إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / العمليات النفسية (الحرب النفسية)





مخطط تنظيم فريق العمليات
مقترح لتنظيم مركز عمليات نفسية
مقترح لشبكة مراكز العمليات النفسية
التخطيط للعمليات النفسية
التعامل النفسي المعاصر
التعامل النفسي الصهيوني
الحرب النفسية في العمليات العسكرية
تنظيم إدارة التخطيط للعمليات النفسية
تنظيم سرية عمليات نفسية
تنظيم كتيبة عمليات نفسية
تطور الدعاية الصهيونية
سلم ماسلو للحاجات
منشور طريقة الانضمام
بطاقة مرور أمن
بطاقة دعوة
شعار القوات المشتركة
كاريكاتير نفسي 1
كاريكاتير نفسي 2
قصف الفرقة 16 مشاة

مناطق الإسقاط بالبالون
مناطق الإسقاط بالطائرة س 130
مواقع القوات العراقية



القسم الثاني

المبحث الأول

نشأة وتطور العمليات النفسية

خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان واستخلفه في الأرض ليمتحنه أيشكر أم يكفر. قال تعالى: ]هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلاَ يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتًا وَلاَ يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَارًا[ (سورة فاطر: الآية 39). وأودع الله النفس البشرية بعد أن خلقها العديد من الغرائز، ومنها التنافس الذي نجم عنه أول حادثة قتل في التاريخ، والتي كانت إيذاناً بقيام النزاعات والحروب بين البشر، وهي حادثة قتل "قابيل" لأخيه "هابيل" وفي ظلال هذه الحقيقة البديهية، ألا وهي حتمية الصراع، بدأ الإنسان يبحث عن كل ما يمكنه من الغلبة، ثم طمح إلى الوسيلة التي يستطيع بها أن يتغلب على عدوه بشكل مستمر وحاسم، وبأدنى ثمن، فتوجهت جهود الإنسان ودراساته إلى العمق، إلى منبع الصراع ودافعه وباعثه، والإرادة التي تحركه وتديم أمده، وتبعث الهمم من مراقدها، فكان ما أطلق عليه الإنسان العمليات النفسية ولا تختلف العمليات النفسية ـ وإن تعددت مسمياتها "من حرب باردة، وحرب سرية، وحرب أعصاب، وحرب فكرية .. إلخ" ـ في شكلها الحالي عما كانت عليه من قبل إلا في الوسيلة والتطبيق، وإن ظل هدفها هو التأثير في نفسية العدو والقضاء على معنوياته.

أولاً: مفهوم العمليات النفسية

1. تعريف العمليات النفسية

اتخذ مفهوم العمليات النفسية عدة تعاريف، كما وجدت وجهات نظر متباينة حول معانيه. يقول الدكتور (رفيق السكري): "هناك العديد من التعاريف للعمليات النفسية، إلا أن أكثرها لا يزال يكتنفها ـ حتى الآن ـ الغموض وعدم التحديد". ويعود السبب في ذلك إلى أن بعض الكتاب لا يزالون يربطون بين العمليات النفسية والعمليات العسكرية. ثم قال: "إن المعنى الجديد للعمليات النفسية لم يعد مجرد وسيلة يستخدمها القائد العسكري أثناء الحرب فقط، لقد أصبحت العمليات النفسية مستقلة عن الصراع العسكري حتى أصبح هذا الأخير عنصراً من عناصرها". وعُرِّفت العمليات النفسية أول ما عُرِّفتْ في ملحق معجم ويبستر الدولي الجديد للغة الإنجليزية عام (1941م). وقد اعتُرِفَ بالتعبير في الأيام الأولى من الحرب العالمية الثانية، وحظي التعبير باعتراف سريع نسبياً في خلال النزاع الذي كان قائماً في أوروبا وفي آسيا. وبعد تورط الولايات المتحدة والأمم المتحدة في النزاع المسلح في كوريا عام (1950م)، وبعد أن افتتح الرئيس (ترومان) الحملة الاستراتيجية الأمريكية الكبرى المسماة (حملة الحقيقة) دخلت هذه التسمية تدريجياً في مجال المناقشات العامة، (في مناقشة الكونجرس الأمريكي وفي الصحف) وذلك عند وصف الأنشطة التي كانت تقوم بها أجهزة الحكومة الأمريكية والتي كانوا يطلقون عليها قبل ذلك اسم (استعلامات ما وراء البحار). ويعرف أحد القادة العسكريين الجنرال (مارك كلارك) العمليات النفسية بقوله: "هي أي عمل من شأنه أن يجبر العدو على أن يحوِّل رجاله وعتاده من الجهة النشطة، وتجعله يقيد رجاله وأسلحته استعداداً لصد هجوم لن يأتي". ويتضح من هذا التعريف أن مهمة العمليات النفسية الأساسية هي فرض إرادة مستخدمها على إرادة العدو بغرض التحكم في أعماله بطرق غير الطرق العسكرية، ووسائل غير الوسائل الاقتصادية، ولذلك فهي من أسلحة الحرب الحديثة الموجهة ضد (الفكر) والعقيدة والشجاعة، وضد الرغبة في القتال. وهي حرب دفاعية هجومية وذلك لأنها تحاول أن تبني معنويات الشعب والجنود بينما تحطم في الوقت نفسه معنويات العدو.

ويعرف الأمريكيون العمليات النفسية بأنها "سلسلة الجهود المكملة للعمليات الحربية العادية عن طريق استخدام وسائل الاتصال، أي أنها تصميم وتنفيذ الخطط الاستراتيجية الحربية والسياسية على أسس نفسانية مدروسة"، ومن وجهة نظر الأمريكيين تضمنت العبارة تغييراً تناول الأساليب الحربية التقليدية عن طريق استخدام سلاح جديد وتطبيقه على نطاق واسع. أما من وجهة نظر الألمان فقد تضمنت هذه الكلمة تغييراً طرأ على عملية الحرب نفسها، والتجديد في النشاط الحربي الألماني بدأ في ميدانين هامين: الأول: التوحيد بين المجهودات الحربية ونشاط السياسة والدعاية والهدم. الثاني: ما أسفرت عنه بحوث علم النفس الحديث من نتائج يمكن أن تستخدم في تحقيق الأهداف الحربية. أما مفهوم البريطانيين للعمليات النفسية (أو الحرب السياسية كما يسمونها) "هي نوع من الصراع بين الدول، يسعى فيه كل جانب لفرض إرادته على أعدائه بأساليب متنوعة لا تدخل فيها القوة المسلحة، والسلاح الرئيسي للحرب السياسية عندهم هو الجمع بين الدبلوماسية والدعاية، وينطوي هذا الفهم للعمليات النفسية، ضمنياً، على الاهتمام بالرأي العام". وتقول الموسوعة العسكرية في تعريف العمليات النفسية: "هي مجموعة الأعمال التي تستهدف التأثير على أفراد العدو، بما في ذلك القادة السياسيين والأفراد غير المقاتلين، بهدف خدمة أغراض مستخدمي هذا النوع من الحرب". وتهدف العمليات النفسية إلى خلق تصورات معينة لدى العدو، أو نفي تصورات معينة، وذلك عن طريق الدعاية أو العمليات العسكرية الاستعراضية، والتنسيق بين العمل العسكري والدبلوماسي، بهدف إحداث الفوضى والبلبلة في معسكر العدو للتأثير على روح الجنود المعنوية، وعلى انضباطهم، وعلى قرارات ضباطهم وقادتهم. ويقول الدكتور (أحمد نوفل) وربما كان أفضل التعاريف للحرب النفسية والعسكرية هو الذي كتبه (بول لينبارجر)[1] في كتابه المعروف "الحرب النفسية، طبعة عام 1954م"، والذي عرفها فيه بمعناها الضيق: "أنها استخدام الدعاية ضد العدو مع إجراءات عملية أخرى ذات طبيعة عسكرية، أو اقتصادية، أو سياسية مما تتطلبه الدعاية"، ثم يعرف الدعاية بأنها: "استخدام مخطط لأي شكل من أشكال الإعلام بقصد التأثير في عقول وعواطف مجموعة معادية أو محايدة أو صديقة، وذلك لتحقيق غرض استراتيجي أو تكتيكي معين". أما بالمعنى الواسع فقد عرف (لينبارجر) العمليات النفسية بأنها: "تطبيق لبعض أجزاء علم النفس لمعاونة المجهودات التي تبذل في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية". ولعل التعريف الآتي هو الأكثر تداولاً بين المراجع وأكثر وروداً في الكتب، ويكاد يكون متفقاً عليه بين غالبية من كتبوا في المنطقة عن العمليات النفسية... فقد أورده كل من الدكتور (حامد عبدالسلام زهران) والدكتور (مختار التهامي)، واللواء (جمال الدين محفوظ)... وغيرهم وهو قريب من تعريف (لينبارجر) السابق وفيه أن العمليات النفسية هي: "استخدام مخطط من جانب دولة أو مجموعة من الدول في وقت الحرب أو في وقت السلام، لإجراءات إعلامية، بقصد التأثير في أداء وعواطف ومواقف وسلوك جماعات أجنبية معادية أو محايدة أو صديقة بطريقة تساعد على تحقيق سياسة وأهداف الدولة أو الدول المستخدمة".

2. مصطلحات العمليات النفسية

يعتبر مصطلح العمليات النفسية هو الأشهر والأكثر تداولاً بين المصطلحات المستخدمة في بحث هذا الموضوع، ولكننا قد نجد في المراجع والدراسات والبحوث التي تناولت هذا الموضوع مصطلحات أخرى شاعت عند الحديث عن الصراع الأيديولوجي الذي يسود العالم اليوم. وفيما يلي بعض من هذه المصطلحات:

أ. الحرب الباردة.

ب. حرب الأفكار.

ج. النضال من أجل الحصول على عقول الرجال وإرادتهم.

د. الحرب من أجل السيطرة على عقول الرجال.

هـ. حرب الفكر.

وهذه المصطلحات الخمس وظيفية، تصف دور العمليات السيكولوجية في العلاقات الدولية وهي عمليات ديناميكية فعلاً. ويبدو أن مجال الحرب الباردة أوسع، فهناك افتراض أن الحرب الباردة تشن بكل الوسائل باستثناء العمل العسكري الهجومي المباشر الضخم.

و. الحرب الأيديولوجية أو العقائدية. وهي تصف الجانب الأيديولوجي من هذا النشاط، وقد يكون لها معنى وظيفي ينطبق على الصراع بين العالم الشيوعي والعالم الغربي، ومعنى منهجي يشير إلى التكتيكات المستخدمة لمواجهة هذا الصراع.

ز. حرب الأعصاب. هو اصطلاح سيكولوجي ضيق، ونظراً لأنه ينطوي على زيادة التوتر بشكل متعمد، فإنه يقتصر عادة على المعلومات الموجهة ضد العدو في فترة الاشتباكات المباشرة.

ح. الحرب السياسية. وهذا أساساً اصطلاح بريطاني، استخدم لتأكيد فكرة وجود علاقة بين كل وسائل السياسة (مثل الدبلوماسية، الاقتصاد، السلاح... إلخ) في زمن الحرب، وهو يقترب من معنى الحرب السيكولوجية بمعناها الواسع.

ط. المعلومات الدولية.

ي. المعلومات عبر البحار.

ك. الحملة من أجل الحقيقة.

وهذه المصطلحات الثلاثة تنطبق على عمليات نشر الحقائق والمعلومات دولياً لمواجهة المعلومات المعادية.

ل. الدعاية الدولية.

م. الدعاية.

ن. الحرب الدعائية.  وهذه تشير إلى استخدام الرموز، للتأثير على سلوك الجماهير حيال القضايا الدولية التي تختلف حولها وجهات النظر.

س. حرب الكلمات.

ع. العدوان غير المباشر. وهو اصطلاح واسع ينطوي على مفاهيم التخريب وقلب نظام الحكم، وأيضاٍ المعلومات والدعاية لأهداف عدوانية.

ف. التحريك أو الإثارة. هو اصطلاح سوفيتي أساساً، يستخدم لوصف الدعاية بين الجماهير العريضة لتمييز ذلك النشاط عن الدعاية الموجهة للصفوة.

ص. الاتصال الدولي. يستخدم إلى جانب معناه الفني الصرف للإشارة إلى من يقول ماذا وبأي تأثير في العلاقات الدولية.

ثانياً: نشأة وتطور العمليات النفسية

يعود استخدام العمليات النفسية إلى أقدم العصور، وكانت آنذاك تشن بأساليب بدائية، ومنذ القدم عرف رجال السياسة والحرب والموجهون الدينيون سر الأقوال والأفعال التي تدفع الإنسان وتحركه. وقد عُرِفَت الخطابة وقصائد الشعر والحكايات الشعبية والأساطير للتأثير على أذهان الناس، كما استخدمت الحيلة والخدعة والمفاجأة. وفي التاريخ الكثير من الحوادث التي يمكن أن تروي تطبيقات العمليات النفسية.

1. العمليات النفسية في العصور القديمة

أ. العمليات النفسية عند الفراعنة

لقد عرف الفراعنة الصحافة قبل سبعة وثلاثين قرناً خلت، وكانوا يدونونها على أوراق البردي للدعاية، وظهرت عندهم جريدة القصر، وهي الجريدة التي تحدث عنها المؤرخ (هيرودوت). وفي قصة (تحوتمس الثالث) ولجوئه للحيلة والخديعة والمفاجأة عندما استعصى عليه فتح مدينة يافا في فلسطين خير صورة لهذه العمليات النفسية.

ب. العمليات النفسية عند الإغريق

كان السب والشتائم إحدى الوسائل التي استخدمها الأقدمون في منازعاتهم ففي عام (800 ق.م) وصف الشاعر اليوناني (هوميروس) القتال الذي دار بين الإغريق والطرواديين في إحدى قصائده الزاخرة بالبطولة، والتي ذمَّ فيها الطرف الآخر وصور لنا ما كان يقوم به المحاربون الأولون في كلا الجيشين اللذين يقفان وجهاً لوجه يتبادلون الشتائم، حتى يؤثر كل طرف في الروح المعنوية للطرف الآخر. هذا وقد استخدم الإغريق سلاح التخويف والخداع كثيراً، ومن الأمثلة التاريخية المعروفة استخدامهم حصان طروادة للاستيلاء على مدينة طروادة.

ج. العمليات النفسية عند الرومان

عرف الرومان كغيرهم من الأمم العمليات النفسية بأسلوبها البدائي منذ القدم، وقد استخدموا في حروبهم الحيلة والخديعة والدعاية، فقد كانت لهم صحيفة الحوادث اليومية، التي تصدر في أيام القيصر محتوية على الكثير من الأخبار المنوعة والأنباء السياسية.

د. العمليات النفسية عند الجاهلين

عرف العرب العمليات النفسية واشتهرت سوق عكاظ ـ التي كانت تجمع أبلغ شعراء القبائل ـ لممارسة أساليبها، وكان الفخر كل الفخر للقبيلة التي يفوز شعراؤها، وخاصة إذا نالت قصيدتهم شرف التعليق على جدار الكعبة، وقد ورد في الشعر العربي القديم:

ولا تحسبن الحرب سهماً ومغفراً         فإن سلاح الصائلين عقول

هـ. العمليات النفسية في الإسلام

لو عدنا إلى تاريخ الدعوة الإسلامية وما ارتبط بها من صراع فكري وعقائدي، لوجدنا من الشواهد ما لا يتسع ذكره في هذا المجال، ومنها على سبيل المثال استغلال اليهود وكفار قريش ـ الناقمين على الإسلام آنذاك ـ وفاة رسول الله r بقولهم إن الإسلام لن تقوم له قائمة بعد ذلك، مما أثار في عمر بن الخطاب t الغضب ـ تحت هول الكارثة ـ فخرج من بيته حاملاً السيف في يده مهدداً كل من يروِّج النبأ، إلى أن حسم الموقف أبو بكر الصديق t بقوله: وكأني بكم لم تسمعوا قوله تعالى: ]وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ[ (سورة آل عمران: الآية 144)، واستخدمت العمليات النفسية فيما بعد في كثير من المعارك الإسلامية، حيث قال خالد بن الوليد في معركة اليرموك عندما قال جندي مسلم: "ما أكثر الروم وأقل المسلمين"، قال خالد: "إنما تكثر الجند بالنصر وتقل بالخذلان".

و. العمليات النفسية عند المغول

استخدم المغول الجاسوسية للحصول على المعلومات اللازمة لشن حملاتهم، كما لجأوا إلى الشائعات وغيرها من وسائل المبالغة لتجسيم عدد قواتهم وعنف جنودهم، ولم يكن يهمهم ماذا يمكن أن يظن أعداؤهم ما داموا ينتفضون من الخوف والرعب، وقد وصف الأوربيون خيَّالة المغول الضاربة وإن كانت أقل عدداً من الحقيقة على أنها جحافل لا حصر لها، ذلك لأن عملاء المغول كانوا يهمسون بمثل هذه القصة في الطرقات، وإلى اليوم لا يقدِّر أغلب الأوربيين سرعة هذه القوات ولا مهارة القيادة، الأمرين اللذين توافرا للمغول عندما وجهوا لهم الضربات منذ سبعة قرون. ولقد استخدم (جنكيز خان) جواسيس العدو كوسيلة لإرهاب جنود العدو أنفسهم، عندما كان يستميل جواسيس العدو إلى جانبه يلقنهم الشائعات التي ينشرونها بين قواتهم. ولنرقب بعضاً مما قاله أول أوروبيِّ أرخ لجنكيز خان واصفاً في كلماته غير المألوفة كيف أن جنكيز خان أطلق (خلية النحل) على ملك خوارزم أي جعله يعيش في دوامة من الاضطراب. يقول المؤرخ: "ولقد جعل الجواسيس الذين بعثهم ملك خوارزم لرؤية قوة جيشه وتعداده... يقولون في وصف الأمر بهذه الصورة: إنهم كما قال الجواسيس للسلطان كاملو الرجولة شجعان لهم مظهر المصارعين لا يستنشقون شيئاً إلا رائحة الحرب والدماء، ويبدون تشوقاً للقتال حتى إنه من النادر أن يستطيع القادة السيطرة عليهم وتهدئتهم. ومع هذه الوحشية التي يبدون فيها فإنهم يجيدون الضبط والنظام ويطيعون قائدهم طاعة عمياء... ويقنعون بما يصل إليهم من طعام وليس من المدهش أن يختاروا الوحوش ليأكلوها.. إلخ". لقد أحاط جنكيز خان نفسه بهالة من الرعب التي جعلت أعداءه يرهبونه، وعمل أعمالاً شأنها أن تعمق تلك الرهبة، وخلع على نفسه من الألقاب والأوصاف ما يناسب هذه المكانة التي وضع نفسه فيها.

2. العمليات النفسية في الحربين العالميتين الأولى والثانية

أ. العمليات النفسية في الحرب العالمية الأولى

شهدت الحرب العالمية الأولى تحولاً جذرياً في وسائل العمليات النفسية، فبعدما كان استخدامها عرضياً أصبح فناً وعلماً قائماً بذاته، حتى أن البعض قد ذهب إلى القول بأن كسب الحرب العالمية الأولى يعود الفضل فيه للعمليات النفسية، ومهما يكن من مغالاة في هذا القول فإن العمليات النفسية كانت سلاحاً بين الأسلحة الحاسمة في حرب (1914 ـ 1918م). وقد لعبت سياسة الحلفاء الملطفة ونقاط ويلسون الأربع عشرة، وطابع الإهمال الذي اتصف به القيصر غيلوم، ثم انبعاث القوميات البولندية والفنلندية والتشيكية.. دوراٍ حقيقياً في استسلام ألمانيا عام (1918م).

وقد لعبت الدعاية دوراً كبيراً في هذه الحرب لأن الدول المشتركة فيها ركزت على وسائل الاتصال الجماهيري وجعلته جزءاً من حياتها المدنية. فقد كان للولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الأولى وكالتان مسؤولتان عن الدعاية الوكالة المدنية للمعلومات والتي عرفت باسم لجنة كريل، ثم الوكالة العسكرية التي لها قسم للدعاية أو العمليات النفسية في هيئة العمليات (جي ـ 2 دي) بمركز رئاسة الحملة الأمريكية تحت قيادة النقيب (هيبر بلانكتهورن).

لقد كان للجنة كريل حظاً طيباً في فوزها برئيسها (جورج كريل) الذي كان يتمتع بثقة الرئيس الأمريكي. وقد مكنه موقعه في الإدارة من المشاركة في السياسة القومية وتنسيق نشاطات دعايته مع الوكالات الحكومية الأخرى. لقد أنشأ كريل دائرة جديدة في واشنطن كانت مهمتها توفير المواد لاستهلاك الصحافة المحلية، ومعالجة مواد الدعاية للبعثات الدعائية في أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا التي تنشر الرأي العام الأمريكي عن الحرب وغطت لجنة كريل كل مراحل أعمال الدعاية فقد كان لكل قسم فيها مجال مسؤوليته الذي كان يتضمن الإعلان، والأفلام، والصحافة باللغات الأجنبية والمنظمات النسائية ومكاتب استعلامات .. إلخ.

وأعدت لجنة كريل متحدثين متطوعين يتحدثون في كل المجتمعات الأمريكية، وظهرت لافتات كُتِبَ عليها بالإنجليزية ما معناه أن المتحدث لا يتكلم غير أربع دقائق وأعدت أفلاماً للدعاية عرضت على كل أنحاء العالم، وجاء وقت هدد كريل شركات العرض السويسرية بمقاطعتها ما لم تعرض أفلام الدعاية الأمريكية كما أرسل مبعوث الدعاية إلى فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وهولندا وأسبانيا والمكسيك وغيرها من بلاد أمريكا اللاتينية وكذلك الصين وروسيا. أما في مسرح العمليات فقد ركزت العمليات النفسية العسكرية الأمريكية على إنتاج المنشورات إذ إن أجهزة الراديو لم تكن موجودة كوسيلة اتصال جماهيري ومكبرات الصوت ما زالت بدائية. وركزت كذلك منشورات الدعاية الأمريكية على خفض الروح المعنوية للعدو ـ من خلال استخدام المبادئ الفطرية ـ وقد نجح هذا الأسلوب في استسلام عدد كبير من قوات العدو خاصة بعد استخدام أساليب توزيع المنشورات البريطانية والفرنسية وتحسينها باستخدام البالونات والطائرات كوسائل أساسية في التوزيع.

أما ألمانيا فلم ينجح الألمان في دعايتهم في الحرب العالمية الأولى ولاسيما في الجبهة الداخلية، ومع هذا فقد استفادت ألمانيا الهتلرية من هذا الدرس إذ وصلت النازية إلى السلطة عن طريق استمالة الرجل العادي وطبق هتلر هذا التكتيك في الميدان الدولي بادئاً بتملق الجماهير في كل مكان، وقام بالعروض التي تدل على القوة ثم انتهى إلى الوحشية الباردة التي لا يهمها ما يحدث في سبيل تحقيق أهدافها.

أما بريطانيا فقد أنشأت وزارة الخارجية البريطانية مكتباً للدعاية عام (1914م)، ولكن الجزء الأكبر من الجهد كان يتم بواسطة المؤسسات الخاصة، ونتيجة للصعاب التنظيمية التي قابلها الإنجليز أصبح لديهم في نهاية الحرب وكالتان منفصلتان: الأولى تتكون من وزارة الاستعلامات تحت رئاسة (لورد بيفربوك) ومعها إدارة المخابرات تحت رئاسة (الكولونيل بوكان) للقيام بأعمال الدعاية خارج بريطانيا، أما الوكالة الأخيرة فهي اللجنة القومية لأغراض الحرب وتقوم بأعمال العمليات النفسية داخل بريطانيا.

وجاءت الثورة البولشفية في السنة الرابعة للحرب، واستندت هذه الثورة إلى الدعاية، ثم استمرت الدعاية السلاح الرئيسي الفعال في أيام البولشفيك، ثم عند التحول إلى الشيوعية، وقد استخدمت الدعاية البولشيفية الوسائل التالية:

(1) تنظيمات الحزب الشيوعي.

(2) اتحادات العمال.

(3) المنظمات السرية.

(4) البعثات التجارية والقنصلية.

(5) النشرات التي ترسل بالبريد.

(6) الملصقات والكتب والصحف.

(7) الأفلام والراديو.

والواقع أن ما حققته الشيوعية في ميدان العمليات النفسية كان يعتبر دائماً جزءاً خاصاً من تطبيقات الماركسية، ولم ينظر إليه على أنه فن يمكن أن تتعلمه أو تستخدمه أية شعوب لا تدين بالشيوعية، وكذلك اعتبر الاكتساح التاريخي الذي قامت به الجيوش الصينية الوطنية بين عام (1922 ـ 1927م) مسألة صينية بحتة، وأغفلت الدروس التي كان من الممكن تعلمها من العمليات النفسية التي قام بها الشيوعيون الصينيون.

ب. العمليات النفسية في الحرب العالمية الثانية

إن مجالات الدعاية في كلتا الحربين العالميتين كانت متشابهة، غير أن مجهودات الدعاية في الحرب العالمية الثانية كانت أكبر في مجالها. فأصبح اسم العمليات النفسية الاسم الجديد للدعاية وبدأ الراديو يلعب دوراً رئيسياً في نشر الدعاية على عدد كبير من المستمعين الهدف. وفي فترة الحرب الثانية استطاعت دول المحور (روما، برلين، طوكيو) أن تنال رضا شعوبها في القيام بحرب عدوانية أولاً ثم تفتيت خصومها للحصول على النصر، وكان عليها أن تدخل الخوف والرعب في نفوس أعدائها المباشرين. وقد استخدمت الدعاية السوداء بشكل واسع النطاق قبل العمليات الحربية برغم ما بذل من جهد كبير لإخفائها. ويرى الألمان أن الدعاية هي العامل الحاسم في العمليات النفسية الحديثة الذي يمكن استخدامه لهزيمة العدو بأقل قدر من إراقة الدماء.

وقد نسقت وزارة الدعاية الألمانية جميع نشاطات الدعاية وأثرت وسيطرت بشكل كامل على كل أوجه الحياة الاجتماعية مبلورة الرأي العام المطلوب في ألمانيا وخارجها. وقامت وسائل الإعلام النازية وهيئاتها بالمبالغة في وصف آلة الحرب الألمانية التي لا تقهر. لقد اكتشف الألمان نقاط الضعف النفسية في خصومهم وتضمن هذا الضعف الخوف والرعب من الحرب، والرأي المعارض للحرب في أوروبا، فأخذوا يقدمون متطلباتهم لخصومهم موفرين لعدوهم طريقاً آخر لتفادي حرب أخرى مما مكنهم من إعادة احتلال أرض الراين وضم النمسا وتشيكوسلوفاكيا بهذا الأسلوب.

وقد استسلمت الدنمارك والنرويج والأراضي المنخفضة جزئياٍ نظراً للخوف من الحرب الذي خلقته وسائل الدعاية الألمانية. وكان للحرب الخاطفة وغارات الألمان الجوية والبرية في عمق المنطقة الخلفية لقوات الحلفاء وتدمير قياداتها أثر كبير. إضافة إلى أن قوات الحلفاء كانت تتوقع أن تكون الحرب شبيهة في استراتيجيتها وتكتيكاتها بالحرب العالمية الأولى مما وضعها في موقف نفسي لم تكن مستعدة للتعامل معه، ولقد حقق الألمان ثلاثة انتصارات في المجالات التالية:

(1) في المجال السياسي: بجعل كتلة كبيرة من الرأي العام الدولي ترى أن مستقبل العالم يتوقف على الاختيار بين الشيوعية والفاشية.

(2) في المجال الاستراتيجي. حيث تبدو كل ضحية على أنها هي الضحية الأخيرة.

(3) في الميدان السيكولوجي. باستخدام (الذعر الكامل) بجعل الشعب الألماني نفسه يخشى من تصفية الشيوعية له، كما استخدمت أفلام عمليات الحرب الخاطفة لإخافة الجماعات الحاكمة في دول أخرى ولتحطيم المعنويات، وتسبب عن ذلك ما يسمى (بالانهيار العصبي) للأمم وذلك بإبقائها دائماً في حالة شك وعدم تيقن مما يمكن أن يحدث لها غداً.

ومن ناحية أخرى لوحظ أن كلاً من ألمانيا وبريطانيا وجدتا في الإذاعة وسيلة فعالة يمكن توجيهها إلى كل دول أوروبا على الموجات العادية، بل تستطيع كل منهما أن تتداخل في الإذاعة الأخرى بالقيام بما يسمى "أعمال التشويش". ولقد ركز كل منهما على جذب أكبر عدد من المستمعين ومحاولة التأثير في عواطفهم ومعتقداتهم وولائهم.

أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد أنشأت أثناء الحرب العالمية الثانية وكالتين شاركتا في عمليات العمليات النفسية. كانت إحداهما مكتب معلومات الحرب الذي تولى السيطرة على الدعاية المحلية والدعاية البيضاء المستخدمة في الخارج. وقد بذلت جهود مكثفة لتعبئة الشعب الأمريكي وضمان مساندته للحرب وقامت صناعة السينما والحكومة بإنتاج أعداد هائلة من الأفلام تناولت الموضوعات الأساسية في الحرب وكان من أشهرها سلسة أفلام فرانك كابرا (لماذا نحارب) أما الوكالة الثانية فهي مكتب الخدمات الاستراتيجية الذي تتلخص مهامه الرئيسية في الآتي:

(1) جمع معلومات الاستخبارات.

(2) القيام بعمليات الدعاية السوداء.

(3) القيام بعمليات الدعاية الهدامة من مؤامرات وتقويض بالتعاون مع السلطات العسكرية النظامية. هذا وقد تم إنشاء شعبة العمليات النفسية الخاصة بالقوات المسلحة تحت خدمات الاستخبارات العسكرية للجيش (جي 2).

أما العمليات النفسية في الميدان فقد كانت تدار بواسطة شعبة العمليات النفسية في مسرح العمليات الأوروبي وفرع العمليات النفسية في الباسفيك. وتم تطوير العمليات النفسية التكتيكية الأمريكية في مسرح العمليات في البحر الأبيض المتوسط وأوروبا. فشكلت وحدات الدعاية في الجيش للعمل، مع تزويدها بمحطات لا سلكية متحركة ومطابع ذات قدرة عالية للإنتاج حتى أصبحت المنشورات التعبوية تنتج كلية ضمن وحدات الجيش للعمليات النفسية. كما استخدمت مكبرات الصوت المركبة على الطائرات والمدرعات وقد أثبتت الأخيرة نجاحها ضد الألمان في أوروبا وجزيرة أوكيناوا.

أما اليابانيون فلم يأتوا بجديد في العمليات النفسية، وقد أحسنوا استخدام الأنباء في اجتذاب المستمعين الأمريكيين واستمرت وكالة "دومي" في إصدار نشراتها بالإنجليزية وأجهزة مورس اللاسلكية في إرسال الأنباء للصحف الأمريكية، كذلك نجح الروس في معركة العمليات النفسية، إذ قاموا بتجميع مواطنيهم وتكتيلهم ضد العدو، إذ طالبوا الشعب بأداء الصلوات في الكنائس من أجل النصر، وأطلقوا على الحرب اسم "الحرب الوطنية الكبرى" وأعادوا للألمان ذكرى (فردريك) وبعثوا نصيحة (بسمارك) بعدم إلقاء جنودهم في أي مغامرة نحو الشرق من بلادهم، وأثاروا طبقة (اليونكرز) ضد النازيين غير المحترفين، الذين يحطمون الجيش الألماني، واستخدموا الأسرى الألمان في الدعاية وجعلوا الجنرالات النازيين يتحولون إلى حركة ألمانيا الحرة.

3. العمليات النفسية في العصور الحديثة

ما أن انتهت الحرب العالمية الثانية حتى بدأت دراسة نتائجها والآثار التي نجمت عنها تظهر، فكشفت هذه الدراسات عن حقيقة الدور الذي لعبته الأساليب النفسية في هذه الحرب، لدرجة أصبح من الممكن بعدها الاستمرار في استخدام هذه الأجهزة وحدها لتحقيق الهدف المطلوب، دون اللجوء إلى الأسلحة العسكرية التقليدية، فلقد تم اكتشاف أسلحة دمار من نوع جديد تستهدف تدمير الإنسان حياً، ولعلها أكثر كفاية من غيرها في تغيير قيم وأفكار ومعتقدات ومواقف الناس، وبذلك فهي تناسب طبيعة العصر الذي أصبح الصراع فيه صراع أيديولوجيات متنافرة ومتناقضة. ولقد تمخضت الحرب العالمية الثانية عن صراع مذهبي كبير بين المنتصرين، وأدى هذا الصراع إلى أن عاش العالم في جو من الاضطراب والقلق بدرجة فاقت ما كانت تتوقعه الشعوب التي قاست كثيراً من مآسي الحرب العالمية الثانية.

إن العمليات النفسية قد دخلت في مرحلة لا هي حرب فعلية، ولا هي سلام حقيقي، إذ حاول كل من المعسكرين أن يعالج المشكلات الدولية بطريقته الخاصة، ومفهومه السياسي، وتسابق الطرفان في ميدان العمليات النفسية بشكل لم يظهر في التاريخ الحديث، مما أدى إلى ما سماه (والتر ليبمان)، (الحرب الباردة) بأشكالها المختلفة. والحرب الباردة هي صراع تمتنع خلاله الأطراف المتنازعة عن اللجوء إلى السلاح الواحدة ضد الأخرى، ولقد استخدم هذا المفهوم من قبل الأمير خوان مانويل الإسباني في القرن الرابع عشر، ثم من قبل الاقتصادي الأمريكي (برنارد باروش) في مطلع عام (1947م)، وأصبح تعبيراً شائعاً مع الصحافي والترليبمان. ويفهم منه بصورة عامة وصف حالة التوتر التي كانت قائمة بين الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والكتلة الشرقية بقيادة ما كان يُسمى الاتحاد السوفيتي، والتي حصلت بعد عام (1945م) على أثر انتهاء الحرب العالمية الثانية، ولكنه لم ينحصر في هذا النطاق فحسب، فقد أُطْلِقَتْ تسمية الحرب الباردة على النزاع القائم بين الاتحاد السوفيتي والصين.

وقد اتخذت الحرب الباردة عدة مظاهر متدرجة من التوتر والترقب، وكادت أن تصل إلى حد المواجهة ـ كما حدث أثناء أزمة الصواريخ الكوبية ـ إلى أن أعلن عن انتهائها رسمياً في (3/12/1989م) بعد اجتماع الرئيسين الأمريكي (جورج بوش) والسوفيتي (ميخائيل جورباتشوف) في جزيرة مالطا في التاريخ المذكور. ثم ما لبثت أن بدأت دولة الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينيات في التفكك والانهيار المفاجئ الذي لم يكن متوقعاً أن يكون بهذه الصورة السريعة، مما أدى إلى غياب الشيوعية في كثير من بلدان الكتلة الشرقية، إلا أن الشيوعية ما زالت باقية في الصين الشعبية ودول قليلة أخرى، ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بما سيحدث في المرحلة التاريخية القادمة.

ثالثاً: المشتملات والمراحل والمبادئ لتخطيط الحملات النفسية والعوامل المؤثرة عليها

تناولنا، تفصيلاً، مفهوم وخصائص وأهداف العمليات النفسية ومستوياتها. إذ اتضح أنها تعتمد، أساساً، على الفكر والكلمة للتأثير في السياسات ولتغيير المواقف الفردية والجماعية لخلق وتكوين الرأي ونشره وإشاعته في المجتمعات وبين الأفراد والجماعات المستهدفة. كما أنها ترسخ قناعات معينة من خلال ما تتناوله من موضوعات فكريه تفرض نفسها وإرادتها على الخصم إمّا بتأثير مضمونها، أو بفعل التهديد، أو بكلاهما.

    وفى إطار ما تتضمنه المراجع والكتب والوثائق الخاصة بهذا المجال، يتضح أن هناك اختلافات وتباين وإزدواجية في تحديد وتقنين وتعريف ومفهوم مكونات أو مشتملات العمليات النفسية فالبعض يَعُدّ الطرق أساليب والأساليب وسائل.

    إلا أنه، وتأسيساً على ما تقدم، يمكن تحديد وتقنين مشتملات العمليات النفسية في أربعة مكونات رئيسية، لا يمكن لأجهزة التخطيط للعمليات النفسية العمل في غياب أو قصور أيّاً منها، وهي:

1. موضوعات العمليات النفسية

قد تستغل العمليات النفسية لحملة أو عدد من الحملات يتم تنفيذ ونشر موضوعاتها من خلال  مجموعة من الرسائل التي تصاغ وتُعَدّ في شكل رموز وشعارات.

2. طرق العمليات النفسية

وهي السُبُل التي يتم بواسطتها تنفيذ إجراءات وأنشطة العمل النفسي الواردة في الحملات النفسية وتشمل طرق الدعاية / الدعاية المضادة ـ الخداع والعمل / الحركة.

3. وسائل العمليات النفسية

وتعني الوسائط (أجهزة ـ معدات ـ أسلحة ـ مطبوعات ... إلخ) المستخدمة في نقل وتوزيع ونشر موضوعات ورسائل الحملات النفسية.

4. أساليب العمليات النفسية

وهي الأشكال التي تنفذ من خلال الطرق السابقة بوساطة الوسائل المختلفة وتنقسم إلى أساليب معاديه وأخرى مضادة أو ما يُطلق عليها (أساليب التأمين النفسي).



[1] بول لينبارجر، باحث عمل في مكتب المعلومات الحربية الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية وشارك في نشر الدعاية الأمريكية بين المدنيين والعسكريين في مسارح العمليات العسكرية في أوروبا والباسفيك، وكان مستشاراً للحرب النفسية في وزارة الدفاع الأمريكية، وأستاذاً للدراسات الدولية في جامعة واشنطن.