إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / جوديريان، وفرق البانزر




هاينز جوديريان

دور قوات البانزر في العمليات في غربي أوروبا
دور قوات البانزر في الغزو الألماني لروسيا
دور قوات البانزر في الغزو الألماني لفرنسا

البانزر خلال الحرب العالمية



جودريان وفرق البانزر

المقدمة

يُعد الجنرال هاينز جوديريان Heinz Guderian (انظر صورة هاينز جوديريان)، من أهم رجال الفكر العسكري وتطبيقاته الميدانية، خلال النصف الأول من القرن العشرين. اقترن اسمه بفكرة إنشاء قوات البانزر الألمانية، التي بدأ بتكوينها في أعقاب الحرب العالمية الأولى؛ وخاض بها غمار الحرب العالمية الثانية، حيث قلب موازين الاستخدام التقليدي للدبابات، ومهد لعصر جديد من الفن العسكري، ليس في ألمانيا فحسب، بل في العالم كله أجمع. ولولا هي لَمَا انتصرت ألمانيا على أيّ دولة عظمى[1]، آنئذٍ، انتصاراً سريعاً وحاسماً.

وكلمة بانزر، في اللغة الألمانية، تعني الدبابة، أو المدرعة، أو الدرع؛ فمصطلح فِرق البانزر، أو قوات البانزر، يعني التشكيلات المدرعة، وعمادها الرئيسي الدبابات، ثم الأسلحة الملحقة بها، التي تعاونها على أعمال القتال، مثل: المشاة، والمدفعية، والأسلحة المضادة للدبابات، والمضادة للطائرات، وسلاح الهندسة، وقوى الإمداد والإصلاح.

واجه جوديريان مصاعب كثيرة، دون إنشائه قوات البانزر. فما إن سعى إلى استيفاء عامل خفة الحركة؛ لإيمانه أن الحرب المقبلة، لن تكون حرب خنادق وثبات؛ حتى جُبه بالمقاومة، بل تسفيه فكاره أحياناً. ولكنه كان قد توقع ذلك؛ لدراسة تجارب ليدل هارت Liddell Hart، في بريطانيا، تحت رعاية الجنرال فولر Fuller، وما لاقاه من القادة المتحفظين، الذين وصفوا أفكاره بأنها غير واقعية، ولا تصلح للحرب. غير أن أدولف هتلر، دعم مسعى جوديريان؛ عسى أن يحقق به أطماعه التوسعية في أوروبا.

استهل جوديريان تنفيذ فكرته باستخدام بعض عربات الحملة الإدارية للجنود، وتغطيتها بألواح رقيقة من الصلب، ثم تركيب رشاش أعلى هيكل كلّ عربة؛ فكان شكلها الجديد هو اللبِنة الأولى قوات، تحقق المناورة، والنيران، والتدرع.

وأفادت جوديريان خبرته التراكمية ببناء قواته المدرعة، والتي تدرجت من المناورات التدريبية إلى التحركات الطويلة، أثناء ضم النمسا، والتي أظهرت أهمية التأمين: الإداري والفني؛ وهو ما رُوعي، لاحقاً، عند ضم السوديت[2] Sudeteus، في تشيكوسلوفاكيا، سلمياً. ناهيك من غزو بولندا بأجيال البانزر الأول؛ ثم استخدامها في مقاتلة فرنسا، حيث حسم جوديريان المعركة، بقيادته الجريئة، واختراقه العميق في سيدان، وزحفه الخاطف إلى شاطئ المانش.

أوشك زحف جوديريان إلى روسيا، أن يقضي على جيوشها لولا تردد هتلر وعدم وضوح أولوياته؛ ما أطال عمر الحملة إلى فصل الشتاء، فأتاح للروس أن يستردوا أنفاسهم، بل مكن ستالين، أن يجند جيوشاً جديدة؛ وينشئ مصانع للأسلحة، بدلاً من تلك التي استولت عليها القوات الألمانية؛ ويزيد إنتاج الدبابة T-34، التي أثبتت كفاءتها، بهندستها وعرض جنازيرها، في أعمال قتال الشتاء، وعلى مسرح جليدي؛ ويطور أساليب قتال المدرعات، حتى كادت تشابه أساليب قوات البانزر الألمانية.

فيما القوات الروسية تتكاثر، عدداً وسلاحاً، لم تتمكن القوات الألمانية من استعادة قوّتها. وكان فشلها في الاستيلاء على ستالينجراد بداية لنُذُر الخطر. وأكدت مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب، أن نهاية ألمانيا، باتت قريباً.

لم تشفع للقائد الألماني إنجازاته العسكرية الخارقة، فعزل، في نهاية عام 1941؛ إذ ارتد، في الوقت الملائم، إلى خط، ارتأته عبقريته الميدانية. ولم يستدعَ إلى الخدمة، إلا في مارس 1943، حينما تردت ألمانيا، وعُيِّن مفتشاً للقوات المدرعة. ثم اختير رئيساً لهيئة أركان الحرب العليا، بعد محاولة اغتيال هتلر.

لا ريب أن جوديريان، كان، وفاقاً لكلّ المقاييس، قائداً فذاً مفعماً بروح الفرسان؛ ما حببه إلى رجاله. فقد كان يقود هجومه، وهو في أول دبابة. وما تردد في عرض وجهة نظره على هتلر، على ديكتاتورية الزعيم النازي ومعارضته لكثير من مقترحاته. وزانته الشهامة في معاملة الأسرى والمدنيين، في الدول المعادية.

وهو، عسكرياً، قائد محظوظ، إذ لم يتح لقائد من قبل، أن يتفتق بفكرة، ثم ينفذها بنفسه، ويطور تنفيذها! أمّا جوديريان، فقد نجح في إنشاء فِرق البانزر، وطور استخدامها، وواجه بها قوات فائقة العديد؛ فحقق انتصارات سريعة وحاسمة، غيرت من الفكر العسكري في استخدام القوات المدرعة؛ على الرغم من الهزيمة النهائية للقوات الألمانية.

 



[1] حددت معاهدة فرساي في أعقاب الحرب العالمية الأولى حجم وتسليح الجيش الألماني، مما حرمه من الأسلحة الهجومية الرئيسية ومنها الدبابات، وهو ما أدى إلى تخلف ألمانيا عسكرياً عن ركب الأقوياء في أوروبا.

[2] السوديت، هو إقليم غرب تشيكوسلوفاكيا، ذو أغلبية ألمانية الأصل