إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / ملف النعوش الطائرة (حوادث قتل العمالة المصرية في العراق عقب انتهاء الحرب الإيرانية ـ العراقية)









5

5. أحداث الجمعة الحزينة

تابعت جريدة الوفد الصادرة في 23 نوفمبر 1989، أحداث يوم الجمعة 18 نوفمبر 1989، متحدثة عن مذبحة المصريين في بغداد، أثناء احتفالهم بالفوز على الجزائر، وكيف أطلق العراقيون الرصاص على تجمعات المصريين، في شارع الرشيد، فقتلوا 7 أشخاص وأصابوا 120 آخرين بجروح خطيرة. كما جرت اعتقالات واسعة للمصريين، بعد الأحداث الدامية. ومن المؤسف أن الفرحة لم تكتمل حيث تحولت إلى حزن شديد، ومأتم كبير، عندما أقتحم المواطن العراقي بسيارته جموع المصريين، فقتل مصرياً وأصاب عشرات آخرين بجروح بالغة الخطورة. وهتف المصريون ضد تصرف المواطن العراقي الأهوج، وطالبوا بالقبض عليه فوراً. قام العراقيون، الذين كانوا يشاركون المصريين الفرحة، بإطلاق أعيرة نارية على المصريين، وطعنوا بالمطاوي الظهور الآمنة. ونشبت معركة حامية بين الطرفين، راح ضحيتها 7 أشخاص، وأصيب حوالي 120 شخصاً بإصابات بالغة الخطورة. لم يفعل المصريون سوي تكسير عدة سيارات، حاولت هي الأخرى أن تقتحمهم. ويزعم السفير إبراهيم عوف، سفير مصر في العراق، مصرع مواطن واحد.

حاصرت قوات الشرطة العراقية، ومعظمها من الفرق الخاصة، جميع المداخل المؤدية إلى منطقة المربعة، منعاً من ازدياد المصريين في المنطقة. وتمت محاصرة شارع النهر، وكذلك أول شارع الرشيد، بالقرب من السوق العربي، وأخر الشارع من ناحية ميدان السّعدون. كما تم تكثيف قوات الأمن على جميع الكباري، التي تقع على نهر دجلة، وتؤدي إلى شارع الرشيد. إضافة إلى تكثيف الأمن بشارع الجمهورية الموازي للرشيد. وأطلقت الشرطة أعيرة نارية في الهواء، لفض الاشتباك بين المصريين والعراقيين. كما استخدمت القوات الخاصة، القنابل المسيلة للدموع، وقنابل المولوتوف الصغيرة، لتفريق المتظاهرين. هتف المصريون بالفداء لمصر، ونددوا بتصرفات أفراد الشعب العراقي ضدهم. وأطلقوا شعارات تصف تصرفات بعض العراقيين بالهمجية. وطالب المصريون بضرورة عزل السفير المصري، الذي "لا يهش ولا ينش"، على حد تعبيرهم. كما طالبوا الرئيس صدام حسين، بالحضور ليشهد بنفسه هذه الأحداث، ويطلع على أفعال شعبة ضد المصريين. كذلك طالبوا الرئيس حسني مبارك، التدخل فوراً لحمايتهم، قبل أن يلقوا مصرعهم. وطالبوا بعودتهم إلى مصر فوراً، وكانت جموع المصريين في جميع أنحاء بغداد، قد هبت من الأزقة والحواري والشوارع للحضور إلى منطقة المربعة بشارع الرشيد، لمؤزرة إخوانهم المصريين. وتصدت لهم قوات الأمن، بإطلاق الأعيرة النارية، والقنابل المسيلة للدموع، وفرقتهم. فرّ المصريون وبأعداد كبيرة على شكل مجموعات، وصارت كل مجموعة منهم محاصرة بالشرطة، وعدد كبير من العراقيين. وأخذ المصريون يدخلون أي منزل أو فندق يجدونه أمامهم، خوفاً من الرصاص، الذي يتطاير حولهم من كل جانب.

انتهت المعركة في الساعة الحادية عشرة، مساء يوم الجمعة الماضي (18 نوفمبر 1989)، وتقرر فرض حظر التجول بشارع الرشيد، حتى صباح السبت (19 نوفمبر 1989). واستجاب الرئيس العراقي، صدام حسين، لمطالب المصريين، وأمر أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة بالحضور إلى موقع الأحداث. وحضر العضو، الذي كان يستقل السيارة الخاصة الرقم (222628) بغداد، وهدّأ من روع المصريين، ووعدهم بإيجاد كل الحلول المناسبة لمشاكلهم، فاستجابوا له وغادروا موقع الأحداث. وانتشرت فرق الكاراتيه العراقية، والقوات الخاصة، في جميع أنحاء منطقة المرّبعة. وبعد الساعة الحادية عشرة مساء، تم تمشيط المنطقة بالكامل، واعتُقل كل المصريين الموجودين في شارع الرشيد، والشوارع الفرعية المؤدية إليه، واستمرت حالة فرض حظر التجول، حتى صباح السبت الماضي. وسادت حالة توتر شديدة في مدينة بغداد، خلال الأيام التالية للمذبحة. وفي هذا الوقت ـ بعد انتهاء المعركة ـ أتي إلى موقع الأحداث السفير إبراهيم عوف، سفير مصر في العراق، وثار عليه بعض المصريين، الذين لم يبرحوا مكان الحادث، لأنه تأخر كثيراً حتى تأزم الموقف. وطالبوا بضرورة عزلة فوراً، لأنه لا يستجيب لمطالب أي مصري في العراق، ودائماً السفارة المصرية مكتبها مغلق. وأكدت جموع المصريين، أن الحالة بهذا الشكل تنذر بوقوع كوارث شديدة، ويجب عودتهم فوراً. وطالبوا الرئيس مبارك، بسرعة تسهيل ترحيلهم إلى مصر، وضمان حصولهم على مستحقاتهم.

ولم يسلم من أذى المذبحة أي مصري، كان موجوداً يوم الجمعة الماضي. كما تعرض الصحافيون المصريون، والعرب، ومراسلو الصحف العالمية، ووكالات الأنباء، إلى مضايقات بشعة. كانت الشرطة تطارد الصحافيين، في كل موقع يرتادونه. وصدرت أوامر بقطع جميع الاتصالات، مع صحفهم.

في صباح السبت الموافق 19 نوفمبر، عقد طارق عزيز، نائب رئيس الوزراء العراقي، ووزير الخارجية، مؤتمراً صحافياً عالمياً، حضرة أكثر من 300 صحفي مصري وعربي وعالمي، ومثلهم من المخبرين، ورجال الشرطة السّريين، والمخابرات. ورفض طارق عزيز، الإدلاء بأي تصريح عن المذبحة، التي تعرض لها المصريون. وأعلن أنه غير مكلف بالحديث عن العمالة المصرية في العراق، وقال إن أخاه طه ياسين رمضان، النائب الأول لرئيس الوزراء العراقي، الذي كان موجوداً في هذا اليوم بالقاهرة، هو المكلف بالحديث، عن مشكلة المصريين في العراق. وأعلن الصحفيون المصريون، أنهم مدعوون إلى العراق، لحضور المؤتمر الصحفي الخاص، بالحديث عن مشكلة المصريين في العراق. ونفى طارق عزيز هذا الموقف، وأكد أن المؤتمر الصحفي لشرح أبعاد المشكلة العراقية ـ الإيرانية. وأصر الصحفيون العالميون، على الحديث عن قضية العمالة المصرية، خاصة وأنهم تعرضوا لمذبحة كبرى مساء الجمعة الماضي. ورفض طارق عزيز التعليق.