إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / الوقفة العملياتية (التعبوية)






وقفة العمليات الثانية
معركة سيدي براني
الهجوم على غزة وبئر سبع
المطاردة إلى العقيلة
العمليات القتالية وتنفيذ الهدنة
توقف القوات العراقية
حرب أكتوبر والوقفة التعبوية



المبحث الخامس

المبحث الخامس

المسائل الرئيسية، التي تواجه الفن التعبوي

إن الفن التعبوي، يبحث ويدرس مسائل تحضير العمليات وإدارتها؛ وهي العمليات التي تدار بوساطة التشكيلات التعبوية لجميع الأفرع الرئيسية. وإن المبادئ الرئيسية للفن التعبوي، تحتوى على الخبرات المكتسبة من الحروب السابقة. وتعد هذه المبادئ توصيات للتطبيق العملي؛ وتشمل:

أولاً: السعي المبكر إلى انتزاع المبادأة

1. تُعَدُّ المبادأة مفتاح النجاح في العمليات، الهجومية أو الدفاعية. وتتضمن تصميم القادة على تنفيذ قراراتهم، بما يجعل رد فعل العدو طبقاً لأعمال قتال القوات، مع فرض الإرادة، وطرق القتال.

2. إن اتخاذ الدفاع، يعني أن المهاجم يمتلك المبادأة، وهو الذي يقرر متى وأين سيبدأ هجومه. لذلك، يجب عند التخطيط الإستراتيجي لعملية دفاعية، أن يخطط ضمنها لعملية التحول إلى الأعمال الهجومية، عقب نجاح العملية الدفاعية، بعد وقفة تعبوية؛ مع السعي المبكر لانتزاع المبادأة، أثناء إدارة العملية الدفاعية.

3. تعد المبادأة مفتاح التحول من الأوضاع الدفاعية إلى الأعمال الهجومية. وتتحقق في العمليات الدفاعية، بأعمال القتال الجريئة لقوات نطاق الأمن؛ وتنفيذ الإغارات والهجمات والضربات المضادة، في التوقيتات الملائمة، وفي أكثر الاتجاهات تأثيراً في العدو؛ مع الأخذ في الحسبان أهمية تشكيل احتياطيات أخرى، وسرعة استعادة الكفاءة القتالية للأنساق الأولى.

4. يجب السعي المبكر إلى إحراز المبادأة في العمليات الهجومية، واستمرار المحافظة عليها، بزيادة القوة المهاجمة ودفعها في أكثر من اتجاه، لتشتيت جهود العدو؛ مع استغلال الاختراقات للحصول على أقصى الميزات.

5. تعد أعمال الإبرار، الجوي والبحري، والقوات الخاصة، ودفع المفارز، من الإجراءات الرئيسية لانتزاع المبادأة، وإرباك سيطرة العدو على قواته؛ وللاستيلاء، كذلك على خط ملائم، يؤمن دفع القوات الرئيسية. ويمكن لمثل هذه الأعمال أن يستمر، أثناء وجود القوات في الوقفة التعبوية.

6. عند تنفيذ الضربات المضادة، لاستعادة الأوضاع الدفاعية إلى ما كانت عليه، يستمر الضغط على العدو، لإجباره على الارتداد خارج الحد الأمامي للدفاعات؛ والاستيلاء على الهيئات الملائمة، لتأمين تنفيذ الوقفة التعبوية، ونجاح التحول إلى العملية الهجومية المقبلة. 

7. على الرغم من أن تحقيق المفاجأة، هو أحد العوامل الرئيسية لإحراز المبادأة إلا أنه يمكن إحراز المبادأة، من دون تحقيق المفاجأة، كالآتي:

أ. الحصول على المعلومات الدقيقة، مع القدرة على تحليلها، وسرعة تداولها.

ب. التوقع السليم لأعمال العدو المنتظرة.

ج. امتلاك مقومات السيطرة على المناورة، والتي تشتمل على:

(1) التفوق في القوات والوسائل، بما يحقق حسم الموقف في مصلحتها.

(2) كسب الوقت، بما يحقق اختيار التوقيتات الملائمة، وسبق العدو في الإجراءات؛ بما يعني التحديد الدقيق لمدة الوقفة التعبوية، ومدى كفاءة تنفيذ الإجراءات.

(3) القدرة على نقل الجهود، إلى المكان أو الاتجاه الملائم.

8. يجب أن يوضع في الحسبان مدى أهمية تحقيق أقصى استفادة ممكنة، من أوضاع القوات، بنهاية إدارة العملية الدفاعية، كقاعدة للهجوم؛ مع الاستفادة من التشكيلات والاحتياطيات، التي لم تشترك في العملية الدفاعية كقوة رئيسية للهجوم.

ثانياً: تحقيق الاتزان التعبوي

1. إن تحقيق مبدأ الاتزان والمحافظة عليه، هو الهدف الرئيسي، الذي يسعى إليه كل من طرفي الصراع المسلح. ويتحقق الاتزان التعبوي للجيش، باتزان القوة القتالية، واتزان تشكيل العملية، والسيطرة الحازمة، وتنفيذ إجراءات التأمين الشامل.

2. لا يعارض تحقيق الاتزان التعبوي الاحتفاظ بالمبادأة؛ فكلاهما يسعى إلى تحقيق هدف واحد؛ والاحتفاظ بالمبادأة، يتطلب إعادة تكوين الأنساق الثانية والاحتياطيات؛ وهو نفس ما يرمي إليه الاتزان التعبوي، حتى يضمن استمرار أعمال القتال بنجاح.

3. الاتزان التعبوي، أثناء الوقفة

أ. عند اكتشاف العدو نيات القوات الهجومية، ينتظر أن يوجه ضربة مسبقة، لإحباط  العملية الهجومية للقوات أو تأخيرها؛ ومن المتوقع أن يستخدم في تنفيذها القوات الجوية، أساساً؛ وبنجاحها تدفع مجموعات قتال قوية، من الأنساق الثانية. لذا، يجب أن يكون النسق الأول للجيش الميداني، على خط الوقفة، بالحجـم والإمكانيات القادرين على صد قوة الضربة المسبقة المعادية واحتوائها وتدميرهـا، وأن تكون وسائل الدفاع الجوي للدولة والجيش الميداني، قادرة على صد ضربة العدو المسبقة بقواته الجوية.

ب. لتحقيق المهمة الرئيسية للجيش الميداني، في العملية الهجومية، لا بد من بناء النسق الأول، ليكون قادراً على اختراق الدفاعات الرئيسية للعدو، وصد الاحتياطيات التكتيكية وتدميرها، وصد الاحتياطي التعبوي وتدميره، بالتعاون مع احتياطيات القيادة العامة.

ج. ولتحقيق الاتزان التعبوي للجيش الميداني، خلال الوقفة التعبوية، يراعى الآتي:

(1) تنفيذ خطة إعادة التجميع، في سرية تامة، في إطار خطة الخداع.

(2) ضرورة تشكيل الأنساق الثانية، والاحتياطيات من القوات، الآلية والمدرعـة، لتأمين العمق التعبوي للجيش، ضد قوات الإبرار، الجوي والبحري، المعادي.

(3) بوصول القوات إلى خط الوقفة التعبوية، تخطط إجراءات الخداع، وإعادة التجميع، لإقناع العدو بتحول الجيش إلى الدفاع؛ وتحت ستار ذلك يتحول إلى الهجوم.

(4) الاستطلاع الجيد والمستمر، لاكتشاف تحضيرات العدو للضربة المسبقة.

(5) وقاية القوات من العدو الجوي، وأسلحة الدمار الشامل؛ وتوفير التأمين، الإداري والطبي والفني.

(6) الاستعداد القتالي العالي، للقوات والقيادات.

(7) استمرار القيادة والسيطرة، مع كل من القيادات المرؤوسة والمستوى الأعلى.

(8) تكثيف عناصر التوجيه المعنوي، لتحقيق الاتزان، النفسي والمعنوي، للقوات.

4. تكثيف عناصر الاستطلاع، للكشف عن تحضيرات العدو للضربة المسبقة؛ وكذلك حجم قواته.

ثالثاً: الخداع التعبوي

يُنفذ الخداع التعبوي، في إطار خطة الخداع الإستراتيجي، لتضليل العدو، خلال إجراءات القوات للتحضير والتنظيم للعملية الهجومية، وإعادة التجميع، وإجراءات استعـادة الكفاءة القتالية؛ وإيهامه باستمرار القوات في الدفاع؛ وذلك بتنفيذ الآتي:

1. منع استطلاع العدو الإلكتروني، وعرقلة مساعيه إلى اكتشاف تجمع قواتنا، وأماكن مراكز القيادة؛ وذلك بنشاط وسائل الجيش الميداني للحرب الإلكترونية.

2. إخفاء التحركات على المحاور الرئيسية والطرق؛ وذلك باستخدام التعويق المركب (العواكس الركنية والعوق الإلكتروني)؛ مع ترك قطاعات من المحاور والطرق، من دون عوائق، وتخطط عليها تحركات، حقيقية وهيكلية.

3. تنفيذ خطة تجهيز هندسي، لمناطق تمركز الأنساق الثانية، على أنها تجهيزات هندسية للنطاق الدفاعي الثاني؛ مع استمرار تحسين دفاعات النسق الأول، على خط الوقفة التعبويـة، على أنها إجراءات التحول إلى الدفاع.

4. التدريب على الهجمات المضادة، داخل النطاقات الدفاعية؛ وتحت ستر هذا التدريب، تنفذ إجراءات إعادة التجميع للقوات والوسائل.

5. إنشاء معسكرات تدريب، في العمق التعبوي، مع استغلال هذه المعسكرات في إصلاح المطارات، وأراضي الهبوط وتجهيزها، وإعداد التكديسات الإدارية.

6. التوسع في إنشاء مرابض نيران مدفعية الميدان، التبادلية والتكميلية، التي ستستخدم في التمهيد النيراني للهجوم؛ وكذلك مرابض الدفاع الجوي.

7. وقاية الوسائل الإلكترونية الصديقة، بتخطيط مراقبة لاسلكية مستمرة، لاختبار مدى تنفيذ إجراءات مقاومة الاستطلاع الإلكتروني للعدو.

8. السرية في التخطيط، والسيطرة الحازمة على الوثائق.

9. التوسع في عمليات الإخفاء والتمويه.

10. التخلِّي عن النمطية[1]، في تنظيم الدفاعات، في النطاق الدفاعي الأول.

رابعاً: تحقيق السيطرة المتزنة على القوات

1. ثبات السيطرة، بالقدرة على توفير المواصلات المستمرة، والسريعة، مع القوات وتنظيمها، وإلمام القادة والقيادات بالموقف.

2. حزم السيطرة، وتعني قدرة القادة والضباط على السيطرة على القوات، في أشد المواقف صعوبة؛ وكذلك الإصرار على تنفيذ القرارات الدقيقة المتخذة.

3. مرونة السيطرة، وهي القدرة على إعادة تنظيم السيطرة، وتعديلها في الوقت الملائم، طبقاً للموقف.

4. تأمين السيطرة، بمراقبة تنفيذ إجراءات سرية المحادثات، خلال المواصلات الإشارية وتشفير الوثائق، واستخدام جداول الرمز.

5. استمرار السيطرة، بتأمين وثبات وحيوية مراكز القيادة ووسائل المواصلات الإشارية، في مواجهة أعمال التعويق المعادية؛ وإمكانية نقل السيطرة من مركز قيادة إلى مركز قيادة آخر.

خامساً: التأمين الشامل، خلال الوقفة التعبوية

1. إن الغرض من تنفيذ إجراءات التأمين الشامل، ليس فقط حرمان العدو من مفاجأة قواتنا فقط؛ وإنما، كذلك، معاونتها على إجراءات استعادة الكفاءة القتالية، في أقل وقت ممكن؛ وخلق الظروف الملائمة للقوات، لتحقيق مهامها في العملية، في الوقت المحدد. ويتضمن التأمين الشامل الإجراءات الآتية:

أ. تنفيذ أعمال الاستطلاع الناشط، والمستمر، للعدو، بجميع الإمكانات والوسائل.

ب. وقاية القوات، والمناطق، والأقسام الإدارية، من تأثير أسلحة الدمار الشامل، والمواد الحارقة، وأعمال العدو المفاجئة.

ج. تنفيذ إجراءات الخداع والإخفاء والتمويه، والحرب الإلكترونية، بكل دقة؛ لتضليل العدو عن إجراءات قواتنا، خلال الوقفة التعبوية.

د. التأمين "الهندسي والإداري والطبي والفني...، الخ"، للقوات، خلال تنفيذ إجراءات الوقفة التعبوية.

2. إن الوسائل الحديثة للصراع المسلح، ومعدات القتال، زادت من تأثير إجراءات التامين الشامل في تحقيق مهام القوات.

3. ضرورة تنفيذ إجراءات التأمين الشامل، بوساطة ضباط هيئة القيادة، وقادة الأسلحة والخدمات، الذين يُعَدُّون مسؤولين عن تنظيم إجراءات التأمين الشامل، التي تخص أسلحتهم.

    برزت عدة نقاط مهمة، كانت سبباً مباشراً لضمان تحقيق النجاح للتحول إلى العمليات الهجومية، كالتالي:

أ. إن التحول عن الأوضاع الدفاعية إلى الأعمال التعرضية، يحتاج إلى حل مشكلات الفن التعبوي، المؤثرة في عملية التحول. ولإنجاح هذه العملية، لا بد من أن تعمل القيادة، السياسية والعسكرية، على تهيئة الظروف الملائمة للقوات المسلحة، بالقدر الذي يحقق لها التفوق، النوعي والكمي.

ب. إن التحول عن الأوضاع الدفاعية للعمليات الهجومية، بعد عملية دفاعية ناجحة، قد يسبقه وقفة تعبوية، لاستعادة الكفاءة القتالية، وإعادة التجميع، وحشد القوات والوسائل، طبقاً للخطة الموضوعة مسبقاً.

ج. إن الوقفة التعبوية، لا تعني التوقف التام لأعمال القتال، بل تقل هذه الأعمال القتالية للقوات البرية على اتجاه الوقفة؛ وتستمر أعمال القتال الناشطة للقوات الجوية، والقوات البحرية، ووسائل الدفاع الجوي. ولذلك، فإن أعمال العدو المحتملة حيال الوقفة، وطبيعة الأرض، والقدرات والإمكانيات القتالية لطرفي الصراع؛ علاوة على طبيعة المهمة القتالية وخصائصها؛ فضلاً عن تحقيق مبادئ الفن التعبوي، هي من أهم العوامل المؤثرة في الوقفة.

د. لضمان تحقيق النجاح للتحول إلى العمليات الهجومية، بعد تنفيذ عملية دفاعية ناجحة، يجب تنفيذ الإجراءات التالية، خلال الوقفة التعبوية:

(1) إعادة تجميع القوات والوسائل، في سرية تامة.

(2) تحقيق الاتزان التعبوي.

(3) تحقيق الخداع التعبوي.

(3) ضرورة ثبات القوات ونشاطها، على خط الوقفة.

(4) إخفاء سرية الإعداد والتحضير لعملية التحول.

(5) إعداد القوات وتدريبها، واستعادة كفاءتها القتالية.

(6) التجهيز الهندسي للمناطق الابتدائية للهجوم.

(7) التنسيق القتالي العالي للقوات، على خط الوقفة.

(8) التنسيق الكامل بين الأفرع الرئيسية، والتشكيلات التعبوية، والتشكيلات، على خط الوقفة.

(9) التخطيط المسبق لعملية التحول، المواكب للعملية الدفاعية.



[1] عدم النمطية: عدم تنفيذ ما اتفق عليه من أساليب في تنظيم الدفاعات في المنطقة الدفاعية والقطاع الدفاعي والنطاق الدفاعي - المنطقة الدفاعية: مستوى الكتيبة، القطاع الدفاعي: مستوى اللواء، النطاق الدفاعي: مستوى الفرقة والجيش