إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / العمليات النفسية (الحرب النفسية)





مخطط تنظيم فريق العمليات
مقترح لتنظيم مركز عمليات نفسية
مقترح لشبكة مراكز العمليات النفسية
التخطيط للعمليات النفسية
التعامل النفسي المعاصر
التعامل النفسي الصهيوني
الحرب النفسية في العمليات العسكرية
تنظيم إدارة التخطيط للعمليات النفسية
تنظيم سرية عمليات نفسية
تنظيم كتيبة عمليات نفسية
تطور الدعاية الصهيونية
سلم ماسلو للحاجات
منشور طريقة الانضمام
بطاقة مرور أمن
بطاقة دعوة
شعار القوات المشتركة
كاريكاتير نفسي 1
كاريكاتير نفسي 2
قصف الفرقة 16 مشاة

مناطق الإسقاط بالبالون
مناطق الإسقاط بالطائرة س 130
مواقع القوات العراقية



القسم الثاني

المبحث الثامن

العمليات النفسية الإسرائيلية

بدأت الجماعات اليهودية في تطوير فكرها وأسلوب عملها منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وكانت البداية العملية المنظمة هي المؤتمر الشهير الذي دعا إليه وترأسه اليهودي النمساوي الأصل (تيودور هرتزل) وعقد في بال عام (1897م)، وكان هدفه إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وقد أدركت الحركة الصهيونية منذ البداية أهمية الدعاية ودورها في تحقيق أهداف الصهيونية المتعاقبة، فاعتمدت على الدعاية بشتى الوسائل والأساليب من صحف وكتب وجمعيات ومراكز لجمع التبرعات والأموال، جنباً إلى جنب مع إنشاء المؤسسات الإرهابية التي اعتمدت على القوة واتخذت من الإرهاب والقتل والتدمير منهجاً لها. وقد استطاع الصهاينة بأساليبهم الإعلامية المختلفة، وبالوسائل المتاحة لديهم، تحقيق أكبر عملية غسل للدماغ لمصلحة مخططات تهويد فلسطين وتغيير معالمها العربية والسيطرة عليها أطول فترة ممكنة من الزمن. ويرجع هذا النجاح إلى سيطرتهم على الرأي العام في أوروبا الغربية وأمريكا على وجه الخصوص. فقد تفهم الصهاينة تأثير الرأي العام في البلدان الغربية ـ وخصوصاً الدول ذات النظم البرلمانية والانتخابات الحرة ـ ودوره في التأثير على القرار السياسي في هذه البلدان، فجعلوا من الرأي العام شغلهم الشاغل فأغرقوه بالمعلومات التي تبشر بآرائهم وأفكارهم السياسية حتى أصبحت تلك المجتمعات حكراً عليهم ومغلقة أمام خصومهم، والأدهى من ذلك أنهم جعلوا من تلك المجتمعات بوقاً لأفكارهم مدافعاً عن أطماعهم وتطلعاتهم.

أولاً: مراحل تطور العمليات النفسية الإسرائيلية

اتسمت العمليات النفسية الإسرائيلية بالمرحلية التوسعية والتخطيط المتقن الذي يقف وراءه أخصائيون يرسمون معالمه ويحددون خطواته وفقاً لمعطيات وتحليلات ودراسات شاملة. والعمليات النفسية الإسرائيلية تتلون بألوان الواقع السياسي والوضع القائم من غير أن تفقد خطها، وتطرح مقولتها في تناغم وانسجام مع العمل العسكري والسياسي؛ والدارس للعمليات النفسية الإسرائيلية يمكن أن يميز ثلاث مراحل هي:

1. العمليات النفسية الإسرائيلية قبل إنشاء الكيان الصهيوني

ارتكزت العمليات النفسية الإسرائيلية في هذه المرحلة على الترويج للأفكار التالية:

أ. مقولة "الحق التاريخي وأرض الميعاد"

وتتضمن هذه المقولة ادعاء الصهاينة بأن لهم حقاً قديماً وإلهياً في فلسطين، حيث قامت الدعاية الصهيونية بترسيخ موضع الحق التاريخي في فلسطين بواسطة مقولة "أرض الميعاد" وبنت الصهيونية على مقولة أرض الميعاد مقولة أخرى هي "حق العودة" حيث صدّرت للرأي العام ـ خصوصاً الرأي العام المسيحي ـ أن اليهود طُرِدوا من فلسطين على يد الرومان، وأن لهم الحق في العودة إليها، لأن من حق المطرود أن يعود إلى وطنه. مع أن الواقع عكس ذلك، فقبل الحرب العالمية الأولى كان تعداد سكان فلسطين (750) ألف نسمة، ثمانية أتساعهم من العرب والتسع الآخر فقط من اليهود.

ب. مقولة "العداء للسامية" (الهولوكوست: المحرقة)[1]

يدعي اليهود بأن العقيدة الصهيونية نشأت كرد فعل لمعاداة السامية التي يعتبرونها أبدية ما دام لليهود وجود بين قوميات أخرى. والتناقض في هذه الدعوة واضح وضوح الشمس، إذ إن العرب أنفسهم ساميون وإن عداء المجتمعات التي عاش بها اليهود لا يقف وراءه ادعاء وهمي كهذا، بل حقائق ودوافع كانوا هم سببها، فالنازية التي اعتقلت الملايين من شتى القوميات واضطهدتها وعذبتها، كان من بينهم عدد قليل من اليهود لا يقاس بضحايا الشعب السوفيتي التي فاقت العشرين مليوناً، لكن كل ما ارتكبته النازية بحق العالم حولته الصهيونية لحسابها واستثمرته لخدمة أغراضها العدوانية، فقد أمر "بن جوريون" العملاء الصهاينة بتفجير معبد يهودي في بغداد لكي يستغل هذا الانفجار كإثبات على العداء الوحشي الذي يكنه العالم والعرب للسامية، وكأن العرب لم يعودوا ساميين، وبحجة القضاء على معاداة السامية تقوم إسرائيل بالعدوان واحتلال الأراضي وطرد العرب والتنكيل بهم.

ج. مقولة "الجنس اليهودي المتميز"

يزعم اليهود بأنهم أنقى جنس خلقه الله. يقول (ليفين) عضو الكينست الإسرائيلي عن حزب (أجودات إسرائيل) عام (1970م): "إننا لسنا شعباً كباقي الشعوب ولسنا ديناً ككل الأديان، إننا شعب خاص، شعب الله، شعب التوراة ". وقد استغل اليهود هذا الزعم العنصري المفتري لاجتناب الاندماج مع غيرهم، لأن في هذا الاختلاط فقدانا لنقاء اليهود وبالتالي الإساءة إليهم. وقد أكدت الأبحاث العلمية والحقائق الموضوعية عدم صحة ادعاءات الصهيونية بتميز الجنس اليهودي، فيهود العالم لا يرجعون إلى جنس واحد، وليس في الطبيعة نمط عنصري محدد لليهودي في سائر بقاع الأرض، فهم أبناء دين لا أبناء جنس واحد. ويثبت الواقع العلمي أيضاً حقيقة اختلاط الناس وتمازجهم على مدى القرون ومن شتى القارات، مما يؤدي إلى عدم وجود جنس واحد نقي. ويهود إسرائيل حسب أرقام مجلة النيوزويك الأمريكية هم أناس قادمون من تسعين بلداً ويتكلمون سبعين لغة.

2. العمليات النفسية الإسرائيلية بعد قيام الكيان الصهيوني

أ. مقولة الأرض الخالية من السكان والصحراء القاحلة

وهي تختصر الزعم القائل بأن فلسطين (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)، وطرح هذا الزعم قبل إنشاء دولة العدوان وبعده، حيث زعموا أن فلسطين بقيت خالية من السكان منذ طرد اليهود منها على يد الرومان قبل ألفي عام، ولأنها بقيت خالية فمن حقهم العودة إليها والاستيطان فيها وتعميرها. قال (حاييم وايزامان)، أول رئيس إسرائيلي: "هناك بلد اسمه فلسطين، وهو بدون شعب، وهناك الشعب اليهودي، وهو بدون بلاد"، وزعم (ليفي أشكول) في عام (1969م) للنيوزويك الأمريكية: "لقد كانت صحراء، فقط بعد أن جعلنا الصحراء تزدهر ومأهولة بالسكان أصبحوا مهتمين بأخذها منا". وما أوضح الكذب والتضليل والخداع في هذه الدعاية، لأن فلسطين لم تكن خالية كما أسلفنا في مقولة (الحق التاريخي) من حيث عدد السكان، كما كان الشعب الفلسطيني متقدماً في الزراعة حتى بلغت صادرات الحمضيات من فلسطين قبل الحرب العالمية الأولى أكثر من مليون جنيه فلسطيني، فلا هي خالية من السكان ولا هي صحراء قاحلة كما يدعون ولا أهلها متخلفون.

ب. مقولة الجيل الجديد (الصابرا)

هذه المقولة مفادها أن هناك جيلاً جديداً قد تشكل في إسرائيل، وهذا الجيل ولد في فلسطين ومن حقه بالتالي العيش والاستيطان فيها. ولا يحق لأي قانون أن يطرده منها، وأية محاولة للطرد تُعد عملية عدوانية وضد حقوق الإنسان اليهودي، ويتغنى الإعلام الصهيوني بهذا الجيل وقدرته الخارقة. ويدعى أن أمة جديدة قد تكونت منذ أكثر من ثلاثين سنة وأن هذه الأمة لها خصائصها القومية، ولغتها الخاصة بها، هذه الأمة هي الأمة العبرية أو الإسرائيلية. ويستخدم الصهاينة هذه المقولة دفاعاً عن سياسة الاستيطان العدوانية محاولين إظهار تكوين سيكولوجي موحد للتجمع الإسرائيلي.

ج. مقولة إسرائيل الصغيرة

حيث يعقد اليهود مقارنة بين المساحات التي يسكنها العرب من المحيط إلى الخليج وبين مساحة إسرائيل الصغيرة، وفي الوقت نفسه تحرص الدعاية الصهيونية على عدم ذكر فلسطين أو الشعب الفلسطيني وحتى في حال الإشارة إلى اللاجئين الفلسطينيين، فإن الإعلام الصهيوني يدعو إلى توطين هؤلاء اللاجئين في الأقطار العربية كما فعل الألمان الغربيون بالمواطنين اللاجئين من ألمانيا الشرقية. ومقولة إسرائيل الصغيرة مقولة تستدر بها الدعاية الإسرائيلية عطف العالم، كما تبرر بها أعمالها التوسعية، والتماس السند المادي والمعنوي والعسكري.

د. مقولة إسرائيل المكافحة من أجل العيش والبقاء

يحاول الإعلام الصهيوني عبر هذه المقولة وضع إسرائيل في صورة الدولة المهددة باستمرار. ويدَّعي هذا الإعلام أن إسرائيل المسالمة تكافح من أجل العيش والبقاء واتقاء أخطار العرب عامة والفلسطينيين الإرهابيين بحسب تسميتها لهم، وأن وقفة إسرائيل في وجه هذا الخطر هي بطولة فذة، ومن خلال هذا الادعاء تبرز مقولة وزعم الحدود الآمنة، ونظرية الأمن الإسرائيلي، والحروب الوقائية، وقمع الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم.

هـ. مقولة إسرائيل دولة حضارية في محيط متخلف

تدعي إسرائيل في هذه المقولة بأنها الوجه الحضاري التقدمي الغربي وأنها امتداد للحضارة الغربية المعاصرة في المشرق وذراعها الفاعل في تغيير التخلف الشرقي، وأن أي تسليح للعرب هو تحطيم لهذا الوجه الحضاري المشرق، بل هو خطوة أولى في تحطيم الحضارة الغربية ومنجزاتها العلمية والتكنولوجية.

3. العمليات النفسية الإسرائيلية بعد عام (1973م)

نظراً لتطور الأحداث في الساحة الدولية وانعكاساتها على ساحة الصراع العربي الإسرائيلي وما استجد من ظروف وأمور، وحرصاً من إسرائيل على مسايرة الأحداث والظروف، فقد عمدت إسرائيل إلى التركيز في عملياتها النفسية على بعض مقولاتها السابقة واستحداث مقولات أخرى تلائم الأوضاع والتطورات ومنها ما يلي:

أ. خطر الإسلام الزاحف

تثير إسرائيل مشاعر الخوف من الإسلام وتعمل وسائل الدعاية الإسرائيلية على التحذير من الصحوة الإسلامية وخطورة الأممية الإسلامية، وتربط ذلك بأن إسرائيل تمثل القلعة الأولى في الدفاع عن الحضارة الغربية ضد الإسلام، كما سبق ووقفت ضد المد الشيوعي. وينسحب هذا التخويف على مظاهر القوة في أي بلد إسلامي، كامتلاك باكستان القنبلة الذرية، فعبرت الدعاية الصهيونية عن ذلك بفيلم أسمته (قنبلة من أجل الإسلام) وبآخر أسمته (القنبلة الإسلامية)، وينسحب من هذه المقولة كذلك الإرهاب الإسلامي أو الإسلام الإرهابي، والعرب المسلمين الإرهابيين.

ب. خطر العربي الثري

ظهرت هذه المقولة لتعبر مجدداً عن مقولات سابقة تؤكد بجملتها على أن إسرائيل هي المدافع عن تفاقم الخطر العربي المتمثل مجدداً في امتلاك العرب لقوة النفط، وبرز ذلك بوضوح بعد حظر النفط العربي في حرب (1973م) واستخدام العرب لحقهم المشروع في تنبيه الغرب المغالي والمسرف في تجاهله لحقوق العرب.

ج. تشويه الطابع القومي العربي والإسلامي على حد سواء

لعبت الصحافة التي يسيطر عليها اليهود دوراً كبيراً في تشويه صورة العربي المسلم، هذا بجانب التلفزيون والسينما في الولايات المتحدة الأمريكية بالذات، فحسب البرامج، فإنه في الفترة ما بين عام (75 ـ 1980م) يظهر العربي في التلفزيون الأمريكي مرة كل أسبوعين في شخصية مثيرة للضحك والاشمئزاز، ولا يكاد يخلو مسلسل واحد من المسلسلات الأمريكية التلفزيونية المعروفة من إشارة مهينة للعرب، ومن أكثرها تعريضاً للعرب مسلسلا (ملائكة شارلي) و (ملفات روكفورد)، والنتيجة في نظر (30%) من مشاهدي التلفزيون الأمريكي هو مرادف للإرهابي.

د. تأليه الطابع القومي اليهودي

وهذا الأسلوب هو استمرار لأسلوبهم القديم مقابل تشويه الصورة العربية الإسلامية، وقد ظهر ذلك بوضوح في الفيلم الإنجليزي (عربات النار) الذي يظهر اليهود بأنهم شعب الله المختار، وغيره من الأفلام مثل الفيلم التلفزيوني الأمريكي (امرأة تدعى جولدا) الذي يضفي على اليهود صفات البطولة والإنسانية والحكمة والقوة.

هـ. توثيق ربط اليهود بالمسيحية

وهذه المقولة قديمة إلا أنها عادت بتركيز شديد بعد عام (1973م)، وفيها تطرح الدعاية الصهيونية فكرة أن المسيحية التي تؤمن بعودة المسيح مرة ثانية يجب أن تساعد على تجميع اليهود وبناء الهيكل الثالث (وهذا مدخل لجعل القدس عاصمة لإسرائيل). وذلك لأن التنبؤات التوراتية تقول بظهور المسيح (للمرة الأولى بالنسبة لليهود، وللمرة الثانية بالنسبة للنصارى) ولا يتم ذلك إلا بعد عودة اليهود إلى فلسطين وبناء الهيكل الثالث. وقد عبر عن المخاوف من هذا الاتجاه المطران العربي (إيليا خوري) في الندوة الصحفية التي عقدت في (25/6/1981م) بقوله: "مصيبتنا الكبرى هي الكنائس في أمريكا، فالكنائس المسيحية هناك تهوِّد العقيدة المسيحية، وتجعل الدين المسيحي مذهباً يهودياً"، وهذا ما تفعله الصهيونية اليوم ويمارسه اليهود في أمريكا بعناد وإصرار. (اُنظر شكل تطور الدعاية الصهيونية).

و. إن الأعمال الحربية الإسرائيلية هي من أجل السلام العالمي

وخير مثال على ذلك ادعاء إسرائيل خلال غزوها لبنان عام (1982م) بأنها تهدف إلى تطهير المنطقة من الإرهاب، ولذلك أعطت أعمال الغزو الحربية اسماً يعكس معنى الهدف المدَّعى (سلام الجليل). وإذا كانت هذه الفكرة تنسحب من مقولاتها السابقة (إسرائيل الضعيفة المعتدى عليها باستمرار من قبل العرب) وهو ما بررت به اعتداءاتها على العرب في الأعوام (1956م، 1967م،) إلا أن حرب (1982 م) نسفت هذه المقولة من الأساس؛ رغم الستارة الدخانية التي أخفت عملية الغزو خلفها وهي تأمين الحدود وسلامة منطقة الجليل. حيث إن المقاومة الشديدة التي جوبهت بها إسرائيل ثم انسحابها، جعلت العالم يوقن بكذب هذه المقولة.

ثانياً: خصائص وسمات العمليات النفسية الإسرائيلية

على الرغم من تعدد المراحل التي مرت بها العمليات النفسية الإسرائيلية إلا أنها عموماً اتسمت بسمات وخصائص يمكننا أن نلخصها فيما يلي:

1. المركزية

العمليات النفسية الإسرائيلية هي حرب يديرها جهاز يضم الخبراء المختصين الذين يضعون التخطيط الشامل للعمليات النفسية، ثم يرسمون الخطط المرحلية التي ستنفذ مع وضع البدائل للخطط المقترحة وذلك ضمن استراتيجية عامة للعمل الإعلامي الدعائي النفسي وفق سياسة الدولة، وهي ترتبط بأدوات تنفيذ السياسة الخارجية والأداة العسكرية، مما يظهر معه ارتباطاً وانسجاماً بين الإعلام والعمليات النفسية والعمل الدبلوماسي والإدارة العسكرية. (اُنظر شكل التعامل النفسي الصهيوني).

2. التخصص

تتعدد مجالات العمليات النفسية الإسرائيلية، ولا شك أن ذلك يقتضي الاعتماد على خبراء مختصين في كافة مجالاتها. وتركيبة المجتمع الإسرائيلي تساعد في ذلك، إذ إنهم تجمعوا من كل بلاد العالم، وكل منهم يحمل مؤهلات وخبرات البلد الذي قدم منه، مما ساعد في توفير كل الاختصاصات المطلوبة لتلك العمليات النفسية.

3. التركيز

تعتمد العمليات النفسية عامة على التركيز في عملياتها الدعائية التي تهدف إلى تنفيذها، وهنا يأخذ التركيز الهدف بعين الاعتبار ثم يعمد إلى التكرار كصفة هامة يجب أن تتضمنها أية دعاية يراد لها النجاح. وهذه السمة نجدها واضحة في ممارسات العدو لعملياته النفسية، حيث يعمد إلى التركيز في دعايته المضللة ويستخدم أسلوب الحملات العامة التي توجَّه عادة للتأثير في كافة المجالات المراد التأثير عليها.

4. التوقيت

تحرص إسرائيل دائماً في عملياتها النفسية على عامل التوقيت لعلمها بأن الإعلام الدعائي النفسي الناجح يجب أن ينطلق في الوقت المناسب مع تهيئة الجو وشحنه بعوامل القبول والتصديق، إذ أن دقة التوقيت تعطي دعماً لواقعية التعامل النفسي بمختلف أشكاله مما يساعد على إعطاء المردود النفسي المطلوب.

5. إضفاء المصداقية النسبية

يقيم الإعلام الإسرائيلي وزناً كبيراً للمصداقية النسبية، ويسعى بدأب للحفاظ على ثقة المستمع ـ العدو والصديق معاً ـ وهذه المصداقية تعتمد على سيكولوجية الجماهير وسيكولوجية الفرد، وتتطلب جمع معلومات واسعة عن أماني الشعب الخصم وتطلعاته.

6. الهجوم

إذا حللنا العمليات النفسية الموجهة إلى العالم العربي نجدها ذات طابع هجومي، أي تسعى لامتلاك المبادرة الدعائية. ويظهر هذا الخط الهجومي الدعائي بوضوح عند قيام إسرائيل باعتداءات عسكرية، أو اتخاذها لقرار هام مثل ضم منطقة محتلة مثلاً، فإن الإعلام سرعان ما يواكب هذا القرار السياسي بهجوم دعائي.

ثالثاً: أساليب العمليات النفسية الإسرائيلية

تستخدم إسرائيل الأساليب التالية في عملياتها النفسية

1. التركيز على هدف واحد في وقت واحد

تحاول إسرائيل دائماً الاستفادة من المتغيرات السياسية والعسكرية والاجتماعية التي تحدث في العالم، ولا تدع فرصة واحدة تفوتها، فمثلاً في قضية فتح صنبور الهجرة اليهودية السوفيتية، اغتنمت إسرائيل فرصة هدوء المسرح العالمي وتهيُّؤه للتلقي فجندت كل طاقاتها الإعلامية لتثير ضجة وجدلاً حول التهجير وفتح مراكز الاستقبال في الدول الغربية. وفي حرب رمضان نجد أن الإعلام الإسرائيلي ركز على أخبار المعارك متجاهلاً تماماً قطع الدول الأفريقية علاقاتها مع إسرائيل، وذلك لتختار إسرائيل الوقت الملائم لعرض المسائل حسب رغبتها ومعالجتها على النحو الذي يرضيها.

2. أسلوب خلق مصادر مختلفة للأخبار

تضفي إسرائيل بعداً آخراً للأخبار أو تنسبها إلى مصدر آخر إضافي تأكيداً لصحتها في آذان المستمع ثم تعتمد تلك المصادر الأخرى كأساس باعتبارها مصادر خارجية محايدة. وخير مثال على ذلك في حرب (1973م) عندما منيت إسرائيل بخسائر فادحة في المعدات والأرواح لجأت إلى الصحافة العالمية المملوكة في معظمها لليهود، ومراسليها الصهاينة، وأخذت تذيع رسائلهم المكذوبة والمحشوة بالتلفيق حتى قال أحد المراسلين الأجانب آنذاك: "عندما تذيع إسرائيل حقيقة خسائرها بعد الحرب، فإن الفضيحة ستكون أكبر مما أثارته فضيحة ووترجيت".

3. إخفاء الأخبار الملائمة للخصم وتضليله عنها

لقد درجت إسرائيل منذ نشأتها على إخفاء الحقائق والمعلومات وأخبار عمليات المقاومة، وحتى في الحروب، لا تعترف إسرائيل بخسائرها، ففي عام (1973م) لم تعترف إسرائيل بخسائرها بل كانت تصفها بأنها طفيفة، وحتى بعد تدمير لواء الدبابات (190) في سيناء وأسر قائده قالت إسرائيل إن الورش تعمل على إصلاح الدبابات التي استهلكت من جراء الاستعمال. وفي الحرب نفسها كشف صحفي يهودي عن بيانين لكل من (موشي ديان) و(ديفيد أليعازر) في الأيام الأولى من الحرب، يُظهر فيهما مدى الرعب والانهيار النفسي الذي أصاب قادة اليهود. فقد قال وزير الدفاع موشى ديان مخاطباً اليهود: "هذا الوقت عصيب، وقواتنا في الجولان وسيناء تتراجع، ولم يعد خط بارليف قائماً! وقد تم تحييد سلاح الجو.. وباختصار فإن الوضع مأساوي، إلا أنه غير خطير". أما (ديفيد أليعازر) فقد قال: "لقد خرج اليوم جيش الدفاع الإسرائيلي للقيام بهجوم مضاد، ولكن ـ بصدق ـ فقد فشل الهجوم، قوات العدو (العرب) هائلة وسوف يحطمون عظامنا!! وأقصى ما آمله هو أن يكتفي المصريون بصدِّ هجومنا فقط، والاكتفاء بسيناء .. ثقوا وتشجعوا". وهذه البيانات لم يسمع بها الناس لأن خبيراً نفسياً منع إذاعتها لعلمه التام بأنها لو أذيعت لتغيرت مجريات الأحداث في المعركة.

4. أسلوب التحويل السريع للأخبار

تحاول إسرائيل دائماً، عن طريق إعلامها القوي وأبواق دعايتها، تحويل الأنظار عما يجري في الساحة ـ إن كان في غير مصلحتها ـ ففي حرب (1973م) حاولت إسرائيل تحويل الأنظار عن خسائرها وهزائمها وعن الإنجازات التي حققتها الجيوش العربية ـ خاصة في جبهة سيناء ـ بالتركيز على تواجد الجيش الإسرائيلي في غرب قناة السويس، ثم أخذت تتحدث عن موضوع تبادل الأسرى، موحية بذلك للمستمع والجندي الإسرائيلي ـ بطريقة غير مباشرة ـ بأن كل ما يسمعونه من أخبار الحرب من الإذاعات هراء وتلفيق، تاركة المستمع والجندي الإسرائيلي مبلبلي التفكير مشتتي الذهن، محافظة على صورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.

5. إشاعة عدم الثقة بالنفس وإيقاع المستهدف بالتخبط الفكري

لقد دأبت إسرائيل في عملياتها النفسية ضد العرب على استخدام شتى الأساليب، ومن هذه الأساليب، تشكيكهم في كل من حولهم وزعزعة ثقتهم في أنفسهم وقادتهم وإعلامهم. ففي حرب (1973م)، وأثناء المعارك الطاحنة الدائرة في الجولان، كان الإعلام الإسرائيلي يذيع باللغة العربية أن حكومة إسرائيل تعتزم وضع خطط لمضاعفة سكان الجولان. ولا شك في أن هذا الأسلوب الخبيث يلقى في نفس المستمع العربي الشك في صحة ما نقلته وسائل الإعلام العربي، كما أنه يوحي له بأن نتائج المعارك على العكس تماماً مما تذيعه الإذاعات العربية.

6. استغلال المعارك السابقة كرصيد يستشهد به

لا شك أن الجيش الإسرائيلي قد أحرز بعض الانتصارات في الحروب العربية الإسرائيلية السابقة لظروف كثيرة كانت في صالح الجيش الإسرائيلي، ولكن قادة العدو ووسائل إعلامه قد تجاهلت تلك الظروف وعزت تلك الانتصارات إلى أسطورية هذا الجيش وكفايته العالية التي لا تقهر، وذلك لتعميق مفهوم شجاعة الجندي الإسرائيلي ومقدرته على التعامل مع أحدث الأسلحة التكنولوجية التي حظه فيها أوفر من نظيره العربي.

7. الحرص على إظهار التفوق التكنولوجي

من المعروف أن إسرائيل تتفوق تكنولوجياً على جميع الدول العربية، وذلك لحرص القوى الكبرى والعالم الغربي على ترجيح ميزان القوى لمصلحتها، باعتبارها دويلة صغيرة محاطة بأعدائها العرب من كل الجهات كما يزعمون، ولذلك عمدوا ـ منذ نشأتها ـ إلى مدِّها بكل أسباب التقدم والتكنولوجيا والأسلحة الحديثة من طائرات وصواريخ، وبكل ما أنتجته آلة الحرب الغربية من عتاد عسكري يضمن لها الغلبة حتى أصبحت إسرائيل اليوم تمتلك أفضل سلاح جوي في منطقة الشرق الأوسط، وتزعم بأن الفارق التكنولوجي بينها وبين العرب هائل جداً، وأنها ستحرم العرب من اللحاق بها حتى منتصف القرن الحادي والعشرين على أقل تقدير. وما تطالعنا به وسائل الإعلام الإسرائيلية من نجاح تجارب إطلاق الصواريخ والأقمار الإسرائيلية (أريحا ـ 1، أريحا ـ 2، الأفق ـ 1) ما هو إلا تعميق للشعور باليأس وإيحاء باتساع الفارق التكنولوجي بينها وبين العرب.

8. التخويف بالأسلحة النووية ونظرية الردع النووي

إن تبني إسرائيل للأسلحة النووية وإدخالها ضمن استراتيجية الدفاع الإسرائيلي إنما القصد منه ردع العرب عن شن هجوم رئيسي ضدها أو تهديد بقائها. يقول الدكتور محمد حجاز ضمن حديثه عن عناصر الدعاية الصهيونية على مستوى الوطن العربي: "إن الصهيونية تمارس التخويف بالسلاح النووي الذي تملكه من خلال إذاعة أخبار ما يكتبه المعلقون السياسيون العالميون من تعليقات ودراسات عن قوة إسرائيل النووية، وعن الأسلحة المتطورة الحديثة التي تردها من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك كجزء من الحملة السيكولوجية الدعائية الرامية إلى إبقاء الأمة العربية تحت سيطرة البعبع الإسرائيلي وتيئيسها من متابعة القتال".

9. الترويج لأسطورة الجيش الذي لا يقهر

نجد في كتابات اليهود عن جيشهم مقولة ظلوا يرددونها حتى أصبحت من المسلمات البديهية، ألا وهي مقولة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، والذي يستطيع منازلة كل الجيوش العربية وهزيمتها. ثم راحت أجهزة الإعلام الصهيوني تروِّج لها بإمكانياتها الواسعة في مشارق الأرض ومغاربها حتى صدقها الكثيرون... وقديماً قيل: يستمر الرجل يكذب حتى يصدقه من حوله، ثم يكذب حتى يصدق نفسه. وهنا تقع الطامة.. وقد وقعت بإسرائيل فزلزلت بنيانها المنقوش، لقد صدقت إسرائيل أكاذيبها حتى خرج عليها يوم (24) أكتوبر رئيس دولتها (إبراهيم كاتزير) يوقظها من أحلام الخيال، ويكشف لشعبه المخدوع طرفاً من الحقائق الأليمة، فيقول: "لقد كنا نعيش بين عام (1967م، 1973م) في نشوة لم تكن الظروف تبررها، بل كنا نعيش في عالم من الخيال لا صلة له بالواقع، وهذه الحالة النفسية هي المسؤولة عن الأخطاء التي حدثت قبل حرب أكتوبر، وفي الأيام الأولى للحرب، لأنها كانت قد تفشَّت في كل المجالات العسكرية والسياسية والاجتماعية وأحدثت فيها مواطن ضعف خطيرة".

10. الانفراد بالجبهات

تعلم إسرائيل جيداً بأنها لا تستطيع مجابهة الجيوش العربية مجتمعة، لذلك نجدها في جميع حروبها الإسرائيلية العربية قد تبنت استراتيجية الانفراد بالجبهات ـ أي مقاتلة الجيوش العربية كل على حده ـ ممارسة بذلك عمليات نفسية ناجحة، ومدعية بأن جيش الدفاع الإسرائيلي هزم الجيوش العربية. ففي حرب (1967م) نجدها تصدَّت أولاً بقواتها للجبهة المصرية في سيناء، حيث أوقفت تقدم القوات المصرية، ومن ثم انتقلت وبسرعة فائقة للجبهة السورية حيث استطاعت حسم المعركة في أقصر وقت.

11. الرد السريع وعدم الاستجابة للضغوط

لقد دأبت إسرائيل على ألا تترك عملية مسلحة تقع ضد مستوطناتها أو أي فرد من أفراد شعبها دون رد سريع وحاسم، ولا تقبل المساومة أو المفاوضة. فمثلاً في عملية "عنتيبي" الشهيرة التي تم فيها اختطاف طائرة إسرائيلية رفض اليهود المفاوضة والمساومة واستغلوا وقت المفاوضات الجارية آنذاك في مطار عنتيبي في الإعداد لعملية كوماندوز ونفذوها بنجاح تام ـ رغم بعد المسافة بين تل أبيب وعنتيبي ـ حرروا فيها طائرتهم. وقد أصبحت عملية "عنتيبي" فيما بعد مادة خصبة للدعاية والعمليات النفسية، وأن إسرائيل لا تنحني للضغوط. ويعتبر هذا الموقف جزءاً من العمليات النفسية، إذ تعطي إسرائيل عن نفسها صورة الدولة ذات المبادئ، والمنهاج الثابت والصلابة.. فهي بالتالي تتصرف عن قوة، لأن القوي الذي لا يرضخ ولا يتنازل. وهي في الوقت ذاته تريد حرمان خصومها من أية فرصة يحققون فيها انتصاراً يعزز ثقتهم بأنفسهم ويغريهم بسلوك الطريق مرة ثانية.

12. التدمير وارتكاب المجازر

تلجأ إسرائيل إلى ارتكاب أعمال دموية بربرية فظيعة لتلقي بها الرعب والخوف في النفوس، وما تلك المجازر التي حدثت في دير ياسين وصبرا وشاتيلا إلا صوراً واضحة للعيان لا تخفي أهداف العدو من ورائها. ويفخر "مناحم بيجين" بالأعمال التي تمت على يد منظمته، فأوقعت الرعب في قلوب الناس أثناء احتلال يافا فيقول: "وفجأة رأينا أمام أعيننا ظاهرة عجيبة.. الهرب الجماعي من يافا.. لقد بدأ المدنيون العرب، وفريق من المحاربين يهربون من المدينة فجأة، وقد غلبهم الذعر؛ والظاهر أن هناك سببين لهذا الهرب والرعب: أولاً: اسم مهاجميهم المخيف، والدعاية المرعبة التي أحاطت بهذا الاسم، فقد أرسل مراسل اليونايتدبرس في بيروت إلى جريدته يومها يقول: "إن الهاربين الذين وصلوا إلى بيروت قالوا: إن الأخبار التي وصلتهم تفيد بأن الأرغون تقوم بالهجوم مما زرع الرعب في قلوبهم". وأما السبب الثاني: فكان قوة مدفعيتنا. لقد رددنا ليافا في يوم ما أعطته لتل أبيب في ثلاثة أشهر". ويقول الجنرال (شائون نكديمون) عن النبطية: "لقد بدت لنا المدينة كأنقاض من جراء القصف الجوي والأرضي الذي لم يترك الكثير من المباني لم تدمر". ويقول الجنرال (بن تسيون شرايدر): "ماذا نفعل أكثر من ذلك، لقد دمرنا لهم المدن والقرى، ومسحنا لهم مخيماتهم".

رابعاً: وسائل العمليات النفسية الإسرائيلية

تستخدم إسرائيل في عملياتها النفسية الأساليب المعروفة من حيث: التضليل الإعلامي والصدمة النفسية، والتهديد المستمر بالبطش، والاستدراج الإعلامي، والدعاية المتكررة، والنشرات الاستسلامية.. إلخ، ولم تقتصر إسرائيل في عملياتها النفسية على إذاعتها وتلفزيونها، بل قامت بشراء العديد من الصحف والمجلات في العالم ـ وخاصة في أمريكا وأوروبا ـ نظراً لتأثير هذه الصحف في الرأي العام. وسيطرت إسرائيل على كثير من المؤسسات السينمائية ودور النشر والتأليف وشبكات التلفزيون، واستغلتها في دعايتها وتمرير أهدافها.

 1. الإذاعة والتلفزيون

الإذاعة والتلفزيون في الكيان الصهيوني حكوميان، ولكن تتولى الإشراف عليهما سلطة مستقلة. أنشئت الإذاعة عام (1965م)، وتبث إذاعة إسرائيل برامج بمختلف اللغات، ولكن أهم برنامج لإذاعة العدو هو برنامجها باللغة العربية حيث تبلغ مدة البث (15) ساعة يومياً، وتتضمن (12) نشرة أخبار، ويتولى هذا البرنامج شن العمليات النفسية على الجماهير العربية، والجدير بالذكر أنه تم عام (1971م) تقوية بث البرنامج العربي، إذ جرى تشغيل أجهزة الإرسال الجديدة على الموجة المتوسطة التي تبلغ قوتها (600) كيلو وات، وهي تسمع بوضوح على مسافة (2000 كم). كما تُعد الإذاعة الإسرائيلية برامج ثقافية وإخبارية تحليلية ترسلها إلى الإذاعات المتعاونة معها في أوروبا وأمريكا اللاتينية، وكندا، والدول الأفريقية كبرنامج "هنا إسرائيل". أمّا التلفزيون الإسرائيلي فقد بدأت فكرة إنشائه عام (1951م)، ليكون الأداة التحريضية المساعدة في صياغة الشخصية الإسرائيلية وفق مواصفات الثقافة الصهيونية وعلى رأسها سيادة الروح العدائية ضد العرب. وقد تم تشغيله عام (1968م) في معارضة دينية شديدة لأنه يتعارض وتعاليم الديانة اليهودية. حيث بدأ يبث أربع ساعات منها ثلاث ساعات بالعربية. أما الآن فيبث بالعبرية (4) ساعات، وبالعربية ساعتين.

2. أجهزة الإعلام في وزارة الخارجية

أ. دائرة الإعلام

وهي الجهة المسؤولة عن تخطيط وتنسيق نشاطات الإعلام الصهيوني عامة في دول العالم الخارجي. وتقوم بالاتفاق مع الصحف العالمية على إصدار ملاحق خاصة عن الكيان الصهيوني، وكذلك تقوم بتنظيم المقابلات والندوات وإعداد وتوزيع الكتيبات، وإقامة علاقات وثيقة مع شبكات التلفزيون الأجنبية، وإعداد المسلسلات الجديدة حول مختلف جوانب الحياة الإسرائيلية، وتنظيم الحملات الدعائية.

ب. دائرة التعاون الدولي

وتعني بتنسيق ومتابعة برامج التعاون الفني والعلمي والتدريب مع بعض دول أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وذلك بإرسال الخبراء الصهاينة للعمل في الخارج، وتقوم كذلك هذه الدائرة بتنظيم الندوات والمؤتمرات الدولية.

ج. دائرة العلاقات الثقافية والعلمية

ومهمة هذه الدائرة تطوير علاقات الكيان الصهيوني مع دول العالم الأخرى في المجالات العلمية والثقافية والفنية، وهذه الدائرة ركن أساسي من أركان الإعلام الصهيوني (اُنظر شكل التعامل النفسي المعاصر).

د. المكتب الصحفي بوزارة الخارجية

يقوم بتزويد الصحافة المحلية والمراسلين الأجانب بالأنباء اليومية أو ترتيب مقابلات الصحفيين لمسؤولي الخارجية الصهيونية.

هـ. قسم رعاية الضيوف الرسميين

ويتولى إعداد برامج زيارات الضيوف الرسميين حسب رغبة وذوق وأهواء كل منهم بما ينال رضاهم. وقد بلغ عدد ضيوف وزارة الخارجية عام (69) زهاء (1500) ضيف من (71) بلداً.

3. أجهزة الإعلام في وزارة الدفاع. وهي تتكون من ثلاث دوائر

أ. دائرة التعاون والارتباط الخارجي

وتضم خمسة أقسام هي، قسم مساعدة الأقطار الأجنبية، قسم أمريكا اللاتينية، قسم الأقطار الأفريقية الناطقة بالفرنسية، قسم اختيار المدربين للعمل في الخارج، قسم الأبحاث والمنشورات.

ب. دار النشر في وزارة الدفاع

وتقوم بمهام كبيرة في الإعلام الصهيوني ـ لا سيما الموجه منه لأفراد الجيش ـ وتتولى دار النشر هذه إصدار كتب متنوعة تتناول الموضوعات الجغرافية والتاريخية، والكتب العسكرية المتعلقة بمختلف أنواع الأسلحة.

ج. متاحف جيش العدو

تهتم وزارة الحرب الصهيوني بإنشاء المتاحف العسكرية كوسيلة ناجحة من وسائل الإعلام الداخلي، ومن هذه المتاحف: متحف بيت الهاجاناة، متحف الهجرة غير الشرعية، متحف البحرية.

4. أجهزة الإعلام في مكتب رئاسة الوزراء

أ. المكتب الصحفي للحكومة

ويضم المكتب قسماً للمطبوعات يصدر مجموعة من المنشورات بمختلف اللغات.

ب. قسم التعميم والنشر

ومهمته تخطيط وتنفيذ الدعاية الحكومية الموجَّهة للمجتمع الصهيوني، وتوجيه الرأي العام المحلي من خلال وسائل الإعلام المتوفرة.

ج. مكتب الإرشاد المركزي

وهو يشكل دائرة واحدة مرتبطة بمكتب رئيس الوزراء، ويقوم بنشر المعلومات عن نشاطات الحكومة ومشاكلها وأهداف الدولة ومنجزاتها، وخاصة ما يتصل بترسيخ الوحدة الثقافية والروحية والاجتماعية والمدنية.

5. النشاطات الإعلامية لوزارة السياحة

تُولي وزارة السياحة عناية واهتماماً كبيرين بالسياحة، فهي إلى جانب أنها تُعد أكبر مصدر للعملات الصعبة، فهي تمثل بالنسبة لإسرائيل تربة خصبة لبث دعايتها فيها. والحكومة الإسرائيلية تدرك جيداً أهمية هؤلاء السياح في نشر دعايتها عندما يعودون إلى أوطانهم ويتحدثون ويكتبون عما شاهدوه عبر وسائل إعلام بلادهم. وتنظِّم الحكومة الصهيونية أمسيات سياحية تتضمن محاضرات عن الكيان الصهيوني وتفسح المجال أمام السياح لتوجيه الأسئلة والاستفسارات. وتكثر الحكومة الإسرائيلية من طبع النشرات السياحية التي تتضمن دعايات سياسية ذكية.

6. الجامعات والمعاهد المختصة

على الرغم من أن التعليم عملية تربوية يتم عن طريقها نقل ميراث ثقافي واجتماعي من جيل إلى جيل، إلا أن الحركة الصهيونية قد اتخذت من المؤسسات التعليمية والجامعات والمعاهد وسيلة من وسائل الدعاية لتدعيم مفاهيمها ونظرياتها، وأخذت توجه الطلبة الصهاينة والأجانب المبعوثين وجهة معينة تتلاءم ومصالحها. فقد أنشأت الجامعة العبرية في القدس لتتولى مخاطبة القطاعات المثقفة من الرأي العام العالمي مخاطبة علمية. وتركز الجامعات والمعاهد المختصة في نشاطها الثقافي على إبراز دور اليهود في تدعيم الحضارة وإحياء التراث العلمي في منطقة الشرق الأوسط. مما أكسبها تأييد كثير من مثقفي العالم. ويوجد في إسرائيل خمس جامعات، أقدمها الجامعة العبرية التي تأسست عام (1918م)، وجامعة تل أبيب التي تأسست عام (1953م)، وجامعة حيفا عام (1963م) وجامعة بار إيلان عام (1955م)، وجامعة النقب في بئر السبع عام (1969م)، والمؤسسة العلمية الكبرى الثانية في إسرائيل هي معهد وايزمان العلمي في رحوبوت ويليه في الأهمية المعهد التكنولوجي (التخنيون). هذا إلى جانب المعاهد العلمية الأخرى التي يزيد عددها عن الأربعين. ونظراً للصلات والروابط الوثيقة التي خلفتها هذه المؤسسات التعليمية مع المؤسسات التعليمية في الدول الأخرى، نجد أن عدداً كبيراً من الجامعات والمعاهد الأمريكية تتعاطف مع الصهيونية مثل جامعات براندايز وبوسطن وياشيفيا في نيويورك.

7. أجهزة المخابرات والاستخبارات

لعبت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية دوراً أساسياً في شن العمليات النفسية وتغيير اتجاهات الرأي العام منذ أن كانت دولة إسرائيل فكرة في العقول، فقد سبق إنشاء الاستخبارات الإسرائيلي بشكل واضح منذ أن بدأ الاستيطان الصهيوني في فلسطين إثر انتهاء الحرب العالمية الأولى وكان يطلق عليها اسم (نيللي) ثم أطلق اسم (شيروت يديعوت) أي خدمات المعلومات. ثم عرف بعد قيام الكيان الصهيوني باسم (شيروتيه بطاحون) أي خدمات الأمن واختصارها (شين بيت). ورغم أن نشاطات الاستخبارات الإسرائيلية تتوزع على عدة دوائر من استخبارات عسكرية واستخبارات سياسية وأخرى داخلية، إلا أن هناك هيئة عليا تقوم بتنسيق نشاطاتها تدعى (الموساد). ولقد أدركت القيادة الصهيونية عبر التجربة أن قسطاً كبيراً من نجاحها في تنفيذ المخطط الصهيوني يعتمد بشكل كبير على مقدرة جهاز الاستخبارات في مجال المعلومات. حيث غدت هذه العملية في السنوات الأخيرة المرحلة الأساسية الهامة التي تسبق أي تحرك في كافة المجالات. وقد أصبح العنف المخطط والإرهاب سمة من سمات أعمال أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في توجيه وتغيير اتجاهات الرأي العام. وتشمل أساليب المخابرات عمليات وضع الألغام والمتفجرات والتهديد، واغتيال الشخصيات الهامة وكل من ناصر القضية الفلسطينية.

8. معاهد الرأي العام والشؤون العربية

توجد في إسرائيل عدة معاهد تتابع واقع مختلف البلدان العربية وما يطرأ عليها من تطورات في شتى الميادين ثم تقدم نتائجها إلى الجهات المختصة التي تستفيد منها في تخطيط سياستها.

خامساً: مجابهة العمليات النفسية الإسرائيلية

إن نجاح العدو في عملياته النفسية يُسهم فيه غياب مخططات عربية للمجابهة بالشكل المطلوب. وعليه فإن المجابهة العربية يجب أن تعتمد دراسة عميقة لأساليب العدو التي تمليها عليها أهداف عملياته النفسية الاستراتيجية والتكتيكية ثم دراسة لوسائله المستخدمة ووضع التقويم الشامل لكل ذلك، ثم وضع الخطة الشاملة للمجابهة على ضوء هذا التقويم وملاحقتها وإحباطها. كما أن دراسة الأسس التي تقوم عليها عمليات العدو النفسية هي عملية ضرورية تماماً، وذلك للعمل على تعريتها وإفهام الفئات المُسْتَهدفة حقيقة هذه الأسانيد الباطلة التي يعتمدها عمله الإعلامي الدعائي النفسي. ويقتضي التخطيط العلمي لمجابهة عمليات العدو النفسية إعداد خطة دعائية موحدة ومحكمة يرفدها جيش من الساسة المتخصصين في الدعاية على أرفع المستويات العلمية والعملية، فضلاً عن توافر أجهزة إعلامية راسخة قادرة على بناء وتنفيذ الخطة الدعائية استراتيجياً وتكتيكياً.

 



[1] ترمز `الهولوكوست` ادعاء الصهيونية بالمحارق التي كان يباد فيها يهود ألمانيا أثناء الحكم النازي.