إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / خط ماجينو في الحرب العالمية الثانية




نماذج دبابة من الورق المقوى
موانع الدبابات بخط ماجينو
مواقع أمامية محصنة للإنذار
نهر الموز
أنفاق حصن ماجينو
هتلر يقفز فرحا
نطاق الأسلاك بخط ماجينو
المولدات الكهربائية بخط ماجينو
الكولونيل جنرال كيتل
القاطرة التي وُقع فيها الاستسلام
احتلال ميناء ومدينة "دنكرك"
اختيار أماكن التحصينات
تحصينات خط ماجينو
تسليم الإنذار للأسطول الفرنسي
خط ماجينو على الحدود البلجيكية
خط سيجفريد
دشم خط ماجينو
شبكة المواصلات داخل ماجينو


أوضاع القوات المتضادة
معركة فرنسا يونيه 1940
الوصف العام لخط ماجينو
الهجوم الألماني على هولندا
الانسحاب من دنكرك
توغل الجيش الألماني
خطة المحور
زحف مصفحات رومل



المبحث الثالث

المبحث الثالث

هزيمة فرنسا وسقوط خط ماجينو

كانت فرنسا مستعدة إلى درجة كبيرة لملاقاة ألمانيا ـ عند اندلاع الحرب العالمية الثانية ـ ، فهي تملك القوات والعتاد، ويمتد على طول حدودها مع ألمانيا خط ماجينو الحصين، ولكن تنقصها الروح القتالية التي ملأت جوانبها عام 1914، واكتفت بأن تتوارى خلف خط ماجينو، ولم تمد لحليفتها بولندا يد المعونة بالضغط على العدو المشترك، وساد الجبهة الشرقية[1] هدوء شامل، إلا من بعض النشاطات المحدودة على طول خط ماجينو، كان من نتيجتها إكراه الألمان على الجلاء عن إقليم ساربريكين Sarbricken، ولكن الفرنسيين أُكرهوا كذلك على الارتداد من غابة فارندت Varndt.

لم يستمر الهدوء على الجبهة الشرقية طويلاً، حتى ضرب الألمان ضربتهم الكبرى في الغرب، فقد بدأوا هجوماً هائلاً قبيل فجر 10 مايو 1940 على هولندا، وبلجيكا، ولوكسمبورج في آن واحد، ولم تمض عدة ساعات حتى اكتسحوا لوكسمبورج.

وفي 12 مايو اخترقوا خط الدفاع الرئيسي للجيش الهولندي، وسقطت روتردام في 14 مايو.

وفي الوقت ذاته كان الألمان يوجهون ضرباتهم لجيش بلجيكا، فاستنجدت ببريطانيا وفرنسا، فدخل جيشاهما طبقاً لخطة موضوعة من قبل لنجدتها، لكن القوات الألمانية الزاحفة حطمت خط الدفاع الرئيسي، واخترقته بين نامور وسيدان في 14 مايو، وعبرت نهر الميز، شاقة طريقها خلال غابات الآردين، واتجه جزء من القوات غرباً نحو مدينة أمبان، وجنوباً نحو مدينة ريمس.

وبدا كأن كل شئ ينذر الحلفاء بوقوع كارثة مروعة وهزيمة ساحقة، وأخذت القوات الفرنسية ترتد أمام القوات المصفحة الألمانية التي حولت وجهها صوب الجنوب، وتمكنت من اختراق خطوط الدفاع الفرنسية في كل مكان، إلى أن احتلوا نصف أراضي فرنسا (أُنظر خريطة معركة فرنسا يونيه 1940)، فطلبت حكومتها الهدنة رسمياً.

وفي 22 يونيه 1940 وقع المبعوثون الفرنسيون الهدنة طبقاً للشروط التي فرضتها ألمانيا.

أولاً: سير العمليات

بدء الهجوم الألماني على قوات الحلفاء

-     الساعة الخامسة و35 دقيقة صباحاً، ساعة الصفر

-   بدأت العملية بقصف جوي ألماني على القوات المدافعة على طول خط المواجهة، وفي توقيت القصف نفسه أُنزلت فرق مظلية ألمانية في هولندا للسيطرة على جسور روتردام، ودوردرشت، وموردجيك، كما أُنزلت فرق مظلية أخرى في بلجيكا للسيطرة على حصن إبين ـ إيمايل.

-   هبطت الفصائل المنقولة جواً خلف الترع، ومنعت القوات المكلفة بتفجير الجسور من استعمال أجهزة التفجير، وصمدوا في انتظار رؤوس الأرتال القادمة من ماستريخت.

-   تقدمت مجموعة الجيوش "ب" في اتجاه هولندا، ومجموعة الجيوش "أ" باتجاه بلجيكا ولوكسمبورج، ومجموعة الجيوش "ج" اتخذت أوضاعها قبالة خط ماجينو.

-    طلائع الجيش الفرنسي السابع والحملة البريطانية تدخل بلجيكا طبقاً للخطة "دايل"، التي تقضي باحتواء الهجوم الألماني بتجميع جزء كبير من القوات المدافعة والتوغل في بلجيكا، لكن هذا التوغل سهل على مجموعة الجيوش "أ" القيام بالهجوم على هولندا من خلال غابات الأردين التي كانت تعد خطأ غير قابلة للاختراق.

10 مايو 1940:

-  تنجح القوات المظلية الألمانية المكلفة بالاستيلاء على حصن "إبين ـ إيمايل" من نسف مدافعه العشرة، ومراكز المراقبة والرماية بالمواد المتفجرة، وأحكمت السيطرة عليه في 17 دقيقة.

-      يسمح تشرشل لقوات الجو البريطانية بقصف أهداف داخل الأراضي الألمانية.

-   يتخذ الملك "ليوبولد الثالث" بصفته القائد الأعلى للقوات البلجيكية قراراً بانسحاب قواته من خط ترعة ألبير إلى خط الدفاع الرئيسي أمام العاصمة بروكسل.

11 مايو 1940

-  يتلقى الجيش الفرنسي السابع الذي كان قد دخل هولندا أمراً بالانسحاب إلى منطقة بريدا، وينسحب الجيشان الأول والتاسع الفرنسي من شرق نهر الموز إلى غربه، ويتخليان عن موقع سيدان الإستراتيجي الذي تستولي عليه الفرقتان المدرعتان الألمانيتان الأولى والعاشرة.

-   تنظم الجيوش الحليفة دفاعاتها على الخط العام سيدان ـ جمبلو ـ أنفير. (أُنظر خريطة الهجوم الألماني على هولندا)

12 مايو 1940

-     تخترق القوات الألمانية ممرات نهر الموز وتحتل مدينة لياج.

-      يصيب الجيش الهولندي التشتت، وينسحب إلى خط دفاعي، عُرف باسم "القلعة الهولندية".

-      ملكة هولندا تلجأ إلى لندن على رأس أعضاء حكومتها.

-   يصدر بيان عن القيادة العامة الفرنسية، يُعبر عن حقيقة الوضع "من نامور إلى مزيار، نجح العدو في إقامة رأسي جسر، الأول في شمالي مدينة دينان، والثاني في مدينة مونتير، وهناك اختراق ثالث أكثر خطورة تحقق في غابة مارفي بالقرب من سيدان".

13 مايو 1940

-  يوقع القائد الأعلى للقوات المسلحة الهولندية هنري وينكلمان على استلام هولندا، إثر قصف جوي عنيف لمدينة روتردام الهولندية.

-   تنجح القوات الألمانية في فتح ثغرة بين مدينة دينان ومدينة سيدان بعرض 80 كم.، والقوات الفرنسية تتراجع.

14 مايو 1940

-     يهاجم الجيش الألماني السادس بشدة خطوط الحلفاء بين مدينة لوفان ونامور.

-   تقطع الفرقة الألمانية المدرعة السادسة الطريق أمام الجيش الفرنسي التاسع، مما أدى إلى تشتيته.

-   الحكومة الفرنسية تطلب من تشرشل تكثيف الدعم الجوي البريطاني للقوات الفرنسية، التي بات انهيارها وشيكاً.

15 مايو 1940

-   يصدر قائد القوات البرية الفرنسية أوامره بسحب جميع القوات الفرنسية الموجود في الأراضي البلجيكية، لتكثيف الدفاع عن باريس.

-   يُبلغ رئيس الوزراء الفرنسي بول رينو[2] تشرشل عبر الإذاعة بأن المعركة قد انتهت، وأن طريق باريس بات مفتوحاً أمام العدو، ما دعى تشرشل للتوجه جواً إلى باريس في اليوم نفسه، للاجتماع برينو، وتدارس الموقف الخطير.

-  يتوغل فيلق الدبابات الألماني السابع بقيادة رومل حوالي  80 [3]كم باتجاه مدينة كامبري داخل الأراضي الفرنسية (أُنظر خريطة توغل الجيش الألماني) ، ويأسر نحو 10 آلاف جندي، ويغنم 100 دبابة من قوات الجيش الفرنسي.

16 مايو 1940

-   يدخل الجيش السادس الألماني بقيادة الجنرال فون ريشنو بروكسل، ويعلن العاصمة البلجيكية مدينة مفتوحة.

-  تغير القوات الألمانية اتجاه تقدمها شطر المناطق الشمالية الغربية، بدلاً من التوجه نحو باريس التي تتنفس الصعداء.

17 مايو 1940

-      يصل رومل إلى مدينة كامبري، ويأسر ما تبقى من الجيش الفرنسي التاسع.       

18 مايو 1940

-   الفرق المدرعة الألمانية التسع التي اجتاحت الجبهة الفرنسية؛ يعاد تنظيمها ورفع كفائتها في مناطق كابري وبيرون.

19 مايو 1940             

-     رومل يحتل المرتفعات الإستراتيجية الهامة التي تشرف على أراس.

-   الدبابات الألمانية تتجه نحو بحر الشمال، بعد أن فتحت داخل خطوط الحلفاء ممراً بعرض 30 كم، بحيث صار شمال هذا الممر الجيش الأول، ومعه تسع فرق من قوة الحملة البريطانية، والجيش البلجيكي، وصار جنوبه أربعة جيوش فرنسية، الجيش العاشر، والرابع، والسادس، والثاني. (أُنظر خريطة توغل الجيش الألماني)

20 مايو 1940

-   تحاول القوات المدرعة البريطانية، وفرقتان من الجيش الفرنسي الأول، قطع الممر الألماني، لكنها أُجبرت على التوقف بعد انطلاقة ناجحة.

21 مايو 1940

-   عرض الجنرال ويغان القائد الأعلى الجديد للقوات الفرنسية على رئيسي الوزراء (الفرنسي رينو، والبريطاني تشرشل) في قصر فنشان خطة تهدف إلى تفادي الهزيمة بالقيام بهجوم مضاد باتجاه الجبهة الجنوبية الغربية، ولم ينجح الهجوم لسوء التنسيق بين البريطانيين والفرنسيين.

22 مايو 1940

-   يصدر الجنرال فون روندشتاد قائد مجموعة الجيوش "أ" أوامره للوحدات المدرعة بالتوقف.

23 مايو 1940

-      نجحت الفرقة الثانية المدرعة الألمانية في حصار مدينة بولونيا الفرنسية.

24 مايو 1940

-      انهيار الجبهة البلجيكية بين مدينة غيلوي ومدينة ليس.

25 مايو 1940

-      تطلب القيادة البلجيكية من الملك ليوبولد مغادرة البلاد، لكن الملك البلجيكي يرفض الطلب.

26 مايو 1940

-     تستولي الفرقة العاشرة المدرعة الألمانية على مدينة كالييه الفرنسية.

-   سحب الجيش البريطاني إلى ميناء دنكرك تحت غطاء جوي كثيف للطيران الملكي، على أن يبقى الجيش الفرنسي بمفرده يواجه مصيره.

27 مايو 1940

-     تتراجع الجيوش الفرنسية على كل الجبهات.

-   - توقع بلجيكا وثيقة استسلامها، دون التشاور مع الحلفاء وتسحب ما تبقى من جيشها، ما يشجع إيطاليا لدخول الحرب بجانب ألمانيا.

28 مايو 1940

-   تبدأ عملية إجلاء 350 ألف جندي من قوات الحلفاء من ميناء دنكرك إلى إنجلترا، نجح 47310 منهم في عبور المانش.

-   بدأت عملية إعادة تجميع للفرق المدرعة الألمانية ومجموعات الجيوش أ، ب للتقدم في اتجاه الجنوب لاستكمال تدمير الجيش الفرنسي.

-      يستعد الجيش الفرنسي للقيام بهجوم مضاد على جنوب الممر.

29 مايو 1940

-     تشرشل يصل إلى باريس.

-   يتدخل الرئيس الأمريكي روزفلت مجدداً طالباً من الحكومة الإيطالية عدم دخول الحرب ضد بريطانيا وفرنسا.

30 مايو 1940

-  يستمر القصف الألماني العنيف على ساحل ميناء دنكرك براً وبحراً وجواً، وفي المقابل عمليات الإجلاء لجيوش الحلفاء مستمرة.

-      نجح 64229 رجلاً في مغادرة دنكرك.

1 يونيه 1940

-      انتهاء عملية "دينامو"[4] بمغادرة أربعة آلاف جندي بريطاني ليلاً.

-  يحدد موسوليني موعد دخول إيطاليا الحرب ضد الحلفاء في منتصف ليل العاشر من يونيه.

2 يونيه 1940

-   هجوم ألماني ضاغط على التحصينات الدفاعية الفرنسية حول ميناء دنكرك. (أنظر خريطة الانسحاب من دنكرك)

-

3 يونيه 1940

-  نجحت القوات الألمانية في احتلال مدينة دنكرك وميناءها بعد أن أمنت القوات الحليفة إخراج 338226 جندي من الأراضي البلجيكية، بينهم 120 ألف جندي فرنسي. فقد الحلفاء خلال هذه العملية 200 قطعة بحرية، 177 طائرة، ألفي مدفع، 60 ألف آلية، 76 طناً من الذخائر، 600 ألف طن وقود. (أُنظر صورة احتلال ميناء ومدينة "دنكرك")

4 يونيه 1940

-      بدأت القوات الألمانية معركة تدمير ما تبقى من القوات الفرنسية.

-  - قصف جوي ومدفعي عنيف شمل مناطق السوم، وأسن، والخطوط الخلفية للجيوش الفرنسية المنتشرة بين إبيفيل وخط ماجينو. (أُنظر خريطة معركة فرنسا يونيه 1940)

-

5 يونيه 1940

-   يخترق الفيلق الخامس عشر المدرع الألماني صفوف الجيش العاشر الفرنسي، في النقطة الواقعة بين شاطئ بحر الشمال ومدينة أمبان.

-   يُبدي الجيش السابع الفرنسي مقاومة شديدة في وجه هجمات الفيلقين الألمانيين المدرعين الرابع عشر والسادس عشر، في المنطقة بين مدينة أمبان، ومدينة بيرون.

-  يتمكن جيش المشاة الألماني التاسع في الشرق من فتح ثغرة داخل دفاعات خط ماجينو، ولكنه يُرد على أعقابه في منطقة شيمان دي دام. (أُنظر خريطة معركة فرنسا يونيه 1940)

-     يتقدم الفيلق 39 والفيلق 41 الألمانيان نحو الجبهة الجنوبية ـ الشرقية خلف خط ماجينو.

6 يونيه 1940

-   تنجح القوات الألمانية في احتلال مدينة مون ديدييه، ومدينة نوايون، ومدينة فورج كي زو، وتتجه صوب نهر السين دون مقاومة تُذكر.

7 يونيه 1940

-      يغرق طرادان ألمانيان حاملة الطائرات جلوريس.

8 يونيه 1940

-     تحتل القوات الألمانية مُدن: ديب، ولاروان، وكومبيان، وتصل إلى نهر السين.

-   يُعلم قائد القوات الفرنسية رئيس الحكومة بول رينو بأن الخطوط الدفاعية الفرنسية لن تستطيع الصمود.

9 يونيه 1940

-      يعترف قائد القوات الفرنسية رسمياً بانهيار الجبهة بعد أن تقهقر باتجاه اللوار.

10 يونيه 1940

-  يُعلن حاكم باريس العسكري العاصمة الفرنسية مدينة مفتوحة وذلك بعد محاصرتها من الشرق والغرب.

-   يلح الفرنسيون على مشاركة الطيران البريطاني إلى جانبهم، ولكن تشرشل يرفض الطلب خوفاً من الغارات الألمانية على بلاده.

11 يونيه 1940

-   يقترح القائد الأعلى للقوات الفرنسية الجنرال "ويغان" الانسحاب الشامل، لكن رئيس الحكومة بول رينو يعارض بشدة.

12 يونيه 1940

-   يلتقي رئيس الوزراء الفرنسي بول رينو بنظيره ونستون تشرشل، ويطلب رينو من الولايات المتحدة الأمريكية وضع ثقلها في المعركة، لإنقاذ فرنسا.

13 يونيه 1940

-      تغادر الحكومة الفرنسية مدينة تور إلى مدينة بوردو.

-   تخترق مجموعة الجيوش "ج" خط ماجينو، بعد قتال مرير مع قوات الحصون. (أُنظر خريطة معركة فرنسا يونيه 1940)

-   يتوجه الفيلقان الألمانيان 39، 41 شرقاً باتجاه هضبة لانغر، لقطع الطريق على القوات المنسحبة من خط ماجينو.

14 يونيه 1940

-      يقتنع رئيس الحكومة الفرنسية بضرورة عقد سلام مع الألمان.

-  يعد روزفلت بإرسال كمية أكبر من السلاح إلى فرنسا وبريطانيا، دون التورط في الحرب.

15 يونيه 1940

-   يتصل الجنرال شارل ديجول الموجود في لندن برئيس الوزراء الفرنسي بول رينو، ويعلنه نص إعلان الوحدة الفرنسية البريطانية، أبدى رينو موافقته على الاقتراح بينما لم يوافق مجلس الوزراء، فيُشكل المرشال بيتان الحكومة الجديدة.

-     تقدم الحكومة الفرنسية في منتصف الليل، رسمياً طلب الهدنة بواسطة السفارة الأسبانية.

16 يونيه 1940

-   تتوغل القوات الألمانية داخل الأراضي الفرنسية، وتصل إلى الخط العام بونتارلييه ـ ديجون ـ كان. (أُنظر خريطة معركة فرنسا يونيه 1940)

-     يُعلن تشرشل بأن معركة بريطانيا قادمة لا محالة بعد انتهاء معركة فرنسا.

17 يونيه 1940

-     يحكم الألمان السيطرة على مدن كاين، شيريورغ، رين، بربار، مان، نيفير، وكولمار.

-  يوجه الجنرال ديجول ندائه الشهير "نداء 18 يونيه" (أنظر ملحق نداء 18 يونيه الذي وجهه الجنرال شارل ديجول إلى الأمة الفرنسية (إعلان جدراني)) عبر الإذاعة البريطانية والموجه إلى الأمة الفرنسية، حيث قال: "بقناعة تامة، إن الحرب لم تنته مطلقاً، فهي حرب عالمية، ومعركة فرنسا لم تكن سوى فصل صغير فيها، وإنني أدعو الفرنسيين الموجودين في بريطانيا للاتصال بي والعمل على متابعة المعركة".

18 يونيه 1940

-   يدافع ضباط مدرسة الفروسية في سومور ببسالة عن مدينتهم، قبل أن تسقط في قبضة الألمان، ومعها مدينتا بريست، ونانت.

-     يعلمُ الألمان الحكومة الفرنسية باستعدادهم لاستقبال مندوبين مطلقي الصلاحية للتفاوض.

19 يونيه 1940

-   بدء الهجوم الإيطالي على الحدود الفرنسية، وترسل ألمانيا بعض الوحدات المدرعة باتجاه سلسلة جبال الألب الغربية لمساندة هذا الهجوم.

-     يطلب الفرنسيون توقيع الهدنة مع إيطاليا.

20 يونيه 1940

-   يستقبل هتلر الوفد الفرنسي المفوض بالتفاوض لتوقيع الهدنة، ثم يقوم رئيس الأركان العامة بتسليم الشروط الألمانية لرئيس الوفد، الذي سُمِح له بإجراء مكالمة هاتفية مع القائد الأعلى للقوات المسلحة الفرنسية، لإطلاعه على الشروط المجحفة للهدنة.

-     تدخل عناصر من الجيش الإيطالي الأول مدينة مونتون الفرنسية وتحتلها.

21 يونيه 1940

-   يوقع الطرفان اتفاقية الهدنة؛ عن الجانب الفرنسي رئيس وفدها الجنرال هونتزيجر، وعن الجانب الألماني رئيس أركانها، الجنرال كيتل.

22 يونيه 1940

-      يغادر الوفد الفرنسي المُكلف بتوقيع الهدنة مع إيطاليا فرنسا متوجهاً إلى روما.

23 يونيه 1940

-      توقيع الهدنة الإيطالية ـ الفرنسية في فيلا أولغياتا بالقرب من روما.

24 يونيه 1940

-     توقفت العمليات العسكرية الرئيسية في منتصف ليل 25 يونيه.

-   رفضت قوات خط ماجينو الاستسلام والخضوع للإنذارات الألمانية، إلا في بداية يوليه، وبحثوا مذكرات اعتراض يذكرون فيها أن دفاعاتهم متماسكة، وأنهم يستسلموا انكساراً أمام تفوق العدو، بل لإنذار وجهته الحكومة الفرنسية.

25 يونيه 1940

ثانياً: تداعيات هزيمة فرنسا

1. توقيع هدنة بشروط قاسية بدلاً من فرض الاستسلام الكامل

أ. بعد أن نجح الألمان احتلالهم هولندا وبلجيكا، وطرد البريطانيين باتجاه البحر، وفي تدمير الجيش الفرنسي تدميراً كاملاً والوصول إلى جبال البيرينيه Pyrenees في عشرين يوماً فقط، ما جعل هتلر يقفز فرحاً (أنظر صورة هتلر يقفز فرحا) عندما أُبلغ بقرار القيادة الفرنسية بإلقاء السلاح، ومن الغريب أن هتلر لم يمنح النرويج ولا هولندا ولا بلجيكا فرصة الهدنة، بل كان دائماً يفرض الاستسلام بلا قيد ولا شرط، وكان من الطبيعي أن يضمر المصير نفسه لعدوته اللدود فرنسا، لكن الأمور تبدلت مع فرنسا، فكان لا بد أولاً، وقبل كل شئ، العمل على عدم لجوء فرنسا تماماً إلى بريطانيا، لأن ذلك سيقوي موقف بريطانيا، سواء من الاستفادة بالأسطول الفرنسي الذي ما زال متماسكاً، أو تقديم دعم نفسي وسياسي وعسكري لبريطانيا في أفريقيا الشمالية، واستنتج هتلر الوقائع التالية:

(1) بقاء فرنسا دولة ذات سيادة يعني عدم انتقال المستعمرات الفرنسية إلى السلطة البريطانية.

(2) تجنب عدم احتلال كامل الأراضي الفرنسية، وإعطائها أرضاً معينة تستطيع من خلالها توفير مقومات دولة لها سيادتها.

(3) تحجيم الجيش الفرنسي بتحديد نوعية التسليح، والحجم الضروري لحفظ الأمن فقط، مع تجميعه في المنطقة الحرة.

(4) الضغط على سلاح البحرية الفرنسي، أو محاولة السيطرة عليه، سوف تضطره إلى الانسحاب إلى المستعمرات الفرنسية، أو اللجوء لبريطانيا.

(5) مطالبة ألمانيا بالسيطرة على المستعمرات الفرنسية سوف يدفع بريطانيا إلى وضع اليد عليها، لذلك يُفضل ترك أمر مصيرها إلى مفاوضات السلام المرتقبة.

ب. مراحل توقيع الهدنة

  عم الاضطراب الفرنسيين، وسادت الفوضى، وهاهي أمة عظيمة غزت العالم بحضارتها قد فقدت استقلالها، وأصبحت في خطر من أن تفقد روحها،  وهي في قبضة هتلر الخانقة. لقد حدث كل هذا في أربعة أسابيع، من 15 مايو حين أحدثت المدرعات الألمانية ثغرة في منطقة الميز، مندفعة إلى فرنسا.

  وحتى دخولها باريس في 14 يونيه، ومنذ ذلك اليوم أصبحت الهزيمة أمراً مقضياً، فسقطت وزارة رينو في 16 يونيه، وخلفه في رئاسة الحكومة الفرنسية المارشال بيتان، الذي طلب من الألمان وقف القتال، تمهيداً لعقد هدنة. فأجاب الألمان بيتان إلى طلبه، ووقعت الهدنة طبقاً للتسلسل الآتي:

(1) الجانب الفرنسي

(أ) كان الاضطراب يخيم على الجانب الفرنسي، بسبب تأخر وصول الجواب الألماني، فهتلر لم يمنح الهدنة لدولة من قبل، ولكنه يفرض الإستسلام.وأخيراً في 19 يونيه الساعة 6.30 صباحاً، أعلنت الحكومة الألمانية أنها تطلب إيفاد المبعوثين المفوضين بتوقيع الهدنة.

(ب) تألفت البعثة برئاسة الجنرال هونتزيغر، الذي استُدعي من مجموعة جيوشه، وعضوية السفير ليون نوويل، والوزير المفوض روشا، والأميرال لولوك، والجنرالين باريزو وبرجوري.

(ج) أُعطيت تعلميات صارمة للبعثة عن طريق وزير الحربية، نصت على قطع المفاوضات فوراً إذا طلب الألمان تسليم الأسطول الفرنسي للبحرية الألمانية.

(د) تحركت البعثة في 20 يونيه الساعة 14، وكان الذعر وهبوط الروح المعنوية قد بلغا حالة تفوق الوصف.

(2) الجانب الألماني

(أ) ما إن علم هتلر بطلب الهدنة، حتى دعا "موسوليني" إليه، للبحث في موقف مشترك، وحدثت المقابلة في ميويخ.

(ب) جاء رئيس الوزراء الإيطالي، وهو يمني نفسه بمكاسب خيالية، مع إن قواته لم تباشر أعمال القتال إلا منذ أيام محدودة، كان يريد احتلال فرنسا حتى نهر الرون، وتسليم الأسطول الفرنسي؛ لكن هتلر خيب آماله، وأوضح بأن مطالبه تشدد عزم الحكومة الفرنسية، فانصرف موسوليني غاضباً.

(ج) استقبل هتلر الوفد الفرنسي المفاوض في 21 يونيه الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، في القاطرة نفسها، التي وُقِع فيها استسلام ألمانيا، في 11 نوفمبر 1918، وذلك حسب تعليمات هتلر الشخصية، بهدف طعن الكبرياء الفرنسي في صميمه، وفي حضور وسائل الإعلام العالمية. (أُنظر صورة القاطرة التي وُقع فيها الاستسلام)

(د) قام الجنرال كيتل رئيس الأركان العامة بقراءة نصاً يتهم فيه فرنسا بالاعتداء على ألمانيا، (أُنظر صورة الكولونيل جنرال كيتل)، ثم سلم رئيس الوفد الشروط الألمانية لتوقيع الهدنة، معلناً إياه أن المناقشة ممنوعة، والمسموح به فقط، هو طلب الشروح والإيضاحات.

(هـ) سُمح لرئيس الوفد الفرنسي هونتزيجر في الساعة الثامنة والنصف مساءً بإجراء اتصال هاتفي مع الجنرال ويغان، القائد الأعلى للقوات المسلحة الفرنسية؛ لإطلاعه على شروط الهدنة التي وضعها الألمان.

(و) ثمّ وقع كل من الجنرال هونتزيجر رئيس الوفد الفرنسي، والجنرال كيتل رئيس الأركان العامة الألمانية، على اتفاقية الهدنة القاسية، في الساعة السادسة والنصف من مساءً 22 يونيه.

ج. ملخص شروط اتفاقية الهدنة

(1) إخضاع ثلاثة أرباع الأراضي الفرنسية للاحتلال الألماني، وهي الأراضي الفرنسية الواقعة شمال وغرب الخط الممتد من مدينة "جنيف" إلى مدينة "تور"، ومن تور جنوباً إلى حدود أسبانيا.

(2) تخضع جميع المواني الفرنسية الواقعة على بحر الشمال وعلى المحيط الأطلسي للسيادة الألمانية.

(3) خفض عدد الجيش الفرنسي إلى 100 ألف رجل فقط لحفظ الأمن، مع تحديد نوعية الأسلحة الخفيفة دون أسلحة ثقيلة.

(4) تتحمل فرنسا جميع نفقات الاحتلال الألماني، عدا إنزال أوراق نقدية لها صفة شرعية كالفرنك الفرنسي، ووضع اليد على الحسابات المصرفية الأجنبية، وتجميد حسابات التوفير الفرنسية.

(5) أن يُبحر الأسطول الفرنسي إلى ثغور فرنسية معينة، وتجريده من السلاح، وأعلنت ألمانيا أنها لا تنوي استخدامه ضد بريطانيا.

(6) تعهد فرنسا أن تطلق جميع الأسرى الألمان، الذين كانو قد وقعوا في قبضة الجيش الفرنسي، على أن تستبقي ألمانيا في يدها جميع أسرى الحرب الفرنسيين.

2. عملية كاتابولت[5]

أ. نجح سلاح البحرية الفرنسية في المحافظة على أسلحته ومعداته من أن يدمرها الألمان، أو يستولوا عليها؛ وذلك بسحبها من المرافئ الفرنسية قبل وصول القوات الألمانية إليها، وتوزيعها على الأماكن التالية:

(1) في دكار والدار البيضاء، البارجتان ريشيلو وجان بارت، وهما من أحدث القطع البحرية في العالم وأقواها.

(2) في الجزائر: الطرادان دنكرك وستراسبورج، والبارجتان بروفانس وبروتانيا، وحاملة الطائرات كومندان ـ تست، وستة طرادات خفيفة، وسبعة طرادات ثقيلة.

(3) في الإسكندرية: بارجة، وأربعة طرادات.

(4) في بريطانيا: بارجتان، وأربعة طرادات خفيفة، وغواصة.

ب. أمسى الأسطول الفرنسي، الذي أُبعد بقدر الإمكان عن المياه الإقليمية الفرنسية، شُغل إنجلترا الشاغل، فماذا سيكون مصير بريطانيا التي بقيت وحدها في المعركة، لو نجح الألمان في السيطرة على الأسطول الفرنسي العظيم، وقد بقي هذا الكابوس ملازماً رئيس الوزراء ونستون تشرشل، طوال الأيام التي تلت سقوط فرنسا.

ج. قررت حكومة الحرب البريطانية في 27 يونيه 1940، التحرك على وجه السرعة والمفاجأة للقضاء على فاعلية الأسطول البحري الفرنسي، واللجوء للقوة إذا فشل عنصر المفاجأة، وأُطلق على هذه العملية اسم كاتابولت. وفي جبل طارق تشكلت قوة بحرية بريطانية عُرفت بالقوة  H لتنفيذ هذه العملية على النحو التالي:

(1) فوجئ البحارة الفرنسيون في المرافئ البريطانية فجر الثالث من يونيه بهجوم غادر من القوة H، فاستسلموا لعدوهم الجديد دون مقاومة.

(2) يختلف الأمر في المرفأ الجزائري، وهو مرسى كبير، ففي صباح اليوم نفسه سلم قبطان الباخرة هولاند إلى الأميرال الفرنسي نص الإنذار الذي صاغه تشرشل (أُنظر صورة تسليم الإنذار للأسطول الفرنسي)، وجاء فيه: "إن حكومة صاحبة الجلالة، خوفاً من وقوع السفن الفرنسية في أيدي الألمان أو الإيطاليين، تعرض على الحكومة الفرنسية احتمالات عدة للاتفاق على الحل المناسب:

(أ) انضمام الأسطول الفرنسي إلى الأسطول البريطاني للقتال جنباً إلى جنب حتى تحقيق النصر ضد قوات المحور.

(ب) أن تتوجه قطع الأسطول الفرنسي إلى المرافئ البريطانية بأطقم مخفضة.

(ج) نقل الأسطول إلى مرفأ فرنسي يقترح في جزر الأنتيل، أو في المارتينيك بعد تجريده من السلاح.

(د) تسليم الأسطول الفرنسي للولايات المتحدة الأمريكية حتى نهاية الحرب.

وينتهي نص الإنذار إلى القول "أنه في حالة رفض مقترحاتنا الصادقة، فإننا نطلب منكم إغراق سفنكم خلال الست ساعات المقبلة، وفي حالة عدم تنفيذ هذا الطلب، فإن حكومة صاحبة الجلالة سوف تضطر إلى استعمال القوة اللازمة للحيلولة دون وقوع الأسطول بأيدي قوات المحور".

عندما تلقى الأميرال الفرنسي إنذار البريطانيين كانت القوة البحرية  H قد حاصرت المرفأ الجزائري، وعرض الأميرال الفرنسي على القيادة البريطانية في نهاية فترة الإنذار نزع سلاح الأسطول الفرنسي، وإبحاره باتجاه المارتينيك، أو الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في حال تعرضه لأي تهديد ألماني أو إيطالي.

لكن الاقتراح الفرنسي وصل متأخراً، وكانت القوة البريطانية قد أُمرت بفتح النيران على الأسطول الفرنسي، فأُصيبت البارجتان بروفنس، وبريتانيا، وطراد، وسفينة نسافة، بينما نجحت باقي قطع الأسطول الفرنسي من فك الحصار والوصول إلى تولز، وانتهت هذه المعركة بمقتل 300 جندي فرنسي.

(3) لم يقبل الفرنسيون بإغراق سفينة، في مرفأ الإسكندرية، لكنهم تعهدوا بالامتناع عن القيام بأعمال عدوانية ضد البريطانيين، وعدم مغادرة المرفأ، مقابل امتناع البريطانيين عن السيطرة على قطع الأسطول الفرنسي.

(4) هاجم البريطانيون من البحر والجو البارجتين ريشيليو وجان بارت في مرفأي داكار والدار البيضاء، وعطلوها لأشهر عدة.

د. انتهت عملية كاتابولت بقصف الأسطول الفرنسي في 8 يوليه 1940، ولكنها لقيت استهجاناً من قيادة أركان سلاح البحرية البريطاني، وكتب تشرشل لاحقاً عن هذه العملية المحزنة: "كان القرار أليماً بالنسبة إلى بل، كان القرار الأصعب الذي أُجبرت على اتخاذه".

3. خسائر الحرب

كانت خسائر جيوش الحلفاء فادحة، خاصة أن الحملة استغرقت 45 يوماً، تكبد فيها الفرنسيون 120 ألف قتيل، وهو رقم كبير جداً، وتكبد الهولنديون 2890 قتيلاً، والبلجيكيون 7 آلاف قتيلٍ، والبريطانيون 3500 قتيلٍ.

وعلى الجانب الآخر كانت خسائر المعسكر الألماني خفيفة للغاية 27074 قتيلاً، و111034 جريحاً، و18384 مفقوداً.

4. تقسيم فرنسا

كان إنشاء خط فاصل يقسم الأراضي الفرنسية إلى قسمين، هو أغرب ما ورد في اتفاقية الهدنة في 22 يونيه 1940، بين فرنسا وألمانيا.

والخط المذكور يفصل بين منطقة احتلال ألمانية، ومنطقة جنوبية عُرفت بالمنطقة الحرة، ويتجه من جنيف إلى تور، ثم ينحدر عبر أنغوليم ومون دي مارسان باتجاه الحدود الأسبانية (أُنظر ملحق تقسيم فرنسا).

تتمتع الحكومة الفرنسية بحق السيادة على كافة الأراضي الفرنسية بمعاونة أجهزة الشرطة الفرنسية، مقابل أن تتعهد بوضع أجهزتها تحت تصرف السلطات المحتلة في المنطقة الشمالية، بينما تحتفظ الحكومة الألمانية في المنطقة الجنوبية بحق استعمال جيش محدود، مُجهز بأسلحة خفيفة، عُرف باسم جيش الهدنة، وهذه الترتيبات وضعت لتكون مؤقتة، على أمل انهزام بريطانيا سريعاً، ولكن مع تأخر حسم الحرب تحول هذا التقسيم إلى وسيلة ضغط على الحكومة الفرنسية، فلم تفتح بوابات العبور إلا لعدد قليل جداً من الأفراد. وكذلك حظر البريد وتبادل البضائع من الشمال إلى الجنوب، ولكن هذا الخط الفاصل لم يمنع السلطات الألمانية من استغلال المصانع الفرنسية في المنطقة المحتلة.

ثالثاً: أسباب هزيمة فرنسا

لقد واجهت فرنسا الألمان وسارعت إلى تعبئة الجيش، رغم أن الوضع الداخلي والخارجي لم يكن مواتياً لذلك؛ ولكنها حاولت أن تقنع نفسها باستطاعة خط ماجينو على الحدود الفرنسية ـ الألمانية باستطاعته أن يحُول دون الغزو الألماني، وعلى الرغم من أن هذا الخط يعد ذروة في التطور العلمي؛ إلا أن نُقطة الضعف فيه أنه لم يمتد على الحدود البلجيكية ـ الفرنسية، كما ذكر من قبل.

وهناك، في حقيقة الأمر، أسباب داخلية وخارجية وعسكرية أدت بفرنسا إلى الهزيمة، وهي على النحو التالي:

1. الأسباب الداخلية

أ. عدم التفاف الشعب الفرنسي حول الحكومة، وتلبية النداء للدفاع عن فرنسا، بالروح التي ملأت جوانحهم عام 1914، خلال الحرب العظمى.

ب. سياسة التهدئة التي انتهجها ساسة فرنسا، جعلت جانباً كبيراً من الفرنسيين مستعدين أن يتحملوا الإهانة، إذا كانت تجنبهم الأهوال والقتل والتدمير التي تجرها الحرب.

ج. عدم وجود زعامات سياسية فرنسية رشيدة، يمكنها إدارة شؤون الحكم والسياسة، أمام خصم قوي مثل هتلر، وكانت حكومة دالادييه ضعيفة مفككة، سقطت في مارس 1940، وخلفه في رئاسة الحكومة بول رينو الذي سقطت حكومته في يونيه 1940 كذلك، وتلتها حكومة المارشال بيتان العجوز.

د. اتبعت فرنسا سياسة التخاذل حيال المشكلات المطروحة، سياسة "انتظر حتى نرى"، فعندما دخل الألمان أرض الرين في مارس 1936، لم تفعل فرنسا شيئاً، واكتفت باحتلال دفاعاتها على خط ماجينو، ما دعا الألمان إلى البدء بتحقيق تطلعاتهم بعد ذلك.

هـ. لعب الحزب الشيوعي الفرنسي دوراً بارزاً في تثبيط الروح المعنوية في فرنسا، وراح يدعو سراً ضد فكرة الحرب، لا لشئ، ولكن لأن الاتحاد السوفيتي كان على وفاق مع ألمانيا.

و. الفوضى السياسية، وخراب الذمم، والفساد الاجتماعي قد استشرى داخل الجهاز الحكومي والهيئات العامة في الدولة.

2. الأسباب الخارجية

أ. استيلاء ألمانيا على المواد الخام، خاصة الحديد والفحم من الدانمرك والنرويج بعد سقوطهما في أبريل 1940، بيد القوات الألمانية، واستغلال هذه المواد في الصناعات الحربية.

ب. سحق قوات ألمانيا المصفحة مقاومة الجيش البولندي في زمن قياسي، ما أعطى فرصة ثمينة للجيش الألماني بتجربة أسلحته الجديدة، وأساليب قتاله، وكذا رفع الروح المعنوية لجنوده.

ج. ساد الجبهة الغربية بين ألمانيا وفرنسا، هدوء شامل لمدة سبعة أشهر من بدء الحرب، وغلب خلالها على الجند الفرنسيين السأم الشديد، وانتشر بينهم السخط والتبرم، وانحط حماسهم الوطني.

د. ضعف دول أوروبا الغربية، التي تُعد خط الدفاع الأول في وجه الغزو الألماني، وسيطرة ألمانيا على لوكسمبورج في 10 مايو 1940، وعلى هولندا في 15 مايو، وعلى بلجيكا في 28 مايو، بعد أن تعذر عليهم مواجهة الجيش الألماني، فلم تجد القوات الفرنسية ـ البريطانية الوقت اللازم للاستعداد، واتخاذ الأوضاع الدفاعية المناسبة.

هـ. استمرار الانتصارات الألمانية في إميان وأبفيل، سهل مهمة القوات الألمانية في السيطرة على المرافئ الفرنسية على بحر الشمال.

و. رأت بريطانيا أن مصلحتها عدم تقديم العون لفرنسا، والاحتفاظ بطائراتها، وعدم تقديم إسهام حربي ذي شأن، والاحتفاظ بقواتها للدفاع عن أرض بريطانيا، التي ستقرر مصير الحرب في النهاية.

ز. تأهب إيطاليا لدخول الحرب إلى جانب ألمانيا، دعا القيادة الفرنسية إلى تخصيص جزء من قواتها لمجابهة هذا التدخل الإيطالي، الذي حدث بالفعل في 10 يونيه 1940.

3. الأسباب العسكرية

أ. لم تكن لقوات الحلفاء قيادة عسكرية موحدة، فعلى الرغم من أن قائداً عاماً هو الجنرال الفرنسي "غاملان"، إلا أن التناحر بين القادة حال دون إجراء تنسيق بين القوات ووضع خطة واحدة. (أُنظر ملحق برقية تشرشل "التي تشير إلى عدم التنسيق بين قوات الحلفاء")

ب. خط ماجينو لم يكن يمتد بطول الحدود الفرنسية، وكان يتوقف عند الحدود البلجيكية، وقد كانت النية امتداده نحو الشمال، ولكن الحكومة البلجيكية رأت أن هذا عملاً غير ودي، فاكتفى رجال الهندسة العسكرية الفرنسية بتحصين تلك الحدود بوضع حزام من الأسلاك الشائكة، والأعمدة العائقة لسير الدبابات، والحفر، فكان أن وجه هتلر ضربته لفرنسا من هذا الاتجاه.

ج. رفضت القيادة الفرنسية أن تعير التعاليم والدروس المستفادة من حملة بولندا أي اهتمام، ما ثبط هم الضباط الذين قاموا بدراستها، وكان الأولى أن تتخذ منها دليلاً لمعرفة أسلحة العدو وأساليب قتاله، وما هي أفضل الأساليب لمجابهته.

د. لم تحول ألمانيا وجهتها شطر الغرب، إلا بعد سبعة أشهر من انتهاء هجومها الكاسح على بولندا؛ وكان على الجيش الفرنسي استغلال هذه الشهور ليضاعف قوته ومناعته، واستكمال التجهيز الهندسي لدفاعاته؛ لكنه لم يفعل.

هـ. هبطت طائرة اتصال ألمانية في الأراضي البلجيكية في 10 يناير 1940، وكان في حوزتها وثائق سرية للغاية تتضمن خطة هجوم المحور على فرنسا من خلال بلجيكا، ولم تؤخذ هذه الوثائق مأخذ الجد، ولم تُتخّذ الإجراءات المضادة على النحو الذي يحول دون وقوع الهزيمة، أو على أقل تقدير عدم دفع الجزء الأكبر من القوات الفرنسية لأقصى الشمال، وترك منتصف الجبهة، ما يسهل لقوات المحور الاختراق السريع.

و. لقد كانت الهزيمة نتيجة حتمية لجيشي يسير على أساليب قديمة، في حال التحامه مع جيش يسير على أساليب ميكانيكية حديثة، فالجيش الفرنسي قد نُظم على أساس أن يحارب في ميدان ثابت (يقصد به خط ماجينو). فإذا ضاع منه الميدان ضاع منه النصر.

 



[1] الجبهة الشرقية: الحدود المشتركة بين ألمانيا وفرنسا.

[2] تولى بول رينو رئاسة الوزراء الفرنسية خلفاً لإدوار دالادييه في 19 مارس 1940 أثناء الحرب.

[3] الجنرال رومل، الذي عُرف بثعلب الصحراء في عمليات شمال أفريقيا بعد ذلك.

[4] دينامو: الاسم الرمزي لعملية إخلاء قوات الحملة البريطانية من الأراضي الفرنسية إلى بريطانيا عبر ميناء دنكرك البلجيكي.

[5] عملية كاتابولت: الاسم الرمزي لعملية القضاء على فاعلية الأسطول الفرنسي بواسطة القوات البريطانية باستخدام المفاجأة ثم القوة، وذلك خوفاً من سيطرة الألمان عليه.