إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / معركة العلمين (23 أكتوبر – 4 نوفمبر 1942)





تشكيل قتال الجيش الثامن
تشكيل قتال الفيلق 30
تشكيل قتال الفيلق 13
تشكيل قتال الفيلق العاشر

أوضاع قوات الجانبين
مراحل مطاردة قوات المحور
مسرح عمليات العلمين
أعمال قتال قوات الجانبين
معركة علم حلفا
الموقف يوم 1/7/1942
الإغارة على طبرق وبني غازي
الساحل الشمالي للصحراء الغربية
الصحراء المصرية الليبية
تطور هجوم الفيلق 30 (1)
تطور هجوم الفيلق 30 (2)
خطة هجوم الفيلق 30



بسم الله الرحمن الرحيم

11. أعمال قتال يوم 29 أكتوبر (اُنظر خريطة تطور هجوم الفيلق 30(2))

استمر البريطانيون في هجومهم، في القطاع الشمالي، ضد قوات المحور المحاصرة، وقد أمر "روميل"، بتحرك الفرقة 90 الخفيفة نحو الشمال، لمعاونة تلك القوات في التخلص من حصارها، وقامت فعلاً قوات النسق الأول للفرقة بعدة هجمات مضادة ولكنها فشلت جميعاً.

قدر "روميل" موقفه في ذلك اليوم فخرج بالنتائج التالية:

أ. موقف قواته لا يسمح لها بالصمود، تجاه أي هجمات عنيفة، كتلك التي قام بها الأستراليون، وهذا يحتم عليه التفكير في سحب جميع قواته، من منطقة العلمين قبل أن تتعرض لأي هجوم جديد.

ب. إذا أراد تنفيذ هذا الانسحاب فانه سيواجه المشاكل التالية:

(1) موقف العربات، والوقود لا يسمح له بنقل الجزء الأكبر من مشاته.

(2) قواته الآلية الباقية، لا تكفي لستر انسحاب كل قواته.

(3) معظم قواته المشاة، متورطون فعلاً في القتال بالمنطقة الأمامية، ولا يمكن تخليصها من المعركة بسهولة.

(4) لا يوجد لديه من الوقود، ما يسمح له بدخول أي معركة متحركة، ضد القوات البريطانية المدرعة، التي ينتظر أن تطارده بمجرد بدء الانسحاب.

لهذه الأسباب وجد "روميل"، أنه لا مفر له من الاستمرار في الدفاع، لفترة أخرى، على أمل إجبار البريطـانيين في النهاية، على التخلي عن هجومهم، بسبب ما يتكبدونه من خسائر فادحة. وإذا واصل البريطانيون الهجوم على الرغم من ذلك، وأصبح الصمود تجاههم متعذراً، فلا بد من قبول التضحية بفرق المشاة الإيطالية، التي لا توجد حملة كافية لنقلها، وعلى ذلك يقتصر الانسحاب على القوات المدرعة، والمشاة الآلية، وأكبر قدر يتسنى سحبه من الأسلحة الثقيلة. وقد رأى أن أفضل موقع تعطيلي، يمكن لهذه القوات الوقوف به هو غرب العلمين، في الخط الممتد من "فوكه" شمالاً، حتى منخفض القطارة جنوباً.

12. أعمال قتال يوم 30 أكتوبر (اُنظر خريطة تطور هجوم الفيلق 30(2))

أصدر "مونتجمري" أوامره، للفرقة 9 المشاة الأسترالية، بمواصلة هجومها، لتوسيع قطاع الاختراق الذي أحدثته، والقضاء على القوات المحاصرة، ولكن جميع الهجمات التي قامت بها الفرقة، أثناء النهار، تم صدها بالنيران، بينما قامت الفرقة 90 الخفيفة الألمانية، بعدة هجمات مضادة، لتخليص القوات المحاصرة من دون جدوى.

13. أعمال قتال ليلة 30/31 أكتوبر (اُنظر خريطة تطور هجوم الفيلق 30(2))

استأنفت الفرقة 9 المشاة الأسترالية، هجومها شمالاً، وقد نجح اللواء الأيمن من الفرقة، في عبور الطريق الساحلي، ووصل إلى الشاطئ، ثم اندفعت بعض وحداته شرقاً، للقضاء على بعض قوات المحور المحاصرة.

    وأصدر "روميل" أوامره للفرقة 21 البانزر (التي احتلت مواقع دفاعية بعمق، في منطقة تل "العقاقير" تجاه تبة "كيدني") بإخلاء مواقعها، والتحرك شمالاً، لمساعدة الفرقة 90 الخفيفة، في تخليص القوات المحاصرة، لمواجهة تطورات الموقف في أقصى الشمال، على أن تحتل فرقة "تريستي" الإيطالية، المواقع التي ستخليها الفرقة 21 البانزر.

14. أعمال قتال يوم 31 أكتوبر (اُنظر خريطة تطور هجوم الفيلق 30(2))

استمر هجوم الفرقة 9 المشاة الأسترالية، يعاونها الآلاي المدرع (الذي ضُم إليها من اللواء 23 المدرع)، ولكنه توقف بسبب النيران الشديدة التي واجهته.

وفي الساعة 1000، أصدر "روميل" أوامـره، إلى الفرقة 90 الخفيفة، بالقيام بهجوم بمعظم وحداتها، بمعاونة جزء من الفرقة 21 البانزر، للاتصال بالقوات المحاصرة، وخصص عدداً كبيراً من القاذفات المقاتلة، لمعاونة القوات المهاجمة، كما أمر جميع وحدات مدفعية قوات المحور، بالقطاع الشمالي بمعاونة هذا الهجوم. وقد أسند "روميل" قيادة الهجوم إلى الجنرال "فون توما"، نظراً لما كان يعلقه على هذا الهجوم من أهمية.

وفي الساعة 1200، بدء الهجوم، وتمكنت القوات المهاجمة، من الاتصال بالقوات المحاصرة، بالقرب من نقطة "تومبسون"، واضطر الأستراليون للتراجع، حتى جنوب خط السكك الحديدية. وبذلك، تمكنت كثير من القوات الألمانية المحاصرة، (آلاي من الفرقة 164 الألمانية، وكتيبة مشاة إيطالية من فرقة "برسجليري") من الإفلات من الحصار، بعد حلول الظلام.

15. تعديلات خطط الجانبين، استعداداً للمرحلة الثالثة والأخيرة، من معركة العلمين

أ. تعديل خطة الهجوم النهائي البريطاني نتيجة لتحركات قوات المحور

كانت الخطة الموضوعة للهجوم البريطاني النهائي، تهدف إلى استغلال نجـاح الأستراليين، في أقصى الشمال بالقرب من الساحل، بدفع القوة الضاربة، من خلال الثغرة في مواقع المحور، للانطلاق إلى مناطقه الخلفيـة، إلاّ أن "مونتجمري" اكتشف التحركات التي أجراها "روميل" لقواته الاحتياطية، حيث دفع الفرقـة 90 الخفيفة، والفرقة 21 البانزر إلى المنطقة الساحلية لتخليص قواته المحاصرة هناك، وبذلك أصبح الجزء الأكبر من احتياطي المحور في تلك المنطقة، ولذلك عدّل "مونتجمري" اتجاه الهجوم الرئيسي، منتهزاً هذه الفرصة النادرة، فجعله جنوب المنطقة الساحلية، بدلاً من شمالها، أي بعيداً عن المكان الذي تحركت إليه قوات المحور الاحتياطية، وكانت الخطة التفصيلية الأخيرة للهجوم كما يلي:

(1) تقوم الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية، بفتح ثغره جديدة في حقول الألغام، أمام دفاعـات قوات المحور، شمال الثغرة الشمالية الأصلية مباشرة.

(2) تقوم الفرقتان 50، و51، بالهجوم بمواجهة لواء من كل فرقة (الفرقة 50) على اليمين والفرقة 51 على اليسار). وقد بلغت مواجهة الهجوم أربعة كم.

(3) يتم الهجوم على مرحلتين، تصل في نهايتها الفرقتان 50، و51، إلى عمق مواقع المحور الدفاعية، من اتجاه الغرب. وكان عمق الهجوم حوالي ستة كم.

(4) يعاون الفرقتان في مرحلتي الهجوم، كلا اللواءين المدرعين (23، 9)، وتعاونهما بالنيران جميع وحدات مدفعية الجيش الثامن، الموجودة بالقطاع الشمالي.

(5) كان اتجاه الهجوم يمتد من شمال تبة "كيدني"، نحو تل "العقاقير"، ثم مدق سيدي عبدالرحمن.

(6)  كُلفت إحدى الكتائب النيوزيلندية، بتفيذ هجوم ثانوي على يمين الفرقة 50، في اتجاه الشمال الغربي، للاتصال بالفرقة 9 المشاة الأسترالية، وتأمين الجانب الأيمن للهجوم، كما كُلف لواء المشاة الراكب، من الفرقة 10 المدرعة بالهجوم على يسار الفرقة 51، في اتجاه الجنوب الغربي، لتوسيع قطاع الاختراق البريطاني، في ذلك الاتجاه، لحماية الجانب الأيسر للهجوم الرئيسي.

(7) كان على اللواء 9 المدرع، أن ينطلق بمجرد وصول المشاة إلى أهدافها الأخيرة، بحيث يمر خلالها، ويعبر مدق سيدي عبدالرحمن، ويؤمن رأس كوبري غرب المدق، لحماية تدفق الفرق المدرعة البريطانية.

(8) بمجرد تأمين رأس الكوبري، تتقدم الفرقتان الأولى، والسابعة المدرعتان منه غرباً، تليهما الفرقة 10 المدرعة، وذلك للاشتباك مع قوات المحور المدرعة، في معركة فاصلة، بهدف القضاء عليها قضاءاً تاماً، مع عدم إعطائها أي فرصة للانسحاب، من منطقة العلمين.

(9) يمر في ذات الوقت، آلايان من العربات المدرعة، هما آلاي الرويالز، والآلاي 4 جنوب أفريقيا، خلال رأس الكوبري، وذلك للقيام بغارات خلف المواقع الدفاعية لقوات المحور ضد خطوط مواصلاته، وقواعده الإدارية، في مناطق "الضبعة"، و "فوكه"، و "مرسى مطروح".

وأكد "مونتجمري"، في خطته، على أهمية مواصلة الهجوم بأي ثمن، مع ترك جيوب قوات المحور، التي تستمر في المقاومة، حتى تحافظ قوات النسق الأول (الأمامية) على اتصالها بغلالة نيـران المدفعية، التي تعاونها في الهجوم، كما أكد على أهمية مواصلة دبابات اللواءين المدرعين (23، 9)، تقدمهما خلف غلالة المدفعية، وفي حالة تأخر المشاة لأي سبب من الأسباب، تسرع قوات المشاة فيما بعد للحاق بها. وقد أعطيت أوامر صريحة، بأنه في حالة فشل قوات المشاة، في الوصول إلى أهدافها، فإنه يجب على القوات المدرعة (اللواءين 23، 9) مواصلة هجومهما، لاختراق دفاعات المحور، مهما تكبدت من خسائر في سبيل ذلك. وقد حُددت الساعة 0105 ليلة 1/2 نوفمبر لبدء الهجوم.

ب. خطة انسحاب قوات المحور

بينما كانت عمليات تجميع القوة الضاربة للهجوم البريطاني النهائي، وتحضيرات هذا الهجوم، قائمة على قدم وساق، شعر "روميل"، بأن القوات المتيسرة لديه لن يمكنها، بأي حال من الأحوال، تحمل ثقل الهجوم المقبل، وعـلى ذلك، فَقَدَ الأمل في تنفيذ خطته التي فكر فيها يوم 29 أكتوبر، والتي تنص على الاستمرار في الدفاع فترة أخرى، حتى يضطر البريطانيون للتخلي نهائياً عن الهجوم، بسبب فداحة خسائر القوات البريطانية في منطقة العلمين، وقرر الانسحاب قبل أن يتمكن الجيش الثامن، من القضاء على قواته كلها.

وكانت المشكلة الرئيسية، التي واجهت "روميل"، هي عدم وجود القوات الآلية الكافية، لستر انسحاب مشاته من كل مواقعه الدفاعية، أما مشكلة الوقود، فقد حُلت مؤقتاً، بوصول إحدى ناقلات البترول سالمة إلى ميناء طبرق، وكانت تحمل 600 طن.

وفكر “روميل” في الطريقة التي يستطيع بها سحب مشاته، على الرغم من عدم وجود قوات آلية لسترها، وكان أخطر ما يخشاه، هو أن تنتهز القوات المدرعة البريطانية فرصة سحب مشاته من بعض القطاعات، من دون ترك أي قوة آلية لستر انسحابها، وتقوم بالهجوم من خلال الثغرات التي ستخليها قوات المشاة، لتطويق بقية قواته، ولقطع خط انسحابه. ولحل هذه المشكلة قرر "روميل" تنفيذ ما يلي:

(1) تكليف قواته الآلية، بستر انسحاب قواته في القطاع الشمالي، حيث يمتد طريق الانسحاب الرئيسي المرصوف، الذي يؤدي إلى قواعده الإدارية الرئيسية.

(2) البقاء في المواقع الدفاعية، حتى تشتبك جميع القوات الآلية البريطانية في الهجوم الرئيسي، بالقطاع الشمالي، وتتورط فيه بدرجة تجعل من الصعب سحب أي قوات منها، لتوجيهها إلى أي منطقة أخرى من الجبهة، وحينئذ، ينتهز هذه الفرصة لسحب جميع قوات المشاة، الموجودة بالقطاعين الأوسط والجنوبي، دفعة واحدة في الظلام، بحيث تُخْلِي مواقعها، وتنسحب مترجلة، في اتجاه الشمال الغربي، إلى أن تصل إلى القطاع الساحلي، حيث تستمر في انسحابها غرباً.

(3) تستمر القوات الآلية لقوات المحور، في ستر القطاع الدفاعي الساحلي، حتى تضمن انسحاب الجزء الأكبر من قوات المحور، إلى مواقع "فوكه"، ثم تنسحب بدورها تدريجياً، إلى ذلك الموقع.

16. أعمال قتال يوم 1 نوفمبر

شنت قوات المحور هجوم آخر، بقيادة "فون توما"، بهدف تخليص باقي الوحدات الألمانية المحاصرة في الشمال، وتمكنت بالفعل من تخليصها.

أما من ناحية البريطانيين، فقد ساد الهدوء قوات المنطقة الأمامية، بينما استمرت تحضيرات الهجوم للمرحلة الثالثة والأخيرة، وشن سلاح الطيران البريطاني، هجمات شديدة، طوال النهار، على قوات المحور الإدارية، على طول الطريق الساحلية، كما وجه هجمات شديدة، ضد القواعد الإدارية، وكانت نتيجتها، زيادة الموقف الإداري للمحور سوءاً. ويكفي دلالة على ذلك، أن كميـات الذخيرة التي وصلت لقوات النسق الأول (الأمامية)، لم تزد منذ بدء الهجوم البريطاني عن 40 طناً، مما أدى إلى إصدار أوامر مشددة، بالاقتصاد في استهلاك الذخيرة، وخاصة ذخيرة المدفعية.

وخلال هذا اليوم، استمرت أعمال استطلاع المحور لموقع "فوكه"، ودلت تقارير الاستطلاع، على أن الجزء الجنوبي من الموقع حاد الميول، مما يهيئ له وقاية طبيعية ضد هجمات القوات المدرعة البريطانية، ولذلك زاد الأمل لدى "روميل"، في إمكان الصمود في موقع "فوكه"، فيما لو نجح في سحب قواته إليه، حيث لن يتمكن البريطانيون من مهاجمته، إلاّ بعد القيام بتحضيرات كثيرة، مما يوفر له فسحة من الوقت، يمكنه خلالها، تلقي بعض الإمدادات، واستعواض خسائره في الدبابات، وبذلك يعيد التوازن مرة أخرى بين قواته والقوات البريطانية. وقد دلت التقارير التي تلقتها قيادة "روميل"، في ذلك اليوم، على إنه لم يبق لدى فرقتيه البانزر (15 ، 21) سوى 109 دبابة، على الرغم من الجهود الجبارة، التي بُذلت لإصلاح الدبابات المصابة والمعطلة، كما لم يبق لدى الفرقتين المدرعتين الإيطاليتين (آريتي، ليتوريو) سوى 210 دبابة، بينما كان لدى "مونتجمري" حوالي 800 دبابة، على استعداد لخوض المعركة المقبلة الحاسمة.

ثالثاً: المرحلة الثالثة من القتال (من 2 نوفمبر إلى 4 نوفمبر 1942) (اُنظر خريطة أعمال قتال قوات الجانبين) و(خريطة تطور هجوم الفيلق 30(2))

1. أعمال قتال ليلة 1/2 نوفمبر (اُنظر خريطة تطور هجوم الفيلق 30(2))

بدء الهجوم البريطاني الحاسم في الساعة 0105، بعد أن سبقه تمهيد نيراني قوي، ومتواصل، من المدفعية والطائرات، استمر طوال الساعات السابقة من الليل، وسبقته نيران إزعاج شديدة بواسطة المدفعية، استمرت لمدة ثلاث ساعات. وقد سحب "مونتجمري" قوات المشاة البريطانية، الموجودة في النسق الأول، قبل بدء الهجوم، لمسافة 150 متراً خلف الحد الأمامي لدفاعاته، لحمايتها من نيران غلالة المدفعية، التي تقرر أن يفتح خطها الأول أمام الحد الأمامي لدفاعاته مباشرة، لضمان إسكات أي مواقع لقوات المحور، وتدميره، في منطقة الأرض الحرام، بين دفاعاته، ودفاعات قوات المحور.

واشترك في غلالة النيران 11 آلاي مدفعية ميدان، وآلآياً مدفعية متوسطة. وكانت المواجهة المخصصة لكل مدفع 10 متر فقط، وتقرر رفع غلالة النيران لمسافة 100 متر، كل دقيقتين ونصف، على أن تتوقف لمدة 30 دقيقة عند وصول القوات البريطانية المهاجمة، إلى نهاية أهداف المرحلة الأولى من الهجوم، حتى تتمكن قوات المشاة، من تطهير الأرض التي تم احتلالها، ثم تستأنف الغلالة، بعد ذلك، زحفها بالنظام السابق نفسه، حتى نهاية المرحلة الثانية، وحيئنذ تتوقف لمدة ساعتين، حتى يتم إعادة التنظيم على الأهداف المحتلة، وبعد ذلك تستأنف الزحف مرة أخرى، لمعاونة اللواء 9 المدرع، في تقدمه لاحتلال منطقة رأس الكوبري، عبر مدق سيدي عبدالرحمن.

وتقدم لواءا المقدمة (الأماميان) من الفرقتين (50، 51)، طبقاً للخطة الموضوعة، وتمكن اللواء الأيسر (من الفرقة 50) من تحقيق مهمته، والوصول إلى هدفه النهائي. أما اللواء الأيمن (من الفرقـة51) فقد تعطل أمام المقاومة الألمانية العنيفة، التي أبدتها الفرقة 15 البانزر، التي كانت تحتل المواقع الدفاعية الواقعة تجاه مواجهة الهجوم. ونتج عن هذا التعطيل، عدم إمكان تنفيذ خطة المعاونة النيرانية من المدفعية، للواء 9 المدرع، طبقاً للخطة الموضوعة.

ونجحت الكتيبة النيوزيلندية، المكلفة بحماية الجانب الأيمن للهجوم، في اجتياح موقع أحد آلايات فرقة "تريستي" الإيطالية، ووصلت إلى الهدف المحدد لها. كما نجح لواء المشاة الراكب، المكلف بحماية الجانب الأيسر في الاستيلاء على الهدف المخصص له.

وحاول "روميل"، إيقاف الهجوم البريطاني، بتركيز كل نيران مدفعيته على القوات المهاجمة، إلاّ أنه لم يكن لديه أي قوات احتياطية، تجاه مواجهة الهجوم، سوى بعض وحدات من الفرقة 90 الخفيفة، التي كان الجزء الأكبر منها، قد تحرك إلى أقصى الشمال في الأيام السابقة. وعلى الرغم من استخدام هذا الاحتياطي، فقد نجحت قوات المشاة البريطانية في الوصول إلى معظم أهدافها، وبدأ اللواء 9 المدرع، في التقدم لعبور مدق سيدي عبدالرحمن.

وتقدم اللواء 9 المدرع، من دون معاونة من المدفعية، نظراً لأن ضباط مركز الملاحظة الأمامية للمدفعية، المعينين للعمل معه، ضلوا الطريق في الظلام، ولم يتمكنوا من الاهتداء إلى نقطة التقابل. وقبل أن يصل اللواء إلى مدق سيدي عبدالرحمن، قوبل بنيران شديدة جداً، من المدفعية الألمانية المضادة للدبابات، حيث وضع "روميل" ستارة نيران مضادة للدبابات، تتضمن حوالي 25 مدفعاً من عيار 88 مم، ومعها عدد كبير آخر، من المدافع عيار 50 مم، وتحميها قوات من المشاة. وقد تم تدمير وإصابة عدد كبير من دبابات كتيبة المقدمة، كما قُتل بعض قادة السرايا والفصائل، الذين كانوا في كتيبة المقدمة، فاضطر اللواء إلى التوقف نتيجة لذلك.

2. أعمال قتال يوم 2 نوفمبر

استمر اللواء 9 المدرع، في الاشتباك مع ستارة المدفعية المضادة للدبابات، لقوات المحور، وقد فقد قائد اللواء السيطرة على معظم وحداته، بسبب مقتل معظم قادة السريا والفصائل. ولذلك، ظلت الدبابات تقاتل قتالاً فردياً دون تنسيق أو سيطرة، وفي نهاية نهار يوم 2 نوفمبر، كان مجموع خسائر اللواء 98 دبابة، من إجمالي دباباته البالغ عددها 133 دبابة.

وأصدر "مونتجمري" أوامره، للفرقة الأولى المدرعة، بالتقدم في الصباح، لنجدة هذا اللواء، وحينئذ، دارت بينها وبين الفرقتين (15، 21) البانزر، معركة دبابـات كبرى، استغرقت النهار كله. وقد ركزت المدفعية البريطانية نيرانها بشدة على مواقع قوات المحور المدرعة، كما شن سلاح الطيران البريطاني، هجمات عنيفة طوال النهار، ونتج عن ذلك قطع معظم المواصلات الخطية، بين مراكز القيادات الألمانية والإيطالية، كمـا كانت مواصلات قوات المحور اللاسلكية، تعاني أيضاً ارتباكاً شديداً، بسبب تداخل الأجهزة اللاسلكية، للقوات البريطانية معها، مما أدى إلى حدوث حالة من الفوضى، وأصبح من الصعب على "روميل" الإلمام بالموقف، وبالتالي بدأ يفقد السيطرة على قواته.

وثبت أثناء تلك المعارك، أن المدافع من عيار50 مم الألمانية، المضادة للدبابات، وكذا المدافع من عيار 47 مم الإيطالية، المضادة للدبابات، أنها غير مؤثرة في دبابات "شيرمان" البريطانية، ولذلك اقتصرت معاونة المدفعية المضادة للدبابات لقوات البانزر، على استخدام المدافع 88 مم، التي نجحت الدبابات البريطانية، في تدمير عدد كبير منها في ذلك اليوم. وفي نهاية النهار، كانت الفرقتان 15، 21 البانزر، وفرقة "ليتوريو" الإيطالية المدرعة، (التي دُفعت أيضاً للمعركة) قد خسرت الجزء الأكبر من دباباتها. وعلى الرغم من أن خسائر البريطانيين في الدبابات، كانت أكبر كثيراً من خسائر المحور في هذه المعركة، إلاّ أن موقف "مونتجمري" لم يهتز كثيراً لهذه الخسائر الفادحة، إذ كان لديه عدد كبير من الدبابات، في حين تأثر "روميل" كثيراً، بسبب خسائره، إذ أصبحت قواته المدرعة من الضعف، بحيث لا يمكنه الاعتماد عليها، في أية عمليات قتال رئيسية تالية.

وانتهزت الفرقة 51 المشاة البريطانية، فرصة اشتباك قوات المحور المدرعة، مع الفرقة الأولى المدرعة البريطانية، في معركة الدبابات الكبرى، وقامت بهجوم جديد، بعد الظهر، بمعاونة اللواء 23 المدرع، بهدف توسيع قطاع الاختراق غرباً، وقد نجحت فعلاً في التقدم لمسافة 1500 متر.

واضطر "روميل"، إزاء تحرج موقفه، إلى إحضار بقية فرقة "آريتي" المدرعة، من القطاع الجنوبي، ومعها معظم المدفعية الباقية هناك، تاركاً بذلك هذا القطاع دون أي قوات احتياطية، وقد أصدر "روميل" أوامره لهذه القوات باحتلال مواقع دفاعية جديدة، على مدق سيدي عبدالرحمن، في مواجهة الهجوم البريطاني، لزيادة عمق دفاعاته تجاه، منطقة الاختراق، كما أمر بسحب آلاي من الفرقة 164 المشاة الألمانية (الموجودة في أقصى الشمال) لاستخدامه كاحتياطي، لمواجهة التطورات القادمة.

وتمكن آلاي العربات المدرعة "الرويالز" البريطاني، من عبور رأس الكوبري، والدخول إلى الأرض المكشوفة، خلف مواقع المحور الدفاعية، بعد ظهر ذلك اليوم، وبدأ في التقدم على الفور، في اتجاه الغرب، للإغارة على خط مواصلات المحور، وقوات إمداده وتموينه جنوبي "الضبعة"، أما آلاي العربات المدرعة 4 جنوب أفريقيا، فقد فشل في التقـدم إلى الأرض المكشوفة، بسبب المقاومة العنيفة التي اعترضت طريق تقدمه.

وشعر "روميل"، بتحرج موقفه الإداري، في ذلك اليوم، إلى درجة أقلقته كثيراً، إذ لم يصل إليه سوى 190 طناً من الذخيرة، بينما كان مجموع المستهلك 450 طناً، علاوة على أن موقف الوقود، لم يطرأ عليه أي تحسن، وقد تم سحب معظم القواعد الإدارية الأمامية، في ذلك اليوم، إلى ما وراء موقع "فوكه".

3. أعمال قتال ليلة 2/3 نوفمبر (اُنظر خريطة تطور هجوم الفيلق 30(2))

قرر "روميل"، أن الوقت قد حان لتنفيذ خطة الانسحاب، من منطقة العلمين، فقد كان يعلم جيداً، أن القوات البريطانية المدرعة، ستنجح إن عاجلاً أو آجلاً، في اختراق بقايا مواقعه الدفاعية، ولم يكن لديه، في ذلك الوقت، سوى 32 دبابة صالحة للقتال. وعلى ذلك، فإن أي تأخير في سحب قواته، قد يؤدي إلى كارثة كبرى، لجميع قوات جيش البانزر الأول، ولذلك، أمر "روميل" قوات القطاعين الأوسط والجنوبي، بإخلاء مواقعها، والانسحاب في اتجاه الغرب أثناء الليل، بينما أصدر أوامره إلى آلاي المشاة (الذي سُحب من قطاع الفرقة 164 المشاة خلال النهار) باحتلال موقع تعطيلي، جنوب سيدي عبدالرحمن مباشرة، لستر الطريق الساحلي، كما أصدر أوامره للفرقة 90 الخفيفة، وبقايا الفيلق 20 الإيطالي المدرع، بالانسحاب غرباً، ببطء شديد، خلف المشاة المنسحبين سيراً على الأقدام، لستر انسحابها، على أن تتوقف القوات المكلفة بمهمة القتال التعطيلي، لاحتلال موقع متوسط عندما تصل إلى مسافة 10 كم شرق "الضبعة". وكان "روميل"، يأمل كثيراً، في نجاح انسحاب قواته، اعتماداً على التردد والحذر الشديدين، اللذين ظهرا في تصرفات "مونتجمري".

وأبرق "روميل"، إلى القيادة العليا الألمانية، موضحاً خطورة موقف قواته، ونواياه في شأن سحبها، وأكد أن بقاء قواته أي مدة أخرى في العلمين، سيؤدي إلى فقد الجزء الأكبر منها، حيث إن القوات البريطانية المدرعة، قد أوشكت على اختراق مواقعه بصفة نهائية، وسيصبح من المتعذر عليه، بعد ذلك، تخليصها من القتال وسحبها. وقد أمر "روميل" ياوره الخاص، بالسفر بالطائرة إلى ألمانيا، لتوضيح خطورة الموقف لـ"هتلر" شخصياً، ولطلب الحرية الكاملة، في العمل حتى يمكن إنقاذ جيش البانزر. وكلف "روميل" ياوره، بأن يشرح لـ"هتلر" الخطة التي ينوي إتباعها، والتي يعتقد أنها الوسيلة الوحيدة للإبقاء على قواته، وذلك بسحبها إلى الغرب، مع احتلال أكبر عدد من المواقع التعطيلية المتتالية، لإجبار العدو على فتح مرابض مدفعيته في كل مرة، مع تجنب الاشتباك معه في معركة فاصلة، حتى يتيسر إمداد الجيش واستعواض خسائره، أو إجلاء قواته بحراً.

هذا من ناحية الألمان، أما من ناحية البريطانيين، فقد أمر "مونتجمري"، اللواء 7 المشاة الراكب، من الفرقة الأولى المدرعة، بالقيام بهجوم ليلي، لتوسيع قطاع الاختراق البريطاني، في غرب مدق سيدي عبدالرحمن، حتى تتمكن القوات المدرعة من الانطلاق خلاله، في أول ضوء. وقد نجح اللواء في الاستيلاء على جميع أهدافه، في أول الأمر، إلاّ أنه اضطر للانسحاب ثانية، بعد أن شنت قوات المحور، هجوماً مضاداً، في أول ضوء، تراجع على إثره اللواء 7 المشاة، حتى "تل العقاقير".

4. أعمال قتال يوم 3 نوفمبر (اُنظر خريطة تطور هجوم الفيلق 30(2))

نجحت قوات المحور، بالقطاعين الأوسط والجنوبي، في الانسحاب قبل أول ضوء، دون أن تشعر القوات البريطانية المواجهة لها، قد بدأت في الانسحاب غرباً، وهي مترجلة، وَجَرَّتْ جميع أسلحتها الثقيلة، بواسطة الأفراد، لعدم تيسر العربات.

وعلى الرغم من اكتشاف البريطانيين، لبدء انسحاب قوات المحور أثناء النهار، فشلت الفرقة الأولى المدرعة في اكتساح ستارة نيران المدفعية المضادة للدبابات، التي تقف حائلاً بينها وبين تقدمها، على الرغم من الضغط المتواصل عليها طوال النهار، واضطر "مونتجمري"، إلى تكليف أحد لواءات الفرقة 4 الهندية، بالهجوم لتطويق ستارة المدفعية من الجنوب، فتقدم هذا اللواء، من مواقعه على تبة "المطرية"، مسافة 10 كم، حتى خط بدء الهجوم، ونظراً للأتربة الناتجة عن تحرك عربات اللواء، وصعوبة الرؤية، فقد اختلطت المدقات على وحدات اللواء، فضلّ بعضها الطريق، ولم يصل إلى خط الابتداء للهجوم، سوى كتيبة واحدة، على الرغم من تأجيل ساعة بدء الهجوم لمدة ساعة كاملة.

وتمكن الآلاي 4 جنوب أفريقيا عربات مدرعة، خلال هذه الفترة، من التقدم إلى المناطق الخلفية لقوات المحور، وبدأ في مهاجمة خطوط مواصلاته، ومستودعات تموينه.

وانتهز "روميل" فرصة فشل القوات المدرعة الرئيسية البريطانية، في اختراق مواقعه، وسحب الكثير من الوحدات الآلية الإيطالية من القطاع الشمالي، إلاّ أن ذلك تسبب في تكدس الطريق الساحلي بمئات العربات المتجهة غرباً، وكانت فرصة لا تتكرر انتهزتها الطائرات البريطانية في الهجوم على تلك الأرتال، لإيقاع أكبر قدر من الخسائر بها.

وفي الساعة 1330، يوم 3 نوفمبر، وصلت إلى "روميل" برقية من هتلر، نصها:

إلى الفيلد مارشال روميل

"إنني والشعب الألماني، نثق في قيادتكم، وفي شجاعة القوات الألمانية الإيطالية التي تحت قيادتكم، ثقة عمياء، ونتتبع قتالكم المجيد في مصر، إلاّ أنه ينبغي في الموقف الذي تواجهونه الآن، ألاّ يتجه تفكيركـم إلاّ إلى الصمود، وعدم التخلي عن ياردة واحدة من الأرض، ويجب إلقاء كل مدفع، وكل رجل في أتون المعركة. إن كثيراً من الإمدادات الجوية، في طريقها، لتكون تحت تصرف القائد العام للقطاع الجنوبي[6]. هذا، عـلاوة على أن لقيادة العليا الإيطالية، تبذل كل ما في وسعها، لإمدادكم بكل ما يعاونكم على القتال. إن عدوكم رغم تفوقه، قد وصل إلى آخر حد لطاقته، وقد لا تكون هذه، هي المرة الأولى في التاريخ، التي تتغلب فيها الإرادة القوية، على عدد أكبر من الكتائب، أما عن قواتك، فيمكنك أن تبين لها، أنه لا طريق أمامها، سوى النصر أو الموت"... "أدولف هتلر".

أوقعت هذه البرقية، "روميل" في حيرة كبرى، إذ كيف يوفق بين أمر "هتلر" بالاستمرار في المعركة، وبين عدم كفاية الذخيرة والوقود والمعدات الباقية لديه، والتي لا تمكنه من الصمود في معركة العلمين، إلاّ أنه حسم الأمر، وأطاع أوامر هتلر، ومن ثم أصدر أوامره إلى جميع القوات المنسحبة بالتوقف، والعودة إلى مواقعها الأولى، وأبرق في الوقت نفسه، إلى "هتلر" ليبين له عواقب تنفيذ أوامره.

وحاولت قوات المحور المنسحبة العودة ثانية، إلى خط العلمين، ولكنها لقيت صعوبات لا نهاية لها لتنفيذ هذا الأمر، حيث كانت أرتالها قد اختلطت ببعضها البعض، وبالتالي تعذر على القادة السيطرة على وحداتهم أثناء التحرك. ومما زاد الأمر سوءاً أن عملية إعاشة هذه القوات توقفت تماماً، بسبب غارات عربات الآلاي 4 جنوب أفريقيا المدرعة، على أرتال عربات إمداد وتموين قوات المحور، على الرغم من تخصيص بعض العربات المدرعة الإيطالية لحراستها، هذا، علاوة على الهجمات الجوية البريطانية المتكررة، التي سببت إزعاجاً شديداً، لقوات المحور أثناء تحركها.

5. أعمال قتال ليلة 3/4 نوفمبر

قامت الوحدات التي وصلت من اللواء الهندي، إلى خط بدء الهجوم، لشن هجومهـا، ضد ستارة نيران المدفعية المضادة للدبابات لقوات المحور، وقد تمكنت من التقدم لمسافة ثمانية كم، حتى مدق سيدي عبدالرحمن، عند نقطة تبعد حوالي خمسة كم، جنوب غرب تل "العقاقير"، مطوقة بذلك الستارة المضادة للدبابات، مما اضطرها إلى الانسحاب في اتجاه الشمال الغربي.

وقامت الفرقة 51 المشاة، خلال تلك الليلة أيضاً، بهجوم آخر ناجح، على الجانب الأيمن، واستولت على بعض المواقع جنوب تل "العقاقير"، مما وسع قطاع الاختراق البريطاني من جهة، وساعد اللواء الهندي في هجومه من جهة أخرى.

6. أعمال قتال يوم 4 نوفمبر

كان موقف قوات المحور في صباح يوم 4 نوفمبر كما يلي:

أ. فيلق أفريقيا الألماني، يحتل خطاً دفاعياً هشاً، على هيئة نصف دائرة، تحيط بثغرة الاختراق البريطاني، من الشمال والغرب.

ب. الفيلق 20 الإيطالي المدرع، يحيط بثغرة الاختراق البريطاني، من اتجاه الجنوب، والجنوب الغربي، بالقوات القليلة المتبقية لديه.

ج. يلي ذلك جنوباً فرقة "ترينتو"، ولواء "الرامكي" (من جنود المظلات)، أما فرقـة "بولونا"، التي تشكل بقية الفيلق 21 الإيطالي، فلم تنجح بأكملها، في العودة إلى مواقعها، حتى ذلك الوقت.

د. يلي هذه القوات جنوباً، الوحدات التي أمكنها العودة ثانية، إلى مواقعها في القطـاع الجنوبي، من الفيلق 10 الإيطالي.

أما القوات البريطانية، فقد قامت بهجوم شديد بواسطة فرقها المدرعة: الأولى، والسابعة، والعاشرة، على مواجهة واسعة، بغرض اختراق المواقع الدفاعية الباقية لقوات المحور، وتطويقه من خلف خطوطه، إلاّ أن فيلق أفريقيا الألماني نجح في صد هذا الهجوم، بعد أن خسر كل دباباته الباقية لديه، عدا 12 دبابة منها.

كما نجحت القوات البريطانية، في اختراق مواقع قوات المحور، في مواجهة الفيلق 20 الإيطالي، ودارت بينها وبين الفرق المدرعة الإيطالية، معركة بالدبابات، استمرت عدة ساعات، انتهت بتدمير كافة قوات الفيلق تدميراً شبه تامٍ.

ونجحت القوات البريطانية أيضاً، في اختراق مواقع الفيلق 21 الإيطالي، بعد أن فشلت المدفعية الإيطالية المضادة للدبابات، في إيقاف الدبابات البريطانية. وفي الساعة 1300، قام البريطانيون بهجوم عنيف آخر، ضد مواقع فيلق أفريقيا الألماني، وقد نجحت دباباتهم، في إحداث ثغرة ما بين الفرقتين (15، 21) البانزر، وتمكنت من أسر الجنرال "فون توما"، قائد فيلق أفريقيا الألماني.

وفي الساعة 1530، وأمام هذا الموقف الصعب، اضطر "روميل"، إلى مخالفة أوامر "هتلر" بالصمود، وإصدار أوامره بانسحاب جميع قواته من خطها الدفاعي، حتى ينقذ ما بقى من قواته الآلية. وأبرق إلى "هتلر" بالموقف، الذي دعاه إلى إصدار هذا الأمر. وقد عُين الكولونيل "بايرلين"، قائداً لفيلق لأفريقيا، بدلاً من الجنرال "فون توما".

رابعاً: نتائج معركة العلمين

يتضح مما سبق أن تصميم القيادتين، العليا الألمانية والإيطالية، على الصمود في مواقع العلمين، قد كلف "روميل" جزءاً عظيماً من قوات المشاة، علاوة على خسارته، لكل قواته المدرعة تقريباً. (اُنظر جدول عدد الدبابات الذي كان متوفراً لدى روميل خلال أيام المعركة من بدايتها حتى نهايتها)

خامساً: مراحل انسحاب "روميل" ومطاردة "مونتجمري"، من 5 إلى 20 نوفمبر (اُنظر خريطة مراحل مطاردة قوات المحور)

1. بداية انسحاب قوات المحور

عقب صدور أوامر "روميل" بانسحاب قواته، بدأت الوحدات الآلية لقوات المحور في التحرك غرباً، بأقصى سرعة ممكنة، من دون مراعاة لأي ترتيب أو توقيت، حيث نصت أوامر "روميل"، على الاتجاه نحو مواقع "فوكه"، في أقصر وقت، ومن أقصر طريق. أما قوات المشاة الإيطالية، التي لم تكن لديها أي حملات آلية، فقد تعذر عليها الانسحاب بعد أن نجحت مدرعات البريطانيين، في الانطلاق إلى ما وراء خط المحور الدفاعي، ونظراً لأنه لم يكن لدى تلك القوات، سوى قدر محدود من المياه والتعيينات، فقد استسلمت لقوات الفيلق 13 البريطاني، التي اتخذت لنفسها، تشكيل التحرك على هيئة أرتال، واندفعت داخل مواقع الإيطاليين، وأحاطت بهم من دون أن تقابل أي مقاومة جدية. وبذلك، فقد "روميل" الجزء الأكبر، من فرق "بريسيكا"، و"فولجوري"، و"بافيا"، و"بولونا"، كما فقد كافة أسلحتها وذخيرتها.

2. المطاردة إلى "فوكه"

استمر انسحاب قوات المحور، بعد ظهر يوم 4 نوفمبر، وخلال ليلة 4/5 نوفمبر، إلى موقع "فوكه" الدفاعي، تحت ضغط الهجمات الجوية البريطانية المستمرة. وفي أول ضوء يوم 5 نوفمبر، وصل الجزء الأكبر من قوات المحور المدرعة إلى خط "فوكه"، وتوالى بعد ذلك وصول القوات الآلية.

أما بالنسبة لقوات الجيش الثامن، فقد قرر "مونتجمري" قطع خط الرجعة على قوات المحور المنسحبة، إلى كل من "فوكه"، و "مرسى مطروح"، فأمر الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية بالتقدم إلى "فوكه"، بينما أمر الفليق 10 المدرع، بالتقدم إلى "مرسى مطروح"، وفي الوقت نفسه، أمر الفيلق 13، بتطهير أرض المعركة، من الفرق الإيطالية التي خلفها "روميل" عند انسحابه.

وفي يوم 5 نوفمبر، تعطل تقدم الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية، لاصطدامها بموقع بعض وحدات المؤخرة لقوات المحور عند موقع "فوكه"، وعندئذ، قرر "مونتجمري" إعادة تنظيم قواته، لمواصلة عملية المطاردة، فشكل الفيلق 10 المدرع، بعد الخسائر التي ألمّت به، من الفرقتين (الأولى، والسابعة) المدرعتين، والفرقة 2 المشاة النيوزيلندية، ووضعت الفرقة 10 المدرعة، تحت قيادة الفيلق 30، وكُلف الفيلق 10 المدرع، بالمطاردة، وقطع خط الرجعة على قوات المحور، عند "مرسى مطـروح"، بينما كان على الفيلق 30، التقدم إلى منطقة متوسطة بين العلمين ومرسى مطروح. ولهذا أصدر "روميل" أوامره، بالانسحاب السريع إلى مرسى مطروح، تاركاً باقي قوات المشاة من الفيلقين (10، 21) الإيطاليين.

3. المطاردة إلى مرسى مطروح

بعد ظهر يوم 5 نوفمبر، انسحبت قوات المحور من "فوكه" إلى مرسى مطروح في حالة من الفوضى الشديدة، كما أنها اضطرت، أثناء انسحابها، إلى ترك كثير من عرباتها لعدم وفرة الوقود. وعلى الرغم من ذلك، فإن قوات "روميل" عند وصولها إلى مرسى مطروح، تمكنت من إقامة جبهة شبه متماسكة للدفاع عنها، وكان "روميل" يرمي من وراء ذلك إلى تعطيل القوات البريطانية عدة أيام، حتى يجد موقعاً دفاعياً قوياً بمنطقة السلوم.

وفي صباح يوم 6 نوفمبر، تقدم الفيلق 10 المدرع، للقضاء على ما تبقى من قوات "روميل"، التي كان معظمها قد وصل إلى مرسى مطروح، إلاّ أن الحظ لعب دوره في خدمة "روميل"، حيث سقطت أمطار غزيرة عند الغروب، فتحولت الأرض إلى أوحال، تعذر معها تحرك الفيلق 10 المدرع، قرب مرسى مطروح. وبذلك توقفت المطاردة تماماً، حتى يوم 7 نوفمبر، عدا الوحدات المتحركة على الطريق الساحلي. وبذلك تمكن “روميل” من سحب قسم كبير من قواته غرباً، من مرسى مطروح، على الطرق الساحلية المرصوفة. وفي يوم 8 نوفمبر، استؤنف التقدم، ودخل الفيلق 10 المدرع، إلى مرسى مطروح.

4. المطاردة إلى الحدود المصرية

لم يحاول "روميل" التوقف عند خط سيدي براني، ولكنه أخذ في الانسحاب إلى خط الحدود المصرية خـلال نقبي السلوم وحلفاية. كذلك أصدر "روميل" أوامره، إلى فيلق أفريقيا، وبقايا الفيلق 20 الإيطالي، بالقيام بحركة التفاف. وفي ذلك الوقت كان الفيلق 10 المدرع يحاول، مرة أخرى، الاتصال بقوات المحور المنسحبة، دون جدوى، ولكن حركته البطيئة، والحذر الشديد، وعدم متابعة إمداد قواته بالوقود، كانت هي الأسباب الرئيسية، لفشل قوات الجيش الثامن البريطاني، في الإمساك بـ"روميل".

وفي يوم 9 نوفمبر، تغلبت الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية، على مؤخرة قوات المحور، عند سيدي براني، بينما كانت الفرقة 7 المدرعة، متقدمة نحو الحدود، بين "السلوم"، و "مادلينا"، لتطويق القوة المنسحبة، إلاّ أنه في يوم 10 نوفمبر، هطلت الأمطار للمرة الثانية، وتوقفت الفرقة 7 المدرعة، عن مواصلة التقدم، مما أتاح الفرصة لـ"روميل"، مرة أخرى، لتخليص قواته.

وكان "روميل" قد تلقى يوم 9 نوفمبر، أمراً من القيادة العليا الإيطالية، باحتلال خط دفاعي على الحدود المصرية، عند السلوم، للدفاع عن "برقة". وعلى الرغم من أن "روميل"، كان واثقاً، من أن الدفاع عن الحدود المصرية غير مُجْدٍ، نظراً لإمكان تطويق دفاعاته من الجنوب، فقد اضطر مرغماً، على تنفيذ أوامر القيادة العليا.

5. المطاردة إلى طبرق

في خلال يوم 11 نوفمبر، كانت الأراضي المصرية، قد طُهِّرَتْ من قوات المحور. وفي ليلة 10/11 نوفمبر، قرر "روميل"، الانسحاب إلى خط "طبرق ـ العضم"، بأسرع ما يمكن، بعد سقوط نقبي "السلوم"، و"حلفاية"، مع الاعتماد على العمليات التعطيلية. في حين كانت القوات البريطانية، تستأنف المطاردة، بغرض:

أ. عدم إعطاء أي فرصة لقوات المحور، لإنشاء دفاعات قوية، والعمل على قطع خط انسحاب القوات المنسحبة، والقضاء عليها نهائياً.

ب. تأمين المطارات، الموجودة في منطقة الحدود المصرية، ليمكن استخدامها لقوة طيران الصحراء، ليتيسر لها مهاجمة قواعد المحور الإدارية، وخطوط انسحابه.

ج. الاستيلاء على ميناء طبرق، في أسرع وقت، حتى يمكن استخدامه في عمليات الإمداد والتموين لقواته في المراحل التالية للمطاردة، بعد أن طالت خطوط مواصلاتها.

وتمكنت الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية، من دخول "كابوتزو"، و"البردية"، يوم 11 نوفمبر، من دون مقاومـة، واستمر تقدم القوات المدرعة البريطانية، في اتجاه ميناء طبرق، الذي كان "روميل" يود البقاء به، أطول مدة ممكنة، حتى يتسنى لقواته إخلاء مخازن الإمداد والتموين الموجودة به، والتي تحتوي على أكثر من 10 آلاف طن من مختلف الاحتياجات.

وأخلى "روميل"، ميناء طبرق، خلال ليلة 12/13 نوفمبر، عندما شعر بأن القوات المدرعة البريطانية، على وشك أن تطوق ميناء طبرق، من الجنوب، بعد أن استخدم بعضاً من الاحتياجات الموجودة به، ودمر ما بقي منها. وقد دخلته القوات البريطانية، صباح يوم 13 نوفمبر.

6. المطاردة إلى العقيلة

كانت خطة "روميل"، بعد ذلك، تقضي بانسحاب قواته، إلى "خط العقيلة" الحصين، بأسرع ما يمكن، قبل أن تتاح الفرصة للأرتال المدرعة البريطانية لتطويقها. واستمر انسحاب قوات المحور، على الطريق الساحلية، مع تخصيص قوات كافية، لحماية جانبه، ضد عمليات التطويق البريطانية. وكان "روميل"، يعرف جيداً، كيف يدافع عن نتوء "برقة"، وكيف ينسحب منه، خلال عملياته السابقة.

ولم يقم "مونتجمري"، بتطويق قوات المحور، أو يقطع خط انسحابها، جنوب بني غازي. واستمر في مطاردتها على الطريق الساحلي. ولم يُظهر أي ميل للمغامرة في عمليات المطاردة للأسباب التالية:

أ. خوفه من تقسيم قواته.

ب. خوفه من سوء الأحوال الجوية.

ج. خوفه من أن تطول خطوط مواصلاته الإدارية.

د. صعوبة إمداد وتموين قواته.

وعلى الرغم من الأهمية الكبرى، التي كان يعلقها "مونتجمري" على الاستيلاء على ميناء بني غازي، في أسرع وقت، قبل أن تتمكن قوات المحور من تخريبه، فقد سارت عملية المطاردة بطيئة أكثر مما يجب، بسبب المصاعب الإدارية للقوات البريطانية، وكان هذا التعطيل، من حسن حظ قوات المحور، إذ أن الأخيرة عانت بدورها مصاعب ضخمة بسبب نقص الوقود.

وفي يوم 19 نوفمبر، تمكن فيلق أفريقيا الألماني، من الوصول سالماً إلى مواقعه الجديدة، في منطقة "العقيلة". وبذلك نجح “روميل” في سحب جميع قواته الباقية. وبذلك انتهت مرحلة المطاردة في برقة، وانتقل القتال مرة أخرى إلى العمليات الثابتة، حيث أخذت قوات المحور، في إعداد مواقع دفاعية مجهزة في "العقيلة"، بينما بدأ البريطانيون، في الإعداد لهجوم جديد، على تلك المواقع.

ويلاحظ هنا، أن "روميل"، لم يتوقف بعد انسحابه من عنق الزجاجة في "العلمين"، إلاّ عند عنق زجاجة آخر عند "العقيلة". وقد قطع خلال انسحابه مسافة 1100 كم في المدة من 5 نوفمبر إلى 20 نوفمبر. وكانت المنطقة الدفاعية التي احتلها "روميل" في العقيلة، هي نفسها، التي سبق الوقوف فيها، عقب انسحابه في يناير 1942.

سادساً: موقف القوات البريطانية بعد انتهاء عملية المطاردة

في ذلك الوقت أصبح موقف القوات البريطانية كما يلي:

1. الفرقة 2 المشاة النيوزيلندية، في منطقة البردية، لإعادة التنظيم والتدريب.

2. الفيلق 30، يتقدم إلى منطقة بني غازي، استعداداً للتحرك إلى المنطقة الأمامية، للقيام بالدور الرئيسي في الهجوم، على مواقع العقيلة.

3. الفرقة 7 المدرعة، (التي يوجد القسم الأكبر منها في منطقة عنتيلات)، صدرت إليها الأوامر، بوضعها تحت قيادة الفيلق 30، بمجرد وصوله إلى منطقة بني غازي.

4. الفيلق 10 المدرع، (الذي أصبح يضم الفرقة الأولى المدرعة، والفرقة 2 المشاة النيوزيلدية، في منطقة وسط "برقة"، وشرقها، في انتظار إتمام الفيلق 30، لعملياته المقبلة.

5. الفيلق 13، (الذي ما زالت وحداته شرق الحدود المصرية)، تقرر سحب قيادته للتدريب، على عملية الغزو البحري، تمهيداً لعملية غزو "صقلية"، التي ينتظر القيام بها، بمجرد طرد قوات المحور من شمال أفريقيا.

سابعاً: مجمل عمليات مرحلة المطاردة

قطعت القوات البريطانية مسافة 1100 كم، منذ بدء معركة العلمين، وقد تم اجتياز هذه المسافة في المدة من 5 نوفمبر (بدء الانطلاق في معركة العلمين)، حتى 20 نوفمبر (تاريخ سقوط بني غازي)، (اُنظر جدول مجمل توقيتات التقدم)

ثامناً: موقف قوات المحور بعد الانسحاب من برقة

كان موقف قوات المحور، عقب إخلائها، برقة كما يلي:

1. خسرت القوات الألمانية منذ بدء معركة العلمين، حتى الوصول إلى مواقع العقيلة 1100 قتيل، 3900 جريح، 7900 أسير.

2. خسرت القوات الإيطالية في تلك الفترة، 1200 قتيل، 1600 جريح، 20 ألف أسير.

3. كان مجموع قوات المحور البرية والبحرية، التي بقيت عقب معركة العلمين حوالي 90 ألف جندي، وقد أمكن سحب 70 ألف منهم إلى موقع العقيلة، ورحل عدة آلاف من الجرحى والمرضى جواً إلى أوروبا للعلاج.

4. على الرغم من قلة الخسائر، نسبياً، في الأفراد، فقد كانت الخسائر فادحة جداً في الأسلحة والمعدات، مما جعل الكفاءة القتالية الفعلية لقوات "روميل"، حوالي 33% مما كانت عليه في العلمين.

5. انضمت إلى "روميل" في موقع العقيلة إمدادات جديدة من القوات كالتالي:

أ. فرقة الشبان الفاشيست المشاة الإيطالية.

ب. جزء من فرقة "بستويا" المشاة الإيطالية.

ج. جزء من فرقة "سبزيا" المشاة الإيطالية.

د. بعض عناصر من فرقة "سنتاريو" المدرعة الإيطالية.


 



[1] كان البريطانيون قد أنشئوا حقلين من الألغام غرب دفاعاتهم سمي الشرقي منهما بحقل ألغام يناير، والغربي بحقل ألغام فبراير، وقد استولى المحور، على هذين الحقلين، في منطقة القطاع الجنوبي، أثناء معركة علم حلفا، وظل محتفظاً، بهما حتى بدء معركة العلمين.

[2] هذه الطريقة في الدفاع، هي التي أطلق عليها البريطانيون فيما بعد، "المواجهة الزائفة"، أو "الدفاعات الزائفة".

[3] اضطر "روميل" إلى أخذ إجازة مرضية قضاها في فيينا، ليعتني ببعض الجروح التي أصيب بها من جراء الإقامة في الصحراء لمدة طويلة، وعندما علم بهجوم "مونتجمري"، ألح على العودة فوراً إلى معاركه في شمال أفريقيا بالطائرة، دون أن يستمع إلى إرشادات الأطباء، وعاد بالفعل يوم 25 أكتوبر، ولكن صحته لم تكن قد تحسنت بعد بما فيه الكفاية، فلم يظهر في الشهور التالية للمعركة على نفس مستوى سمعته السابقة، وغادر "روميل" شمال أفريقيا، ليتابع علاجه في 7 مارس من عام 1943، قبل شهر من كارثة استسلام قواته.

[4] كان الجنرال "شتومة" الذي تولى قيادة هذا الجيش، مدة تغيب "روميل" قد قُتل في اليوم السابق. ويقال أيضاً أنه مات بالسكتة القلبية .

[5] كان "روميل" يجهز هذه القوات للقيام بهجوم مضاد ضد القوات البريطانية، إلا أن الخسائر التي أصيبت بها تلك القوات نتيجة للغارات البريطانية أدت إلى تعذر القيام بذلك الهجوم.

[6] يقصد الفيلد مارشال كيسلرنج الذي يقود القطاع الجنوبي للمحور في روما، والذي يتبعه "روميل" في ذلك الوقت.