إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / العمليات النفسية (الحرب النفسية)





مخطط تنظيم فريق العمليات
مقترح لتنظيم مركز عمليات نفسية
مقترح لشبكة مراكز العمليات النفسية
التخطيط للعمليات النفسية
التعامل النفسي المعاصر
التعامل النفسي الصهيوني
الحرب النفسية في العمليات العسكرية
تنظيم إدارة التخطيط للعمليات النفسية
تنظيم سرية عمليات نفسية
تنظيم كتيبة عمليات نفسية
تطور الدعاية الصهيونية
سلم ماسلو للحاجات
منشور طريقة الانضمام
بطاقة مرور أمن
بطاقة دعوة
شعار القوات المشتركة
كاريكاتير نفسي 1
كاريكاتير نفسي 2
قصف الفرقة 16 مشاة

مناطق الإسقاط بالبالون
مناطق الإسقاط بالطائرة س 130
مواقع القوات العراقية



القسم الثاني

المبحث الثالث

وسائل العمليات النفسية، والمراحل والمبادئ أثناء الحرب

أولاً: وسائل العمليات النفسية

تُعرف وسائل العمليات النفسية، على أنها الأدوات أو الوسائط، المتوافرة والمتاحة، التي يستخدمها مخططو العمليات النفسية لنشر رسائل موضوعات الحملة أو الحملات النفسية وتوصيلها إلى الأفراد والجماعات المستهدفة، أو ما يُطلق عليها " الهدف أو الأهداف المخاطبة ".

وتمثل وسائل العمليات النفسية، الأداة الرئيسية في عملية الاتصال، التي يتم بوساطتها، أو من خلالها، نقل وتوصيل رسائل الحملات النفسية من المرسل إلى المستقبل. إلاّ أن لكل وسيلة من هذه الوسائل خصائص ومميزات ونقاط ضعف يجب على مخطط العمليات دراستها وتحليلها جيداً، مع مراقبة نتائج تأثير الحملة، والاعتبارات المختلفة لتطوير واختيار الوسيلة المناسبة لتوصيل الرسالة. (اُنظر شكل استخدام الحرب النفسية في العمليات العسكرية)

ولا جدال، أنه في ظل ثورة الاتصال والتطوير المعقد والهائل، في كافة أشكالها وأنواعها وإمكانية توافرها واستقبالها الفوري وقت وقوع الحدث، أصبحت وسائل الاتصال تضطلع بدور مؤثر. ومن الأمثلة على ذلك، ما شهدته حرب الخليج من استخدام لكافة هذه الوسائل، بتعقيداتها، إذ عُرض وبُث بعض العمليات العسكرية وقت نشوبها ونتائجها، حتى أنها وصلت لعرض أنواع من الذخائر المتقدمة لحظة أصابتها المباشرة لهدف صغير في عمق المسرح الكويتي.

1. الوسائل المرئية (المطبوعة ـ المقروءة)

أ. تُعَدّ الوسائل التي يتضمنها هذا التقسيم، من أقدم الوسائل وأكثرها استخداماً خلال مراحل الأزمات وتفجر الصراع المسلح، لما تتميز به من إمكانية الاحتفاظ باحتياطي كافٍ منها، مع إمكانية تمريرها من يد إلى يد، مع تغطيتها لمساحات شاسعة. كما يمكن فحصها، بعناية، واكتشاف أي أخطاء بها قبل توزيعها ـ وعلى الرغم من تعدد أنواع المطبوعات (نشرات ـ صحف ـ رسوم ـ صور ـ كتب ـ قصص ـ لافتات ... إلخ)، إلاّ أن المنشورات لا تزال تمثل حجر الأساس، وأكثر هذه الأنواع من الوسائل استخداماً في الحملات النفسية، خاصة خلال تفجر الصراع المسلح. لذلك، سيتم التركيز خلال هذا القسم على المنشورات، كواحد من أبرز الوسائل وأكثرها استخداماً في الحرب.

ب. المبادئ الأساسية في إعداد المنشورات

(1) توفر الكوادر المؤهلة لأعداد المنشور سواء من حيث اختيار وإعداد وصياغة الموضوع، وإعداد وتصميم الرسومات، واختيار وتركيب الألوان والطباعة ... إلخ.

(2) كلما كان الموضوع والكتابة مؤثراً في قارئ المنشور، كلما حقق الهدف منه (سرعة الانتشار والاقتناع بمضمون الموضوع). ويتأتى ذلك باختيار الموضوعات المنطقية أو العاطفية وتنوعها، مع التركيز على الرسوم، واستخدام كلمات قليلة ومؤثرة.

(3) الموضوعية في صياغة مضمون المنشور، وعدم تحيز كاتبه لوجهة نظر محدده، أو ميول شخصية، أي أن يكون الموضوع غير مغرض.

(4) الإيجابية من خلال الروح الهجومية التي يجب أن تتصف بها الحملات النفسية، وألاّ يُكتفى في إعداد المنشورات، بأن يكون الغرض من موضوعاتها الرد أو تفنيد الدعاية المعادية.

(5) المرونة في إعداد المنشور، من حيث الشكل والمضمون، لمجابهة إجراءات القيادة المعادية لمنع وصول المنشور إلى الأهداف المخاطبة[1].

ج. ومن أهم مزايا المنشورات ما يلي:

(1) الاستمرارية أو الإستدامة، سواء من حيث كونه تسجيل مستديم باقي الأثر، أو من حيث إمكانية الاحتفاظ به بواسطة الهدف، والرجوع إليه.

(2) سهولة التداول، وتعدد وسائل النشر والتوزيع.

(3) إمكانية استخدام التخيلات والتصورات الخطية، لما يلائم ذكاء والمستوى التعليمي والثقافي للهدف/ الأهداف المخاطبة.

(4) قد يحقق المنشور تأثيرات أخرى إضافية في الهدف المخاطب بخلاف المضمون المكتوب أو المرسوم، فقد تثير الألوان أو شكل حروف الطباعة وحجمها مشاعر الهدف، لفكرة أخرى غير المستهدفة في المضمون.

(5) فقد يستغل المنشور في أكثر من هدف، كاستغلاله ترخيصات مرور، أو بطاقات آمنة، تشرح لجنود العدو وتتيح لهم فرصة وأسلوب تسليم أنفسهم للقوات الصديقة. (اُنظر شكل بطاقة مرور أمن)

د. أما من حيث عيوب المنشورات فتتركز في الآتي:

(1) يتطلب وقتاً طويلاً للأعداد ـ التحضير ـ الطباعة ـ تعبئه المنشورات وتوزيعها.

(2) عدم توافر أو محدودية الإمكانيات والمتطلبات الخاصة بإعداد المنشورات، خاصة من حيث:

(أ) حجم الطاقات والقدرات الإنتاجية، لماكينات الطباعة المتوفرة.

(ب) توافر الورق والأحبار اللازمة.

(ج) التوازن المطلوب، من حيث حجم عدد النسخ المطلوبة مع عاملي الوقت والإمكانيات.

(3) عدم توافر وسائل النشر والتوزيع ومدى إمكانية المتوفر منها من حيث (السعة ـ مدى التوزيع).

(4) عدم ضمان وصول المنشورات إلى الأهداف المحددة بالنظر إلى الإجراءات المضادّة التي قد يقوم بها العدو.

ومما سبق يبرز أمام المخطط عقبة أساسية، تتطلب الخبرة والمرونة، للإجابة وسرعة التصرف: هل مع وجود أي من العقبات السابقة أو جميعها يتوافر الوقت المناسب لنقل الرسالة إلى الهدف؟ وما هي الوسيلة البديلة؟

هـ. أنواع المنشورات

تستخدم المنشورات في جميع مراحل الحرب، سواء قبل، وأثناء، وبعد الحرب. إلاّ أنه خلال كل مرحلة، وطبقاً للمستوى (إستراتيجي ـ عملياتي ـ تكتيكي). وتطورات الموقف، العسكري والسياسي، يتطلب من المخطط استخدام نوع محدد من جملة أنواع المنشورات التي تختلف في أغراضها، موضوعاتها، شكلها، ونوع الهدف المخاطب، التي ستوجه إليه هذا. وتُعَدّ من أكثر الأنواع التالية استخداماً، خلال مراحل الحرب، المنشورات السياسية، العاطفية، العملياتية، الإعلام/ الأخبار، الخداع، النداء، تصاريح المرور، التخويف، الدعوة ... إلخ. (اُنظر شكل بطاقة دعوة)

و. توزيع المنشورات

(1) يتم توزيع المنشورات على الهدف المخاطب من خلال خطة للسيطرة ومراقبه الحملة ومن خلال عدة وسائل يتوقف استخدام أية وسيلة منها على مجموعه من العوامل التي من خلالها يتم تحديد انسب وسيله ومن هذه العوامل:

(أ) الهدف المخاطب وموقعه (في العمق التكتيكي ـ العملياتي ـ الإستراتيجي).

(ب) تاريخ وتوقيت التوزيع، وهل هو في المرحلة التحضيرية؟ أم أثناء إدارة العمليات؟ … إلخ. وكذلك توقيتات النشر.

(ج) حجم ومساحات الهدف/ المنطقة المطلوب تغطيتها بالمنشورات.

(د) حجم وإمكانيات الوسائل المتوفرة والمتاحة للتوزيع.

(هـ) أبعاد (مقاسات) ونوع المنشورات المطلوب توزيعها.

(و) الإجراءات المعادية لمقاومة المنشورات (تجريم ـ جمع ـ دعاية مضادة ... إلخ).

(2) وتتركز عموما الوسائل المستخدمة في توزيع المنشورات في الآتي:

(أ) ذخائر المدفعيات، والهاونات، خاصة من الأعيرة الكبيرة، وعادة ما تستخدم هذه الوسيلة، على المستوى التكتيكي، ولتغطيه مساحات وأعماق محدود خلال مرحلتي التحضير وإدارة العملية.

(ب) القوات الجوية، ومدى توافر طائرات النقل، وقنابل الطائرات المقاتلة، كذلك الطائرات العمودية التي يمكن استخدامها، لمصلحة إطلاق ونشر المنشورات.

(ج) بوساطة عناصر الاستطلاع والعملاء والمندوبين.

(د) بواسطة البالون[2].

2. الوسائل المسموعة

أ. تُعَدّ هذه الوسيلة، واحدة من أهم وسائل العمليات النفسية وأكثرها استخداماً خلال مراحل نشوب الصراع المسلح، لما تمثله من سرعة واتساع نطاق التعامل مع الأهداف المخاطبة ويفوق أي وسيله أخرى.

ب. وفى ظل التطوير الهائل للوسائل المسموعة، كوسيلة اتصال لنقل الرسالة، نجد أنها تتميز بالعديد من السمات أبرزها ما يلي:

(1) سرعة إعداد وتجهيز النصوص والبرامج الإذاعية، التي تتعلق بالأخبار، وتطورات العمليات العسكرية ونشرها، على مواجهات شاسعة وإذاعتها ونشرها على الأهداف المخاطبة في الوقت المناسب.

(2) اتساع مواجهة وعمق نطاق التغطية، مع سهولة وصولها إلى المناطق المحاصرة أو المحتلة.

(3) تنوع أشكال النصوص والبرامج المستخدمة وأساليبها (إخبارية ـ إعلامية ـ ترفيهية ـ حديث ـ تمثيلية ... إلخ)، بما يحقق مبدأ التشويق وجذب الانتباه للهدف المخاطب وإخفاء المضمون الأساسي للدعاية.

(4) سهولة الإدراك وعدم الاحتياج لجهد كبير لفهم واستيعاب الرسالة.

(5) القدرة على إثارة الانفعالات التي تفتقر إليها الكلمة المحررة على الورق. كذلك سرعة الإقناع باستغلال التأثير الناتج عن اختلاف نبرات الصوت واللهجة والمؤثرات الصوتية.

(6) صعوبة المراقبة والحظر على الاستماع لهذه النوعية من الوسائل (إذاعات ـ مكبرات صوت ـ شرائط كاسيت ... إلخ)، وذلك من قِبل القيادات على مختلف مستوياتها.

ج. أمّا من حيث أوجه القصور التي قد تبرز، كنقاط تعرّض، في استخدام هذه الوسيلة، فتتركز في الآتي:

(1) تعرّضها إلى أعمال الإعاقة والتشويش، فضلاً عن الأعطال الفنية، وسوء الأحوال الجوية، الإرسال ـ المناورة بالمحطات الإذاعية ـ تدمير أجهزه الإعاقة … إلخ.

(2) إجراءات الحظر، وفرض القيود الأمنية، التي تحظر الاستماع إلى هذه الوسائل أو نقل موادها على شرائط الكاسيت.

(3) تعرّض هذه الوسائل لأعمال التدمير، سواء بالقذف الجوي أو أعمال التخريب.

(4) عدم توافر الأجهزة اللازمة لاستقبال الرسائل المذاعة من هذه الوسائل، سواء نتيجة عدم كفايتها أو بسبب فرض القيود[3].

(5) تنافس الإذاعات، المعادية والمحايدة، مع الإذاعات الموجَّهة بغرض جذب انتباه الهدف المخاطب. كذلك إمكانية قيام الإذاعات المعادية بتقليد أو تضليل (خداع) أحد الإذاعات المحبوبة، وبث برامجها الدعائية، لتضليل الأهداف المخاطبة.

(6) صعوبة تقييم نتائج الحملات النفسية، وقياس رد الأفعال للهدف المخاطب.

د. تتضمن الوسائل السمعية التي يستخدمها المخطط، في الحملات النفسية، ما يلي:

(1) الإذاعات الإستراتيجية

(أ) من أهم الوسائل المتاحة، والتي تستغل، بالتنسيق مع وزاره الإعلام، لاستخدامها خلال مراحل الصراع المسلح. كما يمكن، بالتنسيق مع الدول، الشقيقة والصديقة، تحديد مساحات زمنية على خرائطها الإذاعية، لاستغلالها في توجيه البرامج والموضوعات الإذاعية إلى الأهداف المخاطبة، سواء المعادية أو الحليفة أو الصديقة، وعادة ما تتضمن موضوعات التنسيق:

·       نوع ومساحة البرامج الإذاعية .

·       موعد إذاعة هذه البرامج .

·       طرق تسجيل البرامج والنصوص الإذاعية ومراقبتها والتصديق عليها .

·   كما قد تستخدم الإذاعات الإستراتيجية في معاونه العناصر السرية (عملاء ـ مندوبين) العاملة داخل الدولة الهدف وذلك بنقل المعلومات والتوجهات الهامة والعاجلة والتي تتطلب تنفيذ إجراءات عاجله[4].

(ب) تصمم البرامج والنصوص الإذاعية، في تنسيق وتزامن، مع أنواع المنشورات وموضوعاتها، التي تتضمن وثيقة مراقبة الحملة النفسية. وعاده ما تتضمن خريطة الإذاعة الإستراتيجية لمصلحة دعم الحملات النفسية البرامج التالية:

·       البرامج الإخبارية

تشمل البرامج الإخبارية أخر أنباء الموقف والحالة في جبهات القتال والدول محل الاهتمام. إلى جانب الأنباء عن انتصارات القوات الصديقة، والموقف الداخلي، ومواقف الدول، الصديقة والمحايدة... إلخ. وتنقسم البرامج الإخبارية إلى:

·       خبر إعلامي

وهو عبارة عن خبر مختصر جداً، ولكنه قوي في محتوياته، ويؤثر تأثيراً مباشراً وقوياً في العدو. ويذاع عند اللزوم، وعند توفر المعلومات اللازمة لهذا النوع، مثل: حدوث اشتباك أو حادثة معينة أو تحقيق نجاح بارز لقواتنا.

·       التعليق

والتعليق يرتبط بموضوع رئيسي، له لون سياسي، يدور حوله التعليق، وغالباً ما يدور حول معلومات مهمة عن اشتباكات أو حوادث داخلية من معسكرات العدو.

·       الحوار

يتم مع كبار رجال الدولة، والقادة، والمحللين العسكريين، من القوات، الصديقة والمتحالفة، حول آخر تطورات العمليات وسيرها، والنتائج المحققة، أو حول ما تردده الدعاية المعادية. كما يمكن إجراء الحوار مع أسرى الحرب من العدو، وخاصة القادة.

·       الحديث

يستخدم نادراً، إلاّ أن له مزايا خاصة، تجذب انتباه الهدف المخاطب، إذ يُدار، دائماً، في جو ودي حول موضوع ومشكلة حية، ويتوقف نجاح الحديث، دائماً، على حسن اختيار المتحدثين.

·       اللقاءات والاجتماعات الخطابية

وهي اللقاءات التي تجري مع سكان الأراضي المحررة، ويتم اختيار فقرات مرتبطة بموضوع واحد من الخطب التي يتم إلقاؤها، ثم تُذاع على العدو بعد ذلك.

·       الريبورتاج

وهو أصعب أنواع النصوص الإذاعية، وأكثرها فاعلية على الهدف المخاطب. إذ يُدار، دائماً، من مكان الحوادث، أو أثناء سير العمليات العسكرية ومع صانعيها (قادة ـ ضباط ـ جنود ـ مدنيين ـ أسرى ـ سكان ... إلخ)، هذا ويتطلب الريبورتاج دقة وحنكة في تنفيذه.

·       القصة

والقصة، دائماً، لها بطلها الذي عادة ما يكون أحد المقاتلين في الدولة الصديقة، أو معادياً استسلم لنا يحكي قصه استسلامه/ انضمامه ويدعو زملاءه للحذو حذوه. كما يمكن أن تُظهِّر القصة، النواحي الإنسانية لرجالنا في الحرب، لخدمة أهداف الدعاية الصديقة، ولفضح الدعاية المعادية وتكذيبها.

هذا فضلاً عن البرامج الترفيهية ـ الموسيقى .. إلخ. التي تتضمنها الخريطة الإذاعية، كعامل جذب وقبول لتهيئة مزاج الهدف المخاطب بالعمل على حفظ توازن البرامج.

(2) الإذاعات التكتيكية

(أ) عبارة عن محطات إذاعية، خفيفة، متنقلة، ذات قدرات وإمكانيات محدودة، تغطي العمق التكتيكي والعملياتي، وعادة ما تكون ضمن تنظيم وحدات أو عناصر العمليات النفسية، التي تعمل في مسار الحرب ضمن نطاق الجيوش لإسناد أعمال قتال التشكيلات والوحدات.

(ب) يُخطط لهذه المحطات بوساطة وحدات العمليات النفسية وعناصرها، في تنسيق مع موضوعات البرامج ونصوصها الإذاعية، للمحطات الإستراتيجية.

(ج) تستخدم هذه النوعية من الوسائل لتنشيط معنويات القوات، الصديقة والحليفة، وخفض الكفاءة القتالية لقوات العدو العاملة في نطاقها. كذلك تحريضه على الهروب والاستسلام كما قد توجه للقوات الصديقة والحليفة لرفع معنوياتها ودعم أعمال قتالها[5].

(د) عادة ما تتركز الموضوعات المستخدمة في هذه المحطات على نشرات الأخبار وبيانات ورسائل أسرى الحرب. كذلك لقاءات أحاديث مع القادة والجنود ورسائلهم إلى ذويهم.

(3) الإذاعات السرية

(أ) قد تُستخدم هذه النوعية من الإذاعات[6] وكأنها تبث من داخل الدولة المعادية، ومن مصادر منشقة داخل الدولة الهدف.

(ب) عادة ما تُستخدم موضوعات وأساليب لا تسمح بتأديتها بطرق أخرى وتعتمد على المعلومات والأخبار المؤكدة والموقوتة إلاَّ أنها تُعالج بوساطة أجهزة المخابرات لتحقيق الهدف منها.

(ج) يمكن أن تثير القلق بين قيادات الدولة الهدف، نتيجة وجود منشقين/ معارضين بين العاملين فيها[7].

(4) الإذاعة المحمولة جواً

(أ) عبارة عن محطات إذاعية، خفيفة، محمولة على طائرات النقل، مثل الطائرة سي 130 ـ اليوشن …إلخ، وتديرها عناصر من العمليات النفسية، إذ يتم إذاعة برامج سابقة التسجيل (شرائط كاسيت) وتستخدم في حالة عدم وصول/ وضوح إرسال المحطات الإستراتيجية، وعدم تمكن المحطات التكتيكية من التغطية نتيجة العامل الأرضي/ بعد المسافة …. إلخ.

(ب) كما تستخدم كمحطة إعادة إذاعة للبرامج الإذاعية التي تبث من المحطات الإستراتيجية أو التكتيكية، لزيادة مدى تغطيتها أو تستغل للدخول على الشبكات اللاسلكية المعادية لتوجه إمّا برامج إذاعية قصيرة، (النص القصير)، والذي يُعَدّ في شكل برقية تستغرق من 3 ـ 5 دقائق، لإجراء حوار مع قادة الوحدات الفرعية/ الفرعية الصغير، لحثهم وإقناعهم بالاستسلام مع وحداتهم[8].

(5) مكبرات الصوت

(أ) إحدى الوسائل التي تلعب دوراً هاما في توجيه رسائل الحملات النفسية خاصة على المستوى التكتيكي وفى جميع صور المعركة لما تتميز به من خفة حركة ـ سرعة في إعداد وإذاعة الموضوعات الجارية.

(ب) تستخدم هذه الوسيلة العلنية عادة مع تشكيلات ووحدات الأنساق الأولى إما ثابتة أو محمولة على مركبات ـ دبابات ـ طائرات عمودية أو نقل لإذاعة النداءات والرسائل التي تهدف إلى:

·       السيطرة على أسرى الحرب، وتوجيههم إلى نقاط ومعسكرات جمع الأسرى (نداءات تسليم).

·       تنفيذ إجراءات الخداع التكتيكي، مثل تضخيم أصوات جنازير الدبابات والمركبات المدرعة، التي تظهر وكأنها تهاجم إحدى الأجناب لجذب انتباه الهدف المخاطب لاتجاه مخادع.

·       تحريض أفراد العدو على الاستسلام أو الهروب من المعركة.

·       تنفيذ أعمال الإزعاج للقوات المعادية بإذاعة أصوات الانفجارات أو إصدار أصوات مزعجة .. إلخ.

·       تسهيل أعمال القوات الصديقة عند دخولها المدن والمناطق المحررة بتوجيه النداءات للتنظيم والسيطرة على السكان المحليين.

(ج) يراعى إعداد النداءات والرسائل الخاصة بعناصر مكبرات الصوت مقدماً، لاستغلالهاً أثناء العمليات. إذ لا يتوافر الوقت الكافي لإعداد هذه الرسائل أثناء القتال الفعلي على أن تكون قصيرة ومحدده وواضحة الهدف.

(د) عادة ما تتضمن الرسائل التي تذاع من هذه الوسيلة على النداءات المباشرة ورسائل لخفض الروح المعنوية، كذلك نداءات التحذير والإنذار النهائي.

3. الوسائل السمعية والمرئية

أ. من أهم الوسائل المؤثرة، والأكثر إقناعاً وتأثيراً، على عملية تغيير سلوك الهدف/ الأهداف المخاطبة. كما تتميز بكونها أكثر وسائل العمليات النفسية جاذبية كونها تعتمد، في مواجهة الهدف، على حاستَي السمع والبصر.

ب. إمكانية جذب قاعدة عريضة من المشاهدين والأهداف المخاطبة، على كافة مستوياتهم، الثقافية والعملية، فضلاً على توحيد مفهوم الموضوع والرسالة التي تُبث.

ج. تضطلع هذه الوسيلة بدور رئيسي ومؤثر، إلى حدٍّ كبير خلال مراحل إدارة الأزمات والصراع المسلح، خاصة في ظل التقدم الهائل في وسائل وأساليب نقل المعلومات والبرامج والأحداث … إلخ، وذلك عبْر الأقمار الصناعية، وقنوات الاتصال الفضائية، وهو ما أبرزته ولا تزال تبرزه تطورات أزمة الخليج، ومراحل الصراع المسلح، الذي دار خلالها، وذلك من خلال تجسيد أنه:

(1) لا يعني هنا اقتصار الوسيلة على الجهاز، في حد ذاته، بل تتعداه، حالياً، إلى شبكات التليفزيون، الإقليمية المحلية والعالمية. وكذلك شركات الإعلان والدعاية والمراسلين وما يقوموا بإعداده من برامج وأفلام تسجيلية وأحاديث ولقاءات ... إلخ مع الرؤساء والقادة العسكريين ـ السياسيين .. إلخ[9].

(2) تستغل هذه الوسيلة لنقل الرسائل إلى المشاهدين من خلال البرامج والنشرات الإخبارية والمناظرات والندوات واللقاءات والتمثيليات وأفلام الكرتون .. إلخ. كذلك من خلال الأفلام التسجيلية والثقافية[10].

(3) ويُعَدّ من أهم الوسائل السمعية والمرئية التي تستخدم في الحملات النفسية، خلال مراحل نشوب الصراع المسلح، خاصة أثناء المراحل التحضيرية ما يلي:

(أ) التلفزيون والفيديو كاسيت.

(ب) السينما وأفلام الكرتون (صورة متحركة).

(ج) المناطق والمزارات السياحية مثل الصوت والضوء ـ آثار .. إلخ.

(د) الأنشطة المدنية، متمثلة في: المعارض ـ العروض الفنية ـ المسيرات والمظاهرات.

(هـ) الأنشطة العسكرية، متمثلة في: الاستعراضات العسكرية والبيانات ـ المناورات ومعارض الأسلحة ـ التحركات والحشود العسكرية.

ثانياً: مراحل ومبادئ العمليات النفسية أثناء الحرب

تقوم العمليات النفسية، عموماً، على قاعدة سيكولوجية تستهدف التأثير على اتجاهات الأهداف المخاطبة وسلوكها، إذ يلجأ المخطط إلى شتى الطرق والأساليب، التي تؤثر على الإدراك الإنساني، لإحداث التغيير في اتجاهاته، وقيمه، وإرادته، وأفكاره.

أمّا أثناء نشوب الصراع المسلح، فيركز مخططو العمليات النفسية، ومن خلال المضمون نفسه، للقاعدة السابقة، على خلق حالة من الذعر والذهول الجماعي، تؤدي إلى إثارة القلق واضطراب السلوك، ومن ثم، تدمير الروح المعنوية وإرادة القتال لدى الخصم، وذلك من خلال ثلاث مراحل رئيسية كالآتي:

1. إثارة الذعر

ويتم خلال هذه المراحل التركيز على إثارة الصراع، وإحداث خلل في التوازن النفسي للفرد، وذلك من خلال الموضوعات التي تتضمنها الحملات النفسية المتكررة، والتي تستهدف إقناع الأفراد بحتمية نشوب الحرب، ومن ثم، ورود احتمالات الموت أو الإصابة الشديدة أو الأسر وأنه في الوقت عينه يتوافر لديه إمكانية النجاة بالنفس مما يساعد على تولد حالة من عدم الثقة والتوتر لدى الأفراد المقاتلين.

2. التخلص من القلق والصراع

ويقوم المخطط، خلال هذه المراحل، بالتركيز على إقناع الهدف، مره أخرى، بأن نشوب الحرب، والخوف من الموت، من الأمور المستبعدة، مع ضعف نسبة وقوعها أو حدوثها، مما يخلق معها حالة من الانقسام وعدم الاستقرار بين أفراد الهدف المخاطب.

3. تجسيم مشاعر القلق

وتبدأ هذه المرحلة بعد فترة من الهدوء والاستقرار، ودراسة نتائج المرحلتين السابقتين وتحليلها. إذ تشن حملات نفسية، تستهدف خلخلة التوازن النفسي للأهداف المخاطبة، التي تؤدى إلى ازدياد القلق وعدم الاستقرار. ويمكن خلال هذه المراحل تقسيم الأهداف المخاطبة من حيث تأثرها، نفسياً، إلى ثلاثة أنواع هي:

أ. أقلية تحتفظ بهدوء أعصابها.

ب. أقلية تنهار، نفسياً، وتُصاب بما يشبه الشلل العقلي.

ج. أغلبية تصاب بحالة من الذهول الجماعي، وهي الهدف المخاطب التي تركز عليها الحملات النفسية لتعزيز هذا الشعور ويمكن تقسيم هذه المجموعة إلى فئتين:

(1) فئة تعتقد بأنها المقصودة من الحملة النفسية، فتعتريها المخاوف المرضية.

(2) فئة ثانية تشعر بالوحدة وتخلي الآخرين عنها (يصبح الأصدقاء والحلفاء محل شك).

4. أسس ومبادئ نجاح العمليات النفسية

يتوقف نجاح قوات العمليات النفسية ووسائلها، في أدائها لمهامها على القدر المتوافر لها من المعلومات عن الأهداف المخاطبة، التي تشن أو توجه إليها الحملات. فالعمليات النفسية، بطرقها وأساليبها المختلفة، لا تحقق أهدافها، إلاَّ بقدر ما يستخدمه المخطط من حقائق وبراهين، لإقناع الهدف المخاطب، وللعمليات النفسية، بصفة عامة، مجموعة من الأُسُس والمبادئ الرئيسية، ترتكز عليها ويتوقف نجاح المخطط في تحقيق هذه المبادئ، على قدر معرفته، ودراسته التحليلية، للهدف المخاطب في الدولة أو الدول محل الاهتمام، التي تُشن وتوجَّه إليها الحملات النفسية. ومن أهم هذه المبادئ:

أ. تكامل ودقة المعلومات: (المعرفة العميقة بالدول محل الاهتمام)

تعتمد العمليات النفسية على المعلومات والحقائق الموضوعية عن الدولة/ الدول محل الاهتمام، بما يُمكِّن المخطط من التحديد والتحليل الجيّد للهدف أو الأهداف المخاطبة، من كافه النواحي، للتعرف على نقاط الضعف والتعرّض. ومن ثم تركيز الحملات النفسية عليها، لتنميتها.

ب. الاستغلال الأمثل للدوافع والحاجات الأساسية

يعطي مخططو الحملات النفسية، على مستوياتها المختلفة، عند إعداد الحملة وإدارتها، أهمية وأولوية خاصة، لاستغلال كل من الحاجات الأساسية للأفراد (الجوع ـ العطش ـ الأمن ـ الجنس)، والدوافع الثانوية، كالتقدير الاجتماعي ـ الانتماء ـ تحقيق الذات … إلخ.

ج. استغلال العمليات العقلية اللاشعورية

من أساليب التوافق النفسي، لكل نفس بشرية، الميكانيزمات الألية، التي تلجأ إليها هذه النفس عند الاصطدام بالفشل، والرغبة في التخلص من القلق والتوتر. وهو ما يُطلق عليها بـ " الحيل الدفاعية "، أو " العمليات العقلية اللاشعورية/ الاستبدالية " (التبرير ـ الإسقاط ـ النقص ـ القلب ـ التفكك .. إلخ)، التي من الضروري أن يقوم مخططو الحملات النفسية بالتعرف عليها للأهداف في الدول محل الاهتمام.

د. مركزية التخطيط الشامل

يجب أن يتم التخطيط الشامل للعمليات النفسية، على المستوى القومي، ومن خلال لجنة تضم خبراء متخصصين في كافه المجالات تقوم بوضع التخطيط الشامل للعمليات النفسية. كذلك تحديد كافة الاحتمالات والبدائل للخطة المقترحة وتعمل هذه اللجنة باستقلالية وتكامل وتنسيق مع الأجهزة والهيئات المعنية، على أن تقوم المستويات الإستراتيجية بوضع الخطط التخصصية المرحلية لكل مستوى.

هـ. توفر الكوادر الفنية المؤهلة (التخصص)

يتطلب التخطيط الناجح والواعي للعمليات النفسية، عده مجالات تخصصية مختلفة (سياسي ـ اقتصادي ـ اجتماعي ـ إعلامي ـ نفسي .. إلخ)، مما يستلزم معه الاعتماد على خبراء متخصصين ومؤهلين، ومن ذوى الخبرة، في كل مجال منها عند إعداد وتطوير الحملات النفسية.

و. التوقيت المناسب

وهو ما يعني تنظيم الحملات النفسية وإدارتها في التوقيت المحدد، بخطط الإدارة، على أن يرتبط التخطيط للعمليات النفسية الميدانية، بخطط العمليـات، علـى الاتجاهات الإستراتيجيـة لمسـرح الحـرب (يتم التخطيط لها في الوقت نفسه مع مخطط العمليات)، كما يعني هذا المبدأ، كذلك، الاستخدام الموقوت للموضوعات والتوزيع بالوسيلة المناسبة، وفى التوقيت المناسب. فعلى سبيل المثال، لو كان هناك منشور مطلوب إعداده عن موضوع معين، في وقت معين، وتم تحضير المنشور في الوقت المناسب، ولكن التوزيع لم يتم في الوقت المحدد، والمناسب، يعني ذلك فشل المهمة والغرض من رسائل المنشور.

ز. المصداقية والقبول

على الرغم من أن الصدق هو المبدأ الرئيسي للعمليات النفسية، إذ تمثل الحقائق الأساس القوي الذي يترك أثره في المستقبل (جسر الثقة بين المُرسِّل والمستقبِل)، إلاَّ أن الصدق، وحده، لا يصنع، دائماً، الحملات النفسية الناجحة. إذ إن الحقائق الصادقة في الحملات النفسية، أمر نسبي، يخضع لاعتبارات عديدة، كظروف الحملة، والهدف، وتطورات الموقف الراهن.

ح. المرونة

ويأتي هذا المبدأ من خلال التعامل مع الواقع، وكل من متطلبات ومعطيات المرحلة. إذ لكل طرف ومرحلة أسلوب ومرتكزات وأهداف تفرضها تلك المعطيات. فالعمليات النفسية تقوم على البحث الذي يقف وراءه أخصائيون، يرسمون معالمها، ويحددون خطاها، ودراسة وتحليل نتائج هذا التخطيط، من خلال تقييم وتحليل نتائج الإدارة والدروس المستفادة، للعمل على تطوير الحملات النفسية.

ط. الاستمرارية

وتعني استمرارية العمليات النفسية قبل وخلال مراحل الحرب المختلفة، وملاحقتها لكافه التطورات، وصور المعركة مع الاستغلال الأمثل لكافة الوسائل والأساليب المتوافرة والمتاحة، وبما لا يترك ثغرة أو فراغ.



[1] نظراً للإجراءات المشددة والتعسفية التي فرضتها القيادة العراقية على أفراد قواتها في المسرح الكويتي اضطر مخططو العمليات النفسية في القوات المشتركة إلى التغير السريع في شكل وأسلوب أعداد وتوزيع منشوراته لحث الجانب العراقي على التقاط المنشور والاحتفاظ به أو قراءته على أقل تقدير حيث طُبع المنشور على (علب سجاير ـ أوراق نقدية ـ تصغير حجم المنشور ليسهل إخفاءه).

[2] تم استخدام هذه الوسيلة خلال حرب الخليج وفى المرحلة التحضيرية (قبل بدء الحرب) .

[3] أمكن التغلب على هذه العقبة بإسقاط عدد من أجهزة الراديو والترانزيستور ذات مواصفات خاصة على بعض وحدات النسق الأول في المسرح الكويتي خلال حرب تحرير الكويت.

[4] تصدر هذه التعليمات في شكل رسائل شفوية ـ إذاعية أغنية محددة ـ عبارات مختارة ...الخ.

[5] مثل إذاعة جيش الدفاع الإسرائيلي ـ محطة صوت الخليج تم إنشاءها خلال حرب الخليج.

[6] كأحد أشكال الدعاية السوداء.

[7] برز ذلك جلياً في إذاعة صوت العراق الحر.

[8] تم إتباع هذا الأسلوب من خلال حرب الخليج في المراحل النهائية من العمليات البرية والتي تحقق من خلاله نتائج إيجابية أبرزها تسليم قائد إحدى الكتائب مع وحدته.

[9] لعبت شركة (س ان ان) دوراً محسوسا ومؤثرا في تطورات أحداث أزمة الخليج ومراحل العمليات العسكرية التي واكبتها بل كانت في الكثير من الأحيان هي الطريقة والأسلوب الذي تنفذ به مشتملات الحملات النفسية على المستوى (الإستراتيجي / السياسي / العسكري) الدعاية / دعاية مضادة / خداع / تهديد ….الخ.

[10] عادة ما كان المتحدث العسكري الأمريكي يلجأ إلى إذاعة أفلام تسجيليه في أعقاب البيانات العسكرية كأحد أساليب الإقناع والإثارة والتخويف.