إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / معارك غزة بين الإنجليز والأتراك (مارس ـ أكتوبر 1917)





بيان القوات البريطانية
معركة غزة الأولى
معركة غزة الثانية

مسرح العمليات شمالي سيناء
خط الدفاع البريطاني
طبوغرافية فلسطين



الجيش الثامن البريطاني

أولاً: خلفية تاريخية

    على اثر اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914 أصبحت سيناء مسرحاً للمعارك الرامية إلى الدفاع عن مصر. فقد أعلنت الحكومة التركية الحرب على بريطانيا ودخلت جيوشها شبه جزيرة سيناء وصولاً إلى قناة السويس، التي تشكل حاجزاً طبيعياً أمام اجتياز الجيش التركي في تقدمه إلى مصر.

    وقد حدث فعلاً أن حاولت قوات تركية في 14 يناير 1915 بالتحرك من بئر سبع واجتازت شبه جزيرة سيناء سراً بقوة تقدر بـ 000 22 رجل، وقد قامت مقدمة هذه القوات بعبور القناة في 2 فبراير مستخدمة معدات عبور ألمانية، ولكن هذه القوة المهاجمة تم صدها، ورغم فشل هذه الحملة التركية فقد أثبتت هذه العملية ضرورة وجود دفاعات بريطانية شرق قناة السويس بمسافة تمنع أي قوات تركية في شبه جزيرة سيناء من استخدام المدفعية لتعطيل الملاحة في القناة.

    ومن ثم تولدت لدى بريطانيا فكرة الدفاع الإيجـابي عن قناة السويس وذلك بطرد القوات التركية من شبه جزيرة سيناء واتخاذ خط دفاعي بريطاني فيها، ولهذا قامت بريطانيا بإنشاء خط سكة حديد، وشبكة طرق، وخط أنابيب للمياه حيث كانت تحركات القوات البريطانية في شبه جزيرة سيناء وتقدمها مرهـون بهذا الإنجاز الإداري.

    وقد وصلت القوات البريطانية إلى العريش في 21 ديسمبر 1916، وكانت خالية من أي قوات تركية، وفي 9 يناير 1917 احتلت رفح، وبذلك لم يعد يتواجد بشبه جزيرة سيناء أي قـوات تركية، وكانت القوات البريطانية في شبه جزيرة سيناء وعلى قناة السويس تسمى بالقوة الشرقية، وكلها تحت قيادة الجنرال السير "تشارلز دوبل" "General, Sir Charles Dobell" وكان موقع البريطانيين في العريش يمكنهم من التقدم تجاه بئر السبع عن طريق العوجة، أو عن طريق رفح إلى غزة، حيث كانت القوة الرئيسية للأتراك متجمعة حول منطقة حج نجيل وبعض فصائل موزعة في غزة، وهريرة، وشريعة، وبئر السبع، وفي وادي العريش عند العوجة، والقسيمة، بغرض ستر قاعدة بئر السبع، وكان القرار البريطاني هو استمرار التقدم على الطريق الساحلي والاستيلاء على رفح وغزة.

    بالاستيلاء على غزة، سيضطر الأتراك إلى إخلاء جنوب فلسطين، حيث سيصبح البريطانيون خلف القاعدة التركية في بئر السبع، وكان من متطلبات الخطة البريطانية لإنجاز ونجاح هذه العملية تحقيق المفاجأة مع السرعة وخفة الحركة، ولكن العملية كانت تتطلب ضرورة إنشاء المستودعات الأمامية للتموين وملؤها، وتنظيم قوافل النقل والإمداد، لذلك قررت بريطانيا أن تبدأ العملية فور الانتهاء من هذا الإعداد الإداري، حتى يمكن الاستفادة من التفوق العددي البريطاني في القوات والأسلحة والمعدات.

    وكان الجنرال "موري" قائد القوات البريطانية في مصر يأمل في أن يوجه هجومه الثاني على المواقع التي احتلها الأتراك بالقرب من الحدود التركية المصرية (حدود فلسطين مع مصر) وهي عبارة عن خـط مستقيم يمر عبر الصحراء، وكانت التقارير في ذلك الوقت تفيد بأن الأتراك يتجمعون قرب الشلال ـ نقطة تبعد عن رفح بمسافة 24 كم ـ وأنه جاري إرسال خمسة آلاف منهم إلى منطقة غزة.

    وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى أعلنت بريطانيا انتدابها على فلسطين وأصبح نفوذها يمتد في مصر، بما فيها سيناء، وفلسطين. وقد رأت بريطانيا، الأهمية الإستراتيجية لسيناء. فعملت على تعزيز خط السكك الحديدية الذي أصبح يصل منطقة السويس بفلسطين. وقد تمتع هذا الخط بأهمية إستراتيجية لأنه الخط الوحيد الذي يخترق الصحراء، لذا ضمت بريطانيا ملكية هذا الخط إلى سلطة حكومة فلسطين، بالرغم من مروره في الأراضي المصرية، وفرضت على المصريين الراغبين في السفر إلى "العريش" أن يقدموا إلى السلطات الفلسطينية جوازات سفرهم عند حدود "الدلتا" في القنطرة وليس عند حدود فلسطين.

1. الغرض من دخول تركيا الحرب

أ. قفل مضيق الدردنيل لفصل روسيا عن حليفاتها.

ب. إرغام روسيا على الاحتفاظ بقوات كبيرة في القوقاز ليزول الضغط على روسيا الشرقية.

ج. إرغام إنجلترا على الاهتمام بحماية قناة السويس ومصر وآبار البترول بجنوب فارس فيخفف الضغط في الميدان الغربي.

د. تحريك الشعوب الإسلامية التي تحكمهم إنجلترا باستغلال النزعة الدينية باعتبار أن تركيا دولة إسلامية.

هـ. كانت تأمل تركيا توسيع ممتلكاتها بضم بعض ولايات القوقاز التابعة لروسيا وربما "أذربيجان"، وكانت نتيجة لدخول تركيا الحرب، أن اضطرت إنجلترا للاحتفاظ بقوات تفوق القوات التركية عدداً في ميادين الحرب، وبذلك أفادت ألمانيا فائدة عظيمة كحليفة لها.

2. العوامل التي دعت بريطانيا إلى اتخاذ سياسة هجومية

كانت هناك ثلاث عوامل رئيسية دعت بريطانيا إلى إتباع سياسة هجومية كالآتي:.

العامل الأول: هو أن الدفاع عن قناة السويس بالتقدم لحدود فلسطين يقلل من الإسراف في وضع قوات على طول امتدادها.

العامل الثاني: إن الحوادث التي وقعت في الميدان الغربي كان لها تأثير على الموقف الاستراتيجي، في ميدان فلسطين واستوجبت إتباع سياسة هجومية.

العامل الثالث: بعض الاعتبارات السياسية، ومن المستغرب أن بريطانيا، هي أقوى دولة بحرية في العالم، ترسل قواتها من مصر إلى حلب براً وليس بالبحر، وكان ذلك للأسباب التالية:

أ. قلة الموانئ وعدم وجود التأمين الكافي في إنزال القوات لشواطئ فلسطين وسورية.

ب. ضخامة بعض مهمات الجيش الحديث، كالمدافع الثقيلة واللوريات التي تحد من عملية إنزال الجنود للبر.

ج. كانت الغواصات الألمانية خطراً حقيقياً في البحر الأبيض المتوسط في ذلك الوقت.

د. فشل الإنجليز في اختراق مضيق الدردنيل عنوة لم يشجع بريطانيا على القيام بعمليات إنزال الجنود.

هـ. لم تصبح حلب هدفها، إلا في المراحل الأخيرة من الحرب حيث أن الغرض الأساسي كان الدفاع عن قناة السويس بالسيطرة على صحراء سيناء.

ومع ذلك فقد قامت البحرية البريطانية بمساعدات قيمة في حملات فلسطين كالآتي:

أ. قام الأسطول بمساعدات نيرانية في المعارك التي حدثت قرب الشاطئ وفي حدود مرمى مدافعه.

ب. الإمداد بالتعيينات للقوات البرية أثناء مراحل التقدم إلى فلسطين.

ج. اضطرت تركيا للاحتفاظ بعدد كبير من وحداتها ومدافعها البعيدة المدى للدفاع عن شواطئها وكان ذلك استنزاف لقواتها.

د. أرغمت تركيا على مد السكة الحديدية فوق أرض وعرة في فلسطين بعيداً عن البحر.

هـ. ساعدت البحرية في خداع الأتراك عن اتجاه الهجوم الإنجليزي في موقعة غزة الثالثة.