إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الجيش الثامن البريطاني، في الحرب العالمية الثانية






أرض مسرح عمليات العلمين
الصحراء الغربية والليبية



المصادر والمراجع

4. إعادة تنظيم الجيش الثامن استعداداً لمعركة العلمين

    في صبـاح يوم 7 سبتمبر 1942، قرر مونتجمري إيقاف القتال، في معركة "علم حلفا"، وعدم تنفيذ أي هجمات مضادة ضد قوات رومل. وكان قراره هذا، لإعادة تنظيم قواته، ووصول إمدادات جديدة له، ولتعزيز قواته على خط "العلمين". وقد انتهز هذه الفرصة، لكي يستأنف استعـداداته، لضربته الكبرى القادمة، في معركة العلمين. فعكف على دراسة الموقف، والقيام بجولات، استطلاعية وتفقدية، متتابعة، لوحداته المقاتلة، التي كانت في حالة معنوية سيئة، نتيجة للخسائـر الكبيرة المتتالية التي أصابتهم، في معاركهم السابقة، (قبل توليه قيادة الجيش). وإضافة إلى ذلك، أعاد تنظيم قوات الجيش الثامن، لتشكّل من ثلاثة فيالق بدلاً من فيلقين كما هو مبين بعد:

أ. الفيلق 13، بقيادة الجنرال "هوركس"، ويتكون من:

(1) الفرقة 50 المشاة البريطانية.

(2) الفرقة 44 المشاة البريطانية.

(3) الفرقة 7 المدرعة البريطانية (اللواء 22 المدرع، واللواء 4 المدرع الخفيف).

(4) لواء يوناني.

(5) لواء الفرنسيين الأحرار.

ب. الفيلق 30، بقيادة الجنرال "أوليفر ليس"، ويتكون من:

(1) الفرقة 9 المشاة الأسترالية.

(2) الفرقة 51 المشاة الهايلاندرز.

(3) الفرقة الأولى المشاة جنوب أفريقيا.

(4) الفرقة 4 المشاة الهندية.

    وقد تقرر أن تنضم إليه، أثناء المرحلة الأولى من معركة العلمين، الفرقة 2 المشاة النيوزيلندي، لتشترك معه في عملية تدمير مواقع المحور الدفاعية، على أن تنفصل عنه، في الوقت المناسب، لتنضم إلي الفيلق العاشر الذي سيقوم بالمطاردة.

    وقد خصص اللواء 23 المدرع ليعاون الفرق الأربع المشاة التابعة للفيلق 30، وإلحاق آلاي منه، تحت قيادة كل فرقة.

ج. الفيلق 10، بقيادة الجنرال "ليمسدن"، ويتكون من:

(1) الفرقة الأولى المدرعة البريطانية (اللواء 2 المدرع، واللواء 7 المشاة الراكب).

(2) الفرقة 10 المدرعة البريطانية (اللواء 8 المدرع، واللواء 24 المدرع، واللواء 133 المشاة الراكب).

(3) الفرقة 2 المشاة الراكبة النيوزيلندية (لواءان من المشاة، واللواء 9 المدرع). وقد أصبحت فرقة مشاة راكبة بعد أن زودت جميع ألوية مشاة الفرقة بحملات آلية لنقل الجنود.

    كان إجمالي الجيش الثامن البريطاني، بقيادة المارشال مونتجمري، بعد إعادة تنظيمه استعداداً لمعركة العلمين، كما يلي:

عشر فرق (ست فرق مشاة + ثلاث فرق مدرعة + فرقة مشاة راكبة)، ولواء مشاة يوناني، ولواء مشاة فرنسي. موزعة على خط يمتد 40 ميلاً، يمتد من منخفض القطارة، حتى قرية العلمين (على ساحل البحر). وكانت فكرة مونتجمري، هي اتخاذ قوات المشاة، مواقع دفاعية، لإجبار قوات المحـور، على الفتح المبكر، لفصل المشاة الألمانية، عن مدرعاتها، مع الاحتفاظ بقوة احتياطية، خلف المواقع الدفاعية. كما أنه شكل مجموعة اقتحام، بقوة الفيلق العاشر المدرع كقوة احتياطية تعبوية، خلف جبهة القتال، لمسافة 50 ميلاً، بمهمة:

(1) تنفيذ عمليات الالتفاف والتطويق، ضد أجناب قوات رومل، أثناء مرحلة الدفاع.

(2) واقتحام المواقع الدفاعية، لقوات المحور، أثناء مرحلة الهجوم.

    وكانت هـذه القوة مسلحة بدبابات أمريكية (تشيرمان) وصلت حديثاً إلى مصر. وأصبح الجيش الثامن البريطاني، بذلك، على استعداد كامل للبدء في تنفيذ العمليات الهجومية. بعد أن نجح في صد هجوم رومل، في معركة "علم حلفا".

    في 30 سبتمبر 1942، في الفترة ما بين نهاية معركة "علم حلفا"، وبدء معركة "العلمين"، نفذ الجيش الثـامن، بقيادة مونتجمري، هجوماً تمهيدياً لمعركة "العلمين"، بغرض السيطرة على منخفض "دير المناصب". وانتهت العملية، بالسيطرة على الحافة الشمالية للمنخفض فقط، دون الحافة الجنوبية، التي فشلت القوات في السيطرة عليها. وساد الهدوء ميدان "العلمين"، مرة أخرى، في انتظار المعركة الكبرى.

    وقد حدّد مونتجمري الساعة 2200، ليلة 23/24 أكتوبر، لبدء الهجوم. وروعي في ذلك أن يكون القمر ساطعاً، حتى تسهل عملية فتح الثغرات، في حقول ألغام القوات الألمانية. وكان تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني، يريد أن يبدأ مونتجمري هجومه، قبل هذا الموعد بشهر، بعد علمِه أن الحلفاء، ينوون فتح جبهة ثانية ضد قوات المحور، (بفتح) قوات لهم في شمال أفريقيا، في أوائل نوفمبر 1942، ولذلك كان يود أن يبدأ الجيش الثامن هجومه مبكراً، بقدر الإمكان، حتى تُنهك قوات المحور، ومن ثمّ تسهل العملية.

    بدأ الجيش الثامن الهجوم العام، في العلمين، بعد مرحلة من التحضير الشاق، والدقيق. على ثلاث مراحل:

(1) بدأت المرحلة الأولى، في ليلة 23/24 أكتوبر، واستمرت حتى ليلة 24/25 أكتوبر، ونجح خلالهـا الجيش الثامن في فتح عدة ثغرات، في دفاعات قوات المحور، في القطاع الأوسط. وتمكنت القوات من توسيع الثغرات، حتى تتمكن قوات النسق الثاني من تطوير الهجوم. وقد وقعت معارك شرسة بين الجانبين، وانتهت بوصول قوات الجيش الثامن، إلى خلف الخطوط الدفاعية، لقوات المحور.

(2) المرحلة الثانية، بدأت من 25 أكتوبر، واستمرت حتى أول نوفمبر، ودارت فيها أعنف معارك الدبابـات، عند "تل العقاقير"، بين دبابات الجيش الثامن، والدبابات الألمانية، وانتهت بتدمير 240 دبابة ألمانية، ووقوع 7802 ألماني، و 22 ألف إيطالي أسرى في يد الجيش الثامن.

(3) المرحـلة الثالثة بدأت، يوم 2 نوفمبر، واستمرت حتى 4 نوفمبر، بقصف نيراني مكثف، من المدفعية، والطائرات البريطانية، استمر ثلاث ساعات، تبعه هجوم، لقوات الجيش الثامن، على دفاعات قوات المحور.

    وفي نهاية يوم 4 نوفمبر 1942، كان الجيش الثامن البريطاني، قد حقق انتصاراً كبيراً، على قوات المحور في معركة العلمين. وبعدها، قرر رومل أن الوقت قد حان للانسحاب من منطقة العلمين. فقد كان يعلم جيداً، أن الجيش الثامن البريطاني سينجح في اختراق دفاعاته. وفي ليلة 4/5 نوفمبر، بدأ الانسحاب غرباً، في اتجاه "العقيلة"، ووصلت قواته إلى موقع "فوكة" الدفاعي (راجع معركة العلمين).

    وبدءاً من بعد ظهر يوم 5 نوفمبر، حتى 20 نوفمبر، قطعت قوات الجيش الثامن البريطاني، مسافة 700 ميلٍ تقريباً، في أعمال مطاردة قوات المحور من العلمين، حتى وصلت إلى ميناء بنغازي. وبوصول قوات الجيش الثامن البريطاني، إلى "بنغازي"، انتهت مرحلة المطاردة في "برقة"، وتحـول القتال مرة أخرى، إلى عمليات  قتال وتراشق بالنيران، من مواقع دفاعية ثابتة، حيث بدأت قوات المحور، في تجهيز مواقعها الدفاعية، في "العقيلة"، وبدأ الجيش الثامن، الاستعدادات الإدارية تمهيداً للهجوم، على تلك المواقع.

    وفي 13 ديسمبر، هاجم الجيش الثامن، المواقع الدفاعية الألمانية، وحينئذ اكتشف البريطانيون، أن المواقع الألمانية، كانت خاوية؛ فقوات الفيلق الأفريقي، كانت قد انسحبت من مواقعها، قبل بدء الهجوم، بيوم كامل، ولم يكتشف البريطانيون ذلك، إلاّ في اليوم التالي، من بدء الهجوم.

    تَابع الجيش الثامن بعد ذلك تقدمه مسرعاً، لمطاردة القوات الألمانية. وقد نجحت بعض العناصر، من الفيلق الأفريقي، من الانسحاب غرباً، والوصول إلى تونس. ومن ثمّ، استولت قوات الجيش الثامن، على "ممـر حلفا"، و"السلوم"، و"طبرق"، و"درنة"، و"بنغازي"، و"العقيلة"، خلال ثلاثة أشهر، اجتازت فيها، قوات الجيش الثامن، مسافة 1300 ميلٍ، عبر معارك شرسة، وصعوبات إدارية شاقة.

    في 4 فبرايـر 1943، وعقب سقوط طرابلس، في يد الجيش الثامن البريطاني، واصلت قوات المحور انسحابها، إلى الغرب، نحو رأس الكوبري الألماني، في تونس، ولكن الجيش الثامن، توقف أمام دفاعات المحور، بعض الوقت، أمام خط "ماريت"، قرب الحدود التونسية،  فيما عُرف بمعركة "ممر قصرين".

    في نوفمبر 1942، وخلال مطاردة قوات الجيش الثامن، لقوات المحور، بعد معركة العلمين، كانت القوات الأمريكية، وقوات الحلفاء، قد أنزلت قواتها في تونس، ولكن هذه القوات، لم تنجح في الاستيلاء على بعض الموانئ المهمة مثل "بنزرت"، و"تونس". فدفع "مونتجمري"، قوات الجيش الثامن المدرعة، للقيام بحركة التفاف واسعة، حول الخط الدفاعي لقوات رومل (خط ماريت). وبعد عدة معارك خاسرة لقوات المحور في تونس، وجدت نفسها مضطرة للاستسلام، وبالفعل استسلمت في 7 مايو 1943. وأمكن بذلك، القضاء على أي أثر، لقوات المحور في شمال أفريقيا.