إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / معركة ووترلو






منطقة العمليات لمعركة ووترلو
معركة ووترلو 1815



الجيش الثامن البريطاني

المقدمة

عاد نابليون بونابرت إلى باريس في 19 ديسمبر 1812، بعد حملته الفاشلة على روسيا (يونيه ـ ديسمبر 1812)، وبعد أن تحطمت آماله فوق جليد موسكو. ومن يومها احتفظ نابليون بكيس صغير، علَّقه في رقبته، وكان هذا الكيس به سُم، عبارة عن مزيج من الأفيون ونباتي الخريف والبلادونا، أعطاه إياه طبيبه الخاص إيفان، عند بدء انسحاب القوات الفرنسية من موسكو؛ بناءً على طلبه ليستخدمه إذا وقع أسيراً في يد القوزاق. وقد استخدم نابليون، بالفعل، هذا السم وحاول الانتحار بعد سلسلة هزائمه، وخاصة في موقعة ووترلو، التي يأتي الحديث عنها.

في باريس أخذت الأخبار السيئة تتوالى على نابليون بونابرت؛ فقد رجعت الفيالق البروسية التي كانت تقاتل تحت علم نابليون إلى بروسيا، وأعلنت بروسيا الثورة على الحكم الفرنسي في 31 ديسمبر 1812، وأعلنت بروسيا الشرقية تمردها كذلك، في 28 فبراير 1813، وأصبح هناك حلف أوروبي معادٍ لنابليون يضم روسيا، وبروسيا والسويد وإنجلترا والنمسا. زحف نابليون إلى ألمانيا، وانتصر على الروس والبروسيين في ليتزن Litzen، وبوتزن  Bautzen (وهما مدينتان ألمانيتان في مقاطعة الساكس: الأولى على فرع نهر سال Saal، والثانية على نهر سبريه Sprée)، في 20 ـ 21 مايو 1813، ولكنه لم يكن انتصاراً حاسماً. ثم هُزم في 26 ـ 27 أغسطس 1813، في درسدن Dresden (عاصمة إقليم ساكس، الواقعة على نهر إلبا Elbe). ثم خاض نابليون معركة ليبزيج Leipzig (وهي مدينة ألمانية في إقليم ساكس تطل على نهر الستر Elster)، في 16 ـ 19 أكتوبر 1813، ضد تحالف جيوش روسيا وبروسيا والنمسا والسويد، (أُنظر خريطة منطقة العمليات لمعركة ووترلو) و(خريطة معركة ووترلو).

وهُزم نابليون وانسحبت القوات الفرنسية إلى الراين، وأخذت جيوش الحلفاء تتقدم إلى أن دخلت فرنسا، في 4 فبراير 1814، ثم احتلت باريس، في 31 مارس 1814، ورفض مارشالات فرنسا دعوة نابليون لهم بمواصلة المقاومة. وأصدر مجلس الشيوخ الفرنسي، في 2 أبريل 1814، بياناً أدان فيه الإمبراطور نابليون، وأعلن تخليه عنه، واتهمه بأنه السبب في كل المصائب التي حلت بالشعب الفرنسي. وفي ذلك الوقت كان نابليون في مدينة فونتيبلو Fontainebleau، وجاءه المارشالات ناي وبيرتييه ولوفيفر، وأقنعوه بالتنازل عن الحكم لإبنه ملك إيطاليا، في 6 أبريل 1814. ووقع نابليون وثيقة التنازل، التي تضمنت شروطها أن يتولى نابليون حكم جزيرة ألبا، مدى حياته، وتخصيص مبلغ مليوني فرنك سنوياً، من الخزينة الفرنسية، لتغطية نفقاته هناك.

مكث نابليون بونابرت، في جزيرة ألبا زهاء عام، حاول خلاله الانتحار في 13 أبريل 1814، ولكنه فشل. كان في تلك الأثناء يتابع تطورات الأحداث في فرنسا تحت حكم لويس الثامن عشر، الذي نصبه الحلفاء ملكاً على فرنسا. وظن نابليون أن باستطاعته إعادة مجرى الأحداث إلى الوراء، وأن الفرنسيين سوف يتبعونه، مثلما كان الحال من قبل؛ فقرر العودة إلى فرنسا، وغادر جزيرة ألبا، في يوم 26 فبراير 1815، وهبط أرض فرنسا، وسار في طريق جبال الألب الوعرة، وبين قراها من 3 ـ 5 مارس 1815، وأهل القرى يستقبلونه ويستضيفونه مع رجاله. وواصل سيره إلى ليون، ثم دخل باريس في 20 مارس 1815، بعد أن فر منها لويس الثامن عشر ورجاله.

ودخل قصر التويلري، بين هتاف الجماهير والجنود. وقد أثارت عودته المباغتة إلى باريس مشاعر الغضب في عواصم أوروبا. واجتمع وزراء خارجية دول الحلفاء في فيينا عاصمة النمسا، وقرروا إهدار دم نابليون، واعتباره خارجاً على القانون، واتفقت كل من بريطانيا وفرنسا والنمسا وروسيا وبروسيا على أن تجهز كلٌ منها جيشاً عدته 150 ألفاً، تتعاون جميعاً لحرب نابليون. وحاول نابليون تجنب؛ الحرب فأرسل مندوبيه، في 4 أبريل 1985، إلى ملوك هذه الدول يعلن استعداده الكامل لإبرام السلام والتفاوض، ولكنهم رفضوا استقبال مندوبيه، وأعلن مترنيخ، وزير خارجية النمسا، أن النمسا لن تتفاوض قط مع نابليون. وعقب ذلك، اتفق الحلفاء على فصل ملك روما، ابن نابليون، عن أمه ماري لويز، وتشديد الحراسة حوله مخافة اختطافه. أمَّا ماري لويز فقد أعلنت انفصالها عن نابليون، وطلبت من الحلفاء حمايتها منه. كذلك قام ملك نابولي، يواكيم مورا بحركة تمرد في أبريل 1815 ضد فرنسا، واستولى على الولايات البابوية، ودعا الإيطاليين إلى الثورة، وقبوله ملكاً على إيطاليا كلها، بدلاً من ابن نابليون. هكذا لم يجد نابليون أمامه خياراً سوى خيار الحرب، فأخذ يعُد العدة الكاملة لها بدءاً من 10 أبريل 1815. وكانت أول مشكلة واجهته هي عدم وجود قادة أكفاء تحت إمرته؛ فقد رفض تسعة مارشالات العودة إلى العمل تحت قيادته، على رأسهم: أودينو، وسان سير، ومكدونالد MacDonald. كما أقدم هو على عزل كل من: ألكسندر برتييه Alexandre Berthier، وفيكتور Vetor، ومارمون، وبيرينيون، وبيير أوجيرو Pierre Augereau، ولوفيفر.

عيَّن نابليون المارشال دافو Davout، وزيراً للدفاع. وأبقى على ناي Ney، وأدولف مورتييه Adolphe Mortier، وسوشيه، وبورون كقادة ميدان. ومنح عصا المارشالية للجنرال إمانويل جروشي Emmanuel De Grouchy، ضابط الفرسان النشط، وكلَّفه بإخماد ثورة نشبت في جنوب فرنسا.

كانت مخازن السلاح شبه خاوية؛ فأمر نابليون بالاسراع في صنع 150 ألف بندقية موسكتون، وشراء 200 ألف أخرى من سويسرا، أو من بريطانيا. وأمر دافو بزيادة عدد الفرسان إلى نحو 35 ألف فارس. كما أصدر أوامره في 30 أبريل 1815، باستدعاء كافة ضباط الصف الذين كانوا قد تركوا الخدمة في الجيش، وتشكيل أربعة جيوش جديدة في شمال موزيل والراين والألب، وثلاثة فيالق حراسة على حدود ألجورا وفار والبيرينة، وتولى نابليون بنفسه قيادة الجيش الرئيسي، وهو جيش الشمال، بعد أن جعله في أربعة فيالق وثلاث فرق فرسان. وأصدر أمره إلى دافو، في الأول من مايو 1815، بإنشاء حزام من التحصينات حول باريس.

وعيَّن المارشال نيكولاس سولت Nicolas Soult ـ الذي كان وزيراً للحربية والخارجية في عهد الملك لويس الثامن عشر ـ رئيساً لأركان جيش الشمال، ولم يكن هذا اختياراً موفقاً؛ فقد كان سولت كسولاً وغير منظم، وكان قد هُزم مرتين من قبل، في تولوز، أمام القائد الإنجليزي ولِّنجتون (أرثر ويلليسلي دوك دي ولِّنجتون Arthur Wellesley, Duc De Wellington).

وكان جيش نابليون بونابرت، يتكون من مشاة ومدفعية ميدان عددها 94.200 جندي، وخيالة ومدفعية محمولة عددها 24.000 فارس، وأفراد سلاح مهندسين عددهم ألفي مهندس. فبلغ إجمالي عدد المقاتلين 120.200 مقاتل، معهم 366 مدفع.

ونشر نابليون هذه الحشود على جبهة بعرض 25 كم، بين فيليب فيل وبومون، على بعد بضع كيلومترات من الحدود البلجيكية، وبتشكيل موزع على الحرس والفيالق، كالتالي: (أُنظر جدول تشكيل جيش نابليون)

أمَّا جيوش الحلفاء التي كانت في مواجهة نابليون، فقد تركزت في بلجيكا، وقُسَّمت إلى جيشين:

1. جيش بقيادة ولِّنجتون، القائد الشهير الذي واجه الفرنسيين في البرتغال وأسبانيا، وأحرز الانتصارات عليهم، وقد عُرف بلقب (دوق جهنم) بسبب ما عُرف عنه من العناد والإرادة الصلبة. وتألف هذا الجيش من 97.700 مقاتل من الإنجليز والهولنديين والبلجيكيين والألمان. وكان ولِّنجتون يعتمد إعتماداً أساسياً على البريطانيين، وقد استقبلهم بنفسه في 13 مايو 1815، في سندلبك Scendelbeck، حيث استعرض، ومعه شقيقه دوق دي بيري Duc De Berri، مجموعة الخيالة، والمدفعية البريطانية، تحت قيادة لورد أكسبريدج Lord Uxbridge، وبها عشرون مدفعاً. واتخذ الجيش قاعدته في بروكسل، متمركزاً في الجزء الغربي.

وتشكَّل جيش ولِّنجتون من فيلقين من المشاة وفيلق من الخيالة، مع قوة احتياط احتفظ بها ولِّنجتون. وكان تنظيم الجيش كالتالي: (أُنظر جدول تشكيل جيش ولِّنجتون)

كان ثلث الجيش من البريطانيين، والباقي مزيج من الألمان والهولنديين والبلجيكيين، ومعظمهم مجندون جدد. وكان جزء من الضباط البريطانيين مع ولِّنجتون، بينما أبحر الآخر من بريطانيا يوم 28 أبريل 1815، وضم مجموعة من أشهر الضباط الإنجليز، (أُنظر ملحق قائمة بكبار الضباط الذين أبحروا من إنجلترا للانضواء تحت قيادة ولِّنجتون).

2. جيش بروسي خالص بقيادة بلوخر ( جوبهارد ليبرخت فون بلوخر Gobhard Leberecht Von Bliicher، وكان يتوق إلى الثأر لهزيمته أمام نابليون بونابرت عام 1814 في ليجني Ligny)، ويتمركز في الراين الأدنى في ماستريخت وآخن، مهيمناً على النصف الشرقي من البلاد، وكان جميع أفراده من البروسيين، وتشكيله كالتالي: (أُنظر جدول تشكل الجيش البروسي)

وهكذا كان جيش بلوخر معادلاً لجيش نابليون، ولكن كان أقوى من ناحية المشاة، وأضعف في الخيالة والمدفعية.

أمر نابليون، قبل التحرك، بتجهيز كل جندي بخمسين طلقة، وخبز يكفي أربعة أيام، و450 جرام أرز. وأمر فيالق الخيالة الأربعة أن تتحرك كطليعة متقدمة.