إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / جوديريان، وفرق البانزر




هاينز جوديريان

دور قوات البانزر في العمليات في غربي أوروبا
دور قوات البانزر في الغزو الألماني لروسيا
دور قوات البانزر في الغزو الألماني لفرنسا

البانزر خلال الحرب العالمية



جودريان وفرق البانزر

المبحث الثاني

نشاط البانزر بين عامَي 1938 و1940

 

أولاً: المناخ الألماني: السياسي والعسكري

استأثر هتلر بكلّ السلطات: السياسية والعسكرية، ليس لترسيخ استبداده فقط؛ وإنما لارتياب نفسه المتشككة بكبار قادة الجيش؛ حتى إنه احتكر، في 4 فبراير 1938، مركز القائد العام للقوات المسلحة الألمانية؛ وظل منصب وزير الحرب شاغراً. وسوَّغ له طمعه في إعادة بناء الأمة الألمانية، أن يضم، سلماً، بعض الدول أو قطاعات منها، إلى ألمانيا. وأمعن في طموحه، فتردّى، بعد أن اكتوى العالَمون بأتون الحرب العالمية الثانية.  

ثانياً: ضم النمسا إلى الرايخ الثالث

مطمع هتلر في استعادة عظمة ألمانيا، فاعتزم ضم النمسا إليها. وفوض ذلك إلى قوات، يقودها الفريق الأول فون بوك؛ إضافة إلى الفيلق السادس عشر، خفيف الحركة، بما فيه فِرقة البانزر الثانية، وعهد إلى قائدها السابق، جوديريان (انظر خريطة مهامّ قوات البانزر في المسرح الأوروبي، خلال الحرب العالمية الثانية) بقيادة ذلك الفيلق.

اندفعت القوات إلى النمسا، صباح 12 مارس 1938، فكان ذلك أول اختبار حق لفرقة البانزر؛ إذ إنها ستجتاز 420 ميلاً، تحتاج خلالها إلى الإمداد والصيانة والإخلاء. وحمل جوديريان اطمئنانه برغبة النمسا في الانضمام إلى ألمانيا، على استئذان هتلر في وضع الأزهار على دباباته؛ ما راق النمساويين وآنسهم.

وصلت القوات، ظهراً، إلى مدينة لينز. ومع حلول الظلام، حل بها هتلر، وألقى خطبة حماسية في ما يقرب من ستين ألف نمساوي. وبلغت القوات الألمانية العاصمة، فيينا، في الساعة الأولى من صباح اليوم التالي، الذي وافق عيداً، يحتفل فيه النمساويون، أمام دار الأوبرا؛ فبادرت طليعة قوات جوديريان إلى المشاركة في العيد؛ ما أذكى استقبالها؛ حتى إن الجمهور حمل جوديريان إلى مكان إقامته، وانتزع أزرار معطفه، ليتخذها تذكرة. وسرعان ما زار ذلك القائد بعض الوحدات النمساوية، حيث لاقى ترحيب ضباطها وجنودها. ورشح وحدتَين لزيارة ألمانيا: إحداهما كتيبة مشاة خفيفة محملة، والأخرى كتيبة دبابات.

ظلت فِرقة البانزر الثانية في فيينا. وعاد باقي قوات الفيلق السادس عشر ورئاسته إلى ألمانيا. وفي خريف العام نفسه، بدأت تلك الفِرقة تستبدل بجنودها الألمان آخرين نمساويين. وانتُهز شغور مكانها في ألمانيا؛ فأنشئت فِرقتا البانزر: الرابعة والخامسة، لتشغلاه مع الفِرقة الرابعة الخفيفة.

لفت الألمان ضمهم النمسا إلى أهمية الإمداد: الإداري والفني، والصيانة، إبّان اجتياز المسافات الطويلة. فهُم قد احتاجوا إلى الوقود، فاستعانوا بمخازنه في النمسا وصهاريج نقله النمساوية. وهو ما تداركوه، خلال احتلال السوديت، وغزو بولندا.

ثالثاً: ضم تشيكوسلوفاكيا (السوديت) إلى الرايخ الثالث

كاد رفض تشيكوسلوفاكيا، توقيع معاهدة مع ألمانيا، يشعل حرباً، لولا نجاح مؤتمر ميونخ، الذي حضره ممثلون عن كلّ من ألمانيا وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا، في التمهيد لضم السوديت، سلماً، إلى الرايخ. وزحف إليه جوديريان، قائد الفيلق السادس عشر، بما فيه فِرقتا المشاة المحملتان: الثالثة، والثالثة عشرة، وفِرقة البانزر الأولى.  

وبلغت القوات الألمانية، في نهاية سبتمبر 1938، الحدود التشيكية. وبادرت، صباح 4 أكتوبر، إلى احتلال المناطق المخصصة لها، داخل إقليم السوديت. ووسعت مناطق سيطرتها، بحلول العاشر من الشهر عينه (انظر خريطة مهامّ قوات البانزر في المسرح الأوروبي، خلال الحرب العالمية الثانية). وكما فعل جوديريان في النمسا، كذلك زيَّن الدبابات بالورود وغصون الأشجار؛ فلاقى ترحيب التشيكيين، ولاسيما المتحدرين، من أصول ألمانية، أولئك الذين شكك الجيش التشيكي في ولائهم، إثر الأزمة بين البلدَين، فسرحهم، احتياطاً.

اعتزم القادة الألمان التوطئة لوحدة ناجحة، بإصلاح الاقتصاد والإدارة السيئَين، في كلّ من النمسا وتشيكوسلوفاكيا. ولكن هتلر أفسد عليهم عزمهم، في نهاية أكتوبر، بخطبة حادة، أزمت علاقته ببريطانيا، وناقضت ما كان يكنّه لها من احترام، ورغبته في تعاون البلدَين؛ وساءت بخاصة ونستون تشرشل Winston Churchill، وأنتوني إيدن Anthony Eden. أضف إلى ذلك معاملته سفيرها في برلين معاملة جافية. وأمعن في دهورة الموقف الدولي، فوضع تشيكوسلوفاكيا، في مارس 1939، تحت حماية الرايخ الألماني. وكُلف جوديريان زيارة براغ Prague؛ لتفقّد الوحدات التشيكية، وتحديد صلاحية معداتها؛ تمهيداً لضمها إلى الوحدات الألمانية. وتمادى هتلر في نهجه، فنقض في 28 أبريل 1939، الاتفاقية البحرية الأنجلو ـ ألمانية. ولم يلتفت إلى تحذيرات صديقه، موسوليني، من أخطار الحرب، والتي أبلغه إياها، في 28 مايو، وزير خارجية إيطاليا، شيانو. غير أنه وقع ميثاق عدم اعتداء، مع بولندا. استقبل هتلر، في يونيه، الأمير بول، الوصي على عرش يوغسلافيا، الذي حضر استعراضاً ضخماً للقوات الألمانية، معظمه من الوحدات المحملة؛ لم يكن غير رسالة تهديد لبريطانيا، التي سيزورها ذلك الأمير، بعد زيارته ألمانيا.

رابعاً: الغزو الألماني لبولندا

رُقِّي جوديريان إلى رتبة "جنرال البانزر". ورفض، مرتَين، تعيينه قائداً للقوات "خفيفة الحركة"؛ إلا أن أوامر هتلر المباشرة، اضطرته إلى قبوله. ثم نجح، لاحقاً، في تعديل اسم تلك القيادة، ليصبح قيادة القوات المدرعة. وسرعان ما نيطت به قيادة الفيلق التاسع عشر، الذي كان قد تولّى إنشاء التحصينات على الحدود البولندية؛ وهو يضم فِرقتَي بانزر وفِرقة مشاة محملة. وعَجِل جوديريان إلى المطالبة بأن يضم فيلقه كتيبة دبابات حديثة الصنع، من طراز البانزر 3 و4، وهي كتيبة خاصة بالبيانات العملية؛ لاختبار كفاءة دباباتها، وإكساب رجالها خبرة بالقتال الحق.

أيقن هتلر ووزير خارجيته، روبنتروب، أن الدول الأوروبية، لن تخاطر بخوض حرب على ألمانيا؛ فطمعا في شرقي أوروبا. ومهد الفوهرر لغزو بولندا باتفاقه، سراً، في أغسطس 1939، مع روسيا على عدم الاعتداء؛ فحمى صفوف قواته الخلفية، على الحدود البولندية ـ الروسية. وأمر، في 25 من الشهر عينه، باجتياح بولندا. فتبوأ الجيش الألماني الرابع مقاعده للقتال، يتوسطه فيلق جوديريان إلى يمينه الفيلق الثاني، وإلى يساره وحدات الدفاع عن الجبهة. أمّا الاحتياطي، فتكوَّن من فِرقة المشاة 23. وستنضم إلى ذلك الجيش ِفرقة البانزر 10، المرابطة في تشيكوسلوفاكيا. وكانت مهمة جوديريان هي اختراق الحدود، وعبور نهر براها، والتقدم خلال الممر البولندي، المؤدي إلى مدينة وارسو Warsaw، ثم تجاوزها، شرقاً، عبر نهر الفستولا، في اتجاه الحدود البولندية ـ الروسية. وما لبث أن خاب يقين هتلر، إذ أعلنت إنجلترا ضمانها لاستقلال بولندا، في أعقاب إعلانه بوهيميا محمية ألمانية؛ فألغى أمر الاجتياح، بل استدعى بعض قواته الأمامية. بيد أنه عاد، في اليوم الأخير من أغسطس، ليأمر ببدء الحملة، فجر اليوم التالي (انظر خريطة مهامّ قوات البانزر في المسرح الأوروبي، خلال الحرب العالمية الثانية).

أطبق الألمان على بولندا. واستخدم جوديريان، أول مرة، عربة قيادة مدرعة، مجهزة باللاسلكي؛ لتحقيق خفة الحركة في أعمال قتال الدبابات. وبادر هتلر، في 5 سبتمبر، إلى زيادة قواته في عمق بولندا، حيث فوجئ بالتدمير الواسع لمرابض المدفعية البولندية واحتياطياتها؛ عزاه إلى الطائرات الألمانية القاذفة؛ ولكنه دهش، حينما أخبره جوديريان، أن ذلك التدمير، إنما هو "تأثير دباباتنا". وأذهله أن فيلق جوديريان، لم يخسر سوى 150 قتيلاً، و700 جريح، بينما فاقت خسائر اللواء، الذي كان هتلر أحد جنوده، في الحرب العالمية الأولى، ألفَي قتيل وجريح، خلال اليوم الأول من القتال. وعلّل له جوديريان ذلك بحماية الدبابات لأطقمها، وإثارتها رعباً في عمق التشكيلات المدافعة، يحرمها التوجيه الأفضل للنيران إلى قوات البانزر.

وتمخض إكبار هتلر لقوات البانزر باستيضاحه جوديريان عن وجوه تطويرها، فأوجزها في الآتي:

1. زيادة طول المدفع، لزيادة مدى القذيفة.

2. زيادة قدرة القذيفة على اختراق الدروع.

3. زيادة سمك الدرع، في مقدمة الدبابة.

4. تطبيق ذلك على المدافع المضادة للدبابات، مع زيادة سمك دروعها.

5. الإسراع في إنتاج دبابة البانزر 3، و4، والتوسع فيه.

عبر جوديريان نهر الفستولا، شرق وارسو. واتخذ قصر فنكنشتين مركزاً لقيادة فيلقه؛ فإذا به يستخدم القصر نفسه، الذي استخدمه نابليون بونابرت، مرتَين: الأولى، عام 1807، خلال حربه على بروسيا؛ والثانية، عام 1812، خلال حربه على روسيا. وسخّر جوديريان ميزات قوات البانزر والقوات الآلية، والمتمثلة في خفة الحركة، وسرعة الاختراق، والقدرة على المناورة، للبطش بالبولنديين، المتحصنين بدفاعاتهم الأسمنتية الثابتة. وأباد فِرقة فرسان منهم، استخدمت الجياد والرماح في هجومها. وأسر الكثيرين، بمن فيهم القادة؛ ولكنه أطلق ذوي الأصول الألمانية، بل أعاد بعضهم إلى ألمانيا.

لم يتمكن جوديريان من إخلاء جرحاه ودباباته العاطبة، بل غنائمه، من خط الحدود الجديد، الذي توافقت عليه وزارتا الخارجية: الألمانية والروسية؛ واضطر إلى تسليمه، في 23 سبتمبر 1939، إلى القائد الروسي، العميد كريفوتشين. وعاد إلى برلين، مزداناً بالصليب من درجة فارس، بعد أن مر، للمرة الأخيرة بمسقط رأسه، مدينة كولم.

خامساً: العمليات في الغرب، حتى بحر المانش

دأبت بريطانيا في تحريض فرنسا على هتلر، حتى أعلنتا عليه الحرب، في 4 سبتمبر 1939. وكانتا تمتلكان، عند بدء القتال في الغرب، نحو 4 آلاف دبابة ومركبة مدرعة. أمّا ألمانيا، فقد اقتصرت منها، في بدء القتال الفعلي، على نحو 2200 قطعة.

تولّى جوديريان مواجهتهما، بالفيلق التاسع عشر، المؤلَّف من ثلاث فِرق بانزر: الأولى والثانية والعاشرة؛ إضافة إلى لواء المشاة، ألمانيا العظمى. ولحظت خطته ما كان الفرنسيون قد اعتمدوه من أُسُس: تكتيكية وإستراتيجية، واطمئنانهم بتحصينات خط ماجينو Maginot، طبقاً لخطة دفاعية غير مرنة، قوامها قوة النيران. ولم تُغفل فتور قادتهم عن الحرب، وعزوفهم عن المبادأة. وحرص جوديريان، وهو العليم بقوة الدفاعات: البلجيكية والهولندية، وأماكنها، على مفاجأة القوات الفرنسية، التي توقعت الهجوم الألماني من شمال بروكسل، طبقاً لخريطة، وجدتها في حطام طائرة ألمانية، سقطت فوق بلجيكا. فخطط لاختراق خاطف، عميق، من خلال لوكسمبورج، جنوب بلجيكا (انظر شكل دور قوات البانزر في الغزو الألماني لفرنسا)؛ يجتاح المنطقة بين سيدان وأمين، وينتهي إلى ساحل القناة الإنجليزية[1]؛ فيعزل قوات العدوّ في  الجيب الشمالي (كاليه ـ دنكرك)، حيث أفضل القوات: الفرنسية والبريطانية. وهو ماسمّي "السباق إلى الغرب" أو "السباق إلى البحر" (انظر شكل دور قوات البانزر في العمليات في غربي أوروبا). استعان على اختراقه بإنزال قوات الاقتحام الجوي، المتمثلة في كتيبة من لواء ألمانيا العظمى، خلف التجهيزات البلجيكية الدفاعية؛ لتسهيل عبور القوات نهر الميز. وتلافى قصور مدفعية الجيش عن اللحاق بقوات البانزر المندفعة، بمعاونتها، طوال المعركة، معاونة جوية قريبة.

عبَر الألمان حدود لوكسمبورج، فجر 9 مايو 1940، وبلغوا الحدود البلجيكية. فبادر الفرنسيون إلى نسف جسور نهر سيموا. إلا أن قوات البانزر، اندفعت، في مياهه الضاحلة، صباح 12 مايو، لتحتل ضفة نهر الميز، وتستولي على مدينة سيدان التاريخية وحصونها المنيعة. وامتثلت تعليمات جوديريان، فواصلت تقدُّمها، ليلاً، لتفاجئ، في 13 مايو، خط الدفاع الرئيسي للقوات الفرنسية.

واجتاز معظم القوات الألمانية نهر الميز الإستراتيجي، في 14 مايو. وصدت الهجوم الفرنسي المضاد، ودمرت 70 دبابة فرنسية. كما استولى لواء ألمانيا العظمى على مدينة بلسون، وأَسَر بضعة آلاف، على ضفتَي النهر. وعاودت فِرقة الجنرال ديجول هجوماً مضاداً، فأُسر منها، صباح 16 مايو، سرية دبابات. وأُسرت، في 19 مايو، أول مشاة بريطانية، وبطارية مدفعية، بكمال أسلحتها، التي لم تكن ذخيرتها إلا ذخيرة تدريب؛ ما يؤكد مفاجأة البريطانيين واستبعادهم لظهور قوات البانزر.

انتهى جوديريان إلى شاطئ بحر المانش، في العشرين من مايو، في رفقة سبتا، القائد الشجاع لكتيبة بانزر من الفِرقة الثانية، عرفت باسمه، كتيبة سبتا. وانبرى جوديريان لاحتلال مدن المانش المهمة: بلوجين، كاليه، دنكرك، لولا أن هتلر كبحه؛ إذ قصر التعامل مع هذه الأخيرة على القوات الألمانية الجوية. وخلال متابعة الهجوم البري على تلك المدينة، أُسِرت القوات الفرنسية كافة، وفرت نظيرتها البريطانية، عبْر المانش. واستكملت قوات البانزر في 26 مايو 1940، مهامّها بنجاح عظيم؛ اجتازت خلاله مسافة 400 ميل.

أُعجب بجوديريان جنوده، إذ رأوا فيه "الرجل العجوز، الذي فعلها" أو "المتعجل" أو "السريع"؛ ما راح له قائدهم. أمّا هو، فقد أفصح لهم، إثر استبدال فيلقهم، في 29 مايو 1940، عن تقديره لأعمالهم البطولية. وأعرب عن اعتزازه بقيادة فِرق البانزر، بل فخَار ألمانيا بها.

سادساً: بطش البانزر بفرنسا

أغرت هتلر انتصارات البانزر الحاسمة بتكوين فيالق منها، وليس فيلقاً واحداً؛ عسى أن تتمكن من الاستجابة لرغبته في حرب خاطفة على فرنسا، تستكمل القضاء على ما تبقى من قوات الفرنسيين، وتجعله هو الأقوى في أيّ مفاوضات؛ وتمنحه أكبر مكاسب ممكنة: إمّا بنزع سلاح فرنسا واحتلالها، وضم أسطولها ومستعمراتها إلى ألمانيا؛ واستطراداً، إرغام بريطانيا وباقي دول أوروبا على توقيع اتفاق سلام، بشروط ألمانية. وإمّا بإعادة توحيد فرنسا وتوحيد مستعمراتها، مقابل مساعدتها لألمانيا على سلام سريع مع بريطانيا، التي يتجنّب هتلر محاربتها، ولمّا يستوفي شروط غزوها؛ إذ إن قواته الجوية مرهقة، وقواته البحرية هي دون نظيرتها البريطانية.

ألَّف هتلر فيالق البانزر، وعهد بقيادتها إلى جوديريان، ضمن الجيش الثاني عشر. فتهيأ لقائدها بذلك حشدها الملائم، الذي طالما نادى به. وأطبقت فيالقه، في الأول من يونيه 1940، على جنوبي فرنسا، ولَمَّا يسترح بعض قوات البانزر من القتال في شماليها. وبادر جوديريان إلى حركة التفاف، بأكثر من فِرقة بانزر، وبزاوية 90 درجة تقريباً؛ قطعت اتصال القوات الفرنسية، في الإلزاس واللورين، بسائر فرنسا. وأنزلت بها خسائر فادحة، في الرجال والأسلحة والمعدات. وأسرت مئات الآلاف من القوات: الفرنسية والبريطانية، وبعض القوات البولندية. فأجبرت فرنسا، في 22 يونيه 1940، على طلب الهدنة (انظر شكل دور قوات البانزر في الغزو الألماني لفرنسا).

كانت هناك فترة من الهدوء، التي استفاد منها جوديريان، لتطوير قوات البانزر، خاصة بعد أمر هتلر، بعد انتهاء المعارك في فرنسا وإلغاء العملية "سبع البحر" والمخصصة لغزو بريطانيا، زيادة وحدات البانزر. وزارها وزير الإنتاج الحربي. وعكف جوديريان على تطويرها، فارتأى:

1. زيادة وحدات البانزر والمشاة المحملة خمسين في المائة، ريثما يكتمل إنتاج الدبابات والمجنزرات، بمعدل ألف دبابة شهرياً، فتضاعف تلك الوحدات.

2. تجهيز الدبابة بانزر 3 و4 بما يمكّنها من اجتياز مانع مائي؛ استعداداً للارتداد إلى غزو بريطانيا، المعروف بعملية "سبع البحر" الملغاة.  

3. إطالة مدفع الدبابة بانزر 3، من "ل42" إلى "ل60". وتطوير أجهزة الاتصال وإدارة النيران، ولاسيما تلك المضادة للدبابات، التي أكتُشف ضعف فاعليتها في درع الدبابة الفرنسية CHAR.B.

 



[1]  القتال الإنجليزي: هو مسمى مرادف لبحر المانش، الذي يفصل بين إنجلترا وفرنسا.