إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / نظرية الجيش الذكي الصغير




ملابس الوقاية
منظومة المقاتل البري
نظام فيست
مقاتل ينظر لشاشة الحاسب
المنظومة "إيكاد"
اللغم هورنت
الدفاع عن مسرح العمليات
السلاح PAPOP
الطائرة F-22
الطائرة جلوبال هوك
الصاروخ "أرو"
الصاروخ ميتيور
الصاروخ أسرام
الصاروخ دارتر
الصاروخ JASSM
الصاروخ سلامر
الصاروخ ستورم شادو
الصاروخ R-77
الصاروخ SM-3
ربوت يحمل كاميرا

مدمرة DD-21
مكونات الليزر
مكونات الصاروخ الباتريوت
نظام "ثاد" للدفاع
نظام المراقبة "هوريزون"
إعادة هيكلة منظومة الدفاع
المقاتلة JSF
المقذوف بونس
الصاروخ أباتشي
الصاروخ ميكا
شبكة أنظمة الكشف والتتبع
شبكة مستشعرات
ذخيرة هاون ميرلين
قنابل Paveway III




المبحث السابع

المبحث الثامن

الصواريخ البالسيتية سلاح الردع في الجيش الذكي الصغير

تعتبر الصواريخ البالسيتية سلاح ردع في الجيش الذكي الصغير، ولذلك تلعب هذه الصواريخ دورا مهما في تسليحه، نظرا إلى تزايد دقتها، التي تؤهلها لمهاجمة أهداف عسكرية صغيرة ومحدودة، وإلى قدرتها على تدمير منشآت البنية الإستراتيجية، والحرب النفسية ضد السكان المدنيين.

ومن الأهداف التي تسعى إليها أي قوة مسلحة، وتحتل مكانة متميزة في الفكر العسكري للدول التي تتبنى فكرة الجيش الذكي الصغير، ويمكن تحقيقها باستخدام الصواريخ البالسيتية، هدف تدمير الروح المعنوية للخصم، وكذلك تدمير قدرته على المقاومة. إذ أن الضربات الصاروخية غالبا ما تترك آثارا سلبية، بالغة القوة على الروح المعنوية. وحيث يمكن للغارات الجوية أن تتأثر لاعتبارات الطقس والرؤية، فإن الصواريخ لا تتأثر بهذه الاعتبارات.

أولاً: مميزات الصواريخ البالسيتية

الصواريخ البالسيتية تتمتع بقيمة حربية عالية، حيث تستطيع مهاجمة عمق الخصم، والأهم من ذلك أن هذه الصواريخ تتيح ميزات السرعة وعدم قدرة دول العالم الثالث على اعتراضها، حيث لا تملك أي منها الأسلحة المناسبة لذلك، ولهذا فإنها تحقق ميزة المفاجأة لصالح المهاجم، الذي يحقق أحد مبادئ الحرب الأساسية.

وفي ظل غياب أنظمة الصواريخ المضادة للصواريخ، تصبح الصواريخ البالسيتية سلاحا عالي الفعالية، بالنظر إلى إمكانية الاستخدام الفوري، والافتقار إلى أنظمة الإنذار المبكر بإطلاقها. كما أنها تعطيه الفرصة ليملي على خصمه التوقيت والظروف التي يخوض فيها المعركة، الأمر الذي يضمن للمهاجم العمل في ظل ظروف مواتية له.

وامتلاك الصواريخ البالسيتية يعوض عدم التفوق الجوي، حيث يمكن لهذه الصواريخ تحقيق المهام التي يصعب على القوات الجوية تحقيقها، مع توفير قوة نيرانية مؤثرة على أهداف العدو في العمق.

ولقد أوضحت الحروب الأخيرة، ومنها حرب تحرير الكويت، قصور المدفعية التقليدية في التعامل مع الأهداف في عمق العدو، والتي تتواجد على مسافات أبعد من مديات المدفعية بأعيرتها المختلفة، هذا إلى جانب طبيعة بعض الأهداف المحصنة، والتي لا تقوى على تدميرها ذخيرة المدفعية العادية، ومنها على سبيل المثال: مراكز القيادة والسيطرة، والقواعد الجوية ومخازن الأسلحة والمطارات، والمدن.

ثانياً: أنواع الصواريخ البالسيتية

يمكن تقسيم الصواريخ البالسيتية إلى ثلاثة أنواع أساسية:

1. الصواريخ قصيرة المدى، ويتراوح مداها بين، 150ـ 500 كم. وتنحدر منها عائلات الصواريخ التكتيكية الراهنة.

2. الصواريخ متوسطة المدى، ويزيد مداها على 500 كم.

3. الصواريخ بعيدة المدى، ويتعدى مداها 2000 كم.

ثالثاً: انتشار الصواريخ البالسيتية

هناك الآن حوالي عشرين دولة من دول العالم الثالث يمتلكون قدرات صاروخية بالفعل، أو أنهم على وشك امتلاكها، في حين سوف يزيد هذا العدد مع مطلع القرن الحادي والعشرين. وقد ثبت أن زيادة معدل انتشار الصواريخ البالسيتية سوف ينجم عنه مزيد من الدمار والخسائر في الأرواح البشرية بين صفوف المدنيين في النزاعات الإقليمية المستقبلية.

فقد أصبحت الأطراف المتنازعة أكثر ميلا لاستخدام هذه الصواريخ، وكذلك هناك المزيد من محاولات امتلاكها، ومن التعاون العلني والسري بين العديد من الدول، لامتلاك قدرات تصنيعها وتحسين قدراتها وتطويرها.

رابعاً: دعم مهام الصواريخ البالسيتية

يمكن دعم مهام الصواريخ البالسيتية بواسطة أنظمة الاستشعار المحمولة جوا، وأنظمة استخبارات الاتصالات، وأنظمة القيادة والسيطرة المحمولة جوا، مثل نظام "جستارز" JSTARS، والطائرات الموجهة من دون طيار، التي تستخدم للمراقبة وتحديد الأهداف.

خامساً: اتجاهات تطوير الصواريخ البالسيتية في الجيش الذكي

نظراً لفعالية الصواريخ التكتيكية البالسيتية، يسعى مصمموها إلى زيادة قدراتها للوصول إلى أفضل استفادة منها، وأقصى قوة تدميرية. وقد تركزت اتجاهات تطوير هذه الصواريخ في الآتي:

·   زيادة المدى باستخدام أنواع متطورة من الوقود.

·   زيادة التأثير باستخدام الرؤوس الحاملة والمتعددة والارتجاجية.

·   إضافة إمكانية توجيه إيجابي في المرحلة الأخيرة من المسار، لتحقيق دقة إصابة عالية، واستخدام المستشعرات الحديثة، بالإضافة إلى الاستعانة بالأقمار الصناعية.

·   تطوير المحرك الصاروخي، باستخدام عدة مراحل.

·   خفض التكاليف.

1. زيادة المدى

تهدف زيادة مدى الصواريخ التكتيكية البالسيتية إلى إمكانية إصابة أهداف في العمق، مع عدم إهمال المديات القريبة والمتوسطة. ومن هذه الصواريخ على سبيل المثال: الصاروخ SS-21 الذي يبلغ مداه 120 كم، والصاروخ SS-23 الذي يبلغ مداه 500 كم، والصاروخ SS-22 الذي يبلغ مداه 950 كم. وقد تم تصميم أنواع متوسطة المدى، ذات رؤوس متعددة، توفرت فيها خفة الحركة، مع إمكانية نقلها جوا، مثل الصاروخ SS-20.

ويتأثر مدى الصاروخ بنوع الرأس المدمرة التي يحملها، فالصاروخ الأمريكي "لانس" LANCE يصل مداه إلى 70 كم، بالرأس التقليدية و110 كم بالرأس النووية. وتنقسم الرؤوس التقليدية إلى رؤوس مدمرة منتجة للشظايا، ورؤوس ذات أغراض خاصة دخان ـ مضيء... الخ، ورؤوس حاملة للذخائر والألغام وقنابل مضادة للأفراد والمدرعات.

  • تطوير نظام "أتاكام"

تقوم الولايات المتحدة بتطوير الجيل الثاني من الصاروخ التكتيكي ATACMS الذي يستخدم في العمليات الهجومية ضد الأهداف الأرضية، بحيث يصل مدى الصاروخ إلى 395 كم، ويمكن إطلاق هذا الصاروخ من أية منصة هجومية، سواء من المعدات الأرضية، أو السفن، أو الغواصات ضد أنواع من الأهداف الأرضية.

ويمكن إطلاق الصاروخ ATACMS من منصات النظام الصاروخي MLRS متعدد القواذف، الموجود لدى العديد من الدول الأوروبية.

ويشمل التطوير، بالإضافة إلى زيادة مدى الصاروخ حتى 395 كم، ربط النظام ATACMS بنظام تحديد الموقع العالمي GPS وكذلك تزويده بنظام التوجيه بالقصور الذاتي، لزيادة درجة الإصابة.

وسوف تنتج أنواع من الصاروخ تحمل الذخائر الموجهة، المضادة للدبابات من نوع "بات" BAT، وهى تحتوي على مستشعرات سمعية، ومستشعرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء، بالإضافة إلى مستشعرات رادارية مليميترية، وذلك لإمكان مهاجمة الدبابات المتحركة.

وسيحمل كل مقذوف من نوع ATACMS عدد 13 مقذوفا ثانويا نوع "بات"، بحيث ينطلق الصاروخ إلى عمق العدو، موجها بواسطة المستشعرات "الذكية"، التي تكتشف تجمعات المدرعات المعادية، ثم ينفتح مقذوف ATACMS فوق هذه التجمعات، وتنطلق منه الذخائر "بات"، مستخدمة مظلة تعمل على استقرار الذخائر أو إبطائها في الجو، لتقليل تأثير الرياح عليها.

وبعد ذلك تقوم الذخائر بالاستشعار الصوتي للدبابات، ثم تطرح القذيفة المظلة، وتتخلص منها وهي تتوجه نحو الهدف. وتقوم مستشعرات الأشعة تحت الحمراء بمساعدة الذخيرة في الإطباق على الهدف، وتهاجم كل قذيفة دبابة على حدة. وتزن الذخيرة "بات" 20 كجم، وطولها 90 سم، وقطرها 145 مم.

وقد كشفت المصادر الأمريكية عن بعض تفاصيل النوع الجديد لنظام ATACMS، والمسمى Block II، وهو نظام صاروخي تكتيكي مفرد، وله ثلاثة رؤوس حربية، على الأقل.

وهو محمول على مركبة مجنزرة مشتقة من المركبة المدرعة الأمريكية "برادلي" Bradely التي يمكنها حمل 12 صاروخا من نوع MLRS أو صاروخين من نوع ATACMS. والرأس الحربية للصاروخ تحوي 950 قنبلة متشظية من نوع M74HE.

لزيادة دقة الصاروخ، فإن التطوير يتركز في تطوير الجيروسكوبات والحاسبات ونظم الملاحة والتوجيه والتحكم. وقد وصل الخطأ إلى حوالي 0.1% من مدى الصاروخ، ويقل الخطأ عن ذلك في النظم التي يتم توجيهها في نهاية المسار.

2. زيادة التأثير

أما لزيادة القدرة التدميرية، فإن التطوير يشمل استخدام مواد متفجرة متقدمة، أو إحداث التفجيرات الهوائية Fuel Air Explosives: FAE، أو استخدام الرؤوس الحاملة، وتستخدم القنابل الارتجاجية التي تعتمد على نشر سحابة من غاز، يتفاعل مع الهواء، بتأثير شحنة مفجرة، لعمل موجة انفجارية هائلة الانتشار، يصل مقدار الضغط فيها إلى حوالي 10 ضغط جوي.

وعن احتمالات تعرض الصواريخ للإصابة أثناء طيرانها، فإن قياس بعض البيانات عن مسار الصاروخ يتيح للحاسبات أن تتنبأ بالمسار، وتتوقع مكان إطلاق الصاروخ ومكان سقوطه، وهذه البيانات هي التي تغذى أجهزة التوجيه للمقذوفات. ولذلك فإن الأبحاث تسير نحو تحقيق مسار بالسيتي للصاروخ لا يسهل التنبؤ به، مما يجعل مهمة توقع نقطة سقوطه صعبة للغاية. ومن الأساليب التي يجري بحثها في هذا المجال تعدد مرات إطفاء وإشعال المحرك.

3. تطوير وسائل التوجيه في الصواريخ البالسيتية

الفكرة الأساسية لنظم التوجيه والتحكم في الصواريخ البالسيتية تعتمد على حساب مسبق لمسار الصاروخ، يعتمد على الإحداثيات الجغرافية لكل من نقطة الإطلاق والهدف، ويحقق متطلبات النظام، ثم يتم تخزين بارامترات هذا المسار داخل حاسب التوجيه للصاروخ، الذي يقوم بمعالجة القياسات التي تتم بواسطة مستشعرات الصاروخ لاستخراج بارامترات المسار الفعلي، ثم مقارنته بالمسار المرجعي المخزن لتحديد الانحراف.

ويتم توليد أوامر التحكم لتجنب هذا الانحراف. وقرب نهاية الجزء الإيجابي من المسار، يتم إبطال المحرك عندما تكون سرعة الصاروخ ووضعه يضمنان استكمال الصاروخ لمساره الحر، بحيث يقع عند نقطة الهدف في حدود الخطأ المسموح به.

وقد تكون الصواريخ موجهة بالقصور الذاتي Inertial Guidance حيث يتضمن نظام التوجيه عددا من الجيروسكوبات Gyroscopes لتحديد انحراف الصاروخ عن محاور دورانه الثلاثة، ثم تتم تغذية الحاسب في الصاروخ بهذه الانحرافات، ليقوم بإجراء التصحيحات اللازمة، طبقا للبرنامج المعد من قبل لخط سير الصاروخ عن طريق وسائل التوجيه.

وتتوقف درجة دقة الصاروخ على مدى التقدم العلمي والتكنولوجي في استخدام الجيروسكوبات والحاسبات الإلكترونية والمساعدات الملاحية الموجودة في الصاروخ. وقد توجه الصواريخ أيضا بمعاونة الأقمار الصناعية حيث تعتمد عليها في تصحيح المسار.

4. تطوير المحركات الصاروخية

يتم هذا التطوير بهدف زيادة المدى باستخدام محركات جديدة، ذات قوة دفع لمرحلتين أو أكثر. ويتسم التطور في هذا الاتجاه باستخدام الوقود الصلب للمحركات الصاروخية، بدلا من الوقود السائل، الذي يمثل تكنولوجيا متخلفة، إذا ما قورن بالوقود الصلب، من حيث سهولة الاستخدام وزيادة قوة الدفع، مع صغر الحجم. كما يتجه التطوير أيضا إلى استخدام سبائك عالية المواصفات في تصنيع جسم المحرك، مما يقلل وزنه، وبالتالي يؤدي إلى زيادة المدى، أو زيادة وزن الرأس المدمرة.

وتتميز المحركات الصاروخية ذات الوقود الصلب، مقارنة بالمحركات ذات الوقود السائل ببساطة التصميم، وبمرونة الاستخدام العملياتي، وسهولة التداول والتخزين والاستخدام القتالي، مما أوجد اهتماما متزايدا بين الدول الحريصة على امتلاك قوى الردع الذاتي، بتطوير واستخدام الأنظمة ذات محركات الوقود الصلب.

5. خفض التكاليف

تستمر المحاولات للحد من التكاليف لأنظمة الصواريخ البالسيتية التكتيكية، حتى يتسنى تسويقها، واستخدامها في ميدان القتال بالعدد الكافي، ويتحقق خفض التكلفة باستخدام تقنيات مناسبة، ولاسيما في مجال الإلكترونيات الدقيقة والحاسبات الرقمية.

وتطبيق مبدأ خفض التكلفة يراعى عند تطوير الأنظمة الحالية المستخدمة بإضافة مكونات أكثر تطورا، وكذلك عند تصنيع نظام جديد تماما.

سادساً: مواجهة الصواريخ البالسيتية

إذا كان الجيش الذكي الصغير يحاول امتلاك الصواريخ البالسيتية بوصفه سلاحاً للردع، فإنه يحاول أيضا امتلاك أسلحة مضادة لمواجهتها لدى الخصم. وقد تركز التفكير في بادئ الأمر نحو تطوير أنظمة الدفاع الجوى الموجودة في الخدمة، مثل نظام "باتريوت" Patriot   الأمريكي، الذي استخدم لأول مرة في حرب تحرير الكويت، (اُنظر شكل مكونات الصاروخ الباتريوت)، ونظام S-300 الروسي.

وبعد ذلك بدأ تطوير أنظمة دفاع حديثة تتخصص في الدفاع ضد الصواريخ البالسيتية، ومنها النظام الإسرائيلي "أرو" Arrow، (اُنظر صورة الصاروخ أرو).

سابعاً: منظومة الدفاع المضاد للصواريخ البالسيتية

تعتمد فكرة منظومة الدفاع المضاد للصواريخ البالسيتية على إقامة شبكة إنذار، ووسائل دفاعية إيجابية، تحقق لمنطقة معينة الحماية من هذه الصواريخ، وذلك باعتراضها في الفضاء، البعيد والقريب، وتدميرها قبل وصولها إلى أهدافها. وتتكون هذه المنظومة من: عناصر الاستطلاع والإنذار المبكر، وعناصر القيادة والسيطرة، والأسلحة الاعتراضية.

1. الأسلحة الاعتراضية

تستهدف الأسلحة الاعتراضية في المنظومة اعتراض الصواريخ المعادية في الفضاء البعيد والقريب، وتدميرها، قبل أن تصل إلى أهدافها.

وتتضمن هذه الأسلحة: الصواريخ المضادة للصواريخ، وأسلحة طاقة الحركة Kinetic Energy Weapons، وأسلحة الطاقة الكامنة، وأسلحة الطاقة الإشعاعية. وبعض هذه الأسلحة قادر على اعتراض الصواريخ البالسيتية بعيدة المدى، وبعضها الآخر مخصص لاعتراض الصواريخ البالسيتية متوسطة وقصيرة المدى.

2. تطوير نظام "باتريوت"

إذا كان نوع "باتريوت" الذي استخدم خلال عامي 1990م، 1991م لم يكن على المستوى المطلوب، في مواجهة صواريخ "سكود" Scud فإن نوع "باتريوت" الحالي أفضل بكثير من الأنواع الأولى، فالدروس المستفادة من الحرب، بالإضافة إلى برامج التطوير التي مر بها، زودته بالقدرة الفعلية على التصدي للمقذوفات البالسيتية.

وبذلك أصبح نظام "باتريوت" هو أساس الدفاع ضد المقذوفات في الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الحليفة، في الوقت الحالي. وهو تحت الدراسة في كوريا الجنوبية، لاستخدامه للدفاع ضد ترسانة المقذوفات البالسيتية الضخمة، لدى كوريا الشمالية.

وعلى المستوى التكتيكي، يمتاز الجيل الثالث من صواريخ "باتريوت "، والمعروف باسم "باتريوت ذي القدرات المتطورة" Patriot Advanced Capability-3 PAC-3 بنظام توجيه متطور يمكنه من اعتراض الصواريخ البالسيتية بدقة أكبر من الجيلين الأول والثاني. كما أنه يمكنه أن يعترض الصواريخ على ارتفاعات أعلى من سابقه PAC-2.

وقد شمل التطوير أيضا تزويد الصاروخ بطابة Fuse أكثر تطورا، وبجهاز للاستقبال على الموجات الرادارية العاملة في الحيز الترددي C-band، مما يجعله أكثر حساسية ودقة في التصويب، حيث يتوجه الصاروخ PAC-3 إلى الرأس المدمر للصاروخ المهاجم، بدلا من إصابته في البدن، كما كان يحدث في عمليات عاصفة الصحراء.

وقد أجرى الجيش الأمريكي تجربة إطلاق لاعتراض الصواريخ البالسيتية بواسطة الصاروخ PAC-3 بمنطقة التجارب في ولاية نيومكسيكو. وأظهرت التجربة، لأول مرة، فعالية مفهوم الضرب من أجل القتل، حيث دمر الصاروخ " باتريوت" الصاروخ المهاجم، وهو أحد الصواريخ العابرة للقارات، من نوع "منيوتمان" Minuteman، من أول عملية إطلاق.

ومن المتوقع أن يستمر برنامج تحديث الصواريخ "باتريوت" من نوع PAC-2 العاملة في الخدمة في الجيش الأمريكي، وباقي الدول التي تم نشر هذه الصواريخ فيها، إلى النوع PAC-3.

3. تطوير نظام "ثاد"

في الاتجاه الثاني، الذي يتمثل في تطوير أنظمة خاصة بالدفاع ضد الصواريخ البالسيتية، تطور الولايات المتحدة نظام "ثاد" Theatre High Altitude Area Defense THAAD للدفاع الصاروخي عن مسرح العمليات Theater Missile Defense TMD ضد الصواريخ البالسيتية، (اُنظر شكل نظام "ثاد" للدفاع).

والهدف الرئيسي لهذا النظام هو حماية القوات الأمريكية، المنتشرة في دول أجنبية، من وقوع هجمات محتملة بصواريخ متوسطة، أو طويلة المدى. والنظام أرضي ومتحرك ومصمم لتدمير الصواريخ البالسيتية المقتربة، وفقا لتقنية "الضرب للقتل".

4. تطوير النظام S-300

أنتجت روسيا النظام الصاروخي S-300، المضاد للصواريخ، ثم طورته بعد ذلك إلى النظام S-300P الذي يتمتع بقدرة عالية على المنافسة، من حيث السعر. فالصناعة الروسية ترى أن هذا النوع يمكن أن يكون ناجحاً جداً في سوق صادرات السلاح، وكذلك فإنها تأمل في استخدامه من أجل بناء علاقات ثنائية مع العملاء الرئيسيين في السوق، من أجل تسويق نظم تسليح أخرى.

وقد ذكرت بعض التقارير أن القوات الصربية استخدمت النظام S-300 في إسقاط الطائرة الأمريكية الخفية في حرب البلقان.والنظام S-300P عبارة عن منظومة دفاع جوي عديدة القنوات، ذات قابلية عالية للتنقل، ومجهزة بوسائل القيادة والسيطرة الآلية.

وتستخدم هذه المنظومة في مجالات عدة، أهمها حماية المنشآت الحيوية، المدنية منها والعسكرية، من الهجمات الصاروخية البالسيتية والصواريخ الطوافة، وهجمات الطائرات الإستراتيجية والتكتيكية، وسائر الهجمات الجوية المختلفة، ذات الارتفاعات من 10 أمتار إلى 27 كم، في ظل استخدام العدو لأساليب الحرب الإلكترونية، الإيجابية منها والسلبية.

5. مميزات النظام S-300

يتميز النظام الصاروخي S-300P برد الفعل السريع للغاية، ويمكنه التعامل والرمي على 6 أهداف جوية في آن واحد. ويستخدم الصواريخ الموجهة، المزودة بالمحركات، التي تعمل بالوقود الجاف، مما يعطيها سرعة تصل إلى 6 ماخ[1]. ومن أهم مميزات النظام:

أ. إطلاق الصاروخ بشكل عمودي، مما يسمح بإنجاز الرماية ضد الأهداف المعادية المتحركة في جميع الاتجاهات، ورد الفعل الفوري ضدها دون تحريك قاعدة الإطلاق.

ب. إمكانية وضع الوسائل اللاسلكية والرادارية فوق الأبراج، بينما تكون المنظومة في الأراضي الوعرة وفي الأحراش.

ج. القابلية العالية للتنقل التكتيكي.

د. القدرة العالية على إصابة الأهداف المعادية.

هـ. العمل تحت ظروف استخدام العدو لأعمال الحرب الإلكترونية.

و. تدمير الأهداف حتى ارتفاع عشرة أمتار.

6. النظام "أرو"

في مجال تطوير أسلحة اعتراضية، مخصصة للدفاع ضد الصواريخ البالسيتية، فإن إسرائيل، وبمساعدة تكنولوجية وبدعم مالي أمريكي، قد نجحت أخيرا في إدخال صاروخها المضاد للصواريخ "أرو" Arrow إلى الخدمة، ويتوقع أن تحصل الولايات المتحدة على أعداد منه للخدمة في الجيش الأمريكي.

ويستطيع هذا الصاروخ اعتراض الصواريخ المعادية، على الارتفاعات المتوسطة والبعيدة المدى، في منطقة تتراوح مساحتها ما بين 50 - 60 كم2. والصاروخ يتكون من مرحلتين، لزيادة مدى الاعتراض، كما يعمل بواسطة محركي دفع، ويحمل رأسا متفجرة، تعمل بالنظام الطرقي. ويمكنه مطاردة الهدف بواسطة نظام رصد إلكتروني متقدم، وبه ذاكرة للمعلومات.

وتتكون بطارية صواريخ "أرو" من منظومة إدارة نيران، وثلاثة قواذف، كل منها عبارة عن قاطرة متحركة، محمل عليها وحدة لحفظ 6 صواريخ، بإجمالي 18 صاروخاً مع البطارية. أما جهاز الرادار العامل مع هذا النظام فهو من النوع بعيد المدى نوع Green Pines، من إنتاج شركة "التا" الإسرائيلية، حيث يقوم هذا الرادار بتحديد موقع الصاروخ المعادي، ونقطة وتوقيت اعتراضه بواسطة الصاروخ.

ويصل مدى الكشف الراداري إلى 80 كم. كما يوجد مع بطارية صواريخ "أرو" وحدة قيادة وسيطرة، داخل مركبة مجهزة بحاسب إلكتروني وبوسائل اتصال لإدارة نيران البطارية، بالإضافة إلى وحدة مراقبة القواذف داخل مركبة خفيفة، لمتابعة أعمال تجهيز القواذف وإطلاق الصواريخ.

وسيكون الصاروخ "أرو" هو أول صاروخ متخصص في الدفاع ضد المقذوفات البالسيتية يدخل الخدمة، بحيث يكون جزءاً من الاستعدادات الإسرائيلية أمام خطر هذه المقذوفات، والنظام " أرو" مصمم للتعامل مع المقذوفات البالسيتية ذات الرؤوس المتفجرة، وكذلك سيستخدم " أرو" مع وسائل الدفاع الجوي الأخرى، مثل " باتريوت".

ولذلك فإن إسرائيل ترى أهمية كبرى لاستمرار تطوير "أرو"، فالخطر المتمثل في المقذوفات البالسيتية سوف يزيد، لأنه من المعتقد أن الأجيال الحديثة من هذه المقذوفات ستزود بقدرات على الخداع والاختراق.

ثامناً: أسلحة طاقة الحركة

تعتمد أسلحة طاقة الحركة Kinetic Energy Weapons على اصطدام المقذوف المندفع بسرعة هائلة[2] مباشرة بالصاروخ الباليستي. وهذه الأسلحة تطلق من قواعد أرضية أو فضائية، بواسطة مدفع يعمل بالطاقة الكهرومغناطيسية.

وهذه المقذوفات مجهزة بنظام توجيه ذاتي، يوجه المقذوف نحو الهدف. ويتجه التطوير نحو جعل هذه المقذوفات تنطلق منها مقذوفات فرعية، كتلتها في حدود 10 كجم لكل منها، نحو الصواريخ المعادية، وذلك قبل أن يدخل الصاروخ المعادي في مرحلته النهائية، نحو الهدف. ولذلك يفضل استخدام هذه المنظومة من محطات فضائية.

وفي الولايات المتحدة تم تطوير نظام "مركبة القتل خارج الغلاف الجوي" Exo-Atmospheric Kill Vehicle الذي أجريت تجربته بنجاح.

وقد نجح في اعتراض صاروخ إستراتيجي من نوع "مينوتمان"، من دون رأس نووي، أطلق من قاعدة على مسافة 225 كم، فوق المحيط الأطلسي، وذلك عن طريق الارتطام المباشر بسرعة قدرها نحو 26 ألف كم/ساعة، ووزن المركبة الدفاعية 54 كجم، وطولها 140 سم. ومن المفترض أن ينجح هذا النظام في اعتراض الصاروخ المعادي، خارج الغلاف الجوى، خلال 6 دقائق فقط من إطلاقه.

تاسعاً: إعادة هيكلة منظومة الدفاع المضاد للصواريخ

تخطط وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" لإعادة هيكلة منظومة الدفاع ضد الصواريخ البالسيتية، من أجل إقامة شبكة متكاملة، (اُنظر شكل إعادة هيكلة منظومة الدفاع)، يمكنها التعامل مع الصاروخ المعادي، في جميع مراحل طيرانه الثلاث: مرحلة الإطلاق، ومرحلة منتصف المسار، ومرحلة النهاية. وتتكون الشبكة من الأنظمة الآتية:

1. في مرحلة الإطلاق: تستخدم أنظمة الليزر الفضائية، ونظام "مسرح العمليات البحري الشامل"   Navy Theater Wide: NTW المصمم للتعامل مع الأهداف خارج الغلاف الجوي، (اُنظر صور الدفاع عن مسرح العمليات)، وذلك بالإضافة إلى برنامجي القوات الجوية، وهما الليزر المحمول جوا على طائرة "بوينج 747"، ونظام SBIRS للدفاع على الارتفاعات المنخفضة.

2. في مرحلة منتصف المسار: يستخدم نظام "ثاد" Theater High Altitude Defense Area: THAAD وهو نظام أرضي مصمم للتعامل مع الهدف المعادي، داخل وخارج الغلاف الجوي، ونظام "الدفاع عن المسرح البحري" Navy Area Defense ونظام "العمليات البحري الشامل"، ونظام "باتريوت" من الجيل الثالث PAC-3: Patriot Advanced Capability-3، إضافة إلى نظام SBIRS.

3. في مرحلة نهاية المسار: تستخدم أنظمة "المسرح البحري"، و"مسرح العمليات البحري الشامل" ونظام PAC-3.

عاشراً: عناصر القيادة والسيطرة في منظومة مواجهة الصواريخ البالسيتية

تتصل عناصر القيادة والسيطرة في منظومة الدفاع المضاد للصواريخ البالسيتية بأقمار الاتصالات، التي تنقل عن أقمار الإنذار جميع المعلومات التي تحصل عليها، لاسيما لحظة ومكان إطلاق الصواريخ المعادية، حيث تصل المعلومة إلى مركز القيادة الأرضي الرئيسي، والذي ينقلها إلى مراكز قيادة سيطرة وتحكم أخرى فرعية، قادرة على تنفيذ الرد الإيجابي بالوسائل المختلفة.

ومن المنتظر أن يشمل مشروع الدفاع الصاروخي الأمريكي National Missile Defense: NMD إنشاء مراكز قيادة وسيطرة فرعية في آسيا والخليج، حيث توجد المصالح الأمريكية في اليابان، وكوريا الجنوبية، وتايوان، ودول مجلس التعاون الخليجي.

حادي عشر: تطوير نظام القيادة والتحكم للصواريخ البالسيتية لحلف شمال الأطلسي

يتم على مستوى "نظام القيادة والتحكم الجوي لحلف شمال الأطلسي" NATO Air Command and Control System: NACCS تطوير النظام الشامل للقيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات للصواريخ البالسيتيةBalistic Missiles Command, Control, Communications, Computers and Intelligence: BMC4I لتوفير تنسيق ملائم يؤمن حلقة مركزية في سلسلة الدفاعات الإيجابية والسلبية والإجراءات المضادة.

 



[1] الماخ = سرعة الصوت.

[2] طاقة حركة المقذوف تعادل كتلة المقذوف مضروبا في مربع سرعته