إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / التطور في أسلحة الهجوم الجوي الحديثة، والتطور المتوقع لمجابهتها









المبحث السادس

المبحث السادس

استخدام العمليات الجوية والتحديات التي تواجه منظومة الدفاع الجوي

أولاً المهام الرئيسية للقوات الجوية

1. الاستطلاع الجوي لأراضي الدول المعادية وقواتها، في مسارح العملية.

2. توفير الحماية الجوية للدولة والقوات، في مسارح العمليات.

3. الحصول على السيطرة الجوية والمحافظة عليها.

4. المعاونة الجوية للقوات، في مسرح العمليات.

5. عزل ميدان المعركة (طبقاً للمفهوم الغربي)، أو قتال الاحتياطيات (طبقاً للمفهوم الشرقي).

6. أعمال النقل والإسقاط.

7. الإبرار الجوي والإسعاف الطبي، وتصحيح نيران المدفعية، وتدمير دبابات العدو، باستخدام الطائرات العمودية المسلحة المضادة للدبابات.

يكون تنفيذ مهام القوات الجوية في إحدى الصورتين التاليتين:

1. العملية الجوية: هي مجموعة من أعمال القتال الجوي، يربط بينها هدف محدد.

2. أعمال قتال جوية: هي مجموعة من أعمال القتال الجوي، لا يربط بينها هدف محدد.

يكون تنفيذ مهام القوات الجوية بأحد الأساليب التالية:

·   الضربة الجوية الشاملة.

·   الضربة الجوية المنفصلة.

·   المعارك الجوية.

·   القتال الجوي.

ثانياً: العوامل المؤثرة على اختيار أسلوب تنفيذ مهام القوات الجوية

1. حجم القوات الجوية للدولة.

2. المقارنات المختلفة مع طائرات الدولة المعادية المنتظر مواجهتها.

3. نوع المهمة المطلوب تنفيذها.

4. الوقت المتيسر للإعداد والتخطيط لتنفيذ المهمة، والوقت المتيسر من اليوم.

5. المرحلة من العملية.

6. مدى توافر مراكز القيادة والسيطرة الملائمة.

7. الكفاءة القتالية للطيارين والأطقم المنفذة.

ثالثاً: الضربة الجوية الشاملة

هي مجموعة من الهجمات الجوية المركزة، والتي تُنفذ بمعظم طائرات القوات الجوية، وتوجه ضد أكثر الأهداف تأثيراً على تحقيق الهدف من الضربة. وهي تُخطط وتُدار طبقاً لفكرة واحدة، وتجري خلال فترة زمنية قصيرة. ومن خصائصها ما يلي:

1. تحقيق المفاجأة.

2. صعوبة الصد بسبب قلة أو قصر أزمنة الإنذار.

3. استحواذ الضربة على كل، أو معظم طائرات القتال.

وتُعد الضربة الجوية الشاملة أسلوباً رئيسياً في تنفيذ مهام القوات الجوية، وخاصة في المرحلة الافتتاحية للحرب.

ويتوقف حجم الضربة الجوية الشاملة على العوامل الآتية:

1. القوة القتالية للقوات الجوية المعادية من طائرات القتال.

2. نسبة الصلاحية الفنية لطائرات القتال.

3. عدد طياري القتال المشاركين في العملية.

4. التجهيزات الفنية للقواعد الجوية والمطارات، وقدرات الأطقم الفنية بها في تجهيز وإعداد الطائرات للقتال.

5. مدى اشتراك جبهات أخرى في القتال، وما ينتظر أن يخصصه العدو من طائرات للدفاع الجوي عن الدولة.

رابعاً: الضربة الجوية المنفصلة

هي مجموعة من الهجمات الجوية المركزة، التي لا يربطها ببعضها فكرة أو خطة واحدة، وقد يجري في توقيت واحد، أو توقيتات متتالية، وبقوة محدودة من الطائرات. وهي تستخدم لتنفيذ معظم مهام القوات الجوية خلال الصراعات المسلحة، نظراً للسرعة النسبية في تخطيطها، وتجهيز القوات المشتركة فيها. ومن خلالها يمكن تنفيذ المهام الآتية:

1. المحافظة على السيطرة الجوية.

2. قتال الاحتياطيات التعبوية والإستراتيجية.

3. عزل ميدان المعركة وعرقلة خطوط المواصلات والإمداد.

خامساً: المعركة الجوية

هي أحد الأساليب التي تُنفذ بها القوات الجوية مهامها، وتهدف إلى تدمير طائرات العدو في الجو، وتشترك فيها أعداد كبيرة من طائرات الجانبين.

في إطار تكامل العمل الجوي، فمن المتوقع أن تتزامن المعارك الجوية مع الضربات المنفصلة، بفارق زمني قليل، يُتيح لطائرات الضربة إمكانية تحقيق أهدافها، دون التعرض لعدائيات جوية كثيفة.

1. الهجمات الجوية

تُعد الهجمات الجوية من أكثر الأساليب تحقيقاً للمرونة والسرعة في التخطيط، إضافة إلى سرعة التنفيذ، وذلك نظراً لقلة الأعداد المشتركة فيها من الطائرات. كما أنها ذات فعالية عالية لإمكانية تنفيذ عدد كبير من الهجمات على مختلف أنواع الأهداف، في توقيتات محددة؛ إما لاستمرار الضغط، أو لزيادة التأثير المطلوب.

وتعد القواعد الجوية والبحرية، ومراكز القيادة والسيطرة، من أنسب الأهداف التي يمكن مهاجمتها خلال الهجمات الجوية.

ويمكن أن يراوح حجم الطائرات القائمة بتنفيذ الهجمة ما بين 8 – 20 طائرة، وقد تُنفذ بنوع واحد من الطائرات، أو بعدة أنواع، لبناء قوة قتالية متجانسة، ويمكن للطائرات الموجهة من دون طيار القيام بدور كبير في الهجمات الجوية، ويتمثل هذا الدور في تنفيذ المهام الآتية:

أ. تنفيذ الاستطلاع بأنواعه.

ب. النقل في اللحظة ذاتها لصورة الموقف الجوي.

ج. اتجاهات الهجوم الخداعية.

د. الإعاقة الإلكترونية.

2. القتال الجوي

من المتوقع أن يكون دور القتال الجوي في المرحلة الافتتاحية محدوداً، إلا أنه في ظل توافر إمكانية التزود بالوقود جواً، فمن المنتظر أن يكون القتال الجوي هو الحلقة الختامية لسلسلة من الاستفزازات لاستنزاف المجهود الجوي لطائرات القوات الجوية. وهذا الأسلوب يمكن أن يُنفذ ليلاً ونهاراً طبقاً للموقف. ويكون عادة استكمالاً لتحقيق السيطرة الجوية، أو لتهيئة الظروف لأعمال قتال برية محدودة.

من المتوقع أن يزداد دور القتال الجوي، وخاصة الليلي، في المراحل التالية للعملية؛ لاستنزاف قدرات العمل الليلي للقوات الجوية، من طريق الاستهلاك المتزايد لأوضاع الاستعداد المختلفة الجوية والأرضية، ومن ثم تقل كفاءة وقدرات العمل النهاري في الأيام التالية.

3. التفوق الجوي

هو القدرة على إعادة الموقف الجوي المناسب لنجاح العمليات المشتركة للقوات، وذلك بتحقيق التفوق العددي والنوع لأي قوة جوية، بالمقارنة مع القوة الجوية للعدو، وبالقدر الذي يسمح لها بتحقيق السيطرة.

4. السيطرة الجوية

هي حالة الموقف الجوي الذي يسمح بحرية العمل للقوات المسلحة، لتحقيق مهامها بأقل قدر من الخسائر، دون تدخل مؤثر ومنظم من القوات الجوية للعدو.

وتتحقق هذه السيطرة بالأعمال القتالية النشطة للقوات الجوية، لزيادة نسبة التفوق المكتسبة قبل بدء العمليات، أو خلالها، ومحاولة تعديل ميزان القوة الجوية لصالح القوات المسلحة بصفة مستمرة، مع حرمان طيران العدو من حرية العمل ضد القوات المسلحة طوال العملية.

وقد أرست حرب الخليج الثانية، وحرب البلقان، مفاهيم جديدة  لاستخدام القوات الجوية كسلاح حاسم وفعال، وأداة قادرة على تحقيق النصر بأقل خسائر ممكنة، إذا أحسن التخطيط لاستخدامها؛ وذلك في إطار مفاهيم الثورة في الشؤون العسكرية.

5. أهم عوامل نجاح الحملتين الجويتين لكلا الحربين

أ. إشراك الحرب الإلكترونية.

ب. أسلحة الهجوم الجوي الحديثة.

ج. الطائرات ذات القدرات القتالية المتفوقة.

د. أساليب بناء القوة الجوية لكل مهمة.

هـ. التخطيط المتطور والمرن تبعاً للمرحلة.

سادساً: فكر واستخدام العمليات الجوية في حرب الخليج الثانية

كانت الحملة الجوية في حرب الخليج الثانية من أكثر الموضوعات إثارة للجدل، من حيث مدى نجاحها في تحقيق الهدف السياسي العسكري للعملية، ومدى ما حققته من تدمير للنظام العراقي ككل، وتدمير للآلة العسكرية فقط؛ إلا إنها في جميع الأحوال تُعد إيذاناً حقيقياً لتُعد القوات الجوية قوة قادرة على القيام بدور رئيسي، بالتعاون مع الحملة البرية، في تحقيق الهدف السياسي العسكري للعملية.

عندما خططت قيادة قوات التحالف للحملة الجوية، لم تبدأ من فراغ، إذ كانت لديها خطة، أُطلق عليها اسم "الرعد اللحظي"، والتي كان بعض العسكريين يرى أنها أحد الحلول العسكرية التي تنادي بالاكتفاء بالضربة الجوية فقط، وأنها ستكون كافية لإجبار النظام العراقي على الخروج من الكويت، وقبول تنفيذ قرارات مجلس الأمن.

وكان دعاة هذا الرأي يرون أن الهجوم البري سيكون باهظ التكاليف؛ لأن حجم القوات البرية العراقية بالمسرح ضخم، وستتعرض القوات البرية للتحالف لخسائر فادحة، وهي ثمن غالي سياسياً، وقد تكون له آثار وخيمة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، لحساسية الشعب الأمريكي إزاء الخسائر البشرية.

ولكن، في النهاية، نجحت قيادة قوات التحالف في إقناع القيادة السياسية، بأن تحقيق الأهداف لن يتحقق بالضربة الجوية وحدها، وإنما لا بد من حملة برية حاسمة. وانتهى الأمر إلى تخطيط حملة جوية إستراتيجية تمهد للحملة البرية.

وتحددت مهام الحملة الجوية الإستراتيجية فيما يلي:

1. تدمير وسائل الإنذار المبكر، ووسائل الحرب الإلكترونية العراقية.

2. تدمير وسائل الدفاع الجوي العراقي داخل العراق، وفي المسرح الكويتي.

3. شل مراكز القيادة والسيطرة العراقية وتدميرها، وفي مقدمتها القيادة العليا.

4. تدمير القدرات الإستراتيجية الهجومية للعراق.

5. تدمير القوات الجوية، والقواعد الجوية العراقية، وإحراز السيادة الجوية الكاملة.

6. تدمير مراكز وطرق المواصلات.

7. عرقلة أي أعمال إصلاح للقواعد ووسائل المواصلات ومنعها.

8. تدمير المجهود العسكري والاقتصادي، وقطع خطوط الإمداد.

9. عزل مسرح العمليات الكويتي.

10. تكبيد القوات البرية العراقية خسائر في المعدات والأسلحة والأفراد، بالقدر الذي يحقق للقوات البرية لقوات التحالف التفوق اللازم، لتنفيذ حملة برية ناجحة بأقل الخسائر.

اقتضى تحقيق هذه المهام، أن يكون الحشد الجوي بالحجم اللازم لتخطيط وتنفيذ الحملة الجوية، بما يتماشى مع الأهداف المحددة، وتقرر تقسيم الحملة الجوية إلى أربع مراحل، يجري تنفيذ مراحلها الثلاث الأولى في آن واحد، بهدف:

1. امتلاك السيطرة الجوية في اليوم الأول للعمليات.

2. تدمير ملاجئ الطائرات والطائرات على الأرض، ومراكز القيادة والسيطرة منذ اليوم الأول، لشل القوات العراقية.

3. تخصيص مجهود جوي قوي لتدمير الصواريخ أرض/ أرض، التي تمثل تهديداً رئيسياً للمراكز الرئيسية بمنطقة الخليج.

4. تخصيص مجهود جوي لتدمير القوة المدرعة العراقية، خاصة قوات الحرس الجمهوري، التي تمثل العنصر المتميز في القوات البرية العراقية.

قًسمت الأهداف المُخطط مهاجمتها خلال الحملة إلى 12 مجموعة، كالآتي:

1. مراكز القيادة والسيطرة في كل الأراضي العراقية، بغرض شل القيادة السياسية العسكرية العراقية، وإفقادها السيطرة على القوات.

2. وسائل توليد الطاقة بما تحتويه من محطات توليد الكهرباء، وشبكة الكهرباء، بغرض توقف الإنتاج العسكري والمدني، وشل القدرات الصناعية والإنتاجية.

3. وسائل الاتصال والمواصلات، مثل مراكز الهاتف، وأبراج الميكروويف، وعقد المواصلات، والتي بتدميرها يحدث تعطيل وعرقلة أي اتصال بين مراكز القيادة والسيطرة بعضها ببعض، وبينها وبين القوات المطلوب السيطرة عليها.

4. نظام الدفاع الجوي العراقي، ويُعد من أهم الأهداف، إذ بتدميره وخروجه من المعركة تتحقق الحرية الكاملة  للطائرات، لمواجهة أهدافها، ومن ثم نجاح الحملة الجوية.

5. القوات الجوية العراقية وقواعدها، حيث كانت العراق تمتلك حجماً مقدراً من الطائرات الحديثة، مثل الميج 23، والميج 29، والميراج ف-1، وتُعد هذه الطائرات وسيلة حمل رئيسية للذخائر الكيميائية، الأمر الذي زاد من خطورتها وجعلها تهديداً رئيسياً للحملة الجوية، ينبغي تدميرها، وكذلك تدمير عناصر التأمين الفني بالقواعد الجوية، ومستودعات الوقود والذخائر بها.

6. القدرات الكيميائية والبكترولوجية والنووية العراقية، بما تحتويه من مراكز البحوث النووية، والقدرات المحتملة لإنتاجها، وكذلك وسائل الحمل لهذا النوع من التسليح، اعتقاداً من الدول الغربية أن البرنامج النووي العراقي برنامجاً مكثفاً، يمثل تهديداً للاستقرار في المنطقة.

7. الصواريخ أرض/ أرض العراقية، بوصفها هدفاً عسكرياً وتهديداً نفسياً ومعنوياً لقوات التحالف، كما عدتها الدول الغربية عاملاً من عوامل عدم الاستقرار في المنطقة.

8. القوات البحرية العراقية والموانئ، وما تمثله من تهديد لقوات الإبرار والنقل البحري، بوجه عام، وكذا إصابة أو إغراق السفن العسكرية باستخدام الصواريخ أرض/ سطح، وصواريخ جو/ سطح، والألغام البحرية المتنوعة.

9. معامل التكرير والمنشآت النفطية العراقية، والتي بتدميرها يُصاب النظام العراقي بشلل كامل.

10. السكك الحديدية والجسور، حيث كانت معظم الطرق بمختلف أنواعها، والجسور تخدم التحركات من بغداد إلى البصرة. وكانت القوات العراقية بالمسرح الكويتي تعتمد في الإمدادات على هذه الطرق والجسور، والتي إذا دمرت أو قطعت، سيؤثر ذلك على القوات العراقية بالكويت.

11. القوات البرية العراقية وقوات الحرس الجمهوري بالمسرح الكويتي، وحجمها الضخم،ما يقرب من 43 فرقة مختلفة، والتي بتكبيدها خسائر بنسبة 50% فأكثر، سوف يؤدي إلى عدم قدرتها وفعاليتها على القتال.

12. المصانع الحربية والمستودعات الإدارية الإستراتيجية العراقية، والتي بقصفها وتدميرها، تُحرم القوات العراقية من استعواض الخسائر، وإمدادها بما تحتاجه أثناء الحرب لسد الخسائر، أو لتشكيل وحدات جديدة تدفعها إلى الجبهة عند الضرورة.

اتبعت دول التحالف منهجاً بُني على نظرية تُسمى "مراكز الثقل"، وتهدف هذه النظرية إلى إفقاد القيادة العراقية الرغبة والقدرة على شن الحرب، وهي تتضمن أهدافاً على المستوى الإستراتيجي والتعبوي، ذات ثقل سياسي واقتصادي ومعنوي كبير، بما يضع القيادة العراقية تحت ضغط كبير، لإجبارها على تقديم التنازلات المطلوبة، والحد من قدراتها الكلية على القيام بأي أعمال عدائية.

حددت نظرية "مراكز الثقل" فكرتها الأساسية في خمسة دوائر، تتحد في المراكز، وتتسع إلى الخارج. وهذه الدوائر تتمثل في:

1. الدائرة الأولى: القيادة.

2. الدائرة الثانية: المراكز الصناعية الكبرى والبنية الأساسية.

3. الدائرة الثالثة: شبكة المواصلات الإستراتيجية، والقواعد والمطارات الحيوية.

4. الدائرة الرابعة: السكان والموارد الغذائية.

5. الدائرة الخامسة: القوات المسلحة.

وتُعد الدائرة المركزية في القيادة هي الأهم والأسرع في الوصول إلى الهدف المراد تحقيقه، وهي تعني: إما عزل القائد، أو خلعه، أو وضعه تحت ضغط شديد لتحقيق التنازلات المطلوبة.

وتأتي الدائرة الثانية، بما تحويه من مراكز ثقل صناعية وبنية تحتية حيوية ومؤثرة، في هذه المرتبة، نظراً لتأثيرها الشديد على الإرادة السياسية للدولة المتمثلة في القائد، وعلى قدراته في ممارسة سلطاته بنجاح.

أما الدائرة الثالثة، فهي تتعامل مع شبكة المواصلات الإستراتيجية البرية والبحرية والجوية، لتأثيرها المباشر على اقتصاد العراق، إضافة إلى قطع خطوط الإمدادات، سواء للجهات المدنية أو العسكرية.

ويحتل السكان ومواردهم الغذائية المرتبة الرابعة، لما يشوبها من جوانب أخلاقية قد تحد من القدرة على التعامل المؤثر في هذه الدائرة، إلا أنها تهدف إلى إحداث خسائر مؤثرة فيها، ما قد يدفع متخذ القرار في القيادة العراقية إلى التراجع عن قرارته، أو تحدث اضطرابات داخلية تؤثر على النظام الحاكم في مجموعة.

وتعد القوات المسلحة هي الدائرة الأخيرة، وإحدى أدوات القائد في فرض إرادته السياسية؛ وحرمانه منها أو إحداث خسائر جسيمة بها، سيجبر القائد على تقديم التنازلات المطلوبة.

وقد تمثل الشكل النهائي، الذي حددته قوات التحالف والمخططون للحملة الجوية، في أربع مراحل رئيسية، كالآتي:

1. مرحلة الحملة الجوية الإستراتيجية

ركزت المرحلة الأولى من الحملة الجوية الإستراتيجية على تدمير القدرات السياسية والعسكرية، إضافة إلى تدمير مراكز القيادة والسيطرة العراقية. وفي الوقت نفسه تدمر بعض المنشآت المختارة من البنية الأساسية العراقية، وذلك من خلال قصف جوي وصاروخي إستراتيجي، يستهدف الحد من قدرة القيادة السياسية على تنفيذ أي أعمال عدائية.

تضمن التخطيط لهذه المرحلة ضرب ما يقرب من 238 هدفاً منفصلاً، تشكل 125 نوعاً مختلفاً من الأهداف، إلا أن هذا الجزء الأول من المرحلة تعامل أساساً مع المقرات التي يظن أن الرئيس كان بها، فضلاً عن أنظمة الاتصالات بالدولة، والمصانع المنتجة لأسلحة الدمار الشامل العراقي.

ويُعد الدفاع الجوي العراقي من أهم الأهداف التي جرى التعامل معها، وذلك لتأثيره على إمكانية إتمام مراحل الحملة الجوية بنجاح. وقد اتُبع أسلوب التعامل مع المراكز الرئيسية أولاً، بعد التأكد من تعطيل عمل نظام الإنذار المبكر العراقي، المتمثل في طائرات الإنذار المبكر، ثم تلا ذلك التعامل مع أكثر الأهداف تأثيراً على قدرة الجانب العراقي على فرض إرادته السياسية، أو قدرته على شن الحرب. ومن أمثلة ذلك أسلوب التعامل مع أسلحة الدمار الشامل، إذ تقرر التعامل مع المصانع والمخازن الرئيسية كمرحلة أولى، تواكب في تنفيذها تدمير القدرات المختلفة على استخدامها.

2. مرحلة امتلاك السّيادة الجوية

تمثلت أهداف مرحلة امتلاك السيادة الجوية في مواقع الدفاع الجوي المهمة والمؤثرة، ومواقع القيادة والسيطرة بمختلف مستوياتها، وتدمير محطات القوى، إضافة إلى القوات الجوية العراقية.

شارك العراق بسوء إدارته لأعمال قتاله، في إنجاح الحملة الجوية لقوات التحالف، بصفة عامة. وقد ظهر ذلك في فترة امتلاك السيادة الجوية. فقد أعطى العراق الفرصة والوقت اللازم لحشد ما يزيد عن 1500 طائرة، نفّذت 13887 طلعة، في مهام الحماية الجوية دون تدخل يُذكر.

استمرت فترة امتلاك السيادة الجوية ما يقرب من ثلاثة أيام، تحققت بعدها سيطرة جوية قاربت السيادة الجوية، ذلك أن العراق، وقد توافر لديه أكثر من 750 طائرة قتال صالحة، قد نفذ 50 طلعة طائرة في اليوم الأول من الحرب؛ ثم أصبح متوسط المجهود الجوي خلال الأسبوع الأول 30 طلعة طائرة، إلى أن توقف ذلك تماماً.

ومن المؤكد أن قيادة قوات التحالف كانت لديها المعلومات الدقيقة والكاملة، عن نوع وسائل الدفاع الجوي العراقي وقدرتها ومزاياها ونقاط ضعفها؛ ولذلك اختارت أن تنفذ أول ضربة جوية في الحملة الجوية ليلاً، وأن تنفذ الموجات الأولى على ارتفاعات أعلى من المدى المؤثر للمدفعية المضادة للطائرات، وصواريخ الكتف الروسية الصنع، التي تمتلكها العراق.

عملت قوات التحالف على إسكات وتدمير قواعد الصواريخ، التي تغطي الارتفاعات المتوسطة والعالية، وساعدها على ذلك قدرات الإعاقة والتشويش العالية، والذخائر الذكية (الموجهة بالليزر وغيرها) القادرة على إصابة الأهداف بدقة من الارتفاعات المتوسطة والعالية. أدى ذلك إلى كشف ضعف الدفاع الجوي العراقي، وبتحييد صواريخ سام المختلفة. وأصبحت طائرات التحالف قادرة على العمل بحرية كاملة فوق ارتفاع عشرة آلاف قدم.

شارك التقدم التكنولوجي في تحقيق نتائج مبهرة، خلال فترة الحصول على السيادة الجوية؛ إذ إن الصواريخ (جو/ جو) القادرة على التعامل خارج مدى الرؤية للطائرة، حققت 40% من إجمالي خسائر الجانب العراقي في القتال الجوي. كما أسهم التقدم الملحوظ في وسائل ومعدات الحرب الإلكترونية، في الحد من فاعلية الدفاع الجوي العراقي بشكل شديد الوضوح.

وفي يوم (ي + 10)، أعلنت قيادة قوات التحالف أنها حققت السيادة الجوية الكاملة. وكان ذلك إيذاناً بخروج القوات الجوية وقواعد الدفاع الجوي العراقي من المعركة. وأصبحت طائرات التحالف تعمل بحرية كاملة. وأكدت أن القوات الجوية والدفاع الجوي العراقي لم يكونا على الكفاءة العسكرية المطلوبة، ويبدو أن سبب ذلك يعزى إلى مستوى تدريب متواضع ومعنويات منخفضة.

3. مرحلة إعداد مسرح العمليات البري

أ. عمدت القيادة الأمريكية إلى تهيئة أنسب الظروف لعمل القوات البرية، من خلال مرحلة كاملة من الحملة الجوية، استهدفت دفاعات العراق الحصينة بمسرح العمليات الكويتي، إضافة إلى خفض الكفاءة القتالية للفرق الثقيلة التابعة للحرس الجمهوري. كما استهدفت القيادة الأمريكية عزلاً كاملاً لمسرح العمليات الكويتي عن القيادة العراقية.

ب. حققت السيادة الجوية لقوات التحالف إمكانية اختيار أساليب أكثر فعالية، وتطوير أسلوب التعامل مع الأهداف البرية الصغيرة ذات التحصين والتمويه العالي.

ج. عمدت القيادة الأمريكية إلى استخدام الطائرات الموجهة من دون طيار، لنقل صورة لحظية للموقف على مسرح العمليات الكويتي؛ إضافة إلى استخدام بعض أنواع الذخائر الجوية الحديثة والموجهة، لتحقيق النتائج المطلوبة. وقد حدث ذلك بعد اكتشاف عدم دقة النتائج الأولية، خلال هذه المرحلة.

4. أهداف العملية الجوبرية

جاءت هذه المرحلة كمرحلة حاسمة للحرب. وقد استهدفت عدة أهداف رئيسية تتمثل في الآتي:

أ. استكمال تدمير فرق الحرس الجمهوري.

ب. إجلاء القوات العراقية عن الكويت.

ج. تنصيب حكومة كويتية شرعية.

وشاركت القوات الجوية لقوات التحالف في مرحلة تنفيذ العمليات البرية، من خلال أربعة مهام رئيسية لدعم أعمال قتال القوات البرية، كالآتي:

أ. تليين النطاقين الدفاعيين على المسرح الكويتي.

ب. استكمال تهيئة أنسب الظروف لعمل القوات البرية.

ج. المعاونة الجوية القريبة.

د. استكمال عزل مسرح العمليات.

تعد أقرب النتائج منطقية في تقييم الخسائر الناتجة عن الحملة الجوية المساندة للعمليات البرية، كالآتي:

أ. تدمير 48% من الدبابات العراقية.

ب. تدمير 30% من المركبات المدرعة.

ج. تدمير 59% من المدفعيات العراقية.

وقد أفادت التقارير الواردة من القوات البرية لقوات التحالف، أن الجنود العراقيين كانوا يستسلمون لهم دون قتال، ويُعد ذلك من أوضح الأدلة على نجاح الحملة الجوية في تنفيذ أهدافها، ونجاح حملة الحرب النفسية المتمثلة في أن يفقد الجنود العراقيين ثقتهم وانتمائهم لقيادتهم.

ويُعد نجاح الحملة الجوية لحرب الخليج الثانية، دليلاً على حسن تفهم القادة القائمين بالتخطيط لتوجيهات القيادة السياسية، إضافة إلى استخدامهم الأمثل للقدرات والإمكانيات الجوية المتعاظمة، في ظل توافر منظومات تكنولوجية متنوعة ومتكاملة، ما أدى إلى تهيئة الظروف المناسبة لتنفيذ الهجوم البري، وأصبح العمل البري من أيسر ما يكون.

سابعاً: استخدام القوات الجوية في حرب البلقان

يصعب تحليل الحملة الجوية في حرب البلقان، دون النظر إلى بعض الظروف والملابسات المحيطة بإدارة هذه الحملة، التي نتناول منها ما يلي:

1. تفجر الصراع في البلقان

أثناء الحرب العالمية الثانية، دعم الألبان الزعيم تيتو، في مقابل حصولهم على الاستقلال؛ ولكنه لم يفِ بوعده لهم، إلا أنه اضطر، عام 1974، إلى منحهم حكماً ذاتياً موسعاً، بعد مقاومتهم المستميتة للحكم الصربي. وقد امتد هذا الحكم الذاتي حتى العام 1989، إلى أن ألغته الحكومة الصربية.

تفجرت الصراعات العرقية في إقليم كوسوفا، عام 1989، وعقب فترة من الجمود، إبان حكم الرئيس اليوغسلافي تيتو؛ ولكن لم تأخذ هذه الصراعات حجمها وأبعادها إلا عام 1998.

2. أهمية البلقان في الإستراتيجية الأمريكية بالمنطقة

يمتد العرق الألباني إلى عدة دول مجاورة لكوسوفا، مثل اليونان، وبلغاريا، وتركيا، وهو ما يجعل امتداد وتوسع مسرح الحرب في حالة نشوبها أمراً متوقعاً، ما يهدد بحرب إقليمية في شرق أوروبا، ويعرض مصالح الغرب للخطر بمنطقة المداخل الجنوبية لأوروبا.

عمدت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إقامة قاعدة إستراتيجية في منطقة البلقان، تتمثل في كوسوفا، لتحقيق وجود قوي للكيان الأمريكي بالمنطقة.

وفي ظل هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على النظام العالمي، وفي إطار تقنين تدخلها في المنطقة، عمدت إلى تغيير المفهوم الإستراتيجي لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي كان مبنياً على مبدأ الدفاع المتقدم ورد الفعل المرن، إلى مفهوم جديد يمكن تلخيصه في النقاط التالية:

أ. حماية مصالح الدول الأعضاء خارج حدودها الجغرافية.

ب. تخويل الحلف السلطة في استخدام القوة العسكرية في أي منطقة في العالم، في حالة ظهور خطر يهدد أمن أوروبا واستقرارها.

وانطلاقاً من الصلاحيات الجديدة لحلف شمال الأطلسي، بدأت الحملة الجوية، مساء 24 مارس 1999، بتنفيذ قرار سياسي أمريكي مؤيد من بريطانيا، لإرغام القيادة الصربية على تنفيذ الاتفاق، الذي ينص على البنود التالية:

أ. إقرار حكم ذاتي موسع لإقليم كوسوفا.

ب. دخول قوات من حلف شمال الأطلسي إلى الإقليم، لضمان تنفيذ بنود الاتفاق ومراقبة التطورات.

3. الهدف السياسي - العسكري لعملية (القوة الحليفة)

أُطلق اسم "القوة الحليفة" على العملية المزمع القيام بها في منطقة البلقان، تنفيذاً للهدف السياسي - العسكري، الذي يمكن تحديد محاوره الأساسية في النقاط التالية:

أ. تأكيد هيبة وريادة الولايات المتحدة الأمريكية للنظام العالمي.

ب. إبراز مصداقية سياسة ردع النظم المعادية.

ج. تحجيم التهديدات الصربية ضد المصالح الأمريكية وحلفائها الأوروبيين.

د. تقليص القدرات العسكرية اليوغسلافية لمنعها من تهديد جيرانها.

هـ. تعزيز موقف الإدارة الأمريكية داخلياً.

و. تهيئة المناخ المناسب في القارة الأوروبية، لخدمة المصالح المشتركة الأمريكية.

إضافة إلى المسار العسكري، المتمثل في العملية العسكرية، فقد اتبع القادة الغربيون مساراً سياسياً لحشد الرأي العام العالمي، لتأييد سياسة حلف الناتو في منطقة البلقان، الذي أدار عملية عسكرية امتدت على مدار 79 يوماً، ولتنفيذ هذه العملية حشد الحلف عدداً كبيراً من قواته لمواجهة القوات اليوغسلافية.

بدأت مرحلة الإعداد للعملية، مع نهاية عام 1998. وتضمنت هذه المرحلة، إضافة إلى أعمال الحشد، جمع المعلومات، وأعمال الاستطلاع، وتقدير القدرات العسكرية الصربية، باستغلال كافة وسائل جمع المعلومات، مع التركيز على البُعد الفضائي، إضافة إلى أعمال المخابرات وطلعات الاستطلاع من حاملة الطائرات المتمركزة في البحر الأدرياتيكي.

4. إدارة عملية (القوة الحليفة)

أدار حلف الناتو، على مدار 79 يوماًَ، حملة جوية مدعمة بقصفات صاروخية طوافة، كمرحلة تمهيدية. وقد أديرت الحملة الجوية بطائرات الحلف المتمركزة بقواعد جوية بإيطاليا وإنجلترا، إضافة إلى حاملات الطائرات المتمركزة بكل من البحرين المتوسط والأدرياتيكي. وجرت إدارة العملية من خلال ثلاث مراحل، كالآتي:

أ. المرحلة الأولى

بدأت هذه المرحلة في الفترة من 24 – 27 مارس 1999م، بإجمالي أربعة أيام. وقد استهدفت إفقاد الجانب الصربي السيطرة على قواته، فضلاً عن إضعاف قدرات رد الفعل من خلال تدمير مراكز القيادة والسيطرة.

كما استهدفت تدمير القوات الجوية، ووسائل الدفاع الجوي، ومراكز الاتصالات، ومستودعات الأسلحة والذخائر. وقد كان الهدف العام لهذه المرحلة هو فتح الثغرات المؤثرة في الدفاع الجوي، لتهيئة الموقف الجوي المناسب، ومحاولة تحقيق السيطرة الجوية في المنطقة.

ب. المرحلة الثانية

امتدت هذه المرحلة أربعة أيام، من 28 – 31 مارس 1999م. وقد استهدفت إحداث أعلى قدر من التدمير في القدرات العسكرية الصربية بصورة مباشرة.

كثّف الحلف هجماته الجوية ضد مناطق تمركز القوات الصربية، مع التركيز على استخدام القاذفات الإستراتيجية، إضافة إلى الدور الكبير للطائرات العمودية الهجومية.

ج. المرحلة الثالثة

استمرت هذه المرحلة 71 يوماً، في الفترة من 31/3 – 10/6/1999، وقد استهدفت توسيع نطاق الهجمات الجوية لتشمل كافة الأهداف الصربية، العسكرية والمدنية، إضافة إلى أهداف السيطرة القومية.

تصاعدت حدة الهجمات الجوية خلال هذه المرحلة نتيجة تزايد عمليات التطهير العرقي، ومعدلات النزوح الجماعي لسكان كوسوفا؛ فضلاً على تصعيد الضغط على القيادة اليوغسلافية لقبول خطط السلام المطروحة.

كان لفاعلية وسائل الدفاع الجوي الصربي، والتي تعتمد في جوهرها على وجود أنواع وعناصر صاروخية متعددة تتصف بالكفاءة الفنية، إضافة إلى وجود كوادر تشغيل مرتفعة الكفاءة، أثر كبير في تحديد الإطار العام لفكر استخدام القوات الجوية لحلف الناتو.

وقد توافر لدى الجانب الصربي بعض العناصر، التي كان لها تأثير واضح على فكر استخدام القوات الجوية لحلف الناتو، وساعد على ذلك عدم توافر المعلومات الكافية لحلف الناتو عن أنسب أساليب التعامل مع هذه العناصر، إضافة إلى ارتفاع الكفاءة الفنية لها. ومن أمثلة هذه العناصر ما يلي:

(1) الطائرات ميج 29 ذات القدرات القتالية العالية، نهاراً وليلاً.

(2) صواريخ سام 11، وسام 15، والتي تعمل على جميع الارتفاعات، بكفاءة عالية.

5. فكر القوات الجوية لحلف شمال الأطلسي واستخدامها

ترتكز المحاور الرئيسية لفكر واستخدام العمليات الجوية في هذه العملية، على استثمار أعمال الاستطلاع الفضائي والمحمول جواً، في ظل أعمال الإعاقة الإلكترونية، واستغلال القدرة العالية على العمل الليلي، مع توافر الأسلحة الموجهة ذات المدى الكبير، والأسلحة التي تُطلق من بُعد.

بدأت الحملة الجوية في المرحلة الافتتاحية بضربات صاروخية مركزة، لتهيئة الظروف للعمل الجوي، إضافة إلى إحداث نسبة من التدمير لبعض الأهداف الحيوية. وقد نفذ ذلك باستخدام صواريخ توماهوك، من القطع البحرية المتمركزة في البحر المتوسط والبحر الأدرياتيكي.

استهدفت الضربة الصاروخية الأولى مراكز القيادة والسيطرة، ومراكز الاتصالات الإستراتيجية، والقواعد الجوية الرئيسية. وباستثمار نتائج الضربة الصاروخية، أطلقت القاذفات الإستراتيجية (B-52) الصواريخ من نوع AGM-68 وAGM-69، ضد الأهداف التي تتطلب دقة إصابة عالية. وقد بلغت أهداف تلك الضربة عشرين هدفاً طبقاً لبيانات الحلف.

وباستغلال الضربات الصاروخية الأولى، وجهت الموجة الثانية، المتمثلة في طائرات (F-117)، عدة ضربات باستخدام الذخائر الجوية ذات التوجيه الليزري. وقد تمثلت أهداف هذه الضربات في وسائل الدفاع الجوي، ومراكز القيادة والسيطرة، ومواقع صواريخ (أرض/ أرض) في العمق اليوغسلافي.

وفي إطار استكمال القذف الجوي الموجه والدقيق، تعاملت طائرات الحلف مع الأهداف المختلفة المحددة، كالقواعد الجوية الرئيسية والمصانع وخطوط السكك الحديدية، إضافة إلى عناصر الدفاع الجوي، ومراكز القيادة والسيطرة، وعُقد الموصلات. وقد جرى ذلك من خارج مدايات تدمير الدفاع الجوي اليوغسلافي، وباستخدام صواريخ (AGM-30) و(GBU-28).

استكملت طائرات الحلف تنفيذ مهامها بأسلوب آخر، وذلك بعد التحديد الدقيق لوسائل الدفاع الجوي، سواء في أوضاع تمركزها المرصود مسبقاً، أو أثناء تنفيذ مهام الكمائن، وذلك بالقصف الجوي القريب لمختلف الأهداف لزيادة نسبة الإصابة، باستخدام الذخائر التقليدية بمختلف أنواعها. وقد نفذ ذلك تحت ستر إعاقة إلكترونية مكثفة من الطائرات (EA6-B).

تركزت الهجمات الجوية لطائرات الحلف بعد استكمال إضعاف عناصر ووسائل الدفاع الجوي، على أهداف البنية التحتية العسكرية؛ وذلك بتدمير مصانع الطائرات والأسلحة والمواد الكيميائية وورش ومستودعات الذخائر.

وقد عمد الحلف إلى التركيز على عزل القوات البرية، من خلال تدمير مراكز وعُقد الاتصالات، إضافة إلى الكباري والجسور والخطوط الرئيسية للسكك الحديدية. وقد حققت الحملة الجوية خسائر كبيرة في الجانب الصربي، ما أفقده القدرة على تحقيق السيطرة والاتزان.

وعلى الرغم من اختلاف التقديرات لخسائر حلف الناتو، وبمقارنة أسلوب إدارة العملية له بأسلوب إدارة العملية للجانب الصربي، يتضح أن القوات الجوية للحلف أتمت المهمة بنجاح كبير.