخذت تشمل، بدرجات متفاوتة، سفناً سطحية، مثل الفرقاطات والمدمرات، والى حد ما، طرازات من السفن السريعة الهجومية. وتؤكد الدراسات، من جهة أخرى، على الاستمرار في هذه التقنية وتطويرها، سواء من خلال الطلاء المناسب، أو اللجوء إلى المواد المركبة، إضافة إلى تكثيف الدمج بين الأنظمة، وتطوير أجيال جديدة من المستشعرات المقطورة لغايات دفاعية.

ولتعزيز قدرة الرد في إطار حماية السفن، يواصل الأخصائيون دراسة أفضل السبل لتجنب استهدافها من خلال إعطاء أفضلية متزايدة لرادارات الإنذار المبكر، ومستقبلات التحذير من الأشعة الرادارية. ويبدو أن إمكانات تعرض السفن لإصابات مباشرة من الأنظمة الصاروخية الماسحة، أصبحت أقل مما كانت عليه خلال حقبة الحرب الباردة.

والمعطيات التكنولوجية الأساسية، لم تتبدل بصورة ملحوظة منذ إرساء المفاهيم الجديدة في الرد على التهديدات الصاروخية، سواء كانت تستهدف القطع البحرية أو غيرها من الأسلحة البرية أو الجوية. وما تجوز مراعاته في المقام الأول، عدم النظر إلى الأنظمة المضادة كأدوات مكملة أو ثانوية، بل كعنصر أساسي يكمن في آلية تصميم السفن وتحسينها.

إن سفن السطح تحتاج إلى التحرك بسرعة عالية، ومن ثم، فإن محركاتها ذات الطاقة الكبيرة؛ إضافة إلى المراوح التي تدور بسرعة عالية، وموج البحر، تحدث ضجيجاً يساعد على تعيين هوية وصفة القطعة البحرية. وتسمح بعض التقنيات بالحد من مستوى هذا الضجيج؛ فالمحركات، وغيرها من الآلات، هي مصدر الضجيج والاهتزازات، فتركب على قواعد ماصة للاهتزازات. وللتخفيف من الضجيج الناجم عن المراوح، فإنها تصمم بشكل انسيابي.

1. أنظمة الإعاقة

تنفذ أعمال الإعاقة الإيجابية الضوضائية المتزامنة على فترات قصيرة ومتقطعة (40 – 100 مللي ثانية)، ما يحرم العدو من ميزة الاكتشاف المبكر، نظرا لفعالية هذا الأسلوب ضد رادارات البحث والتتبع. وقد تستخدم إعاقة نبضية، بإرسال نبضات متزامنة مع النبضات الرادارية، لتغطيتها.

وتركز الشركات الأساسية المنتجة لهوائيات أنظمة التشويش المعدة للسفن، على الأنظمة القابلة للتوجيه، نظراً لفعاليتها المتزايدة في التصدي للصواريخ المهاجمة، ذات السرعات العالية. والملاحظ، مثلاً، بعد استعمال واسع لعوامات مقطورة بالغة التجهيز وموضوعة على مسافات بعيدة نسبيا من السفن المطلوب حمايتها، اللجوء إلى أنظمة تنطلق بواسطة القذائف، أو تدفعها محركات نفاثة، بحيث تتخذ موقع الوسط بين السفينة الهدف والصاروخ المهاجم.

ويعد تكتيك التشويش في صلب العملية برمتها؛ لأن الكشف عن نقطة القوة في النظام المهاجم، قد لا تكفي لمنع الصاروخ من إصابة الهدف البحري المعين. كما كانت الغاية من عملية التشويش هي تعطيل، أو خداع مستشعرات البحث عن الأهداف قبل الانقضاض عليها، فإن الجديد يتضمن إقامة حاجز تشويش واسع النطاق، لإغراق دوائر المعالجة، أو إرباكها في مستشعرات الأنظمة المهاجمة.

ومع ذلك، فان هناك عاملاً إضافياً أو مكملاً، يلعب دوراً أساسياً، ويتمثل في نشر أجهزة تشويش لردع الصواريخ المهاجمة، وجعلها تحيد عن وجهتها الأصلية، وهو ما يعرف بالتضليل، على الرغم من الدقة المتزايدة في التصويب، التي تتمتع بها الأنظمة الصاروخية الحديثة، أو التي هي قيد التطوير. ويتماشى هذا، أيضا، مع نشر العصائف والشهب، خاصة من خلال تفعيل نظام الدفاع القريب في المرحلة الأخيرة.

وتتطلب، في المقابل، مواجهة الأنظمة الصاروخية العاملة بالترددات القافزة Hoping Frequencies إجراءات إضافية مضادة. ومن هنا، تبرز الضرورة الملحة في أن تكون وسائط الدعم الإلكتروني المعدلة، قادرة على اللحاق بالتغيرات في الترددات، على أن يوفر جهاز التشويش مواكبة تلقائية بالسرعة نفسها لمعدلات التكرار النبضية، لاسيما وأن الصواريخ المهاجمة المصنفة بـ "الذكية" تستشعر بالإجمال، وعلى مستويات مختلفة، حركية الإجراءات المضادة.

ومن بين التقنيات الأكثر تطوراً، المعتمدة في مجال التشويش، التوصل إلى بث إشارات عاكسة للتأثير على مجالات التردد الواقعية، بحيث تعطي معلومات خاطئة عن مدى الهدف المعرض للهجوم. وفي المنحى نفسه، يجب التعامل بمرونة وذكاء مع الأنظمة الخادعة القابلة للنفخ، وذات البصمة الرادارية المعادلة للبصمة الرادارية للسفينة.

2. أنظمة نشر العصائف

تتمثل أعمال الإعاقة السلبية في استخدام العصائف المعدنية Chaff لإعاقة تحديد الهدف الحقيقي، وإضاعة الوقت في البحث؛ وكذلك تُستخدم سحابات مركزية ضد رادارات البحث الذاتية للصواريخ المهاجمة، خاصة عند بدء مرحلة التتبع الآلي للهدف. وتطلق السحابات على مسافة قريبة من القطعة البحرية، لكي تظهر السفينة لرادار البحث الذاتي للصاروخ وكأنها تضخمت، وبأقصى سرعة ممكنة تخرج السفينة من هذه السحابة.

أثبتت العصائف الخداعية المكثفة فعاليتها كحاجز فاصل بين الصاروخ المهاجم والسفينة. ويمكن نشر هذه العصائف بواسطة الدفع الصاروخي لمسافات بعيدة، أو بواسطة قذائف الهاون، وتقنيات الهواء المضغوط للمسافات الأقرب. ومن المستحسن لمواجهة هجوم صاروخي، استخدام كافة وسائل الخداع والإجراءات المعاكسة، بما فيها الوسائل المولدة للأشعة تحت الحمراء ولأشعة الليزر.

ويمكن إطلاق العصائف بطرق عديدة، ابتداء بالقذائف الصاروخية، وانتهاء بالهاون، مرورا بالقواذف التي تعمل بالهواء المضغوط. وتستخدم القذائف لنثر الشهب الخادعة، الموجهة بالأشعة تحت الحمراء، بهدف تضليل الصواريخ التي تجذبها الحرارة. ويتطلب النشر المزدوج للشهب والعصائف معاً، بشكل مسبق، تقييماً دقيقاً للمحيط التكتيكي، بما في ذلك سرعة الرياح، والتيارات المائية، إضافة إلى حركية السفن المطلوب حمايتها.

ومن بين التقنيات الأكثر تطوراً المعتمدة في مجال التشويش، النثر الذكي للعصائف داخل المجال الواقع بين الأهداف البحرية والصواريخ المهاجمة. وهذا لا يتعارض مع العصائف المصممة لأغراض التضليل، والتي تأخذ شكل غيوم خداعية، تتساوى في حجمها "الوهمي" مع حجم الأهداف الفعلية.

3. الحرب الإلكترونية تحت الماء

تتوقف فاعلية الغواصات على قدراتها على البقاء تحت الماء لفترات طويلة دون اكتشاف، بينما هي تنفذ مهامها من بحث وتتبع ومهاجمة من تحت سطح الماء. ولاكتشاف الغواصات المعادية وتحديد أماكنها تستخدم إجراءات إيجابية، مثل أجهزة السونار Sonar، وأخرى سلبية. ولا تستخدم الموجات الكهرومغناطيسية في حيز الميكروويف في الكشف عن الغواصات، نظراً لحدوث اضمحلال كبير لها عند انتشارها تحت الماء. كما أن الموجات الكهرومغناطيسية في الحيز الضوئي، أو حيز الأشعة الحمراء، أو ذات الطول الموجي الأقل، لا تنتشر تحت الماء لمسافات بعيدة، خلافاً للموجات في الحيز السمعي، التي تنتشر لمسافات بعيدة تحت الماء، على الرغم من أن سرعة انتشارها أقل من سرعة انتشار الموجات الكهرومغناطيسية؛ ولذلك، يكون الاعتماد على الصوت لتتبع الغواصات، ولتحقيق الاتصالات، وفي أعمال الملاحة التي تجري تحت الماء.

وتعتمد المستشعرات الصوتية السلبية، التي تُستخدم في الكشف عن الغواصات، على استقبال الضوضاء التي تنتج من اضطراب حركة الماء، التي تحدث عند مقدمة الغواصة، ومن حركة الأجزاء الميكانيكية للآلات والمراوح، ومن أصوات المحركات، كما تنتج الضوضاء، كذلك، عندما يكون هناك فرق في السرعة النسبية بين حركة الغواصة وحركة الماء المحيط. وتزداد هذه الضوضاء كلما زادت سرعة الغواصة، وكانت غير منتظمة الشكل. والضوضاء الناتجة في هذه الحالة تكون في الحيز فوق السمعي (فوق 20 كيلوهرتز). وللتقليل من احتمال اكتشاف الغواصات، يلزم خفض هذه الضوضاء باستخدام المواد العازلة، بين الأجزاء المتحركة.

4. أشهر أنظمة الحرب الإلكترونية البحرية

أ. تنتج شركة فرنسية أنظمة "فيجل"Vigile لإجراءات الدعم الإلكتروني، والمتضمنة لنظامي Vigile 200 وVigile 400. وقد طوّرت هذه الأنظمة لمراقبة وقياس وتحليل الإشارات الكهرومغناطيسية، مؤمنة لأطقم السفن وظيفة التحذير المبكر، وقدرة إدراك الوضع الميداني، ووظائف استخبارات الإشارة في المحيط المفتوح، كما في البيئة الساحلية المكتظة. وقد صممت هذه الأنظمة في الأصل تجاوباً مع التزايد المطرد لكثافة أجهزة الإرسال الإلكترونية وتعقيداتها في البيئة العملياتية البحرية الحديثة، وهى مدمجة بالكامل في نظام القتال، وتلعب دوراً حيوياً في منصات الحماية الذاتية وإدراك الوضع الميداني، وقدرات استخبارات الإشارة.

إن نظام Vigile 200 يوفر تغطية ممتازة للمراقبة، فيما يمتلك نظام Vigile 400 الأداء الأعلى مستوى. وتجدر الإشارة إلى أن عائلة أنظمة "فيجيل" Vigile مجهزة على متن سفن القتال والغواصات، في أكثر من 25 بلداً، ويتوافر منها طرازات برية ومحمولة جواً. وقد بُنيت على أساس هندسة تضمينية، تتضمن نظام هوائي ووحدات استقبال الإشارات ومعالجتها، إضافة إلى كونصول لشاشات العرض الخاصة بالمشغل.

ب. نظام الحرب الإلكترونية البحري طراز AN/SLQ-32، وهو النظام الأساسي لدى البحرية الأمريكية منذ عام 2007. وقد أنتج في خمسة طرازات، هي: (V)1 و(V)2 و(V)3 و(V)4 و(V)5. أما الطراز SLQ-32(V)1 فهو مستقبل راداري، يستقبل الموجات التي تستخدمها الصواريخ والطائرات، وقد رُكّب على السفن الصغيرة والفرقاطات.

والطراز SLQ-32(V)2 هو الأكثر شيوعا، إذ أضيفت إليه قدرة استقبال الإشارات الرادارية لأنظمة الكشف والاستهداف، ورُكّب على الفرقاطات والمدمرات، وسفن الحراسة. ويتميز الطراز SLQ-32(V)3 عن سابقه بإمكانية تنفيذ الإعاقة الرادارية الايجابية، وقد رُكب على البوارج والقطع الحربية الكبيرة. وصمم الطراز SLQ-32(V)4 ليستخدم على حاملات الطائرات، ويتكون من نظامين طراز SLQ-32(V)3، ويركب كل نظام على أحد جوانب الحاملة، وهما متصلان بكونصول وكمبيوتر مركزي. والطراز SLQ-32(V)5 هو تحسين للطراز SLQ-32(V)3، من خلال زيادة إمكانية الإعاقة الإيجابية.

وجميع طرازات النظام SLQ-32، باستثناء الطراز (V)4، تتواءم مع نظام إطلاق العصائفMK36 (أنظر صورة نظام إطلاق العصائف MK36). ويعتمد عدد منصات إطلاق النظام على كل سفينة على حجم السفينة، ويتراوح ذلك بين منصتين على السفن الصغيرة، وعشر منصات على حاملات الطائرات. ومنذ أوائل تسعينيات القرن العشرين، بدأت عملية تحديث الأنظمة (V)1 إلى الأنظمة (V)2، وتحديث الأنظمة (V)2 إلى الأنظمة (V)3.

ج. طورت شركات أمريكية وأسترالية الشرك الخداعي "نولكا" Nulka (أنظر صورة الشرك الخداعي Nulka) المستخدم لدى العديد من البحريات، وهو مقذوف صاروخي نشط داخل حاوية، ومصمم لخداع الصواريخ المضادة للسفن، واجتذابها بعيداً عن الهدف.

ثانياً: أنظمة الحرب الإلكترونية في الدفاع الجوى

في كل مرة وقعت فيها حرب جوية، كان الخصوم يتعلمون طرقاً جديدة لمواجهة أساليب الحرب الإلكترونية، ويتغلبون عليها. ونتيجة لذلك، كان من المهم للعسكريين أن يوفروا إستراتيجية حرب إلكترونية، متعددة الطبقات، للمحافظة على التفوق العسكري. وكان العسكريون، منذ بدء استخدام الطائرات العسكرية، يعتقدون أن السبب الرئيسي الذي سيجعل الطائرات الهجومية تحدث ثورة في عالم الحروب، هو استحالة مراقبة جميع الخطوط المحتملة التي ستسلكها هذه الطائرات للاقتراب من أهدافها المحددة؛ ولكن اختراع الرادار عشية الحرب العالمية الثانية، كان سببا في حرمان القوة الجوية من إحداث هذه الثورة. ومنذ ذلك الوقت، كان من الواضح للمخططين العسكريين أن نجاح الحملات الجوية يعتمد على إعاقة وقمع المستشعرات الدفاعية المعادية، خاصة المستشعرات الرادارية.

تعتمد أنظمة الدفاع الجوي في عملها على أجهزة الرادار، سواء لأغراض الإنذار المبكر، أو لتتبع الأهداف والتعرف عليها وتمييزها (صديق/ معادي)، أو لتوجيه الصواريخ نحو أهدافها. وقد تطورت تقنيات الحرب الإلكترونية للقوات الجوية لتحد من إمكانيات هذه الرادارات، التي لا تستطيع أن تواجه هذا التحدي بمفردها إلا بعد أن تعتمد هي الأخرى على تقنيات الحرب الإلكترونية. وهذا يعني أن الصراع بين القوات الجوية والدفاع الجوي تحول إلي مواجهة بين تقنيات الحرب الإلكترونية، لكلا الطرفين.

شهدت منظومات الدفاع الجوى في السنوات الأخيرة تطورات شاملة، في مجالات معدات الكشف الراداري، واستخدام أنواع متطورة من الصواريخ، إضافة إلى تطوير أنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات. وزاد كل ذلك من المخاطر التي تتعرض لها الطائرات العسكرية، بجميع أنواعها، أثناء أدائها لمهامها.

ويمثل تطور تقنيات التسليح في عدة مجالات تهديداً خطيراً لهذه الرادارات، بما يؤثر من ثم على قدرات الدفاع الجوي في مواجهة القوات الجوية المهاجمة. وتتمثل هذه التهديدات في وسائل الإعاقة المحمولة جواً، وتطور تقنيات التخفي، الذي يؤدي إلى تقليل البصمة الرادارية للهدف الجوى، وتطوير الصواريخ المضادة للإشعاع الراداري، والطيران على الارتفاعات المنخفضة.

في الفترة من عام 1945 إلى عام 1960، استُخدم الرادار في كشف الطائرات وتوجيه المقاتلات والأسلحة. وأما الإعاقة المحمولة جوا بطائرات القتال، فكانت في شكل إعاقة ضوضائية غلالية (على حيز عريض من الترددات)، إضافة إلى الإعاقة السلبية باستخدام العصائف المعدنية Chaff. وقد نجحت هذه الوسائل في تحييد دور الرادار، نظراً لارتفاع مستوى الفصوص الجانبية Sidelobes والخلفية للنموذج الإشعاعي Radiation Pattern لهوائي الرادار، ما أدى إلى ظهور قطاعات مضيئة كبيرة على مبينات الرادار، أدت إلى إخفاء مكان واتجاه الطائرات.

وخلال فترة منتصف ستينيات القرن العشرين، ازداد دور الرادار في منظومة الدفاع الجوى. وظهرت أنظمة الصواريخ الموجهة راداريا، واتجهت أنظمة الإعاقة خلال هذه الفترة إلى الهجوم الإلكتروني على أضعف الوصلات في منظومة توجيه الصواريخ، والمتمثلة في نظام توجيه الصاروخ في المرحلة النهائية للطيران. ونجحت أنظمة الإعاقة المحمولة جوا المستخدمة في الحماية الذاتية في تقليل فاعلية نظام التوجيه، باستخدام أساليب الإعاقة النبضية، والإعاقة الضوضائية، من خلال إرسال إشارات إعاقة.

وخلال الفترة من 1970 وحتى منتصف الثمانينات، ازدادت قدرات الرادار، وذلك باستخدام أساليب لمقاومة الأعمال الإلكترونية المضادة في نظام التوجيه والتحكم، شملت تغيير التردد النبضي، ورشاقة التردد الحامل. وأدى ذلك إلى تطوير أنظمة الإعاقة، ما ساعد على تطوير أساليب معالجة الإشارات الرادارية المستقبلة، وتحليلها، وإدخال تعديلات معقدة عليها، وإعادة إرسالها إلى الرادار، ومن ثم، زيادة فاعلية أعمال الإعاقة الخداعية الإيجابية. وكانت أبرز المصاعب لأنظمة الإعاقة خلال هذه الفترة، هي عدم إمكانية توليد قدرات إعاقة عالية، نظراً لمصاعب تبريد المرسلات والاعتمادية المنخفضة لها.

واستمرت أعمال التطوير في تكنولوجيا المرسلات، وبدأ ظهور مستودعات الحماية الذاتية بطائرات القتال للتغلب على مصاعب تبريد المرسلات، وتحقيق قدرات أعلى في توفير الحماية الذاتية للطائرات، مع إمكانية تركيب المستودع بأكثر من نوع من الطائرات، بدلا من استخدام مستودع داخلي بكل طائرة، مع الأخذ في الحسبان أن استخدام المستودعات المعلقة يؤثر على قدرات الطائرة، من حيث مدى العمل، ونوع التسليح، والتأثير على مجال الرؤية لنظام الإعاقة بالطائرات، لوجود المستودع تحت جسم الطائرة، أو تحت الأجنحة.

وخلال فترة منتصف الثمانينات، حدث تطور ملحوظ في أنظمة توجيه الصواريخ، والذي حقق دقة عالية في تحديد الاتجاه، ومقاومة عالية لأعمال الإعاقة. وتكامل هذا النظام مع التطور في الأنظمة الملاحية للصاروخ، ما أدى إلى كفاءة عالية للصواريخ في اعتراض الطائرات. وانعكست هذه التطورات على أنظمة الإعاقة، ما أدى إلى ظهور أساليب حديثة للإعاقة على أنظمة التتبع والتوجيه. وأنتجت مرسلات بقدرات عالية، واستخدمت بكفاءة، ولكن استمرت المصاعب في التعامل مع الصواريخ، التي لها القدرة على التوجيه على مصدر الإعاقة وتدميره. وبدأ ظهور ما يسمى بـ"الإعاقة المتبددة"، التي تطلق من الطائرة، ولا يمكن استعادتها مرة ثانية. وحققت هذه التكنولوجيا نجاحات ضد أنظمة التتبع وجذب الصواريخ بعيدا عن الطائرة، مع إدخال تعديلات في وسائل الإعاقة المتبددة لضبط التغير في التردد لحظة الابتعاد عن الطائرة.

وفي السنوات الأولى لاستخدام أساليب الحرب الإلكترونية، اشتمل تعطيل مفعول دفاعات العدو الجوية على أساليب بسيطة، مثل الطيران المنخفض تحت أفق الرادارات، أو نثر العصائف المعدنية، في الأجواء؛ ولكن خلال الحرب الباردة، أصبحت الحرب الإلكترونية مهمة معقدة، تقضي إسكات دفاعات العدو، باستخدام مهارات ومعدات متطورة، إلى حد كبير. وتمثل السبب الرئيسي الذي جعل الحرب الإلكترونية أكثر تعقيداً، في تعلم المدافعين كيف يتكيفون مع استراتيجيات الحرب الإلكترونية المختلفة، التي يشنها المهاجم. فقد أصبحت رادارات الدفاع الجوى أكثر قدرة على العمل في جو مكثف بالأعمال الإلكترونية، كما أضحت شبكات القيادة والسيطرة أكثر استجابة ومرونة، وكذلك صواريخ الدفاع الجوى أكثر "ذكاء".

وتعمل الرادارات الحديثة على تغيير التردد لمقاومة الأعمال الإلكترونية المضادة، وتستخدم المسح الإلكتروني مع توافر المشغلات الدقيقة Microprocessors، لتحليل الكم الهائل من المعلومات، وتتبع أكثر من هدف في وقت واحد. وأصبح تحليل معلومات المستشعرات المختلفة من المهام المعقدة، خاصة عندما تعمل هذه المستشعرات في ظروف الإعاقة الإلكترونية.

وللنجاة من أنظمة الدفاع الجوي المتطورة، يركن الطيارون إلى تكتيكات وعنصر المفاجأة والحرب الإلكترونية. ومع أن إخماد دفاعات العدو الجوية ليس عنصرا أساسيا من عناصر الحرب الإلكترونية، فإنه عامل حاسم من عوامل نجاح مهمة القتال الجوي، وخصوصاً في بيئة خطرة، بعد أن شهدت أسلحة الدفاع الجوى تطورا شاملا في مجالات الكشف الراداري والليزري واستخدام أنواع متطورة من الصواريخ، وإضافة إلى تطوير أنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات. وزاد كل ذلك من المخاطر التي تتعرض لها الطائرات العسكرية، بجميع أنواعها، أثناء أدائها لمهامها، ما أصبح يحتم ضرورة تطوير معدات وأنظمة الحرب الإلكترونية الجوية لضمان بقاء الطائرات في الجو، ونجاحها في أداء المهام المكلفة بها، وسط الجو الالكتروني المشبع.

وتعتمد إحدى التقنيات المستخدمة في التشويش على رادارات الدفاع الجوي، على تسجيل بث هذه الرادارات وتكرار هذا البث؛ ولكن الرادارات الحديثة مبرمجة لكشف محاولات التشويش، ويمكنها، عندئذ، الانتقال إلى أسلوب ملاحقة التشويش.

تعد العصائف Chaff والمشاعل الحرارية Flares، وسيلتي خداع سلبيتين، وتستخدمان كإجراءات مضادة إلكترونية سلبية منخفضة التكلفة ومجربة، بحيث يمكنها، حين تنشر بصورة فعالة، أن تحمي الطائرة من صواريخ موجهة بالرادار، أو صواريخ موجهة بالأشعة تحت الحمراء. وعلى الرغم من أن العصائف زهيدة التكلفة ومجربة، فان لها عيوبها، ومنها أنها لا تحمي سوى الطائرة التي تنشرها، وأنها تبطئ حركتها، وتبدأ بالتشتت بعد ثوان قليلة من إطلاقها. ونتيجة لذلك، تتمكن بعض أجهزة الرادار المتطورة من التفريق بين سحب العصائف والهدف الحقيقي. إلا أن السرعة الأولية العالية للعصائف تستطيع إرباك أنظمة إدارة النيران، ورادارات الصواريخ، وأجهزة الاستشعار في الرأس الحربي للصاروخ. وقد نشرت طائرات أمريكية عصائف من موزعات ضخمة، وأسقطت قنابل عصائف خلال حرب فيتنام، لإنشاء سحب واسعة، بما يكفي لتعطيل رادارات المراقبة والتعقب الخاصة بالصواريخ "سام-2" SAM-2.

وعلى سبيل المثال، فان تجهيزات المقاتلة F-16C/D من الإجراءات الإلكترونية المضادة، تتضمن العصائف المعدنية والمشاعل الحرارية، التي يمكن تنشيطها يدوياً، أو بواسطة نظام تحذير راداري. وقبل بدء المهمة، يبرمج الناثر كي يطلق كميات محددة من العصائف أو المشاعل الحرارية، إما يدوياً أو آلياً. وبعض الناثرات تستطيع حمل كمية كبيرة من العصائف والمشاعل الحرارية وإطلاقها من أبراج أو من حاوية.

ومن المعروف أن مقاومة جهاز الرادار للإعاقة تقل، كلما زادت القدرة المشعة الفعالة لجهاز الإعاقة. ولذلك، سيكون من الصعب علي هذه الرادارات مواجهة تطور الطائرات المجهزة للإعاقة ذات القدرة المشعة الفعالة جدا. وستكون الطائرات قادرة على استخدام هوائيات حديثة، توفر المسح الالكتروني للشعاع لمساحات واسعة باستخدام شعاع ضيق، مع استخدام عدة عناصر للإرسال تزيد من القدرة المشعة، لتصبح أضعاف القدرة الحالية عشرات المرات. وستزداد فاعلية الإعاقة المحمولة جوا إلى حوالي أربعة أضعاف القيمة الحالية، بسبب زيادة القدرة المشعة الفعالة.

إن مساحة المقطع الراداري للطائرة القاذفة الإستراتيجية الأمريكية طراز B-52، تعادل عشرة أمتار مربعة؛ ولكن مساحة المقطع الراداري للقاذفة الإستراتيجية طراز B-1B تعادل ما يقل عن متر مربع واحد. وهذا التغير الكبير يعني في مجال الرادار أن احتمال كشف الطائرة B-1B بواسطة الرادار نفسه، يعادل عُشر احتمال اكتشاف الطائرة B-52، وقد تحقق ذلك نتيجة تطور تقنيات التخفي، التي تعتمد على تصميم خاص لشكل السطح الخارجي للطائرة الحديثة، بما يقلل انعكاسات الأشعة الرادارية، مع إضافة مواد ماصة لهذه الأشعة.

وستتعرض الرادارات لمشكلة صعبة، وهى تقليل مساحة المقطع الراداري للقاذفات بأكثر من 100 مرة عن القيمة الحالية، وسيؤثر ذلك –من ثم- على تقليل مدى الكشف. وربما يكون الحل هو تطوير أجهزة الرادار بزيادة قدرة الإرسال، وزيادة حساسية المستقبل. ولكن زيادة قدرة الإرسال تزيد من تهديد الصواريخ المضادة للأشعة، وكذلك، فان زيادة حساسية المستقبل تسهل إعاقته بفاعلية أكبر.

وهكذا، فان التقنيات التي جعلت التهديد أكثر خطورة و"ذكاء"، سوف تستخدم هي نفسها لتطوير الإجراءات المضادة لهذه التهديدات. وسيؤدى ذلك إلى تزويد معدات الحرب الإلكترونية بوحدات تحليل تستقبل المعلومات من أجهزة الرادار ومستشعرات الليزر، وكذلك مستشعرات الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية، ثم تُستخدم هذه المعلومات، مع تكتيكات التهديدات وخواصها المعروفة، في تقدير الموقف وتحديد رد الفعل المناسب.

وقد زودت الرادارات الحديثة بأنظمة لمقاومة الإعاقة، تسمى "بالإجراءات المضادة للإجراءات الإلكترونية المضادة"، مثل أنظمة هوائيات المصفوفات، ودوائر خاصة لتحسين أداء مستقبل الرادار أثناء وجود الإعاقة الايجابية أو السلبية. وقد تنجح هذه الوسائل في مقاومة الإعاقة في بعض الحالات، حسب مواصفات كل من جهاز الإعاقة وجهاز الرادار، والمسافة بينهما، ومدى الطائرات التي يكتشفها جهاز الرادار.

ويتألف الجيل الحالي لأنظمة الحماية الرادارية من مستشعرات حساسة للغاية، تستطيع كشف مختلف الصواريخ الموجهة رادارياً، أو المجهزة برؤوس باحثة، وحتى تلك الصواريخ التي توجه بطاقة رادارية منخفضة، أو تعمل ضمن حقل ضيق.

أما مشوشات الرادار الإيجابية فتحدث –عادة- ضجيجاً أو خداعا؛ فأجهزة الضجيج تولد إشارات تؤدي إلى تعطيل شاشات الرادار، أما أجهزة الخداع فتعطي الرادارات معلومات خاطئة. ويذكر أن مشوشات الخداع هي الأفضل، لأنها لا تنبه عامل الرادار إلى التشويش إلا متأخراً.

وتجرى الأبحاث لتحصين الرادارات الحديثة بقدرات إلكترونية مضادة، للتمييز بين ما هو حقيقي وما هو مزيف، ولاكتشاف الإشارات الخداعية مبكرا. وتحاول أنظمة المشوشات الرادارية تطوير قدرات التشويش على الرادارات الحديثة، بعدما غدت تهديدات الدفاع الجوي أكثر فتكا وذكاء من الأجيال السابقة، ما استدعى مواجهة هذه التهديدات المتقدمة، بإجراءات مضادة أكثر تقدماً للتغلب عليها.

وسوف تعتمد إستراتيجيات الإعاقة الرادارية الإيجابية الحديثة، بشكل كبير، على استخدام الإجراءات المضادة، التي تعمل في حيز الطيف الكهرومغناطيسي للموجات الرادارية بالكامل، حيث تشمل هذه الإجراءات مقاومة المقذوفات الموجهة بموجات الميكروويف Microwaves، أو الموجات الميلليمترية.

ونظراً للتطور في بواحث الصواريخ، كان على الشراك الخداعية أن تتوافر لديها القدرة على محاكاة بصمة الطائرة، التي صممت هذه الشراك لحمايتها، وذلك بغرض استنزاف أنظمة الدفاع الجوى وإغرائها بالتعامل مع هذه الأهداف الخداعية، وكذلك مواجهة أنظمة التوجيه الذاتي للصواريخ المهاجمة بإرباكها لشل قدرتها على التتبع، أو للإعاقة على إشارات التوجيه الخاصة بها.

1. الصواريخ المضادة للرادار

يعد استخدام الصواريخ المضادة للإشعاع الراداري والمحمولة جواً، من الأسلحة ذات الفاعلية والكفاءة ضد محطات الرادار الأرضية بمختلف أنواعها. وتعمل هذه الصواريخ طبقا لمفهوم التقاط الإشعاع الراداري الصادر من المصادر الأرضية، عن طريق معدات الإنذار الراداري المركبة بالطائرة، أو عن طريق الرأس الباحثة للصاروخ.

وتبدأ الرأس الباحثة للصاروخ العمل بإحدى طريقتين: الأولى، أن تبدأ الرأس الباحثة في عملية البحث عن الإشعاع المعادي بعد إطلاق الصاروخ من الطائرة بفترة معينة، يكون خلالها الصاروخ قد اقترب مسافة كافية لمنطقة الهدف. والطريقة الثانية أن تبدأ الرأس الباحثة عملها قبل إطلاق الصاروخ من الطائرة. ويتوقف مدى العمل الفعلي للصاروخ على ارتفاع الصاروخ وزاوية الإطلاق.

ومن أشهر الصواريخ المضادة للإشعاع الراداري الصاروخ الأمريكي "شرايك" Shrike، وهو أول طراز من الصواريخ المضادة للإشعاع. ويكون اكتشاف الرادار بواسطة جهاز الاستقبال في الطائرة، ثم يطلق الطيار الصاروخ ليتجه تلقائيا نحو الرادار، متتبعا إشعاعاته، ليصطدم بالهوائي، ويدمره. ويزن الصاروخ "شرايك" 177 كجم، ومداه 12- 16 كم، ويستخدم محركاً صاروخياً يعمل بالوقود الجاف، وتقترب سرعته من سرعة الصوت، وتزن رأسه المدمرة 66 كيلوجراما، ويتكون الصاروخ من أربع وحدات: للتوجيه، والتسليح، والتحكم، والمحرك.

وتستخدم وحدة التوجيه لكشف الهدف والتعرف عليه. وأما وحدة التسليح، فتشتمل على الرأس المدمر شديد الانفجار، ومصهر Fuse التفجير. وتترجم وحدة التحكم أوامر وإشارات التوجيه إلى حركة تحدد خط سير الصاروخ. والمحرك ذو مرحلة واحدة، كما توجد بعض الأنواع المطورة التي تعمل بمحركين. ومن عيوب الجيل الأول من هذه الصواريخ أنها تفقد مصدر التوجيه حال إيقاف عمل الرادار (الهدف)، وكذلك فان إطلاق الصاروخ لابد أن يتم على مسافة لا تزيد عن 16 كم من الهدف.

أما الصاروخ "هارم " HARM فيعد الصاروخ الرئيسي المضاد للإشعاع الراداري في الولايات المتحدة. وهو تطوير للصاروخ "شرايك " والصاروخ "ستاندرد آرم " Standard Arm، وهو مزود بأجهزة آلية ورأس باحث شديد الحساسية يمكنه التعامل مع الفصوص الجانبية لشعاع الرادار، وهو مالا يقدر عليه الصاروخ "شرايك " أو الصاروخ "ستاندرد آرم". وتزيد سرعته عن ضعف سرعة الصوت، ومداه 18- 20 كم، ويزن 360 كجم، وتزن الرأس المدمرة وحدها 66 كجم.

ولمواجهة هجوم الصواريخ راكبة الشعاع، يمكن خداع هذه الصواريخ باستخدام مرسلات خداعية، تكون قادرة على بث إشارات كهرومغناطيسية، تشبه إشارات جهاز الرادار المطلوب حمايته، حيث ترسل هذه المرسلات إشارات زائفة، لها تردد جهاز الرادار نفسه ومعدل التكرار النبضي والمواصفات الأخرى للرادار. ويجب أن يبث المرسل الخداعي المستوى نفسه من القدرة، مثل التي يبثها الرادار.

وعلى سبيل المثال، فان أحد المرسلات الخداعية الأمريكية عبارة عن مرسل راداري صغير، قادر على محاكاة عمل أجهزة الرادار الحديثة بتقنية الرشاقة الترددية Frequency Agility، وتستخدم ثلاث مرسلات خداعية لكي تحمى جهاز رادار واحد. وهذا المرسل الخداعي يمكن أن ينقله شخصان فقط، ويقومان بتركيبه خلال 15 دقيقة.

ويمكن استخدام جهاز إرسال خداعي، رخيص الثمن، يتكون من عاكس راداري سلبي، وعدد من الهوائيات الخداعية، على مسافات آمنة من جهاز الرادار المطلوب حمايته، ويعمل هذا النظام في النطاق الترددي C-Band، وعندما يكتشف صاروخاً موجهاً ضد الرادار، يوقف البث الراداري فورا، ويبدأ عمل هوائي المرسل الخداعي السلبي، ويكون تغذيته من مصدر قدرة بعيد، لكي يكون الهوائي هدفا خداعيا للصاروخ. وقد صمم هذا الهوائي لكي يعمل ويستمر، ولا يتأثر بانفجار الصاروخ بالقرب منه، وذلك باستخدام إطار من الصلب المقوى، وحبال من خيوط النايلون لكي تربط مصفوفة العناصر المشعة. ويُشد الإطار ويثبت في الأرض بأوتاد، بحيث يمكن أن يبقى أثناء انفجار الصاروخ القادم له من أي اتجاه، وتمر معظم الصدمة الناتجة من انفجار الصاروخ خلال الفتحات الموجودة في عاكس الهوائي. وبعد سكون عاصفة الانفجار، يُعاد تثبيت العاكس ويُشد مرة أخرى إلى وضع العمل.

2. دور الحرب الإلكترونية في الدفاع ضد الصواريخ البالسيتية

تعد الحرب الإلكترونية عنصراً مهماً يمكنه التحكم في نجاح مهام الصواريخ البالسيتية، أو فشلها. وتمثل الوسائل المتعددة للحرب الإلكترونية، سواء الإيجابية منها أو السلبية، وسيلة فعالة، تؤثر على كفاءة هذه الصواريخ في إصابة، أو تدمير أهدافها، وأيضا على كفاءة الأنظمة الدفاعية، والوسائل الاعتراضية، في التصدي لهذه الصواريخ، وإحباط عملها.

ويعتمد استخدام أساليب وسائل الحرب الإلكترونية، في معاونة وتأمين مهام الصواريخ البالسيتية أو عرقلة مهامها، على خصائص الصواريخ المستخدمة، من حيث الشكل، ونوع المعدن المستخدم في صناعتها، ونوع القاذف والوقود، ومحركات الدفع. كما تؤثر العوامل الأخرى، مثل: أسلوب التوجيه، وسرعة الصاروخ، والارتفاعات التي يطير عليها، ونوع المسار المستخدم، على الوسائل المستخدمة، وطبيعة استخدامها. وعلى سبيل المثال، فان شكل الصاروخ، ونوع المعدن المستخدم في صناعته يؤثران على الظهور الراداري للصاروخ. ومن ثم، فان هذا التأثير يحدد طبيعة ونوع المستشعرات الرادارية المطلوبة للكشف والتتبع. كما أن الارتفاع الذي يطير عليه الصاروخ، ونوع المسار المستخدم، يحددان اختيار المستشعرات الحرارية، أو الضوئية. ففي مرحلة الدفع Boost Phase، تكون المستشعرات الحرارية، أو الضوئية، والتي تعمل بالأشعة تحت الحمراء، أكثر الوسائل فعالية؛ بينما في مرحلة الطيران المتوسط Midcourse يكون الصاروخ أقل عرضة للكشف بالمستشعرات الحرارية، وتكون الوسائل الضوئية أكثر فعالية.

ومن المشاكل الرئيسية التي تظهر أثناء مرحلة المسار المتوسط للصاروخ الباليستي، هي كيفية إخفاء الصاروخ، بغرض أن تكون مهمة التمييز بين الصاروخ والشراك الخداعية المصاحبة أكثر صعوبة. ومن التكتيكات المستخدمة في هذا الصدد، استخدام البالونات الخفيفة، المغطاة بطبقة رقيقة من الألمونيوم العاكس، ونشرها حول كل من الصاروخ والشراك الخداعية المصاحبة. ويمكن حمل بالونات من هذا النوع ضمن حمولة الصاروخ الأساسية، نظرا لخفة وزنها. ونتيجة لذلك، تصبح عملية تمييز الصاروخ في وسط الشراك الخداعية والبالونات المعدنية المنتشرة حوله صعبة، وغير دقيقة. إلا أن أسلوباً آخر يتبع، أحياناً لتنفيذ عملية الإخفاء، وهو تعديل بصمة الشراك الخداعية لتماثل وتشابه بصمة الصاروخ الباليستي، وذلك من وجهة نظر مختلف أنواع المستشعرات (رادارية - حرارية). ومن الطرق المستخدمة لمواجهة تكتيكات الإخفاء السابق ذكرها، رصد ومراقبة عملية إلقاء الشراك الخداعية، واستخدام وسائل الاكتشاف بأشعة الليزر، وقتما أمكن ذلك.

ويجدر بالذكر، أنه يمكن رصد التغييرات الحادثة في سرعة الصاروخ، والتي تدل على كل من وقت الإلقاء وكتلة الشرك الخداعي الذي أطلق. وهناك تقنيات أخرى يمكن إتباعها للتمييز بين الصاروخ والشراك الخداعية المصاحبة، وذلك برصد الإشعاع الصادر عن كلا الكتلتين، عبر نطاق ترددي عريض بدرجة مناسبة، مع محاولة استنباط قيمة درجة حرارة الكتلة بمعرفة النطاق الطيفي للإشعاع الصادر عنه، ويكون ذلك باستخدام أنظمة معالجة الإشارة. وهذه التقنية تستلزم فترة زمنية طويلة نسبياً، حتى يمكن تنفيذها بكفاءة، لأن المقياس الأساسي للتمييز يكمن في تحديد معدل تغيير درجة الحرارة، وليس قيمة درجة الحرارة ذاتها.

ويبرز دور الحرب الإلكترونية بجناحيها (الإجراءات الإلكترونية المضادة والإجراءات الإلكترونية المضادة للأعمال المضادة) في مجال الصواريخ البالسيتية، في المجالات الآتية:

أ. منع عرقلة مهام الصواريخ الصديقة؛ ويقصد بذلك معاونة الصواريخ في الوصول إلى أهدافها، وتفادى الأعمال المضادة لها، سواء كانت هذه الأعمال تتمثل في قذائف اعتراضية، أو إجراءات إلكترونية مضادة.

ب. عرقلة مهام الأسلحة المضادة للصواريخ البالسيتية. ويعتمد ذلك على خداع المستشعرات الخاصة بهذه الأنظمة، لمنعها من كشف أو تمييز الصواريخ البالسيتية، وأيضا التداخل مع أنظمة التوجيه أو الاتصالات، بين أنظمة إدارة المعركة وأنظمة القيادة والسيطرة.

ج. منع عرقلة مهام الأسلحة المضادة للصواريخ البالسيتية؛ ويهدف ذلك إلى مقاومة وسائل وأساليب الخداع المختلفة، وتمكين المستشعرات الخاصة بالأنظمة الدفاعية من تمييز وكشف الصواريخ البالسيتية.

د. كشف الصاروخ فور إطلاقه من قاعدته. ويعتمد هذا الأسلوب على المستشعرات الحرارية، التي تستقبل موجات الأشعة تحت الحمراء، التي تنبعث نتيجة درجات الحرارة العالية، الناتجة من عوادم احتراق وقود المحركات الصاروخية أثناء مرحلة الدفع. وقد تكون المستشعرات المستخدمة أرضية، أو فضائية، ويكون الاختلاف بين النوعين فقط في الطول الموحى الذي تستقبله. فمن المعروف أن موجات الأشعة تحت الحمراء، ذات الطول الموجي الأقل من 3 ميكرون، تمتص خلال طبقة الغلاف الجوى، ومن ثم، فان المستشعرات الفضائية تصمم بحيث تكون حساسة للأشعة ذات الطول الموجي الأكبر من 3 ميكرون.

هـ. كشف الصاروخ وتتبع مساره بواسطة وسائل الكشف الراداري الأرضية والمحمولة. وتعمل هذه الوسائل كوسيلة للإنذار المبكر. ويتوقف زمن الإنذار الذي توفره على مدى الكشف. وعموماً، فان الرادارات المحمولة غالباً ما تُستخدم ضمن الإنذار المبكر، ضد الأهداف والقذائف الجوية. أما الرادارات الأرضية، فتستخدم مع الأنظمة الدفاعية، التي تعترض الصواريخ البالسيتية، وغالبا ما تستخدم هذه الأنظمة ضد الصواريخ، التي تعمل بالتوجيه بالقصور الذاتي.

و. إخفاء الهدف المطلوب تدميره. ويستخدم هذا الأسلوب ضد الصواريخ التي تعمل بالتوجيه الذاتي، الإيجابي أو النصف إيجابي. ويعتمد ذلك على استخدام تكنولوجيا تشويه البصمة الرادارية للهدف المطلوب تدميره، باستخدام العاكسات الركنية Corner Reflectors.

ز. منع الصاروخ من الوصول للهدف المطلوب تدميره وإخراجه عن مساره، وذلك باستخدام الوسائل الإيجابية، المتمثلة في عناصر الإعاقة، في التداخل مع أنظمة التوجيه لإرباكها وإبعاد الصاروخ عن مساره الصحيح. ويستخدم هذا الأسلوب ضد الصواريخ الموجهة.

ح. عرقلة مهام الصواريخ. ويقصد بذلك منع الصواريخ من الوصول إلى أهدافها، باستخدام أساليب ووسائل الكشف والتتبع لكشف هذه الصواريخ، وتتبع مساراتها، وإنذار الوسائل الاعتراضية، أو باستخدام أساليب ووسائل الإعاقة ضد أنظمة توجيه الصواريخ، أو باستخدام أساليب ووسائل الخداع لتشويه الظهور الراداري أو الحراري، للهدف المطلوب تدميره.

ثالثاً: أنظمة الحرب الإلكترونية في القوات البرية

تشكل الهيمنة على الطيف الكهرو مغناطيسي عنصراً رئيسياً في الحرب الإلكترونية في القوات البرية، عبر القدرة على تنفيذ استخبارات الإشارة لرصد الاتصالات اللاسلكية، ورصد الأنظمة الرادارية للعدو عبر الاستخبارات الإلكترونية، أو تدابير الدعم الإلكترونية. وتسهم استخبارات الإشارة في زيادة إدراك القائد للوضع، بفضل رصد رادارات الخصوم أو شبكة الهاتف الجوال والإذاعات، والتحذير من أي تغيير في انتشار العدو، أو وجود أي نشاط له يميز نمط إذاعته، أو مضمون رسائله.

إن كثرة عدد الأهداف الحيوية البرية المطلوب تأمينها، تزيد من دواعي اللجوء إلى الخداع الإلكتروني، والذي يحقق عامل السرعة، إذ يمكن تصنيع بعض وسائل الخداع بالاعتماد على الذات، نظرا للتكلفة المالية المحدودة نسبياً، بالمقارنة بالوسائل والأنظمة الإيجابية المستخدمة لأغراض الإعاقة الإلكترونية.

وتُقسم أنظمة الحرب الإلكترونية في القوات البرية، عموماً إلى أنظمة مثبتة على مركبات كبيرة، وأنظمة أصغر يحملها الجندي. وتتمتع الأنظمة الأولى بأبعاد أطول، وقدرة أفضل على رصد الترددات التي تنتشر على مساحة أوسع، وهي تأتي، غالباً، مع أجهزة كمبيوتر قوية الاحتمال، تحفظ تسجيلات الحركة اللاسلكية للعدو، وترسم خريطة مواقع أجهزة الإرسال اللاسلكي له، وتحاول اختراق شفرة رسائله. ويشار هنا إلى أن التقدم الذي طرأ على تكنولوجيا الكومبيوتر، خفض الحجم الفيزيائي لأنظمة الحرب الإلكترونية، وزاد كثيراً من قوتها وأدائها.

وتسهم أجهزة التشويش بتعطيل نقاط اتصال العدو، ما يجعل من الصعب عليه المناورة بفاعلية، إضافة إلى تدني أداء الأسلحة الموجهة بالراديو لاسلكيا. ويكمن الدور الإضافي لأنظمة الحرب الإلكترونية في رصد وتعطيل الإشارات اللاسلكية المستعملة للتحكم بأدوات التفجير المرتجلة، التي اتخذت أهمية كبيرة نتيجة الخبرة التي اكتُسبت من الحرب في العراق وأفغانستان.

1. أشهر أنظمة الحرب الإلكترونية في القوات البرية

يتكون نظام الحرب الإلكترونية "بروفت" Prophet (أنظر صورة نظام Prophet) المستخدم في الجيش الأمريكي، من جهاز لاستقبال استخبارات الإشارة، مركب على شاحنة خفيفة، طراز "همفى" HUMVEE للتحرك في ميدان المعركة، إضافة إلى جهاز آخر يحمله جندي مشاة على ظهره لإدخال معطيات الأنظمة المحمولة جوا، أو لدعم وحدة الرد السريع وعمليات مقاومة العدو. وأنتجت شركة "جنرال دينامكس" General Dynamics النموذج المعروف باسم Prophet Block I، الذي نشر في الجيش الأمريكي وفي عدة كتائب تابعة للحرس الوطني، ونشر أيضا لتأمين دعم حيوي مع كل وحدات المخابرات العسكرية في أفغانستان والعراق.

إن نظام "بروفت" من فئة Block II/III مثبت على مركبة "همفى" HUMVEE الثقيلة، ويتمتع بقدرة إلكترونية على مهاجمة أدوات التفجير الارتجالية، ويقدم دعما مخابراتيا بالإفادة عن موقع الجهاز الذي يرسل التهديد ومتابعته وتحديده. والمهمة الثانوية للنظام هي الهجوم الالكتروني ضد أجهزة البث للعدو. ويؤمن النظام، أيضاً، معلومات إضافية قد تؤكد المعلومات من مستشعرات أخرى، مأهولة وغير مأهولة، في ميدان المعركة.

ويستعمل فوج الحرب الإلكترونية في الجيش البريطاني نظامي استخبارات الإشارة طراز Odette وطراز SCARUS الفرنسيين، على المستوى التكتيكي للحرب الإلكترونية. وينشر فوج الإشارة عدة زمر حرب إلكترونية خفيفة تعمل مع قوة المهام المنقولة جواً في فوج المظليين البريطاني، لتقديم دعم للحرب الإلكترونية بناء على إشعار موجز من عناصر القوة الأمامية. ونظام Odette يمكن تركيبه على متن مركبة مدرعة، وعلى مركبات Land Rover؛ بينما نظام SCARUS يمكن أن يحمله فرد أو مركبة، ويستخدم في العمليات في أفغانستان.

إن اكتشاف وتحديد مواقع رادارات العدو، انطلاقا من الأنظمة المستعملة للدفاع الجوي، وصولا إلى أجهزة الرادار الصغيرة التي يحملها الأفراد لاكتشاف الحركة، كانت دائما تشكل جزءاً مهماً من الحرب الإلكترونية، والتي تستطيع أن تشل قدرات العدو الحيوية. وهناك سلسلة واسعة من المنتجات في السوق الدولية تلبي هذه المتطلبات، وقد استفادت كثيرا من التقدم الذي طرأ على الكمبيوتر.

ويقدم الرادار الفرنسي Meerkat - S صورة عن النشاط المتعلق بالرادار في منطقة واسعة، مع قدرة قوية لجمع الاستخبارات الإلكترونية. وقد صمم ليكشف الرادارات، ويميزها، ويحدد مواقعها بدقة كبيرة على كل المنصات، ومن كل الأنواع، مثل رادارات المراقبة، وتحديد مواقع الهاون، وتلك المتعلقة بتصويب السلاح وتوجيهه. ويتألف النظام من عدد من مركبات المستشعرات الموصولة بمركبة قيادة جوالة، تولد وتحافظ على صورة المعركة بنظام إلكتروني. ويمكن تعزيز أداء الرادار Meerkat - S لاكتشاف أجهزة الإرسال المعادية، بإضافة جهاز استقبال رقمي اختياري لتأمين درجة عالية من القدرة على تحليل الاستخبارات الإلكترونية.

أما الرادار Meerkat - SA، فهو شبكة مستشعرات مزودة بتدابير دعم واستخبارات إلكترونية، ويكون التحكم به عن بعد، ويكتشف ويعرف ويحدد مواقع البث الراداري. ويتألف النظام من عدد من مواقع المستشعرات الثابتة البعيدة، التي تتصل بموقع القيادة والتحكم المركزي بشبكة اتصالات محلية واسعة النطاق. ويتحكم المشغلون في هذا الموقع بالمستشعرات البعيدة، وبأجهزة المعالجة المحلية التي تحدد الاعتراضات وتعالجها وتنشر البيانات.

وقد طورت الهند نظام الحرب الإلكترونية Samyukta المحمول على مركبات، ليُستخدم في مسرح العمليات، وهو يغطى حيزاً كبيراً من الترددات، المستخدمة في الاتصالات والأنشطة الإلكترونية الأخرى.

ويؤمن نظام الدفاع الالكتروني البري Land Electronic Defence System (LEDS) طيفا كاملا من الحماية النشطة للمركبات البرية، ويمنح تغطية شبه كروية كاملة لكشف التهديدات المقتربة واستنفار الطاقم. ولدى تركيبه بشكله الكامل، يشل النظام كل التهديدات في ميدان المعركة.

ويتألف النظام من مجموعة مستشعرات، وقاذفة موجهة بسرعة عالية ومن خيارات تدابير مضادة، تندرج من ذخيرة دخان سريعة متعددة الأطياف لحجب خط الرؤية عن سلاح مهاجم، إلى خيارات الإصابة التي تدمر الذخيرة المقتربة قبل إصابة المركبة. وتؤمن مجموعة المستشعرات تغطية شبه كروية، وتشمل خياراتها إنذاراً ليزرياً، وسيطرة على التهديد النشط، وعلى نظام المتابعة. وتؤمن وحدة النثر نشر تدابير مضادة شبه كروية في صيغة مناسبة في اتجاه التهديد المكتشف، ويمكن التحكم بها يدويا أو آليا. ويستعمل النظام ذخيرة مضادة قوية الإصابة (Mongoose-1)، ضد مقذوفات (RPG-7) التي تطلق على المركبة من مسافة ٢٠ م. وتتميز هذه الذخيرة بإحداث أضرار جانبية ذات تأثير منخفض، نتيجة انفجار الرأس الحربية.

أما نظام الدفاع الالكتروني البري طراز (LEDS-50)، فقد صمم ليمنح الأطقم إدراكاً وضعياً مهماً حيوياً لإطلاق الليزر المتعلق بالتهديدات المضادة للدروع، ويتيح رداً مضاداً سريعاً.

ونظام الدفاع الإلكتروني البري (LEDS-100) هو نظام إصابة، طور ليعزز استدامة المركبة البرية. ويتألف من أداة تحكم مركزية بالدفاع النشط، وبعدد من مستشعرات الإنذار الليزرية، ومن قاذفة موجهة بسرعة عالية، ومن دخان سريع متعدد الأطياف لحجب الرؤية. ويمنح النظام قدرة ديناميكية مضادة على الإصابة بواسطة القاذفة الموجهة بسرعة عالية، التي تحرم التهديد من فرصة الاشتباك مع نظام الحماية بفاعلية، وذلك بالتدخل في السيطرة على التهديد، ومتابعته ومداه، وإطلاق السلاح وتوجيهه. وهذا يتحقق باستعمال مجموعة من المستشعرات ودخان متعدد الأطياف. وتراقب أداة التحكم وتطلق قنابل الدخان، آخذة في الحسبان أحوال الريح واتجاه التهديد وحركة اتجاه المركبة للتهديد. ويمكن اختيار نشر التدابير المضادة لتكون يدوية أو آلية. وتكشف مستشعرات الإنذار الليزرية اتجاه التهديد، وتنفذ أداة التحكم إجراءات التدابير المضادة المناسبة، التي وقع عليها الاختيار للدفاع عن المركبة ضد التهديدات المكتشفة.

أما نظام الدفاع الالكتروني البري (LEDS-150)، فيشكل تطوراً متدرجاً من نظام الدفاع (LEDS-100). ويتألف نموذجيا من مستشعرات إنذار ليزرية، وله القدرة على تدمير فعالية الذخيرة المهاجمة قبل اختراق المركبة المحمية. ويكشف النظام ويتابع تهديداً واحداً أو أكثر في آن واحد، ويقدر ما إذا كانت الذخيرة المهاجمة سوف تصيب المركبة أم لا، ويطلق صاروخ التدابير المضادة (Mongoose-1) في وقت محدد سلفاً لاعتراض وشل المقذوفات المكتشفة البعيدة على مسافة تراوح بين ٥ - ١٥ م من المركبة، لتخفيف الأضرار الجانبية.

إن نشر تدابير مضادة نشطة بدأ يدخل الآن ضمن جدول العمل في جيوش عديدة. وأول جيل من التدابير المضادة النشطة، مثل نظام (Arena) الروسي، طور للتغلب على الصواريخ المضادة للدبابات.

2. شباك التمويه الرادارية

تُستخدم شباك تمويه خاصة لأغراض الإخفاء الراداري للأهداف البرية، تعمل على تشتيت الموجات الرادارية بحيث تغير من نظام الانعكاس الطبيعي بصورة تخالف الناموس الطبيعي. ويتلخص عملها في وضعها على مسافة من جسم الهدف، وعند سقوط الأشعة الرادارية عليها يتم تشتيت معظمها في اتجاهات لا تتفق مع اتجاه الانعكاس الطبيعي، الذي يطلبه أو يتوقعه الخصم. وعند نفاذ جزء من الأشعة الرادارية من الشبكة يصطدم بجسم الهدف، فإذا ما دهن هذا الجسم ببعض الدهانات التي تمتص جزءاً كبيراً من الطاقة، يصبح القدر المنعكس من الهدف صغيراً، ولكن هذا الجزء الصغير عندما ينفذ من الشبكة الرادارية يتشتت في اتجاهات غير مرغوبة، لا تتفق أيضاً مع الاتجاه الذي يتوقعه الخصم؛ وهكذا، لا ينفذ من الشبكة مرتداً إلى المستشعر الراداري غير جزء يسير جدا، الأمر الذي يقلل كثيراً من مدى الكشف في حيز الطول الموجي 1 – 10 سم.

وقد حققت نتائج تجارب أجريت على شباك أنتجتها إحدى الشركات الانجليزية، لأغراض الإخفاء الراداري، انخفاضاً في مساحة المقطع الراداري للدبابة لأقل من 1% من مساحة المقطع الراداري الأصلي، وذلك عند المسح الراداري بموجة طولها 3 سم، الأمر الذي يعطي نتائج خداعية تقترب من الإخفاء التام، علاوة على تقصير مدى الكشف المؤثر للرادار إلى 10% فقط من المدى المتوقع.

3. التمويه والإخفاء الحراري للأهداف البرية

إن الغرض الأساسي من التمويه الحراري هو إخفاء الهدف البري، كمصدر حراري عن مستشعرات العدو الحرارية، سواء كانت سلبية أو إيجابية. وتختلف ظروف التمويه طبقا لحالة الهدف، سواء كان ساكنا أو أثناء الحركة، حيث تختلف الظروف في كل حالة؛ فالدبابة الساكنة تكون درجة حرارتها ليلا أقل من درجة حرارة الخلفية، وتكون في منتصف النهار ذات حرارة أعلى من الخلفية. وتعتمد البصمة الحرارية للدبابة على عدة نقاط مهمة، تتمثل في غطاء المحرك الذي يسخن جدا بعد الحركة، وكذا على جنزير الدبابة، علاوة على ماسورة المدفع بعد ضرب النار؛ لذا تختلف ظروف الخداع طبقا للوقت وحالة الدبابة.

ويتمثل الإخفاء الحراري في إخفاء الهدف من وسائل الرصد والتصوير الحراري المعادية، وإذا تمكن العدو من رصد الهدف، فإنه يستطيع استخدام الأهداف الخداعية، مثل الفوانيس والبالونات الحرارية بعيدا عن الهدف، وتبقى معلقة فينجذب إليها الصاروخ، ويضل هدفه. ويجب أن تتزامن عملية إطلاق هذه الأهداف الخداعية مع أنظمة التحذير باستخدام الحواسب الآلية والمشغلات الدقيقة، التي تقلل كثيرا من أزمنة رد الفعل، وهو ما يمكّن الهدف أيضا من القيام بحركة مناورة سريعة وحادة، يستطيع أن يتفادى معها الصواريخ المعادية.

كما يمكن أيضاً أن تُستخدم مصائد حرارية أرضية منتشرة بالقرب من الهدف، لتُشغل مسبقاً عند الإحساس بتهديدات الصواريخ الحرارية، فينجذب الصاروخ الحراري إليها، ويضل الهدف.