إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / خط ماجينو في الحرب العالمية الثانية




نماذج دبابة من الورق المقوى
موانع الدبابات بخط ماجينو
مواقع أمامية محصنة للإنذار
نهر الموز
أنفاق حصن ماجينو
هتلر يقفز فرحا
نطاق الأسلاك بخط ماجينو
المولدات الكهربائية بخط ماجينو
الكولونيل جنرال كيتل
القاطرة التي وُقع فيها الاستسلام
احتلال ميناء ومدينة "دنكرك"
اختيار أماكن التحصينات
تحصينات خط ماجينو
تسليم الإنذار للأسطول الفرنسي
خط ماجينو على الحدود البلجيكية
خط سيجفريد
دشم خط ماجينو
شبكة المواصلات داخل ماجينو


أوضاع القوات المتضادة
معركة فرنسا يونيه 1940
الوصف العام لخط ماجينو
الهجوم الألماني على هولندا
الانسحاب من دنكرك
توغل الجيش الألماني
خطة المحور
زحف مصفحات رومل



الجيش الثامن البريطاني

المبحث الأول

خط ماجينو بين النظرية والتطبيق

أولاً: فكرة بناء خط ماجينو

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وانتصار فرنسا عام 1918، بدأت الدراسات حول ما يجنب فرنسا أي عدوان مرتقب، خاصة على الحدود الشمالية الشرقية مع ألمانيا، في منطقتي الألزاس Alsace واللورين Lorain.

وبعد دراسة الإستراتيجية الألمانية التي تبنت نظرية الحرب الخاطفة[1]، اتخذت فرنسا إستراتيجية دفاعية، اعتمدت على بناء خط من التحصينات القوية المستديمة "خط ماجينو". هذا الخط يكون قادراً على وقف تقدم القوات الألمانية المهاجمة، ما يسهل قيام القوات الفرنسية المدافعة بتوجيه ضربات مضادة إليها وسحقها.

وقد أثر هذا الفكر الإستراتيجي الخاطئ على تنظيم القوات الفرنسية المدافعة عن خط ماجينو وتكوينها، وأدى إلى إهمال التشكيلات المدرعة والميكانيكية، وإهمال تطوير القوات الجوية وقوات الإبرار الجوي.

دار نقاش طويل بين مؤيدي خط التحصينات المنيع وبين معارضيه من المدرسة الفرنسية، وعلى رأسهم بول رينو Renault، وشارل ديجول Degaulle، حيث عارضا فكرة بناء الدفاعات المحصنة الثابتة، وآمناً بضرورة صناعة الدبابات والطائرات والأخذ بعقيدة الحرب الميكانيكية.

استند الفريق الأول الذي يؤيد حرب الدفاعات الثابتة إلى نجاح فرنسا في التمسك بخط من الأسلاك والخنادق المانعة ممتد إلى مسافة 400 ميل، أوقف تقدم الجيش الألماني لمدة أربعة أيام.

وقد ترتب على صمود هذا الخط فشل عقيدة الألمان الهجومية، ومن المؤكد أن إنشاء خط حصين على طول الحدود الفرنسية سيكون أفضل دفاعياً.

وقد ساعد على الاقتناع بهذه النظرية الدفاعية الفرنسية، أن القيادة العليا الفرنسية، قد تأثرت لحمامات الدم التي شهدتها البلاد خلال الحرب العالمية الأولى من عام 1914 إلى 1918، وكان من نتائجها أن صار الرأي العام الفرنسي على درجة عالية من الحساسية لفقد الأرواح، موقنة إنها إن تكررت فستكون النتيجة مأساة هي نهاية فرنسا. وأصبح البرلمان الفرنسي أكثر ميلاً، وقناعة للأخذ بالدفاعات المحصنة. التي توفر للجنود الفرنسيين الصمود والثبات. وازدادت هذه القناعة بعد الكلمة التي ألقاها وزير الحربية الفرنسي أندريه ماجينو Andre Maginot أمام البرلمان الفرنسي، والتي كان نصها: "مهما تصورنا أن المرء يستطيع تجهيز نفسه لمعركة مستقبلية، إلا هناك ضرورة ملحة تبقى، وهي حماية أرض الوطن من الاحتلال. ونحن نعلم أن المصائب يمكن أن تأتي مجتمعة لذا لا يستطيع النصر أن يُعوض آثارها المدمرة".

"والتحصينات الدفاعية التي نريد إنشاءها لتأمين الحدود، هدفها الرئيسي سد الطريق أمام الاحتلال المحتمل".

وعندما عرض ماجينو فكرته العبقرية عن بناء خط ماجينو الحصين الذي لا يخترق، كان الانطباع القوي أنه لا مناص من تعويض النقص البشري إلا بالدفاعات المحصنة، التي توفر الحماية لأرواح آلاف الجنود الفرنسيين، كما توفر الوقت اللازم للقوات الفرنسية لاستكمال إجراءات الفتح، واتخاذ الأوضاع المناسبة أمام جحافل التشكيلات الألمانية المهاجمة.

تقرر البدء في بناء خط ماجينو خلال خمس مراحل رئيسية، كما صوت مجلس الشيوخ الفرنسي على ما سُمي بـ"قانون ماجينو" Maginat Law، الذي يسمح بتخصيص 2.9 بليون فرنك فرنسي لتشييد الحصون التي تم بناؤها على طول الحدود الألمانية والإيطالية.

ثانياً: المراحل الرئيسية لتشييد خط ماجينو

اتُخذ القرار الوطني ببناء خط ماجينو، وتحول الحلم إلى حقيقة، وتم هذا البناء الفريد خلال خمس مراحل رئيسية كالتالي:

1. المرحلة الأولى: 1919- يوليه 1922

كانت نقطة البداية هي وضع الدراسات العسكرية والفنية اللازمة للتأكد من سلامة الفكر، والتحقق من الاختيار المناسب لأنواع التحصينات الدفاعية، ومدى تناسبها مع الدراسة التكتيكية والطبوغرافية للأرض، وسيقام عليها البناء، ووضعها في الخط الدفاعي الحصين "السور العظيم لفرنسا"، أو ما أُطلق عليه بعد ذلك "خط ماجينو".

بناءً على ذلك تشكلت لجنتان على النحو التالي:

أ. اللجنة الأولى "لجنة الخليج" عام 1920

قامت هذه اللجنة بالدراسة الطبوغرافية والتكتيكية للأرض على امتداد حدود فرنسا الشرقية، وحددت أهم الهيئات والطرق والاتجاهات المحتملة لتقدم العدو وأعماله المنتظرة.

ب. اللجنة الثانية "لجنة دي جينيه" عام 1922

وهي لجنة فنية هندسية لدراسة كافة التحصينات السابقة وتطويرها بما يتناسب مع المطالب التي حددتها اللجنة الأولى، وبما يحقق الهدف من إنشاء هذه التحصينات.

2. المرحلة الثانية: أغسطس 1922-1925

نظراً لضخامة الاعتمادات المالية المخصصة للمشروع، شُكلت اللجنة الإقليمية، وأعقبتها لجنة جديدة سُميت "لجنة الدفاع عن الحدود" برئاسة الجنرال جيليومات.

وكان الهدف من هذه اللجان هو دراسة تقارير اللجان السابقة في المرحلة الأولى ووضع التصور النهائي لما سيكون عليه خط ماجينو.

وقد قررت هذه اللجان إنشاء ثلاث مناطق هي ميتز Metz، لوتير Lauter، بلفور Belfort، وأوصت اللجان بأن تكون التحصينات والمنشآت ذات تقنية عالية.

3. المرحلة الثالثة: عام 1925-1936 (أنظر خريطة الوصف العام لخط ماجينو)

مرحلة البناء والتشييد للتحصينات الدفاعية الثابتة، وتشكلت لهذه المهمة اللجنة التنظيمية الإقليمية للتحصينات، وكانت مهمتها الاختيار الدقيق لأماكن التحصينات، واختيار النموذج المناسب، مما أعد في المرحلة السابقة، بعد تطويره بواسطة لجنة الدفاع عن الحدود.

أما تصميم الأسلحة والمعدات وتصنيعها بما يتناسب مع الهدف الرئيسي من هذه التحصينات، فقد أُسندت المسؤولية المباشرة لمدير المدفعية الفرنسي.

وقد واكب بدء التشييد الفعلي فترة رواج اقتصادي عظيم لفرنسا، وكان ذلك عام 1929، ما ساعد على تنفيذ هذه المرحلة على النحو التالي:

أ. الانتهاء من التشييد وبناء التحصينات الدفاعية المستديمة على طول خط ماجينو كالآتي:

(1) عام 1930: إنشاء الدشم والملاجئ الحصينة.

(2) عام 1931: أعمال الحفر وإقامة البنية التحتية.

(3) عام 1932: أعمال الحفر في دشم الأسلحة وإنشاء القواعد الخرسانية للأسلحة.

(4) عام 1933: إنشاء الجزء الأكبر من مرابض نيران المدفعية وخليج النيران لأسلحة المشاة في النطاق الخارجي الدفاعي.

(5) عام 1934: إنشاء المعسكرات وأماكن مبيت الأفراد "قوات الحصون"، وإقامة محطات توليد الكهرباء وتركيب المصاعد الكهربائية ونظام التهوية.

(6) عام 1935: استكمال المنشآت الداخلية والتجهيزات الخاصة بالإنذار والحريق والاتصالات والإضاءة، وإقامة الموانع المضادة للدبابات، على امتداد الخط، والبدء في بناء التحصينات على الاتجاه الشمالي على الحدود البلجيكية.

(7) عام 1936: تكثيف الدفاعات بوضع المزيد من الموانع والدفاعات المضادة للدبابات، واستكمال شبكة الصرف الصحي وتطويرها، وتخفيف عوامل الرطوبة.

ب. إجمالي الإنشاءات والأعمال الهندسية

(1) الدشم والأبراج والتجهيزات

(أ) 22 دشمة خرسانية كبيرة.

(ب) 108 دشمة خرسانية.

(ج) 410 دشمة للمشاة، ملاجئ للاحتياط، نقطة ملاحظة.

(2) موقع حصين للدبابات

23 موقعاً.

(3) تركيبات أسلحة

تركيب 339 قطعة مدفعية مختلفة الأعيرة.

(4) أبنية وحوائط مختلفة الأعيرة

(أ) صب 1.5 مليون متر مكعب من الحوائط الخرسانية المسلحة[2].

(ب) 100 كم من الدهاليز والأروقة والأنفاق تحت الأرض[3].

(ج) وضع 152 برج متحرك وتركيبها.

(د) بناء 1536 فرن لصهر المعادن[4].

4. المرحلة الرابعة: عام 1936-1939

أول ما قدم في هذه المرحلة اختيار الأفراد وتنظيم قوات الدفاع عن خط ماجينو وتدريبها، وقد أُطلق عليها "حامية الحصون"، وهي تتألف من وحدات من المشاة والمدفعية والمهندسين والفنيين المنوط بهم تشغيل الماكينات، وأجهزة نقل الحركة في المركبات، والعناية بالطاقة الكهربائية.

ولكن حدث ما هو أهم من ذلك، ففي عام 1935 خرقت ألمانيا بنود اتفاقية فرساي، وأعادت نظام الخدمة العسكرية، وأعاد هتلر الانتشار العسكري في أرض الراين، المنزوع سلاحها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى.

لم يكن لمعسكر الحلفاء رد فعل مناسب لما فعل هتلر، وأعلنت بلجيكا الحياد، ما أثار خوف القيادة الفرنسية من هجوم ألماني عن طريق الأراضي البلجيكية.

كان من نتائج ذلك القرار الفرنسي بأن يدخل بناء الدشم على الاتجاه الشمالي الغربي تحت مسمى "جبهات جديدة"، ضمن المرحلة الرابعة في مواقع أُطلق عليها "ثغرة الثار"، ومنطقة أخرى أُطلق عليها "هاي فوسجاس".

كما شملت كذلك محاور التقدم باتجاه الحدود البلجيكية.

5. المرحلة الخامسة "الأخيرة": عام 1939-1940:

كانت المهمة الرئيسية في هذه المرحلة هي تقوية الدفاعات والتحصينات بما يحقق تنفيذ مبادئ الدفاع الثابت، وهي ثبات الدفاع ـ الدفاع ضد هجمات المشاة والدبابات ـ الدفاع ضد الضربات الجوية ـ استخدام الموانع والتحصينات الدفاعية لصد الهجوم الألماني، وإمكانية القيام بالضربات المضادة. وقد حققت هذه المرحلة استكمال بناء خط ماجينو وزيادة كثافة الموانع المضادة للدبابات على المواقع الأمامية في مواجهة خط سيجفريد Siegfried Ligne[5] (أُنظر صورة خط سيجفريد)، كما أُنشئ موقع ثانٍ على مسافة 25 كم من الموقع الأول، لم يكن في كفاءة الموقع الأول نظراً للظروف الاقتصادية المتردية التي تمر بها فرنسا، مع استكمال الدفاعات الدائرية عن مدينة باريس Paris.

ثالثاً: المكونات التفصيلية لخط ماجينو

1. الوصف العام للخط: (أنظر خريطة الوصف العام لخط ماجينو)

عند تنفيذ عملية "الخطة البيضاء"[6] في أول سبتمبر 1939، كان خط ماجينو حقيقة ماثلة بطول 100كم وبعمق 15 كم، يتكون من نطاقين دفاعيين، تتيح سلسلة من النيران المستمرة على محاور التقدم المحتملة.

النطاق الأول هو نطاق لوتير Lauter، يبدأ هذا النطاق من شرق نهر الراين Rhin مخترقاً سهل الألزاس ومرتفعات فوسمياس، مروراً بحامية الجيش، إلى أن يتجه إلى الأرض المفتوحة في لوران. وقد روعي أن يرتكز هذا الخط على نهر سار Sare.

يلي هذا النطاق الحصين في منطقة ميتز الحائطية، ويعد أقوى منطقة، حيث تشكل الدفاعات الرئيسية عن المنطقة الصناعية الشمالية الشرقية، وكذا لحماية خط السكة الحديدي المتجه إلى لوران، الذي هو الوسيلة الرئيسية لنقل القوات، والوصول إلى المستودعات في منطقة ميتز، وإلى مصانع الصلب في "يرس ـ ثيونفيل" وإلى مناجم الفحم في "فوكيمونت"، ويصل طول النطاق الدفاعي الحصين في ميتز إلى 27 ميلاً.

ويتجه الخط بعد ذلك إلى قمة المرتفعات، التي تسيطر على منطقة "ساند أفولد"، متصلة بمرتفعات منطقة تييد، مارة بكوبري "هاكينبرج" Hackenberg عبر وادي موسيل  شمال منطقة "تيوفيل"، مروراً بغابة "كاتينوم"، إلى أن يصل إلى الأرض المنبسطة في "روشيفيلرز" و"أوميتر"، حتى ينتهي عند مصانع "لونجون فيرمونت".

أما التحصينات على طول الحدود البلجيكية والتي تعد امتداداً لخط ماجينو فهي ضعيفة، ولذلك سيبان، أولهما: أن الإستراتيجية الدفاعية الفرنسية تعد بلجيكا دولة حليفة لديها تحصيناتها الخاصة على طول قناة ألبرت Albert Canal كحصن إبين ـ إيميل Eben- Emael، وثانيهما: أن أفضل القوات الميكانيكية الفرنسية "الجناح المتحرك" ستنتشر على الحدود البلجيكية كإجراء وقائي في حال حدوث صراع مع ألمانيا، إجراءً وقائياً.

2. المواصفات العامة لتحصينات خط ماجينو

أ. رُوعي عند تصميم الدشم، أن تستطيع تحمل إصابات مباشرة من الدشم المجاورة دون أن تدمر، مع إمكانية أن توجه نيرانها في اتجاه الدشم المجاورة لها، وذلك لنجدتها عند تعرضها لهجمات معادية بما يُحقق تبادل المعاونة النيرانية بين الدشم (أنظر صورة دشم خط ماجينو). ويصل سمك الحوائط الخرسانية المسلحة للدشم إلى 3.5 م، وذلك يمكنها من تلقي ثلاث قذائف في وقت واحد، دون تدمير يمنعها من تأدية وظيفتها. واختيرت الخرسانات من أنواع قادرة على تحمل الضربات النيرانية الموجهة إليها.

ب. روعي الاستفادة من ناتج الحفر، بحيث لا يقل سمكه فوق التحصينات والملاجئ عن 20 م، وأن يراوح سمك الخرسانة المسلحة للتحصينات والملاجئ من الأمام 1.5-3.5 م طبقاً لدرجة التعرض واتجاه الهجوم، ومن الخلف لا يزيد سمكها عن متر واحد. كما غطيت التحصينات بألواح من الصلب يصل سمكها من 30-35 سم. وصُممت الأبراج المسلحة ليصل سمكها إلى 75 ملليمتر (أنظر صورة تحصينات خط ماجينو).

ج. روعي عند اختيار أماكن الدشم والتحصينات الاستفادة الكاملة من طبيعة الأرض، بما يحقق توافر ميادين رؤيا جيدة للمراقبة، وتوجيه النيران، مع الاستفادة من السواتر الطبيعية التي تحقق أقل مساحة من الأرض الميتة (أنظر صورة اختيار أماكن التحصينات). كما روعي أن تكون الموانع المضادة للدبابات مؤمنة بالنيران، وتشرف على مناطق قتل جيدة للدبابات المعادية، كما خُططت نيران كثيفة للسيطرة على تقاطعات الطرق، وعلى المناطق الصالحة لعبور نهر السار في منطقة لوتير وميتز، ولحماية الموانع وحقول الألغام.

وحصنت منازل القرى الأمامية وقُوِّيت لتكون مواقع أمامية للمخافر، والأحراس، وقوات نطاق الإنذار، والتغطية، مع تجهيزها بوسائل الإنذار المبكر عن الهجوم المعادي. (أنظر صورة مواقع أمامية محصنة للإنذار).

وقد رُوعي تصميم النطاق الخارجي الأمامي من خطين، يُحتلهما عناصر من المشاة المقاتلة، يعاونها قوات خفيفة من الحرس الشعبي، وهذه مهمتها تعطيل القوات المهاجمة لحصون الخط الأول وتأخير تقدمها لمدة ساعة، وتعطيل تقدم القوات المهاجمة لحصون الخط الثاني وتأخيرها لمدة أربع ساعات، بحيث يمكن لهذا النطاق تعطيل العدو لمدة خمس ساعات، يلي هذا الخط، بفاصل 1200 م، دشم الأسلحة في الفواصل بين النقاط الحصينة، وهذه الدشم تتكون من طابقين، الدور السفلي لتخزين الأسلحة والذخائر والمعدات، والدور العلوي يسع من 20-30 جندياً مسلحين بأنواع مختلفة من الأسلحة طبقاً للمهمة التي تؤديها الدشمة.

د. روعي أن تكون الدشم مشرفة على ميدان يُحقق تنفيذ خطة نيران بجميع أنواع الأسلحة، وأعلى الدشمة أبراج مدرعة للمدافع الرشاشة. كما جُهزت كل دشمة بمولد كهربائي وخنادق تحت الأرض. (أُنظر صورة المولدات الكهربائية بخط ماجينو)

وُضعت أمام الدشم، وعلى النطاق الخارجي، موانع مضادة للدبابات مصنوعة من قضبان السكك الحديدية (أُنظر صورة موانع الدبابات بخط ماجينو). وخلفها نطاق آخر من الأسلاك الشائكة ممتد بمواجهة من 5-10كم (أُنظر صورة نطاق الأسلاك بخط ماجينو).

وُضعت الدشم الرئيسية بفواصل من 5-8 كم، واشتملت التحصينات على دشم مختلفة الأحجام:

(1) الدشمة الكبيرة: يعمل بداخلها من ألف إلى ألفي رجل مسلح.

(2) الدشمة المتوسطة، يعمل بداخلها 500 رجل مسلح.

(3) الدشمة الصغيرة، يعمل بداخلها 200 رجل مسلح.

ووُضعت هذه الدشم في أماكن مناسبة طبقاً لطبيعة الأرض، وحجم العدو المتوقع مهاجمته. ويصل ميدان الرؤيا والرماية أمام دشم المدفعية، إلى حوالي 12 ميلاً، وهو أقصى مدى للمدفعية المتيسرة، وتوضع دشم المدفعية على الهيئات الحاكمة.

هـ. أنشئت بجانب هذه الدشم والتحصينات، المستودعات والمخازن، وأماكن إيواء قوات الخدمة العاملة، والاحتياط، وميادين الرماية، والورش، وشبكة مواصلات، وسكك حديدية داخل أنفاق لربط النقط الحصينة ببعضها، (أنظر صورة شبكة المواصلات داخل ماجينو). ويُعد حصن سيمسيروف نموذجاً مثالياً لهذه الحصون.

3. تصميم حصن "سيمسيروف" Simserhaf وتسليحه نموذجاً كنموذج لحصون خط ماجينو

أ. يقع هذا الموقع الحصين في منطقة بيتس Bitche Area، ويعد نموذجاً لشكل الحصون التي أُقيمت على خط ماجينو، ويشمل عدة حصون، منها الحصن الكبير "جروس"، ويتكون من دشمة كبيرة محصنة ذات مزاغل لإطلاق نيران المدافع عيار 135مم، والهاونات 81مم، والأسلحة الأخرى، له أبراج على شكل قباب (أنظر صورة تحصينات خط ماجينو)، وممرات تحت الأرض ودهاليز ومولدات للقوى الكهربائية، ومستودعات ذخائر.

صُممت الدشم ليكون بها مزاغل لإطلاق نيران في قوس نيران 45 درجة، ولكل مزغل مظلة واقية مدرعة، صُممت بحيث تمنع وصول الطلقات المصوبة في اتجاه المزاغل من الدخول داخل الدشمة، وسقوط هذه الطلقات داخل خندق أمام المزغل، كما تمنع انتشار شظايا قذائف المدفعية المعادية وتطايرها. كما يشمل ثماني دشم بسمك 75 ملليمتر، بكل دشمة من 2-3 مدافع رشاشة، كما يمكن استخدام قاذف القنابل 135مم.

ب. روعي عند تصميم الأبراج المثبتة أعلى الدشم على شكل قباب من الحديد الصلب، أن تُستخدم في أعمال الملاحظة والمراقبة الجوية، فضلاً عن إطلاق النيران، مع وجود فتحات صغيرة للتهوية سُميت "عش الغراب".

صُممت هذه الأبراج التي تشبه أبراج الدبابة لكي تعمل في حركة دائرية 360 درجة، ويمكن أن ترتفع وتنخفض مسافة قدم واحد، كما اُحيط كل برج بطوق حديدي لتوفير الحماية. أما أبراج المدافع فقد صُممت من قطعة واحدة ثابتة، بحيث تكون الفتحات والمزاغل في اتجاهات وزوايا تخدم خطة النيران. يمكن للجندي ضارب الرشاش أن يقف منتصباً خلف سلاحه، مع وجود مسافة كافية تسمح بحركة باقي أفراد الطاقم، وعند إطلاق القذيفة، يسقط الظرف الفارغ في صندوق ذي أنبوب يوصل إلى مكان خاص في قاع الحصن. ويمكن تحريك البرج يدوياً أو آلياً، حيث يوجد مولد كهربائي لتشغيل البرج أسفل غرفة القتال (أُنظر صورة المولدات الكهربائية بخط ماجينو). وفي أرضية غرفة القتال صينية مدرجة إلى 360 درجة، لها مؤشر ملتصق بالبرج، يتحرك من داخل الصينية؛ لتوضيح الاتجاه المصوب عليه المدفع أو الرشاش.

ج. صُمم حصن سيمسيروف لكي يكون له مدخلان يقعان خلف الحصن، تحيط بهما الأشجار، ومؤمنان بالأسلحة المضادة للدبابات، والمدخلان أحدهما للأفراد، والثاني للإمداد بالذخائر يؤدي إلى نفق طويل يتسع لعربة مجنزرة عمقه 12 قدماً.

لا بد لدخول الحصن من عبور خندق من فوق جسر متحرك، يمكن رفعه لمنع العبور، حيث يتحرك إلى غرفة داخلية بالحصن، حتى لا يكون من السهل الاستيلاء عليه، ولا يمكن دخول الحصن والجسر مرفوع لوجود هذا الخندق الذي يصد من يحاول الدخول.

والحصن مجهز بأنفاق وممرات، يتحرك داخلها قطار كهربائي على قضبان عرضها 60 سم (أُنظر صورة أنفاق حصن ماجينو)، وعلى جانبي الأنفاق غُرف مجهزة بمعدات تطهير تُعرف باسم "الثكنة"، ويمكن استخدام هذه المعدات لمعالجة الأفراد وتطهير الأسلحة الصغيرة من التلوث بالغازات السامة، وملحق بهذه الثكنات كذلك غرف نوم ومصاعد ومطابخ ومخازن. وتقع هذه الثكنات على عمق 35 م، وهي مكيفة الهواء.

والحصن مجهز بمولدات تيار كهربائي قوتها 290 حصان "250 كيلووات"، تُستخدم في حالة انقطاع التيار الدائم، وتعمل بوقود الديزل المُخَزّن في ستة خزانات مؤمنة، تكفي لتشغيل الحصن من 2-3 أشهر، كما توجد ثماني خزانات للمياه الصالحة للشرب، سعة الخزان الواحد 50 متر مكعب.

صُممت الحصون وجُهزت بمعدات تنقية الهواء من التلوث الكيماوي، وتهوية الحصون من نواتج إطلاق المدافع.

د. جُهزت الأنفاق الموصلة بين الثكنات وغرف القتال وغرف القيادة بألغام يمكن التحكم في نسفها؛ لغلق المداخل، وعزل المواقع داخل الحصن، طبقاً لاتجاه هجوم العدو، الذي قد ينجح في الوصول إلى داخل الحصن، هذا بخلاف وجود أبواب مدرعة لغلق الممرات من المدخل الرئيسي والغرف.

صُممت الأنفاق، في بعض أجزاء رئيسية من الحصن بحيث تسع قطارين كهربائيين، يتحركان على اتجاهين متضادين.

هـ. نظام تداول الذخائر ونقلها

    هناك نظام لضمان نقل الذخائر عبر ثلاثة مخازن ذخيرة[7] إم1، إم2، إم3. والمخزن يسع تشوين ذخائر تكفي يومي قتال 3000 طلقة، يمكن نقلها بواسطة القطار الكهربي، ويطلق عليه اسم "المترو"، والذي يتكون من 57 عربة نقل ذخائر، كل عربة تحمل حاوية تسع 100 طلقة عيار 75 ملليمتر مصفوفة على حوامل، ويتحرك القطار داخل الحصن ليصل إلى المحطة المعروفة باسم "جار" Gar، ثم تُرفع الحاوية المحملة بالذخيرة بواسطة سلاسل متدلية على بكرات، وتدفع باليد داخل مصعد، لتُرفع إلى غرفة القتال، بحيث يكون المصعد على مستوى المدفع.

و. نظام إدارة النيران من داخل الحصون

هناك ثلاثة أنواع من نقاط الملاحظة، في كل دشمة، تتعاون مع بعضها لرصد الهدف المعادي.

(1) فالنقطة الأولى بها ضابط يراقب قطاع الأرض مستخدماً نظارة ميدان ليبلغ عن أي هدف معادي.

(2) النقطة الثانية بها ضابط صف، يعمل على بيروسكوب، لتأكيد الأهداف التي رُصدت من النقطة الأولى.

(3) النقطة الثالثة، تلتقط صورة ضوئية بآلة تصوير، للهدف فور اكتشافه وتأكيده، وتنقل جميع المعلومات إلى غرفة القيادة عن طريق شبكة المواصلات الخطية، وينقلها ضابط صف باستخدام أنبوبة سمعية، يتلقى المعلومات ليدونها على سبورة، وينقل طاقم مركز القيادة معلومات الهدف إلى مواقع المدافع داخل الحصن، وإعطاء الأوامر بالاشتباك لقائد القسم المطلوب منه أن يشتبك مع الهدف.

جميع هذه الإجراءات لا تتجاوز ثلاث دقائق من لحظة اكتشاف الهدف حتى فتح نيران المدفعية عليه.

4. المواصفات العامة للأسلحة المستخدمة في خط ماجينو

روعي عند تصميم الأسلحة من المدفعية والرشاشات أن تتوافق مع الهدف الذي صُنعت من أجله، ومع أماكنها في التحصينات والدشم، وقد اختيرت الأسلحة الآتية:

أ. مدفع ماكينة خفيف عيار 7.5 ملليمتر، يعُرف بالرشاش "رايبل"، وهو يطلق 500 طلقة/ دقيقة لمسافة 2400 م.

ب. المدافع المضادة للدبابات عيار 37 ملليمتر، 47 ملليمتر، ويصل مداها إلى 800 م، ويمكن تركيبها بالدشم في الحوامل نفسها التي تركب عليها المدافع الرشاشة.

ج. مدفع عيار 25 ملليمتر، وهو مدفع مضاد للدبابات يصل مداه إلى 400 م.

د. البندقية الآلية 7.5 مم موديل 24/29، ويمكن تركيبها على برج متحرك، يتيح لها الاشتباك على مسافة 600 م في جميع الاتجاهات.

هـ. الهاون 50 مم، ويستخدم لقذف القنابل اليدوية لمسافة من 50-75 م.

و. قاذفات قنابل عيار 135مم، ويطلق عليها اسم "مايف ويرفز"، تستطيع أن تُطلق قذيفة زنة 40 رطلاً، لمسافة حتى 800 م.

ز. هاوتزر عيار 75مم، ويمكن أن يطلق أربعة أنواع من الذخيرة.

ح. المدفع عيار 135 مم.

ط. أجريت دراسات على المدفع عيار 145 مم، بمدى يصل إلى 29 كم، وكذلك دراسات لاستخدام برج مدفع بحري عيار 340 مم، ولم يُستخدم هذان النموذجان.



[1] نظرية الحرب الخاطفة: تعتمد على قوات مدرعة وميكانيكية خفيفة الحركة، وقوات جوية قادرة على المعاونة الفعالة للقوات البرية.

[2] ما يساوي 75% من الهرم الأكبر.

[3] تماثل طول نفق المترو في فرنسا في ذلك الوقت.

[4] ما يوازي 6 مرات من الوزن الإجمالي لبرج إيفل.

[5] خط سيجفريد: خط دفاعي ألماني أُنشئ بعد الحرب العالمية الثانية على الحدود الغربية لألمانيا وفي مواجهة خط ماجينو.

[6] الخطة البيضاء: هو الاسم الرمزي الذي أُطلق على عملية اجتياح بولندا بواسطة ألمانيا.

[7] لتحقيق مبدأ الانتشار في تشوين الذخائر، وُزعت على ثلاث مخازن، وهذا من خبرة القتال السابقة، حيث دُمرت مخازن الذخيرة في حصن فورت لونسين لوجودها في مكان واحد.