إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / اتفاقيات التعاون العسكري، بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية




مفاعل ديمونة
الطائرة الإسرائيلية تسوفيت
الصاروخ الإسرائيلي حيتس

المعونة الاقتصادية الأمريكية لإسرائيل
المبيعات العسكرية الأمريكية لإسرائيل
النظام نيوتيلس الإسرائيلي




الدفاع الجوي عن الأهداف الحيوية

المبحث الثالث

التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي خلال التسعينيات

اكتسبت مرحلة التسعينيات في التعاون الإسرائيلي- الأمريكي، أهمية خاصة، ارتباطا بواقع تأثيرها على مستقبل الترتيبات الأمنية بالشرق الأوسط، وحقيقة النمو المطرد غير المسبوق في العلاقات بين كلتا الدولتين على مختلف الأصعدة، والتي ساهم في تشكيلها طبيعة المتغيرات التي طرأت على البيئة الإقليمية والدولية، وأدت إلى انفراد الولايات المتحدة الأمريكية، بقمة النظام العالمي، وترتيب مستقبل الأوضاع في الشرق الأوسط، بصيغ خاصة بعد انحسار النفوذ الشيوعي، وتقلص تأثير ردود الفعل العربية على المصالح الأمريكية بالمنطقة، وخصوصاً مع انطلاق مسيرة التفاوض العربي ـ الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه أكدت الولايات المتحدة الأمريكية هيمنتها على منابع البترول في الخليج العربي، عقب حرب تحرير الكويت بالوجود الفعلي، الذي كان أملاً لها، خططت له منذ عام 1957. ومن جهة أخرى، نجحت إسرائيل إلى حد بعيد في تصدير هواجسها الأمنية للقيادة الأمريكية والتي ساهمت بدورها في ترسيخ وضعيتها كحليف إستراتيجي رئيسي، لتحقيق أهداف المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، من منطلق وحدة المصالح في مجابهة العدائيات المشتركة لمصالح كل منها في المنطقة.

وانطلاقا من حرص إسرائيل على تنامي حجم الالتزام الأمريكي، بالحفاظ على أمنها القومي، فقد وضح سعيها المستمر لمحاولة تطوير المنظور الأمريكي تجاهها، باعتبارها "ركيزة وثروة إستراتيجية"، تتبوأ وضعًا مميزًا في إطار الإستراتيجية الأمريكية على مستوى دول المنطقة، مستغلة في ذلك قنوات ومحاور تأثيرها المختلفة، وتستهدف من وراء ذلك، الحصول على العديد من العوائد والإيجابيات التي تنحصر في:

1. الاشتراك المؤثر في الإستراتيجية الأمريكية بالمنطقة.

2. ضرورة النظرة المنفصلة، والمتميزة لإسرائيل في إطار الدعم الأمريكي للمنطقة، لكفالة استمرارية تفوقها النوعي العسكري، ومواجهة المخاطر، والتهديدات الحالية، والمتوقعة.

3. ضمان ركائز عناصر حماية الأمن القومي الإسرائيلي في أوقات الطوارئ.

وقد ارتكز التحرك الإسرائيلي الرامي إلى دفع الولايات المتحدة الأمريكية لتطوير علاقات التعاون الإستراتيجي، على استثمار مجموعة من العوامل، والظروف الإقليمية، والدولية المصاحبة، لترسيخ القناعة بأهمية، وحيوية استمرارية دور إسرائيل في دعم وحماية الإستراتيجية الأمريكية والغربية بشكل عام، والتي تقتصر في الآتي:

1. مواجهة تزايد خطر التيار الإسلامي، بزعامة إيران، والتي تسعى لتطوير إمكانياتها وقدراتها العسكرية بشكل يعرض المصالح الإسرائيلية، والغربية معا للخطر. وفي هذا تعطي إسرائيل نفسها مسؤولية تأمين مصالح الغرب في المنطقة.

2. الإيحاء بالتقاء مصالح إسرائيل الإستراتيجية، مع مصالح بعض الدول العربية، ارتباطا بالتهديد الإيراني لكل من دول الخليج العربي وإسرائيل. مما يعطي مؤشراً إيجابياً لاستقرار المنطقة فيما لو زاد النفوذ الإسرائيلي.

3. دعم الإستراتيجية الأمريكية، في مواجهة بعض النظم العربية ذات التوجهات المضادة للمصالح الغربية "العراق / ليبيا / سورية"، وفي هذا، فإن إسرائيل تعمل كأداة ردع متقدمة لدول الغرب في المنطقة.

4. العمل على الحد من امتلاك عدد من الدول العربية للصواريخ الباليستية، وللأسلحة البيولوجية، والكيماوية.

واتخاذ إجراءات فعّالة للحد من خطورة استخدام تلك الأسلحة، في اتجاه المصالح الأمريكية، بما يعني أن إسرائيل تعمل كأداة ردع لصالح الغرب. وقد صعدت إسرائيل تأثيرها بتلك الأهداف والمهام للحصول على دور جديد، وخصوصا بعد انتفاء المبررات الإسرائيلية السابقة لمواجهة تحركات وأنشطة الاتحاد السوفيتي السابق، على مستوى المنطقة. بعد أن انتهت الحرب الباردة عملياً.

أولاً: المتغيرات التي أدت إلى تنامي التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي

هناك العديد من التداعيات والمتغيرات التي أدت إلى تنامي، وتوطيد العلاقات العسكرية والإستراتيجية، بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، نذكر منها:

1. التداعيات الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط لانتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي

فقد شهدت منطقة الشرق الأوسط، خلال عقد التسعينيات، العديد من التحولات الإستراتيجية ذات الأهمية البالغة، وتمثل هذه التحولات في واقع الأمر نتاجًا موضوعيًا للتغيرات الجذرية التي طرأت على المنظومة الإستراتيجية العالمية، والتي نجمت بدورها عن انهيار نظام القطبية الثنائية، وانتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفيتي. ومن الضروري هنا التأكيد على أن منطقة الشرق الأوسط، تعتبر من أكثر أقاليم العالم تأثرا بالتحولات الإستراتيجية في هيكل المنظومة الدولية، حيث ارتبطت المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بعلاقات تأثير متبادل مع النظام الدولي، بصورة كانت المنطقة فيها فاعلا مشاركا بدرجات متفاوتة في التفاعلات الحادثة في النظام الدولي، كما أن هذه التفاعلات ذاتها انعكست كأبرز ما يكون على منطقة الشرق الأوسط.

وخلال العقود الخمسة الماضية، أدى مناخ الحرب الباردة إلى تكييف صراعات الشرق الأوسط، وفق الصراع الكوني المركزي بين الشرق والغرب، وتركت هذه الوضعية انعكاسات على منظومة التفاعلات الإقليمية في المنطقة، ومن ثم، يصبح من الطبيعي أن يؤدي انتهاء الحرب الباردة إلى التأثير بقوة على الشرق الأوسط، وذلك من خلال ما أتاحته تحولات النظام الدولي للولايات المتحدة الأمريكية، والدول الصناعية المتقدمة، من آليات جديدة تسهل لها امتلاك قدرة متعاظمة على التحكم في التفاعلات الداخلية والخارجية للمنطقة، وإحداث تحول إستراتيجي موازٍ فيها، بما يجعلها أكثر توافقا مع جملة المعطيات الجديدة في المنظومة الدولية، طبقًا للمنظور الغربي.

2. قيمة ومكانة الشرق الأوسط في الإستراتيجية الأمريكية، بعد انتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفيتي

ينصب المجال الرئيسي لهذا التحول أساسًا، على نشوء الحاجة إلى البحث عن إطار إستراتيجي جديد للشرق الأوسط، بحيث ينطوي هذا الإطار الجديد على استبعاد تلك الجوانب، التي تجاوزتها التحولات العالمية، علاوة على تضمين هذا الإطار جميع الجوانب الجديدة التي طرأت في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، والتي تمثلت في:

أ. تجاوز الإطار الإستراتيجي، الذي ساد إبان الحرب الباردة، والذي كان الشرق الأوسط يستمد أهميته فيه بفضل موقعه الإستراتيجي.

ب. ما تمثله منطقة الشرق الأوسط، في الأهمية الإستراتيجية والحيوية للاحتياجات المتزايدة لصادرات النفط بالمنطقة، لاسيما الوارد من الخليج العربي، وقد حكمت هذه الوضعية إلى حد كبير شبكة التفاعلات الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط، وفقًا للصراع المركزي بين القوتين الأعظم. ويمكن تصنيف المنطقة إلى ثلاث مجموعات رئيسية، وفقا لمعيار الأهمية الإستراتيجية، وذلك على النحو التالي:

(1) المجموعة الأولى: الدول المالكة للموارد الأولية الإستراتيجية، لاسيما دول الخليج العربية.

(2) المجموعة الثانية: الدول ذات القدرة على تقديم الخدمات الإستراتيجية، وتتمثل أساسا في كل من إسرائيل، وتركيا، ومصر، والمملكة العربية السعودية.

(3) المجموعة الثالثة: دول ذات قيمة إستراتيجية سلبية، وتصنف هذه الدول باعتبارها دولا راديكالية، وهي العراق، وإيران، وليبيا، والسودان، وسورية.

وقد أدى انتهاء الحرب الباردة إلى انهيار الإطار الإستراتيجي القديم، الذي ظل يحكم العلاقات الإسرائيلية - الأمريكية منذ الخمسينيات، والذي كان يقوم على أساس أن إسرائيل تمثل أفضل وسيلة لحماية المصالح الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، في إطار المواجهة العالمية الكبرى ضد الاتحاد السوفيتي السابق، بما انطوى عليه ذلك من تصور وجود إمكانية لتوظيف إسرائيل كنقطة وثوب إستراتيجية على الاتحاد السوفيتي في حالة نشوب أي حرب معه. وكذلك توظيفها في إقامة سياج في المنطقة لمنع نفاذ الاتحاد السوفيتي خارج حدوده. واستطاع الجانبان من خلال هذه المدركات أن يبلورا تقويمًا مشتركًا للأخطار والتهديدات، وبالتالي، كان من الطبيعي أن ينهار هذا الإطار مع انهيار الاتحاد السوفيتي، وانتهاء الحرب الباردة.

3. تأثير انتهاء الحرب الباردة على الميزان الإستراتيجي في الشرق الأوسط

كان من أبرز التأثيرات الرئيسية، التي ترتبت على انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي ما يلي:

أ. اختفاء الحليف الإستراتيجي، وانعدام هامش المناورة الإستراتيجية أمام عدد من الدول العربية، فقد كان الاتحاد السوفيتي السابق حليفا إستراتيجيا لبعض الدول العربية، أثناء المواجهة بين الشرق والغرب، الأمر الذي أتاح فرصًا للحصول على التكنولوجيا العسكرية وصفقات السلاح، وأصبح الغرب يمتلك قدرة متعاظمة أكثر من ذي قبل على التحكم في الموازين الإستراتيجية والعسكرية في المنطقة، وقد ظهر تأثير ذلك بصفة أساسية على كل من سورية، وليبيا، والعراق، والجزائر، لاعتماد تلك الدول على التسليح السوفيتي.

ب. الانفراد الأمريكي بالهيمنة، حيث أتاح انهيار الاتحاد السوفيتي، انسحابه من ساحة المنافسة العالمية أمام الولايات المتحدة الأمريكية وباقي الدول الرأسمالية، وقد أدى ذلك - تلقائيا - إلى تمكين الولايات المتحدة الأمريكية من فرض قائمة اهتماماتها الأمنية، وامتلاك قدر أكبر على التحكم في حركة التدفقات التسليحية على مستوى العالم.

ج. توطيد التعاون الإستراتيجي الإسرائيلي- الأمريكي، فقد أدى انتهاء الحرب الباردة إلى توفير قوة دفع إضافية، لعلاقات التعاون العسكري والإستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

د. إطلاق حرية الحركة أمام دول الجوار الجغرافي "تركيا وإيران"، حيث تسبب انتهاء الحرب الباردة وما أعقبها من تداعيات، في تعميق حالة الفراغ الإستراتيجي في منطقة الخليج العربي وآسيا الوسطي، وقد أتاح هذا مجالاً واسعًا لكل من تركيا وإيران للحركة السياسية، وممارسة النفوذ في هاتين المنطقتين.

وقد أدت هذه المتغيرات إجمالاً، إلى إضعاف الموقف العربي في الميزان الإستراتيجي في الشرق الأوسط، الأمر الذي يضعف المكانة النسبية للدول العربية في منظومة التفاعلات الإقليمية في المنطقة، ويجعلها أكثر قابلية للابتزاز والإرغام، في تعاملاتها مع كل من إسرائيل، وتركيا، وإيران، لاسيما خلال التعاملات المتعلقة بتسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، والاتفاق على صيغ التعاون الإقليمي في المجالات الاقتصادية، والأمنية، والمائية...وغيرها.

4. تأثير حرب الخليج الثانية على النظرية العسكرية الإسرائيلية، والتعاون الإستراتيجي الإسرائيلي ـ الأمريكي

أدّت حرب الخليج الثانية 1990/1991، إلى إبراز عدد من الفجوات في النظرية العسكرية لإسرائيل، حيث أوضحت أن الجيش الإسرائيلي، لا يمتلك قدرة ملائمة مضادة للتهديدات الصاروخية، لاسيما التهديدات القادمة من مئات الكيلومترات، وبدأ هذا النقص واضحاً في ظل أعمال القصف الصاروخي العراقي للعمق الإسرائيلي، الأمر الذي أدى إلى الانكشاف الإستراتيجي الإسرائيلي، بما فيه من تجمعات سكانية كثيفة أمام مثل هذه النوعية من الهجمات. وازداد الإدراك الإسرائيلي لخطورة مثل هذا التهديد، في ضوء ما تلمسه المصادر الإسرائيلية من اتساع نطاق التهديد الإستراتيجي الصاروخي، الناتج عن ازدياد عدد دول المنطقة الساعية إلى امتلاك صواريخ متوسطة المدى، ذات قدرة على إصابة أهداف إستراتيجية إسرائيلية.

كما أدت حرب الخليج الثانية، إلى نتائج أثّرت تأثيراً مباشراً على توازن سباق التسلح القائم قبل اندلاعها، ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية استجابت إلى مطالب إسرائيل، وقامت بإرسال نظام الصواريخ المضاد للصواريخ "باتريوت"  Patriot ، المتقدم، للدفاع عن إسرائيل ضد الصواريخ العراقية. كما استجابت كذلك إلى رغبتها في الاشتراك في برنامج مبادرة الدفاع الإستراتيجي، حتى تؤكد للعالم بصفة عامة، ولدول النسق الإقليمي بصفة خاصة، أنها قفزت لمصاف الدول العظمى في مجالات التعاون.

كما كشفت حرب الخليج الثانية، لمخططي الإستراتيجية الأمريكية، ضرورة إنشاء مخازن طوارئ، ومناطق للتواجد المسبق لاستخدامها كقواعد انطلاق داخل منطقة الشرق الأوسط، ففي الوقت الذي رفضت فيه كل من مصر، والسعودية الفكرة الأمريكية في إنشاء هذه المخازن وتلك المناطق، ورفضت دولة الإمارات العربية المتحدة فكرة إنشاء مركز قيادة متقدم، قبلت كل من إسرائيل وتركيا هذين العرضين.

5. مؤتمر مدريد والإستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط

يمكن اعتبار مؤتمر السلام في الشرق الأوسط، الذي عقد في مدينة مدريد في 30 أكتوبر 1991 كإفراز لحرب الخليج الثانية، نموذجا للتفاعل بين الموقف الدولي والموقف الإقليمي، على الصعيد العربي والإسرائيلي، ذلك التفاعل الذي أفضى إلى بدء العملية التفاوضية الثنائية، والمتعددة الأطراف، بين إسرائيل والدول العربية، وممثلي الشعب الفلسطيني، المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث مارست الولايات المتحدة الأمريكية دورها كقوة عظمى وحيدة في النظام العالمي الجديد، وقد تحددت الإستراتيجية الأمريكية قبل، وخلال المؤتمر، وبعده في ثلاثة محاور أساسية هي:

أ. تأمين المصالح الغربية والأمريكية في المنطقة العربية خاصة منطقة الخليج لضمان تدفق البترول.

ب. إعادة صياغة هياكل ومضمون الاستقرار في المنطقة، على ضوء المعطيات الجديدة في الوضع العالمي، ومواجهة آثار انهيار القطبية الثنائية.

ج. تأمين وجود إسرائيل، والتوصل إلى تسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، والقضية الفلسطينية، وذلك بعد انتهاء دور الاتحاد السوفيتي.

6. الانعكاسات الإستراتيجية لعملية تسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي

تؤكد المصادر الإستراتيجية، على أن عملية تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي سوف تكون لها انعكاسات إستراتيجية بارزة، حيث يفترض أن تفضي هذه العملية إلى قيام إسرائيل بتقديم تنازلات جغرافية في الضفة الغربية، وقطاع غزة، وهضبة الجولان السورية. وبصرف النظر عن حجم وطبيعة هذه التنازلات، والصيغة النهائية المحتملة للتسوية، فإن الدلالة الأكثر أهمية على الإطلاق لهذه العملية، في المفهوم الأمني الإسرائيلي، تتمثل أساساً فيما يمكن أن تفضي إليه التنازلات الإقليمية، من تآكل في العمق الإستراتيجي الإسرائيلي، لاسيما في شمال وشرق إسرائيل.

7. محاولات ضبط التسلح في الشرق الأوسط

يُعد الحد من التسلح، واحدًا من أهم الآليات التي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية، والمنظومة الرأسمالية العالمية من خلالها، إلى إعادة هيكلة التوازنات العسكرية، والتحكم فيها في منطقة الشرق الأوسط، وواقع الأمر، أن تلك الجهود قد واجهت منذ بداية حرب الخليج الثانية، إشكالية المفاضلة بين المناهج الشاملة، والمناهج الانتقالية للحد من التسلح في المنطقة. وعموماً، فإن التزام الولايات المتحدة الأمريكية في ضبط التسلح في منطقة الشرق الأوسط، انصبَّ أساساً على الحفاظ على التفوق العسكري الكمي والنوعي لإسرائيل في مواجهة الدول العربية.

8. محاور التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي خلال عقد التسعينيات

أكَّدت إسرائيل في تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية، بشكل عام، على أهمية تلبية مجموعة من الاحتياجات الرئيسية العسكرية، حتى تتمكن من الاضطلاع بدور فعَّال في إطار إستراتيجيتها بالمنطقة، أو لدعم فعاليات أمنها القومي، وبصفة خاصة في المحاور الرئيسية الآتية:

أ. التخطيط المشترك لمواجهة الأزمات والطوارئ، تحت إشراف شعبتي التخطيط في الجيشين الإسرائيلي والأمريكي، ودعم شبكات الإنذار المبكر الإسرائيلي، أثناء أوقات الطوارئ من خلال ربطها بشبكات الإنذار المبكر الذي توفره الأقمار الصناعية العسكرية الأمريكية.

ب. انضمام إسرائيل لشبكة مخازن الطوارئ الأمريكية، لصالح دعم فاعليات عمليات القوات الأمريكية بالمنطقة، واستخدام إسرائيل للمخزون الأمريكي، في أوقات الطوارئ، مع المساهمة في تصنيع بعض نوعيات الأسلحة والمعدات الأمريكية بمخازن الطوارئ، دعما لبعض قطاعات الصناعات العسكرية الإسرائيلية. ويصل حجم مخزون الطوارئ الأمريكي في إسرائيل منذ عام 1992حوالي 700 مليون دولار.

ج. تطوير القدرات العسكرية لضمان التفوق النوعي للتسليح، من خلال الحصول علي صفقات عسكرية متميزة، من الولايات المتحدة الأمريكية، وإتاحة الفرصة للتخطيط المشترك لرفع القدرة الإنتاجية النوعية لقطاعات الصناعات الحربية.

د. زيادة فعالية التعاون والتنسيق المشترك، في قطاع الاستخبارات، من خلال مكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات، والمعدات المتطورة، وصور الأقمار الصناعية لدعم الإنذار المبكر لإسرائيل.

هـ. التعاون في قطاع البحوث، والتطوير من خلال دعم الروابط، والتعاون بين القوات المسلحة للجانبين، في مجال تحديث التكنولوجيا العسكرية والمشروعات المشتركة في قطاع مواجهة الصواريخ الباليستية "الصاروخ حيتس، مدفع البلازما، سلاح الليزر".

و. المشاورات والزيارات العسكرية المتبادلة بين القادة العسكريين للدولتين، والاجتماعات المتعددة للمجموعات السياسية العسكرية المشتركة GPMG[1]، ومجموعة التخطيط للمساعدات الأمنية المشتركة GSAPG [2]، والمنصوص عليها باتفاقية التعاون الإستراتيجي الموقعة بين الدولتين في 4 مارس 1988. (اُنظر ملحق لجان الإشراف الرئيسية على اتفاقيات التعاون الإسرائيلي ـ الأمريكي).

ز. التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة، "تدريبين بحريين سنويا، تدريبين جويين سنويا، تدريب برى، بحري، جوي مشترك كل عامين".

ح. التخطيط المشترك خلال أوقات الطوارئ.

ط. زيادة مبيعات الصناعات العسكرية الإسرائيلية للجيش الأمريكي.

ي. الحصول على تكنولوجيا عسكرية متقدمة.

ك. ثبات المساعدات العسكرية الأمريكية.

وعلى الرغم من تقنين إسرائيل، خلال الفترة السابقة لأسس تعاونها الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وحصولها بالفعل على العديد من أوجه الدعم، والتطوير العسكري الأمريكي، بشكل لا يتاح على الإطلاق لأي من دول المنطقة، إلا أنه يلاحظ اهتمامها المتزايد للحصول على المزيد من الدعم، خلال فترة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، مع استمرارية مواجهتها لبعض الاتجاهات الأمريكية التي ترى تراجع الأهمية الإستراتيجية الإسرائيلية للأمن القومي الأمريكي، خاصة في ظل انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي السابق، وتقويض فعاليات الجبهة الشرقية، بعد هزيمة العراق، فضلا عن التوجه السلمي في منطقة الشرق الأوسط.

وقد نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي، السابق شيمون بيريز، خلال زيارته الرسمية إلى أمريكا في 28 أبريل 1996، من توقيع اتفاق عسكري وأمني، يدفع إلى تعميق مجالات التعاون الإستراتيجي بين الجانبين، ويحافظ على التفوق النوعي لإسرائيل، مقارنة بباقي دول المنطقة. وقد دعمت زيارة كل من "بنيامين نتانياهو Benjamin Netanyahu، وإيهود باراكEhud Barak "، هذا الاتفاق، إضافة إلى عقد بعض الاتفاقيات الأخرى في مجال الإنذار المبكر، ودعم القدرات المضادة للصواريخ بأنواعها.

وقد أدت الاتفاقيات إلى دعم جهود الجانبين، لتطوير منظومة دفاع ميداني متكامل، ضد الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة المدى "إنذار/ اعتراض".

9. السياسة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط

كانت السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، بمثابة امتداد لسياستها العسكرية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، حيث اعتبرت نفسها صاحبة المسؤولية الأولى في إعادة ترتيب أوضاع الأمن والسلم في المنطقة، وقد حظي الشرق الأوسط بأسبقية واضحة في السياسة الأمريكية، انطلاقاً من أن الولايات المتحدة الأمريكية، تنظر إلى المنطقة باعتبارها مشبعة بشتى أشكال التوتر، وعدم الاستقرار، الناتجة عن تعدد الصراعات الاجتماعية الممتدة، واختلاف الأيديولوجيات السياسية للنظم الحاكمة، علاوة على تنامي مصادر متجددة للتعصب والصراع المسلح، يأتي في مقدمتها الأشكال المختلفة للتفاوت في معدلات التطور الاقتصادي فيما بين دول المنطقة، فضلاً عن العجز للوصول إلى تسويات شاملة للنزاعات المشتعلة في المنطقة. وفي هذا الإطار حددت السياسة الأمريكية أهدافها خلال التسعينيات في منطقة الشرق الأوسط فيما يلي:

أ. ضمان أمن إسرائيل، والحفاظ على تفوقها العسكري النوعي، في مواجهة الدول العربية.

ب. ردع واحتواء النظم الراديكالية في المنطقة.

ج. استمرار تدفق واردات النفط من المنطقة وإبقاء خطوط الملاحة مفتوحة أمام حركة التجارة الدولية.

د. صيانة أمن الدول الخليجية الصديقة للولايات المتحدة الأمريكية.

وتعكس تلك الأهداف، استمرارية ملحوظة في الخطوط العريضة للسياسات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، إلا أن هذه الأهداف قد شهدت تطوراً نوعياً، يتفق مع المستجدات الناتجة عن تحولات النظام الدولي. فالاهتمام الأمريكي بضمان أمن إسرائيل، والحفاظ على تفوقها النوعي، جاء في أطر انتخابات الرئاسة الأمريكية، التي دائماً ما يتبارى المرشحون خلالها في إظهار الدعم والتأييد لإسرائيل، كما جاء ذلك في المسعى الأمريكي الرامي إلى نفي ما تردد عن تآكل القيمة الإستراتيجية لإسرائيل. ومن ثم، فإن الصور الرئيسية التي اتخذها الالتزام الأمريكي بضمان أمن إسرائيل، والحفاظ على تفوقها النوعي خلال فترة التسعينيات، في تكثيف واردات الأسلحة الأمريكية المتطورة إلى إسرائيل، وإدخال التعاون التسليحي والعسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي إلى مستويات نوعية متقدمة.

كما تعكس أيضاً أهداف السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، الاهتمام الأمريكي بردع واحتواء النظم الراديكالية، فقد نتج بفعل ما تمثله تلك الدول "العراق/ سورية/ ليبيا/ السودان/ إيران" من تهديدات للسياسة الأمريكية في المنطقة، وقد تزايد الإدراك الأمريكي لخطورة التهديد الذي تمثله تلك الدول للسياسة الأمريكية، في أعقاب المواقف التي اتخذتها بعض تلك الدول حيال قضايا تسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وأمن الخليج، والحد من التسلح، والأصولية الإسلامية، إضافة إلى ضمان تدفق واردات النفط، وصيانة أمن الدول المنتجة له.

وعلى أية حال، فإن السياسة العسكرية الأمريكية، اعتمدت في تلك الأهداف على مجموعة محددة من الأدوات، والآليات التي تتمثل في:

أ. عقد العديد من المعاهدات، والاتفاقيات الأمنية المختلفة.

ب. إمدادات السلاح لدول المنطقة، وارتباط ذلك بتوجهات تلك الدول، وعلاقاتها بإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

ج. إجراء التدريبات العسكرية المشتركة.

د. التلويح باستخدام القوة العسكرية من وقت لآخر.

هـ. الوجود العسكري الأمريكي المباشر في بعض دول المنطقة.

وعلى هذا الأساس، فإن المعاهدات والاتفاقات الأمنية المختلفة، مع دول المنطقة، كانت بمثابة الأداة الأولى من أدوات السياسة العسكرية الأمريكية، وقد تمثلت التطورات البارزة التي حدثت في هذا المجال، خلال حقبة التسعينيات في التوقيع على ثلاثة بروتوكولات أساسية للتعاون الإستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

ثانياً: التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي خلال التسعينيات

1. اتفاقية التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي 1992

أهم بنود الاتفاق:

أ. تخزين ما قيمته، حتى مليار دولار من الأسلحة والمعدات الثقيلة في إسرائيل، ويمكن لإسرائيل استخدام هذه المعدات في حالة تعرض أمنها للتهديد.

ب. تخزين معدات فرقتين، إحداهما مدرعة، في مخازن طوارئ لاستخدامها في المواقف الطارئة بواسطة القوات الأمريكية للتدخل في مناطق الصراع بالشرق الأوسط، ويمكن لإسرائيل أيضا استخدام هذه المعدات عند الضرورة، في حالة تهديد أمنها.

ج. ربط إسرائيل بما يعرف بنظام الحماية العالمي، الذي يتضمن أنظمة الإنذار المبكر على الأرض وفي الفضاء.

د. السماح لإسرائيل بالمشاركة في نظام الدفاع الأمريكي المضاد للصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى.

هـ. إمداد إسرائيل بما قيمته 700 مليون دولار أسلحة، ومعدات، من مخزون الأسلحة الأمريكية في أوروبا.

و. إمداد إسرائيل بنوعيات متقدمة من الأسلحة والمعدات، مثل الطائرات العمودية أباتشي Apache/ بلاك هوك Black Hawk، وعدد من الطائرات F-15 I, التي تعد الأحدث على مستوى العالم، صواريخ هاربون Harpoon.

وبصفة عامة فقد أثار توقيع اتفاقية عام 1992 بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص، العديد من ردود الأفعال واسعة النطاق، من جانب الأطراف المعنية إقليميا ودوليا، ما بين مؤيد ومندد بها، وخصوصاً أنه كانت هناك إجراءات تكميلية ضد أطراف أخرى في المنطقة تزامنت مع الاتفاقية

ما أضيف لقدرة إسرائيل نتيجة للاتفاقية:

أ. تعميق وتوسيع التحالف الإستراتيجي، الإسرائيلي ـ الأمريكي.

ب. الوجود الكثيف في الفضاء الخارجي، بواسطة الأقمار الصناعية الإسرائيلية والأمريكية.

ج. بناء آلية لتدمير قواعد الصواريخ بعيدة المدى ـ قبل أن تباشر عملها ـ وأخرى لتدمير الصواريخ، وهي في مسارها بالجو، قبل أن تصل إلى أهدافها في إسرائيل.

د. استخدام الغواصات المجهزة برؤوس نووية بعيدة المدى، كخيار إضافي في حالة التعرض لهجوم نووي، ولنقل التهديد إلى مسافات بعيدة.

هـ. إعطاء أفضلية أساسية للقوات الجوية بحيث تعطي دورًا مركزيًا حيويًا في هذه النوعية من الحرب.

و. منح إسرائيل ما قيمته 650 مليون دولار، صفقة صواريخ باتريوت، وأجهزة أخرى للدفاع الجوي، كمساعدات فورية.

ز. تقديم قرض قيمته 10 مليار دولار عام 1992، في شكل ضمانات، بهدف تخفيف الأعباء الاقتصادية الناجمة عن نزوح ما يزيد عن 600 ألف مهاجر يهودي من روسيا وإثيوبيا.

2. اتفاقية التعاون الإسرائيلي ـ الأمريكي 24 أبريل 1996 "مذكرة تفاهم"

أ. الظروف المحلية والإقليمية والدولية التي واكبت توقيع المذكرة

(1) استمرار تعرض إسرائيل بصورة مطردة للعمليات الفدائية، والمقاومة اللبنانية، واستمرار الخسائر البشرية الإسرائيلية، من جراء المواجهة المستمرة في جنوبي لبنان، والتي لم يفلح مؤتمر قمة صانعي السلام الذي عقد بمدينة شرم الشيخ في 13 مارس 1996، وتفاهم أبريل 1996 في إيجاد آلية لحماية المدنيين الإسرائيليين في الجنوب اللبناني، أو الجليل الأعلى، بسبب تصاعد العمليات العسكرية من المقاومة اللبنانية، خاصة من حزب الله اللبناني.

(2) صعوبة القضاء على العمليات الانتحارية للفلسطينيين، في ظل استمرار بقاء أسبابها، وتلبية الحد الأدنى من المطالب للفلسطينيين.

(3) استمرار وجود قوى عربية وغير عربية، ما زالت تتمسك بموقعها المعادي لإسرائيل، وتخشى من أن يتمكن بعضها إيران/ باكستان، من امتلاك السلاح النووي، ووسائل حمله القادرة على تهديد أمن إسرائيل.

ب. أهم البنود والأسس والمبادئ المحددة لمذكرة التعاون

تهدف اتفاقية التعاون الأمريكي ـ الإسرائيلي، والتي وقعت في 24 أبريل 1996، إلى توسيع علاقات التعاون العسكري والأمني، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، ودعم التعاون في مجال الدفاع الصاروخي، والسماح لإسرائيل باستخدام الأسلحة والمعدات الأمريكية المخزنة في إسرائيل.

وتشمل المذكرة العديد من المبادئ المحددة لصياغة أسس التعاون الإستراتيجي، والتي لا تصل إلى صيغة التحالف الرسمي أو القانوني، وتتضمن المبادئ الآتية:

(1) الحفاظ على حرية الحركة الإسرائيلية، وعدم المساس ببرنامجها النووي.

(2) تدعيم وتعميق التعاون الأمني، والاستخباراتي.

(3) توسيع التعاون في مجال الأبحاث، والتكنولوجيا، والتدريبات المشتركة.

(4) تبادل المعلومات حول المنظمات الإرهابية، وعقد لقاءات نصف سنوية لهذا الغرض.

(5) إسهام الإدارة الأمريكية في بناء التكنولوجيا الإسرائيلية، من خلال بيع الحاسبات الآلية، وتوسيع التعاون في الأبحاث الخاصة بالفضاء، ومواصلة التعاون الثنائي لتطوير الصاروخ حيتس، والإسراع في تصميم شبكة "نيوتيلس" المضادة للصواريخ الكاتيوشا، إضافة إلى تزويد إسرائيل بصفقة طائرات من طراز F-15 I مكونة من 25 طائرة.

وبصفة عامة فقد أثار توقيع مذكرة التفاهم عام 1996 بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية العديد من ردود الفعل واسعة النطاق، من جانب مختلف الأطراف المعنية من بين مؤيد ومندد بها. ولقد حققت إسرائيل من جراء تلك الاتفاقية.

(1) التفوق النوعي على كافة الدول العربية من خلال الحصول على أحدث نظم التسليح.

(2) تقديم الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل تكنولوجيا متقدمة، لنظم الليزر "النظام ثاد THAD" من أجل تطوير مدفع ليزر مضاد للذخائر الصماء، والصواريخ قصيرة المدى " الكاتيوشا"، على أن يكون التطوير والتصنيع على نفقة الولايات المتحدة الأمريكية. وقد استغلت إسرائيل الحصول على تلك التكنولوجيا المتقدمة في تصنيع العديد من النظم الحديثة، التي تعتمد على الليزر.

(3) ربط إسرائيل بما يسمى نظام الحماية العالمي، الذي يتضمن أنظمة إنذار مبكر لردع أية هجمات بالصواريخ أرض/ أرض.

(4) زيادة قدرة إسرائيل على الردع، الذي يعتمد على وضع إسرائيل كدولة نووية تمتلك صواريخ بعيدة المدى، وسلاحاً جوياً يمكنه الطيران لمسافات طويلة.

(5) دعم قدرات إسرائيل، في مواجهة اتساع نطاق الإرهاب الدولي، والجريمة المنظمة.

(6) تقديم مساعدات أمريكية لإسرائيل، بقيمة 100 مليون دولار لمقاومة الإرهاب.

كما حققت الولايات المتحدة الأمريكية في نفس الوقت الآتي:

(1) الحفاظ على الدور القيادي العالمي، الذي يعتمد على الهيمنة وتأكيد النفوذ الأمريكي على مقدرات وشؤون المجتمع الدولي، في المناطق ذات التأثير والثقل، وبما يضمن لها تحقيق الحد الأقصى من مصالحها الإستراتيجية الحيوية في منطقة الشرق الأوسط، ويزيد من فرص وحرية الحركة لها، ويقضى على المخاطر، والعدائيات التي تؤثر عليها في المنطقة.

(2) تحقيق الهدف الإستراتيجي العسكري، للولايات المتحدة الأمريكية، في إدارة الصراعات المسلحة، بأسلوب الفعل لا رد الفعل، بامتلاك عنصر المبادأة، والحفاظ عليها، واعتناق إستراتيجية الردع ضد كافة القوى الإقليمية المناهضة للولايات المتحدة الأمريكية، مع عدم الاستعداد للحرب وتحقيق النصر إذا تطلب الأمر ذلك، من خلال قوى إقليمية تنفذ تلك الإستراتيجية بالوكالة، واستمرار التمسك بإستراتيجية الهيمنة، وفرض الإرادة على البيئة الأمنية في المنطقة.

(3) الحفاظ على الإستراتيجية الأمريكية، في الشرق الأوسط لمواجهة قوس الأزمات بالمنطقة، والممتد من إيران، والعراق، واليمن، والسودان، وليبيا. وتضم هذه الإستراتيجية، إجراءات الاحتواء المزدوج، والخنق الإستراتيجي، والعقوبات الاقتصادية الدولية، والتواجد المباشر للقوات الأمريكية في المنطقة، مع الأخذ في الاعتبار احتمال أن تشكل في المدى المتوسط تهديداً إقليمياً رئيسياً.

3. مذكرة التعاون الإسرائيلي ـ الأمريكي، الأول من نوفمبر 1998

أ. الظروف المحلية، والإقليمية، والدولية التي واكبت توقيع المذكرة

(1) قيام عدد من الدول العربية والإسلامية "العراق، وإيران، وباكستان"، بتطوير أسلحة غير تقليدية سواء في المجال النووي، أو المجال الكيماوي والبيولوجي، الأمر الذي سيؤدي إلى فقد إسرائيل أهمية احتفاظها بتأثير الردع النووي على المدى البعيد.

(2) تعرض مفهوم العمق الإستراتيجي الإسرائيلي، لمتغيرات حادة، بعد دخول الصواريخ بعيدة المدى ساحات الصراع المسلح وبروز وسائل إنذار مبكر متطورة وقائمة على استخدام الأقمار الصناعية.

(3) التطور الكبير الذي حدث في التكنولوجيا العسكرية، وما نجحت إسرائيل في إحرازه في هذا المجال، غير أن هذا التطور وحده لا يكفي لإحداث تغيير أساسي في ميزان القوى بين العرب وإسرائيل، خاصة بعد أن اتسع  الصراع ليضم عناصر القوة الشاملة العسكرية، والاقتصادية، والسياسية والعلمية، والاجتماعية.

(4) الضغوط التي تتعرض لها إسرائيل للإسراع بعملية السلام، مع الدول المجاورة لها فلسطين، ولبنان، وسورية، الأمر الذي يؤدي إلى فرض حدود وإستراتيجيات جديدة على إسرائيل، قد تتعارض مع نظرية الأمن الخاص بها، ومن خلال تلك الاتفاقية يمكن تشجيع إسرائيل، من خلال حصولها على تفوق كامل لمواجهة الأوضاع الجديدة.

ب. أبرز نقاط مذكرة التعاون الإستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية عام 1998

(1) تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية عسكرياً إلى جانب إسرائيل، في حالة اشتراكها في أية عمليات عسكرية في المنطقة.

(2) سيكون التدخل الأمريكي لهدف دفاعي، وهو منع تحقيق الأطراف الأخرى، أي انتصار عسكري على إسرائيل.

(3) سيكون التدخل الأمريكي مباشراً، ويعني ذلك اشتراك قوات عسكرية أمريكية إلى جانب إسرائيل، في العمليات العسكرية.

(4) توفّر الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل، شبكة أمان رادعة ضد منظومات الصواريخ المنتشرة في المنطقة، خاصة لدى إيران، وسورية، والعراق.

(5) تزويد إسرائيل بأجهزة إنذار ومراقبة، تمكنها من رصد أي أخطار أمنية محتملة على "أراضيها"، خاصة إذا كانت تلك الأخطار تتعلق باستخدام الصواريخ.

(6) تقدم الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل، أنواعًا جديدة من الأسلحة، تستخدم بالأساس في دعم القدرات الدفاعية، والردع الإسرائيلي.

(7) تعزيز مجال تبادل المعلومات، بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وتوقيع اتفاقية تعاون جديدة، مع وكالة الاستخبارات العسكرية DIA، ووزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون، في مجال تبادل المعلومات للأغراض العسكرية.

(8) تقدم الولايات المتحدة الأمريكية، المعونات العسكرية الكافية لإسرائيل، في حال إقدامها على القيام بعملية عسكرية ضد دولة أخرى في المنطقة، شريطة أن تطلّع الولايات المتحدة الأمريكية على تفاصيل العملية العسكرية قبل إقرارها من إسرائيل، وأن تكون الدولة الأخرى من الدول التي تهدد أمن واستقرار إسرائيل.

(9) أن ترتكز علاقات التعاون الإستراتيجي، والعلاقات العسكرية بين البلدين على أساس التحالف العسكري، وأن إسرائيل في "المرحلة الأولى" من التحالف لن تكون ملزمة بإرسال قوات إلي خارج المنطقة إلا بعد أن ترتب أوضاعها الداخلية، في حين تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية بأن ترسل قواتها إلى إسرائيل، على اعتبار أن هذه القوات، جزءاً من القوات الإسرائيلية، في ظل تعرض إسرائيل لأية هجمات عسكرية، خاصة إذا كانت هذه العمليات بأسلحة غير تقليدية.

(10) تتعهد الولايات المتحدة الأمريكية، بأن تقوم بتوجيه ضربة عسكرية مؤثرة، وبأسلحة غير تقليدية، ضد أي دولة تهاجم إسرائيل.

وقد شهدت العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية تطوراً جذرياً في نوفمبر 1998 مع عقد الاتفاقية، والتي دعمت جهود واشنطن خلال اجتماع حلف شمال الأطلسي، للاحتفال بالذكرى الخمسين لإنشائه في العاصمة واشنطن، حيث أقر خلالها المجتمعون نقل مسؤوليات، وصلاحيات الحلف إلى مناطق جديدة خارج المسرح الأوروبي، منها منطقة الشرق الأوسط، أي بما يدفع الحلف إلى دعم الاتفاق الإستراتيجي والأمني، بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

وقد انعكس هذا الاتفاق على إسرائيل في الآتي:  

(1) دعم قدرات الردع والدفاع الإسرائيلية، وتحديث هيكل العلاقات العسكرية والإستراتيجية الإسرائيلية ـ الأمريكية، ووضع الولايات المتحدة الأمريكية موضع الالتزام تجاه الدفاع عن إسرائيل ضد التهديدات المتزايدة لهجمات الصواريخ الباليستية.

(2) نجاح إسرائيل في دعم قدراتها العسكرية، لردع العنف، بفضل المساعدات الأمريكية، ونجاح الولايات المتحدة الأمريكية في الحصول على شريك متقدم تكنولوجيا، للحفاظ على المصالح الإستراتيجية الأمريكية.

(3) توافر المعلومات الحيوية عن الإرهاب، ونشر الأسلحة التقليدية وغير التقليدية، لدى كل من أمريكا وإسرائيل.

(4) تكوين الشراكة الإستراتيجية الإسرائيلية ـ الأمريكية، لمواجهة المخاطر المتزايدة في أكثر المناطق توتراً.

(5) تشكيل لجنة العمل العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي DPAG[3] في 31 أكتوبر 1999، بهدف تخطيط التعاون الإستراتيجي بين وزارتي الدفاع لكلا البلدين. وقد ُشكلت اللجنة بناء على اتفاق بين كل من الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك، خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية في يوليه 1999، لبحث سبل التعاون والحوار العسكري بين البلدين، فضلاً عن زيادة القدرات المشتركة في مجال مواجهة التقديرات الناجمة عن انتشار الصواريخ الباليستية، وأسلحة الدمار الشامل.

(6) عقد أول اجتماع للمجموعة السياسية ـ العسكرية المشتركة الإسرائيلية ـ الأمريكية في الأسبوع الثاني من مايو 1999، وقد تناول الاجتماع الموضوعات ذات الطابع الإستراتيجي والإقليمي، وتعتبر المجموعة إحدى قنوات التعاون العسكري بين أمريكا وإسرائيل، إضافة إلى لجنة التخطيط الإستراتيجي المشترك التي تجتمع كل ستة شهور.

(7) اتفق على بلورة مذكرة تفاهم إستراتيجي جديدة، كبديل عن المذكرة السابقة التي وُقعت عام 1998، وتتضمن المذكرة الجديدة "أبعاد العلاقات الخاصة بين البلدين، تفعيل لجان العمل والتعاون المشترك"، وبدأ عمل اللجان لمناقشة الإطار العام لمذكرة التفاهم خلال الأسبوع الأول من نوفمبر 1999.

(8) تتعهد الولايات المتحدة الأمريكية، بإنشاء جهاز للتخطيط العسكري والإستراتيجي، من أجهزة الأمن القومي لكلتا الدولتين، مهمته تقديم المقترحات حول دعم قوة الردع الإسرائيلية، وزيادة التعاون الإسرائيلي ـ الأمريكي، لمواجهة التهديدات الإستراتيجية لإسرائيل، وسيقوم هذا الجهاز بإعداد تقرير ربع سنوي يُعرض عل كل من الرئيس كلينتون، ورئيس الوزراء الإسرائيلي.



[1] Joint Political Military Group.

[2] Joint Security Assistance Planning Group.

[3] Defense Planning and Advisory Group.