إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الخداع





الخداع الإستراتيجي الشامل
التخطيط للخداع الإستراتيجي العسكري
التخطيط للخداع التعبوي
تسلسل عملية الخداع
الاحتمالات المتوقعة
دور ومكان الخداع الإلكتروني
وسائل الخداع الإلكتروني الحديثة
استخدام المقلدات
مدى تأثير التأخير الزمني للاشتعال
التخطيط للخداع الإستراتيجي الشامل
الخداع الإستراتيجي العسكري




الفصل الأول

المبحث الأول

الأسس والمبادئ العامة للخداع في العمليات الحربية

تلعب المفاجأة، بصفتها أحد مبادئ الحرب الأساسية، دوراً رئيساً وحاسماً في تحقيق النصر، في أي صراع مسلح، فبالاستخدام الجيد والتطبيق الماهر، يمكن انتزاع المبادأة من العدو، وتهيئة الظروف المناسبة لهزيمة قواته المتفوقة، بأقل قدر من القوات والوسائل، وفي أقصر وقت ممكن، وبأقل خسائر في القوات.

ويبرز الخداع بإحدى الطرق الرئيسة، التي يمكن عن طريقها تحقيق المفاجأة، بكل مستوياتها في الصراع، ومراحله المختلفة، وصولاً إلى الصراع المسلح، سواء أكان ذلك في مرحلة الإعداد للصراع المسلح، أو مرحلة إدارة الصراع، أو بعد انتهائه لفرض الإرادة على العدو.

ولقد استخدم الخداع مراراً، في الماضي، بواسطة القيادات المتحاربة، وبالدراسة التاريخية للحروب الماضية، يمكن أن نستخلص الدور الرئيس والحيوي، الذي لعبه الخداع في التأثير في نتائج الصراعات، بمختلف أشكالها، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك، الدور الذي لعبه الخداع خلال الحرب العالمية الثانية، وعمليات يونيه 1967م، وعمليات أكتوبر 1973م المجيدة، وحرب الخليج الثانية.

وقد أدت القدرات الكبيرة لوسائل الاستطلاع، والحصول على المعلومات، التي تمتلكها القوات المتحاربة حالياً، والتطور السريع والمستمر فيها، والتأثير المباشر لذلك على إحراز المفاجأة لأي طرف من الأطراف؛ أدت إلى صعوبة بالغة في إخفاء أوضاع وأعمال القوات، وبالتالي صعوبة تنفيذ أعمال الخداع وإجراءاته.

ويعد الخداع الإستراتيجي مكوناً رئيساً في الإستراتيجية العسكرية، فجميع الحروب مبنية على الخداع، الذي يستخدم عادة خلال الصراع المسلح.

أولاُ: مبادئ ومستويات الخداع

1. مفهوم الخداع

هو علم وفن تخطيط مجموعة من الإجراءات المنسقة؛ وتنفيذها؛ لإخفاء الحقائق، وإقناع العدو وحلفائه بمفهوم غير حقيقي عن نوايا استخدام قواتنا، وإمكاناتها الحقيقية، وتقوده إلى اتخاذ القرارات الخاطئة، التي تؤدي إلى تهيئة الظروف المناسبة، لإعداد القوات المسلحة واستخدامها، لتحقيق أهداف الدولة.

2. أقسام الخداع

أ. الخداع السلبي: يعنى السرية والأمن، والعمل على حرمان أجهزة جمع وتحليل المعلومات المعادية والمتعاونة معها، من الحصول على معلومات حقيقية، تمس مواقف المخطط، وذلك بإنشاء مواقع ومعدات، تحاكى القوات الحقيقية، أمام وسائل الاستطلاع البصري والحراري والراداري، كإقامة مواقع هيكلية.

ب. الخداع الإيجابي: يعنى تحليل أجهزة جمع وتحليل المعلومات المعادية والمتعاونة معها، وجذب انتباهها نحو أهداف خادعة، مما يؤدي في النهاية إلى بناء التقديرات والقرارات الخاطئة، نتيجة مباشرة لاستخدام أساليب الخداع من جانب المخطط، وذلك بتمثيل القوات ونشاطاتها إيجابياً، مثل عمل نشاط إلكتروني، وراداري، وحركي؛ للفت نظر العدو إلى غير الأعمال الحقيقية لقواتنا، أو شل فعالية عناصره الهجومية (صواريخ ـ طائرات).

3. مبادئ الخداع

أ. الإعداد الجيد: ويعنى ذلك الإعداد الجيد والمنسق لكل إجراءات الخداع، بما يواكب قدرة الخصم، وإمكاناته، وطبيعة معتقداته، ومستواه الإدراكي.

ب. الصدق: إسباغ الصدق على المعلومات المرسلة للخصم، بأن تتفق إجراءات الخداع مع الخط الطبيعي المحتمل للأحداث، وذلك بأن تكون واقعية، مع عدم المبالغة، وأن تصل الإجراءات إلى العدو عن طريق القنوات الطبيعية للمعلومات، ولو أدى ذلك للإفصاح عن بعض الحقائق بما لا يضر بالخطة الأساسية.

ج. تعدد قنوات الاتصال مع العدو: يجب أن تحقق إجراءات ونشاطات الخداع إمكان وصول المعلومات المزَّيفة إلى العدو، بأكثر من وسيلة، مع مسايرة هذه الإجراءات للواقع؛ ليقوم العدو ببناء تقديراته الخاطئة. ولإتمام ذلك، يلزم استغلال قنوات الاتصال كافة؛ لتسريب المعلومات المزَّيفة من خلالها، بما يؤكد للعدو صحة مشاهداته ومعلوماته.

د. مركزية السيطرة: ضرورة السيطرة الحازمة والمركزية على كل إجراءات الخداع، بواسطة مجموعة التخطيط الحازمة، وعدم إطلاق الحرية للوحدات والتشكيلات لتنفيذ أي أعمال خداعية غير مخططة، أو مخالفة توقيت المخطط؛ حتى لا يؤدي ذلك إلى التضارب، وكشف خطة الخداع.

هـ. السرية: ويقصد بذلك فرض ستار من الأمن والسرية، حول الحقيقة المراد خداع العدو عنها، وكذا سرية خطة الخداع نفسها، حتى لا تؤدي إلى نتائج عكسية.

و. المرونة: أهمية مواجهة ردود أفعال العدو، والظروف والأحداث الجارية؛ للمحافظة على هدف الخداع، وهذا يتطلب مرونة الخطة.

ز. الفاعلية: المقصود بالفاعلية هو أن تؤدي الإجراءات الخداعية إلى رد فعل من الخصم، يحقق الهدف، ويسهل عمل قواتنا.

ح. التنسيق: تحتاج خطة الخداع إلى استمرار تنسيق كل الجهود والإجراءات الخداعية بين العناصر المنفذة، كل حسب الدور المرسوم له، مع مراعاة أي تعديلات، قد تطرأ على الخطة، من حيث تنفيذ الإجراءات والتوقيت ومكان التنفيذ حيث إن أي تعارض في الإجراءات، والتوقيت ومكان التنفيذ، سوف يؤدي إلى كشف خطة الخداع.

ط. الاستمرار: يبدأ الخداع قبل بدء العمليات الحربية بوقت طويل، ويستمر ذلك في أثناء أعمال القتال وبعد انتهائها، بهدف تحقيق مكاسب محددة، تهيئ أنسب الظروف لتحقيق أهداف الدولة.

ي. الدقة: وتعني دقة التخطيط لكل الإجراءات الخداعية، من حيث الكيفية، والتوقيت، ومكان التنفيذ، والظروف، التي تنفذ فيها تلك الإجراءات.

ك. الشمول والملائمة: أهمية شمول خطة الخداع لكل المجالات السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، كما يجب أن يشمل الخداع العسكري تنفيذ الإجراءات لكل القوات، وعلى مختلف المستويات، باستغلال جميع قنوات العدو، التي تستقى منها معلومات؛ لإعطاء صورة منطقية ومتكاملة، وشبة حقيقية، وتناسب ظروف الموقف.

ل. الاقتصاد: أن تكون تكاليف إقامة المناطق والمواقع الهيكلية مناسبة، بما لا يزيد أعباء ضخمة على الميزانية، وأن يتلاءم ذلك مع العائد منها، وكذا الاقتصاد في تسريب المعلومات الحقيقية، ضمن باقي المعلومات المزَّيفة؛ لإمكان تكوين صورة واقعية مقنعة للعدو، وتمكن من تحقيق الخطة لأهدافها.

م. التجديد والابتكار: أهمية الابتكار، والبعد عن المألوف والتكرار، ومتابعة ردود فعل الخصم.

ن. البساطة والبعد عن التعقيد: ويعني ذلك سهولة تنفيذ إجراءات الخداع، وذلك باستغلال كل الموارد المتيسرة، والبعد عن التعقيد، مثل صناعة النماذج الهيكلية بأساليب معقدة، وتكاليف باهظة، وكذا تنفيذ إجراءات تخالف طبيعة عمل القوات، وأيضاً مراعاة سهولة نقل الأهداف الهيكلية وتركيبها وإخفائها.

4. علاقة الخداع بمبادئ الحرب

إن الخداع، في حد ذاته، ليس غاية، ولكنه يعد وسيلة لإحداث ظروف مناسبة لتحقيق المفاجأة؛ إلا أن بعض الدول ترقى بالخداع إلى جعله مبدأ من مبادئ الحرب، كما أنه، فضلاً عن ذلك، يساعد على تحقيق أهم مبادئ الحرب الآتية:

أ. المفاجأة: عن طريق جذب العدو إلى بديل آخر غير الهدف الحقيقي.

ب. الحشد: وذلك بالإيحاء بأن هناك أكثر من بديل محتمل، مما سيضطره إلى توزيع إمكاناته على بدائل أكثر احتمالاً. وبهذا تقل كثافة إمكاناته، التي يخصصها للبديل الحقيقي، مما يتيح للمخادع تحقيق التفوق اللازم، وبذلك يتحقق مبدأ الحشد.

ج. المبادأة: يؤدي الخداع إلى إخفاء الحقيقة عن الخصم، وإظهار أكثر من بديل محتمل قد يضطره إلى بذل وقت أطول، وجهد كبير في البحث عن الحقيقة، مما يؤخر اتخاذ القرارات المناسبة، وهذا يتيح دائماً للمخادع انتزاع المبادأة من العدو وفرض إرادته عليه.

د. الاقتصاد

(1) ويعني الاقتصاد في حجم القوات المنفذة لإجراءات الخداع.

(2) الاقتصاد في تسريب المعلومات الحقيقية، ضمن باقي المعلومات المزَّيفة؛ لإمكان تكوين صورة واقعية للعدو؛ لتحقيق أهداف خطة الخداع.

(3) مراعاة ألا تكون تكاليف خطة الخداع باهظة، مما يزيد من أعباء ميزانية الدولة.

5. أهداف الخداع

يهدف الخداع، خاصة في أثناء الصراع المسلح، إلى تضليل العدو عن خطة وإجراءات إعداد الدولة للحرب، مع إخفاء فكرة أعمال وطبيعة إدارة الصراع المسلح واستخدام القوات، وكذا إجراءات التنسيق مع الدول الصديقة والحليفة، وذلك من خلال التركيز على:

أ. وضع أجهزة جمع وتحليل المعلومات المعادية والمتعاونة معها، في حالة تصديق للأخبار والمعلومات المزَّيفة والاقتناع بها.

ب. القياس المستمر لردود أفعال العدو وتحليلها.

ج. ضمان تحقيق أحسن النتائج، من إجراءات تنفيذ خطة الخداع.

6. مستويات الخداع

تنقسم خطة الخداع، طبقاً لمستوى التخطيط والإدارة، إلى الآتي:

  • خداع إستراتيجي عام:
  • خداع عسكري:

    وتنقسم الإجراءات فيه إلى ثلاثة مستويات:

  • المستوى الإستراتيجي.
  • المستوى التعبوي.
  • المستوى التكتيكي.

أ. الخداع الإستراتيجي العام (الخداع السياسي/ الاقتصادي/ الإعلامي)

(1) ينظم ويخطط، بواسطة القيادة السياسية والعسكرية.

(2) يهدف إلى:

(أ) إخفاء إعداد الدولة للحرب، وإخفاء نوايا الدولة في إدارة صراع مسلح.

(ب) خداع الخصم عن طبيعة استخدام القوات المسلحة والمنظمات العسكرية وشبه العسكرية في العمليات المقبلة، والاحتفاظ بسرية فكرة بدء العمليات وتوقيتها.

(ج) تعظيم دور القوة العسكرية، في مرحلة استخدام إستراتيجية الردع.

(د) خداع العدو، في مرحلة ما بعد الصراع المسلح، عن أهداف المفاوضات ونوايا الدولة للمرحلة التالية.

(3) تقوم القيادة السياسية، وأجهزة الإعلام، والدبلوماسيون، والدول الصديقة، بالدور الأكبر في تنفيذ الخداع الإستراتيجي العام.

(4) يتم وضع خطة الخداع بإشراك عناصر من الجهات المشتركة، ثم تصدر تعليمات لكل جهة للتنفيذ، مع أهمية التأكيد للمنفذين، بأن هذه الإجراءات عادية وحقيقية، تنفذ لصالح الحرب، وليست ضمن عمليات الخداع.

(5) ينفذ على فترات طويلة تسبق العملية بوقت كاف.

(6) أهمية السيطرة على تنفيذ هذه الإجراءات مع الدقة، والتنسيق، والمراقبة بصفة مستمرة؛ لمنع حدوث أي أخطاء، وذلك نتيجة لتعدد الجهات المنفذة، وعدم علمها بخطة العمليات ومضمونها.

(7) يعتمد الخداع الإستراتيجي العام في تحقيق أهدافه على الآتي:

(أ) تغذية وكالات الأنباء ومصادر جمع المعلومات للعدو، بصفة منظمة، بمعلومات غير دقيقة، إلى حد ما، لرسم صورة منطقية ومتكاملة.

(ب) إمداد العدو بمعلومات ناقصة عن بعض الحقائق، التي لا يمكن إخفاؤها.

(ج) استمرار إمداد مخابرات العدو بالمعلومات، من وقت لآخر، لزيادة معتقداته، وفي نطاق إطاره الإدراكي.

(8) وسائل الخداع الإستراتيجي العام (انظر شكل الخداع الإستراتيجي الشامل)

(أ) وسائل سياسية: وتشمل رئيس الدولة، والمؤسسات السياسية المختلفة بالدولة.

(ب) وسائل دبلوماسية: رجال السلك الدبلوماسي بالدولة والدول الأخرى، خاصة الدول، التي ترتبط بعلاقات وثيقة بأطرف النزاع.

(ج) وسائل إعلامية: وتشمل وكالات الأنباء، والصحافة، والإذاعة، والتليفزيون، ومكاتب الإعلام، والنشرات الإعلامية والإحصائية، والملحقين، والإعلاميين بالسفارات الأجنبية، ومراسلي الصحف، وممثلي الدول الأجنبية.

ب. الخداع العسكري

ينظم ويخطط وينفذ طبقاً لأهدافه وأبعاده، وينقسم إلى خداع إستراتيجي، وخداع تعبوي، وخداع تكتيكي.

(1) الخداع الإستراتيجي

(أ) ينظم ويخطط ويدار بواسطة القيادة العامة للقوات المسلحة وأجهزتها المختلفة، بالاشتراك مع بعض الوزارات والهيئات، لصالح العملية الإستراتيجية (انظر شكل التخطيط للخداع الإستراتيجي العسكري).

(ب) يهدف الخداع الإستراتيجي لعملية إستراتيجية إلى إخفاء نية قواتنا لشن عمليات مقبلة، وكذا طبيعة وفكرة وتوقيت بدء العملية، وتضليل الخصم عن اتجاهات الضربات الرئيسة، والضربات المضادة، وحجم القوات وإمكاناتها وأساليب قتالها، وإخفاء الفتح الإستراتيجي والتعبوي ومناطق بناء التجميعات الرئيسة.

(ج) تشمل خطة الخداع الإستراتيجي العسكري:

·   هدف الخداع وفكرته.

·   الإجراءات الرئيسة لتحقيق هدف الخداع وفكرته.

·   مهام الخداع وتنفيذ توقيته، خلال مراحل العملية الإستراتيجية.

·   القوات والوسائل المخصصة لتنفيذ خطة الخداع.

·   مسؤولية السيطرة والإشراف والمتابعة.

·   في جميع الأحوال، يتحتم أن تتشابه الأعمال الخداعية والأعمال الحقيقية، قدر الإمكان؛ لخلق صورة متكاملة وشبه واقعية ومنطقية، يتقبلها العدو، ويحتاج ذلك لقدر كبير من القوات لتقليد التحركات والمناطق الهيكلية، بما فيها من أسلحة ومعدات، دون أي إخلال، يؤدي إلى اكتشاف الخطة الخداعية من جانب العدو.

·   يلزم اتخاذ كل الإجراءات الفعالة المضادة لأعمال التجسس، خاصة في المناطق المحددة لتنفيذ الإجراءات الخداعية.

·   يجب أن يتوافق تخطيط وتنفيذ إجراءات الخداع الإستراتيجي العسكري، مع الخداع الإستراتيجي العام، ويتم ذلك بالتنسيق الدقيق بين كل العناصر المشتركة في التخطيط والتنفيذ.

·   طبقاً لفكرة الخداع الإستراتيجي العسكري والمهام المخصصة، تقوم الأفرع الرئيسة والتشكيلات التعبوية، بإعداد خطة الخداع التعبوي.

(2) الخداع التعبوي (انظر شكل التخطيط للخداع التعبوي)

(أ) ينظم ويخطط وينفذ تحت إشراف قادة الأفرع الرئيسة والتشكيلات التعبوية وسيطرتها، طبقاً لدورها المحدد من القيادة العامة للقوات المسلحة، في إطار خطة الخداع الإستراتيجي العسكري.

(ب) تلعب التشكيلات التعبوية دوراً رئيساً في تنفيذ الجزء الأكبر من إجراءات الخداع التعبوي، بالاشتراك في تنفيذ أعمال هندسية رئيسة، أو إعادة تجمعات خادعة، وتقليد مناطق تجمع خداعية، وبناء تجميعات هيكلية في اتجاهات كاذبة.

(ج) يهدف الخداع التعبوي إلى:

·  الحفاظ على سرية التحضير للعملية، خاصة الهجومية، من حيث فكرة العملية وأسلوب إدارتها.

·  خداع عناصر استطلاع العدو، عن مناطق التمركز الحقيقية للتجميعات الضاربة للجيش، وتأمينها من ضربات العدو الجوية.

·  إيهام العدو بخطة وهمية، بتقليد تجميعات القوات في مناطق هيكلية، والتوسع في إنشاء الأهداف الخداعية.

·  إخفاء توقيت بدء العملية الإستراتيجية / التعبوية.

·  إخفاء نظام القيادة والسيطرة على القوات.

·  الاحتفاظ بسرية اقتحام الموانع المائية.

·  الاحتفاظ بسرية تحضير عمل جماعات الإبرار الجوي / البحري واتجاهاتها.

·  إخفاء تجمع الأنساق الثانية والاحتياطات، واتجاهات عملها، وخطوط دفعها للاشتباك.

(3) الخداع التكتيكي

(أ) يُعد الخداع التكتيكي من مسؤولية جميع المستويات، من مستوى الفرد حتى مستوى التشكيل.

(ب) الاحتياجات اللازمة لتنفيذ هذا النوع من الخداع غالباً ما تكون متوافرة ضمن مرتبات الوحدات والتشكيلات.

(ج) يتم تنفيذه عادة، باستخدام وسائل الإخفاء والتمويه الخاصة بالأفراد، والأسلحة، والمعدات، ووسائل خاصة بنشاط القوات.

ثانياً: الأسس والعوامل المؤثرة على تنظيم وتخطيط الخداع الإستراتيجي والتعبوي

1. أسس التخطيط للخداع على المستوى الإستراتيجي

أ. أسس عامة

(1) السرية الكاملة في التخطيط للخداع الإستراتيجي، بالتخطيط المركزي على مستوى مجلس الدفاع الوطني، في إطار التنسيق الإستراتيجي، مع باقي أجهزة الدولة، والتنسيق المتتالي مع الجهات المختلفة، طبقاً لاحتياجاتهم، مع تخصيص المهام لكل جهة على حدة، طبقاً للمرحلة وتوقيت اشتراكها فيها.

(2) تغطي خطة الخداع الإستراتيجي فترة زمنية محددة مع مراعاة إعادة تقييمها وتطويرها طبقاً للموقف.

(3) توضع، في الاعتبار، الطبيعة البشرية الخاصة بعدم المحافظة على السرية، والاستفادة من خاصية سرعة انتشار المعلومات، واستغلال دور وسائل الإعلام، خاصة صحف المعارضة، لما لها من مصداقية لدى الجماهير، في تسريب ما يلزم من معلومات لخدمة خطة الخداع.

(4) استغلال وجود علاقات دبلوماسية/ اقتصادية... مع دول الجوار، في تضليل الجانب الآخر، وخداعه عن أهدافنا الحقيقية.

(5) أن تتناسب قيمة النتائج المتوقعة من تنفيذ إجراءات الخداع، مع تكاليف تنفيذها، مع عدم المغالاة والإسراف في استخدام الإمكانات المتاحة، حتى لا يؤدي ذلك لنتائج عكسية.

ب. أسس سياسية

(1) عدم تورط الدولة في صراع مسلح، في أكثر من اتجاه إستراتيجي، مع استغلال الاتجاه الإستراتيجي الآخر، في الاشتراك في إحداث أزمة خداعية.

(2) استغلال الأزمات والمشكلات العالمية/ الإقليمية، أو إحداث المشكلات الإقليمية؛ لتحقيق الهدف من الخداع أو تقليل الوقت اللازم لتنفيذه، طبقاً لظروف الموقف الإستراتيجي القائم.

(3) يحاط تنفيذ خطة الخداع الإستراتيجي بالعديد من القيود، وأهمها:

(أ) الروابط القومية (إسلامية/ عربية).

(ب) الروابط الاجتماعية بين السكان المحليين، على جانبي الحدود بين دول الجوار، وتأثيره على تنفيذ الخداع.

(4) مساندة الدول الكبرى للدولة ودول الجوار، طبقاً للموقف.

(5) يتم التخطيط على أساس وجود دول حليفة/ صديقة/ محايدة، مع ضرورة تحديد مهام عامة لها، تتبلور طبقاً للموقف في صورة معلومات، لدفع هذه الدول إلى اتخاذ إجراءات لصالح خطة الخداع الإستراتيجي، دون تصريح مباشر أو كشف النوايا.

ج. أسس عسكرية

(1) تبنى خطة الخداع الإستراتيجي للقوات المسلحة، على أساس ثابت، هو أن الدولة لا تسعى لبدء الحرب، ولكنها لا تتنازل مطلقاً عن المبادأة، طبقاً لأسس إعداد خطة العمليات، مع اتصافها بالمرونة والقابلية للتطوير.

(2) يتم تغيير ميزان التفوق العسكري لصالح قواتنا، باشتراك القوات المسلحة لبعض دول الجوار العربية والدول الحليفة، ويقتصر دور باقي الدول العربية على بعض أعمال الخداع الإستراتيجي والمعاونة المحدودة، على أن تكرر بصفة دورية.

(3) يخطط الخداع الإستراتيجي لتنفيذ الإجراءات تدريجياً، على أن تكرر بصفة دورية؛ لتعويد الجانب الآخر عليها، وتصعيدها في التوقيت المناسب لدفعه إلى اتخاذ إجراءات عسكرية، تضعه في موقف موات، وتتحكم في رد فعله لغير مصلحته.

(4) يوضع في الاعتبار، طبيعة مسرح العمليات، وما يفرضه من صعوبات في خداع الجانب الآخر وإخفاء خطط العمليات المقبلة واتجاهاتها وأهدافها.

(5) يوضع، في الاعتبار، قدرة الجانب الآخر على تحليل الفعل ورد الفعل ودراستهما؛ والخروج باستنتاجات صحيحة عن نوايانا المقبلة، وهذا يتطلب عمق التحليل والتخطيط الدقيق، قبل البدء في تنفيذ إجراءات الخداع، والبعد عن التكرار والنمطية والتعقيد.

(6) تراعى واقعية إجراءات الخداع وتشابهها، قدر الإمكان، مع الأعمال الحقيقية، والمهارة في استخدام الأسلحة والمعدات ووسائل الخداع الإلكترونية الحديثة، بما يحقق تكوين صورة منطقية متكاملة قادرة علىإقناع الجانب الآخر.

2. العوامل المؤثرة على تنظيم وتخطيط وتنفيذ الخداع الإستراتيجي

أ. إمكانات وقدرات وسائل الاستطلاع المعادية

(1) إن التطور الكبير، الذي حدث في وسائل الاستطلاع، خاصة في مجال الفضاء، باستغلال الأقمار الصناعية، وكذلك معدات التصوير وأجهزته ذات التكنولوجيا المتقدمة، يؤثر بشكل كبير على أعمال الخداع، حيث يمكنها من اكتشاف الأوضاع الحقيقية للقوات؛ لذا فإنه من الضروري أن تكون أعمال الخداع على نفس القدرة من التطور، بحيث لا يتمكن الخصم من معرفة وتمييز ما هو غير حقيقي.

(2) دور ومهام الاستطلاع الإلكتروني للعدو في جمع المعلومات:

(أ) اكتشاف الترددات اللاسلكية والرادارية لقواتنا وتحديدها.

(ب) اكتشاف مناطق الحشد وتحديدها، وبناء التجمعات، ورصد نشاط قواتنا وتحركاتها، عن طريق التنصت على وسائل المواصلات المختلفة.

(ج) كشف وتحديد خواص نظام العمل لوسائل دفاعنا الجوي وتحديدها.

(د) تحديد الخواص والمواصفات الفنية والتكتيكية الرئيسة لمعدات الحرب الإلكترونية.

(هـ) العمل على كشف نظام وحل الشفرة لقواتنا.

(و) اكتشاف نظام القيادة والسيطرة لقواتنا، وتحديدها والتشويش عليها.

(ز) إمكانية تنفيذ أعمال الإعاقة، ضد الوسائل اللاسلكية والرادارية لقواتنا.

ب. طبيعة معتقدات العدو ومستواه الإدراكي

(1) الإلمام بمكونات شخصية الخصم وطبيعتها، وأسلوب بناء معتقداته، وتعرّف مستواه الإدراكي.

(2) الفرد يميل بطبعه إلى لإدراك ما يتوقع إدراكه، وهذا يعد عملية ذهنية، تساعد في بناء الحقيقة، وهو يتأثر غالباً بالانطباع الأول، الذي يصعب تغييره، مهما تغيرت الظروف، وهذا ما يمكن استغلاله في الخداع، ببناء صورة مشوشة، يتولد عنها انطباع محدد لدى الخصم، تجعل من الصعب تغييره بتغير الظروف.

(3) يختلف المستوى الإدراكي من شعب لآخر، طبقاً للمكونات الشخصية وبصرف النظر عن الخوض في العديد من المؤثرات الأخرى، فعلى مخططي الخداع إعطاء عناية كبيرة لمكونات المعتقدات وطبيعتها والمستوى الإدراكي للخصم، مع التركيز على جهاز مخابراته ليكون هدفاً رئيساً للخداع.

(4) يجب على مخططي الخداع العمل على تضليل الخصم، عن طريق تقوية معتقداته وتثبيتها بما يجعله يتجاهل البدائل الأخرى، وهذا يساعدنا على إخفاء نوايانا الحقيقية، ويعد هذا الأسلوب أسهل بكثير من محاولة إقناعه بتغيير أسلوب تفكيره، ما لم يتطلب موقف العمليات ذلك.

(5) عندما يتطلب موقف العمليات دفع الخصم لتغيير معتقداته، فإن ذلك يتطلب من المخادع إيجاد الدليل القوى والواضح لجذب انتباه القائمين بتحليل المعلومات إلى هذا الدليل، الذي يجب تثبيته بسلسلة من الأعمال والمعلومات، التي تؤكَّد، باستمرار، حتى يتبنى الخصم هذا الاتجاه، مما يتيح أفضل الظروف لنجاح البديل أو البدائل الأخرى الحقيقية، التي ينوى المخادع اتباعها.

(6) من خلال الدراسة المتعمقة لمستوى إدراك الخصم، يستطيع مخططو الخداع اختيار الأساليب الخداعية، التي تتلاءم مع هذا الخصم، خلال المراحل المختلفة للعملية وتحقيق الأهداف المرحلية، مع الوضع في الاعتبار أن يكون الهدف المباشر للخداع هو عناصر استطلاع العدو، وأجهزة مخابراته، وعملاءه؛ والهدف المتوسط يكون موجهاً للقائمين على تحليل المعلومات وتقديرها، على أن يكون الهدف النهائي للخداع همّ صانعي القرار للخصم، وما يتخذونه من ردود أفعال تجاه العملية الخداعية.

ج. ظروف البيئة المحيطة

(1) يعتمد الخداع، بدرجة كبيرة، على استغلال ظروف البيئة بمسرح العمليات، بالاستفادة من الموارد المحلية المتوافرة، وكذا الخصائص الطبيعية، التي يتميز بها مسرح العمليات لخلق المكونات الأساسية لخطة الخداع وبنائها، من مناطق، ومواقع، ومخازن، ومستودعات، ومطارات هيكلية؛ لتبدو للخصم كما لو كانت حقيقية ومنطقية، تتلاءم مع ظروف الموقف والأحداث الجارية.

(2) كلما كانت الأرض الصحراوية مفتوحة، تندر بها الموارد المحلية، وشبه خالية من السكان، أدى ذلك إلى صعوبة تنفيذ الخداع بكفاءة عالية، مما يتطلب من المخادع جهداً كبيراً وموارد ضخمة لتهيئة الظروف المناسبة لتحقيق خداع ناجح.

(3) بينما تساعد الموارد المحلية والظروف البيئية الأخرى، كالرؤية الضعيفة، والعواصف الرملية، والشبورة المائية، وسوء الأحوال الجوية، على تنفيذ خداع ناجح بجهد أقل.

(4) تؤدى الكثافة السكانية العالية، وكثرة عملاء العدو الممكن تزويدهم بمعلومات مزَّيفة، إلى زيادة فرص نجاح الخطة الخداعية.

د. تأثير طبيعة مسرح العمليات

(1) يتأثر الخداع، بدرجة كبيرة، بالطبيعة الجغرافية، بما تتميز به من خصائص ومكونات رئيسة، كالمرتفعات، والجبال، الغرود الرملية، والوديان، والمزارع، والغابات، والمستنقعات، والمسطحات المائية، والحدائق، والطرق الطولية والعرضية.

(2) طبيعة المسرح، التي تتميز بكثرة التضاريس، أو الغابات والمزارع، توفر أفضل الظروف لتحقيق الإخفاء والاستتار، وبالتالي تمكن المخادع من تنفيذ الخداع بالاستفادة من الموارد والإمكانات المتوافرة، كما أن ذلك يعيق عناصر الاستطلاع عن تنفيذ مهامها.

(3) توافر الطرق الطولية والعرضية يساعد على سرعة إجراء أعمال المناورة وتنفيذ التحركات الحقيقية والخداعية، وهذا يتيح للمخادع إحداث أي تغييرات يريدها، فمثلاً يمكنه تحويل المناطق الهيكلية إلى حقيقية أو العكس.

(4) تؤثر طبيعة الأرض على طبيعة أعمال العدو، المنتظرة أيضاً، على بناء الدفاع وإقامة المواقع الرئيسة والتبادلية والهيكلية لمختلف أنواع القوات، وبالتالي على خطة الخداع، التي ترتبط بأعمال التجهيز الهندسي.

(5) إمكانات وقدرات قواتنا على تنفيذ الخداع

(أ) إجراءات سلبية:

·  تعني تلك الإجراءات التي تنفذ؛ لإخفاء وتمويه الأفراد والأسلحة والمعدات، باستغلال الموارد المحلية والصناعية، سواء بالطرق النمطية أو المبتكرة، بهدف إخفاء تجمع وتحرك القوات.

·  كما تشتمل على إجراءات الإخفاء، والالتزام بتعليمات الأمن، للمحافظة على سرية الوثائق وخطط العمليات، وإخفاء النوايا الحقيقية لقواتنا.

·  تقوم جميع القوات بتنفيذ أعمال الإخفاء، سواء للأفراد والأسلحة والمعدات، وكذا الإجراءات الفنية؛ بهدف حرمان عناصر استطلاع العدو من اكتشافها.

(ب) إجراءات إيجابية

·  هي تلك الإجراءات، التي تنفذ بواسطة القيادات والقوات، طبقاً لخطة خداع محددة، بغرض خداع العدو وتضليله، وزيادة الغموض لديه.

·  تشتمل تلك الإجراءات إقامة المواقع الهيكلية، وتنفيذ التحركات الخداعية، مع الاستفادة من إمكانات الخداع الإلكتروني، والتي تقوم بدور رئيسي في مجال الخداع، وكذا التصدي للأعمال المضادة، وإنشاء الشبكات اللاسلكية الخداعية.

·  يتم الاعتماد، في تنفيذ هذه الخطة، على كل الإمكانات والوسائل المتيسرة، باستغلال جميع قنوات الاتصال مع العدو.

·  تقوم القيادات التعبوية بتنفيذ الإجراءات المحددة لها، ضمن خطة الخداع الإستراتيجي / التعبوي، بعد دعمها بالقوات والوسائل المخصصة للخداع.

·  تنفذ عناصر الاستخبارات والاستطلاع أكثر الأعمال تعقيداً، ضمن الإطار العام لخطة الخداع الإستراتيجي/ التعبوي، بعد دعمها بالقوات والوسائل المخصصة للخداع.

·  تتابع عناصر الاستطلاع والحرب الإلكترونية ردود أفعال العدو المرتبطة بأعمال وإجراءات الخداع؛ لقياس مدة فاعلية الخطة، حتى يستطيع مخططو الخداع اتخاذ ما يلزم من إجراءات؛ لضمان استمرار الخطة، بما يتوافق مع الأحداث الجارية وظروف الموقف؛ بغرض تحقيق الأهداف المنشودة.

هـ. عوامل نجاح الخداع

(1) ضرورة الحصول على المبادأة في تنفيذ إجراءات الخداع، والمحافظة عليها، طوال مراحل العملية.

(2) الإلمام الدقيق بالعدو وقدراته وردود أفعاله المنتظرة.

(3) ضرورة تهيئة العدو لتقبل الخداع.

(4) أهمية التطبيق السليم لمبادئ الخداع وأساليبه.

(5)  ملاءمة سيناريو خطة الخداع للموقف، بحيث يلائم أسلوب الخداع الموقف والظروف، حتى يكون منطقياً ومقبولاً من جانب العدو.

(6) الاعتماد على كل قنوات الاتصال مع الخصم، حتى يتمكن المخادع من تأكيد المعلومات التي ترسل إلى العدو؛ لإزالة الشك لديه.

(7) أهمية توافر المواد اللازمة لعملية الخداع.

(8) الاستفادة من الخبرات السابقة لأعمال الخداع الناجحة.

(9) أهمية الاختيار السليم للقائمين على تخطيط الخداع، على أن يتوافر لديهم عدة صفات، تؤهلهم لذلك، منها الذكاء، والمبادأة، والقدرة على التخيل، والإلمام الجيد بفنون الحرب، والمعرفة الكاملة بالعدو ومستواه الإدراكي.

ثالثاً: نظريات وأساليب ووسائل الخداع

1. نظريات الخداع

أ. نظرية الغموض الكامل (الإيهام)

(1) وفيها يحاول المخادع جعل العملية مبهمة وغير واضحة، وذلك عن طريق تغليف كل البدائل المحتملة أمام الخصم، بحالة من عدم التأكد، وتجعله في موقف من لا يعرف ماذا يصدق، ويكون عاجزاً عن تقدير الفعل نحو هذا الموقف في وقت الحرب.

(2) تؤدي المؤثرات المتناقضة، ونقص المعلومات، والتلاحق السريع للأحداث، إلى إضاعة وقت الخصم في جمع المعلومات، والتحليل وإحباط تقديرات مخابراته، وعندما تحاول أجهزته إعداد تقرير محدد لصالح العمليات، فإنه سوف يكون مبنياً على أساس من الوهم، وعدم التأكد، والافتراضات البعيدة عن الحقيقة.

(3) للحصول على تأثير فعال، فإن إجراءات الخداع لهذه النظرية، يجب أن تكون مقبولة ظاهرياً، وشبه معقولة، وتلقى اهتماماً بقدر كاف من الخصم، بحيث لا يمكن تجاهلها وقيام الخصم بمحاولة تقليل حالة عدم التأكد، مما يؤدي إلى تأخره في اتخاذ قراره، مما يتيح للمخادع الإكثار من مكاسبه والاحتفاظ بالمبادأة.

(4) تعمل هذه النظرية على تأكيد هذا المستوى من الغموض والإبقاء عليه، بدرجة عالية؛ لحماية سرية العمليات الحقيقية.

(5) إذا نجح المخادع في الإبقاء على حالة الغموض، فإن الخصم سيضطر إلى توزيع جهوده على كل المتناقضات والبدائل المتاحة أو أهمها من وجهة نظره، مما يضعف أعماله، ويسمح للمخادع بتحقيق أهدافه، بأقل قدر من الجهد والقوات، محققاً بذلك مبدأ الاقتصاد في القوى.

ب. نظرية التضليل

(1) في هذه النظرية، يهدف المخادع إلى تقليل الغموض، وجذب انتباه الخصم نحو بدائل خادعة، مما يؤدي إلى تركيز إمكاناته العسكرية على هذا البديل أو البدائل الأخرى الحقيقية.

(2) أمثلة تطبيقية لنظريات الخداع: (انظر ملحق أمثلة تطبيقية لنظريات الخداع)

2. تسلسل عملية الخداع

أ. يتكون الجانب المخادع من صانعي القرار، وجهاز التخطيط للخداع، والمنفذين للخداع.

ب. تقوم مجموعة التخطيط بتخطيط كل إجراءات الخداع، من بث لاسلكي مخادع، وخطط التمويه الكبيرة، ومحاكاة التحركات الكبيرة للقوات، وباقي الأعمال الرئيسة الأخرى.

ج. يقوم المنفذون للخداع بإرسال إشارات، وتنفيذ إجراءات الخداع.

د. يستقبل الخصم (هدف الخداع) المعلومات الخادعة، ويقوم بتحليلها وتقويمها والخروج باستنتاجات؛ لعرضها على صانعي القرار، للوصول إلى الهدف النهائي للخداع.

هـ. تسلسل عملية الخداع (اُنظر شكل تسلسل عملية الخداع)

3. قنوات الخداع (قنوات الاتصال)

أ. قنوات الاتصال بين المخادع والخصم هي كل الوسائل، التي يستخدمها الخصم للحصول على المعلومات، التي يسعى إليها، ومنها الصحافة والإذاعة والتليفزيون، ووسائل الاتصال المختلفة بين القوات، والجواسيس، والعملاء، والدبلوماسيين، وأقمار الاستطلاع والتصوير، وعناصر الاستطلاع المعادية، وعناصر الاستطلاع الإلكترونية، وغير ذلك من الوسائل. ويمكن للمخادع إرسال ما يريد من إيماءات أو معلومات زائفة أو إظهار بعض القرائن، التي تعطى مؤشرات محددة للخصم تجعله يفسرها، طبقاً لفكر الخداع. ويعتمد المخادع في ذلك على كل الحواس لدى الخصم، سواء حاسة البصر، والسمع، والشم، والتذوق، واللمس، وهذه الحواس يمكن زيادة فاعليتها، بالاستفادة من التقدم التكنولوجي والاستخدام الماهر لها، طبقاً لظروف الموقف.

ب. الاحتمالات المتوقعة عند إرسال المعلومات من المخادع إلى الهدف. (اُنظر شكل الاحتمالات الموقعة)

4. أساليب تنفيذ الخداع

نتيجة لتطور وسائل القتال، كان لزاما أن يواكب هذا التطور التقدم العلمي الكبير في وسائل الحصول على المعلومات، وخاصة الوسائل الإلكترونية، وكذا استخدام الأقمار الصناعية في الحصول على المعلومات، حيث يتم نقل الصورة كاملة لميدان القتال وما يدور به، ولذا لزم الأمر تطوير أساليب ووسائل وطرق الخداع، ومسايرة هذا التقدم لتحقيق الهدف من الخداع، بكل الأساليب، ويمكن تنفيذ الخداع بعدة أساليب، وذلك طبقاً للهدف كالآتي:

أ. الإخفاء

يقصد به تلك الإجراءات، التي تتخذ بغرض إخفاء نوايا وخطط عمليات قواتنا، بإخفائها كلية وإما بتقليل ظهورها بالاستفادة من البيئة المحيطة، مع الاهتمام بالتخلص من القرائن الدالة على وجودها أو نشاطها. ويمكن تحقيق الإخفاء بتنفيذ العديد من الإجراءات منها:

(1) التقيد الحازم بالسرية التامة، عند التنظيم والتحضير والتخطيط للعملية.

(2) النظام الدقيق في تداول وحفظ وثائق الخطة والخطط التكميلية.

(3) إعداد الوثائق المهمة من نسخة واحدة وبخط اليد، مع إعطائها درجة سرية عالية.

(4) تقليل عدد المشتركين في التخطيط إلى أقل عدد ممكن.

(5) وضع نظام دقيق للمواصلات الإشارية بمختلف الوسائل، فيما يتعلق بالخطة.

(6) وضع نظام محكم لمكافحة أعمال التجسس.

ب. التقليد

(1) ويقصد به تقليد الأهداف المختلفة في المناطق الهيكلية، التي تنشأ بغرض خداع عناصر استطلاع العدو، عن الأوضاع الحقيقية للتجمعات الرئيسة، وبالتالي إخفاء اتجاه الضربة الرئيسة، اتجاه الجهد الرئيس، وجذب العدو لاتجاهات خادعة تؤدي إلى استنزاف جهوده.

(2) عند إنشاء الأهداف الهيكلية، يجب مراعاة الآتي:

(أ) أن تكون مطابقة إلى حد ما للهدف الحقيقي المطلوب تقليده.

(ب) سهولة الاستخدام والنقل ويسر التركيب وقوة التحمل وخفة الوزن.

(ج) أن تكون تكاليفها مناسبة.

(د) ضرورة إخفائها بدرجة مناسبة ليست كاملة، مع توفير الوقاية والحراسة اللازمة.

(هـ) يمكن الاستعانة ببعض الأهداف المدمَّرة، أو المعطلة بجعلها أهدافاً هيكلية.

(3) يُعد أفضل الأهداف الهيكلية ما هو مصنوع من المطاط، حيث يمكن نفخه أو تفريغه بسهولة.

ج. التضليل

(1) مجموعة من الإجراءات، تهدف إلى تغذية العدو بمعلومات زائفة، تتخللها بعض المعلومات الحقيقية، بحيث يصعب معها معرفة الزائف من هذه المعلومات، ويصبح من المؤكد تصديقها، وتؤدي بالعدو إلى تقدير خاطئ للموقف واتخاذ قرارات خاطئة.

(2) يتميز هذا الأسلوب بإمكانية استخدامه على كل مستويات الخداع، تلعب فيه قنوات الاتصال وإرسال المعلومات دوراً رئيساً في وصول المعلومات المزَّيفة إلى العدو.

5. وسائل الخداع الإستراتيجي العام

أ. الخداع السياسي

(1) تعتبر الوسائل السياسية هي القنوات الرئيسة للدولة لتنفيذ خطة الخداع الإستراتيجي العام، والتي يجب أن تستخدم بأسلوب دقيق ومنسق، مع الوضع في الاعتبار الارتباط الوثيق بين الخداع السياسي والخداع العسكري.

(2) تشتمل الوسائل السياسية على كل الأجهزة السياسية والدبلوماسية، داخل وخارج البلاد، ويدار نشاطها كالآتي:

(أ) رئيس الدولة: عن طريق (الخطب السياسية، والتصريحات الصحفية، والمحادثات الرسمية مع السفراء والوفود الأجنبية، والرسائل المتبادلة، والزيارات...).

(ب) الوزراء والمتحدثون الرسميون: وزراء الخارجية والدفاع خاصة، ومستشارو رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية والأمن القومي.

(ج) السفراء: السفراء المعتمدون للدولة في الخارج، والبعثات الدبلوماسية، وممثلو الدولة في المنظمات الدولية، والبعثات التعليمية، ورعايا الدولة في الدول الأجنبية.

(د) الأحزاب السياسية: وذلك، من خلال توزيع الأدوار بين أحزاب المعارضة، والحزب الحاكم، بما يحقق إخفاء نوايا الدولة في تصعيد الصراع إلى صراع مسلح، وذلك بقيام أحزاب المعارضة بالمطالبة بالتصعيد العسكري، الذي يقابله رفض الحكومة لهذه السياسات.

ب. الخداع الإعلامي

(1) السياسة الإعلامية: وهو تمتع الإعلام بالحرية؛ لإعطاء الثقة للخصم في استيفاء المعلومات من أجهزة الإعلام.

(2) الإقناع بوسائل الإعلام: بإتباع الأساليب العلمية الدقيقة، بدس الأخبار المزَّيفة، وأن يتم استخدام أسلوب تحليل المضمون الكمي والكيفي للأخبار الإذاعية والصحفية ووسائل الإعلام كافة؛ لكشف اتجاهات الدول الأجنبية، مع مراعاة تعامل العدو بحذر مع المعلومات المزيفة.

(3) يمتاز الخداع الإعلامي بكثرة وسائل جهاز الإعلام وانتشارها، إذ إنه أسرع الطرق لوصول المعلومات إلى الجهات، التي لها سلطة اتخاذ القرار، وكذا إمكان إشراك الدول الصديقة والحليفة بأجهزتها الإعلامية في تنفيذ خطة الخداع الإستراتيجي العام، دون إطلاعها على كل تفاصيل الخطة.

ج. الخداع الاقتصادي

تُعد إجراءات إعداد اقتصاد الدول للحرب، من المعلومات البالغة الأهمية، التي تسعى أجهزة مخابرات العدو للحصول عليها. كما يعد تخزين السلع الإستراتيجية وإتباع الحد من الاستهلاك، وتحصين المنشآت الاقتصادية من الإجراءات، التي تؤدي إلى كشف نوايا وخطط إعداد الدولة للحرب؛ لذا يجب أن توضع الإجراءات المسبقة لإعداد اقتصاد الدولة للحرب وإخفاء الإجراءات المباشرة، التي تتم خلال الفترة التحضيرية.

6. الوسائل الأخرى المستخدمة في تنفيذ الخداع الإستراتيجي العام

عملاء المخابرات الأجنبية ـ السكان المحليون ـ الوفود السياحية ـ لجان دراسة الجدوى للمشروعات الاقتصادية ـ شركات الاستثمار الأجنبية.

أ. وسائل الخداع العسكري

(1) وسائل خاصة بالأفراد: وهى تلك الوسائل والإجراءات، التي يستخدمها الأفراد في إخفاء أنفسهم، طبقاً لظروف هؤلاء الأفراد وطبائعهم وإمكاناتهم.

(2) وسائل خاصة بالأسلحة والمعدات: وهي عبارة عن وسائل للإخفاء والتمويه، كالشباك وغيرها من الموارد المحلية، تهدف إلى إخفائها وإظهارها بلون الأرض المحيطة، إضافة إلى الوسائل الأخرى، كالنماذج الهيكلية، والعواكس الركنية، والستائر المعدنية، والطلاء المضاد للرادار... الخ.

(3) وسائل خاصة بنشاط القوات: وهي إجراءات متعددة تمثل نشاط القوات، طبقاً للهدف المراد من أجله تحقيق الخداع، ومنها:

(أ) استمرار تمثيل النشاط في المناطق، التي تم إخلاؤها من القوات، لتضليل العدو.

(ب) استمرار تمثيل نشاط المواصلات الإشارية، بنفس معدلها، على الرغم من حشد القوات، مع زيادتها في اتجاهات كاذبة لخداع العدو.

(ج) استمرار النشاط الإداري المألوف، نهاراً، مع استغلال الليل في الإمداد بما يُحتاج إليه، وتكديس ذلك وإخفاؤه، قبل أول ضوء.

(د) استمرار النشاط المعهود للاستطلاع.

(هـ) استخدام المدافع المتجولة، وأصوات المحركات؛ لإعطاء الحياة للمواقع الهيكلية.

ب. وتنقسم وسائل الخداع العسكري إلى:

(1) وسائل مرئية: وهي تستخدم بهدف خداع عناصر استطلاع العدو الأرضي والجوي عن نشاط محدد، والعمل على جذب نظره إلى مكان ثانوي خادع، ومن أمثلة ذلك تنفيذ تحركات خادعة أو تقليد نشاط القوات في مناطق قد أخلتها، وإقامة مناطق ومواقع هيكلية، مع بعث الحياة فيها، حتى تبدو للخصم كما لو كانت حقيقية، كعمل آثار جنازير دبابات، واستخدام الدهانات المختلفة للتشويه.

(2) وسائل صوتية: وهي تهدف إلى خداع عناصر العدو، عن طريق التنصت، ومنها تمثيل نشاط القوات في مناطق هيكلية عن طريق المفرقعات وقصفات المدفعية؛ لإخفاء تحركات الدبابات، وتمثيل إقامة الموانع والتجهيز الهندسي بالمعدات.

(3) الوسائل الإلكترونية: وهي إحدى الوسائل المتطورة للخداع، ويتم ذلك عن طريق إرسال إشعاع مدبر؛ بغرض تضليل العدو عن أحد العناصر المهمة في تنفيذ أعمال الخداع ومهامه، وهو عبارة عن تلك الإجراءات المتكاملة، التي تنفذ بواسطة القادة والقوات، وبمساعدة الأجهزة والوسائل الإلكترونية، بهدف تضليل العدو وخداعه، كما يعد الخداع الإلكتروني أحد أنواع الإعاقة الإيجابية الخداعية، التي تؤدي إلى إرباك سيطرة العدو على نظام مواصلاته، ومن طرق تنفيذ الخداع الإلكتروني:

(أ) الخداع اللاسلكي: ويتم بتشغيل المحطات اللاسلكية الصديقة، لتقليد عمل شبكات العدو اللاسلكية، وبشكل مناظر لها تماماً، وذلك عن طريق إرسال تعليمات خاطئة باسم العدو، وتسجيل إشارات حقيقية لشبكات العدو اللاسلكية، ثم إذاعة هذه الإشارة مرة أخرى في المكان والزمان المناسبين، بما يخدم موقف إدارة المعركة وطبيعة عمل القوات، وتعد طريقة التقليد هذه ذات فاعلية في ظروف التغيير السريع لمواقف المعركة المختلفة، حيث لا يوجد هناك وقت لدى العدو لتحليل هذه الإشارات والتأكد من صحتها.

(ب) الخداع عن طريق تمثيل نشاط إلكتروني: ويتم ذلك عن طريق تمثيل نشاط إلكتروني بوسائلنا الإلكترونية، كما لو كان صادراً من وحداتنا، وذلك من خلال إقامة مراكز إشارة هيكلية، وتقليد عملها تماماً، وتنفيذ الاتصال اللاسلكي من خلالها، وبنفس الحجم الحقيقي في المراكز الأصلية، وكذلك يمكن تمثيل عمل مراكز القيادة والسيطرة لمختلف المستويات، عن طريق إرسال معلومات وهمية، من خلال عمل هذه المراكز، عن نشاط القوات وتحركاتها، وذلك بقصد خداع العدو بالنسبة لحجم القوات ومواقع تحركاتها.

(ج) الخداع عن طريق التضليل: هو يعتمد على إشعاع موجات كهرومغناطيسية، وتبادل إشارات خادعة على شبكات المواصلات العامة لقواتنا، يترتب على التقاطها بواسطة العدو وتحليلها للخروج باستنتاجات ومعلومات مضللة عن قواتنا.

(د) الخداع الراداري: هو مجموعة الإجراءات، التي تتخذ لمنع محطات الرادار الأرضية من استطلاع الأهداف، وكذا تقليل كفاءة عمل رادارات القصف والتنسيق في تمييز وإحراز أهدافها، وكذا قدرة محطات الاستطلاع الرادارية المحمولة جواً على التصوير الراداري ورصد الأهداف، ويتم الإخفاء الراداري ضد المراقبة الرادارية المعادية، سواء كانت وسائل المراقبة أرضية أو محمولة جواً.

(هـ) الخداع الليزري: ويتم خداع الأسلحة الموجهة بالليزر، بطرق المناورة المفاجئة، وإضاءة أهداف خداعية، واستخدام الدخان.

(و) الخداع الحراري: وهو استخدام لتكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء، في الرؤية الأمامية، والتوجيه والاستطلاع بالمسح الخطي، وهو ما يعرف بالحرب الكهروضوئية، وهو خداع العدو عن استخدامه لأجهزته الحرارية بحيث يتم تقليل دقة المعلومات، التي يحصل عليها وتقل فاعلية استخدامه للمعدات، التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء.

(ز) الخداع السوناري: ويتم ذلك بتقليل الضوضاء الذاتية للسفن والغواصات، عن طريق الأغطية الماصة للصوت؛ لإضعاف الصوت الناتج عنها، واستخدام الأهداف الخداعية الهيدروصوتية؛ لجذب أجهزة "السونار" المعادية وأجهزة تحديد الاتجاه الهيدروصوتي.

7. طرق الخداع

خلال الحروب السابقة، وعلى مر العصور، ظهرت طرق وتكتيكات كثيرة لتنفيذ الخداع، وتهدف جميعها إلى القضاء على بذور الشك لدى الخصم، وبالتالي تهيئ الظروف المناسبة لنجاح الخداع، وتقاس كفاءة تنفيذها بقدرة مخططي الخداع وذكائهم.

ومن هذه الطرق ما يلي:

أ. الإغراء: هو إمداد الخصم بما يبدو له، وكأنه فرصة ذهبية وهدية مثالية، يجب استغلالها فوراً.

ب. النشاط المتكرر: هو استمرار تكرار نشاط معين على فترات ثابتة، فهذا يجعل العدو يعتقد بأن ذلك عمل مألوف، وهذا يؤدي إلى تولد عدم "اللامبالاة"، وهذا ما حدث في حرب رمضان سنة 1393 هـ - أكتوبر سنة 1973 م.

ج. الحظ السيئ: وهو يشبه، إلى حد ما، أسلوب الخطأ المتعمد، ولكن في هذه الطريقة، يعد ما وقع في يد العدو من معلومات قيمة من وجهة نظره (مزيفة من وجهة نظر المخادع) نتج عن سوء حظ، ولظروف اضطرارية، مثل ما تم في أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما قام الحلفاء بإسقاط طائرة على سواحل أسبانيا، تحمل وثائق، توضح أن الهجوم على صقلية، عملية مزيفة، ونجحت الخُدعة وتم الاستيلاء عليها.

د. الحل الواضح: عن طريق إقناع الخصم بأننا سوف نسلك بديلاً يعلمه جيداً، و ذلك لكي تتفادى "مصاعب تكتيكية" وإستراتيجية، بينما يسير الأعداء في اتجاه مخالف تماماً لذلك.

هـ. الخطأ غير المتعمد: وذلك عن طريق إلقاء بعض المعلومات المزيفة للخصم، كوثيقة مكتوبة، أو خرائط موقع عليها بأسلوب متقن، يظهر أن ما حدث من فقد، ناتجٌ عن خطأ غير متعمد، لقصور، وإهمال، وعدم كفاءة في تنفيذ إجراءات السرية.

و. سلوك المستحيل: في هذا الأسلوب يلجأ المخادع إلى إتباع البديل أو الحل، الذي يرى الجميع أنه شبه مستحيل، حيث يعرض القوات لخسائر فادحة، وبالتالي خسارة الحرب، وهذا يدفع الخصم إلى إسقاط ذلك من حساباته، ومن أمثلة ذلك اقتحام القوات المصرية لخط بارليف، حيث كان الخبراء العسكريون يعتقدون أن القوات المصرية بظروفها، وما لديها من أسلحة دفاعية ذات قدرات محدودة، لا يمكن أن تخاطر بشن حرب تحرير ضد القوات الإسرائيلية، ذات القدرات الهجومية المتفوقة، ولهذا اعتقدوا أن ذلك لن يحدث في تلك الظروف شبه المستحيلة.

8. علاقة الخداع باتجاهات التطور العالمي في نظم الاستطلاع، ووسائل الإخفاء والخداع

أ. تتزايد، باستمرار، أهمية أعمال الخداع والإخفاء للقوات، ضد وسائل الاستطلاع المعادية، فمع التطور الهائل في وسائل الاستشعار، أصبح رصد تفاصيل مسرح العمليات ميسوراً في جميع الظروف الجوية، نهاراً وليلاً.

ب. أدى التوسع في استخدام مستشعرات متعددة الأطراف، كالمستشعرات الصوتية، وفوق الصوتية، واللاسلكية، والرادارية، والملليمترية، والبصرية، والحرارية؛ إلى تعذر إخفاء معالم القوات وتحركاتها وعلى رغم ذلك، فإن أعمال الإخفاء والخداع إذا عولجت بفن وإتقان، فسيكون لها تأثيرها الفعال، في زيادة الأعباء المالية للعدو وتقليل فرص النجاح والإقلال من فعالية أسلحته، مع زيادة تأمين قواتنا وتقليل خسائرها.