إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / ملف النعوش الطائرة (حوادث قتل العمالة المصرية في العراق عقب انتهاء الحرب الإيرانية ـ العراقية)









12

12. النفي العراقي

عندما التقت مجلة "المصور" السفير العراقي" نبيل نجم"، لتستوضح منه أبعاد ما يحدث، رفض القول، إن بعض المصريين، يشكون من سوء معاملتهم وانتهاء عقودهم، من دون وجه حق، وكذلك عدم أخذ حقوقهم، بما يخالف حتى قوانين العمل العراقية، وبما يخالف كذلك توجيهات الرئيس، صدام حسين، الذي يؤكد أنه لا فرق بين عراقي وعربي، وأن المصري هو الأول في العراق، ومع ذلك يتعرض المصريون لسوء معاملة في الفترة الأخيرة. ويستطرد السفير العراقي قائلاً: وكما أن المصريين عراقيون، والعراقيين مصريون، قبل أن يكونوا أي شيء آخر، وأضاف بالنسبة للأخوة المصريين، كان لهم امتياز خاص طيلة هذه الفترة العصيبة، التي مرت بها العراق. وأقصد بذلك حق تحويل المدخرات بنسبة عالية إلى الخارج، في الوقت الذي لم يسمح للعراقيين بذلك حتى الآن، فليس هناك تجاوزات بالمعنى، الذي يفسره البعض بأن هناك تجاوزا منظماً، ومحاولة للإساءة المنظمة للمصريين في الفترة الأخيرة- فمن الظلم القول بذلك، أو التصور أن هناك شيئاً فيه إساءة، للمواطن المصري، الموجود على الأرض العراقية. وإن ما يقع، في بعض الأحيان، من تجاوزات، يقع من المواطنين المصريين العاملين في العراق.

وعلى الرغم مما ذكره السفير، في شأن التجاوزات والجرائم، فأنه رفض أن تكون سبباً مباشراً لكثافة عودة المصريين من العراق. كما رفض السفير نجم، أن تكون إفرازات ما بعد الحرب، سواء أكانت اجتماعية أو نفسية، أو ما يمكن أن تسمى "حالة العداء" وعدم الارتياح تجاه الأجانب، بشكل عام، والمصريين بشكل خاص. قال: لا، لا هذا غير موجود أبد في العراق. ما دامت هناك فرص عمل. ولكن عندما لا تكون فرص للعمل، فلا مبرر لوجود عمالة غير العمالة الوطنية في ذلك البلد. ولكننا في العراق، لا نفرض حتى على الشخص الموجود في العراق بلا عمل، مغادرة البلاد. ولكن في الوقت نفسه، كيف تريد من دولة خرجت من حرب، إلاّ تُعيد ترتيب وضعها المالي، بما يؤّمن وقوفها اقتصادياً بشكل سليم، وبالتالي لا تستطيع أن تفرض، على كل من هب ودب، أن يحول مبالغ حصل عليها خلال وجودة في هذا البلد. فعندما لا يوجد عقد بيني وبين عامل، كيف أستطيع أن أحول له مبالغ للخارج؟ ونحن من أول أكتوبر أعدنا النظر في تحويلات العمال، الذين يعملون بالسوق، أي من دون عقود عمل مع الدولة، ويجب ألاّ يغيب عن بالنا، أنه في يوم من الأيام وإلى قريب، كانت نسبة عالية من مدخرات المصريين تحول إلى الخارج، بمحض إرادتهم. وهذه النسبة استمرت أيام الحرب، حتى نهاية عام 1987. ثم نقصت هذه النسبة، طبقاً للظروف المالية، ومع ذلك كان الجميع سعداء بهذا التنظيم: ويجب أن نميز بين مسألة التحويلات، وهي مسألة مادية تحل من خلال القنوات الرسمية، وبين الادعاءات، التي لا أساس لها من الصحة، والتي تتنافى مع واقع العراقيين ونظرتهم للأخوة المصريين، وللحرب عموماً. وأرجو أن نفهم أن وجود 400 جريمة في شهر واحد، لا يعني مطلقاً أن المليون مصري في العراق مجرمون، أو منحرفون، لا، فالمنحرفون هم الأربعمائة، الذين ارتكبوا هذه الجرائم.

ويربط السفير العراقي في مصر، نبيل نجم، بين تأخير التحويلات، التي يُنتظر صرفها لمدة عام وأكثر، وبين حالة العراق الاقتصادية. فيقول: "في الحقيقة التأخير بدأ منذ نهاية 1988، ولم تكن هناك شكوى في السابق. وكانت النسب أعلى من ذلك بكثير، ويجب أن نضع في بالنا، أننا بلد خرج من حرب، ومثقل بأعباء وهموم مادية كبيرة، وإعادة بناء وتسديد ديون. فلهذا، جاء التنظيم والتشريعات الجديدة، ولمدة ثلاث سنوات فقط، أخذين بعين الاعتبار أن العراقي ليس له الحق في التحويل، وأن الأشقاء المصريين قد حولوا ما يقرب من 200 مليون دولار شهرياً، أي مليارين و400 مليون دولار في العام، إذا قدرنا أن استحقاق المصري 200 دولار شهرياً، وأن عددهم قد وصل إلى مليون في يوم من الأيام. وقد قمنا بالتحويل، من دون أن نحسب حساباً لظروفنا الاقتصادية". وعن إمكان الحل لمشكلة تحويلات العاملين، وإنهاء تأخيرها، يقول السفير نبيل نجم: "لقد اتصلت الآن بمصرف الرافدين، وأبلغني أن مصرف الرشيد سيقوم بدفع المبالغ المحولة من شهر فبراير 1989، وسيتولى مصرف الرافدين صرف المبالغ المحولة، من شهر نوفمبر من العام الماضي، التي مر عليها عام. ونحن بشكل عام نحاول علاج الموضوع، وهو يحظى باهتمام كبير من المسؤولين العراقيين، والبحث عن سبل لتأمين إيصالها بأسرع ما يمكن ومن دون تأخير. ونحن نعتبر ما يحدث، هو حالة مؤقتة، ونرفض أن يكون هناك فكرة إساءة إلى المصريين، ولا نريد الخلط بين هذا وذلك، ولكننا نعالج هذا الموضوع بالتنسيق مع الجهات الرسمية، ومع الجهات المصرفية، في كلا البلدين".