إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الوقفة العملياتية (التعبوية)






وقفة العمليات الثانية
معركة سيدي براني
الهجوم على غزة وبئر سبع
المطاردة إلى العقيلة
العمليات القتالية وتنفيذ الهدنة
توقف القوات العراقية
حرب أكتوبر والوقفة التعبوية



المبحث الثاني

المبحث الثاني

الوقفات عبر الحروب السابقة

تُعد خبرة الحروب السابقة، عبر التاريخ القديم والحديث، درساً أساسياً في أن الوقفات، أثناء العمليات الحربية، تُمكن القادة من حشد الجهود، واستعادة السيطرة على القوات، من أجل إحراز نصر حاسم. كما أن لها جوانب سلبية، كذلك، فقد يؤدي اتخاذ قرار الوقفة فقْد المبادأة؛ إذ يعطي العدو الفرصة لإعادة تنظيم قواته، ومراجعة خططه، ثم توجيه الضربات المضادة القوية، التي تفقد الجانب الآخر توازنه. لذا، فإن خبرة الحروب، تذكر دائماً أن اتخاذ الوقفات سلاح ذو حدين؛ ويجب أن يُحسب لها بدقة.

أولاً: الحرب العالمية الأولى

الهجوم على غزة وبئر سبع، أكتوبر 1917 (اُنظر خريطة الهجوم على غزة وبئر سبع)

1. أثناء عمليات الحملة البريطانية والقضاء على الدفاعات العثمانية، في منطقة غزة، في نوفمبر 1917، وبعد الاستيلاء على بئر سبع، كان من المقرر أن يتقدم الفيلق 20، وفيلق الصحراء الراكب، شمالاً، ومهاجمة الجانب الأيسر للخط الدفاعي العثماني، دون تأخير. إلا أن القوات البريطانية، كانت تحتاج إلى فترة إعادة تنظيم، ثم تتحرك إلى مواقع الهجوم الجديدة؛ وإجراء استطلاع للدفاعات العثمانية، التي لم تكن قد أظهرتها الصور الجوية. لذا، قدرت القيادة البريطانية، أن تكون فترة التوقف 48 ساعة، كحد أدنى للوقفة.

2. خططت القيادة البريطانية، خلال هذه الفترة، لهجوم خداعي، بالفيلق 21، على الجانب الأيمن لقطاع غزة؛ بهدف تثبيت القوات العثمانية فيها؛ ولخداع العثمانيين عن اتجاه المجهود الرئيسي للقوات البريطانية، الذي كان مخططاً له اتجاه الجانب الأيسر، بواسطة الفيلق 20 وفيلق الصحراء الراكب؛ وربما تعمد القيادة العثمانية، نتيجة هجوم الفيلق 21 على الجانب الأيمن، إلى سحب جزء من قواتها من الجانب الأيسر، أمام الفيلق 20؛ ما يسهل عمليات الفيلق 20 والفيلق الراكب، في اتجاه الجهود الرئيسية للدفاعات.

3. اتخذ القرار البريطاني على أساس الهجوم على مرحلتين (أي خلال عمليتين تعبويتين، بينهما وقفة لمدة 48 ساعة):

أ. المرحلة الأولى

هجوم الفيلق 21، والاستيلاء على تل المظلة، الذي كان يشكل بروزاً في الدفاعات؛ مع الاستمرار في الضغط على الجانب الأيمن لقطاع غزة. ويعقب ذلك مرحلة سكون (وقفة 48 ساعة) لخداع القوات العثمانية، والإيحاء لها بأنه لن تحدث عمليات أخرى في هذا الاتجاه فتبدأ بالتراخي والخلود إلى الراحة .

ب. المرحلة الثانية

هجوم الفيلق 20 وفيلق الصحراء الراكب على غزة، من الجانب الأيسر، وتطويقها وعزل حاميتها، لقطع الإمدادات من الشرق. وكانت القوة المهاجمة تُقدر بنحو 20 ألف جندي.  

4. أثناء سير القتال، الذي اندلع في الأول من نوفمبر 1917 ، وتحقيق المرحلة الأولى، في نهاية اليوم نفسه، عُدلت الوقفة، لتكون 18 يوماً بدلاً من 48 ساعة؛ فلم يُستأنف هجوم الفيلق 20 وفيلق الصحراء الراكب، إلا في 20 نوفمبر 1917.

5. يُعدُّ الفاصل الزمني بين العمليتين التعبويتين وقفة تعبوية. وبناء على هذا، فإن تحليل هذه المعركة يشير إلى الآتي:

أ. حققت الوقفة التعبوية أهدافها من حيث الآتي:

(1) التخطيط لتنفيذ الوقفة التعبوية، نُفذ في المرحلة التحضيرية للعملية، كما هو واضح من أمر العمليات، الصادر عن القائد العام لقوات الحملة البريطانية، الجنرال إدموند آلّنبي Edmund Allenby، والمحرر في 22 أكتوبر 1917 (انظر ملحق أمر العمليات الصادر في 22 أكتوبر 1917). 

(2) عُدلت مدة الوقفة التعبوية المخططة، من 48 ساعة، أثناء تنفيذ العملية، لتصل إلى 18 يوماً، إمعاناً في الخداع، واستكمال الإجراءات.

ب. الإجراءات التي اتُخذت خلال الوقفة التعبوية، والتي كان لها الفضل في نجاح الهجوم

(1) إعادة تنظيم القوات البريطانية، واستعادة الكفاءة، بعد عملية بئر سبع.

(2) إجراء الاستطلاع التفصيلي لدفاعات قطاع غزة؛ ما ساعد على تحقيق المهام.

(3) التحرك المستور، ليلاً، لاحتلال مواقع جديدة للهجوم.

(4) تنفيذ الهجوم التثبيتي والخداعي، بقوة الفيلق 21، في اتجاه المجهود الثانوي، والذي استمر أثناء فترة الوقفة.

ج. كان لتنفيذ هذه الوقفة التعبوية، وتنفيذ الإجراءات خلالها في سرية تامة، أكبر الأثر في تحقيق نجاح الهجوم الرئيسي.

ثانياً: الحرب العالمية الثانية (عمليات شمال أفريقيا 1940ـ 1943)

1. معركة سيدي براني، ديسمبر 1941 (اُنظر خريطة معركة سيدي براني)

أ. بدأت المعركة ليلة 7/8 ديسمبر 1940. واستمرت عشرة أيام. وكان نتيجتها تدمير ست فرق إيطالية، من شرق مرسى مطروح إلى الحدود الغربية لمصر. وقدرت القيادة البريطانية في شمال أفريقيا، أنها تستطيع الاستمرار في الهجوم إلى أن تتصل بالقوات الفرنسية، في تونس، وتفتح طرق الملاحة في البحر الأبيض المتوسط.

ب. انهار هذا التخطيط، بوصول قرار وزارة الحرب البريطانية، المتضمن إرسال قوات بريطانية، لمساعدة اليونان، وتحديد العمليات في شمال إفريقيا.

ج. نتيجة لذلك، توقفت العمليات على مسرح عمليات شمال إفريقيا، في المدة بين 18 ديسمبر 1940 و 5 يناير 1941.

د. النتائج المهمة لهذه المعركة، من وجهة نظر الوقفات، هي:

(1) إدارة العمليات على غير مسرح عمليات، مع قصور في القوات والوسائل؛ الأمر الذي يتطلب تحديد أي من مسارح العمليات أكثر أهمية، لتحقيق مصالح الدولة، أو أيها أشد خطراً على سواه من المسارح، وهذا ما توصلت إليه القيادة البريطانية، آنذاك، بتحديد العمليات في مسرح شمال إفريقيا، لنقل المجهود إلى مسرح أخر.

(2) استمرت وقفة العمليات لمدة 18 يوماً، من 18 ديسمبر 1940 إلى 5 يناير 1941.

(3) خلال وقفة العمليات، لم تتوقف أعمال القتال؛ بل أديرت أعمال قتال محدودة، وليس بالتجميع الرئيسي، بهدف:

(أ) إشغال قوات المحور وتعطيلها عن تنفيذ المناورة في مصلحة اتجاه آخر.

(ب) عدم إعطاء الفرصة لقوات المحور، للقيام بعملية تعرضية، تؤدي تغيير ميزان القوى العسكري على هذا المسرح .

(ج) عدم الاسترخاء، وإنما تنشيط الجبهة بأعمال محدودة .

(4) حققت الوقفة أهدافها في مصلحة القوات البريطانية، متمثلة في الحفاظ على ميزان القوى في مسرح العمليات.

2. المطاردة إلى العقيلة، والاستعداد للهجوم الألماني المضاد في الفترة من 24 ديسمبر 1941 إلى 6 فبراير 1942 (اُنظر خريطة المطاردة إلى العقيلة)

أ. انسحبت القوات الألمانية من خط الغزالة إلى مخيلي ومسوس، على طريقين: الأول، وهو الطريق الساحلي؛ والثاني، الطريق الصحراوي. وقامت القوات البريطانية بمتابعة الانسحاب.

ب. في مساء 24 ديسمبر 1941، احتلت الفرقة الهندية الرابعة الدفاعات المجهزة، في بنغازي. وتوقفت القوات البريطانية القائمة بالمطاردة، من "دون سبب واضح " إلى 11 يناير 1942.

ج. أثناء هذه الوقفة، دخلت القوات الألمانية إلى العقيلة، ونفذت فيه التجهيز الهندسي. وقد حاولت القوات البريطانية المدرعة مطاردتها، بعد ذلك، ولكنها تورطت في حقول الألغام؛ ما أجبرها على التوقف، مرة ثانية، أمام دفاعات العقيلة، ولم تستكمل المطاردة. وتوقف كلا الجانبين، واتخذ موقف الدفاع، استعداداً للمرحلة التالية.

د. بدأت العمليات، مرة أخرى، في هذا المسرح، بالهجوم الألماني المضاد، في 21 يناير 1942. واستمر حتى 6 فبراير 1942، حين وصلت القوات إلى الغزالة.

هـ. توقفت العمليات، بعد ذلك، من 6 فبراير 1942 لمدة أربعة أشهر؛ اتخذ أثناءها كلا الطرفان موقف الدفاع، للاستعداد لخوض المعارك المقبلة.

برزت خلال هذه المعارك عدة وقفات، تميزت بأهداف محددة. وتحققت هذه الأهداف؛ ما كان سبباً مباشراً لنجاح المرحلة التالية لها:

أ. وقفة العمليات الأولى: من 24 ديسمبر 1941 إلى 11 يناير 1942(اُنظر خريطة المطاردة إلى العقيلة)

(1) نُفذت هذه الوقفة، من دون تخطيط مسبق، من القوات البريطانية؛ إذ قامت الفرقة الهندية الرابعة بالتمسك بخط دفاعي، في بنغازي؛ وتحت سترها توقف التجميع الرئيسي للقوات البريطانية.

(2) تمكن التجميع الرئيسي لقوات المحور، خلال الوقفة، من تنظيم الدفاع هندسياً، وعلى خط ملائم[1] علاوة على إعادة تجميع قواتها المرتدة وتنظيمها، واستعادة الكفاءة القتالية، والتحول إلى الدفاع؛ إضافة إلى استلامها لجزء من المعدات الجديدة، التي دعمت بها، وأتمت التدريب عليها.

(3) أفقدت تلك الوقفة، غير المخططة، القوات البريطانية المبادأة، وأتاحت لقوات المحور استعادة الكفاءة وإعادة التجميع والتنظيم؛ ولذا، فقد كانت هذه الوقفة من الوقفات السلبية للقوات البريطانية.

ب. وقفة العمليات الثانية: من 12 إلى 21 يناير 1942 (اُنظر خريطة وقفة العمليات الثانية) 

(1) نفذت بتخطيط من القيادة الألمانية. وتعد هذه الوقفة هي الوقفة الرئيسية في مسرح العمليات. إذ اختار رومل خط الوقفة على مضيق العقيلة، حيث يستند الجانب الأيسر إلى البحر الأبيض المتوسط، والجانب الأيمن إلى مناطق كثبان؛ ما يعوق عمليات الالتفاف والتطويق لقوات المحور.

(2) نظراً إلى تعدد مسارح العمليات لقوات المحور، وعدم قدرة القيادة الألمانية على التلبية السريعة لمطالب القوات في المسارح المختلفة، تقرر تنفيذ هذه الوقفة، حيث تلقى رومل المزيد من الإمدادات والمعدات .

(3) في الفترة عينها، دُعمت القوات البريطانية ببعض الإمداد؛ وإنما ليس بالقدر الكافي.

(4) نفذ الجانب الألماني، خلال هذه الوقفة، إجراءات التحول إلى الهجوم المضاد، الذي بدأ في 21 يناير 1942، واستمر حتى 6 فبراير 1942، حين نجحت القوات الألمانية في الوصول إلى خط الغزالة.

(5) تعد هذه الوقفة من أكثر الوقفات إيجابية؛ إذ تمكنت القوات الألمانية من انتزاع المبادأة، وإعادة تنظيم القوات، والتخطيط الدقيق للهجوم المضاد؛ ما ترتب عليه نجاحها.

يمكن المفكر والمخطط العسكري أن يستخلص دروساً من المعارك المختلفة، خلال الحرب العالمية الثانية، يجب التمسك بها وأتباع جوهرها، أبرزها:

أ. كانت الوقفات على مسرح عمليات شمال إفريقيا، لمدد مختلفة. وكان التوقيت الغالب عليها من شهرين إلى أربعة أشهر.

ب. معظم هذه الوقفات كانت على مستوى مسرح العمليات، الذي يشتمل على أكثر من تشكيل تعبوي.

ج. نفذت القوات البريطانية وقفة عمليات في منطقة بنغازي، من دون سبب واضح؛ وتمكن خلالها التجميع الرئيسي لقوات المحور من تنظيم الدفاعات واستغلالها في مصلحته.

د. بنجاح الهجوم المضاد لقوات المحور، توقفت العمليات، مرة أخرى؛ ثم استؤنفت، وتلا ذلك العديد من الوقفات.

3. العمليات القتالية لحرب 1948، الفترة من 15 مايو حتى 10 يونيه؛ وتنفيذ الهدنة "الوقفة "، في الفترة من 11 يونيه حتى 17 يوليه (اُنظر خريطة العمليات القتالية وتنفيذ الهدنة)

أ. بدأت العمليات القتالية بين القوات العربية وإسرائيل، وتميزت فيها القوات العربية بالمبادأة. وتمكنت خلالها من شن 19 معركة، ما بين هجوم وهجوم مضاد؛ وإن كانت جميعها من دون تنسيق أو تعاون إستراتيجي بين الجيوش العربية المختلفة.

ب. حققت الجيوش العربية تفوقاً واضحاً. وتمكنت القوات المصرية من دخول غزة، واحتلال دير سنيد والمجدل وأشدود. كما تمكنت القوة المصرية الخفيفة من الوصول إلى بيت لحم، وحققت الاتصال بالقوات الأردنية، عند الخليل، في 29 مايو.

ج. تمكنت القوات الأردنية، خلال الأسبوع الأول، من الاستيلاء على اللد والرملة. ووصلت إلى مسافة 6 أميال من تل أبيب، قبل نهاية مايو. وأصبحت بذلك المستعمرات اليهودية، في النقب، معزولة عن باقي الأراضي، التي تسيطر عليها إسرائيل.  

د. أما القوات العراقية، فقد وصلت إلى طولكرم. ووصلت القوات السورية إلى الناصرة. ويمكن القول إن القوات الإسرائيلية، أصبحت محصورة في الشريط الساحلي، الممتد من عكا شمالاً حتى أشدود جنوباً؛ ما دفع الدول الاستعمارية إلى التدخل، وفرض الهدنة. وتمكنت إسرائيل من الحصول على قدر كبير من الأسلحة والعتاد، من دول أوروبا وأمريكا؛ أتاحت لها تقوية دفاعاتها وتحسين أوضاعها، من خلال خرقها للهدنة غير مرة.

هـ. احترمت القوات العربية الهدنة، في الفترة من 11 يونيه حتى 17 يونيه، احتراماً كاملاً؛ ولم تعزز قواتها في فلسطين.

و. من تحليل الهدنة (وقفة العمليات لمدة 36 يوم)، يتضح أنها من الوقفات السلبية، التي أدت فقْد العرب لعنصر المبادأة. بينما استفادت منها إسرائيل استفادة كاملة؛ إذ حصلت على المبادأة، وإعادة تنظيم قواتها، والإعداد والتحضير لعملياتها الهجومية المقبلة.

4. الحروب الحديثة

حرب أكتوبر 1973 (اُنظر خريطة حرب أكتوبر والوقفة التعبوية)

(1) بدأ الهجوم المصري، خلال عمليات أكتوبر، باقتحام قناة السويس، في 6 أكتوبر. واستكملت فرق النسق الأول بناء رؤوس الجسور في 8 و9 أكتوبر.

(2) وبعد أن أنجزت الأنساق الأولى للجيوش الميدانية، المهام المباشرة المنوطة بها، شرق القناة، صدرت الأوامر بتنفيذ وقفة تعبوية، من 10 إلى 13 أكتوبر، لتعزيز الخط المستولى عليه، وتأمين رؤوس الجسور، وتعزيز المعابر على قناة السويس.

(3) صدت تشكيلات الجيوش الميدانية المصرية، خلال هذه الوقفة، العشرات من الهجمات الإسرائيلية المضادة، التي وجهتها إسرائيل، بعد أن استردت بعض وعيها، إلى رؤوس الجسور، بقوات راوحت بين عدة سرايا وعدة ألوية مدرعة ومشاة آلية؛ ركزت في أجناب تلك الرؤوس، محاولة تطويقها والوصول إلى المعابر، لتدميرها، لإيقاف تدفق القوات المصرية إلى الشرق، أو عزلها عن قواعدها في الغرب.

(4) واصلت إسرائيل، في الوقت نفسه، قصف القوات المصرية، والمعابر، بأعداد كبيرة من الطائرات، وبصفة شبه مستمرة، محاولة إيقاع أكبر خسائر بها. كما حاولت، مراراً، مهاجمة بعض القواعد الجوية والمطارات، بهدف إنزال خسائر بالقوات الجوية المصرية.

(5) وكان لهذه الوقفة التعبوية أهداف عدة، تخدم الخطة الهجومية المصرية لتحرير سيناء؛ من أهمها:

(أ) ضمان ثبات وتعزيز رؤوس الجسور المستولى عليها؛ ولو تحملت القوات بعض الخسائر؛ إذ إنه من المفضل إنزال أكبر خسائر بإسرائيل، على حالة الثبات، مع توافر أعمال التجهيز الهندسي للقوات المصرية، التي أصبحت في العراء، بلا سواتر ولا تجهيزات هندسية، تقيها خطر الهجمات الجوية المعادية. هذا فضلاً عن أن رؤوس الجسور المعززة، أصبحت تشكل قاعدة قوية، يمكن أن تستند إليها القوات، عندما تبدأ بتطوير الهجوم شرقاً.

(ب) تحقيق الدفاع الجوي عن القوات في رؤوس الجسور، وإسقاط أكبر عدد من الطائرات الإسرائيلية، مع توفير القدرة على تحقيق الحماية للقوات المصرية، أثناء أعمالها القتالية، بالانتقال المتتالي لعناصر الدفاع الجوي بالصواريخ، خلف القوات.

(ج) ضمان تحقيق الاتزان الإستراتيجي في المسرح، بفضل وجود الأنساق التالية للجيوش الميدانية واحتياطيات القيادة العامة، غرب القناة.

(د) إعادة تجميع القوات وتنظيمها، في مناطق رؤوس الجسور، واستكمال الإمداد الإداري والفني بالاحتياجات، استعداداً لتطوير الهجوم شرقاً.

ولم تكن الوقفة التعبوية فترة سكون، ولكنها كانت فترة نشاط كبير، يهدف إلى صد الهجمات الإسرائيلية المضادة المتوقعة، من أفضل الأوضاع الممكنة. وتمكنت القوات المصرية، خلال هذه الفترة، من تدمير ما يناهز الخمسمائة دبابة إسرائيلية؛ فضلاً عن الآلاف من الجنود؛ ولم يكن هذا بالأمر الهين. كما استولت على كل حصون خط بارليف وقلاعه.

(هـ) إلا أن إيجابيات هذه الوقفة التعبوية، لم تعادل الناحية السلبية للوقفة، ألا وهي توقف القوات المصرية عن تطوير الهجوم شرقاً؛ ما أفقدها المبادأة، وأعطى القوات الإسرائيلية فرصة تدعيم دفاعاتها حول رؤوس الجسور وإعادة تجميع قواتها المدرعة، والمبادرة إلى عملية الاختراق للدفاعات. وكانت نتيجتها عدم نجاح القوات المصرية في تطوير الهجوم شرقاً.

5. توقف القوات العراقية، بعد مهاجمة دولة الكويت (وقفة غير مخططة) (اُنظر خريطة توقف القوات العراقية)

أ. شنت القوات العراقية هجومها على القوات الكويتية، في منتصف ليلة 1ـ 2 أغسطس، حتى 3 أغسطس 1990.

ب. مع أول ضوء من يوم 4 أغسطس، تقدم باقي الفرقة 21 المدرعة، ومعها الفرقة 9 المشاة الآلية، في اتجاه المنطقة الجنوبية، المقتسمة بين الكويت والمملكة العربية السعودية، حيث توقفت القوات العراقية، على بعد كم واحد من الحدود الكويتية ـ السعودية.

وبذلك، تكون قوات الفيلق الثامن، قد نجحت في تحقيق مهمتها التالية، بوصولها إلى الحدود الجنوبية لدولة الكويت، بنهاية يوم 7 أغسطس.

ج. بمضي الوقت، وتصاعد ردود الفعل العربية، والقوى الإقليمية والدولية، ومواقفها من الغزو العراقي بالقوة العسكرية، اضطرت القوات العراقية إلى إيقاف العمليات القتالية ضد دولة الكويت.

د. خلال هذه الوقفة التعبوية، خططت قوات التحالف لعملية "عاصفة الصحراء"، لتحرير دولة الكويت.



[1] الخط المناسب: هو مضيق العقيلة حيث تحتل القوات بجانبها الأيسر على البحر الأبيض المتوسط، وجانبها الأيمن تحتله القوات مستندة على مناطق كثبان مما يعوق عمليات الالتفاف والتطويق لقوات المحور