إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / أسس ومبادىء الأمن الوطني





نموذج مجموعة دول
نموذج لعدة منظمات
نموذج دولة واحدة
مهددات الأمن الوطني
هرم ماسلو
مستويات الأمن الوطني
الأمن القومي والسياسة الوطنية
تأثر الأمن الجماعي
تسلسل صياغة الالتزامات الأمنية
دور الدولة في حماية الأمن

نظرية ماهان
نظرية ماكيندر
نظرية القوى الجوية
نظرية سبيكمان



أُسُس ومبادئ الأمن الوطني

أولاً: المفهوم الأكاديمي (التقليدي)، لمصطلح الأمن الوطني

هناك مجموعة مبادئ وأسس، تحدد القصد من هذا المصطلح، يجب الإلمام بها في البداية، حتى يمكن استيعاب قواعد التغيير، في محددات هذا المصطلح، وإمكانيات بناء مفهوم خاص له:

1. الفكرة الأساسية لهذا المصطلح، هي التزام الدولة بحماية أفرادها، وأعضائها الطبيعيين، والمعنويين، بما يكفل لهم كفاءة الأداء، وسلامة الحقوق، مقابل انتمائهم لها، من دون أن يعرضها ذلك إلى المخاطرة بكيانها، في أي صورة كانت. وهذه الوظيفة للدولة، هي في الأساس ممارسة طبيعية، تلقائية، تقوم بها، ويأتي مفهوم المصطلح ليقوم بتوصيفها، في إطار الصياغة المقبولة.

2. مبدأ الحماية، هو من الأولويات البديهية للفرد، والجماعة، والمجتمع، وتمّ للدولة، والأمة، والمجموعة من الأمم. وهي سابقة لأي وظائف أخرى، في أي مجال، وعلى أي مستوى[1]، ولا توجد دولة، أو رئاسة لأي تنظيم، لا تمارس هذا المفهوم، وإلا فلا معنى لمناقشة استخدام الاصطلاح أصلاً. وهذا المبدأ يكسب المصطلح صفة العموم، والعالمية، في الانتشار.

3. ضوابط المفهوم وحدود تطبيقاته مرنة، إلا أنها أيضاً غير مطلقة، وتخضع من ثم للنظام والشرعية، الذي وضع أسسها، والذي عادة يغير من تلك الحدود لتعبر عن متطلباته الأمنية الجديدة والتي يطبقها في مواجهة الآخرين. وتضييق نطاق المفهوم، يمكن أن يصل إلى مجرد حماية الحدود، من مفاجآت الدول المجاورة، وهو أدنى حد للتعبير عن الأمن الوطني، والاتجاه المعاصر، يوسع من نطاق المفهوم، في إطار من الضوابط، الخاضعة لمنطق معين.

4. لم يعد المصطلح قاصراً، على الشكل السياسي للدولة فقط، كما كان سابقاً، بل إن المرونة في تطبيقاته، يمكن أن تشتمل على التجمعات، والقوميات، أيا كانت، من دون أن تنتقص من إرادة عضو منفرد، أو الجماعة ككل، وهو ما لم يكن متاحاً، في ظل التقاليد القديمة، للرؤيا السياسية للأمن. (الأمن الأوروبي ـ الأمن العربي ـ الأمن الخليجي …).

5. تتداخل العلاقة بين مفهوم الأمن الوطني، والمصالح الوطنية، والأهداف الوطنية، وهو ما يمكن أن يندرج كله تحت مظلة الأمن الوطني نفسه، من دون تناقض، أو تعارض، أو حتى تشابه بينهما.

6. من غير المقبول أن يكون مفهوم المصطلح غامضاً، بحيث تكون تطبيقاته مرنه فضفاضة، فهو مازال مرتبطاً بالمعنى الأصيل، وإن توسع تفسيره، كحماية لها حدود، في ظل أوضاع إستراتيجية، وخصائص جيوبوليتيكية.

الاتجاهات الرئيسية لتعريف مفهوم الأمن الوطني

يعزى السبب الرئيسي، في تأخر وجود تقييم أكاديمي لمفهوم الأمن الوطني، من خلال البحوث العلمية، (مقارنة بالفروع الأخرى لعلم السياسة). إلى الاختلافات الظاهرة في تعريف المفهوم، التي شملت، في اختلافها أيضاً، اختلافاً في تحديد هوية التهديدات الموجهة إليه، وهوية أولئك المقصود أن يردعهم الأمن الوطني بأدواته وإستراتيجياته، التي هي أيضاً محل خلاف.

وعلى الرغم من ذلك، فهناك ثلاثة اتجاهات واضحة، لتعريف الأمن الوطني[2]. كل اتجاه منها، له منظوره الخاص، في تحديد المفهوم. يركز الأول على الأمن الوطني كقيمة مجردة، مرتبطة بالاستقلال وسيادة الدولة الوطنية. ويهتم الاتجاه الثاني بالجانب التنموي، لحيويته في إطاره الاقتصادي والإستراتيجي. أما الثالث ـ وهو الأحدث بالنسبة للاتجاهات الثلاثة ـ فهو يؤمن بالأبعاد المتكاملة الشاملة، للأمن الوطني.

1. الاتجاه الأول (الأمن الوطني كقيمة مجردة)

يخص هذا الاتجاه، الأمن الوطني بالأولوية في موارد الدولة، باعتباره القيمة الأساسية، والحيوية، وهو ما يسميه آدم سميث "مأزق الاختيار بين الرخاء والدفاع". ويكون الاختيار ـ من منظور هذا الاتجاه ـ في صالح البندقية، على حساب رغيف الخبز. ويرى هذا الاتجاه، أن الاستقلال والسيادة الوطنية، أكثر أهمية من الأمن الوطني، لذلك فإن البعد العسكري، يجب أن تحسب قدراته، على أساس التفوق على الخصم (الحقيقي أو المحتمل). ويستخدم بعض المؤيدين لهذا الاتجاه، عند قياسهم لقدرات الدولـة الشامـلة (القوى الشاملة للدولة)، متغيرات معنوية، يصعب قياسها، مثل الإرادة الوطنية، والروح الوطنية[3] كأسس للأمن الوطني.

والتركيز على جوهر الأمن الوطني، في مفهوم هذا الاتجاه، على أنه بعد عسكري أصيل ذو محددات، يمكن تقييمها، ويثير عديداً من الاعتراضات والنقد، فهناك من يرى أن هذا المنظور غير كافٍ، للدول الأكثر قوة في النظام الدولي، والتي تسعى، بالتأكيد، لزيادة قدراتها العسكرية، وقوتها، في شتى المجالات[4]، ويسيطر المفهوم العسكري للأمن عادة على سياسات هذه الدول، ويكون دور المدنيين من القادة والسياسيين محدوداً للغاية. حيث يرى العنصر العسكري، أمنه في استمرار وجود عناصر تهديد للأمن. هذا التنافس الشديد، بين الدول الأقوى في النظام الدولي، يوجه تلقاء الجزء الأكبر من الموارد، لمواجهة هذا التنافس وتداعياته، منحياً مطالب التنمية، في القطاعات الأخرى، غير الأمنية (غير العسكرية). ويضع هذا التورط في سباق القوة، الدول المتنافسـة، في دائرة مفرغة، لا مهرب منها للحصول على مزيد من التسلح ونظم الدفاع، حيث يسود مناخ من التشكك، وعدم الثقة، في العلاقات الدولية.

ومن أكثر الانتقادات الموجهة لهذا الاتجاه، نظرته للنظام الدولي، من خلال تدرج هرمي، يكون الغاية منه الحفاظ عليه، من خلال تأكيد تبعية الأصغر للأكبر، والأضعف للأقوى، وهو ما يعكس نتائج دراسة الصراعات في العالم النامي، والمرتبطة أساساً بهيكل النظام الدولي، وكذا هياكل النظم الداخلية لها[5].

2. الاتجاه الثاني (الأمن الوطني ذو بعد اقتصادي إستراتيجي أكثر أهمية)

أوضحت تداعيات أزمة النفط في حرب أكتوبر 1973، أهمية تأمين الموارد الحيوية والإستراتيجية، والحفاظ على معدلات تدفقها إلى شرايين الاقتصاد العالمي، الذي ـ في معظمه ـ يخص الـدول العظمى والكبرى (الدول الصناعية). وقد أدى ذلك إلى تصاعد أهمية الموارد الإستراتيجية في درجات الأمن الوطني، وأصبحت إحدى ركائز الأمن الوطني للمجتمع الأوروبي والأمريكي. وعُرّف الأمن الاقتصادي بأنه "غياب التهديد بالحرمان الشديد من الرفاهية الاقتصادية"[6]. كما وُضع تعريف للسيادة الاقتصادية؛ باعتبارها أكثر أبعاد الأمن الوطني خطورة وأهمية، بأنها "القدرة على التحكم في أكبر عدد ممكن من أدوات السياسة في المجال الاقتصادي"[7].

ارتبط مفهوم الأمن الوطني لهذا الاتجاه، ذو المنظور الاقتصادي، بالحرب، ووضع كسابقه اختياراً صعباً بين السلاح والغذاء. فبينما عارض بعض الناس ارتفاع نفقات التسليح ونظم الدفاع عن الدولة، رأي آخـرون ـ خاصة الدول المصدرة للسلاح ـ أنها غير ذلك، حيث تُوفر عماله، وتضخ في شرايين الاقتصاد الوطني، عائدات مهمة، وتطوّر الصناعة الوطنية، فضلاً عن الاستثمار في خدمة ما بعد البيع، بتوريد مستلزمات الإصلاح والصيانة والتدريب والذخائر والتطوير. وقد رفضت الدول النامية ـ مره أخرى باعتبارها الأكثر تضرراً من هذا المفهوم ـ الاعتراف بهذا الاتجاه قولاً، ومارسته فعلاً من دون الشق الأخير، الخاص بمنافعه التصديرية، واقتصرت على تكديس الأسلحة لصالح الدول الأغنى والأقوى، التي يهمها تأمين الموارد الاقتصادية الإستراتيجية، لدى تلك الدول النامية (الموارد الخام)، أو في المناطق القريبة منها (الاستفادة من موقعها الجغرافي).

3. الاتجاه الثالث (النظرة الشمولية في تعريف مفهوم الأمن الوطني)

عبر روبرت ماكنمارا، وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، عن هذا الاتجاه في كتابه عن جوهر الأمن. فقد لاحظ أن امتلاك الأسلحة، لم يمنع الثورات والعنف والتطرف، وأن مثيري الشغب والاضطرابات من الفقراء. كما أن الدول الأكثر استخداماً للأسلحة والعنف و الحروب، هي الدول الأكثر فقراً، في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية. وأرجع ماكنمار هذه الظاهرة إلى الفقر، وضعف البنية الاقتصادية لتلك الدول، مما يضر بالأمن. وأن السلاح والقوه العسكرية، قد تكون جزء من الأمن ولكن ليست أهمها. وهذا المفهوم ينطبق على الدول الغنية والقوية، كما ينطبق على الدول الفقيرة. وربط ماكنمارا بين الأمن والتنمية، وأوضح أنها لا تعني فقط ـ أي التنمية ـ البعد الاقتصادي، بل يجب أن تشمل كل الأبعاد. فتنظيم الأمة لمواردها، وتنمية قدراتها، يجعلها قادرة على الحصول على احتياجاتها الذاتية، وهو ما يساعدها على مقاومة الإخلال بالأمن، أو اللجوء إلى العنف.

أدى مفهوم الأمن الوطني من منظور تنمية شاملة، إلى زيادة الفهم لمطالب وظروف الدول الفقيرة، وأن معالجة مشاكلها، تتطلب حلولاً اقتصادية ذات أبعاد اجتماعية، من دون اللجوء إلى المغالاة في رفع القدرات العسكرية وحدها. وبذلك، تنجو تلك الأمم من الوقوع في براثن دائرة الغذاء والسلاح، ـ والبعد عن ممارسة الأمن القمعي[8]. ومن الغريب أن الدول النامية تتبنى اتجاهات الدول القوية في الأمن الوطني، وأدى ذلك إلى أن تصبح هذه الدول المستورد الرئيسي للسلاح، بينما تصبح الدول العظمى والكبرى، هي المُصَدِّرْ الرئيسي له[9].



[1] رأي العالم الأمريكي سموك Smoke.

[2] تسمى أيضاً مدارس الأمن الوطني.

[3] National will, National spirit

[4] يسمى هذا المفهوم بدولة الأمن Security State ، التي تنبع من نظرية سياسية القوه Power Politics ، كنتيجة للشعور بالخوف من الثورة أو التغيير أو الحرب، وتكديس الأسلحة الأكثر تقدماً، والنووية بشكل مغالي فيه.

[5] أكثر من 90% من الصراعات في الدول النامية على هذه الشاكلة.

[6] تعريف العالمين كروز، وناى.

[7] تعريف العالمين هولسن، وويلبوك.

[8] يسميه هارولد لاسويل، العالم الأمريكي، الدولة البوليسية Police state ، وهي الدولة التي يسيطر عليها المتخصصون في استخدام القوة، سواء داخليا أو خارجيا، ما دام التسابق في التسليح قد ولد لديهم الإحساس بالقوة، وعدم الثقة بالآخرين. وتؤدي آليات هذه الحالة إلى الدخول في الحرب (أهلية كانت أو مع دول الجوار الجغرافي)، مع زيادة واضحة في نفوذ المؤسسة العسكرية بالدولة. أنظر كذلك ، قاموس المورد، حيث يعرف الدولة البوليسية بأنها "دولة تقوم على كبت الحكومة للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية باستخدام قوة الشرطة، استخداماً عشوائياً، خاصة ذلك النوع من الشرطة المعروفة بالشرطة السرية (أو الشرطة السياسية)".

[9] تستورد الدول النامية 80% من تجاره السلاح الدولية، وتصدر 2.4% فقط، بينما تسيطر الدول الكبرى على الصادرات من الأسلحة بنسبة 82%، ويُعد الشرق الأوسط أكثر المناطق استيراداً للأسلحة (منطقة ارتطام جيوبوليتيكي) بنسبة 48% ثم أفريقيا 20.2% ثم أمريكا اللاتينية 12.9% فشرق وجنوب آسيا 18.6%.