المقدمة

تعتبر معارك غزة من معارك الحرب العالمية الأولى التي دارت رحاها بين قوات الحلفاء وقوات المحور، وكانت الدولة العثمانية ضمن قوات المحور، ونتيجة انضمامها إلى ألمانيا فقد أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب عليها، وقد أحدث ذلك نوعاً من الاضطراب والخلل في وضع مصر. حيث كانت مصر تَتْبع السلطان العثماني من وجهة نظر القانون الدولي، وفي نفس الوقت تقع تحت السيطرة البريطانية، لوجود جيش الاحتلال البريطاني منذ عام 1882م.

وكانت لمصر وضعية خاصة ومهمة أثناء الحرب العالمية الأولى نظراً لموقعها الاستراتيجي الذي أضافت عليه قناة السويس أهمية أكبر كشريان ملاحي مهم يربط بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط أي يربط بين أوروبا ومستعمراتها في شرق أفريقيا وفي آسيا، كما أن مصر على اتصال بري ببلاد الشام عن طريق شبه جزيرة سيناء، ومن ثم يكون تقدم قوات بريطانيا عن طريق شبه جزيرة سيناء، هو أفضل وأنسب الاتجاهات لحماية قناة السويس من ناحية، ومن ناحية أخرى للتقدم نحو بلاد الشام (فلسطين وسورية ولبنان) التي تقع ضمن ممتلكات الدولة العثمانية، كما يشكل هذا التقدم ضغطاً على القوات الموجودة في الأناضول (تركيا) إذا ما تعاون معه هجوم أوروبي من بلاد اليونان.

والشيء نفسه من وجهة نظر الدولة العثمانية، فإن تقدم قواتها الموجودة في بلاد الشام نحو قناة السويس عن طريق شبه جزيرة سيناء، هو عامل ضغط وتهديد على المصالح الحيوية البريطانية لأنه يقطع المواصلات البحرية لبريطانيا مع مستعمراتها في الهند، كما أنه يُشغل جزءاً كبيراً من القوات البريطانية بما يؤثر على وفاء بريطانيا بتعهداتها في الجبهة الغربية ـ أوروبا ـ ومن ناحية أخرى فإن استيلاء الأتراك على القناة وتهديدهم للقوات البريطانية في مصر يعيد إليهم سيطرتهم على مصر التي كانت آنذاك ولاية عثمانية، أقصاهم الإنجليز عنها فور إعلان الحرب في 5 نوفمبر 1914، وإعلان الحماية على مصر في 18 ديسمبر 1914 وإنهاء الحكم التركي فيها.