إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / اغتيال الرئيس السادات






مدن تنقل بينها السادات



رابعاً: السادات وراء القضبان

رابعاً: السادات وراء القضبان

دخل السادات السجن مرتين، الأولى عام 1942، والثانية عام 1946. كان سَجنه، في المرة الأولى، نتيجة تعاونه مع الجواسيس الألمان ضد الإنجليز، مما عرّضه للطرد من الخدمة العسكرية، في شهر أكتوبر عام 1942، بعد القبض على جاسوسين من الجواسيس الألمان واعترافهم بتعاون السادات معهم. ولم يكد يخلع السترة العسكرية، حتى قبضت عليه السلطات المدنية، وتم ترحيله إلى سجن الأجانب، ثم إلى معتقل "ماقوسة"، على أطراف المنيا في صعيد مصر. ثم نقل، في عام 1944، إلى معتقل الزيتون بالقاهرة. وقد تمكن من الهرب منه، ومعه حسن عزت، وأربعة آخرون، منهم موسى صبري، ومحسن فاضل . ومن الطريف أن السادات توجّه، ومعه محسن فاضل إلى قصر عابدين، ودخلا حجرة الاستقبال، وقيّدا اسميهما في دفتر التشريفات، وذكرا أنهما ضمن المحبوسين في معتقل الزيتون: "وقد حضرنا خصيصاً لكي نقول للملك، إن الحكومة يجب ألا تخضع للسلطة البريطانية، وإننا سنعود على الفور إلى المعتقل بمحض إرادتنا". وقد عادا، بالفعل، إلى المعتقل، ومكثا به حتى نهاية عام 1944، حين تمكنا من الهرب مرة أخرى. وظل السادات مختفياً، متنكراً، إلى سبتمبر عام 1945، حتى انتهت الحرب العالمية الثانية، وأُعلن انتهاء الأحكام العرفية، فأصبح، بمقتضى ذلك، حراً طليقاً.

عاود السادات اتصاله بزملائه القدامى، وتعرف بشاب وطني، يُدعى حسين توفيق[1]. وبدأ السادات وزملاء الجمعية السرية، في التخطيط لتنفيذ بعض الاغتيالات السياسية، ومنها محاولة اغتيال النحاس باشا، التي لم تنجح. ولكنهم نجحوا في اغتيال أمين عثمان[2]، وزير المالية، آنذاك، والذي وصف علاقة مصر ببريطانيا، بأنها زواج كاثوليكي. وكان حسين توفيق هو الذي تمكن من قتله، وقُبِض على السادات وأُودِع سجن "قرة ميدان" على ذمة تلك القضية. وقضى في السجن نحو سنتين إلى عام 1948، حين حُكم ببراءته. وفي السجن، استغل موهبته الصحفية؛ فأصدر صحيفة، أسماها "الهنكرة والمنكرة"، ثم أخرى باسم "ذات التاج الأحمر". وقد عانى السادات معاناة شديدة بين جدران الزنزانة (رقم 54) في هذا السجن، وأصابته عدة أمراض، ظل يعالج من جرائها إلى آخر حياته[3].

بعد الإفراج عنه، توسط له صديقه، الكاتب المعروف، إحسان عبدالقدوس[4]، فعمل صحفياً محترفاً في دار الهلال، حيث نشر مذكراته عن السجن. كما صار يحرر باباً أسبوعياً، يشكل مجلة قائمة بذاتها. وقد أثبت موهبة صحفية واضحة، وهذا يفسر لِمَ عيّنه جمال عبدالناصر، بعد الثورة، رئيساً لمجلس إدارة التحرير، التي أصدرت صحيفة الجمهورية الناطقة بلسان الثورة. وأخذ السادات يكتب في الجمهورية مقالاً سياسياً قصيراً، في الصفحة الأولى. كما أصدر أيضاً أربعة مؤلفات، تتضمن شيئاً من سِيرته الشخصية، وبعض فصول من قصة الثورة .

 



[1] يصفه السادات في كتابه، البحث عن الذات، ص 82، بأن عمله الوطني كان ينحصر في قتل حفنة من الجنود الإنجليز. فأقنعه السادات بضرورة توسيع نطاق هذه الاغتيالات، لتشمل بعض الشخصيات المصرية، التي تساند هؤلاء الإنجليز. وحسين توفيق، كما ورد في موسوعة أعلام مصر في القرن العشرين، ص 185، هو سياسي، ومن رجال المقاومة السرية ضد قوات الاحتلال البريطانـي. اُتهم في قضية اغتيال أمين عثمان، وحُكم عليه بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات، عام 1946. من مواليد عام 1925، تعلم في مدرستَـي "الفرير" و"سان مارك"، وتلقّى تعليمه الثانوي في مدرسة فؤاد الأول الثانوية. اُتهم بالشروع في قتل مصطفى النحاس باشا، رئيس الوزراء. كما اُتهم مع آخرين بقتل الجنود الإنجليز.

[2] أمين عثمان: من مواليد الأسكندرية، عام 1898. وكان وزيراً للمالية عامَي 1943 و 1944. درس القانون في جامعة أكسفورد، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة باريس. عُين محامياً بقلم قضايا الحكومة، ثم مفتشاً للمالية، ثم وكيلاً للوزارة. عُرف بانحيازه إلى الإنجليز. واغتيل في 5 يناير 1946.

[3] عن المعاناة والآلام التي عاناها في هذا السجن، اُنظر أنور السادات، "البحث عن الذات"، ص 97- 99، و 104، وإصابته بآلام شديدة في المعدة، ص 123، وهذا جعله لا يستغني أبداً عن ملح الفواكه.

[4] إحسان عبدالقدوس: أديب وقصاص وروائي وكاتب صحفي. من مواليد القاهرة، عام 1919. والدته السيدة فاطمة اليوسف، التي أنشأت دار "روزاليوسف". تخرج في كلية الحقوق، جامعة القاهرة، عام 1942. تولى رئاسة تحرير مجلة "روزاليوسف"، عام 1964، ثم رئاسة مجلس إدارتها، عام 1965، ثم عُين رئيساً لتحرير جريدة "الأهرام" عام 1975. وحصل على الجائزة الأولى من وزارة الثقافة، عام 1973. وعلى جائزة الدولة التقديرية في الآداب، عام 1990. توفي في العام نفسه.