إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / دراسة أفضل السُّبُل العسكرية للدفاع عن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الدائرة الثانية ـ مستوى دول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية "إنشاء القيادة العسكرية المشتركة الدائمة، لمجلس التعاون"





العلاقات القيادية وقت الأزمات
العلاقات القيادية وقت السلم




القوات البحرية

دراسة[1]

أفضل السُّبُل العسكرية للدفاع عن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية

الدائرة الثانية ـ مستوى دول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية

"إنشاء القيادة العسكرية المشتركة الدائمة، لمجلس التعاون"

مقدمة

إنني اُنظر إلى الدفاع عن المملكة ودول مجلس التعاون كمجموعة من الدوائر ذات المركز الواحد، تتفاعل وتعزز بعضها بعضاً. نجد في مركز الدائرة المملكة وقواتها المسلحة، وتلك هي "دائرتنا الأولى"، كما هي الحال في كل بلد آخر. أمّا "الدائرة الثانية"، فتشمل الشركاء الستة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وهي المملكة، والكويت، وقطَر، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة، وعُمان. فمجلس التعاون لدول الخليج العربية هو المصدر الأساسي لتضامن أعضائه. وبعبارة أخرى، تشكِّل الدائرتان الأولى والثانية دفاعاتنا الرئيسية عن أنفسنا وعن شركائنا في شبه الجزيرة العربية (وسأورد فيما بعد، بعض المقترحات الرامية إلى تحسين دفاعات دول مجلس التعاون الخليجي).

أمّا "الدائرة الثالثة"، من وجهة نظري، فتتكون من الدول الصديقة ضمن الحدود الأوسع لمنطقة الشرق الأوسط وجنوبي آسيا. وأعني بها مصر وسوريا، وهما دولتان عربيتان وقفتا إلى جانبنا إبَّان أزمة الخليج، إضافة إلى تركيا وباكستان، وهما قوتان صديقتان مسلمتان تقعان على الحدود المباشرة لمنطقتنا. فإذا خطَّطت هذه الدول الأربع، بالإضافة إلى دول مجلس التعاون الخليجي لدفاع مشترك يجمع بينها جميعاً، ونفَّذت تدريبات مشتركة، فإنها ستسهم بشكل كبير وفعّال في أمن المنطقة. فتركيا بصفتها عضواً في حلف شمال الأطلسي، وقوة عسكرية لا يستهان بها، تستطيع أن تؤدّي دَوراً مهمّاً كقناة اتصال بين حلفائنا الإقليميين وأصدقائنا الغربيين. وتنفيذ تدريبات مشتركة مع تركيا سيعطينا ميزة التعرف بمستويات الأداء العسكري الغربي، ونكون كما لو أجرينا تدريبات مشتركة مع القوات الغربية.

لست أقترح هنا أن تشتري دول الخليج الخدمات العسكرية من الآخرين، فليس هذا مقصدي على الإطلاق. بل على العكس من ذلك، فإني أرى أن العلاقة بين تلك الدول كلها يجب أن تُبْـنَى على المصالح المشتركة التي تجمعها. فكما يمكن لتلك الدول أن تكون درعاً ــ بعد الله ـ يـحمينا، فإننا في شبه الجزيرة العربية يمكن أن نكون عمقاً إستراتيجياً لها. فأهميتنا لها، لا تقلّ عن أهميتها لنا.

   ويجب ألاّ يغيب عن أذهاننا، أن أشد الأخطار التي يُحتمل أن تواجهنا، ستأتي من منطقة الشرق الأوسط. لذا، فإننا في حاجة إلى أصدقاء داخل تلك "الدائرة الثالثة"، لِكَبح مناوئينا وإيقافهم. ويبقى توازن القوى بين الدول الرئيسية في المنطقة، هو أكبر ضمان لدوام الأمن والاستقرار.

   ولكن إذا ما نشبت أزمة لا قِبل لنا ولا لأصدقائنا بها في المنطقة، كتلك التي حدثت عام 1990، فعلينا التوجه بطلب المساندة إلى"الدائرة الرابعة" لدفاعاتنا، وهي تشمل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. ويمكِن أن تنضم إليها روسيا والصين بعد أن وَضَعَتْ الحرب الباردة أوزارها، واختفى من الوجود خطر التهديد الشيوعي. ومن المؤكد أن النمو الاقتصادي السريع الذي تشهده الصين سيجعل منها قوة عسكرية هائلة، لا بد من أخْذها في الحسبان في منطقة الشرق الأوسط. وتشير بعض التقديرات إلى أن الصين ستصبح، في السنوات القادمة، مستهلِكاً رئيسياً لنفط الشرق الأوسط، مما سوف يفتح المجال للتعاون الأمني معها.

   أعود، مرة أخرى، إلى تعليقاتي الأخيرة عن "الدائرة الثانية"، دائرة جيراننا الخليجيين، شركائنا في مجلس التعاون لدول الخليج العربية. فمن الدروس المهمة، التي استخلصْتها من حرب الخليج، الحاجة الماسّة إلى دفاعات جماعية قوية في منطقة الخليج العربي. فما من دولة من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، باستثناء المملكة، تستطيع أن تبني بمفردها قوة عسكرية قادرة على الدفاع عن نفسها وعن جيرانها ضد أيٍّ من القوى المعادية التي تتاخِـم حدودها. فمن الوجهة الأمنية، تُعَد المملكة وجيرانها من دول الخليج كلاًّ متكاملاً. فعندما تعرَّضت الكويت للعدوان، شعرت كل دولة بالخطر يُحدِق بها. ولن نسمح مرة أخرى بأن تصبح إحدى دول المجلس جسراً للعدوان علينا. فالدرس الأول المستفاد من الأزمة، هو أهمية تحقيق قدْرٍ من الوحدة بين دول مجلس التعاون. فلو كان بينها أدنى مستوى من الوحدة الحقيقية، لاستطاعت تلك الدول أن تَبْلُوَ بلاءً حسناً، ولتمكَّنت من الصمود أمام الغزو والدفاع عن أنفسها.

ولو كان ثمة تكامل عسكري بين المملكة ودول الخليج لتشكِّل جميعها كتلة قوية، لَكنّا أَقدَرَ على الدفاع عن أنفسنا، ولكان لنا ثِقَل سياسي على مستوى المنطقة بل على مستوى العالم. إن الأمن الجماعي على مستوى دول الخليج، من وجهة نظري، أمر تفرضه الظروف الراهنة على أن تضطلِع المملكة فيه بدَور بارز، لِمَا لها من إمكانات أكبر وقوات أكثر عدداً وعدة.

   لكن هذا الأمن الجماعي لا يمكِن أن يتحقق في فراغ سياسي. فلا بد من قيامه على أساس سياسي مؤدّاه احترام كل دولة سيادة الدول الأخرى وحدودها، مع إنهاء كافة أشكال الصراع بين الدول الأعضاء والمحافظة على الوضع السياسي الراهن.

   علمتنا الأزمة أن الدفاعات الخليجية، بالشكل الذي كانت عليه عام 1990، دفاعات غير كافية على الإطلاق لمواجهة عدوان صدام. ولم تكُن قوة "درع الجزيرة"، الجناح العسكري لمجلس التعــاون لدول الخليج العربية، قوية بالقدْر الذي يمكِّنها من ردْع العراق أو التصدي له بمفردها. ومن هنا، تظهر أهمية إعادة النظر في الترتيبات الدفاعية الجماعية.



[1] دراسة أعدها، صاحب السمو الملكي الفريق الأول الركن خالد بن سلطان بن عبد العزيز، في جمادي الآخرة 1414 هـ / ديسمبر 1993م