إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الملحق العسكري، وأنواع الملحقين الآخرين ومهامهم









المبحث الأول

المبحث الأول

مستوى التمثيل والمواصفات

الملحق العسكري Military Attaché هو الممثل العسكري لدولة حرة ذات سيادة، لدى دولة أخرى صديقة، وتكون بينهما علاقات دبلوماسية كاملة، واحترام متبادل، وتعاون في المجالات المختلفة، بما فيها التعاون العسكري. ومصطلح "الملحق العسكري" ليس هو السائد في هذا المجال، ففي بعض الدول يستبدل به "الملحق الحربي" أو "ملحق الدفاع" Defense Attaché، تبعاً لاسم الوزارة، المنوط بها المهام العسكرية في دولة الملحق.

والملحق العسكري، هو ممثل وزير الدفاع لدولته في الدولة المعتمد لديها. وهو المسؤول الرئيسي، الذي ينفّذ المهام العسكرية المكلف بها من دولته، لتحقيق التعاون مع الدولة المعتمد لديها - وهو ممثل العسكرية في دولته أمام البعثات الدبلوماسية الأخرى في الدولة التي يعمل بها، وهو عضو رئيسي في سفارة دولته، وتخضع مهامه لاتفاقيات سياسية وعسكرية يحكمها القانون الدولي، وتنص عليها اتفاقية فيينا المنظمة لحقوق وواجبات البعثات الدبلوماسية والحصانات التي يتمتع بها الدبلوماسيون، والموقعة في 18 أبريل 1961.

ويرأس الملحق العسكري مجموعة الأفراد العسكريين والمدنيين، الذين تتكون منهم الملحقية العسكرية، وينسق لهم المهام في مجال العمل الداخلي للملحقية، كما يُنسّق مهام الملحقية بالكامل، مع مهام سفارة دولته.

وقد يكون مقر الملحقية العسكرية داخل مبنى السفارة، أو في مكان منفصل خارجها. ولكنها في جميع الأحوال، وأياً كان موقعها، فإنها ترفع علم دولتها، وتتمتع بجميع الحصانات الدبلوماسية، التي حددتها اتفاقية فيينا بهذا الشأن، بما في ذلك تولي الدولة المضيفة مسؤولية الحراسة والتأمين.

والتمثيل العسكري بين الدول لا يقتصر على صورة الملحق العسكري وحده، بل قد تتعدد صوره، طبقاً لاعتبارات مختلفة تنظمها المعاهدات الدولية، والسّوابق المعمول بها في العرف الدولي لتنظيم العلاقات الدبلوماسية بين الدول.

أولاً: مستويات التمثيل العسكري

تتعدد مستويات التمثيل العسكري لدولة ما لدى دولة أخرى، ومن ثم فإن صورة الملحق العسكري، ليست هي الصورة الوحيدة للتمثيل العسكري، بل يضاف إليها العديد من الصور، التي تخضع لشروط ومبادئ تنظمها العلاقات الدولية، والعرف السائد بين الدول في النظم الدبلوماسية. ومن المعروف أن التمثيل العسكري، يمثل أقصى درجات التعاون، بين الدول، والرغبة في تنمية العلاقات في المجالات المختلفة، وليس العسكرية وحدها. ولا يتم إلاّ إذا تحقق استقرار في العلاقات، وثقة متبادلة، ونديه، وتوازن في القوى بين الدول. ويحكم مستوى التمثيل العسكري المبادئ الآتية:

1. مستوى العلاقات السياسية والعسكرية بين الدّول، ومدى التنسيق بينها في المجالات المختلفة، ومنها التمثيل العسكري. مثال ذلك أن دولة مثل الولايات المتحدة تحرص على أن يكون التمثيل العسكري رئيسياً، خصوصاًُ فيما بينها وبين دول الاهتمام المشترك، والدول الإقليمية الرئيسية. وعلى ذلك يختلف مستوى التمثيل العسكري للولايات المتحدة طبقاً لحجم التعاون، فبعض الدول يكون فيها التمثيل متكاملاً لأفرع القوات المسلحة (البرية / البحرية / الجوية)، وهي الدول التي تحظى باهتمام خاص في الإستراتيجية الأمريكية، وبعضها يكون فيه التمثيل موحداً، يشمل الأفرع الثلاثة، من خلال ملحق عسكري واحد، وهي الدول التي لا تحظى بثقة متبادلة، فيتم التمثيل العسكري فيها، بصورة مخفاة، ومن خلال أحد مكاتب السّفارة، تحت اسم مخالف "للمكتب العسكري"، ولكن يؤدي مهام الملحق العسكري، من دون إعلان رسمي.

2. الأهمية الإستراتيجية، التي يعكسها وضع الدولة، بالنسبة إلى الدول الأخرى، وتأثير هذا الوضع على الأمن القومي لتلك الدول. مثال ذلك أن دولة إقليمية كبيرة مثل المملكة العربية السعودية، تحرص على أن يكون التمثيل بينها، وبين دول حوض الخليج العربي متكاملاً، حيث أصبح الأمن الخليجي ضرورة لكل الدول الواقعة عليه. وكذلك فإن اهتماماتها العربية "خصوصاً مع دول التأثير، وتكامل الأمن القومي"، يجعلها في التزام بوجود التمثيل العسكري ضمن التمثيل السياسي لدى الدول العربية الرئيسية، وفي الوقت نفسه، فإن التزامها الإسلامي يجعل من الضروري أن يتم هذا التمثيل مع الدول الرئيسية في منظمة المؤتمر الإسلامي. وفي المجال نفسه نجد أن دولة مثل إسرائيل، لها اهتمامات خاصة بجنوب البحر الأحمر، تجعل حجم تمثيلها العسكري في دولتين مثل أثيوبيا، وإريتريا، يفوق حجم تمثيلها لدى أي دولة أخرى، بما فيها الولايات المتحدة. ذلك أن إسرائيل تهدف إلى تقوية العلاقات العسكرية، بينها وبين الدولتين، وتجميد أي علاقات عربية معهما، بما يوضّح أهدافاً إسرائيلية مستقبلية جنوب البحر الأحمر، علاوة على استفادتها من خبرات حرب أكتوبر، والوقوف حيال أي نوايا عربية مستقبلية لإغلاق الملاحة في مضيق باب المندب، في وجهها.

3. وجود مصالح مشتركة في المجال العسكري، تحتاج إلى تنمية حجم التعاون في هذا المجال

وهذا يتطلب زيادة حجم البعثة العسكرية، لتغطي مجالات التعاون المختلفة.(وتجدر الإشارة إلى المصالح المشتركة للاتحاد السوفييتي (سابقاً) في المنطقة، في أعقاب نكسة يونيه 1967، إذ إنها هي التي أدت إلى توسيع مجالات المصالح العسكرية المشتركة، ومن ثم اتسع التمثيل العسكري السوفييتي في كل من مصر وسورية والعراق واليمن. وقد وصل الأمر في تلك المرحلة (ما بين يونيه 67، يوليه 73) إلى ما يشبه "عسكرة" العلاقات بين الاتحاد السوفييتي وتلك الدول، وكان حجم البعثة العسكرية الدبلوماسية، يفوق حجم البعثة السياسية نفسها.

4. حدوث ظرف طارئ يستوجب وجود تمثيل عسكري بين دولتين

وهذا الظرف تُحدثه المتغيرات الطارئة لدولة ما، حتى تطلب تبادل تمثيل عسكري تحقق من خلاله تعاوناً تتطلبه الظروف المرحلية. وتجدر الإشارة، في هذا السّياق، إلى أن العلاقات بين مصر والعراق، كانت مقطوعة منذ قرارات مؤتمر قمة بغداد في مايو 1979، ثم تطورت الظروف على السّاحة العراقية ابتداءً من يونيه 1982، كانعكاس لتطور الحرب العراقية/ الإيرانية، مما أدى إلى أن تطلب الحكومة العراقية، وجود تمثيل عسكري متبادل بينها وبين مصر وضمن نطاق "مكتب رعاية المصالح لكلا الدولتين". وكان ذلك من أجل تحقيق مصلحة العراق، في وجود مساندة مصرية رئيسية، تدعمها في جولاتها العسكرية ضد إيران. وقد حققت مصر طلب العراق فوراً.

5. اشتراك بعض الدول، في مواجهة عدو مشترك "دائم أو مرحلي"

تبدو صورة هذا الاشتراك واضحة في الدول الإقليمية، ذات الأهداف المشتركة. (وهو وضع طبيعي في العلاقات العسكرية)، وربما يكون مستوى التمثيل العسكري، داخل دول الاتحاد الأوروبي، معبراً عن تلك الصورة من العلاقات العسكرية، التي تتصف بالتميز، والتعاون والتكامل، من أجل بناء قوة أوروبية فاعلة.

6. اشتراك بعض الدول في تحالفات عسكرية

وهى صورة أكثر تكاملاً من المبدأ السّابق، وتوضحها صورة حلف شمال الأطلسي حالياً، وبنسبة أقل صورة التعاون العسكري بين دول مجلس التعاون الخليجي "درع الجزيرة"، والتحالفات العسكرية الأخرى على مستوى العالم.

ثانياً: صور التمثيل العسكري

تنقسم العلاقات المتعارف عليها في المجال العسكري إلى خمسة أقسام رئيسية، تخضع للمبادئ والنظم المعمول بها في اتفاقية فيينا عام 1961. وكلها تهدف، بدرجات مختلفة، إلى إيجاد نوع من التعاون العسكري بين الدول، وتحقيق الأهداف المرجوة من العلاقات العسكرية، في مجالاتها المختلفة. وتنقسم صور التمثيل العسكري إلى الآتي:

1. الملحقية العسكرية:

وهى الصورة الرئيسية للتمثيل العسكري بين دولتين مستقلتين، وبينهما تعاون في المجال العسكري بشتى صوره. وتنشأ عندما يكون التمثيل الدبلوماسي بين الدولتين كاملاً، ومستقراً، مع وجود رغبة في تنمية التعاون، والحرص على إقامة علاقات طبيعية في جميع المجالات، ومنها المجال العسكري.

وتكون الملحقية العسكرية في هذه الحالة، هي أحد المكاتب الرئيسية ضمن سفارة الدولة، ولا يشترط أن يكون مقرها في مبنى السفارة نفسه. فقد تقام في مبنى منفصل، ويرفع عليها علم الدولة، وتتمتع بالحصانة الدبلوماسية المقررة لمبنى السفارة، إلى جانب تنسيق العمل بينها وبين السفارة طبقاً للأسلوب، الذي يُتفق عليه بين سفير الدولة، والملحق العسكري.

وقد يطلق على الملحقية أسماء أخرى مثل "ملحقية الدفاع"، أو "الملحقية الحربية". وذلك طبقاً لاسم الوزارة التابعة لها الملحقية في دولتها. وإن كان أشهر الأسماء هو "الملحقية العسكرية".

والملحق العسكري: هو الرئيس المباشر للملحقية العسكرية، ويرأس مجموعة العاملين بها من ضباط ومدنيين وعسكريين، وهو الشخص الاعتباري الأول، المسؤول عن التمثيل العسكري بين دولته، والدولة المقامة بها الملحقية، والمسؤول عن تنفيذ المهام العسكرية المكلف بها من دولته، بهدف التنسيق، وتحقيق تعاون في المجال العسكري بين دولته، والدولة الأخرى.

والبروتوكول الدبلوماسي يحدد أقدمية الملحق العسكري ضمن أعضاء السفارة (طبقاً لحجمها، وعدد العاملين بها)، وهو ـ غالباً ـ الرجل الثاني أو الثالث في السفارة، ولكنه لا ينوب عن السفير في المهام السياسية، بل يترك مجال العمل في هذا الاتجاه للدبلوماسيين، ولكن البروتوكول يتحدد في الحفاظ على الأقدميات، وحضور الاحتفالات والمراسم الرسمية. وبوجه عام فإن البروتوكول يحدد الأقدميات كالآتي:

إذا كان الملحق العسكري برتبة اللواء، يكون بدرجة سفير، ولكن أحدث من السفير المعين من وزارة الخارجية ويرأس السفارة.

أ. إذا كان برتبة عميد، يكون بدرجة وزير مفوض.

ب. إذا كان برتبة عقيد/ مقدم، يكون بدرجة مستشار.

ج. كما تتعادل أقدميات الضباط العاملين في الملحقية كالآتي:

(1) رتبة الرائد تعادل درجة سكرتير أول.

(2) رتبة النقيب تعادل درجة سكرتير ثان.

(3) رتبة الملازم أول تعادل درجة سكرتير ثالث.

(4) رتبة الملازم تعادل درجة ملحق.

2. مكتب الاتصال "الارتباط" العسكري

وهو أحد صور التمثيل العسكري، ولكن بدرجة أقل من الملحقية العسكرية. وهذا التمثيل قد ينشأ طبقاً لظروف طبيعية أو استثنائية، تمر بها العلاقات بين دولتين، ويتفق خلالها أن يكون التمثيل العسكري هو أحد المكاتب الرئيسية في السفارة. وتتحدد تلك الظروف في الآتي:

أ. عندما يكون التمثيل الدبلوماسي محدوداً بين دولتين، وتنشأ بينهما علاقات عسكرية تتطلب وجود مسؤولين عسكريين لتنشيط تلك العلاقات، وتنفيذ مهام محددة متفق عليها بين القيادات السياسية في الدولتين.

ب. عندما تكون العلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين دولتين، أو مختصرة في حدود "مكتب رعاية مصالح"، توجد التزامات عسكرية يجب تحقيقها، طبقاً لاتفاق سياسي بين الدولتين، فيأتي التمثيل في صورة "مكتب اتصال عسكري".

ج. أو تكون العلاقات الدبلوماسية طبيعية، ولكن لا ترغب الدولتان، أو إحداهما، في تمثيل عسكري متكامل، لذلك يقتصران على "مكتب الاتصال العسكري".

ويتكون مكتب الاتصال "الارتباط"، من ضابط واحد، ويسمى ضابط الاتصال "الارتباط"، وله في السّفارة، مكتب مخصص له، وتنظم السفارة العمل الإداري، الذي يمكّنه من تحقيق المهام المكلف بها. أو يُنَظّم المكتب في صورة ملحقية عسكرية، مصغرة، أو عادية، طبقاً لحجم المهام المكلف بها، وعدد العاملين. وفى هذه الحالة، يتطابق عمل المكتب مع الملحقية العسكرية، ويكون الاختلاف فقط في الاسم. وقد يكون مقر المكتب في مبنى السفارة نفسها، أو في مقر منفصل، يُرفع عليه علم الدولة، ويتمتع بالحصانة الدبلوماسية "لمكتب المصالح".

ونظراً إلى أن مكتب الاتصال، ذو طبيعة خاصة نبعت من ظروف إنشائه، لذلك يجب أن يتم الاتفاق بين الدولتين، على أسلوب عمل المكتب، من النواحي البروتوكولية فقط، مثل زي العاملين في المكتب، وهل يُسمح بارتداء الزّي العسكري، أم يُقتصر على الزي المدني؟ ومستوى اتصالاتهم مع الملحقين العسكريين الأجانب في الدولة، ومستوى اتصالاتهم مع الإدارات العسكرية في الدولة، ومستوى التمثيل في الحفلات والمناسبات الرسمية، وهل تخصص حقيبة دبلوماسية منفصلة لمكتب الاتصال … وإلى غير ذلك من الأمور، التي تحدد أسلوب عمل المكتب، وتساعده على تحقيق مهامه، ولا تثير الشبهات حوله، مما يعيق سير العمل. ويُلاحظ، أن أي قيود تفرض، على ضابط الاتصال سوف يكون لها انعكاسات على تنفيذ المهام نفسها، ومن ثم على الهدف من إنشاء المكتب. ومادامت الدولتان قد اتفقتا على تلك الصورة من التمثيل العسكري بينهما، فعليهما اعتباره مثل الملحقية العسكرية المخفضة، ومعاملته على هذا الأساس.

وتنظم الأقدميات "بروتوكولياً" بين أعضاء السفارة، وأعضاء مكتب الاتصال على النحو المقرر بين السفارة، والملحقية العسكرية.

3. المستشارية العسكرية في السّفارة

تُنشأ ـ عادة ـ عندما لا يوجد تمثيل عسكري أصلاً في السّفارة، طبقاً لأوضاع سياسية محددة، أو لعدم رغبة الدولتين في إنشاء تمثيل عسكري بينهما. وعلى الرغم من ذلك ترى إحدى الدولتين أو تريان معاً، أن هناك أسباباً اعتبارية، توجب وجود تمثيل عسكري - بشكل ما - لمتابعة أحداث محددة، أو إنجاز مهام خاصة تتصل بالجانب العسكري.

ويكون التمثيل العسكري في صورة المستشار، إما بصورة معلنة تعرفها الدولة التي بها السفارة، وإما بصورة غير معلنة. وفى هذه الحالة، يُعين صاحب الرتبة العسكرية، في وظيفة دبلوماسية بالسفارة، على أنه تابع لوزارة الخارجية. ويعين على درجته الدبلوماسية المعادلة لرتبته العسكرية، ويتبع سفير الدولة مباشرة، ويرسل تقاريره من خلال الحقيبة الدبلوماسية للسفارة، وتقدم له السفارة قدراً مناسباً من الإمكانيات الإدارية، لخدمة المهام المكلف بها. وفى هذه الحالة، فإنه يتفرغ تماماً للعمل المنوط به، ولا يُكلفه "سفير الدولة" أي مهام، تتعارض مع المهام العسكرية المكلف بها.

وطبقاً لمستوى التمثيل - في تلك الحالة - فإن المستشار العسكري، يُحظر عليه الاتصال بالملحقيات العسكرية في الدولة، بصورة علنية، كما يحظر عليه الإعلان عن شخصيته العسكرية، أو مهامه المكلف بها، وتجري جميع إجراءاته واتصالاته، في حدود الصورة المعين بها داخل السفارة، وهي أنه دبلوماسي أساساً.

4. مكتب المشتريات العسكرية

وهو مكتب متخصص، يُنشأ في حالات فردية، دون تعميم، وتقيمه دولة لها علاقات قوية مع دولة كبيرة، وتعتمد عليها في شراء الأسلحة والمعدات، التي تستخدمها قواتها المسلحة، بما يعني أن تلك المكاتب تقيمها دول متوسطة القدرة، في دول كبيرة مثل (الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، إنجلترا). وتترك الحرية في أن تقيم الدول الكبرى، تلك المكاتب لدى الدول متوسطة القدرة.

وتخضع تلك المكاتب لتنظيم خاص، تفرضه طبيعة التعامل والمشتريات، ومدى الاحتياجات والمعونات العسكرية المتبادلة. ويكون مكتب المشتريات إما خاضعاً لقيادة الملحق العسكري للدولة، وإما منفصلاً عنه، ولكن في جميع الأحوال، يكون خاضعاً - "بروتوكولياً" لسفارة الدولة، ويرفع علمها. وفى بعض الحالات يتمتع أعضاؤه بالحصانة الدبلوماسية أو يحملون جوازات سفر "مهمة". طبقاً للاتفاق الموقع بين الدولتين في هذا المجال.

ومهمة المكتب - عادة ـ هي الإشراف، وتنفيذ عقود التسّليح المبرمة بين الدولتين، سواء للوفاء بالالتزامات المالية، أو اختبار الأسلحة، أو الإشراف على شحن الصفقات، أو تسلمها من المورد ثم شحنها، ورعاية الأفراد الفنيين التابعين للدولة، والقائمين بتسلم واختبار الأسلحة والمعدات.

وفى حالة تبعية المكتب، للملحقية العسكرية، فإن جميع المهام تُنجز بتخطيط الملحق العسكري وتحت إشرافه. أما إذا كان المكتب منفصلاً، فلابد من إيجاد وسيلة رئيسية للتنسيق بينهما، واستخدام الحقيبة الدبلوماسية للملحقية العسكرية في المراسلات، التي يرسلها المكتب إلى دولته.

كذلك، فإن الاحتياجات الإدارية، إما أن تكون منفصلة، ومدبرة من قبل الدولة للمكتب مباشرة، أو تتولى الملحقية العسكرية تدبيرها، إذا كان المكتب تابعاً لها.

5. المكاتب الفنية العسكرية

ويتعدد تصنيف هذه المكاتب، طبقاً لحجم ونوع التعاون المتبادل بين الدول. ومعظم هذه المكاتب تكون مرحلية، تنتهي مهمتها بانتهاء البروتوكول الموقع بين الدولتين بخصوصها. وقد تستمر لفترة طويلة، أو تنتهي بعد فترة وجيزة. وهى ذات أشكال متعددة، نستعرض ثلاثة أنواع منها.

أ. مكاتب الخبراء والمستشارين: وهم مَنْ ترسلهم دولة لمعاونة أخرى، وتكون تلك المكاتب هي وسيلة الاتصال الرئيسية بينهم وبين دولتهم. كما تتولى رعايتهم وتصريف شؤونهم، وتنظيم أساليب الأعمال والمهام، التي يؤدونها، في الدولة التي يوجدون فيها.

ب. مكاتب التدريب: وهى مكاتب تقيمها دولة متوسطة القدرة، في دولة كبيرة للإشراف على المتدربين الذين ترسلهم لتلقي علوم عسكرية في الدولة الكبرى أو المتقدمة عسكرياً. وتكون مهمة المكتب الإشراف على هذا التدريب، ورعاية المتدربين، طبقاً للبروتوكول الموقع بين الدولتين في هذا المجال. وشأن المكتب في هذه الحالة، هو شأن مكتب المشتريات، وإن اختلفت الواجبات. كما تنشأ مكاتب للتدريب مؤقتة في فترة التدريبات المشتركة بين دولتين، وعلى أرض الدولة التي تتولى التدريب، من أجل التنسيق الكامل للمشروعات التدريبية المشتركة. ويُباشر المكتب عمله قبل تنفيذ التدريب بفترة مناسبة، وينتهي بعد تحليل التدريب، ونشر الخبرات للاستفادة منها في التدريبات القادمة، أو لإعادة التنظيم والتسليح للقوات المسلحة، على ضوء تلك الخبراء المكتسبة.

ج. مكاتب للتبادل التقني: ومهمتها الإشراف على الأبحاث المشتركة، التي تُجرى بين دولتين، في مجال عسكري متطور، وأشهرها تلك المكاتب التي تقيمها إسرائيل في الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وإنجلترا لتنفيذ عقود لتصنيع مشترك، أو تنفيذ أبحاث تكنولوجية متقدمة مثل الصاروخ آرو، والنيوتيلس، والتعاون في المجال النووي مع جنوب إفريقيا "سابقاً".

ولهذه المكاتب وضع خاص، وتفرض عليها قيود سرية متشددة، لعدم تسريب الأبحاث، التي تشرف عليها.

وعموماً، فإن مختلف المكاتب الفنية ليست لها تنظيمات ثابتة، وتوضع طبقاً للأغراض التي تنشأ من أجلها. وهى عادة، تتبع الملحقية العسكرية مباشرة، ويشرف عليها الملحق العسكري، في حدود الأوامر التي تصدرها إليه دولته، عن مستوى التدخل والمسؤولية التي تقع عليه في كل مجال على حدة. ذلك أن بعض المكاتب (خصوصاً ما يتعلق بالتكنولوجيا) ترى بعض الدول، عدم تعمق الملحق العسكري في معرفة مستوى التعاون أو طبيعته، خوفاً من تسرب بعض المعلومات، التي تضر بالدولة نفسها.

أما المتطلبات الإدارية، فإن الدولة توفرها لتلك المكاتب، عن طريق الملحقية العسكرية. ومن المعروف أيضاً أن تلك المكاتب، تحتاج إلى مستويات خاصة من التأمين، سواء في نظام العمل، أو إقامة أعضاء المكتب، خوفاً من الاغتيالات أو السرقة التي قد تنفذها استخبارات الدول المضادة، لإفشال، أو معرفة ما يحدث من تعاون بين الدولتين.

وجميع صور التمثيل العسكري للدولة، تخضع للشروط نفسها، الخاصة باختيار وتأهيل، الملحق العسكري وتحديد مهامه، مع مراعاة حجم التمثيل، وأهميته للدولة. لذلك، فسوف يقتصر عرض تلك الشروط والمهام على الملحق العسكري، بصفته الصورة الرئيسية للتمثيل العسكري.

6. التمثيل العسكري في دولة، لتغطية عدة دول

قد تفرض الظروف الاقتصادية في دولة، أو حجم التعاون العسكري بين دولتين، أن يكون بينهما تمثيل مخفض للدبلوماسية العسكرية، أو لأحدهما. وأحد صور هذا التمثيل المخفّض، هو أن يُعتمد الملحق العسكري للدولة في أكثر من دولة يضمها إقليم واحد، على أن ينشأ مكتبه في إحداها، ويُعتمد طبقاً للعرف الدبلوماسي فيها جميعاً، وتكون مراسلاته معها على عنوانه في الدولة المقيم بها. وقد يكون له مكتب " مخفض" في كل دولة معتمد فيها، ويتبادل العمل بها، طبقاً لخطة يحددها، أو يكتفي بزيارات دورية للمؤسسات العسكرية في تلك الدول، من دون أن يكون له مكاتب فيها.

وفى حالة تنقله بين هذه الدول، تُعد تلك التنقلات داخل ميدان العمل، وليست مغادرة لدولة المقر. أي أن الملحق العسكري لا يستأذن دولته، أو الدولة المعتمد لديها، من أجل المغادرة. ولكنه فقط يُخطر عن توجهه إلى الدولة الأخرى المعتمد لديها، ويحدد التوقيت، ومدة المأمورية، ووسيلة السفر. وهو يتمتع بكل الحصانات الدبلوماسية أثناء وجوده على أرض الدول المعتمد لديها، وتمتد تلك الحصانات، بأنواعها المختلفة، لتشمل أعضاء الملحقية العسكرية وأسرهم بالكامل، في جميع الدول المعتمد لديها الملحق العسكري. لذلك فمن الضروري إخطار تلك الدول بأسماء أعضاء الملحقية العسكرية.

ثالثاً: تنظيم مكتب الملحق العسكري

يتصف عمل مكتب الملحق العسكري ـ عادة ـ بالاستقلال، ومن ثم فإن تنظيمه إدارياً يجب أن يكون متكاملاً، بحيث يعتمد على نفسه، في تسيير الأمور، طبقاً للمهام المكلف بها الملحق العسكري من قبل دولته. أما في حالة وجود تمثيل عسكري، أقل من مستوى "الملحقية". فإنه يعتمد على إمكانيات السفارة في تأمين جزء من احتياجاته الإدارية "لا الفنية"، ولذلك فإن تنظيم المكتب، يكون متناسباً مع حجم التمثيل المتفق عليه بين الدولتين.

وفى كل الحالات، فإن حجم البعثة الدبلوماسية، بما فيها مكتب الملحق العسكري، تتفق عليه ـ عادة ـ الدولتان أثناء المباحثات الخاصة بتبادل التمثيل. ويُنص على ذلك ويذكر في البروتوكول المحدد لقيام العلاقات الدبلوماسية بينهما، ويعدل هذا البروتوكول، طبقاً لمستوى التمثيل بين البلدين وما يطرأ عليه من زيادة أو تخفيض.

وقد أوضحت المادة 37 من اتفاقية فيينا، تصنيف أعضاء البعثة الدبلوماسية (بما فيهم مكتب الملحق العسكري) ومدى تمتعهم بالحصانة الدبلوماسية كالآتي:

1. الأعضاء الدبلوماسيون: وهم الذين يشغلون درجات دبلوماسية، كرئيس البعثة والمستشارين، والسكرتيريين، ويتمتعون هم وأفراد عائلاتهم، الذين يقيمون معهم، بكل الحصانات الدبلوماسية، بشرط ألا يكونوا من مواطني الدولة المعتمد لديها الملحق العسكري. ويندرج تحت هذا البند، الملحق العسكري، ومساعدوه من العسكريين، أو المدنيين.

2. الموظفون الإداريون والفنيون: وهم الدرجات الإدارية في مكتب الملحق العسكري، والذين لا ينفّذون مهام دبلوماسية. وهم يتمتعون (وعائلاتهم) بالحصانة الشخصية والقضائية والإعفاءات المالية المنصوص عليها في المواد من 29 - 50 من اتفاقية فيينا، بشرط ألا يكونوا من رعايا الدولة المعتمد لديها الملحق، ولا تكون إقامتهم الدائمة بها.

3. مستخدمو البعثة: ممن ليسوا من رعايا الدولة المعتمد لديها الملحق العسكري، وليست لهم إقامة دائمة بها، وهم يتمتعون بالحصانة القضائية.

4. مستخدمو البعثة من رعايا الدولة المعتمد لديها الملحق العسكري: وليست لهم أي حصانات في دولتهم.

5. الخدم الخصوصيون للأعضاء الدبلوماسيين في البعثة: إن لم يكونوا من رعايا الدولة المعتمد لديها الملحق العسكري، فيتمتعون بالإعفاءات من الضرائب والرسوم، وبالحصانات الأخرى، التي تقرها الدولة المعتمد لديها.

    وطبقا لهذا التصنيف، الذي حددته اتفاقية فيينا، يُنظّم مكتب الملحق العسكري، ويختلف حجمه وعدد أعضائه، وفقاً لحجم العلاقات العسكرية بين دولة وأخرى، وقدرات كل دولة في تنظيم عملها الدبلوماسي، وطبقاً للاتفاقيات بين الدولتين في السماح للعدد من الدبلوماسيين (العسكريين) على أرضها، وغير ذلك من ضوابط أخرى.