إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / معركة العلمين (23 أكتوبر – 4 نوفمبر 1942)





تشكيل قتال الجيش الثامن
تشكيل قتال الفيلق 30
تشكيل قتال الفيلق 13
تشكيل قتال الفيلق العاشر

أوضاع قوات الجانبين
مراحل مطاردة قوات المحور
مسرح عمليات العلمين
أعمال قتال قوات الجانبين
معركة علم حلفا
الموقف يوم 1/7/1942
الإغارة على طبرق وبني غازي
الساحل الشمالي للصحراء الغربية
الصحراء المصرية الليبية
تطور هجوم الفيلق 30 (1)
تطور هجوم الفيلق 30 (2)
خطة هجوم الفيلق 30



بسم الله الرحمن الرحيم

المبحث الثالث

مراحل وسير معركة العلمين

وضع مونتجمري خطته على أساس قيام قواته بتنفيذ المعركة على ثلاث مراحل أساسية:

1. المرحلة الأولى

فتح المشاة ثغرات في حقول الألغام، والمواقع الدفاعية، لتتقدم من خلالها المدرعات، حتى تتمكن من الانتشار خلف مواقع المحور الدفاعية لمنع قواته الاحتياطية المدرعة، من القيام بهجمات مضادة أثناء تنفيذ المرحلة الثانية، واستغرق تنفيذ هذه المرحلة من ليلة 23/24 أكتوبر إلى ليلة 24/25 أكتوبر. وتم فيها اختراق دفاعات المحور لمسافة من 2 إلى 4 كم، في قطاع الهجوم الشمالي وتقدمت الفرق المدرعة خلال الثغرات أثناء الليل. أما في قطاع الفيلق 13 في الجنوب فقد فشل الهجوم في تحقيق أهدافه.

2. المرحلة الثانية

القتال المتلاحم بقوات المشاة، بغرض تدمير مواقع المحور الدفاعية، مع إرسال بعض القوات المدرعة لمهاجمة قواعد قوات المحور الإدارية، وكان من المنتظر، أن تنفذ قوات المحور هجمات مضادة عنيفة أثناء تلك المرحلة بقواتها المدرعة، وحينئذ تحين الفرصة لقوات مونتجمري المدرعة، المنتشرة خلف مواقع المحور الدفاعية، لتدمير الجزء الأكبر من دبابات "روميل"، واستغرق تنفيذ هذه المرحلة من 25 أكتوبر إلى أول نوفمبر. واتسمت هذه المرحلة بعمليات هجومية في اتجاهات مختلفة، لتحطيم دفاعات قوات المحور، ويمكن القول بأن هذه المرحلة، تمت في ثلاث خطـوات متتالية تضمنت، تغيير محور الهجوم إلى الشمال، وعملية إعادة تجميع، والاستعداد للمرحلة النهائية وهي المرحلة الثالثة.

3. المرحلة الثالثة

ويتم فيها تدمير باقي دفاعات قوات المحور، والتقدم إلى مناطقه الخلفية، مما يسمح بدفع القوات المدرعة إلى الأرض المفتوحة خلفها، وقطع خطوط انسحابها. واستغرق تنفيذ هذه المرحلة من 2 إلى 4 نوفمبر. وتم فيهـا، اختراق مواقع المحور، اختراقاً تاماً، بالفرقة 2 المشاة النيوزيلندية، وبذلك أصبح الطريق ممهداً لعمليات الفيلق 10 المدرع، والفرقة 7 المدرعة، خلف الخط الدفاعي لقوات المحور.

أولاً: المرحلة الأولى من القتال (ليلتي 23/24، 24/25 أكتوبر 1942)

1. أعمال قتال ليلة 23/24 أكتوبر (اُنظر خريطة خطة هجوم الفيلق 30)

في الساعة 2140، قبل ساعة بدء الهجوم بعشرين دقيقة، قامت مدفعية الجيش الثامن، بفتح نيرانها ضد بطاريات مدفعية قوات المحور، بهدف تدميرها وإسكاتها، وقد استمر هذا القصف مدة 20 دقيقة، وكانت نتيجته محكمة للغاية، نظراً لأنه سبق تحديد مواقع (مرابض) مدفعية المحور، تحديداً دقيقاً، في الأيام السابقة للهجوم. وكان رد بطاريات مدفعية قوات المحور، على هذا القصف ضعيفاً، ولم ينتج عنه خسائر تستحق الذكر، نظراً لتحرك مدفعية القوات البريطانية واحتلالها لمرابضها قبل بدء الهجوم بوقت قصير.

في الساعة 2200، رفعت مدفعية الجيش الثامن نيرانها، على أقصى خط للمواقع الدفاعية لقوات المحور، واستمرت عليه لمدة سبع دقائق، ثم بدأت في إطلاق غلالة نيران زاحفة، وضِعَتْ خطتها على أساس رفع خطوطها كل ثلاث دقائق، وبفاصل 100 م بين كل خط والذي يليه، مع التوقف على بعض الخطوط، التي ينتظر مقابلة مقاومة شديدة قبلها، لحين وصول القوات المتقدمة بالقرب من الغلالة، التي تستأنف الزحف حينئذ مرة أخرى. وقد عمل ترتيب مسبق، لإطلاق بعض طلقات الدخان، للدلالة على رفعات الغلالة. ولم تقتصر المعاناة أثناء الاقتحام على ذلك فحسب، بل وُضع برنامج زمني، لإطلاق تجمعات نيران شديدة ضد مواقع المحور التي سبق تحديدها.

وتقدمت قوات المشاة خلف الغلالة النيرانية، بينما قام عدد من الطائرات المقاتلة، بالهجوم على ارتفاع منخفض، فوق مواقع قوات المحور، وقد جُهزت هذه الطائرات بأجهزة خاصة تحدث أصواتاً مزعجة، لخفض الروح المعنوية لقوات المحور.

واُستخدمت أثناء الهجوم عدة مساعدات ملاحية، لحفظ اتجاه القوات البريطانية، أثناء تقدمها في الظلام، فكُلفت بعض المدافع من عيار 40 مم، بإطلاق ذخيرة كاشفة، على أجناب اللواءات في اتجاه التقدم، عند كل رفعة من رفعات الغلالة النيرانية، وكانت وحدات النسق الأول (الأمامية) بدورها، ترشد عن أماكنها، بإطلاق دفعات من ذخيرة الهاون المضيئة رأسياً إلى أعلى من حين لآخر، وعلاوة على ذلك فقد خُصصت بعض بواعث الأنوار الكاشفة، التي وضُعت في نقط سبق تحديد إحداثياتها، بمنتهى الدقة على مسافة ه1 كماً، خلف المنطقة الأمامية، وكُلفت بفتح أشعتها إلى أعلى، حتى يمكن للوحدات الاسترشاد بها لتحديد أماكنها، برصد الزوايا العكسية لها. وعلى الرغم من كل هذه الوسائل، فقد كان نجاح القوات البريطانية، في الحفاظ على اتجاهاتها، نجاحاً جزئياً، نظراً لصعوبة الرؤية بسبب الغبار والدخان الشديدين، الناتجين عن انفجار طلقات المدفعية.

ودلت نتيجة القتال، في الساعات الأولى من الهجوم، على أن قوات المحور فوجئت به مفاجأة تكتيكية تامة، ولذلك سارت عملية فتح الثغرات، خلال الساعات الأولى، سيراً مضطرداً. وقد قام المشاة يعاونهم بعض المهندسين العسكريين، بإزالة الألغام المضادة للأفراد أولاً، ثم الألغام المضادة للدبابات. وقد بدأ العمل في فتح الثغرات بعرض ثمانية أمتار، على أن توسع فيما بعد، إلى 24 متراً. وقامت الوحدات المكلفة بفتح الثغرات، بتحديد أجنابها، وتحديد طرق الاقتراب المؤدية لكل منها، واستخدمت في ذلك المصابيح الملونة.

وسار العمل، في فتح ثغرتي القطاع الشمالي بنجاح، على الرغم من البطء الذي اعترض ذلك، بسبب عنف المقاومة الألمانية التي بدأت تتزايد تدريجياً، وبمجرد الانتهاء من إزالة الألغام المضادة للأفراد، عبرت فرق المشاة من الثغرات، واشتبكت في قتال عنيف، مع مواقع قوات المحور الدفاعية، وقد نجحت معظم الوحدات المهاجمة في الاستيلاء على أهداف المرحلة الأولى من الهجوم، قبل الساعة 0330، فيما عدا بعض المواقع، التي ظلت تقاوم بشدة. وفي الساعة 0530 أمكن الاستيلاء على بعض تلك المواقع وبقي عدد قليل منها في مواجهة الفرقة 51 المشاة، استمرت صامدة رغم الهجمات العنيفة المتكررة عليها.

وكانت نتيجة أعمال القتال في ليلة 23/24 في القطاع الشمالي، إنشاء رأس كوبري، بلغ عمقه حوالي أربعة كم، وقد عَبَرَ اللواء 9 المدرع (الموضوع تحت قيادة الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية) الثغرة الجنوبية في منطقة تبة المطرية، وعند أول ضوء، اصطدم هذا اللواء، بحقول ألغام أخرى أمامه، كما قوبل بنيران شديدة من دبابات المحور ومدفعيته المضادة للدبابات، حيث فتحتا نيرانهما، من مواقع مجهزة، في المنطقة الواقعة عند الطرف الغربي للتبة. وقد بلغت خسائر اللواء في الساعات الأولى من الصباح حوالي 50 دبابة.

أما قوات الفيلق 10 المدرع، فقد عبرت عناصرها المتقدمة، خط الابتداء للهجوم في الساعة 0200، وتقدمت خلف قوات الفيلق 30 المهاجمة، وقد حاولت الفرقتان المدرعتان، الأولى، والعاشرة (من الفيلق 10 المدرع) عبور الثغرات التي تم فتحها، إلاّ أنهما تأخرتا كثيراً، عن الوقت المحدد لتقدمهما، بسبب البطء الشديد في فتح الثغرات، لشدة نيران قوات المحور. وعند أول ضوء يوم 24 أكتوبر، لم يكن قد تمكن من عبور الثغرات، والوصول إلى خلف قوات المشاة، في رأس الكوبري، سوى لواء المقدمة المدرع من كل فرقة، وعلى ذلك لم تتمكن الفرقتان من تنفيذ الواجب الذي كلفتا به في الخطة، وهو عبور الثغرات في حقول الألغام، والانتشار غرب رأس الكوبري، الذي احتلته قوات المشاة قبل أول ضوء.

ونفذ أحد لواءات الفرقة 9 المشاة الأسترالية، خلال العمليات السابقة، هجوماً مخادعاً بين "تل العيصي" والبحر المتوسط، في أقصى الشمال، بمعاونة نيران الهاونات 4.2 بوصة. وطبقاً للخطة الموضوعة لذلك، تمت عملية إنزال بحري على شاطئ البحر، خلف الخطوط الدفاعية لقوات المحور. وكان من نتيجة هاتين العمليتين الثانويتين عدم تغيير أوضاع قوات الاحتياط للمحور حتى ذلك الحين، لعدم قدرة القيادة معرفة اتجاه الهجوم الرئيس للقوات البريطانية.

أما في القطاع الجنوبي، فقد قامت إحدى كتائب الاستطلاع، ومعها كتيبة من الفرقة 44 المشاة، يعاونهما خمسة آلايات مدفعية ميدان، بعملية فتح الثغرة، خلال حقل الألغام، المسمى بحقل ألغام "يناير"[1]، وقد نجحت الكتيبتان في ذلك، إلاّ أن بعض عربات كتيبة الاستطلاع، ارتطمت ببعض الألغام المبعثرة على مسافة كم شرق حقل ألغام "فبراير"، فظنت أن هذه الألغام المبعثرة، هي حقل ألغام "فبراير"، ولذلك استمرت حتى الفجر في رفعها، ثم اتضح لها، بعد ذلك، أنها لم تصل إلى حقل ألغام "فبراير" الحقيقي، وقد تسبب ذلك في انحصار عدد كبير من العربات، وأفراد المشاة من الفرقة 44 المشاة، وكذا كثير من دبابات الآلاي المدرع، مقدمة الفرقـة 7 المدرعة، التي تحاول العبور خلف قوات رأس الكوبري، بين حقلي ألغام "يناير" و" فبراير"، وصار موقف تلك القوات حرجاً، لتعرضهما لنيران قوات المحور الشديدة، ممـا جعل من المحتم، القيام بمحاولات لفتح ثغرة في حقل ألغام "فبراير"، في وضح النهار.

أما اللواء الأول فرنسيون أحرار، فقد نفذ هجوماً ثانوياً، على هضبة "هنتر"، الواقعة في الجنوب، شمال منخفض القطارة، في ليلة 23/24 أكتوبر، بهدف الاستيلاء على الهيئة الحاكمة المرتفعة هناك، والتي تتميز بإشرافها على معظم أجزاء القطاع الجنوبي، وقد تقدم اللواء مسافة ثلاثة كم ونجح في الاستيلاء على الهضبة في الساعة 0230، إلاّ أنه لم تتمكن مدفعيته المضادة للدبابات، من صعود الهضبة لنعومة رمالها، فتمكن الألمان من استردادها، والاستيلاء عليها ثانية، بعد هجوم مضاد قامت به بعض دبابات مجموعة "كييل" المدرعة.

بذلك انتهت عمليات ليلة 23/24 أكتوبر. ويمكن تلخيص النتائج التي أحرزها الجيش الثامن، في الآتي:

أ. نجح الجيش الثامن، في فتح إحدى الثغرتين في القطاع الشمالي، ونجح نجاحاً جزئياً، في فتح الثغرة الثـانية، إلاّ أن القوات المدرعة لم تنجح في تنفيذ مهامها (الانتشار خلف منطقة رأس الكوبري من ناحية الغرب)، نظراً لتعطل مرورها خلال الثغرات من جهة، وللنيران الشديدة التي قوبلت بها من جهة أخرى.

ب. نجح الفيلق 30، في احتلال معظم منطقة رأس الكوبري التي خصصت له، وكان من المفروض، أن يؤدي به هذا إلى الوصول إلى نهاية مرحلـة القتال المتلاحم، وبالتالي إلى اختراق مواقع قوات المحـور، والوصول للأرض المكشوفة خلفها، إلاّ أنه ظهر في نهاية القتال المتلاحم في أول ضوء يوم 24 أكتوبر، أن مواقع المحور كانت أعمق كثيراً مما تخيله البريطانيون، وأنه لا زالت هناك بعض حقول الألغام والمواقع الدفاعية، أمام القوات المهاجمة، ويرجع هذا، إلى أن قوات المحور، لم تترك في مواقعها الدفاعية الأمامية، سوى بعض قوات من المشاة، واحتلت باقي المواقع التالية، بقوات قليلة نسبياً، بينما تركزت معظم قواتها في مواقع دفاعية جديدة خلف ذلك[2].

ج. لم ينجح الفيلق 13، في فتح الثغرة التي كُلف بها في القطاع الجنوبي، وأصبح موقف قواته المتقدمة حرجاً بسبب حصرها، بين حقلين من الألغام (يناير، وفبراير).

د. أما فيما يتعلق بموقف قوات المحور، خلال العمليـات السابقـة، فإن الجنرال "شتومه" (الذي خلف "روميل" في قيادة قوات المحور أثناء رحلة علاجه إلى ألمانيا)[3] ارتكب خطأً جسيماً، إذ أنه لم يسمح لمدفعيته بتركيز كل نيرانها على مواقع حشد القوات البريطانية، خوفاً من استهلاك جزء كبير من الذخيرة، التي كان فيها نقص واضح، على الرغم من وصول معلومات إليه، عن فتح المدفعية البريطانية لنيرانها الشديدة ضد مواقعه الدفاعية، ولذلك تمكن البريطانيون من الاقتحام، من دون أن تشتبك معهم مدفعية قوات المحور، اشتباكاً مؤثراً، هذا بالإضافة إلى أن هذه المدفعية أُصيبت، في الوقت نفسه، بخسائر جسيمة نتيجة نيران القصف المضاد الذي قامت به مدفعية الجيش الثامن.

2. أعمال قتال يوم 24 أكتوبر (اُنظر خريطة أعمال قتال قوات الجانبين)

تنبه الجنرال "شتومه"، لخطأه في الصباح، بعد أن أيقن أن الحد من استخدام نيران مدفعيته، سيؤدي إلى انهيار مواقعه الدفاعية، ولذلك ركز نيران المدفعية بشدة، طوال نهار 24 أكتوبر، ضد الثغرات التي فتحها البريطانيون، وضد القوات المتمركزة في رؤوس الكباري، فاضطرت القوات المدرعة البريطانية، إلى الانسحاب خلف "تبة المطرية"، ومن هناك، استمرت في الاشتباك بنيرانها، على مرامي بعيدة المدى، مع دبابات المحور، ومواقع مدفعيته المضادة للدبابات، طوال نهار 24 أكتوبر.

وفي الوقت نفسه، حاول الفيلق 30، الاستيلاء على باقي المواقع، التي تمكنه من التقدم إلى الأرض المكشوفة، خلف قوات المحور، ودار قتال عنيف في سبيل ذلك، وخاصة في قطاع الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية، التي حاولت التقدم في اتجاه الجنوب الغربي، من "تبة المطرية"، ولكن لم تحقق هذه الهجمات جميعها إلاّ نجاحاً محدوداً.

وفي الساعة 1500، جددت الفرقة 51 هجماتها، لتوسيع منطقة رأس الكوبري، خلف الثغرة الشمالية، حتى تتمكن الفرقة الأولى المدرعة من عبور الثغرة. وبعد سلسلة من الهجمات العنيفة، تمكنت الفرقة من تأمين منطقة محدودة في رأس الكوبري، فتقدمت الفرقة الأولى المدرعة بحذر، وقد تمكن اللواء 2 المدرع، من الفرقة من عبور الثغرة، واتخاذ مواقع مناسبة له غرب حقل الألغام في الساعة 1800.

ونفذت الفرقة 15 البانزر الألمانية، عدة هجمات مضادة عاجلة، طوال النهار، ضد البريطـانيين في منطقة رأس الكوبري، في القطاع الشمالي، بهدف طردهم منها. إلاّ أن جميع هذه الهجمات صُدت، وباءت بالفشل، بعد أن تكبدت الفرقة خسائر كبيرة، لشدة نيران المدفعية المضادة للدبابات، والهجمات الجوية العنيفة للبريطانيين. وفي المساء لم يبق لدى الفرقة 15 البانزر الألمانية، من دباباتها البالغ مجموعها 119 دبابة سوى 31 فقط.

أما في القطاع الجنوبي، فقد تكبدت القوات البريطانية التي كُلفت بفتح ثغرة في حقل ألغام "فبراير" خسائر فادحة، بعد أن استمرت محاولاتها طوال النهار في فتح الثغرة من دون جدوى حتى حل الظلام، وذلك بسبب شدة نيران قوات المحور.

ونفذ اللواء اليوناني غارة جنوب هضبة "الرويسات"، على مواقع الإيطاليين الموجودة هناك، ونجح في تكبيد تلك القوات بعض الخسائر، ثم عاد ثانية إلى المنطقة التي بدأ منها الهجوم.

3. أعمال قتال ليلة 24/25 أكتوبر (اُنظر خريطة أعمال قتال قوات الجانبين)

قام الفيلق 30 البريطاني، بمحاولة جديدة، في القطاع الشمالي ليمكّن القوات المدرعة، من عبور حقول الألغام، فشن هجوماً عنيفاً في الساعة 2200، بمعاونة مدفعية الفيلق (حوالي 300 مدفع)، وعلى الرغم من أن قوات المحور، كانت مستعدة لمواجهة هذا الهجوم، بعد أن أفاقت من تأثير المفاجأة، وفتحت نيران مدفعيتها بشدة على الثغرات، وألقت الطائرات الألمانية حمولات كبيـرة من القنابل، إلاّ أن اللواء 24 المدرع من الفرقة 10 المدرعة البريطانية تمكن من عبور الثغرة الجنوبية، وحقق اتصالاً باللواء 2 المدرع، الذي عبر الثغرة الشمالية قبل الغروب.

كما نجح اللواء 9 المدرع أيضاً، في عبور الثغرة الجنوبية، خلف اللواء 24 المدرع، واتخذ المواقع المخصصة له، جنوب غرب الثغرة، وقد شرعت، عقب ذلك، باقي قوات الفرقة 10 المدرعة، في عبور هذه الثغرة، كما شرعت الفرقة الأولى المدرعة أيضاً، في عبور الثغرة الشمالية.

ونجحت الفرقة الأولى المدرعة، في عبور الثغرة الشمالية، واتخذت مواقعها غرب رأس الكوبري. أما الفرقة 10 المدرعة، فقد توقفت، نظراً لأن قوات المحور، نجحت في إغلاق الثغرة الجنوبية بنيران المدفعية، وقد تكدست دبابات الفرقة 10 وعرباتها بشكل خطير، داخل هذه الثغرة.

ونجح مشاة الفيلق 30، في اجتياح مواقع بعض الكتائب، من الفرقة 164 المشاة الألمانية، وكذا بعض الكتائب الإيطالية، إلاّ أنهم لم يتمكنوا من فتح ثغرة كاملة، في دفاعات قوات المحور. وبذلك انتهت عمليات قتال المرحلة الأولى، وأصبح الموقف في القطاع الشمالي، كما يلي:

أ. تمكن المشاة من توسيع قطاع الاختراق، في دفاعات قوات المحور، إلاّ أنهم لم ينجحوا في الوصول إلى عمق تلك المواقع.

ب. نجحت الفرقة الأولى المشاة، واللواء 24 المدرع، (من الفرقة 10 المدرعة)، واللواء 9 المدرع (الموضوع تحت قيادة الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية)، في عبور حقول الألغام، وانتشرت تلك القوات غرب المنطقة التي استولى عليها المشاة (على مسافة 4 كم شمال غرب تبة المطرية) بمواجهة 6 كم، استعداداً لمواجهة أية هجمات مضادة، تقوم بها قوات المحور الاحتياطية المدرعة.

ج. تعطلت باقي قوات الفرقة 10 المدرعة، داخل الثغرة الجنوبية وشرقها، وأصبحت في موقف حرج، بسبب تعرض عدد كبير من دباباتها، وعرباتها، داخل الثغرة، لنيران دفاعات قوات المحور.

د. أما في القطاع الجنوبي، فقد تمكن أحد لواءات الفرقة 44 المشاة، من فتح ثغرة في حقل ألغام "فبراير"، في الساعة0200، وأنشأ رأس كوبري بعمق500 م خلف هذا الحقل، وقد بدأت الفرقة 7 المدرعة، في عبور هذه الثغرة، ونجح فعلاً، اللواء 4 المدرع الخفيف من الفرقة، إلاً أنه تعرض لنيران شديدة من المدفعية المضادة للدبابات، عندما حاول الفتح في تشكيل قتاله خلف الثغرة، كما تعثر في حقل ألغام مبعثر جديد، فاضطر إلى التوقف، وبالتالي توقفت عملية عبور باقي الفرقة 7 المدرعة، لهذه الثغرة.

ثانياً: المرحلة الثانية من القتال (من 25 أكتوبر إلى أول نوفمبر 1942)

1. أعمال قتال يوم 25 أكتوبر (اُنظر خريطة أعمال قتال قوات الجانبين)

أصدر “مونتجمري” أوامره، للقـوات المدرعة، التي عبرت حقول الألغام، بمتابعة التقدم غرباً، لاختراق باقي مواقع المحور الدفاعية، والوصول إلى عمق دفاعاته، وكان يهدف من ذلك، إلى إيجاد الفرصة المناسبة، لكي يدفع اللواء الثاني المدرع (التابع للفرقة الأولى المدرعة)، إلى منطقة سيدي عبدالرحمن، حيث المنطقة الإداريـة الأمامية، لقوات المحور، وباستيلائه عليها فإنه يربك نظام إعاشة تلك القوات إرباكاً شديداً ويشلها، بالإضافة إلى أن الوصول إلى تلك المنطقة، يقطع خط انسحاب قوات المحور الرئيسي، على الطريق الساحلي.

بدأت القوات المدرعة البريطانية التقدم، في ما بين الساعة 0900 والساعة 1000، إلاّ أنها اصطدمت بحقول ألغام جديدة، تغطيها نيران شديدة، من المدافع المضادة للدبابات، علاوة على ذلك، قامت الفرقة 15 البانزر الألمانية (التي تمكنت من إصلاح عدد كبير من دباباتهـا التي تعطلت في معارك اليوم السابق) بهجمات مضادة محلية، أعقبها هجوم مضاد كبير، بعد الظهر، تجاه منطقة تبة "كيدني"، وقد تمكنت القوات المدرعة البريطانية، من صد جميع هذه الهجمات، إلاّ أنها لم تتمكن من إحراز أي تقدم، في اتجاه الغرب.

أما في القطاع الجنوبي، فقد حاول اللواء 4 المدرع الخفيف، فتح ثغرة جديدة في حقول الألغام، لمتابعة التقدم غرباً، إلاّ أنه خسر في هذه المحاولة 51 دبابة، وأصبح من الواضح أن أي محاولة جديدة للتقدم في ذلك القطاع لن ينتج عنها سوى مضاعفة الخسائر، ولذلك أصدر “مونتجمري” أوامره، بسحب هذا اللواء للخلف مع قيام قوات المشاة بتعزيز مواقعها في منطقة رأس الكوبري.

وفي ذلك اليوم (25 أكتوبر)، عاد "روميل" من ألمانيا، واستلم قيادة جيش البانزر الأول[4]. وأوصى خـلال عودته، القيادة العليا الإيطالية، باستخدام كل سفينة متيسرة لهم سواء أكانت تجارية، أم حربية، لنقل الوقود والذخيرة، إلى مسرح عمليات شمال أفريقيا. وعقب وصوله، قدر موقفه، واستقر رأيه على أنه من الضروري القيام بهجوم مضاد عام، بجميع قواتـه الاحتياطية، ضد المنطقة التي استولى عليها البريطانيون، في القطاع الشمالي من مواقعه الدفاعية، حتى يطردهم منها ويعيد بذلك التوازن إلى خطه الدفاعي. وكان أول ما يتطلبه تنفيذ هـذه الخطـة، هو حشد جميع قوات المحور الاحتياطية، تجاه المنطقة التي ستقوم بالهجوم عليها، إلاً أن "روميل" أُصيب بخيبة أمل كبيرة عندما تبين له تعذر تنفيذ ذلك، بسبب قلة الوقود المتوفـر لديه، إذ لم يكن لديه وقتئذ سوى ثلاث حمولات خط ثاني، أي ما يكفي لأقل من مسافة 200 كم لكل عربة، ولذلك اكتفي بتعيين الفرقة 15 البانزر، وفرقة "ليتوريو" المدرعة، وكتيبة واحدة من فرقة "برسجليري"، لتنفيذ هذا الهجوم، الذي قرر أن يبدأ في أول ضوء يوم 26 أكتوبر.

2. أعمال قتال ليلة 25/26 أكتوبر (اُنظر خريطة أعمال قتال قوات الجانبين)

نظراً لتعذر عبور باقي الفرقة 10 المدرعة البريطانية للثغرة الجنوبية، في القطاع الشمالي، على الرغم من محاولاتها المتكررة لفتح الثغرة، أصدر “مونتجمري” أوامره بسحبها من منطقة الثغرة إلى الخلف، حيث وضعها في الاحتياط، عدا اللواء 24 المدرع التابع لها، الذي تمكن من عبور هذه الثغرة ليلة 24/25 أكتوبر، وأمر بوضعه تحت قيادة الفرقة الأولى المدرعة الموجودة خلف حقول الألغام.

وتابعت فرق المشاة هجماتها، لتوسيع قطاع الاختراق غرباً، بهدف إتمام عملية اختراق مواقع المحور الدفاعية، فقامت الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية، بعدة هجمات ليلية، عند الطرف الغربي لتبة "المطرية"، إلاّ أن قوات المحور صدتها، بعد أن كبدتها خسائر فادحة، مما اضطر “مونتجمري”، إلى إصدار أوامره بسحب اللواء 9 المدرع (الذي كان منتشراً، مع باقي القوات المدرعة البريطانية، غـرب المنطقة التي استولى عليها المشاة) وتخصيصه لمعاونة الفرقة الثانية النيوزيلندية في هجماتها خلال اليوم التالي.

وشنت الفرقة 51، خلال الليل، كذلك، عدة عمليات هجومية، نتج عنها بعض التحسين لمراكزها، أما في الشمال، فكانت هناك بعض الهيئات الأرضية المرتفعة، التي تحتلها قوات المحور، وتمتد من نقطة الارتفاع 29 نحو الشرق، وكانت هذه الهيئات تؤثر على الجانب الأيمن للفرقة 9 المشاة الأسترالية، ولذلك قرر قائد الفرقة الاستيلاء على تلك الهيئات المرتفعة، لتأمين الجانب الأيمن للفرقة من جهة، ولتوسيع قطاع الاختراق البريطاني نحو الشمال، من جهة أخرى، وقد تمكنت إحدى الدوريات الأسترالية، من الحصول على خريطة، لجميع المواقع الدفاعية الألمانية في تلك المنطقة.

وفي منتصف الليل، قام أحد اللواءات من الفرقة 9 المشاة الأسترالية، بالهجوم على تلك المواقع ونجح في الاستيلاء على النقطة 29، والأرض الممتدة شرقها، لمسافة ثلاثة كم، وبذلك نجح الفيلق 30، في توسيع قطاع الاختراق، في اتجاه الشمال، خلال تلك الليلة، بينما تعذر توسيعه في اتجاه الغرب. وقد اضطر "روميل" خلال معارك تلك الليلة، إلى تخصيص عدة وحدات من المشاة الآلية، التابعة للفرقة 15 البانزر، لمعاونة هذه القوات في صد الهجمات البريطانية المتعددة، مما أدى إلى إضعاف قواته الاحتياطية المدرعة، المخصصة لعملية الهجوم المضاد العام، التي تقرر القيام بها في اليوم التالي.

أما في القطاع الجنوبي، فقد قام أحد لواءات الفرقة 50 المشاة، بهجوم خداعي، جنوب غرب منخفض "دير المناصيب"، يعاونه اللواء 4 المدرع بالنيران، وكان الهدف من هذا الهجوم، هو استمرار حالة التهديد البريطاني ضد قوات المحور، في القطاع الجنوبي مستمرة، حتى لا يسحب قواته الاحتياطية من ذلك القطاع، إلى القطاع الشمالي، وقد نجح اللواء الذي قام بالهجوم، في الاستيلاء على الطرف الشرقي للمنخفض، إلاّ أن الهجوم فشل بعد ذلك، بسبب اصطدام قوات المشاة المهاجمة، بكثير من الألغام المضادة للأفراد، والأسلاك الشائكة الكثيفة، في هذه المنطقة. وفي النهاية تمكنت قوات المحور، من طرد القوات المهاجمة، بعد أن كبدتها خسائر كبيرة بنيران مدفعية الهاون.

3. أعمال قتال يوم 26 أكتوبر (اُنظر خريطة أعمال قتال قوات الجانبين)

شن "روميل"، هجومه المضاد العام الكبير، في الصباح المبكر يوم 26 أكتوبر، بالفرقة 15 البانزر، وفرقة "ليتوريو" المدرعة، وكتيبة من فرقة "برسجليري". وقد اشترك في معاونة الهجوم، جميع وحدات المدفعية بالقطاع الشمالي، علاوة على عدد كبير من المدفعية المضادة للطائرات، التي استخدمت في مهام أرضية كمدفعية الميدان. ولكن الهجوم توقف، بعد بدئه بساعات قليلة، بسبب شدة المقاومة البريطانية، ولم تتمكن قوات المحور، من إحراز أي نجاح، وتكبدت خسائر كبيرة في الدبابات.

وعقب ذلك، شنت الفرقة الأولى المدرعة البريطانية، وتحت قيادتها اللواء 24 المدرع، هجوم عنيف في منطقة تبة "كيدني"، بهدف عبور مدق سيدي عبدالرحمن، ولكنها فشلت في إحراز أي تقدم، وحاول بعد ذلك، اللواء 7 الراكب، من الفرقة الأولى المدرعة، تثبيت أقدامه فوق تبة "كيدني"، من دون جدوى، بسبب هـجمات قوات المحور المضادة العنيفة.

أما في منطقة تبة "المطرية"، فقد تمكنت الفرقتان، 2 المشاة النيوزيلندية، والأولى جنوب أفريقيا، من التقدم لمسافة كم واحد، بعد قتال عنيف، تكبدتا خلاله خسائر كبيرة.

وفي ذلك اليوم، أمر "روميل" الفرقة 90 الخفيفة، بترك واجباتها في حراسة الشاطئ، والتحرك إلى منطقة جنوب سيدي عبدالرحمن، لاحتلال مواقع دفاعية هناك، بعد أن تبين له جلياً، أن البريطانيين يحاولون اختراق مواقعه، في اتجاه تلك المنطقة بأي ثمن. كما أمر فرقة "تريستي" الراكبة الإيطالية، بالتحرك إلى منطقة شرق "الضبعة"، حيث توجد قاعدته الإدارية الكبرى، وذلك لحمايتها من أي قوات، قد تنجح في التسلل إلى تلك المنطقة.

وقام سلاح الطيران البريطاني، خلال النهار، بنشاط جوي كبير، فوق مواقع قوات المحور، إذ استمرت هجمات قاذفات القنابل طوال اليوم، مما أثر تأثيراً كبيراً، على الروح المعنوية لقوات المحور، خاصة القوات الإيطالية.

وأصدر “مونتجمري” أوامره في ذلك اليوم، بأن يوقف الفيلق 13، عملياته الهجومية، بالقطاع الجنوبي، بعد أن ظهر له، أنه لا جدوى من استمرارها، سوى زيادة الخسائر، وأن يستعد لإرسال جزء من قواته، لتعزيز قوات القطاع الشمالي.

4. تعديل خطة المحور الدفاعية

قدر "روميل" موقفه، عقب فشل هجومه المضاد، الذي قام به صباح يوم 26 أكتوبر، بعد أن تأكد من أن قواته الاحتياطية بالقطاع الشمالي، لا تكفي للقيام بعمل حاسم ضد القوات البريطانية في ذلك القطاع. وقد وصل في تقدير موقفه إلى النتائج التالية:

أ. ما زال لدى البريطانيين التفوق في المدرعات، رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدوها في الدبابات خلال الأيام السابقة، حيث إنهم لم يدفعوا إلى المعركة سوى نصف قواتهم المدرعة فقط.

ب. ما زال التفوق الجوي لدى البريطانيين قائماً وفعالاً، وقد أدت الهجمات الجوية البريطانية المتتالية فوق منطقة القتال، إلى خفض الروح المعنوية لقواته، وخاصة الإيطالية. كما أدت الهجمات الجوية، فوق خط مواصلات قوات المحور البحري، إلى خسارة معظم الإمدادات المرسلة إلى مسرح عمليات شمال أفريقيا، ورغم قيام السلاح الجوي الألماني، بجهود كبيرة، لنقل البترول إلى قوات روميل، إلاّ أن الموقف الإداري لم يكن على ما يرام.

ج. على الرغم من احتفاظ البريطانيين بالتفوق في القوات البرية والجوية، وتوفر المبادأة لدى “مونتجمري”، إلاّ أن القوة الدافعة للهجوم البريطاني قد قلت، بل كادت تتوقف تماماً، في اليومين الأخيرين.

د. تتسم جميع أعمال القيادة البريطانية، وخاصة فيما يتعلق باستخدام المدرعات، بالحذر الشديد، كما تدل نتائج الاشتباكات الأخيرة، عـلى أن القوات المدرعة البريطانية، أقل كثيراً في مستوى القيادة، والتدريب، والخبرة، من قوات البانزر الألمانية.

وخرج "روميل" من تقدير موقفه بخطة، يستطيع بها القضاء على الجزء الأكبر من المدرعات البريطانية، إذا تَيسَّرَ له سحبها إلى معركة متحركة، مستغلاً في ذلك حذر القيادة البريطانية في استخدام مدرعاتها، وذلك لقلب التوازن لصالح المحور، ولتنفيذ هذه الخطة، كان عليه أن ينفذ الآتي:

أ. تجميع أكبر حشد ممكن، من كافة القوات المدرعة التي لديه، بما في ذلك الموجودة بالقطاع الجنوبي، إضافة إلى تجميع قوات المشاة الآلية المتيسرة له، لدخول المعركة الفاصلة.

ب. عقب إتمام هذا الحشد، تُعطى الفرصة للقوات المدرعة البريطانية لإختراق مواقع المحور الدفاعية، وعندئذ تنسحب القوات المدرعة لقوات المحور عدة أميال للخلف، ثم تقابل المدرعات البريطانية، التي تطاردها في معركة متحركة.

ج. إن حشد أكبر عدد من وحدات المدفعية في مناطق مختارة، يمكن منها معاونة قواته المدرعة بالنيران، هو الذي سيرجح كفة قواته في هذه المعركة. بينما لن يتيسر للبريطانيين، استخدام جانب كبير من مدفعيتهم، نظراً لأن أرض المعركة، ستنتخب خارج مدى المدفعية البريطانية. وكان "روميل" واثقاً من أن القيادة البريطانية التي تعمل بمنتهى الحذر، لن تحرك في هذه الحالة، سوى عدد قليل من وحدات المدفعية للأمام، لمعاونة قواتها المدرعة، وستحتفظ بالجزء الأكبر من المدفعية، في مواقعها الأصلية، خوفاً على المواقع التي تحتلها قوات المشاة.

د. بعد القضاء على الجزء الأكبر من مدرعات البريطانيين، تستطيع قوات المحور بسهولة، القيام بهجوم مضاد عام لطرد البريطانيين، من المواقع التي استولوا عليها.

ونظراً لأن تنفيذ هذه الخطة، يتطلب كميات كبيرة من الوقود، فقد وجد "روميل"، أن الكميات المتيسرة لديه من الوقود، في شمال أفريقيا، لا تكفي إلاّ لتسيير عربات الإعاشة، لمدة ثلاثة أيام، وسد مطالب القوات المدرعة، ليوم أو أثنين على أكثر تقدير. وقد أبرق في الحال، إلى القيادة العليا الإيطالية، لإرسال شحنات عـاجلة إليه بالسفن، وبالطائرات، إلاّ أن الغارات الجوية البريطانية الشديدة، على خط مواصلات المحور البحري، أدت إلى إغراق جميع السفن، التي شحنت بالوقود، وقد استطاعت سفينة واحدة الإفلات، إلاّ أنها غرقت عند مدخل ميناء طبرق، في مساء اليوم التالي، وبذلك ضاع على "روميل" آخر أمل، في تنفيذ خطته الجريئة، السابق ذكرها.

لم يجد "روميل" لديه حلاً بعد ذلك، سوى الوقوف في موقف الدفاع، والاقتصار على هجمات مضادة محدودة، بالقوات المتيسرة لديه، ولكنه من ناحية أخرى، وجد أنه من الضروري تعزيز قواته الاحتياطية، في القطاع الشمالي، وكان موقفه حرجاً للغاية، فيما يتعلق باتخاذ قرار في شأن تحريك قواته المدرعة، الموجودة بالقطاع الجنوبي نحو الشمال، إذ إن كميات الوقود التي لديه، لا تكفي لإعادتها مرة ثانية إلى الجنوب، فيما لو تجدد هجوم البريطانيين هناك، إضافة إلى أن الجزء الأكبر، من قوات المحور الموجودة في الخط الدفاعي، من الإيطاليين الذين لا يستطيع أن يعتمد عليهم في الصمود بمواقعهم، من دون وجود احتياطي كبير. وعلى الرغم من كل هذه الاعتبارات قرر "روميل"، في النهاية تحريك الفرقة 21 البانزر، ولواء مـن فرقة "آريتي" الاحتياطية المدرعة، ونصف مدفعية الجيش الموجودة بالقطاع الجنوبي، نحو الشمال. وأرسل، في الوقت نفسه برقية، إلى مقر القيادة العليا الألمانية، لإخطارها بأنه سيخسر المعركة، إذا لم تصله إمدادات بصفة عاجلة، كما أرسل برقية أخرى إلى مقر القيادة العليا الإيطالية، لطلب إمدادات سريعة من الوقود والذخيرة.

5. أعمال قتال ليلة 26/27 أكتوبر (اُنظر خريطة تطور هجوم الفيلق 30(1))

استمرت القوات البريطانية في محاولاتها، لتوسيع قطاع الاختراق، الذي احتلته بالقطاع الشمالي، وقد نجح اللواء 7 الراكب، في الاستيلاء على تبة "كيدني"، عقب هجوم سريع وعنيف، تكبد فيه خسائر فادحة. هذا، وقد بدأت قوات المحور المدرعة، الموجودة بالقطاع الجنوبي، وكذا نصف وحدات مدفعيته هناك، في التحرك إلى القطاع الشمالي، طبقاً للخطة التي وضعها "روميل"، وقد تمت جميع هذه التحركات قبل الفجر.

6. أعمال قتال يوم 27 أكتوبر

استمرت القوات البريطانية في هجماتها العنيفة، في الصباح المبكر لهذا اليوم، لتوسيع قطاع الاختراق، غرب منطقة تبة "كيدني"، وقد عاونت تلك الهجمات قوات كبيرة من الطيران والمدفعية، إلاّ أن قوات المحور صدتها جميعاً، بعد أن تكبدت القوات المهاجمة خسائر كبيرة. وقد انتهت هذه الهجمات عند الظهر، بالتوقف التام، وفي الوقت نفسه، عجزت القوات المدرعة البريطانية عن إحراز أي تقدم.

وقرر "روميل" القيام بهجوم مضاد قوي، منتهزاً فرصة توقف الهجمات البريطانية، وقد وضع خطة هذا الهجوم على عجل، مستخدماً كل القوات المتيسرة لديه، وهي الفرقة 15 البانزر، والفرقة 21 البانزر، والفرقة 90 المشاة الخفيفة، وفرقة "ليتوريو" الإيطالية المدرعة، ولواء من فرقة "آريتي" المدرعة. وصدرت الأوامر إلى جميع وحدات مدفعية الميدان الموجودة بالقطاع الشمالي، علاوة على تلك التي حضرت في الليلة السابقة من القطاع الجنوبي، بمعاونة الهجوم بالنيران، كما اتخذت الترتيبات لقيام جميع القاذفات المقاتلة المتيسرة لدى المحور بالتمهيد للهجوم.

بدأ الهجوم في الساعة 1500، واستمرت القاذفات المقاتلة الألمانية، تهاجم مواقع القوات البريطانية، في منطقة تبة "كيدني" بقوة وعنف، ثم تقدمت دبابات فرق البانزر، ومن خلفها مشاة الفرقة 90 الخفيفة، ولكنها قوبلت بنيران شديدة، من الدبابات البريطانية، المنتشرة غرب منطقة قطاع الاختراق البريطاني، والمتخذة أوضاعها في مرابض نيران مخندقة، إضافة إلى نيران المدافع من عيار 6 رطل المضادة للدبابات، ولذلك نجحت في إصابة عدد كبير من دبابات المحور التي كررت محاولاتها، لاختراق ستارة النيران المضادة للدبابات دون جدوى، وقد انتهى هجوم قوات المحور بالفشل، بعد أن خسر "روميل" عدداً كبيراً من دباباته.

حاول "روميل" متابعة الهجوم، بقوات المشاة فقط، بعد أن تأكد من عدم مقدرة الدبابات، على التقدم أمام ستارة نيران المدفعية المضادة للدبابات، لذا أمر "روميل" الفرقة 90 الخفيفة، بمتابعة الهجوم بمفردها ضد النقطة 29، في قطاع الفرقة 9 المشاة الأسترالية، ولكنها فشلت بدورها، بسبب نيران المدفعية والطيران، وبذلك توقف هجوم "روميل"، من دون إحراز أي نجاح. وكان من أسباب الفشل الرئيسية لهجومه، عدم توفر الوقت المناسب لقادة الوحدات للاستطلاع، قبل البدء في الهجوم، علاوة على أن سلاح الطيران البريطاني، أصاب القوات المهاجمة، بخسائر فادحة بسبب هجماتها العنيفة المتتالية، على مناطق حشد تلك القوات، ومحلات تشكيلها.

وتأكد لدى "روميل" بعد هذا الفشل، إنه لا أمل له في الصمود بمنطقة العلمين، إلاّ إذا وصلت إليه إمدادات كبيرة، ولذلك أبرق مرة أخرى، إلى القيادة العليا الألمانية لنجدته.

7. تعديل خطة الهجوم البريطاني

شعر “مونتجمري” صباح يوم 27 أكتوبر، بأن قوته الدافعة للهجوم، تكاد تتوقف تماماً، فقد تكبدت كل من الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية، والفرقة الأولى جنوب أفريقيا، خسائر فادحة جداً، من دون أن تحرز تقدماً كبيراً، في منطقة تبة "المطرية"، على الرغم من القتال العنيف الذي دار هناك، منذ يوم 24 أكتوبر، إضافة إلى أن قواته المدرعة، عجزت تماماً عن اختراق المواقع الدفاعية لقوات المحور، في اتجاه مدق سيدي عبدالرحمن، وقد أصبح من الواضح، أنه لا زالت هناك بعض حقول الألغام، أمام قوات الجيش الثامن، كما أن هناك بعض المواقع الدفاعية القوية لقوات المحور أمام مواجهة الهجوم البريطاني، ولهذا فشلت جميع المحاولات البريطانية، لاختراق مواقع المحور الدفاعية.

ويرجع هذا الفشل أساساً، إلى أن "روميل" احتل مواقعه الدفاعية الأمامية بقوات قليلة، كما سبق القول، بينما سحب معظم القوات إلى المواقع الدفاعية في الخلف، وقد تم هذا العمل بمهارة، وتكتم شديدين، ولذلك وجدت قوات الجيش الثامن نفسها، بعد انتهاء عملية الاختراق الذي قامت به ليلتي 23/24، 24/25 أكتوبر، أنها لا زالت تواجه دفاعات المحور الرئيسية، بدلاً من أن تجد نفسها خلف تلك الدفاعات، وهذا يفسر قلة عدد الأسرى الذين سقطوا في يد البريطانيين خلال عملية الاختراق، إذ لم يزد عدد الأسرى على 1400 جندي. وقد نتج عن هذا الموقف، أن انحصرت القوات البريطانية المدرعة، التي أمكنها عبور الثغرات في مناطق ضيقة، لا تسمح لها بالمناورة، وبدلاً من أن تجد نفسها في الأرض المكشوفة، خلف دفاعات المحور، وجدت نفسها أمام العديد من ستائر نيران المدفعية المضادة للدبابات، ولذلك عجزت عن إحراز أي تقدم، في اتجاه الغرب، على الرغم من المحاولات المتكررة التي قامت بها.

وعلى الرغم من أن “مونتجمري”، كان يمتلك حتى ذلك الحين (يوم 27 أكتوبر) حوالي 800 دبابة، علاوة على أن موقف إمداد وتموين قواته بالذخيرة، كان على أكمل وجه، إلاّ أن فقد قوته الدافعة للهجوم، جعله يقرر أهمية القيام بعمل حاسم وسريع، لإنقاذ الموقف، ولهذا قرر ترك خطته الأولى للهجوم جانباً، وهي الخطة الخاصة بالاختراق في منطقة تبة "المطرية"، ثم الاتجاه بالهجوم جنوباً، وصمم على تعديل اتجاه الهجوم، بحيث يصبح إلى الشمال (وقد شجعه على ذلك، نجاح الفرقة 9 المشاة الأسترالية، في هجومها على النقطة 29 ليلة 25/26 أكتوبر)، على أن يحشد في الوقت نفسه، قوة ضاربة، للقيام بعملية الاختراق النهائي لدفاعات المحور، مستغلاً نجاح الأستراليين في أقصى الشمال. وكانت العقبة الوحيدة التي تعترض هذه الخطة الجديدة، هي أن مواقع المحور، تزداد قوة نحو الشمال، علاوة على أنها محتلة بأكملها، بجنود ألمان فقط.

وعقد "مونتجمري" مؤتمراً، في الساعة 1400 يوم 27 أكتوبر، بمركز قيادة الجيش الثامن المتقدم، حيث شرح خطته الجديدة التي تتلخص في الآتي:

أ. سحب الفيلق 10 المدرع بأكمله، والفرقة 2 المشاة النيوزيلندية، (ومعها اللواء 9 المدرع) من منطقة قطاع الاختراق البريطاني، إلي الخلف للعمل في الاحتياط.

ب. تحريك كل من: الفرقة 7 المدرعة، ولواء مشاة من كل من الفرقتين (44، 50)، واللواء اليوناني، من القطاع الجنوبي، إلى القطاع الشمالي للانضمام إلى القوة الضاربة، وساعده على ذلك، زوال الخطر عن القطاع الجنوبي، بعد أن سحب “روميل” في الليلة السابقة، أغلب قواته الاحتياطية من هناك.

ج. إحلال الفرقة الأولى جنوب أفريقيا، محل الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية، مع تعديل مواجهة الفرقة 4 الهندية، لتشمل المواقع التي ستخليها الفرقة الأولى جنوب أفريقيا.

د. وضع الفرقة 4 الهندية، تحت قيادة الفيلق 13، الذي تمتد مواجهته بذلك حتى تبة "المطرية".

هـ. إحلال اللواء الأيمن من الفرقة 51، محل اللواء الأيسر للفرقة 9 المشاة الأسترالية، حتى تتفرغ الفرقة 9، بكل قوتها، لمواصلة الهجوم شمالاً.

و. مد مواجهة كل من: الفرقتين (44، 50)، بالقطاع الجنوبي، بحيث تغطيان كافة القطاعات التي ستخليها القوات التي ستتحرك إلى الشمال.

8. أعمال قتال ليلة 27/28 أكتوبر (اُنظر خريطة أعمال قتال قوات الجانبين)

في هذه الليلة، بدأت عملية إعادة تنظيم القوات البريطانية، حيث تم سحب الفيلق 10 المدرع بأكمله، والفرقة 2 المشاة النيوزيلندية، واللواء 9 المدرع، إلى الخلف في الاحتياط، استعداداً لعملية الاختراق النهائي. كما تحركت الفرقة 7 المدرعة، ولواءات المشاة المعينة من القطاع الجنوبي، للانضمام إلى القوة الضاربة، وقد وصلت جميع هذه القوات إلى مناطق التجمع المحددة لها، خلف القطاع الشمالي، قبل أول ضوء يوم 28 أكتوبر. كما عدلت مواجهات الفرق الباقية في خط بدء الهجوم، طبقاً للخطة الموضوعة.

ونفذ سلاح الطيران البريطاني، في تلك الليلة، هجمات شديدة، ضد سفن المحور، ونجح في إغراق سفينتين محملتين بالدبابات، وسفينة بترول.

9. أعمال قتال يوم 28 أكتوبر (اُنظر خريطة أعمال قتال قوات الجانبين) و(خريطة تطور هجوم الفيلق 30(2))

استمرت عملية إعادة تجميع القوات البريطانية، المخصصة لتطوير الهجوم المنتظر، بينما قامت قوات النسق الأول (الأمامية)، بثلاث هجمات ثانوية، لإشعال قوات المحور. وقد صُدت جميع هذه الهجمات بسهولة.

وبعد أن اكتشف "روميل"، استعدادات البريطانيين في القطاع الشمالي، وأمكن لطائرات استطلاعه، أن تحدد طرق تحرك القوات المدرعة، والقوة الضاربة التي يجهزها "مونتجمري"، للقيام بالاختراق النهائي، واكتشافه لتحرك الفرقة 7 المدرعة نحو الشمال، أمر الجزء الأكبر من قواته الاحتياطية، الموجودة بالقطاع الجنوبي، وكذا معظم وحدات المشاة الألمانية المحتلة للخط الدفاعي في هذا القطاع، ومعظم الأسلحة الثقيلة، بالتحرك إلى القطاع الشمالي، لاحتلال مناطق دفاعية، تجاه مناطق حشد القوة الضاربة البريطانية، لزيادة عمق المواقع الدفاعية الرئيسية، حتى يتمكن بذلك من صد الاختراق. وقد أدى هذا، إلى استنزاف معظم قواته، وبذلك لم يحتفظ إلاّ باحتياطي ضئيل، واكتفي بإعادة لواء من فرقة "آريتي" المدرعة، (التي شاركت في الهجوم المضاد في اليوم السابق، وتكبدت فيه خسائر جسيمة) إلى القطاع الجنوبي، لمعاونة المواقع الدفاعية هناك، بهجمات مضادة محلية محدودة، إذا ما تطلّب الأمر ذلك.

وشن سلاح الطيران البريطاني، خلال نهار 28 أكتوبر، هجمات عنيفة، ضد مناطق حشد قوات المحور الاحتياطية، فكبدها بعض الخسائر[5]، كما استمرت الهجمات الجوية، ضد القوافل البحرية، التي ازداد نشاطها لإمداد "روميل"، بما يحتاج إليه من احتياجات عاجلة، وقد أُصيبت هذه القوافل بخسائر جسيمة، إلاّ أن القيادة الإيطالية، استخدمت عدداً من المدمرات والطرادات، لنقل البترول والذخيرة، وقد تمكنت هذه السفن، من الوصول سالمة لموانئ شمال أفريقيا، بفضل تسليحها القوي بالمدافع المضادة للطائرات، وعلى الرغم من ذلك، فإن الموقف الإداري لم يتحسن لدى قوات "روميل"، إذ أن قوافل المحور البحرية، اقتصرت على تفريغ جزء بسيط من حمولتها، في ميناء طبرق، والجزء الأكبر من تلك الحمولات، في ميناء بني غازي، لتكون خارج مدى الطائرات البريطانية، التي تعمل من الإسكندرية. وكان من الضروري الانتظار عدة أيام أخرى، ريثما يتم نقل هذه الاحتياجات، بالطرق البرية، إلى المنطقة الأمامية.

10. أعمال قتال ليلة 28 /29 أكتوبر (اُنظر خريطة تطور هجوم الفيلق 30(2))

كانت الخطة البريطانية للاختراق النهائي، تنص على قيام الفرقة 9 المشاة الأسترالية، بهجوم في اتجاه الشمال بغرض القضاء على النتوء الألماني الموجود هناك، ثم الاندفاع غرباً، حتى مدق سيدي عبدالرحمن، فاتحة بذلك الطريق أمام القوات المدرعة، التي تخترق مواقع المحور الدفاعية، وتنطلق إلى العمق لقطع خطوط مواصلاته.

وفي الساعة 2000، بدء هجوم الفرقة 9 المشاة الأسترالية، بمواجهة لواءين في اتجاه الشمال، بعد أن مهدت له جميع وحدات مدفعية الفيلق 30. ونجح اللواء الأيسر، في اختراق مواقع المحور الدفاعية، بعد قتال دام ست ساعات، ووصل إلى قرب الطريق الساحلي، بين "تل العيصي" وسيدي عبدالرحمن، مطوقاً بذلك آلاي مشاة من الفرقة 164 المشاة الألمانية، وكتيبة مشاة إيطالية من فرقة "برسجليري". أما اللواء الأيمن، فقد توقف أمام مقاومة ألمانية عنيفة، عند نقطة أُطلق عليها "تومبسون"، وتقع فيما بين "تل العيصي" والطريق الساحلي.


 



[1] كان البريطانيون قد أنشئوا حقلين من الألغام غرب دفاعاتهم سمي الشرقي منهما بحقل ألغام يناير، والغربي بحقل ألغام فبراير، وقد استولى المحور، على هذين الحقلين، في منطقة القطاع الجنوبي، أثناء معركة علم حلفا، وظل محتفظاً، بهما حتى بدء معركة العلمين.

[2] هذه الطريقة في الدفاع، هي التي أطلق عليها البريطانيون فيما بعد، "المواجهة الزائفة"، أو "الدفاعات الزائفة".

[3] اضطر "روميل" إلى أخذ إجازة مرضية قضاها في فيينا، ليعتني ببعض الجروح التي أصيب بها من جراء الإقامة في الصحراء لمدة طويلة، وعندما علم بهجوم "مونتجمري"، ألح على العودة فوراً إلى معاركه في شمال أفريقيا بالطائرة، دون أن يستمع إلى إرشادات الأطباء، وعاد بالفعل يوم 25 أكتوبر، ولكن صحته لم تكن قد تحسنت بعد بما فيه الكفاية، فلم يظهر في الشهور التالية للمعركة على نفس مستوى سمعته السابقة، وغادر "روميل" شمال أفريقيا، ليتابع علاجه في 7 مارس من عام 1943، قبل شهر من كارثة استسلام قواته.

[4] كان الجنرال "شتومة" الذي تولى قيادة هذا الجيش، مدة تغيب "روميل" قد قُتل في اليوم السابق. ويقال أيضاً أنه مات بالسكتة القلبية .

[5] كان "روميل" يجهز هذه القوات للقيام بهجوم مضاد ضد القوات البريطانية، إلا أن الخسائر التي أصيبت بها تلك القوات نتيجة للغارات البريطانية أدت إلى تعذر القيام بذلك الهجوم.

[6] يقصد الفيلد مارشال كيسلرنج الذي يقود القطاع الجنوبي للمحور في روما، والذي يتبعه "روميل" في ذلك الوقت.