إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / الدولة العثمانية وأحداثها حسب التسلسل التاريخي من عام 656هـ، 1258م إلى عام 816هـ، 1413م






الحدود أثناء حكم يلدرم بايزيد
الحدود بعد وفاة مراد الأول
الحدود خلال حكم جلبي محمد
الحدود عند وفاة محمد الثاني
الحدود في عصر محمد الثاني
الفتوحات العثمانية وتواريخها



795هـ/1393م

"أورخان غازي"

(726هـ-1326م/761هـ-1360م)

 

726هـ/1326م

الابن يَخْلُف أباه

بعد يوم واحد من وفاة عثمان غازي، خَلَفه ابنه "أورخان غازي"؛ وسِنّه خمس وأربعون سنة. إلا أن تولّي الابن السلطة، مشكوك فيه؛ للشك في تاريخ وفاة الأب.

ميلاد "مراد بن أورخان غازي"

تولّى "مراد الأول" الحكْم بعد والده "أورخان غازي". واشتهر بلقب "خداوندكار".

الأخ وزير أخيه

عَيَّن "أورخان غازي" وزيراً له، أخاه الأكبر، الذي يتّسم بالغموض، "علياً" أو "علاء الدين بك أو باشا"، الذي تفيد المراجع العثمانية أنه أول مَن عُيِّن وكيلاً عاماً،. وقيل إن ذلك التعيين، كان عام 728هـ/1328م.

فتح "آيدوس" و"سمندرة"

اضطلع بهذا الفتح القائدان: "آقجا قوجه" و"قونر آلب"؛ ولذلك، سميت المنطقة، من ذلك التاريخ، “قوجا ألي”. ويُزعم أن ابنة أمير الروم، التي عشقت الأمير "عبد الرحمن غازي" أسهمت في فتح إحدى القلعتَين؛ بإدلائها إليه، ليلاً، بحبل، مكّنه من دخولها، وساعد على احتلالها. وهناك رواية، تشير إلى وقوع هذا الفتح قُبيْل قبل وفاة عثمان غازي، أي في عام 727هـ/1327م.

 

727هـ/1326-1327م

انتقال مركز الإمارة من "يني شهر" إلى "بورصا"

ويذكر أن ذلك كان عام 726هـ/1326م، أو عام 728هـ/1328م.

أول سكّ عثماني

كانت المسكوكات، السلجوقية والبيزنطية، هي المتداولة في الأماكن التابعة للإدارة العثمانية. وعلى الرغم من أن "إسماعيل غالب بك"، قد أشار في كتابه "تقويم المسكوكات العثمانية"، إلى وجود سكّ بلا اسم، قد يعود إلى عثمان غازي؛ فإن هذا الاحتمال، لم تثبت صحته. ويذكر مختلف المراجع، أن أول مسكوك ضرب باسم "أورخان غازي"، كان عام 728هـ/1327م أو عام 729هـ/1328. "علي بك"، المتخصص بالمسكوكات العثمانية، فإن أول مسكوك لـ"أورخان غازي" كان "آقجة فضية"، كتب عليها عام 727هـ؛ وقد ذُكر أن ذلك التاريخ قد يكون عام 729هـ. وعلى الرغم من قبول أن ضرب أول مسكوك ذهبي، كان في عهد السلطان "محمد الفاتح"؛ فإن بعض الأبحاث الأخيرة، قد أثبتت أنه ظهر في عهد "جلبي محمد" (الأول).

 

728هـ/1327-1328م

وفاة "آقجا قوجه" و"قونر آلب"

اختلطت المواقع، التي فتحها هذان القائدان؛ ولكن، يظهر أن الأول، كان يحارب في غرب "سقاريا"، والآخر في شرقها. ولهذا السبب، سميت الأراضي، التي تشكل شبه جزيرة ممتدة من غرب "سقاريا" إلى "البوسفور" باسم "قوجا ألي"، نسبة لهذا "آقجا قوجه". أمّا المنطقة الواقعة في شمال شرق "سقاريا" فسميت "قونرآبا"، أو قونرابا، نسبة إلى "قونر آلب"؛ وقد يكون "قونرآبا" هذا تصحيفاً لـ"قونر آلب"؛ فيكون مأخوذاً من كلمة "قونر" المركبة مع كلمة "آبا"، التي تعني بالتركية القديمة، الأب.

 

729هـ/1328-1329م

تدوين القوانين العثمانية الأولى

حرص الوزير "علي" أو "علاء الدين"، على تدوين القوانين، التي عُنيتْ بالمال، والأراضي، واللبس، والنظام العسكري.. قيل إنها دُوِّنت عام 728هـ/1327-1328م. ويُعزى إلى هذا الوزير تكوين أساس دائم للجيش، وتبديل لون غطاء الرأس، في الزي العسكري الرسمي، من الأحمر إلى الأبيض.

تكوين جيش دائم

يرتبط باسمَي الوزير "علاء الدين باشا"، و"قره خليل جاندارلي"، تكوين جيش دائم، عُرف باسم "المشاة"؛ أُعفي جنوده من كلِّ الضرائبِّ؛ وجُعل الأجر اليومي لكلٍّ منهم آقجتَين اثنتَين. وكُوِّن جيش آخر، أطلق عليه اسم "المسلَّم"، وهو قوة خيالة ذات علوفة. وليس صحيحاً، أن جيش "الإنكشارية"، تكوّن في هذا العهد؛ وإنما ابتداءً من عهد "مراد الأول" (انظر: الفقرة الخامسة من أحداث عام 763هـ/1362م).

انتصار "مالتبة"

إثر محاصرة "أورخان غازي" مدينة "إزنيق"، هبّ إلى نجدتها إمبراطور بيزنطة الثالث، "آندرنيكوس بالأولوغوس"، الذي سارع إلى حشد جيشه، والانتقال، في ثلاثة أيام من "أسكودار" إلى "مالتبة"، حيث التقى الأتراك، في مايو رجب 729هـ/ 1329م، وفق المصادر البيزنطية، في معركة "بلاكونون"، التي جُرح فيها، فنُقل إلى الساحل، وتولت إبعاده السفن عن ساحة المعركة؛ الأمر الذي أثَّر في الجيش البيزنطي، وأدى هزيمته، وقتل العديد من الروم، ونخبتهم خاصة. أمّا قائد القوات العثمانية في هذه المعركة، فكان ابن عثمان غازي، أخا "أورخان غازي"، "بازارلي بك". وهناك رواية، تشير إلى أن هذه المعركة، وقعت عام 731هـ/1330م. وتقول رواية بيزنطية ضعيفة، إن هذه المعركة، كانت في "تاوشانجل" Tavsancil.

أول فتح لمدينة "إزنيق"

بعد انتصار "أوخان غازي" في "مالتبة"، استسلمت له "إزنيق"؛ غير أن هناك اختلافاً في التاريخ. وتشير إحدى الروايات إلى أن هذا الاستسلام، كان عام 731هـ/1330م.

 

731هـ/1330م

أول اتفاق صلح، بين الإمارة العثمانية والإمبراطورية البيزنطية

عقد الإمبراطور البيزنطي، "آندرونيكوس بالأولوغوس الثالث"، و"أورخان غازي"، الذي كان يحاصر مدينة "إزميد"، معاهدة صلح، رفع العثمانيون بموجبها، الحصار عن المدينة، وتركوها للبيزنطيين. وتؤرخ أول معاهدة صلح، بين الدولة العثمانية وحكومة أجنبية، بعام 728هـ/1327م، وكذلك عام 733هـ/1332-1333م (أول معاهدة عسكرية، عقدت مع قائد قلعة، في عهد عثمان غازي، انظر: الفقرة الثانية من أحداث عام 706هـ/1306م. وأول معاهدة صلح دائم، عقدت مع إحدى الدول الأوروبية، انظر: أحداث عام 767هـ/1365م).

 

732هـ/1331م

الحسم في "إزنيق"

كانت مدينة "إزنيق" في ذلك العهد كبيرة وعامرة. وقد تعرضت للحصار، في عهد عثمان غازي. واستسلمت للعثمانيين، إثر انتصارهم في "مالتبة". وما لبث البيزنطيون أن استعادوها. وتقول "دائرة المعارف اليونانية الكبيرة"، إن حصار المدينة بدأ عام 730-731هـ/1330م؛ وإنها قاومت الحصار، لمدة سنتَين، واضطرت إلى الاستسلام، عام 732-733هـ/1332م؛ بسبب القحط. وأشارت إلى أن "أورخان غازي"، منح سكانها الروم حرية الخروج منها، أحراراً؛ إلا أنهم فضّلوا البقاء، برغبتهم، تحت الإدارة العثمانية. كما ذكرت هذه الدائرة، أن القائد العثماني، اتخذ المدينة، فترة من الوقت، مركزاً له. (المجلد 18:أثينا، 1932م، ص 276).

وهناك رواية، تشير إلى أن مدينة "إزنيق"، كانت تحت الحصار منذ عام 703هـ/1303م. وإن صح ذلك، فهو يعني أنها بقيت تحت الحصار لمدة ثمانٍ وعشرين سنة. والحقيقة، أن فتح العثمانيين لهذه المدينة، التي كانت عاصمة لسلاجقة الأناضول؛ ثم لإمبراطور الروم، بعد استيلاء "اللاتين" على "إستانبول"- لا يقلّ أهمية عن فتح مدينة "بورصا".

كنيسة تستحيل مسجداً

حظيتْ مدنية "إزنيق" في تاريخ النصرانية، بمنزلة خاصة؛ إذ احتضنت مجمعَين من أكبر المجامع، التي أكدت العقيدة النصرانية وأعلنتها. عُقد أولهما في التاسع والعشرين من يونيه 325م، برئاسة الإمبراطور "قسطنطين الأكبر"، وفي قصره، في "إزنيق" (نيقيا)؛ لتأكيد عقيدة التثليث، التي يؤمن بها العالم النصراني أجمع؛ رداً على المذهب "الآرياني" الذي نشره الراهب "آريوس"، وكان الرافض لألوهية عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ. والمجمع الآخر، كان سابع المجامع الفيصل في تاريخ النصرانية. التأم عام 787م، في إحدى كنائس "إزنيق" (نيقيا)، الأرجح في كنيسة "آيا صوفيا"، حيث أجيزت عقيدة التصوير (أي الأصنام)، التي أمست مذهباً، يناهض رافضيها.

كانت كنيسة "آيا صوفيا" تقع ضمن السور، في وسط البلد. وقد كشفت الحفريات، في السنوات الأخيرة، عن أرضية رخامية، عمقها متران اثنان. ونظفت الجدران، فاتضح بعض رسومها. كما عثر على بعض الأحجار، التي اختص بها فن التزيين التركي القديم. وتذكر أقوى الروايات، أن هذه الكنيسة التاريخية، حُوّلت إلى مسجد في عهد "أورخان غازي" عام 732هـ/1331م. وأُرِّخ تحويلها، كذلك، بعام 731هـ/1330م، وعام 734هـ/1333م. وهناك عدة روايات، تتحدث عن عدة كنائس، حوّلها "أورخان غازي" إلى مساجد.

اللَّبس بين العلاءين

أسفر الغموض، الذي يكتنف "علاء الدين باشا" أو "علي باشا" عن اختلافات كبيرة، بين المراجع العثمانية والنصوص الوقفية؛ إذ تذكر الأولى أنه ابن لعثمان غازي، وهو أخ أكبر أو أصغر لـ"أورخان غازي". وهو أول من حمل لقب "باشا"، في التاريخ العثماني. ولمّا توفي والده، قدَّم تضحية كبيرة، بتخلِّيه عن حقوقه في الحكْم، لأخيه "أورخان"؛ وبقي وزيراً له، مُرسياً بذلك أول تكوين للدولة. وبعد أن نجح في تنظيم الحكْم، استقال الوزارة، وأقام بـ"بورصا"، أو بـ"بغا"، كما تذكر رواية ضعيفة وقد خَلَفه في الوزارة "سليمان باشا".

أمّا النصوص الوقفية، ونتائج بعض الأبحاث الجديدة، فتفيد أن ثمة رجُلين، سُمِّيا باسم علاء الدين: أحدهما، ابن عثمان غازي؛ وكان أمير الأمراء، ولقبُه "بك"؛ توفي أو استشهد في "بورصا"، عام 734هـ/ 1333م، أو بُعَيده، ودُفن فيها، في ضريح أبيه. أمّا الثاني، فكان وزيراً لـ"أورخان غازي"؛ ولا يَمُتّ إلى آل عثمان بِصِلة قرابة، ولقبُه "باشا".

وقد اتضح أن لعثمان غازي أربعة أبناء آخرين، غير "علاء الدين" و"أورخان غازي"، وهم: "جوبان"، و"ملك"، و"حميد"، و"بازارلي" بطل معركة "مالتبة" عام 729هـ/1328-1329م.

الاستيلاء على "طاراقلي" و"مودورنو" و"كونوك"

بفتح هذه البلدات، قضي على البقية الباقية من إمارة "أمور خان". ويؤرَّخ، كذلك، بعام 731هـ/1330م، وعام 734هـ/1333م.

 

733هـ/1332م

وفاة "عاشق باشا"

يعَد "عاشق باشا"، أكبر المتصوفين الشعراء الأقدمين، في الأناضول التركية؛ وأشهر المؤرخين العثمانيين القدماء. واسمه الأصلي الشيخ "علي بن مخلص باشا". اشتهر في عهد "أورخان غازي"، وتوفي في "قرشهر"، عن واحد وستين عاماً. ويعد كتابه المثنوي، "غريب نامه" أو "معرفتنامه"، الذي يتكون من أربعة وعشرين ألف بيت ـ من أهم وثائق اللغة التركية.

 

734هـ/1333م

فتح "كمليك"

ويؤرخ فتْحها، كذلك، بعام 731هـ/1330م، وعام 732هـ/1331م، وعام 735هـ/1335م. فاتح "كمليك" هو "قره علي بك"، وقيل بل حفيده، "قره تيمورتاش". وهناك رواية ضعيفة، تشير إلى أن فاتحها هو "قره مرسل بك". لعلّ اللبَّس في اسم الفاتح، ناجم عن تكرار صفة "قره".

 

736هـ/1335م

أولى منشآت العمارة العثمانية

عمد "أورخان غازي" إلى تجديد "بورصا" وعمارتها. فأنشأ، في هذا العام، استناداً إلى المراجع العثمانية، أول مسجد جامع، ومدرسة؛ فكان أول من أنشأ مدرسة، في التاريخ العثماني، ووقف عليها الأوقاف. وهذا التاريخ أي عام 736هـ/1335م، الذي اتخذ أساساً هنا، هو المذكور في بعض المراجع العثمانية. بيد أن أقدم المساجد في "بورصا"، والتي تحمل كتابة تاريخية، يعود تاريخ إنشائها إلى عام 738هـ/1337-1338م، في عهد "أورخان غازي". غير أن بعض آثار ذلك العهد، هُدمت فيما بعد؛ ويمكن أن يكون من ضمنها المسجد الجامع والمدرسة، المذكورَين آنفاً. وشيدت، عام 736هـ/1335م، مدرسة في "نيقيا"، وعيِّن عليها "داود القيصري".

 

737هـ/1336م

الفُتُوح تَتْرى

طاول الفتح "رماستي"، و"مصطفى كمال باشا"، و"ميهاليج" (هي اليوم "قره جه بك")؛ و"أولوباد" التي كانت قد افتُتحت في عهد عثمان غازي؛ ولكن البيزنطيين، أو "القتلونيين"، الذين تحركوا باسمهم، استردوها؛ ما حمل "أورخان غازي" على افتتاحها ثانية. وعلى الرغم من ذلك، يقال إنها فتحت، أول مرة، هذا العام، بل عام 735هـ/1334م، وعام 740هـ/1339م.

وبحسب الروايات القديمة، الواردة في المراجع العثمانية، فإن "أورخان غازي" فتح" في هذا العام، أراضي إمارة "قره سي"؛ مستغلاً اختلاف أبناء "عجلان بن قره سي" في ميراث أبيهم؛ وهم: "دمير خان"، و"يحشي خان" و"دورسون بك". وكان الأول قد اتخذ مدينة "باليكسير" مركزاً له؛ في حين جعل "شجاع الدين يحشي خان" "برغاما" مركزاً له، التي أطلق عليها أسمه، فعُرفت بمنطقة "يحشي ألي". وفي الوقت الذي كان فيه الأخوان منشغلَين بتقسيم تركة والدهما، كان أخوهما "دورسون بك" في القصر العثماني؛ بسبب العلاقات الحميمة، التي كانت تربط بين آل عثمان وآل "قره سي".

ولكن أهالي "باليكسير"، الذين لم يكونوا راضين حكْم "دمير خان"، طلبوا من "أورخان غازي" أن يستبدل به أخاه "دورسون بك". فتوجّه الحاكم البديل إلى بلاده؛ بغية استلام عرش والده، فقتله أخوه؛ ما دفع "أورخان غازي" إلى الاستيلاء على كل أراضي إمارة "قره سي"، لتصبح أول دولة يستولي عليها العثمانيون. ويؤرّخ هذا الحدث بعام 735هـ/1334م، وعام 736هـ/1336م، وعام 738هـ/1337م.

بيد أن الأبحاث الأخيرة، أظهرت أن قسماً كبيراً من تلك الروايات هو غير صحيح؛ فأولى الأراضي التركية، التي استولى عليها العثمانيون، لم تكن دولة "قره سي"، وإنما كانت إمارة "أمور خان". فتلك الدولة، إذاً، كانت الدولة التركية الثانية، التي تعرضت لهجوم عثماني. والاستيلاء عليها، لم يكن في عام 737هـ/1336م، ولا في الأعوام، التي أشير إليها فيما سبق؛ بل إن ما شهده عام 737هـ/1336م، كان فتح "ميهاليج" و"كرماستي" و"أولوباد"، التي كانت تحت الإدارة البيزنطية، الواقعة بين الأراضي العثمانية وإمارة "قره سي".

وتوضح المقابلة بين الروايات التقليدية، الواردة في المراجع العثمانية، وبين المراجع، البيزنطية والغربية ـ أن بلاد "قره سي" تعرضت لهجوميَن عثمانيَّين، اقتُطع في كلٍّ منهما بعض أراضيها، وأُلحقت بالأراضي العثمانية. غير أن تاريخ الإلحاق الأول غير واضح؛ وإن كان يؤرخ بعام 738هـ/1337م، وعام 739هـ/1339-1340م؛ بل إن بعض المراجع المتأخرة، تؤرخه بعام 742هـ/1341-1342م. وبعد الإلحاق الأول، الذي كان محصوراً في الأراضي المحيطة ب"باليكسير"، انتقلت الأراضي المتبقية لحكومة "قره سي" عام 748هـ/1347م، إلى الإدارة العثمانية.

وكانت إمارة "قره سي" قد نشأت عام 700هـ/1300م. وفي هذا التاريخ، الذي يوافق زوال حكْم سلاجقة الأناضول، تأسست الإمارات التركية؛ بعد هجوم "قلم بك "، وابنه "قره سي"، من أسرة "الدانشمنديين"، على منطقة مرمرة، الواقعة في الشمال الغربي من الأناضول، الخاضعة للحكْم البيزنطي، والاستيلاء عليها، وتأسيس الدولة التركية الجديدة. وأتراك "قره سي"، هم الذين سيطروا على سواحل مرمرة و"جنق قلعة". وبتكوينهم جيوشاً قوية، وأساطيل منظمة، حاربوا البيزنطيين، في البر والبحر؛ وامتدت هجماتهم إلى حدود منطقة "سلانيك". وهناك رواية بيزنطية، تقول إن "دمير خان" هو ابن "يحشي بك". وكانت حدود "قره سي"، في عهدها الأول، قد وصلت إلى شبه جزيرة "قابوداغ"؛ غير أنها انحسرت، جنوباً، مبتعدة عن الساحل، فترة من الوقت، بعد أن استولى عليها "القتلونيون". وفي فترة تقسيم البلاد، لا يعلم أيُّ الإمارتَّين، "باليكسير" و"برغاما"، كانت تتبع الأخرى. ويبدو أن "يحشي ألي"، قد حافظت على كيانها، فترة من الوقت، بعد أن استولى "أورخان غازي" على "باليكسير"، حسب الرواية القوية، التي تؤرخ ذلك بعام 740هـ/1339-1340م؛ إذ إن أمير "برغاما"، "يحشي خان"، كان في صراع مع البيزنطيين، عام 743هـ/1342م؛ بل إن "سليمان بك" أحد أبناء "قره سي"، وآخر حكام هذه الأسرة ـ كان يتدخل، مع بني "ساروخان" في سياسة بيزنطة الداخلية، حتى بعد التاريخ المذكور. وبناءً على هذه الرواية، فإن الدولة، التي بقيت في يد هذا الحاكم، لم يستول عليها العثمانيون، إلا عام 748هـ/1347م.

 

738هـ/1337-1338م

فتح قلعتَي "إزميد" و"قيون حصار"

تشير المراجع العثمانية إلى أن فتح "إزميد"، كان عام 727هـ/1326-1327م، وعام 728هـ/1327-1328م، أو عام 731هـ/1330-1331م. أما المراجع الغربية، التي استندت إلى بعض المصادر البيزنطية، فإنها تكاد تتفق على عام 738هـ، الموافق لعام 1337-1338م. وسبب هذا الاختلاف، يمكن أن يرجع إلى الغموض، الذي يكتنف المصادر العثمانية لعهدَي "عثمان غازي" و"أورخان غازي"، التي دونت بعد فتح "إستانبول". ولعله يكمن في أن بعض المواقع كان الاستيلاء عليها دُولة بين العثمانيين والبيزنطيين، كما هو حال "إزنيق"؛ ويؤيد ذلك إشارة "دائرة المعارف اليونانية"، في المجلد الثامن عشر، إلى أن فتح إزميد، كان عام 1326م؛ ما يعني أن عام 738هـ/1337-1338م، هو الفتح الثاني والأخير لتلك القلعة؛ و"هامر"[1] على هذا الرأي. وهناك رواية تشير إلى أن حصار "إزميد"، قد بدأ في عهد "آقجه قوجه"، وأنه وصّى بضرورة الانتهاء من هذا الأمر، قبل وفاته عام 728هـ/1327-1328م.

أمّا قعلة "قيون حصار"، الواقعة إلى جوار "إزميد"، في شمالها الشرقي، فكان يحكمها، إبّان حصار حارتها، بصفة محافظ، الأمير "كالو يؤانس/يؤانس/كالو ياني"، الذي ينتسب إلى أسرة "باله بالأولوغوس". وهناك رواية، تشير إلى أن أخته، الأميرة "ماريكا"، التي كانت مقيمة بـ"إزميد"، كانت مخطوبة لأحد حكام مغول إيران، الذين يسمون بـ"الإلخانيين"، أو لاثنَين منهم؛ وذلك محاولة من أخيها لعقد معاهدة اتفاق بين البيزنطيين والمغول، في مواجهة العثمانيين. فإذا كانت هذه الرواية صحيحة، فهذا يعني أنها كانت مخطوبة لـ"أولجايتو"، أو لـ"أبي سعيد بهادر خان"؛ وأنها لم تتزوج أيّاً منهما.

أمّا المراجع العثمانية، فتشير إلى أن الأمير، المسمّى "قالايون" أو "قاليون"، قد انسحب إلى قلعة "قيون حصار"، تاركاً "إزميد"، قبل حصارها، لإدارة أخته، "بالكوندا" أو "بلاكونيا". وبموجب رواية تلك المراجع، فتحت قلعة "قيون حصار" أول مرة، على يدي "آيكود آلب" وابنه "قره خليل علي". وأن رأس "كالو ياني"، الذي قتل في المعركة، قد نُصب قبالة قلعة "إزميد"؛ ما ساعد على يأس الأميرة "ماريكا"، وحملها على تسليم القلعة إلى "أورخان غازي"، بشرط السماح لها بالتوجه إلى "إستانبول".

هكذا، لم يبقَ للبيزنطيين، بعد فتح "بورصا" و"إزنيق"، ثم "إزميد" وسائر البلدات، أي علاقة بالأراضي العثمانية في الأناضول، عدا سواحل "البوسفور" و"شيلة". بل يذكر أن الأتراك، وصلوا، بعد هذا التاريخ، إلى سواحل "البوسفور"، وتسرّبوا في سواحل الأناضول الشمالية.

فتح ثلاث بلدات "هركة" و"يالوا" و"آرموتلو"

فاتح "هركة" و"يالوا" عام 726هـ/1326م، أو عام 728هـ/1327م. ـ هو "قره علي بك"؛ ويحتمل أن تكون القلعتان، قد انتقلتا من يد إلى أخرى مرتَين. ويذكر أن فتح "آرموتلو"، كان في عام 731هـ/1330م. وذكر عام 740هـ/1339م، كذلك، تاريخاً لفتح القلاع الثلاث.

 

742هـ/1341م

تجديد الصلح

أجبرت الأزمات الداخلية، ومشكلات "الصرب" و"البلغار" في "الروملي"، الإمبراطورية البيزنطية على تجديد الصلح، الذي سبق عقده بينها وبين "أورخان غازي"؛ عام 731هـ/1330م حتى تأمن على جهة الأناضول. وبموجب المعاهدة الأولى، تُركت مدينة "إزميد" للبيزنطيين، ثم فتحت، من جديد، عام 738هـ/1337-1338م، في عهد "أورخان غازي". ويبدو أن السبب، الذي دفع البيزنطيين إلى عقد هذه المعاهدة، هو صون منطقتَي "شيلة" و"أسكودار" من أي هجوم، قد يشنّه العثمانيون.

 

747هـ/1346م

"أورخان غازي" يصاهر الإمبراطور البيزنطي

كانت "نيلوفر"، ابنة أمير "يار حصار"، هي أول زوجة لـ"أورخان غازي"؛ وكان عمره سبعة عشر عاماً. وحينما بلغ الخامسة والستين، تزوج الأميرة "تيودورا" ابنة الإمبراطور "يؤانس كانتاكوزينوس"، الذي استولى على العرش البيزنطي، بالقوة. وقد كان وكيلاً للإمبراطور السابق، "آندرونيكوس بالأولوغوس" ومستشاراً له؛ فلما توفي الإمبراطور، عام 1341م، أصبح وصياً على العرش، إلى حين بلوغ ابن الإمبراطور، "يؤانس بالأولوغوس الخامس". أعلن سلطنته، بعد شهرين، في "ديمتوقا"؛ غير أنه عدّ غاصباً للحكم، في كلٍّ من "إستانبول" و"أدرنة". وبعد ست سنوات من الصراع على الحكم، مع "آل بالأولوغوس"، اضطر إلى طلب المساعدة من أعدى أعداء البيزنطيين، الأتراك و"الصرب". فهجم على "سلانيك"، عام 1343م بمساعدة من "أمور بك بن آيدين"، وبادر إلى زيارة "أورخان غازي"، في يناير 1345م، وقدّم إليه ابنته، "تيودورا"، مقابل منحه ستة آلاف مقاتل عثماني. واستجاب الصهر لحميه، الذي تمكّن من الاستيلاء على "تراقيا"، بل الوصول إلى سواحل البحر الأسود. ونجح في حصار "إستانبول"، ودخولها عام 748هـ/1347م، حيلة؛ إذ إن أنصاره في الداخل، فتحوا له، ليلاً، أحد أبوابها، سراً.

وانتهى الأمر إلى خطبة الإمبراطور الشرعي، "يؤانس الخامس" ابنة الإمبراطور الثانية، "ألني"؛ فاندمجت بذلك الأُسرتان، وأصبح "يؤانس الخامس" و"كانتاكوزينوس السادس"، إمبراطورَين لدولة واحدة، في وقت واحد. وأصبح كلٌّ من "إيرني" زوجة "كانتاكوزينوس"، وابنته "ألني" ـ "إمبراطوريجة"، أي ملكة. وبما أن "آنا" كانت حاملة، كذلك، لهذا اللقب، فقد أصبح في الساحة إمبراطوران وثلاث ملكات، توِّجوا معاً. ونظراً إلى كتابة الإمبراطور "كانتاكوزينوس" مذكراته، التي تُعد، على أخطائها العديدة، مصدراً تاريخياً قيماً؛ فإنه يُعَد من مؤرخي البيزنطيين الأواخر.

 

748هـ/1347م

"أورخان غازي" يزور "أسكودار"

اصطحب "أورخان غازي" زوجاته، بمن فيهن "تيودورا"، وأبناءه الأربعة: "مراد" و"خليل" و"سليمان" و"إبراهيم"، في زيارته إلى "أسكودار"، حيث التقى حماه، في جو عائلي حافل بهيج. وأنزل الإمبراطور صَحْب ضيفه قصر "إستانبول"، حيث أقاموا ثلاثة أيام. أما "أورخان غازي" فلم ينفصل عن جنوده، ولم يتوجه إلى "إستانبول". أسفرت الزيارة عن حصول المُضيف على بعض المساعدات من ضيفه، لمواجهة إمبراطور "الصرب"، "دوشان"، الذي استولى على بعض المدن البيزنطية، في جهة "الروملي"، وأعلن إمبراطوريته. وهكذا تمكّن "كانتاكوزينوس"، وبمساعدة مباشرة من "أورخان غازي"، من إحكام قبضته على الحكْم. إلا أنه لم يتوانَ في بعض المؤامرات على العثمانيين، بل إنه لم يتردد في مراودته "البابا" على تنظيم حملات صليبية؛ مما أفسد علاقاته بصهره. قيل إن لقاء "أسكودار"، كان في عام 749هـ/1348م.

 

753هـ/1352م

فتح "سكودار" و"قاضي كوي" وجزر مرمرة

ناصر الإمبراطور البيزنطي، "كانتناكوزينوس السادس"، "البندقية" على "جنوى"؛ رداً على مساندة الجالية الجنوية المقيمة بـ"غلطة"، لخصمه، الإمبراطور البيزنطي الشرعي إبّان صراعهما.

وظاهر "بالألوغوس" "جنوى"، التي أيدته على خصيمه، فمنحها بعض الامتيازات، وأهمها الحصول على الرسوم الجمركية والضرائب، المستوفاة من كل السفن المارة بـ"البوسفور"؛ ما أثّر، سلباً، في مصالح أهالي "البندقية"، الذين ترتبط علاقاتهم التجارية بالبحر الأسود.

وسرعان ما عقد "كانتناكوزينوس" اتفاقاً مع أهالي البندقية، وأعطاهم ما بين 5 و10 سفن، مخالفاً بذلك اتفاقاً، كان قد أبرمه، مع صهره "أورخان غازي"، الذي كان يحالف الجنويين؛ حتى إنه ساعدهم أثناء نشوب معركة بحرية في "البوسفور"، بينهم وبين أهالي "البندقية"، بإرسال قوة خيالة إلى "أسكودار" و"قاضي كوي"، أمكنها من التحكم في بعض المواقع المهمة في ذلك المضيق. وعلى الرغم من ذلك، تفيد الروايات، أن الاستيلاء على "قاضي كوي"، كان في عام 738هـ/1337م، أو في عام 739هـ/1338م؛ والاستيلاء على "أسكودار"، كان في عام 732هـ/1331م. وأقوى الروايات، تؤكد فتح البلدتَين معاً، عام 753هـ/1352م، أي قبل مائة عام وعام واحد، من فتح "إستانبول".

وهناك رواية، تفيد أن اتفاقاً، أبرم بين "كانتاكوزينوس" و"أورخان غازي"، يمتنع بموجبه العثمانيون عن مهاجمة أراضي البيزنطيين الواقعة في الأناضول. وعلى الرغم من ذلك، حاول البيزنطيون أن يزينوا لـ"البابا" تنظيم حملة صليبية على العثمانيين؛ إضافة إلى أنهم أخلوا بالاتفاق، في الحرب الجنوية – البندقية. ولذلك، فإن ما بادر إليه "أورخان غازي" يعَد أمراً شرعياً (انظر: أحداث عام 748هـ/1347م). ويروى أن جزيرة مرمرة، مع الجزر المجاورة لها، قد استُولي عليها في هذه الأثناء.

 

755هـ/1354م

الاستيلاء الأول على "أنقرة"

تشير أقوى الروايات إلى أن "سليمان بن أورخان غازي"، قد استولى على "أنقرة"، أول مرة، في هذا التاريخ، بعد أن كانت بيد بني "أرتانا"، في الأناضول الأوسط. واستولى عليها "الآخيُّون"، بعد هذا الفتح، بتشجيع من بني "قره مان".

الاستيلاء على إمارة "كرده"

يذكر أن إمارة "كرده ـ بولو"، التي كانت حكومة تركية صغيرة، في شرق "بولو" ـ استُولي عليها في هذا التاريخ؛ فكانت ثالثة الإمارات التركية، بعد "أمور خان" و"قرة سي"، التي استولى عليها العثمانيون. والرواية السابقة، التي تشير إلى أن الاستيلاء على "أنقرة"، كان في عهد "أورخان غازي"، وهي تستند إلى مرجع بيزنطي، يبدو أنها خاطئة، خلطت بين فتح "كرده" وتوسع العثمانيين شرقاً.

عبور الأمير "سليمان بك" إلى "الروملي"

يمثّل هذا الانتقال، الذي أطلقت عليه المراجع العثمانية "المرور إلى "الروملي"، حدثاً مهماً في التاريخ التركي؛ إذ إن السيطرة العثمانية – التركية، في قارّة أوروبا، قد بدأت به. وأبرز من رافق "سليمان بن أورخان"، في الانتقال من قناة "جنق قلعة" إلى "الروملي"، كان "حاجي إلبي" أو "إلبيي"، و"أجه بك"، و"الغازي فاضل بك"، و"أورنوس بك"، و"بالابانجق أغلو"، وابن "آقجه قوجه"، وابن "قره حسن"؛ والأربعة الأوائل من هؤلاء، كانوا من أمراء إمارة "قره سي"، بل يقال إن الأول كان وزيراً في تلك الإمارة. وهناك رواية، تشير إلى أن "أورنوس بك"، هو الأمير البيزنطي، الذي اهتدى، فيما بعد، إلى الإسلام، ونشط في خدمة آل عثمان؛ وهو الذي سلم "بورصا" للعثمانيين.

يمكن حركة الانتقال الكبيرة، أن تكون ملحمة شعرية، أكثر منها تاريخاً؛ إذ تورد التواريخ العثمانية القديمة، أنه بعد صنْع قاربَين كبيرَين، عبرت القوات العثمانية، في ليلة واحدة، إلى ضفة "الدردنيل" الثانية، مع مفرزة تتكون من ثمانين شاباً شجاعاً، واستولوا على قلعة بيزنطية، والعديد من سفن الروم. وتمكَن العثمانيون من نقل عدد آخر من الجنود من الأناضول، وبدأوا بفتح المدن البيزنطية، الواحدة تلو الأخرى.

وفي هذه القصة، التي تتكرر في كل المصادر العثمانية، مع اختلافات فرعية يسيرة، غير مهمة، يشار إلى النقطة، التي انطلق منها "سليمان بك"، على سواحل الأناضول، بشيء من الاختلاف. فيذكر، مثلاً، أنه انطلق من "بالقيز"، الواقعة إلى جوار "آيدنجق"؛، أو من موقع "تماشالق"؛ أو من مرسى "كَمَر"، في قضاء "بغا"؛ أو من موقع "فيرانجه حصار"؛ أو من "جارداق"؛ أو من "كورجنلك"؛ أو من "لابسكي"؛ أو من "رأس ناعارا". وما "بالقيز" أو "تماشالق" إلا موقعان من مواقع "أيدنجق" الأثرية، الواقعة جنوب شبه جزيرة "قابوداغ"، إلى جوار مدينة "جيزي" القديمة؛ الأول برج، والثاني مسرح أثري قديم. أما مرسى "كمر"، فيقع، اليوم، ضمن أراضي مدينة "بغا"، التابعة لولاية "جنق قلعة"، بحسب التقسيم الإداري الجديد؛ و"كمر" هذه، تقوم في مكان بلدة "كامارا" القديمة نفسه. أما "فيرانجه حصار"، فهي تجاور "كوره جه"، التي كانت تسمى، قبل عهد الأتراك، "كولوني". وقد تكون هي ما كان يسمّى، قديماً، "باسوس" Paesus. و"جارداق" و"كورجنلك"، تقعان في شمال "لابسكي". أما "ناعارا"، فتقع في الجنوب، واسمها القديم "آبيدوس". فلا يمكن، والحال هذه، تحديد الميناء، الذي انطلق منه العثمانيون إلى الضفة الأخرى؛ تحديداً دقيقاً. غير أن المؤكد أنهم انطلقوا من إحدى النقاط، الواقعة على ساحل الأناضول، من قناة "جنق قلعة".

لم يُحل اختلاف المصادر العثمانية في نقطة الانطلاق، دون توافُقها موافقة تامة في نقطة الوصول، التي أسمتها "جَمَن"، أو "جمنلك"، أو "جين"، أو "جمني"، أو "جمنيك"، أو "جمبجك"؛ وهي "تزيمبة" Tzympe، التي قيل إنها أول قلعة، استُولي عليها. وجاء في رواية، أنها في أسفل "كلي بولو"، مقابل "رأس ناعارا". وذكرت رواية أخرى، أنها شمال "كلي بولو". وأوردت رواية ثالثة، أنها تقع قبْل عدة أميال من اتصال قناة "جنق قلعة" بالبحر الأبيض المتوسط.

وتشير الخرائط العثمانية إلى أن الأمير "سليمان"، سارع إلى إنشاء جسر في موقع سستوس Sestus رأس جسر. وبموجب قصة الملحمة، استُولي، أولاً، على "جمبه"؛ ثم استخدم، قسراً أو استئجاراً، بعض السفن الرومية الراسية في مينائها، والتي نقلت ثلاثة آلاف جندي، خلال ثلاثة أيام، إلى ضفة المضيق الثانية. وأمكن، بعد ذلك، الاستيلاء على "آقجه ليمان".

قبْل "المرور" إلى "الروملي"، كان العثمانيون قد وصلوا إليها، إنْ تنظيم حملات عدائية، في بعض الأحيان؛ أو بزيارات صداقة، في أحيان أخرى. ولا شك أن الصراع على عرش بيزنطة، بين "كانتاكوزينوس السادس"، و"بالأولوغوس الخامس"، قد مهّد للعثمانيين فتح باب "الروملي"؛ إذ دفع "سليمان بك" إلى المرابطة في جوار شبه جزيرة "جنق قلعة"؛ وهذه هي الحقيقة، التي تقبلها المصادر الغربية بعامة. وعلى الرغم من التعويضات، التي بذلها "كانتاكوزينوس"، لاسترداد المدن البيزنطية، التي استولى عليها "سليمان بك"، في تلك الفترة، فإن "أورخان غازي"، لم يتخلَّ عن قلعة "جمبه"، وأبقاها في يده؛ وهذا منه تدبير احتياطي؛ فظلت تحت الإدارة العثمانية حتى عام 755هـ/1354م. ولذلك، لا يمكن القول بفتحها في ذلك التاريخ.

وفي عام 755هـ/1354م، وقع زلزال كبير، عرّض كلّ مدن سواحل تراقيا الجنوبية للدمار؛ فانتهزه العثمانيون، إذ استولوا على "كلي بولو"، ثم كلّ السواحل، الواقعة بينها وبين "جمبه"، حيث أسكنوا الأتراك، الذين جلبوهم من الأناضول. ويُجْمع كثير من المراجع على أن "سليمان بك" بادر إلى ترميم كلِّ القلاع، التي استولى عليها، ونقْل أهاليها من الروم إلى الأناضول؛ فجعل المنطقة تركية بحتة. ولم يستجب "أورخان غازي" طلب "كانتاكوزينوس"، على تكراره، الإجلاء عن تلك المناطق؛ وإنما ردّ عليه، قائلاً: إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ الذي هدم كلّ القلاع بذلك الزلزال الكبير ـ منح الأتراك تلك المواقع؛ ولا يمكن خروجهم منها. وتشير المصادر البيزنطية إلى أن تيار هجرة البيزنطيين إلى أوروبا، بدأ منذ ذلك التاريخ.

الانتقال من الأناضول إلى "الروملي"، لم يبدأ، إذاً، عام 755هـ/1354م. ويمكن أن تكون قلعة "جمبه"، التي تشابه رأس جسر، خاضعة لسيطرتهم، أصلاً، فأرسلوا قوات جديدة، من خلالها، لفتح "الروملي"؛ ونقلوا الأتراك عبرها إلى المناطق الساحلية، لاستيطانها. ويَعُد "حدث المرور" المؤرخون العثمانيون، هو الأولى؛ على الرغم من أنه يمثّل الحركة التاسعة عشرة لأتراك الأناضول، والسابعة عشر والأخيرة للأتراك العثمانيين؛ وما ذلك إلاّ لتميّزه بالقطعية والديمومة، في حين اتسمت الحركات الانتقالية، التي سبقت، بأنها كانت مؤقتة. وهو ما ماز الإمارة العثمانية من سائر الإمارات التركية الأولى؛ وزادها تمييزاً ترامي حدودها بين قارّتَين، واتصالها بثلاثة أبحُر.

وتؤرّخ مصادر عثمانية هذا الحدث الكبير بعام 758هـ/1357م، بل عام 760هـ/1359م. وفي مقابل ذلك، تشير المصادر، الغربية والبيزنطية، إلى أنه وقع عام 755هـ/1354م.

 

757هـ/1356م

أَسْر أمير

كان "خليل بك"، ثالث أبناء "أورخان غازي"، وأمير سنجق "إزميد" ـ يجول بقاربه في رأس "بوز بورون"، أو في خليج "إزميد"، حيث باغته القراصنة الجنويون، بحسب المصادر البيزنطية، فأسرُوه، وأخذوه إلى "فوجه"، المستعمرة الجنوية.

سارع "أورخان غازي" إلى الطلب من الإمبراطور "بالأولوغوس" إنقاذ ابنه. فَعجل الإمبراطور، الذي طالما ادعت إمبراطوريته حقوقاً في تلك البلدة، إلى حصارها؛ ولكنه لم يتمكن من الاستيلاء عليها، ولا استطاع إنقاذ الأمير الأسير. ما حمل "أورخان" على طلب المساعدة من "بالأولوغوس"، بدلاً من حمِيه "كانتاكوزينوس"، هو اضطرار الأخير إلى التخلي عن العرش، والانسحاب إلى "آيناروز". وبذلك، فقد انتهت السلطة المشتركة على عرش الإمبراطورية البيزنطية، بينه وبين "بالأولوغوس الخامس"، والتي أسفر عنها صراعهما، بعد نفيه عام 1353م، "بالألوغوس" إلى جزيرة "بوزجاآدا"، وإعلان إمبراطوريته، وتنصيب ابنه، "ماتأوس كانتاكوزينوس"، الذي كان والياً على "أدرنة" مكان المنفى. ولكن "كانتاكوزينوس" اضطر عام 1355م إلى التنحّي عن العرش، في مصلحة الإمبراطور "بالأولوغوس"؛ بعد اتهام أهالي "كلي بولو" إياه، بتسليم الأراضي والبلدات النصرانية إلى صهره الحاكم المسلم، "أورخان".

 

759هـ/1358م

الفتوح في "تراقيا"

تؤرّخ الروايات، في المصادر العثمانية، تلك الفتوح، بعام 759هـ ليس منه في العام الميلادي 1357م إلا ستة عشر يوماً؛ ولذلك، فقد عُدَّ عام 1358م هو المقابل لذلك العام الهجري. وفيما تمكّن "سليمان بك" وقادته الأمراء، من فتح: "بولاير"، و"أجه أوا"، و"قونر حصار"، و"تكرداغ"، و"إبسالا"، و"مالقارا"، و"خيره بولو"، و"كشان"؛ بل إن بعض المصادر تذكر الاستيلاء، كذلك، على مدن "ديمتوقا"، و"جورلو"، و"أدرنة". ويبدو أن المدن الثلاث، و"كشان"، قد استردها البيزنطيون، بعد وفاة "سليمان بك"؛ ثم فتحت، من جديد، في عهد "مراد الأول". (انظر: الفقرة الثانية والثالثة من أحداث عام 763هـ/1361-1362م). ويذكر أنها استعيدت أثناء وفاة "سليمان بك"، ولم يبق للعثمانيين منها إلا السواحل. ويشار إلى أن بعض تلك الفتوحات، قد اضطلع بها "سليمان بك" وأخوه، "مراد بك"، الذي ورث العرش والده، "أورخان"، فيما بعد.

غير أن المدى التوسعي لتلك الفتوحات الأولى، في "تراقيا"، غير واضح تماماً؛ إذ إن "كشان"، و"ديمتوقا"، و"جورلو"، و"أدرنة"، لم تفتح، أول مرة، في هذا التاريخ؛ وإنما عام 763هـ/1361-1362م. أمّا المدن التراقية الأخرى، ففتحت عام 758هـ/1357م. وإزاء الاضطراب في تاريخ تلك الفتوحات، لا بأس بالقول إنها تحققت، تدريجياً، خلال أربع سنوات، ابتداءً من تمكّن "سليمان بك" من سواحل "كلي بولو"، عام 755هـ/1354م، إلى عام 759هـ/1358م.

تحرير "خليل بك"

بعد إخفاق الإمبراطور البيزنطي، "بالأولوغوس الخامس" عام 757هـ/1356م، في إنقاذ "خليل بك" من الأسْر؛ بادر بأمر من "أورخان غازي"، إلى قيادة حملة ثانية على "فوجه" لم تكن أوفر حظاً من سابقتها. عندئذٍ، اندفع والد الأسير إلى "قاضي كوي"، حيث خيّم جنوده، وأرسل إلى الإمبراطور بأوامر صارمة بتخليص ابنه من الأسْر. فاقترح الإمبراطور افتداءه بالمال، ملتزماً دفع نصف الفدية. وفي الوقت عينه، أقرّ الفتوحات العثمانية في "تراقيا"، بمعاهدة صلح، وقعها الطرفان. واستطاع بذلك تهدئة روع "أورخان غازي".

ونجح المال حيث أخفقت القوة؛ إذ توجّه الإمبراطور البيزنطي، بعد أن توجه إلى "فوجه"، ليفتدي "خليل بك"، بعد سنتَين وثلاثة أشهر من الأسْر، بمائة ألف ذهب. ثم اصطحبه إلى "إستانبول"، حيث خطب له ابنته، "إيريني"، البالغة من العمر عشر سنوات؛ ثم إلى "إزميد"، وسلّمه لوالده. وهذا يعني أن الإمبراطور البيزنطي، أصبح موظفاً للمواكبة، لدى "أورخان غازي".

 

760هـ/1359م

وفاة فاتح "الروملي" الأول

اختلفت الروايات في وفاة "سليمان بك"، أكبر أولاد "أورخان غازي"؛ فقيل إنه سقط من على فرسه، أثناء رحلة صيد؛ أو إنه سقط، مع فرسه، أثناء لعبة "الجريد"؛ أو أنه اصطدم بشجرة، فسقط ميتاً؛ أو إنه مات على فراشه. وتاريخ وفاته مختلف فيه، كذلك؛ فقيل إنه عام 751هـ/1350م، أو 758هـ/1357م، أو 759هـ/1358م، أو 761هـ/1360م.

وكانت وفاته، بموجب أقوى الروايات، في "الروملي"؛ ووفق أضعفها، كانت في "بغا"، حيث تعرّض لحادث. وبناءً على الروايات، التي تذكر أنه ولد عام 716هـ/1316م، وتوفي عام 760هـ/1359م، فإن عمره، بلغ ثلاثاً وأربعين سنة. وقد أصبح قبر هذا الفارس مشهوراً في "بولاير"، بل أثراً وطنياً مهماً في التاريخ العثماني.

 

761هـ/1359-1360م

وفاة "أورخان غازي"

يروى أن "أورخان غازي"، لم يصبر على وفاة ابنه الشاب، "سليمان بك"، فمات حسيراً، بعد سنتَين إلا شهرَين؛ ودفن في "بورصا" إلى جانب قبر والده. وبما أن أول أيام العام الهجري، يوافق العام 1359م، فإن بعض المؤرخين الغربيين، أرّخوا وفاته بذلك العام الميلادي. وإذا كانت ولادته عام 680هـ/1281م، فيكون قد توفي عن ثمانٍ وسبعين أو تسع وسبعين سنة. وإذا كانت وفاة عثمان غازي عام 726هـ/1326م، بحسب أغلب المؤرخين، فإن "أورخان غازي" يكون قد حكم أربعة وثلاثين عاماً، حسب التاريخ الميلادي. غير أن بعض السجلات الوقفية، تؤرّخ وفاة عثمان غازي بعام 724هـ/1324م؛ ما يجعل مدة حكْم ابنه ستاً وثلاثين عاماً.

قد اختلفت المصادر، الشرقية والغربية، في تاريخ وفاة "أورخان غازي"؛ فبعضها يحدد عام 751هـ/1350م، أو عام 758هـ/1357م، أو عام 759هـ/1358م، أو عام 760هـ/1359م، أو عام 763هـ/1362م؛ في شهر جمادى الأولى، الموافق لشهر مارس.

كان "أورخان غازي" قائداً متميزاً، كثير الإنجازات. فقد ناهزت مساحة الدولة العثمانية، في الأناضول و"الروملي"، عند وفاته، ستين ألف كيلومتر مربع؛ ما يعادل مِثْلَي المساحة، التي ورثها من والده. كما أنه جعل الإمارة، الواقعة في قارّة واحدة، وعلى حدود بحرَين اثنَين، إمارة إستراتيجية مهمة، تقع في قارّتَين اثنتَين، وعلى ثلاثة أبحُر. وتمكّن من التحكم في "البوسفور" وقناة "جنق قلعة". وجعل علاقة الإمبراطورية البيزنطية بأراضيها، الواقعة في الأناضول، على أضيق؛ نطاق، من خلال "شيلة" و"بغا"؛ و"آلاجه شهر" و"أرغلي" البحر الأسود، الواقعتَين خارج الأراضي العثمانية. واستولى، بالتدريج، على إمارات: "أمور خان"، و"قره سي"، و"كرده"، التركية. وزاد "الروملي"، وجعل أعراق سكانها متوازنة؛ بإسكان أتراك الأناضول بها. أما الرواية، التي تذكر أن الجيش "الإنكشاري" لُوِّن في عهده، فهي غير صحيحة؛ إذ إنه أنشئ بعد فترة وجيزة، في عهد "مراد الأول".

 



[1] هاممر بُرغَشتال Hammer Puregstal (1774ـ1856): مستشرق نمساوي له "تاريخ الدولة العثمانية"، بالإلمانية والفرنسية؛ و"تاريخ آداب العربية".