إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب (1115 ـ 1206هـ)









ازدهار الدعوة سياسياً ودينياً

ازدهار الدعوة سياسياً ودينياً

ظل الشيخ محمد بن عبدالوهاب عامين في الدّرعية، يواصل نشاطه في نشر الدعوة الإصلاحية، في حلقات الدّرس لطلبة العلم وعامة الناس. ويُرسل الرسائل لأمراء البلدان وقضاتها، يدعوهم لاتباع الدعوة، ويرد على ما ألصقه خصومه بها، من شبهات واتهامات.

وخلال هذه الفترة، انضم عدد من أمراء البلاد وحكامها إلى الدعوة، وأعلنوا تبعيتهم للدّرعية، مثل العيينة ومنفوحة وعرقة والعمارية. وبدا واضحاً للقوى السياسية في نجد، أن قبول الدعوة يعني التبعية لأمير الدّرعية، وهذا أمر لم يألفه أهل نجد منذ قرون. وأدركت بعض البلدان، خاصة القريبة من الدّرعية، مدلول ذلك فقاومت الدعوة وأنصارها. وكان دهام بن دواس، أمير الرياض، أول من تحرك لمقاومة توسع الدولة الجديدة. وذلك بمهاجمته منفوحة، المنضمة إلى الدّرعية سنة 1159هـ/ 1746م، ثم استمر الصراع المسلح بين الطرفين.

عندما بدأت الدّرعية صراعها ضد الرياض سنة 1159هـ، كان الوضع لمصلحتها في العارض. فقد كان إلى جانبها كل من العيينة ومنفوحة وعرقة والعمِّارية، وبحلول سنة 1160هـ، انضمت إليها حريملاء، من بلدان الشعيب، ثم تلاها انضمام ضرما، وفي سنة 1160هـ تمكنت الدّرعية من مد نشاطها العسكري إلى إقليمي الوشم والمحمل، فهاجمت كلٍ من ثرمداء وثادق. وكان لهذا النشاط العسكري أثره، في قيام تحالف بين عدد من بلدان الوشم، إلى جانب ثرمداء سنة 1163هـ.

وعلى الرغم من أن نفوذ الدّرعية لم يكن ثابتاً في بعض البلدان، التي خضعت لها بسبب محاولة حكامها الخروج عن طاعتها، إلاّ أن المخلصين للدعوة وأنصارها في تلك البلدان، كانوا يتولون معالجة الأمور لمصلحتها في بلدانهم، مثل مقتل عثمان بن معمر سنة 1163 هـ عندما شككوا في ولائه لدعوة الشيخ، ومقتل أمير ضرما، إبراهيم بن عبدالرحمن، سنة 1163هـ عندما ثار على الدّرعية، وقتل عدداً من الدعاة. وكان أشد تمرد واجهه قادة الدّرعية، تمرد حريملاء سنة 1165هـ.

على أن قادة الدّرعية استطاعوا، سنتي 1164، 1165هـ. مهاجمة سدير، والزلفي، وإقليم الخرج على التوالي. فكان أن تحالف عدد من بلدان سدير والوشم وقبيلة الظفير ضدهم. وكان نشاط أولئك القادة موجهاً إلى المناطق المجاورة للعارض من الشرق والشمال، بسبب صمود دهام بن دواس أمامها في الجنوب. وكان من حسن حظهم أنهم انفردوا بمواجهة المعارضة النجدية وحدها قرابة ثلاثة عشر عاماً، قبل تدخل بني خالد، حُكّام الأحساء، سنة 1172هـ. لكن حملة بني خالد الأولى فشلت لعدة أسباب، أهمها دخول بلدان مهمة، مثل شقراء وحوطة سدير، تحت طاعة الدّرعية، وعلم زعماؤها بالتحرك الخالدي، واستعدادهم لمواجهته، مما حرم قادة الحملة عنصر المفاجأة، ثم صمود أتباع الدّرعية في كلٍ من حريملاء والجبيلة أمام الهجوم المشترك لقوة بني خالد وبلدان المعارضة من الوشم، والخرج، والرياض، والمحمل. وكان لهذا الفشل الخالدي أثره، في رفع معنويات أتباع الدعوة، وإجبار بعض البلدان المعارضة، مثل ثادق والقصب، على الدخول في طاعة الدّرعية سنة 1172هـ.

وبلغ من شعور قادة الدّرعية بما حققوه من قوة، أن غزا عبدالعزيز بن محمد بن سعود الأحساء سنة 1176هـ، ووصل حتى المبرز. ويبدو أن غرضه كان إشعار بني خالد بقوة الدّرعية، وتحذيرهم من التدخل مستقبلاً في شؤون نجد.

وكان الخطر الخارجي الثاني، الذي واجهته الدّرعية، هو هجوم أمير نجران، حسن بن هبة الله المكرمي، بسبب استعانة قبيلة العجمان به؛ وذلك سنة 1178هـ. وقد اضطرت الدّرعية إلى إرضائه، بعد أن هزم قواتها في الحاير، خوفاً من وصول أمير الأحساء إلى نجد وانضمامه إلى قوات أمير نجران. فانسحب الزعيم النجراني قبل وصول أمير الأحساء. ولما وصل الأخير إلى بلدة الدّرعية حاصرها، لكنه لم ينجح في اقتحامها، على الرغم من وقوف المعارضة النجدية إلى جانبه في ذلك الحصار.

وعندما خلف عبدالعزيز والده الإمام محمداً في الحكم، سنة 1179هـ، وجه اهتمامه إلى القضاء على قوة دهام بن دوَّاس، في الرياض. وكان انضمام بلدان المعارضة في الوشم وسدير إلى الدّرعية، سنة 1181هـ، وانضمام بعض بلدان القصيم إليها سنة 1183هـ، عاملاً مهماً في إضعاف مقاومة دهام، خاصة بعد أن تقدم به العمر، وقُتل ابناه، سنة 1185هـ.

وكان فرار دهام بن دوَّاس من الرياض، سنة 1187هـ/ 1773م، بداية مرحلة جديدة في توحيد شمالي نجد وجنوبيها، وتثبيت الأمن في البلدان، التي وحدت. وكانت الدّرعية عندما دخلت في مواجهة مباشرة مع أمير الخرج، زيد بن زامل، بعد أن نقض عهده معها، تمثل الجانب الأقوى في تلك المواجهة، ولذلك لم تفده مساعدة أمير نجران له، سنة 1189هـ. وقد تكرر تدخل بني خالد في الصراع الدائر في نجد بمحاولة سعدون بن عريعر مساعدة أهل الخرج في السنوات 1192، 1193، 1195هـ. ويبدو أن تحريض سعدون بن عريعر لبعض أهالي القصيم للثورة ضد الدّرعية، وغزوه لذلك الإقليم، سنة 1196هـ كان بغرض التخفيف من ضغط الدّرعية على إقليم الخرج. وعجل مقتل زيد بن زامل سنة 1197هـ، ونشوب الصراع على السلطة في أسرته، في خضوع إقليم الخرج للدرعية، في مطلع القرن الثالث عشر، وتبع ذلك المناطق الموالية للخرج والمجاورة له، مثل حوطة بني تميم، والحريق، والأفلاج. ثم تلاه خضوع وادي الدواسر سنة 1202هـ.