إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الملحق العسكري، وأنواع الملحقين الآخرين ومهامهم









المقدمة

المقدمة

الملحق العسكري: هو أحد صور التمثيل الدبلوماسي بين الدول الصديقة. والدبلوماسية Diplomacy في حد ذاتها تُعرّف بأنها فن التفاوض بين الدول لأجل حل المشكلات السياسية أو الاقتصادية، أو بقصد عقد الاتفاقيات أو المعاهدات أو التحالفات. والقنوات الشّرعية التي تُعالج عبرها تلك المشكلات، هي وزارة الخارجية في كل بلد، أو السفارات Embassies أو البعثات الدبلوماسية Diplomatic missions، التي تمثل حكوماتها في مختلف البلدان الأجنبية، وتضم السفارة، إضافة إلى السّفير أو القائم بالأعمال، عدداً من المستشارين أو السكرتيرين، وقد تضم أيضاً ملحقاً عسكرياً، وملحقاً ثقافياً، وملحقاً تجارياً... الخ. ويتمتع الدبلوماسيون جميعاً بالحصانة، التي تحددها الاتفاقيات الدولية.

والدبلوماسية، بمفهومها القديم، عريقة لدى العرب. فكان الخليفة أو الملك أو الأمير، يبعث السفراء إلى الدول الأجنبية المختلفة. أما الدبلوماسية، بمفهومها الحديث، المتعارف عليها حالياً، فلا ترقى إلى أبعد من القرن الثامن عشر الميلادي، وربما كانت مصر، هي أسبق الدول العربية جميعاً إنشاء العلاقات الدبلوماسية على المستوى الخارجي، حيث أنشأ محمد علي باشا والي مصر، عام 1826، " ديوان التجارة والأمور الإفرنكية" وقد كان مسؤولاً عن شؤون "بحر برّه"، وهى التسمية، التي كانت تطلق حينذاك على العالم الخارجي، خاصة الدول الأوروبية. وقد تحولت بعد ذلك إلى ديوان الخارجية، ثم نظارة الخارجية في عهد الخديوي إسماعيل والي مصر، حتى ألغتها السلطات البريطانية، عندما أعلنت الحماية على مصر عام 1914، ثم عادت مرة أخرى في شكل وزارة الخارجية، في 15 مارس 1922، عقب منح مصر الاستقلال، طبقاً لتصريح 28 فبراير 1922.

ويشمل التمثيل الدبلوماسي، العديد من العناصر، ويأتي على قمتها، التمثيل السياسي، الذي يترأسه السفير، وهو الممثل الشخصي لرئيس دولته، في الدولة المعتمد لديها، ويرأس جميع المكاتب الفنية في السّفارة. ثم يأتي بعد ذلك، من حيث الأهمية، المكتب العسكري، الذي يُطلق عليه في العادة، الملحقية العسكرية، ويترأسها الملحق العسكري، وهو يمثل وزير الدفاع/ وزير الحربية/ وزير الحرب لدولته في الدولة المعتمد لديها، ثم تأتي المكاتب الفنية الأخرى.

والملحق العسكري، يتبع السفارة تنظيماً، وله دوره وأقدميته في السفارة طبقاً للبروتوكول، ولكن تأديته لمهامه، تنفصل تماماً عن عمل السفارة، حيث يغلب عليها الشّق العسكري، وهذا لا يمنع من وجود تنسيق متكامل مع سفير الدولة، فيما يخص المهام المختلفة.

وقد ينشأ مكتب الملحق العسكري، في السفارة ذاتها، وقد يكون منفصلاً عنها، وفى كل الأحوال، فهو يتمتع بالحصانة الدبلوماسية. كذلك فإن للملحق العسكري - عادة - حقيبته الدبلوماسية الخاصة به، والتي ترسل إلى وزارة الدفاع في دولته مباشرة، دون المرور على أرشيف وزارة الخارجية.

والتمثيل العسكري في الدول الأجنبية، قديم - وإن لم يكن يحمل الصورة التي هو عليها الآن، وقد بدأته أوروبا في عصر النهضة، بصفته وسيلة للتعاون في المجال العسكري، ووسيلة أيضاً للحصول على المعلومات، وكانت الصورة السائدة، تتجسد في "القنصل" الذي تكون مهمته العلنية، هي تشجيع التجارة، وحماية حقوق مواطني دولته، ولكن المهمة غير المعلنة، هي تجميع معلومات عن تلك الدولة، عن طريق تجنيد العملاء، وشراء المعلومات، وتمهيد الأجواء السياسية، والعسكرية، عندما تنوي الدولة الأوروبية غزو تلك الدولة واحتلالها.

أما التمثيل العسكري في صورته الحديثة، فقد بدأ مع نهاية الحرب العالمية الثانية، ومع تطور النظام العالمي، وإنشاء الأمم المتحدة، طبقاً لقرار مؤتمر سان فرانسيسكو في أكتوبر 1945، ومن مضمون ميثاق الأمم المتحدة، إلى جانب شعور أوروبا، بأن استمرار الحروب، التي تنشأ فيما بينها، سوف تنهك قواها، وتقضى على الحضارة التي نشأت على أراضيها، وفي الوقت نفسه فقد تعددت التحالفات، وتم إنشاء حلف الأطلنطي، وحلف وارسو، لذلك تطور التمثيل الدبلوماسي بين دول أوروبا، ليشمل التمثيل العسكري في صورة تعيين ملحق عسكري ضمن البعثة الدبلوماسية، لتنسيق الأمور العسكرية. وقد كان لهذا التمثيل أهداف محددة وقتها، هي الأهداف نفسها، التي تبلورت فيما بعد في اتفاقية فيينا عام 1961، وكان أهمها:

1. تبادل المعلومات العسكرية، بما ينعكس على استمرار حفظ السلام، ونبذ العنف.

2. حث الدول على تجنب تجنيد شبكات تجسس داخل الدول الأخرى، وترك المجال العسكري بإمكانياته واتصالاته التعرف على حقيقة الموقف العسكري في الدولة، وإرسال تقارير إلى دولته، بما يحفظ العلاقات الودية. ولا يعرض أي دولة لهجوم مفاجئ.

3. تأكيد التحالفات بين الدول الأصدقاء، من أجل توحيد المفاهيم في الأمور العسكرية، وتبادل المعلومات، والزيارات، ونقل التكنولوجيا، وتنسيق التدرب المشترك، وتأكيد الثقة... وما إلى ذلك من سبل التعاون ووجوهه.

وقد نقلت الدول العربية، بعد الاستقلال، عن أوروبا، فتح ملحقيات عسكرية، أو مكاتب تمثيل عسكري في سفاراتها في الخارج.

والملاحظ، أن التمثيل العسكري (الملحقية العسكرية)، ليس شرطاً لازماً في هيكل السفارات المختلفة. فهناك عدد من السفارات، لا يوجد ضمن أعضائها ممثلون عسكريون، لسبب أو آخر. لذلك، توجد الملحقيات العسكرية، في المتوسط، في حوالي 50% فقط من سفارات الدول، بينما يستعاض، في باقي السفارات، بصور أخرى من التمثيل العسكري، أو قد لا يكون هناك تمثيل عسكري أصلاً في تلك الدول، التي لا تمثل أهمية إستراتيجية للدول الأخرى، ولا يوجد تعاون بينهما في المجال العسكري.