إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / العمليات النفسية (الحرب النفسية)





مخطط تنظيم فريق العمليات
مقترح لتنظيم مركز عمليات نفسية
مقترح لشبكة مراكز العمليات النفسية
التخطيط للعمليات النفسية
التعامل النفسي المعاصر
التعامل النفسي الصهيوني
الحرب النفسية في العمليات العسكرية
تنظيم إدارة التخطيط للعمليات النفسية
تنظيم سرية عمليات نفسية
تنظيم كتيبة عمليات نفسية
تطور الدعاية الصهيونية
سلم ماسلو للحاجات
منشور طريقة الانضمام
بطاقة مرور أمن
بطاقة دعوة
شعار القوات المشتركة
كاريكاتير نفسي 1
كاريكاتير نفسي 2
قصف الفرقة 16 مشاة

مناطق الإسقاط بالبالون
مناطق الإسقاط بالطائرة س 130
مواقع القوات العراقية



القسم الثاني

مقدمة

شهد العالم خلال هذا القرن، طفرات وثورات تكنولوجية هائلة، سواء في مجالات، الاتصال والمعلومات، أو نُظُم التسليح، واكبتها تطورات بالغة الأهمية والخطورة في مجال العلوم الإنسانية، خاصةً فيما يتعلق بالظواهر السلوكية (اجتماعيه ـ نفسية ـ سياسية )، سواء في النظرية أو التطبيق، والتي تعني، بشكل محدد، استغلال نتائج ومردود ذلك التقدم وتوظيفه لمصلحة مفاهيم تطبيق العلوم المتعلقة بالظواهر الإنسانية والسلوكية وأُسُسها ووسائلها وأساليبها، والتي من أبرزها المفهوم الشامل للعمليات النفسية.

وإذا كان من أهم سمات التقدم العلمي والتكنولوجي وطبيعته، إلقاء أعبائها الثقيلة على عقل وفكر القادة والزعماء والعامة وآرائهم، مما يتولد عنها  تصاعد الضغوط الذهنية وتناميها على الأفراد والجماعات تقوى فيه التوترات وترتفع طموحات البشر فتنشأ بؤر لتفجر الأزمات والصراعات العسكرية وآلياتها التنفيذية والتي من أهمها العمليات النفسية.

   وقد أضحى، ونحن على مشارف القرن الحادي والعشرين، أن مدى التقدم العلمي والحضاري لدول العالم قد أصبح يقاس بما توفره هذه الدول من عناية وتوازن وقدرة على مواجهه وإدارة أنشطتها ومشاكلها وأزماتها من خلال تطبيق المناهج العلمية والدراسات الموضوعية مع الملاحظة والمراقبة المستمرة لسلوك أفرادها والعمل على فهمه وتفسيره في محاولة للتنبوء به، ومن ثم، توجيهه والتحكم فيه والسيطرة عليه (تأمينه نفسياً) تحقيقاً لأهدافها وغاياتها القومية وهو أحد محاور العمليات النفسية وأهدافها، بمفهومها الشامل، الذي أكدته وأفرزته نتائج الحروب الحديثة بدءاً من الحرب العالمية الأولى والثانية وأكتوبر 73، ومروراً بحرب الفوكلاند، وأخيراً نتائجها الرهيبة في حرب تحرير الكويت 1990 ـ 1991.

ومن الثوابت اللافتة للنظر، أن القادة العسكريين على مر العصور، وكافة المستويات، يضعون العامل والعمليات النفسية كبُعد جديد وقوى خامسة (برية ـ بحرية ـ جوية ـ د جو ـ نفسية)، في ميادين الحرب، يتم التخطيط والتطوير في استخدامها لسرعة حسم العمليات العسكرية والمعارك والوصول إلى النصر النهائي بأقل القليل من الخسائر البشرية[1].

وإذا كان الدارسون والباحثون في مجالات، الأمن القومي والإستراتيجية القومية، يركزون، دائماً، بل يركنون، غالباً، إلى تقييم عناصر قوى الدولة الشاملة، من وجهه نظر الإستراتيجية الأمريكيـة[2]، فقد عبَّر عنها أفلاطون، كذلك، في مقولته عن الروح المعنوية: "إن أسوار المدينة لا تبنيها الحجارة ". إذ يشير إلى أن الإرادة والروح المعنوية العالية، هي الدافع والحافز للإنسان للبناء وليس الجماد.

وهنا، يجب ألا نغفل عن المعادلة الإلهية لقوى الدولة الشاملة، التي تجلت في قوله تعالى، في سوره "الأنفال": ]وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ[ (سورة الأنفال: الآية 60)،  فهي توجيه وتعريف إلهي متكامل الأركان بمفهوم العمليات النفسية الشاملة لِمَا له من تأثير فعال ومباشر على باقي قوى الدولة وهو ما يعني أهمية التوصيف المتكامل والشامل للقوى النفس معنوية (عمليات نفسية) لدعم باقي القوى ومعاونتها في تحقيق أهدافها وغاياتها في مجابهة الأعداء وآخرون (أصدقاء ـ حلفاء ـ محايدون) لتنمية وتعظيم مشاعر الخوف لديهم.

إن العمل النفسي يحمل معنى قديم، فقد لجأ إليه كثير من عظماء القادة السياسيين والعسكريين والزعماء على مر العصور، إما بشكل فطري عفوي، غير مدرك لمواجهه موقف محدد صعب، لتغييره لمصلحته، أو كأحد قدرات وسمات نظرية الرجل العظيم[3] نتيجة محدودية الإمكانيات المادية عن بلوغ أهداف وطموحات تلك الزعامات واستخدمت فيه الوسائل والإمكانيات والأفكار غير المألوفة في ذلك الزمان، إذ استخدمت الخداع[4] والمفاجأة وغيرها.

أمّا المفهوم الحديث للعمل النفسي، فهو يُعالج موضوع مستمر مخطط أكثر شمولاً واتساعاً. فهو يتضمن كل عمل يسعى إلى التأثير على أفكار ـ آراء ـ اتجاهات ـ انفعالات وعواطف الفرد والجماعات لتوجيه سلوكه/ سلوكياتهم، التوجه المطلوب والذي يندرج تحته كل الأنشطة المسؤولة عن التأثير على الرأي العام الداخلي والخارجي، ومسؤولي ومؤسسات متخذي القرار في الدول والمنظمات الدولية المخططة وهو مفهوم يستوعب، كذلك، كل المؤسسات التي تعمل في إطار المؤسسات الإعلامية المتنوعة وعديد من مؤسسات نُظم الحكم مثل الخارجية والدفاع والاستخبارات وغيرها إن اقتضت الحاجة.

   وانطلاقا من هذا المفهوم الواسع الشامل، وإدراكا لأهمية وفاعلية العمليات النفسية، صعَّدت الدول المتقدمة العمل النفسي إلى مستوى الأمن القومي من منظوره الشامل، واعتبرت القدرات النفسية إحدى ركائز وقدرات الدولة الشاملة، وهي بذلك، عظمت أهمية وضع سياسات وإستراتيجيات نفسيه لتحقيق الأهداف والغايات القومية والمحافظة على المصالح خارج حدودها القومية بالتنسيق مع باقي السياسات والإستراتيجيات التخصصية الخارجية، والداخلية والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية إدراكاً منها بقدرة العمل النفسي على استيعاب التطورات العملية والمتغيرات العالمية حتى صارت تمثل بعداً مهماً في مفهوم الأمن القومي الشامل لا يمكن إغفاله.

   وتأسيساً على ما سبق، يتضح دور العمليات النفسية وأهميتها، سلماً وحرباً، إذ توجه وتشن للحليف والصديق، المحايد والمعادي، وأن هذه الأهمية في الحقيقة ما هي إلاَّ أحد التداعيات التي تميز النظام العالمي الجديد وتتطلب التكامل والشموليـة سواء في الحرب أو السياسة أو الاقتصاد. ولا تقتصر على طرف دون الأخر، من خلال كونها تمثل إحدى الآليات الرئيسية في إدارة الأزمات بين أطراف الصراع بل ونؤكد على أنه قد صار التوسع في استخدام وسائلها وطرقها وأساليبها المختلفة وعلى كافة المستويات لدعم وتحقيق الغايات والأهداف القومية للدول من أهم سمات النظام العالمي للحصول على دور مؤثر ومتميز يحقق غاياتها وأهدافها.

وفى المقابل، فإن عدم الاهتمام أو تبني هذا البُعد الرهيب أو ما يُطلق عليه السياسة النفسية للدولة وتحديد وتقنين علاقاتها وباقي السياسات الإستراتيجية التخصصية للدولة سيؤدي، حتماً، إلى التأثير السلبي لقوى الدولة الشاملة (سياسية ـ اقتصادية ـ عسكرية)، من جهة، وإلى حدوث هزات عنيفة في المجتمعات، السياسية والداخلية والعسكرية، للدولة على المستوي المحلي، أو الإقليمي والدولي من جهة أخرى وهو ما تعلن عنه بكل وضوح تطورات الأزمات المشتعلة، حالياً، (الخليج ـ سلام الشرق الأوسط ـ الردع النووي المتبادل بين الهند وباكستان). وهناك، دائماً، في الأزمتين الأولى والثانية، طرف يُخطط ويدير آلية العمليات النفسية والطرف الأخر يعتمد على توجيهات القيادة السياسية، والاعتماد على القدرة الأكاديمية في الرصد والتحليل وتقديم مقترحات للرد. أمّا في الأزمة الثالثة، الردع النووي، فيُشير الرصد الموضوعي لتطورات مراحل الأزمة إلى الاستخدام العلمي الشامل للقوى النفسية بموضوعية وخبرة عملية، من قِبل طرفَي الصراع، وهو ما يؤكد على تحقيق أطراف الأزمة لأهدافها، من دون تصعيد آخر مع نجاحها في تحجيم أي تدخل خارجي.



[1] وضع بازيل ليدل هارت (1895 ـ 1970)، في نظريته الكاملة عن الحرب، في كتابة `الحروب الحاسمة في التاريخ`، عام 1929، أن الإستراتيجية تهدف إلى خلخلة روح العدو المعنوية، وذلك بمهاجمه توازنه، العقلي والنفسي، ومن ثَمّ، زعزعة قدرته المعنوية على القتال.

[2] عبر عنها وايز كلاين في معادلة أطلق عليها أسمه لتدلل على قياس قوى الدولة الشاملة صدرت عن مركز جورج تاون للدراسات الإستراتيجية عام 1981، وهي: قوى الدولة الشاملة = الكتلة الحرجة (جغرافية ـ ديمواجرافية) + القوى الاقتصادية ـ القوى السياسية + القوى العسكرية) x ( الأهداف الإستراتيجية + الإرادة الوطنية). وهو ما يعني إذا كان مستوى المعنويات/النواحي النفسية، صفر، فإن القوى الإجمالية للدولة تصبح صفر في غياب الروح المعنوية العالية والإرادة والعزيمة الصادقة لن يتحقق الانتصار وتحقيق الغايات.

[3] نابليون بونابرت وتوسعه في استخدام المنشورات والصحافة في شن حمــلاته النفسية المعادية وقــوله المشـهور (إنني أرهب صرير الأفلام أكثر مما أرهب دوي المدافع).

[4] قول الرسول r في أعقاب فتح مكة: ]َنُصِرْتُ ‏‏ بِالرُّعْبِ ‏‏ مَسِيرَةَ شَهْرٍ[ (مسند أحمد: 20463). وكان أن أمر الرسول الكريم السرايا بالمرور الدائري ليلاً مع إضاءة المشاعل وإثارة الخيل أمام أبو سفيان كرسالة ينقلها إلى كفار قريش لإرهابهم.